فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ إِصَابَةِ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَالْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا

رقم الحديث 1133 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ تُوطَأُ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أُحِبُّ أَنْ أَخْبُرَهُمَا جَمِيعًا وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ.


( مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله) بضم العين ( بن عبد الله) بفتحها ( بن عتبة) بضمها وإسكان الفوقية ( بن مسعود) الهذلي المدني الثقة الثبت أحد الفقهاء ( عن أبيه) عبد الله بن عتبة الهذلي ابن أخي عبد الله بن مسعود ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ووثقه العجلي وجماعة وهو من كبار التابعين مات بعد السبعين ( أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى) ما الحكم؟ ( فقال عمر ما أحب أن أخبرهما) بفتح الهمزة وإسكان الخاء المعجمة وضم الموحدة.
أي أطأهما يقال للحراث خبير ومنه المخابرة ( جميعًا ونهى عن ذلك) نهي تحريم باتفاق العلماء إلا ما روي عن ابن عباس أحلتهما آية، وحرمتهما آية ولم أكن لأفعله.
ولم يوافقه أحد لأن الله حرم ذلك في النكاح وملك اليمين تبع له إلا في العدد.

( مالك عن ابن شهاب عن قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة ( بن ذؤيب) بضم المعجمة وفتح الهمزة، مصغرًا الخزاعي ( أن رجلاً) لم يسم ( سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما فقال عثمان أحلتهما آية) قال ابن حبيب: يريد قوله { { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ } } فعم ولم يخص أختين من غيرهما.
وقال غيره: هي قوله تعالى { { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } } قيل وهذا أقرب ولو أراد ما قال ابن حبيب لقال أحلتهما آيتان.
وقال ابن عبد البر: يريد تحليل الوطء بملك اليمين مطلقًا في غير ما آية انتهى.
فحمل آية على الجنس، وبه يجاب عن ابن حبيب.
( وحرمتهما آية) يعني قوله تعالى { { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ } } بلا خلاف وبعد أن بين لسائله اختلاف الآيتين أخبره بما اختاره بقوله ( فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك) الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء، إما احتياطًا لتعارض الدليلين وإما على الوجوب تقديمًا للحظر على الإباحة ( قال) قبيصة ( فخرج) الرجل السائل من عنده ( فلقي رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك) لأن عثمان لم يقطع بالتحريم ولا الحل ( فقال لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدًا فعل ذلك لجعلته نكالاً) عبرة مانعة لغيره من ارتكاب مثل ما فعل: قال الأزهري: النكال العقوبة التي تنكل الناس عن فعل ما جعلت له جزاء.
قال أبو عمر: لم يقل حددته حدّ الزنا لأن المتأول ليس بزان إجماعًا وإن أخطأ إلا ما لا يعذر بجهله وهذا شبهته قوية وهي قول عثمان وغيره.

( قال ابن شهاب أراه) أظن الصحابي القائل هذا ( علي بن أبي طالب) وكنى عنه قبيصة لصحبته عبد الملك بن مروان، وبنو أمية تستثقل سماع ذكر علّي لا سيما ما خالف فيه عثمان قاله أبو عمر وجمهور السلف على المنع وأباحه بعضهم، وسبب الخلاف أي العمومين يقدّم وأي الآيتين أولى أن تخص بها الأخرى، والأصح التخصيص بآية النساء لأنها وردت في تعيين المحرمات وتفصيلهن، وأخذ الأحكام من مظانها أولى من أخذها لا من مظانها فهي أولى من الآية الواردة في مدح قوم حفظوا فروجهم إلا عما أبيح لهم، ولأن آية ملك اليمين دخلها التخصيص باتفاق إذ لا يباح بملك اليمين ذوات محارمه اللائي يصح له ملكهن، ولا الأخت من الرضاعة.
وأما آية التحريم فدخول التخصيص فيها مختلف فيه لأنها عندنا على عمومها، وعند المخالف مخصصة وتقرر في الأصول أن العام الذي لم يدخله تخصيص مقدم على ما دخله لأن العام إذا خصص ضعف الاحتجاج به.
قال عياض وهذا الخلاف كان من بعض السلف ثم استقر الإجماع بعده على المنع إلا طائفة من الخوارج لا يلتفت إليها.

( مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام مثل ذلك) الذي قاله علي ( قال مالك في الأمة تكون عند الرجل فيصيبها) يجامعها ( ثم يريد أن يصيب أختها إنها لا تحل له حتى يحرم عليه فرج أختها بنكاح) بأن يزوجها من غيره ( أو عتاقة) ناجزة أو مؤجلة ( أو كتابة) لحرمة فرجها عليه بها لأنها أحرزت نفسها ومالها بالكتابة ( أو ما أشبه ذلك) كأسر وإباق إياس وبيع ( يزوجها عبده أو عبد غيره) أو حرًا بشرطه، وهذا إيضاح لقوله أولاً بنكاح دفعًا لتوهم أنه إذا زوجها عبده لا تحل أختها لبقاء ملكه لها.



رقم الحديث 1134 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَنِ الْأُخْتَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، فَأَمَّا أَنَا فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَصْنَعَ ذَلِكَ، قَالَ: فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ثُمَّ وَجَدْتُ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ لَجَعَلْتُهُ نَكَالًا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أُرَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ.


( مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله) بضم العين ( بن عبد الله) بفتحها ( بن عتبة) بضمها وإسكان الفوقية ( بن مسعود) الهذلي المدني الثقة الثبت أحد الفقهاء ( عن أبيه) عبد الله بن عتبة الهذلي ابن أخي عبد الله بن مسعود ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ووثقه العجلي وجماعة وهو من كبار التابعين مات بعد السبعين ( أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى) ما الحكم؟ ( فقال عمر ما أحب أن أخبرهما) بفتح الهمزة وإسكان الخاء المعجمة وضم الموحدة.
أي أطأهما يقال للحراث خبير ومنه المخابرة ( جميعًا ونهى عن ذلك) نهي تحريم باتفاق العلماء إلا ما روي عن ابن عباس أحلتهما آية، وحرمتهما آية ولم أكن لأفعله.
ولم يوافقه أحد لأن الله حرم ذلك في النكاح وملك اليمين تبع له إلا في العدد.

( مالك عن ابن شهاب عن قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة ( بن ذؤيب) بضم المعجمة وفتح الهمزة، مصغرًا الخزاعي ( أن رجلاً) لم يسم ( سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما فقال عثمان أحلتهما آية) قال ابن حبيب: يريد قوله { { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ } } فعم ولم يخص أختين من غيرهما.
وقال غيره: هي قوله تعالى { { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } } قيل وهذا أقرب ولو أراد ما قال ابن حبيب لقال أحلتهما آيتان.
وقال ابن عبد البر: يريد تحليل الوطء بملك اليمين مطلقًا في غير ما آية انتهى.
فحمل آية على الجنس، وبه يجاب عن ابن حبيب.
( وحرمتهما آية) يعني قوله تعالى { { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ } } بلا خلاف وبعد أن بين لسائله اختلاف الآيتين أخبره بما اختاره بقوله ( فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك) الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء، إما احتياطًا لتعارض الدليلين وإما على الوجوب تقديمًا للحظر على الإباحة ( قال) قبيصة ( فخرج) الرجل السائل من عنده ( فلقي رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك) لأن عثمان لم يقطع بالتحريم ولا الحل ( فقال لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدًا فعل ذلك لجعلته نكالاً) عبرة مانعة لغيره من ارتكاب مثل ما فعل: قال الأزهري: النكال العقوبة التي تنكل الناس عن فعل ما جعلت له جزاء.
قال أبو عمر: لم يقل حددته حدّ الزنا لأن المتأول ليس بزان إجماعًا وإن أخطأ إلا ما لا يعذر بجهله وهذا شبهته قوية وهي قول عثمان وغيره.

( قال ابن شهاب أراه) أظن الصحابي القائل هذا ( علي بن أبي طالب) وكنى عنه قبيصة لصحبته عبد الملك بن مروان، وبنو أمية تستثقل سماع ذكر علّي لا سيما ما خالف فيه عثمان قاله أبو عمر وجمهور السلف على المنع وأباحه بعضهم، وسبب الخلاف أي العمومين يقدّم وأي الآيتين أولى أن تخص بها الأخرى، والأصح التخصيص بآية النساء لأنها وردت في تعيين المحرمات وتفصيلهن، وأخذ الأحكام من مظانها أولى من أخذها لا من مظانها فهي أولى من الآية الواردة في مدح قوم حفظوا فروجهم إلا عما أبيح لهم، ولأن آية ملك اليمين دخلها التخصيص باتفاق إذ لا يباح بملك اليمين ذوات محارمه اللائي يصح له ملكهن، ولا الأخت من الرضاعة.
وأما آية التحريم فدخول التخصيص فيها مختلف فيه لأنها عندنا على عمومها، وعند المخالف مخصصة وتقرر في الأصول أن العام الذي لم يدخله تخصيص مقدم على ما دخله لأن العام إذا خصص ضعف الاحتجاج به.
قال عياض وهذا الخلاف كان من بعض السلف ثم استقر الإجماع بعده على المنع إلا طائفة من الخوارج لا يلتفت إليها.

( مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام مثل ذلك) الذي قاله علي ( قال مالك في الأمة تكون عند الرجل فيصيبها) يجامعها ( ثم يريد أن يصيب أختها إنها لا تحل له حتى يحرم عليه فرج أختها بنكاح) بأن يزوجها من غيره ( أو عتاقة) ناجزة أو مؤجلة ( أو كتابة) لحرمة فرجها عليه بها لأنها أحرزت نفسها ومالها بالكتابة ( أو ما أشبه ذلك) كأسر وإباق إياس وبيع ( يزوجها عبده أو عبد غيره) أو حرًا بشرطه، وهذا إيضاح لقوله أولاً بنكاح دفعًا لتوهم أنه إذا زوجها عبده لا تحل أختها لبقاء ملكه لها.