فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ

رقم الحديث 1478 قَالَ يَحْيَى، سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: وَفِي الرَّجُلَيْنِ يَكُونُ لَهُمَا رَهْنٌ بَيْنَهُمَا.
فَيَقُومُ أَحَدُهُمَا بِبَيْعِ رَهْنِهِ.
وَقَدْ كَانَ الْآخَرُ أَنْظَرَهُ بحَقِّهِ سَنَةً.
قَالَ: إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُقْسَمَ الرَّهْنُ.
وَلَا يَنْقُصَ حَقُّ الَّذِي أَنْظَرَهُ بِحَقِّهِ، بِيعَ لَهُ نِصْفُ الرَّهْنِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا.
فَأُوفِيَ حَقَّهُ.
وَإِنْ خِيفَ أَنْ يَنْقُصَ حَقُّهُ.
بِيعَ الرَّهْنُ كُلُّهُ.
فَأُعْطِيَ الَّذِي قَامَ بِبَيْعِ رَهْنِهِ، حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ.
فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُ الَّذِي أَنْظَرَهُ بِحَقِّهِ، أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ الثَّمَنِ إِلَى الرَّاهِنِ.
وَإِلَّا حُلِّفَ الْمُرْتَهِنُ، أَنَّهُ مَا أَنْظَرَهُ إِلَّا لِيُوقِفَ لِي رَهْنِي عَلَى هَيْئَتِهِ.
ثُمَّ أُعْطِيَ حَقَّهُ عَاجِلًا قَالَ: وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ، فِي الْعَبْدِ يَرْهَنُهُ سَيِّدُهُ، وَلِلْعَبْدِ مَالٌ: إِنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِرَهْنٍ.
إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُرْتَهِنُ.



القضاء في الرهن يكون بين الرجلين

( مالك في الرجلين يكون لهما رهن بينهما فيقوم أحدهما ببيع رهنه وقد كان الآخر أنظره)

أخره ( بحقه سنة قال إن كان يقدر على أن يقسم الرهن) بأن لا ينقص قيمته بالقسمة ( ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما فأوفى حقه) فإن قصر عنه طلبه ببقية حقه ولم يكن له في بقية الرهن شيء ( وإن خيف أن ينقص حقه بيع الرهن كله فأعطي الذي قام ببيع رهنه حقه من ذلك فإن طابت نفس الذي أنظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن) فعل ( وإلا حلف المرتهن أنه ما أنظره إلا ليوقف لي رهني على هيئته) صفته ( ثم أعطي حقه عاجلا) لحلفه ( مالك في العبد يرهنه سيده وللعبد مال أن مال العبد ليس برهن إلا أن يشترطه المرتهن) اتفاقا وقد اتفقوا على أن مال العبد لا يدخل في بيعه إلا بشرط فالرهن أحرى واختلف فيما يستفيده العبد المرهون فقال ابن القاسم وأشهب لا يكون ما وهب له ولا خراجه رهنا وقال يحيى بن عمر ذلك كله رهن معه والصواب الأول قاله أبو عمر.



رقم الحديث 1478 حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لِي.
فَجِئْتُهَا.
وَقَدْ فُقِدَتْ شَاةٌ مِنَ الْغَنَمِ.
فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا فَقَالَتْ: أَكَلَهَا الذِّئْبُ.
فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا.
وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ أَفَأُعْتِقُهَا.
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ.
فَقَالَ: مَنْ أَنَا؟ فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْتِقْهَا.


ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة

( مالك عن هلال بن أسامة) نسب إلى جده وهو ابن علي بن أسامة وهو هلال بن أبي ميمونة يعرف أبوه بكنيته وهو بها أشهر العامري مولاهم المدني مات سنة بضع عشرة ومائة لمالك عنه هذا الحديث الواحد ( عن عطاء بن يسار) بتحتية ومهملة خفيفة ( عن عمر بن الحكم) قال ابن عبد البر كذا قال مالك وهو وهم عند جميع علماء الحديث وليس في الصحابة عمر بن الحكم وإنما هو معاوية بن الحكم كما قال كل من روى هذا الحديث عن هلال أو غيره ومعاوية بن الحكم معروف في الصحابة وحديثه هذا معروف وأما عمر بن الحكم فتابعي أنصاري مدني معروف يعني فلا يصح ( أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن لي جارية) لم تسم ( كانت ترعى غنما لي) زاد في رواية في ناحية أحد ( فجئتها وقد فقدت) فعل ماض تاؤه مضمومة أو ساكنة كما ضبطه في نسخ صحيحة ( شاة من الغنم) وفي نسخة صحيحة وقد فقدت منها شاة ( فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت عليها) أي غضبت ( وكنت من بني آدم) زاد في رواية آسف كما يأسفون تقديم لعذره في قوله ( فلطمت وجهها) ضربتها عليه ببياض كفي ( وعلي رقبة أفأعتقها) بهمزة الاستفهام وفاء فهمزة مضمومة وفي رواية عند أبي عمر من وجه آخر فصككتها صكة ثم انصرفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فعظم علي فقلت هلا أعتقها قال ائتني بها فجئت بها إليه ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله فقالت في السماء) قال ابن عبد البر هو على حد قوله تعالى { { أأمنتم من في السماء } } { { إليه يصعد الكلم الطيب } } وقال الباجي لعلها تريد وصفه بالعلو وبذلك يوصف من كان شأنه العلو يقال مكان فلان في السماء يعني علو حاله ورفعته وشرفه ( فقال من أنا فقالت أنت رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها) زاد في رواية إنها مؤمنة قال ابن عبد البر هذا الحديث مختصر في رواية يحيى عن مالك ورواه قوم منهم عبد الله بن يوسف وابن بكير وقتيبة والشافعي وعبد الله بن عبد الحكم عن مالك بسنده فزادوا قلت يا رسول الله أشياء كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان فقال صلى الله عليه وسلم لا تأتوا الكهان قلت وكنا نتطير قال إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم وقد روى مالك بعض هذا الحديث عن ابن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن معاوية بن الحكم قال قلت يا رسول الله أمور كنا نصنعها في الجاهلية نأتي الكهان قال فلا تأتوها قلت كنا نتطير قال ذلك شيء يجده أحدكم فلا يصدنكم فقال في روايته عن ابن شهاب معاوية بن الحكم كما قال الناس وإنما سماه عمر في روايته عن هلال فربما كان الوهم من هلال إلا جماعة رووه عنه فقالوا معاوية انتهى ملخصا ولا يمنع ذلك تجويز أن الوهم منه لما حدث مالكا وتنبه لما حدث غيره ويؤيد ذلك ما مر في الفرائض أن معن بن عيسى قال لمالك الناس يقولون إنك تخطئ في أسامي الرجال تقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية فقال مالك هذا حفظنا وهكذا وقع في كتابي أخرجه أبو الفضل السليماني ( مالك عن ابن شهاب) الزهري ( عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بضم العين وإسكان الفوقية ( ابن مسعود) أحد الفقهاء ( أن رجلا من الأنصار) ظاهره الإرسال لكنه محمول على الاتصال للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة قاله ابن عبد البر وفيه نظر إذ لو كان كذلك ما وجد مرسل قط إذ المرسل ما رفعه التابعي وهو من لقي الصحابي ومثل هذا لا يخفى على ابن عمر فلعله أراد للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث وقد رواه معمر عن ابن شهاب عن عبيد الله عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة له وهذا موصول ورواه الحسين بن الوليد عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي هريرة أن رجلا من الأنصار ( جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة) نذر عتقها أو وجبت عليه بكفارة قتل ونحوه ( فإن كنت تراها مؤمنة أعتقها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدين أن لا إله إلا الله قالت نعم قال أتشهدين أن محمدا رسول الله قالت نعم) أي أشهد بذلك ( قال أتوقنين بالبعث بعد الموت قالت نعم) أوقن به وفيه أنه لا بد مع الشهادتين من الإقرار بالبعث فمن أنكره فليس بمؤمن وعليه الإجماع ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها) زاد في رواية فإنها مؤمنة قال ابن عبد البر وقد جود يحيى لفظ هذا الحديث ورواه ابن بكير وابن القاسم فلم يذكرا فإن كنت تراها مؤمنة وقالا يا رسول الله علي رقبة مؤمنة أفأعتق هذه ورواه القعنبي بلفظ أن رجلا من الأنصار أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء فقال يا رسول الله أعتقها فقال لها رسول الله الحديث فحذف منه أن علي رقبة مؤمنة مع أنه فائدة الحديث ورواه المسعودي عن عون بن عبد الله عن أخيه عبيد الله عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية أعجمية فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة أفأعتق هذه فقال لها صلى الله عليه وسلم أين الله فأشارت إلى السماء فقال لها فمن أنا فأشارت إليه وإلى السماء أي أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة أخرجه ابن عبد البر وقال إنه خالف حديث ابن شهاب في لفظه ومعناه وجعله عن أبي هريرة وابن شهاب يقول رجل من الأنصار إنه جاء بأمة له سوداء وهو أحفظ من عون فالقول قوله انتهى فإن كانت القصة تعددت فلا خلف وإن كانت متحدة فيمكن أن لعبيد الله فيه شيخين رجل من الأنصار رواها له عن نفسه وأبو هريرة رواها عن قصة ذلك الرجل ويؤول قوله قالت نعم على أنها قالت بالإشارة أو أنه وقع منها الأمران فقالت نعم باللفظ حين قوله أتشهدين إلخ فأشارت إلى السماء حين قوله أين الله ومن أنا فذكر كل من الزهري وعون ما لم يذكر الآخر والعلم عند الله ( مالك أنه بلغه عن المقبري) بضم الموحدة وفتحها كيسان أو ابنه سعيد ( أنه قال سئل أبو هريرة عن الرجل يكون عليه رقبة هل يعتق فيها ابن زنا فقال أبو هريرة نعم يجزئه ذلك) لأن المدار على الإيمان من غير نظر لنسب ( مالك أنه بلغه عن فضالة) بفتح الفاء والضاد المعجمة ( ابن عبيد) بضم العين بغير إضافة ( الأنصاري) الأوسي ( وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) وأول مشاهده أحد ثم نزل دمشق وولي قضاءها ومات سنة ثمان وخمسين وقيل قبلها ( أنه سئل عن الرجل يكون عليه رقبة هل يجوز له أن يعتق ولد زنا فقال نعم ذلك يجزئ عنه) إن كان مؤمنا في القتل نصا وإجماعًا وفي الظهار خلاف.



رقم الحديث 1479 قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ، فِيمَنِ ارْتَهَنَ مَتَاعًا فَهَلَكَ الْمَتَاعُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ.
وَأَقَرَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِتَسْمِيَةِ الْحَقِّ.
وَاجْتَمَعَا عَلَى التَّسْمِيَةِ.
وَتَدَاعَيَا فِي الرَّهْنِ.
فَقَالَ الرَّاهِنُ: قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا.
.

     وَقَالَ  الْمُرْتَهِنُ: قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَالْحَقُّ الَّذِي لِلرَّجُلِ فِيهِ عِشْرُونَ دِينَارًا قَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ لِلَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ: صِفْهُ.
فَإِذَا وَصَفَهُ، أُحْلِفَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ أَقَامَ تِلْكَ الصِّفَةَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَا.
فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِمَّا رُهِنَ بِهِ.
قِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ: ارْدُدْ إِلَى الرَّاهِنِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا رُهِنَ بِهِ، أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ بَقِيَّةَ حَقِّهِ مِنَ الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ بِقَدْرِ حَقِّهِ، فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ قَالَ يَحْيَى: وسَمِعْتُ مَالِكًا: يَقُولُ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي الرَّهْنِ.
يَرْهَنُهُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَيَقُولُ الرَّاهِنُ: أَرْهَنْتُكَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَيَقُولُ الْمُرْتَهِنُ: ارْتَهَنْتُهُ مِنْكَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا.
وَالرَّهْنُ ظَاهِرٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ.
قَالَ: يُحَلَّفُ الْمُرْتَهِنُ حَتَّى يُحِيطَ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ.
فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ.
لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا نُقْصَانَ عَمَّا حُلِّفَ أَنَّ لَهُ فِيهِ، أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ.
وَكَانَ أَوْلَى بِالتَّبْدِئَةِ بِالْيَمِينِ.
لِقَبْضِهِ الرَّهْنَ وَحِيَازَتِهِ إِيَّاهُ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الرَّهْنِ أَنْ يُعْطِيَهُ حَقَّهُ الَّذِي حُلِّفَ عَلَيْهِ.
وَيَأْخُذَ رَهْنَهُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ أَقَلَّ مِنَ الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّى، أُحْلِفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّى، ثُمَّ يُقَالُ لِلرَّاهِنِ: إِمَّا أَنْ تُعْطِيَهُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ، وَتَأْخُذَ رَهْنَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الَّذِي قُلْتَ أَنَّكَ رَهَنْتَهُ بِهِ، وَيَبْطُلُ عَنْكَ مَا زَادَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ، فَإِنْ حَلَفَ الرَّاهِنُ بَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ غُرْمُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ، وَتَنَاكَرَا الْحَقَّ، فَقَالَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ: كَانَتْ لِي فِيهِ عِشْرُونَ دِينَارًا.
.

     وَقَالَ  الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ: لَمْ يَكُنْ لَكَ فِيهِ إِلَّا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ.
.

     وَقَالَ  الَّذِي لَهُ الْحَقُّ: قِيمَةُ الرَّهْنِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ.
.

     وَقَالَ  الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ: قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا، قِيلَ لِلَّذِي لَهُ الْحَقُّ: صِفْهُ.
فَإِذَا وَصَفَهُ أُحْلِفَ عَلَى صِفَتِهِ، ثُمَّ أَقَامَ تِلْكَ الصِّفَةَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى فِيهِ الْمُرْتَهِنُ، أُحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَى، ثُمَّ يُعْطَى الرَّاهِنُ مَا فَضَلَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا يَدَّعِي فِيهِ الْمُرْتَهِنُ، أُحْلِفَ عَلَى الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَاصَّهُ بِمَا بَلَغَ الرَّهْنُ، ثُمَّ أُحْلِفَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ عَلَى الْفَضْلِ الَّذِي بَقِيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بَعْدَ مَبْلَغِ ثَمَنِ الرَّهْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ صَارَ مُدَّعِيًا عَلَى الرَّاهِنِ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ عَنْهُ بَقِيَّةُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ مِمَّا ادَّعَى فَوْقَ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ قِيمَةِ الرَّهْنِ.



القضاء في جامع الرهون

( مالك فيمن ارتهن متاعا فهلك المتاع عند المرتهن وأقر الذي عليه الحق بتسمية الحق واجتمعا) توافق الراهن والمرتهن ( على التسمية وتداعيا) تحالفا ( في الرهن فقال الراهن قيمته عشرون دينارا وقال المرتهن قيمته عشرة دنانير والحق الذي للرجل) المرتهن ( فيه عشرون دينارا قال مالك يقال للذي بيده الرهن صفه فإذا وصفه أحلف عليه) لأن الراهن خالفه في الوصف وادعى أفضل منه ( ثم أقام) قوم ( تلك الصفة أهل المعرفة بها فإن كانت القيمة أكثر مما رهن به قيل للمرتهن اردد إلى الراهن بقية حقه وإن كانت القيمة أقل مما رهن به أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن وإن كانت القيمة بقدر حقه فالرهن بما فيه) لأن الرهن شاهد على نفسه ( والأمر عندنا في الرجلين يختلفان في الرهن يرهنه أحدهما صاحبه فيقول الراهن ارهنتكه بعشرة دنانير ويقول المرتهن ارتهنته منك بعشرين دينارا والرهن ظاهر بيد المرتهن) أو بيد أمين لأنه حائز للمرتهن ( قال يحلف المرتهن حتى يحيط بقيمة الرهن فإن كان ذلك لا زيادة فيه ولا نقصان عما حلف أن له فيه أخذه المرتهن بحقه وكان أولى بالتبدئة باليمين) على الراهن ( لقبضه الرهن وحيازته إياه) ولأنه شاهد له ( إلا أن يشاء رب الرهن أن يعطيه حقه الذي حلف عليه ويأخذ رهنه) فله ذلك ( وإن كان الرهن أقل من العشرين التي سمى أحلف المرتهن على العشرين التي سمى ثم يقال للراهن إما أن تعطيه الذي حلف عليه وتأخذ رهنك وإما أن تحلف على الذي قلت أنك رهنته به ويبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن فإن حلف الراهن بطل ذلك عنه وإن لم يحلف لزمه غرم) أي دفع ( ما حلف عليه المرتهن فإن هلك الرهن وتناكر الحق فقال الذي له الحق) أي المرتهن ( كانت لي فيه عشرون دينارا وقال) الراهن ( الذي عليه الحق لم يكن لك فيه إلا عشرة دنانير وقال الذي له الحق) أي المرتهن ( قيمة الرهن عشرة دنانير وقال الذي عليه الحق) أي الراهن ( قيمته عشرون دينارا) فتناكرا في أصل الحق وفي قيمة الرهن ( قيل للذي له الحق) وهو المرتهن ( صفه) لأنه الغارم ( فإذا وصفه أحلف) أنه ( على صفته) التي وصفها ( ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها فإن كانت قيمة الرهن أكثر مما ادعى فيه المرتهن) وهو العشرون دينارا ( أحلف على ما ادعى ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن أحلف على الذي زعم أنه له فيه) وهو العشرون ( ثم قاصه بما بلغ الرهن) من القيمة ( ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي للمدعى عليه بعد مبلغ ثمن الرهن وذلك) أي وجه حلف الراهن ( أن الذي بيده الرهن) وهو المرتهن ( صار مدعيا على الراهن) بما بقي له والمدعى عليه يحلف ( فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن مما ادعى فوق قيمة الرهن وإن نكل الراهن لزمه ما بقي من حق المرتهن بعد قيمة الرهن) قال الباجي ذكر الموطأ يمينين على المرتهن إحداهما على صفة الرهن والثانية على إثبات دينه فيحتمل أنهما يلزمانه منفصلين لأن الأولى تجب قبل وجوب الثانية لأن قيمة الرهن إن كانت أقل مما أقر به الراهن فلا معنى ليمين المرتهن ويحتمل أن يريد ذكر ما تناوله اليمين من المعنيين المذكورين ولا يلزمه أن يفرقهما بل يجمعهما في يمين واحدة وهذا معنى قول مالك وأكثر أصحابه عندي والله أعلم.



رقم الحديث 1479 وحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً.
فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا.
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْتِقْهَا.


ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة

( مالك عن هلال بن أسامة) نسب إلى جده وهو ابن علي بن أسامة وهو هلال بن أبي ميمونة يعرف أبوه بكنيته وهو بها أشهر العامري مولاهم المدني مات سنة بضع عشرة ومائة لمالك عنه هذا الحديث الواحد ( عن عطاء بن يسار) بتحتية ومهملة خفيفة ( عن عمر بن الحكم) قال ابن عبد البر كذا قال مالك وهو وهم عند جميع علماء الحديث وليس في الصحابة عمر بن الحكم وإنما هو معاوية بن الحكم كما قال كل من روى هذا الحديث عن هلال أو غيره ومعاوية بن الحكم معروف في الصحابة وحديثه هذا معروف وأما عمر بن الحكم فتابعي أنصاري مدني معروف يعني فلا يصح ( أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن لي جارية) لم تسم ( كانت ترعى غنما لي) زاد في رواية في ناحية أحد ( فجئتها وقد فقدت) فعل ماض تاؤه مضمومة أو ساكنة كما ضبطه في نسخ صحيحة ( شاة من الغنم) وفي نسخة صحيحة وقد فقدت منها شاة ( فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت عليها) أي غضبت ( وكنت من بني آدم) زاد في رواية آسف كما يأسفون تقديم لعذره في قوله ( فلطمت وجهها) ضربتها عليه ببياض كفي ( وعلي رقبة أفأعتقها) بهمزة الاستفهام وفاء فهمزة مضمومة وفي رواية عند أبي عمر من وجه آخر فصككتها صكة ثم انصرفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فعظم علي فقلت هلا أعتقها قال ائتني بها فجئت بها إليه ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله فقالت في السماء) قال ابن عبد البر هو على حد قوله تعالى { { أأمنتم من في السماء } } { { إليه يصعد الكلم الطيب } } وقال الباجي لعلها تريد وصفه بالعلو وبذلك يوصف من كان شأنه العلو يقال مكان فلان في السماء يعني علو حاله ورفعته وشرفه ( فقال من أنا فقالت أنت رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها) زاد في رواية إنها مؤمنة قال ابن عبد البر هذا الحديث مختصر في رواية يحيى عن مالك ورواه قوم منهم عبد الله بن يوسف وابن بكير وقتيبة والشافعي وعبد الله بن عبد الحكم عن مالك بسنده فزادوا قلت يا رسول الله أشياء كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان فقال صلى الله عليه وسلم لا تأتوا الكهان قلت وكنا نتطير قال إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم وقد روى مالك بعض هذا الحديث عن ابن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن معاوية بن الحكم قال قلت يا رسول الله أمور كنا نصنعها في الجاهلية نأتي الكهان قال فلا تأتوها قلت كنا نتطير قال ذلك شيء يجده أحدكم فلا يصدنكم فقال في روايته عن ابن شهاب معاوية بن الحكم كما قال الناس وإنما سماه عمر في روايته عن هلال فربما كان الوهم من هلال إلا جماعة رووه عنه فقالوا معاوية انتهى ملخصا ولا يمنع ذلك تجويز أن الوهم منه لما حدث مالكا وتنبه لما حدث غيره ويؤيد ذلك ما مر في الفرائض أن معن بن عيسى قال لمالك الناس يقولون إنك تخطئ في أسامي الرجال تقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية فقال مالك هذا حفظنا وهكذا وقع في كتابي أخرجه أبو الفضل السليماني ( مالك عن ابن شهاب) الزهري ( عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بضم العين وإسكان الفوقية ( ابن مسعود) أحد الفقهاء ( أن رجلا من الأنصار) ظاهره الإرسال لكنه محمول على الاتصال للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة قاله ابن عبد البر وفيه نظر إذ لو كان كذلك ما وجد مرسل قط إذ المرسل ما رفعه التابعي وهو من لقي الصحابي ومثل هذا لا يخفى على ابن عمر فلعله أراد للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث وقد رواه معمر عن ابن شهاب عن عبيد الله عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة له وهذا موصول ورواه الحسين بن الوليد عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي هريرة أن رجلا من الأنصار ( جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة) نذر عتقها أو وجبت عليه بكفارة قتل ونحوه ( فإن كنت تراها مؤمنة أعتقها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدين أن لا إله إلا الله قالت نعم قال أتشهدين أن محمدا رسول الله قالت نعم) أي أشهد بذلك ( قال أتوقنين بالبعث بعد الموت قالت نعم) أوقن به وفيه أنه لا بد مع الشهادتين من الإقرار بالبعث فمن أنكره فليس بمؤمن وعليه الإجماع ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها) زاد في رواية فإنها مؤمنة قال ابن عبد البر وقد جود يحيى لفظ هذا الحديث ورواه ابن بكير وابن القاسم فلم يذكرا فإن كنت تراها مؤمنة وقالا يا رسول الله علي رقبة مؤمنة أفأعتق هذه ورواه القعنبي بلفظ أن رجلا من الأنصار أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء فقال يا رسول الله أعتقها فقال لها رسول الله الحديث فحذف منه أن علي رقبة مؤمنة مع أنه فائدة الحديث ورواه المسعودي عن عون بن عبد الله عن أخيه عبيد الله عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية أعجمية فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة أفأعتق هذه فقال لها صلى الله عليه وسلم أين الله فأشارت إلى السماء فقال لها فمن أنا فأشارت إليه وإلى السماء أي أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة أخرجه ابن عبد البر وقال إنه خالف حديث ابن شهاب في لفظه ومعناه وجعله عن أبي هريرة وابن شهاب يقول رجل من الأنصار إنه جاء بأمة له سوداء وهو أحفظ من عون فالقول قوله انتهى فإن كانت القصة تعددت فلا خلف وإن كانت متحدة فيمكن أن لعبيد الله فيه شيخين رجل من الأنصار رواها له عن نفسه وأبو هريرة رواها عن قصة ذلك الرجل ويؤول قوله قالت نعم على أنها قالت بالإشارة أو أنه وقع منها الأمران فقالت نعم باللفظ حين قوله أتشهدين إلخ فأشارت إلى السماء حين قوله أين الله ومن أنا فذكر كل من الزهري وعون ما لم يذكر الآخر والعلم عند الله ( مالك أنه بلغه عن المقبري) بضم الموحدة وفتحها كيسان أو ابنه سعيد ( أنه قال سئل أبو هريرة عن الرجل يكون عليه رقبة هل يعتق فيها ابن زنا فقال أبو هريرة نعم يجزئه ذلك) لأن المدار على الإيمان من غير نظر لنسب ( مالك أنه بلغه عن فضالة) بفتح الفاء والضاد المعجمة ( ابن عبيد) بضم العين بغير إضافة ( الأنصاري) الأوسي ( وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) وأول مشاهده أحد ثم نزل دمشق وولي قضاءها ومات سنة ثمان وخمسين وقيل قبلها ( أنه سئل عن الرجل يكون عليه رقبة هل يجوز له أن يعتق ولد زنا فقال نعم ذلك يجزئ عنه) إن كان مؤمنا في القتل نصا وإجماعًا وفي الظهار خلاف.



رقم الحديث 1480 قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَسْتَكْرِي الدَّابَّةَ إِلَى الْمَكَانِ الْمُسَمَّى.
ثُمَّ يَتَعَدَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ وَيَتَقَدَّمُ: إِنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ يُخَيَّرُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ كِرَاءَ دَابَّتِهِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي تُعُدِّيَ بِهَا إِلَيْهِ، أُعْطِيَ ذَلِكَ.
وَيَقْبِضُ دَابَّتَهُ.
وَلَهُ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ.
وَإِنْ أَحَبَّ رَبُّ الدَّابَّةِ، فَلَهُ قِيمَةُ دَابَّتِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي تَعَدَّى مِنْهُ الْمُسْتَكْرِي، وَلَهُ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ.
إِنْ كَانَ اسْتَكْرَى الدَّابَّةَ الْبَدْأَةَ.
فَإِنْ كَانَ اسْتَكْرَاهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا، ثُمَّ تَعَدَّى حِينَ بَلَغَ الْبَلَدَ الَّذِي اسْتَكْرَى إِلَيْهِ، فَإِنَّمَا لِرَبِّ الدَّابَّةِ نِصْفُ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكِرَاءَ نِصْفُهُ فِي الْبَدْأَةِ، وَنِصْفُهُ فِي الرَّجْعَةِ.
فَتَعَدَّى الْمُتَعَدِّي بِالدَّابَّةِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا نِصْفُ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ.
وَلَوْ أَنَّ الدَّابَّةَ هَلَكَتْ حِينَ بَلَغَ بِهَا الْبَلَدَ الَّذِي اسْتَكْرَى إِلَيْهِ.
لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَكْرِي ضَمَانٌ.
وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُكْرِي، إِلَّا نِصْفُ الْكِرَاءِ.
قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ أَمْرُ أَهْلِ التَّعَدِّي وَالْخِلَافِ، لِمَا أَخَذُوا الدَّابَّةَ عَلَيْهِ قَالَ: وَكَذَلِكَ أَيْضًا مَنْ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ: لَا تَشْتَرِ بِهِ حَيَوَانًا وَلَا سِلَعًا كَذَا وَكَذَا لِسِلَعٍ يُسَمِّيهَا، وَيَنْهَاهُ عَنْهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يَضَعَ مَالَهُ فِيهَا، فَيَشْتَرِي الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ، وَيَذْهَبَ بِرِبْحِ صَاحِبِهِ، فَإِذَا صَنَعَ ذَلِكَ فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى مَا شَرَطَا بَيْنَهُمَا مِنَ الرِّبْحِ، فَعَلَ.
وَإِنْ أَحَبَّ، فَلَهُ رَأْسُ مَالِهِ ضَامِنًا عَلَى الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ وَتَعَدَّى قَالَ: وَكَذَلِكَ أَيْضًا، الرَّجُلُ يُبْضِعُ مَعَهُ الرَّجُلُ بِضَاعَةً، فَيَأْمُرُهُ صَاحِبُ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ سِلْعَةً بِاسْمِهَا.
فَيُخَالِفُ فَيَشْتَرِي بِبِضَاعَتِهِ غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، وَيَتَعَدَّى ذَلِكَ.
فَإِنَّ صَاحِبَ الْبِضَاعَةِ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ.
إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ مَا اشْتُرِيَ بِمَالِهِ، أَخَذَهُ.
وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ الْمُبْضِعُ مَعَهُ ضَامِنًا لِرَأْسِ مَالِهِ، فَذَلِكَ لَهُ.



القضاء في كراء الدابة والتعدي بها

( مالك الأمر عندنا في الرجل يستكري الدابة إلى المكان المسمى ثم يتعدى) يتجاوز ( ذلك) المكان ( أن رب الدابة يخير فإن أحب أن يأخذ كراء دابته إلى المكان الذي تعدى بها إليه أعطي ذلك) أي كراء المثل فيما تعدى لا على قدر ما تكارى قاله الإمام في المدونة ( ويقبض دابته وله الكراء الأول) أيضا ( وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته) يوم التعدي ( من المكان الذي تعدى منه المستكري) وله الكراء الأول فقط دون ما زاد وهذا التخيير إذا تغيرت بالزائد أو حبسها حتى تغير سوقها أما لو ردها بحالها فإنما لربها كراء ما تعدى فيه مع الكراء الأول ومحل كونه له الكراء الأول بتمامه ( إن كان استكرى الدابة البدأة) أي الذهاب ( فإن كان استكراها ذاهبا وراجعا ثم تعدى حين بلغ البلد الذي استكري إليه فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول) ثم يخير بعد ذلك على ما تقدم ( وذلك أن الكراء نصفه في البدأة ونصفه في الرجعة فتعدى المتعدي بالدابة ولم يجب عليه إلا نصف الكراء) هذا إذا كانت قيمة الذهاب والرجوع سواء فإن اختلفت لرغبة الناس في أحدهما لزم التقويم ( ولو أن الدابة هلكت حين بلغ بها البلد الذي استكرى) الدابة ( إليه لم يكن على المستكري ضمان) لأنه فعل ما أكراها عليه ( ولم يكن للمكري إلا نصف الكراء) إذا اكترى ذهابا وإيابا ( قال وعلى ذلك أمر أهل التعدي والخلاف) أي المخالفة ( لما أخذ الدابة عليه) كأن يحملوها غير ما أكروها عليه أو يزيدوا على قدر ما أكروها مما بين في الفروع وبسطه الباجي ( وكذلك أيضا من أخذ مالا قراضا من صاحبه فقال له رب المال لا تشتر به حيوانا ولا سلعا كذا وكذا لسلع يسميها ينهاه عنها ويكره أن يضع ماله فيها فيشتري الذي أخذ المال) أي عامل القراض ( الذي نهي عنه يريد بذلك أن يضمن المال ويذهب بربح صاحبه فإذا صنع ذلك فرب المال بالخيار إن أحب أن يدخل معه في السلعة على ما شرطا بينهما من الربح فعل وإن أحب فله رأس ماله) حال كونه ( ضامنا) أي مضمونا ( على الذي أخذ المال وتعدى) فخيره في أمرين وزاد الإمام في الواضحة ثالثا بيع السلعة عليه فإن كان فضل فعلى القراض وإن كان نقص ضمن أي لتعديه قال فإن لم يعلم بذلك حتى باع السلعة ضمن إن بيعت بنقص وبربح فعلى القراض ( وكذلك الرجل يبضع معه الرجل بضاعة فيأمره صاحب المال أن يشتري له سلعة باسمها فيخالف فيشتري ببضاعته غير ما أمره به ويتعدى ذلك فإن صاحب البضاعة عليه بالخيار إن أحب أن يأخذ ما اشترى بماله أخذه وإن أحب أن يكون المبضع معه ضامنا لرأس ماله فذلك له) فإن علم به بعد بيع السلعة فالمشهور عن مالك إن كان فيها ربح فلصاحب البضاعة ونقص فعلى المبضع معه.



رقم الحديث 1480 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ.
هَلْ يُعْتِقُ فِيهَا ابْنَ زِنًا؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ.
ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ.


ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة

( مالك عن هلال بن أسامة) نسب إلى جده وهو ابن علي بن أسامة وهو هلال بن أبي ميمونة يعرف أبوه بكنيته وهو بها أشهر العامري مولاهم المدني مات سنة بضع عشرة ومائة لمالك عنه هذا الحديث الواحد ( عن عطاء بن يسار) بتحتية ومهملة خفيفة ( عن عمر بن الحكم) قال ابن عبد البر كذا قال مالك وهو وهم عند جميع علماء الحديث وليس في الصحابة عمر بن الحكم وإنما هو معاوية بن الحكم كما قال كل من روى هذا الحديث عن هلال أو غيره ومعاوية بن الحكم معروف في الصحابة وحديثه هذا معروف وأما عمر بن الحكم فتابعي أنصاري مدني معروف يعني فلا يصح ( أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن لي جارية) لم تسم ( كانت ترعى غنما لي) زاد في رواية في ناحية أحد ( فجئتها وقد فقدت) فعل ماض تاؤه مضمومة أو ساكنة كما ضبطه في نسخ صحيحة ( شاة من الغنم) وفي نسخة صحيحة وقد فقدت منها شاة ( فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت عليها) أي غضبت ( وكنت من بني آدم) زاد في رواية آسف كما يأسفون تقديم لعذره في قوله ( فلطمت وجهها) ضربتها عليه ببياض كفي ( وعلي رقبة أفأعتقها) بهمزة الاستفهام وفاء فهمزة مضمومة وفي رواية عند أبي عمر من وجه آخر فصككتها صكة ثم انصرفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فعظم علي فقلت هلا أعتقها قال ائتني بها فجئت بها إليه ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله فقالت في السماء) قال ابن عبد البر هو على حد قوله تعالى { { أأمنتم من في السماء } } { { إليه يصعد الكلم الطيب } } وقال الباجي لعلها تريد وصفه بالعلو وبذلك يوصف من كان شأنه العلو يقال مكان فلان في السماء يعني علو حاله ورفعته وشرفه ( فقال من أنا فقالت أنت رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها) زاد في رواية إنها مؤمنة قال ابن عبد البر هذا الحديث مختصر في رواية يحيى عن مالك ورواه قوم منهم عبد الله بن يوسف وابن بكير وقتيبة والشافعي وعبد الله بن عبد الحكم عن مالك بسنده فزادوا قلت يا رسول الله أشياء كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان فقال صلى الله عليه وسلم لا تأتوا الكهان قلت وكنا نتطير قال إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم وقد روى مالك بعض هذا الحديث عن ابن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن معاوية بن الحكم قال قلت يا رسول الله أمور كنا نصنعها في الجاهلية نأتي الكهان قال فلا تأتوها قلت كنا نتطير قال ذلك شيء يجده أحدكم فلا يصدنكم فقال في روايته عن ابن شهاب معاوية بن الحكم كما قال الناس وإنما سماه عمر في روايته عن هلال فربما كان الوهم من هلال إلا جماعة رووه عنه فقالوا معاوية انتهى ملخصا ولا يمنع ذلك تجويز أن الوهم منه لما حدث مالكا وتنبه لما حدث غيره ويؤيد ذلك ما مر في الفرائض أن معن بن عيسى قال لمالك الناس يقولون إنك تخطئ في أسامي الرجال تقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية فقال مالك هذا حفظنا وهكذا وقع في كتابي أخرجه أبو الفضل السليماني ( مالك عن ابن شهاب) الزهري ( عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بضم العين وإسكان الفوقية ( ابن مسعود) أحد الفقهاء ( أن رجلا من الأنصار) ظاهره الإرسال لكنه محمول على الاتصال للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة قاله ابن عبد البر وفيه نظر إذ لو كان كذلك ما وجد مرسل قط إذ المرسل ما رفعه التابعي وهو من لقي الصحابي ومثل هذا لا يخفى على ابن عمر فلعله أراد للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث وقد رواه معمر عن ابن شهاب عن عبيد الله عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة له وهذا موصول ورواه الحسين بن الوليد عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي هريرة أن رجلا من الأنصار ( جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة) نذر عتقها أو وجبت عليه بكفارة قتل ونحوه ( فإن كنت تراها مؤمنة أعتقها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدين أن لا إله إلا الله قالت نعم قال أتشهدين أن محمدا رسول الله قالت نعم) أي أشهد بذلك ( قال أتوقنين بالبعث بعد الموت قالت نعم) أوقن به وفيه أنه لا بد مع الشهادتين من الإقرار بالبعث فمن أنكره فليس بمؤمن وعليه الإجماع ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها) زاد في رواية فإنها مؤمنة قال ابن عبد البر وقد جود يحيى لفظ هذا الحديث ورواه ابن بكير وابن القاسم فلم يذكرا فإن كنت تراها مؤمنة وقالا يا رسول الله علي رقبة مؤمنة أفأعتق هذه ورواه القعنبي بلفظ أن رجلا من الأنصار أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء فقال يا رسول الله أعتقها فقال لها رسول الله الحديث فحذف منه أن علي رقبة مؤمنة مع أنه فائدة الحديث ورواه المسعودي عن عون بن عبد الله عن أخيه عبيد الله عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية أعجمية فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة أفأعتق هذه فقال لها صلى الله عليه وسلم أين الله فأشارت إلى السماء فقال لها فمن أنا فأشارت إليه وإلى السماء أي أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة أخرجه ابن عبد البر وقال إنه خالف حديث ابن شهاب في لفظه ومعناه وجعله عن أبي هريرة وابن شهاب يقول رجل من الأنصار إنه جاء بأمة له سوداء وهو أحفظ من عون فالقول قوله انتهى فإن كانت القصة تعددت فلا خلف وإن كانت متحدة فيمكن أن لعبيد الله فيه شيخين رجل من الأنصار رواها له عن نفسه وأبو هريرة رواها عن قصة ذلك الرجل ويؤول قوله قالت نعم على أنها قالت بالإشارة أو أنه وقع منها الأمران فقالت نعم باللفظ حين قوله أتشهدين إلخ فأشارت إلى السماء حين قوله أين الله ومن أنا فذكر كل من الزهري وعون ما لم يذكر الآخر والعلم عند الله ( مالك أنه بلغه عن المقبري) بضم الموحدة وفتحها كيسان أو ابنه سعيد ( أنه قال سئل أبو هريرة عن الرجل يكون عليه رقبة هل يعتق فيها ابن زنا فقال أبو هريرة نعم يجزئه ذلك) لأن المدار على الإيمان من غير نظر لنسب ( مالك أنه بلغه عن فضالة) بفتح الفاء والضاد المعجمة ( ابن عبيد) بضم العين بغير إضافة ( الأنصاري) الأوسي ( وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) وأول مشاهده أحد ثم نزل دمشق وولي قضاءها ومات سنة ثمان وخمسين وقيل قبلها ( أنه سئل عن الرجل يكون عليه رقبة هل يجوز له أن يعتق ولد زنا فقال نعم ذلك يجزئ عنه) إن كان مؤمنا في القتل نصا وإجماعًا وفي الظهار خلاف.



رقم الحديث 1481 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ.
هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ وَلَدَ زِنًا؟ قَالَ: نَعَمْ.
ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ.


ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة

( مالك عن هلال بن أسامة) نسب إلى جده وهو ابن علي بن أسامة وهو هلال بن أبي ميمونة يعرف أبوه بكنيته وهو بها أشهر العامري مولاهم المدني مات سنة بضع عشرة ومائة لمالك عنه هذا الحديث الواحد ( عن عطاء بن يسار) بتحتية ومهملة خفيفة ( عن عمر بن الحكم) قال ابن عبد البر كذا قال مالك وهو وهم عند جميع علماء الحديث وليس في الصحابة عمر بن الحكم وإنما هو معاوية بن الحكم كما قال كل من روى هذا الحديث عن هلال أو غيره ومعاوية بن الحكم معروف في الصحابة وحديثه هذا معروف وأما عمر بن الحكم فتابعي أنصاري مدني معروف يعني فلا يصح ( أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن لي جارية) لم تسم ( كانت ترعى غنما لي) زاد في رواية في ناحية أحد ( فجئتها وقد فقدت) فعل ماض تاؤه مضمومة أو ساكنة كما ضبطه في نسخ صحيحة ( شاة من الغنم) وفي نسخة صحيحة وقد فقدت منها شاة ( فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت عليها) أي غضبت ( وكنت من بني آدم) زاد في رواية آسف كما يأسفون تقديم لعذره في قوله ( فلطمت وجهها) ضربتها عليه ببياض كفي ( وعلي رقبة أفأعتقها) بهمزة الاستفهام وفاء فهمزة مضمومة وفي رواية عند أبي عمر من وجه آخر فصككتها صكة ثم انصرفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فعظم علي فقلت هلا أعتقها قال ائتني بها فجئت بها إليه ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله فقالت في السماء) قال ابن عبد البر هو على حد قوله تعالى { { أأمنتم من في السماء } } { { إليه يصعد الكلم الطيب } } وقال الباجي لعلها تريد وصفه بالعلو وبذلك يوصف من كان شأنه العلو يقال مكان فلان في السماء يعني علو حاله ورفعته وشرفه ( فقال من أنا فقالت أنت رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها) زاد في رواية إنها مؤمنة قال ابن عبد البر هذا الحديث مختصر في رواية يحيى عن مالك ورواه قوم منهم عبد الله بن يوسف وابن بكير وقتيبة والشافعي وعبد الله بن عبد الحكم عن مالك بسنده فزادوا قلت يا رسول الله أشياء كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان فقال صلى الله عليه وسلم لا تأتوا الكهان قلت وكنا نتطير قال إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم وقد روى مالك بعض هذا الحديث عن ابن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن معاوية بن الحكم قال قلت يا رسول الله أمور كنا نصنعها في الجاهلية نأتي الكهان قال فلا تأتوها قلت كنا نتطير قال ذلك شيء يجده أحدكم فلا يصدنكم فقال في روايته عن ابن شهاب معاوية بن الحكم كما قال الناس وإنما سماه عمر في روايته عن هلال فربما كان الوهم من هلال إلا جماعة رووه عنه فقالوا معاوية انتهى ملخصا ولا يمنع ذلك تجويز أن الوهم منه لما حدث مالكا وتنبه لما حدث غيره ويؤيد ذلك ما مر في الفرائض أن معن بن عيسى قال لمالك الناس يقولون إنك تخطئ في أسامي الرجال تقول عمر بن الحكم وإنما هو معاوية فقال مالك هذا حفظنا وهكذا وقع في كتابي أخرجه أبو الفضل السليماني ( مالك عن ابن شهاب) الزهري ( عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بضم العين وإسكان الفوقية ( ابن مسعود) أحد الفقهاء ( أن رجلا من الأنصار) ظاهره الإرسال لكنه محمول على الاتصال للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة قاله ابن عبد البر وفيه نظر إذ لو كان كذلك ما وجد مرسل قط إذ المرسل ما رفعه التابعي وهو من لقي الصحابي ومثل هذا لا يخفى على ابن عمر فلعله أراد للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث وقد رواه معمر عن ابن شهاب عن عبيد الله عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة له وهذا موصول ورواه الحسين بن الوليد عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي هريرة أن رجلا من الأنصار ( جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة) نذر عتقها أو وجبت عليه بكفارة قتل ونحوه ( فإن كنت تراها مؤمنة أعتقها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدين أن لا إله إلا الله قالت نعم قال أتشهدين أن محمدا رسول الله قالت نعم) أي أشهد بذلك ( قال أتوقنين بالبعث بعد الموت قالت نعم) أوقن به وفيه أنه لا بد مع الشهادتين من الإقرار بالبعث فمن أنكره فليس بمؤمن وعليه الإجماع ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها) زاد في رواية فإنها مؤمنة قال ابن عبد البر وقد جود يحيى لفظ هذا الحديث ورواه ابن بكير وابن القاسم فلم يذكرا فإن كنت تراها مؤمنة وقالا يا رسول الله علي رقبة مؤمنة أفأعتق هذه ورواه القعنبي بلفظ أن رجلا من الأنصار أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء فقال يا رسول الله أعتقها فقال لها رسول الله الحديث فحذف منه أن علي رقبة مؤمنة مع أنه فائدة الحديث ورواه المسعودي عن عون بن عبد الله عن أخيه عبيد الله عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية أعجمية فقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة أفأعتق هذه فقال لها صلى الله عليه وسلم أين الله فأشارت إلى السماء فقال لها فمن أنا فأشارت إليه وإلى السماء أي أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة أخرجه ابن عبد البر وقال إنه خالف حديث ابن شهاب في لفظه ومعناه وجعله عن أبي هريرة وابن شهاب يقول رجل من الأنصار إنه جاء بأمة له سوداء وهو أحفظ من عون فالقول قوله انتهى فإن كانت القصة تعددت فلا خلف وإن كانت متحدة فيمكن أن لعبيد الله فيه شيخين رجل من الأنصار رواها له عن نفسه وأبو هريرة رواها عن قصة ذلك الرجل ويؤول قوله قالت نعم على أنها قالت بالإشارة أو أنه وقع منها الأمران فقالت نعم باللفظ حين قوله أتشهدين إلخ فأشارت إلى السماء حين قوله أين الله ومن أنا فذكر كل من الزهري وعون ما لم يذكر الآخر والعلم عند الله ( مالك أنه بلغه عن المقبري) بضم الموحدة وفتحها كيسان أو ابنه سعيد ( أنه قال سئل أبو هريرة عن الرجل يكون عليه رقبة هل يعتق فيها ابن زنا فقال أبو هريرة نعم يجزئه ذلك) لأن المدار على الإيمان من غير نظر لنسب ( مالك أنه بلغه عن فضالة) بفتح الفاء والضاد المعجمة ( ابن عبيد) بضم العين بغير إضافة ( الأنصاري) الأوسي ( وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) وأول مشاهده أحد ثم نزل دمشق وولي قضاءها ومات سنة ثمان وخمسين وقيل قبلها ( أنه سئل عن الرجل يكون عليه رقبة هل يجوز له أن يعتق ولد زنا فقال نعم ذلك يجزئ عنه) إن كان مؤمنا في القتل نصا وإجماعًا وفي الظهار خلاف.