فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْمَقَامِ عِنْدَ الْبِكْرِ وَالْأَيِّمِ

رقم الحديث 1114 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ وَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، قَالَ لَهَا: لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ، وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ، وَدُرْتُ فَقَالَتْ ثَلِّثْ.


( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو) بفتح العين ( بن حزم) بالمهملة والزاي الأنصاري المدني ( عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي) المدني ثقة من رجال الجميع مات في أول خلافة هشام ( عن أبيه) قال ابن عبد البر ظاهره الانقطاع أي الإرسال: وهو متصل صحيح قد سمعه أبو بكر من أم سلمة كما في مسلم وأبي داود وابن ماجه من طريق محمد بن أبي بكر عن عبد الملك عن أبيه عن أم سلمة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة) هند بنت أبي أمية المخزومية الفاضلة بارعة الجمال ( وأصبحت عنده) وفي رواية لمسلم دخل عليها فأراد أن يخرج أخذت بثوبه ( قال لها ليس بك) بكسر الكاف، وفي رواية إنه ليس بك بضمير الأمر أو الشأن ( على أهلك) يعني نفسه الكريمة وكل من الزوجين أهل ( هوان) أي لا أفعل فعلاً يظهر به هوانك علّي أو تظنيه وفيه اللطف والرفق بمن يخشى منه كراهة الحق حتى يتبين له وجه الحق قاله عياض.
وقال النووي معناه لا يلحقك هوان ولا يضيع من حقك شيء بل تأخذينه كاملاً.
قال الأبي وقيل المراد بأهلها قبيلتها لأن الإعراض عن المرأة وعدم المبالاة بها يدل على عدم المبالاة بأهلها فالباء على الأول متعلقة بهوان، وعلى الثاني للسببية، أي لا يلحق أهلك هوان بسببك ( إن شئت سبعت عندك) أي أقمت سبعًا لأنهم اشتقوا الفعل من الواحد إلى العشرة ( وسبعت عندهن) أي أقمت عند كل واحدة من بقية نسائي سبعًا ( وإن شئت ثلثت) أي أقمت ثلاثًا ( عندك ودرت) على بقية نسائي بالقسم يومًا يومًا، ففيه حجة لمالك في أن القسم لا يكون إلا يومًا واحدًا.
وأجازه الشافعي يومين يومين أو ثلاثًا ثلاثًا، ولا خلاف في جواز أكثر من يوم مع التراضي هكذا قال عياض وغيره.
وقال الأبي وإنما يدل لمالك إن كان معنى درت ما ذكر وإلا فقد قال المخالف معناه درت بالتثليث، ورده ابن العربي بأن هذه زيادة لا تقبل إلا بدليل وبقوله: للبكر سبع وللثيب ثلاث فجعله حكمًا مبتدأ والأولى في ردّه أن قوله درت إحالة على ما عرف من حاله والمعروف منه في القسم إنما كان يومًا يومًا.

وفي رواية لمسلم فقال صلى الله عليه وسلم: إن شئت زدتك وحاسبتك به للبكر سبع وللثيب ثلاث.
( فقالت: ثلث) قال عياض: اختارت التثليث مع أخذها بثوبه حرصًا على طول إقامته عندها لأنها رأت أنه إذا سبع لها وسبع لغيرها لم يقرب رجوعه إليها.
وقال الأبي: لاطفها صلى الله عليه وسلم بهذا القول الحسن، أي ليس بك على أهلك هوان تمهيدًا للعذر في الاقتصار على الثلاث أي ليس اقتصاري عليها لهوانك علي ولا لعدم رغبة فيك ولكنه الحكم، ثم خيرها بين الثلاث ولا قضاء لغيرها، وبين السبع ويقضي لبقية أزواجه فاختارت الثلاث ليقرب رجوعه إليها لأن في قضاء السبع لغيرها طول مغيبه عنها انتهى.

وفيه تخيير الثيب بين الثلاث بلا قضاء والسبع والقضاء، وإليه ذهب الجمهور والشافعي وأحمد، وقال مالك وأصحابه: لا تخير وتركوا حديث أم سلمة لحديث أنس للبكر سبع وللثيب ثلاث، قاله ابن عبد البر وبه تعقب نقل النووي عن مالك موافقة الجمهور.
قال المازري: ويمكن عندي أن مالكًا رأى ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم لأنه خص في النكاح بخصائص اهـ.

ومعناه أن احتمال الخصوصية منع من الاستدلال به فرجع إلى حديث أنس ولا يرد أن التخصيص لا يثبت بالاحتمال وفي قوله: إن شئت إلخ أنه لا يحاسب الثيب بالثلاث خلافًا للحنفية إذ لو حوسبت لم يبق فرق بين السبع والثلاث وبين سائر الأعداد.
وقال الأبي: وجه احتجاج أبي حنيفة بالحديث أنه لو كانت الثلاث حقًا للثيب خالصة لكان حقه أن يدور عليهن أربعًا.
لأن الثلاث حق لها.
والجواب ما قال ابن القصار: أنه إنما هي لها بشرط أن لا تختار السبع أيضًا فمعناه عند الأكثر سبعت بعد التثليث.
قال القرطبي: وقسمه صلى الله عليه وسلم بين أزواجه إنما هو تطييب لقلوبهن وإلا فالقسم لا يجب عليه لقوله تعالى { { تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ } } وهذا على مذهب مالك وذهب الأكثر إلى وجوبه عليه صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث رواه مسلم عن يحيى عن مالك به على صورة الإرسال وتابعه على إرساله عبد الرحمن بن حميد عن عبد الملك بن أبي بكر عند مسلم أيضًا ووصله محمد بن أبي بكر عن عبد الملك عن أبيه عن أم سلمة، وتابعه في شيخه عبد الواحد بن أيمن عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة أخرجهما مسلم أيضًا ولهذا استدركه الدارقطني على مسلم.
قال النووي وهو فاسد لأن مسلمًا بين اختلاف الرواة في إرساله واتصاله ومذهبه ومذهب الفقهاء والأصوليين ومحققي المحدثين إذا روى الحديث مرسلاً ومتصلاً فالحكم للوصل لأنه زيادة ثقة.

( مالك عن حميد) بن أبي حميد البصري ( الطويل) لطول يديه أو لأنه كان له جار يقال له: حميد القصير فقيل لهذا الطويل للفرق بينهما مات وهو قائم يصلي سنة اثنين ويقال: ثلاث وأربعين ومائة وله خمس وسبعون سنة.
( عن أنس بن مالك أنه كان يقول للبكر سبع وللثيب ثلاث) قال ابن العربي: هذا لا يقتضيه قياس إذ لا نظير له يشبه به ولا أصل يرجع إليه والعلماء يقولون حكمة ذلك النظر إلى تحصيل الألفة والمؤانسة، وأن يستوفي الزوج لذته فإن لكل جديد لذة ولما كانت البكر حديثة عهد بالرجل وحديثة بالاستصعاب والنفار لا تلين إلا بجهد شرعت لها الزيادة على الثيب لأنه ينفي نفارها ويسكن روعها بخلاف الثيب، فإنها مارست الرجال فإنما يحتاج مع هذا الحدث دون ما تحتاج إليه البكر.
قال وهذه حكمة والدليل إنما هو قول الشارع وفعله انتهى.

وهذا الحديث موقوف، وفي الصحيحين عن خالد عن أبي قلابة عن أنس: إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعًا وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثًا ثم قسم.
قال أبو قلابة: ولو شئت فقلت إن أنسًا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لصدقت ولكنه السنة.
ورواه الإسماعيلي من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره مصرحًا برفعه واختلف هل ذلك حق للزوج على بقية نسائه لحاجته باللذة بهذه الجديدة فجعل له ذلك زيادة في التمتع أو حق للمرأة لقوله للبكر وللثيب بلام التمليك؟ روايتان عن مالك وحكى ابن القصار أنه لهما جميعًا وعلى أنه حق للمرأة، ففي القضاء به على الزوج رواية ابن القاسم وعدم القضاء رواية عبد الحكم كالمتعة، ثم اختلف هل هو حق لها سواء كانت عنده زوجة أخرى أم لا؟ للحديث، فإنه لم يفصل، ونسبه أبو عمر لأكثر العلماء وقال غيره: إنما الحديث فيمن له زوجة غير هذه لأن من لا زوجة له مقيم مع هذه غير مفارق لها، وهذا من المعروف المأمور به في قوله تعالى { { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } } وهو الظاهر لقوله في الحديث إذا تزوج البكر على الثيب وإذا تزوج الثيب على البكر، وقد قال ابن العربي: القول بأن ذلك لها وإن لم يكن له زوجة لا معنى له ولا يتصور ولا يلتفت إليه.

( قال مالك وذلك) المروي بالفرق بين الثيب والبكر ( الأمر) المعمول به ( عندنا) بالمدينة.
وبه قال أكثر العلماء خلافًا لأهل الرأي والحكم وحماد في أن البكر والثيب في القسم سواء والطارئة مع من عنده سواء فما جلس عند الطارئة حاسبها به وجلس عند أزواجه مثله، وخلافًا لقول ابن المسيب والحسن والأوزاعي يقيم عند البكر سبعًا والثيب أربعًا، فإذا تزوج بكرًا على ثيب مكث ثلاثًا، وإذا تزوج ثيبًا على بكر مكث يومين، قال عياض: والسنة تخالف الجميع.
( فإن كانت له امرأة غير التي تزوج فإنه يقسم بينهما بعد أن تمضي أيام التي تزوج بالسواء ولا يحسب على التي تزوج ما أقام عندها) وبهذا قال الجمهور خلافًا لأبي حنيفة في قوله: يحاسبها، لأن العدل واجب ابتداء ودوامًا للظواهر الآمرة بالعدل، والحديث يرد عليه لأن اللام في للبكر وللثيب للملك وملك الإنسان لا يحاسب به وأيضًا لو حوسبت لم يبق للفرق بين البكر والثيب وجه ولا فرق بين السبع والثلاث وبين سائر الأعداد إذا كان القضاء واجبًا في الجميع، قاله المازري.



رقم الحديث 1114 قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ شَيْئًا، وَلَا مَعَ وَلَدِ الِابْنِ الذَّكَرِ شَيْئًا، وَلَا مَعَ الْأَبِ دِنْيَا شَيْئًا، وَهُمْ يَرِثُونَ مَعَ الْبَنَاتِ، وَبَنَاتِ الْأَبْنَاءِ، مَا لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى جَدًّا أَبَا أَبٍ، مَا فَضَلَ مِنَ الْمَالِ يَكُونُونَ فِيهِ عَصَبَةً، يُبْدَأُ بِمَنْ كَانَ لَهُ أَصْلُ فَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَانَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ ذُكْرَانًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُمْ.
قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى أَبًا وَلَا جَدًّا أَبَا أَبٍ، وَلَا وَلَدًا، وَلَا وَلَدَ ابْنٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ النِّصْفُ.
فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فُرِضَ لَهُمَا الثُّلُثَانِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ ذَكَرٌ فَلَا فَرِيضَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَخَوَاتِ، وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُبْدَأُ بِمَنْ شَرِكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، إِلَّا فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَاشْتَرَكُوا فِيهَا مَعَ بَنِي الْأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ، وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ هِيَ: امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا وَإِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا، فَكَانَ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ، وَلِأُمِّهَا السُّدُسُ، وَلِإِخْوَتِهَا لِأُمِّهَا الثُّلُثُ، فَلَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَشْتَرِكُ بَنُو الْأَبِ وَالْأُمِّ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ مَعَ بَنِي الْأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ، فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لِأُمِّهِ، وَإِنَّمَا وَرِثُوا بِالْأُمِّ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ { { وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ } } فَلِذَلِكَ شُرِّكُوا فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ، لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لِأُمِّهِ.



(ميراث الإخوة للأب والأم)

(قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أن الإخوة للأب والأم) أي الأشقاء (لا يرثون مع الولد الذكر شيئًا ولا مع ولد الابن الذكر شيئًا ولا مع الأب دنيا) بكسر الدال وإسكان النون بعدها تحتية أي قربًا احترازًا من الجد أبي الأب (شيئًا وهم يرثون مع البنات وبنات الأبناء ما لم يترك المتوفى جدًا أبا أب ما فضل من المال) مفعول يرثون (يكونون فيه عصبة يبدأ بمن كان له أصل فريضة مسماة فيعطون فرائضهم فإن فضل بعد ذلك فضل) زيادة على الفريضة (كان للإخوة للأب والأم) أي الأشقاء (يقتسمونه بينهم على كتاب الله عز وجل ذكرانًا كانوا أو إناثًا للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم) لأنهم عصبة يسقطون باستغراق ذوي الفروض السهام (قال: وإن لم يترك المتوفى أبًا ولا جدًا أبا أب ولا ابنًا ولا ولد ابن ذكرًا كان أو أنثى فإنه يفرض للأخت الواحدة للأب والأم النصف فإن كانتا اثنتين فما فوق ذلك من الأخوات للأب والأم فرض لهما الثلثان فإن كان معهما أخ ذكر فلا فريضة لأحد من الأخوات واحدة كانت أو أكثر من ذلك ويبدأ بمن شركهم) في الميراث (بفريضة مسماة فيعطون فرائضهم فما فضل بعد ذلك من شيء كان بين الإخوة للأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين إلا في فريضة واحدة فقط لم يكن لهم) أي الأشقاء (فيها شيء) لاستغراق أصحاب الفروض للسهام (فاشتركوا مع بني الأم فيها) لأن الأم تجمعهم (وتلك الفريضة) الملقبة بالحمارية والمشتركة وغير ذلك (هي امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وأخوتها لأمها وأخوتها لأبيها وأمها فكان لزوجها النصف) إذ لا ولد يحجبه عنه (ولأمها السدس ولأخوتها لأمها الثلث فلم يفضل شيء بعد ذلك) للأشقاء (فيشترك بنو الأب والأم في هذه الفريضة مع بني الأم في ثلثهم فيكون للذكر مثل حظ الأنثى من أجل أنهم كانوا إخوة) الشخص (المتوفى) وهو المرأة (لأمه وإنما ورثوا بالأم) فما زادهم الأب إلا قربًا (وذلك أن الله تبارك وتعالى قال: { { وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ } } صفة والخبر { { كَلاَلَةً } } أي لا والد له ولا ولد { { أَوِ امْرَأَةٌ } } تورث كلالة { { وَلَهُ } } أي للمورث كلالة { { أَخٌ أَوْ أُخْتٌ } } أي من أم وقرأ به ابن مسعود وغيره { { فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ } } مما ترك { { فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ } } أي من واحد { { فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ } } يستوي فيه ذكرهم وأنثاهم (فلذلك شركوا) أي الأشقاء (في هذه الفريضة) مع الإخوة للأم (لأنهم كلهم إخوة المتوفى لأمه) فلذا اشتركوا في الثلث.



رقم الحديث 1115 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لِلْبِكْرِ سَبْعٌ، وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ الَّتِي تَزَوَّجَ، فَإِنَّهُ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا، بَعْدَ أَنْ تَمْضِيَ أَيَّامُ الَّتِي تَزَوَّجَ بِالسَّوَاءِ وَلَا يَحْسِبُ عَلَى الَّتِي تَزَوَّجَ مَا أَقَامَ عِنْدَهَا.


( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو) بفتح العين ( بن حزم) بالمهملة والزاي الأنصاري المدني ( عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي) المدني ثقة من رجال الجميع مات في أول خلافة هشام ( عن أبيه) قال ابن عبد البر ظاهره الانقطاع أي الإرسال: وهو متصل صحيح قد سمعه أبو بكر من أم سلمة كما في مسلم وأبي داود وابن ماجه من طريق محمد بن أبي بكر عن عبد الملك عن أبيه عن أم سلمة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة) هند بنت أبي أمية المخزومية الفاضلة بارعة الجمال ( وأصبحت عنده) وفي رواية لمسلم دخل عليها فأراد أن يخرج أخذت بثوبه ( قال لها ليس بك) بكسر الكاف، وفي رواية إنه ليس بك بضمير الأمر أو الشأن ( على أهلك) يعني نفسه الكريمة وكل من الزوجين أهل ( هوان) أي لا أفعل فعلاً يظهر به هوانك علّي أو تظنيه وفيه اللطف والرفق بمن يخشى منه كراهة الحق حتى يتبين له وجه الحق قاله عياض.
وقال النووي معناه لا يلحقك هوان ولا يضيع من حقك شيء بل تأخذينه كاملاً.
قال الأبي وقيل المراد بأهلها قبيلتها لأن الإعراض عن المرأة وعدم المبالاة بها يدل على عدم المبالاة بأهلها فالباء على الأول متعلقة بهوان، وعلى الثاني للسببية، أي لا يلحق أهلك هوان بسببك ( إن شئت سبعت عندك) أي أقمت سبعًا لأنهم اشتقوا الفعل من الواحد إلى العشرة ( وسبعت عندهن) أي أقمت عند كل واحدة من بقية نسائي سبعًا ( وإن شئت ثلثت) أي أقمت ثلاثًا ( عندك ودرت) على بقية نسائي بالقسم يومًا يومًا، ففيه حجة لمالك في أن القسم لا يكون إلا يومًا واحدًا.
وأجازه الشافعي يومين يومين أو ثلاثًا ثلاثًا، ولا خلاف في جواز أكثر من يوم مع التراضي هكذا قال عياض وغيره.
وقال الأبي وإنما يدل لمالك إن كان معنى درت ما ذكر وإلا فقد قال المخالف معناه درت بالتثليث، ورده ابن العربي بأن هذه زيادة لا تقبل إلا بدليل وبقوله: للبكر سبع وللثيب ثلاث فجعله حكمًا مبتدأ والأولى في ردّه أن قوله درت إحالة على ما عرف من حاله والمعروف منه في القسم إنما كان يومًا يومًا.

وفي رواية لمسلم فقال صلى الله عليه وسلم: إن شئت زدتك وحاسبتك به للبكر سبع وللثيب ثلاث.
( فقالت: ثلث) قال عياض: اختارت التثليث مع أخذها بثوبه حرصًا على طول إقامته عندها لأنها رأت أنه إذا سبع لها وسبع لغيرها لم يقرب رجوعه إليها.
وقال الأبي: لاطفها صلى الله عليه وسلم بهذا القول الحسن، أي ليس بك على أهلك هوان تمهيدًا للعذر في الاقتصار على الثلاث أي ليس اقتصاري عليها لهوانك علي ولا لعدم رغبة فيك ولكنه الحكم، ثم خيرها بين الثلاث ولا قضاء لغيرها، وبين السبع ويقضي لبقية أزواجه فاختارت الثلاث ليقرب رجوعه إليها لأن في قضاء السبع لغيرها طول مغيبه عنها انتهى.

وفيه تخيير الثيب بين الثلاث بلا قضاء والسبع والقضاء، وإليه ذهب الجمهور والشافعي وأحمد، وقال مالك وأصحابه: لا تخير وتركوا حديث أم سلمة لحديث أنس للبكر سبع وللثيب ثلاث، قاله ابن عبد البر وبه تعقب نقل النووي عن مالك موافقة الجمهور.
قال المازري: ويمكن عندي أن مالكًا رأى ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم لأنه خص في النكاح بخصائص اهـ.

ومعناه أن احتمال الخصوصية منع من الاستدلال به فرجع إلى حديث أنس ولا يرد أن التخصيص لا يثبت بالاحتمال وفي قوله: إن شئت إلخ أنه لا يحاسب الثيب بالثلاث خلافًا للحنفية إذ لو حوسبت لم يبق فرق بين السبع والثلاث وبين سائر الأعداد.
وقال الأبي: وجه احتجاج أبي حنيفة بالحديث أنه لو كانت الثلاث حقًا للثيب خالصة لكان حقه أن يدور عليهن أربعًا.
لأن الثلاث حق لها.
والجواب ما قال ابن القصار: أنه إنما هي لها بشرط أن لا تختار السبع أيضًا فمعناه عند الأكثر سبعت بعد التثليث.
قال القرطبي: وقسمه صلى الله عليه وسلم بين أزواجه إنما هو تطييب لقلوبهن وإلا فالقسم لا يجب عليه لقوله تعالى { { تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ } } وهذا على مذهب مالك وذهب الأكثر إلى وجوبه عليه صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث رواه مسلم عن يحيى عن مالك به على صورة الإرسال وتابعه على إرساله عبد الرحمن بن حميد عن عبد الملك بن أبي بكر عند مسلم أيضًا ووصله محمد بن أبي بكر عن عبد الملك عن أبيه عن أم سلمة، وتابعه في شيخه عبد الواحد بن أيمن عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة أخرجهما مسلم أيضًا ولهذا استدركه الدارقطني على مسلم.
قال النووي وهو فاسد لأن مسلمًا بين اختلاف الرواة في إرساله واتصاله ومذهبه ومذهب الفقهاء والأصوليين ومحققي المحدثين إذا روى الحديث مرسلاً ومتصلاً فالحكم للوصل لأنه زيادة ثقة.

( مالك عن حميد) بن أبي حميد البصري ( الطويل) لطول يديه أو لأنه كان له جار يقال له: حميد القصير فقيل لهذا الطويل للفرق بينهما مات وهو قائم يصلي سنة اثنين ويقال: ثلاث وأربعين ومائة وله خمس وسبعون سنة.
( عن أنس بن مالك أنه كان يقول للبكر سبع وللثيب ثلاث) قال ابن العربي: هذا لا يقتضيه قياس إذ لا نظير له يشبه به ولا أصل يرجع إليه والعلماء يقولون حكمة ذلك النظر إلى تحصيل الألفة والمؤانسة، وأن يستوفي الزوج لذته فإن لكل جديد لذة ولما كانت البكر حديثة عهد بالرجل وحديثة بالاستصعاب والنفار لا تلين إلا بجهد شرعت لها الزيادة على الثيب لأنه ينفي نفارها ويسكن روعها بخلاف الثيب، فإنها مارست الرجال فإنما يحتاج مع هذا الحدث دون ما تحتاج إليه البكر.
قال وهذه حكمة والدليل إنما هو قول الشارع وفعله انتهى.

وهذا الحديث موقوف، وفي الصحيحين عن خالد عن أبي قلابة عن أنس: إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعًا وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثًا ثم قسم.
قال أبو قلابة: ولو شئت فقلت إن أنسًا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لصدقت ولكنه السنة.
ورواه الإسماعيلي من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره مصرحًا برفعه واختلف هل ذلك حق للزوج على بقية نسائه لحاجته باللذة بهذه الجديدة فجعل له ذلك زيادة في التمتع أو حق للمرأة لقوله للبكر وللثيب بلام التمليك؟ روايتان عن مالك وحكى ابن القصار أنه لهما جميعًا وعلى أنه حق للمرأة، ففي القضاء به على الزوج رواية ابن القاسم وعدم القضاء رواية عبد الحكم كالمتعة، ثم اختلف هل هو حق لها سواء كانت عنده زوجة أخرى أم لا؟ للحديث، فإنه لم يفصل، ونسبه أبو عمر لأكثر العلماء وقال غيره: إنما الحديث فيمن له زوجة غير هذه لأن من لا زوجة له مقيم مع هذه غير مفارق لها، وهذا من المعروف المأمور به في قوله تعالى { { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } } وهو الظاهر لقوله في الحديث إذا تزوج البكر على الثيب وإذا تزوج الثيب على البكر، وقد قال ابن العربي: القول بأن ذلك لها وإن لم يكن له زوجة لا معنى له ولا يتصور ولا يلتفت إليه.

( قال مالك وذلك) المروي بالفرق بين الثيب والبكر ( الأمر) المعمول به ( عندنا) بالمدينة.
وبه قال أكثر العلماء خلافًا لأهل الرأي والحكم وحماد في أن البكر والثيب في القسم سواء والطارئة مع من عنده سواء فما جلس عند الطارئة حاسبها به وجلس عند أزواجه مثله، وخلافًا لقول ابن المسيب والحسن والأوزاعي يقيم عند البكر سبعًا والثيب أربعًا، فإذا تزوج بكرًا على ثيب مكث ثلاثًا، وإذا تزوج ثيبًا على بكر مكث يومين، قال عياض: والسنة تخالف الجميع.
( فإن كانت له امرأة غير التي تزوج فإنه يقسم بينهما بعد أن تمضي أيام التي تزوج بالسواء ولا يحسب على التي تزوج ما أقام عندها) وبهذا قال الجمهور خلافًا لأبي حنيفة في قوله: يحاسبها، لأن العدل واجب ابتداء ودوامًا للظواهر الآمرة بالعدل، والحديث يرد عليه لأن اللام في للبكر وللثيب للملك وملك الإنسان لا يحاسب به وأيضًا لو حوسبت لم يبق للفرق بين البكر والثيب وجه ولا فرق بين السبع والثلاث وبين سائر الأعداد إذا كان القضاء واجبًا في الجميع، قاله المازري.



رقم الحديث 1115 قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ، كَمَنْزِلَةِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، سَوَاءٌ.
ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ.
وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ.
إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يُشَرَّكُونَ مَعَ بَنِي الْأُمِّ فِي الْفَرِيضَةِ، الَّتِي شَرَّكَهُمْ فِيهَا بَنُو الْأَبِ وَالْأُمِّ.
لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ وِلَادَةِ الْأُمِّ الَّتِي جَمَعَتْ أُولَئِكَ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنِ اجْتَمَعَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ، فَكَانَ فِي بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ ذَكَرٌ، فلَا مِيرَاثَ لِأَحَدٍ مِنْ بَنِي الْأَبِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَنُو الْأَبِ وَالْأُمِّ إِلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْإِنَاثِ، لَا ذَكَرَ مَعَهُنَّ فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ.
لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، النِّصْفُ.
وَيُفْرَضُ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ، السُّدُسُ.
تَتِمَّةَ الثُّلُثَيْنِ.
فَإِنْ كَانَ مَعَ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ ذَكَرٌ، فَلَا فَرِيضَةَ لَهُنَّ.
وَيُبْدَأُ بِأَهْلِ الْفَرَائِضِ الْمُسَمَّاةِ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ.
فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ، كَانَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ.
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ.
فَإِنْ كَانَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، امْرَأَتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْإِنَاثِ، فُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَلَا مِيرَاثَ مَعَهُنَّ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ.
إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ.
فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ، بُدِئَ بِمَنْ شَرَّكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ.
فَأُعْطُوا فَرَائِضَهُمْ.
فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ، كَانَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ.
للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُمْ.
وَلِبَنِي الْأُمِّ، مَعَ بَنِي الْأَبِ وَالْأُمِّ، وَمَعَ بَنِي الْأَبِ، لِلْوَاحِدِ السُّدُسُ.
وَلِلْاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثُ: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى، هُمْ فِيهِ، بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ.



( ميراث الإخوة للأب)

( قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن ميراث الإخوة للأب إذا لم يكن معهم أحد من بني الأب والأم) أي الأشقاء ( كمنزلة الإخوة للأب والأم سواء ذكرهم كذكرهم وأنثاهم كأنثاهم إلا أنهم لا يشركون مع بني الأم في الفريضة التي شركهم فيها بنو الأب والأم) وهي السابقة فوق هذه الترجمة ( لأنهم) أي الإخوة للأب ( خرجوا من ولادة الأم) أي أنها لم تلدهم الأم ( التي جمعت أولئك) أي الأشقاء إذ الأم مختلفة فلم يجتمعوا في الولادة فيسقطون.

( قال مالك) موضحًا لما حكى عليه الإجماع ( فإن اجتمع الإخوة للأب والأم والإخوة للأب فكان في بني الأب والأم ذكر فلا ميراث لأحد من بني الأب) لتقديم الأشقاء عليهم لإدلائهم بجهتين ( وإن لم يكن بنو الأب والأم إلا امرأة واحدة أو أكثر من ذلك من الإناث) اثنتان فصاعدًا ( لا ذكر معهن فإنه يفرض للأخت الواحدة للأب والأم النصف ويفرض للأخوات للأب السدس تتمة الثلثين فإن كان مع الأخوات للأب ذكر فلا فريضة لهن ويبدأ بأهل الفرائض المسماة فيعطون فرائضهم) فإن كانت شقيقة واحدة أعطيت النصف واثنتان فأكثر الثلثين ( فإن فضل بعد ذلك فضل كان بين الإخوة للأب للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم) كما في المشتركة السابقة ( فإن كان الإخوة للأب والأم امرأتين أو أكثر من ذلك من الإناث فرض لهن الثلثان) كما قال تعالى { { فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ } } ( ولا ميراث معهن للأخوات للأب إلا أن يكون معهن أخ لأب فإن كان معهن أخ لأب بدئ بمن شركهم بفريضة مسماة فأعطوا فرائضهم فإن فضل بعد ذلك فضل كان بين الإخوة للأب للذكر مثل حظ الأنثيين وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم) لأنهم عصبة يسقطون باستغراق الفروض ( ولبني الأم مع بني الأب والأم ومع بني الأب للواحد السدس وللاثنين فصاعدًا الثلث للذكر منهم مثل حظ الأنثى هم فيه بمنزلة واحدة سواء) لوراثتهم بالأم.