فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ تَخْمِيرِ الْمُحْرِمِ وَجْهَهُ

رقم الحديث 724 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْفُرَافِصَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيُّ، أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ.


( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن القاسم بن محمد) بن الصديق ( أنه قال أخبرني الفرافصة) بضم الفاء وفتح الراء فألف ففاء فصاد مهملة ( ابن عمير) بضم العين ( الحنفي) اليماني المدني روى عن عمر وعثمان والزبير وعنه عبد الله بن أبي بكر والقاسم ويحيى أيضًا الراوي عنه هنا بواسطة ( أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج) بفتح العين المهملة وإسكان الراء وبالجيم قرية على ثلاثة مراحل من المدينة ( يغطي وجهه وهو محرم) وفي رواية عبد الله بن عامر بن ربيعة الآتية بعد أبواب قال رأيت عثمان بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان لأنه كان يرى ذلك جائزًا وكذا ابن عباس وابن عوف وابن الزبير وزيد بن ثابت وسعيد وجابر وبه قال الشافعي وقال ابن عمر يحرم تغطية الوجه وبه قال مالك وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن وفيه الفدية على مشهور المذهب وأنكر ما يخالفه ولا يجوز تغطية الرأس إجماعًا ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول ما فوق الذقن) بفتح الذال والقاف مجتمع لحيي الإنسان ( من الرأس فلا يخمره) لا يغطيه ( المحرم) وإلى هذا ذهب مالك وغيره أنه يحرم تغطية الوجه ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كفن ابنه واقد) بالقاف ( ابن عبد الله ومات بالجحفة) بضم الجيم وإسكان الحاء وفتح الفاء ( محرمًا وخمر رأسه ووجهه) غطاهما ( وقال لولا أنا حرم) بضمتين محرمون ( لطيبناه) بالحنوط ونحوه ( قال مالك وإنما يعمل الرجل) بالتكاليف ( ما دام حيًا فإذا مات فقد انقضى العمل) فلا يمتنع تطييب الميت المحرم ولا تغطية وجهه وبهذا قال أبو حنيفة وأتباعهما وأجابوا عن حديث ابن عباس في الصحيحين وقصت برجل محرم ناقته فقتلته فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه ولا تقربوه طيبًا فإنه يبعث ملبيًا بأنها واقعة عين لا عموم لها لأنه علل ذلك بقوله فإنه يبعث ملبيًا وهذا الأمر لا يتحقق في غيره وجوده فيكون خاصًا بذلك الرجل ولو استمر بقاؤه على إحرامه لأمر بقضاء بقية مناسكه ولو أريد التحريم في كل محرم لقال فإن المحرم كما قال إن الشهيد يبعث وجرحه يثعب دمًا وجواب من منع ذلك بأن الأصل أن كل ما ثبت لواحد في الزمن النبوي ثبت لغيره حتى يظهر التخصيص فيه تعسف إذ التخصيص ظاهر من التعليل والعدول عن أن يقول فإن المحرم سلمنا عدم ظهوره فوقائع العين لا عموم لها لما يطرقها من الاحتمال وذلك كافٍ من إبطال الاستدلال ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا تنتقب) بفوقيتين مفتوحتين بينهما نون ساكنة ثم قاف مكسورة مجزوم على النهي فتكسر لالتقاء الساكنين ويجوز رفعه خبر عن الحكم ( المرأة المحرمة) أي لا تلبس النقاب وهو الخمار الذي تشده المرأة على الأنف أو تحت المحاجر وإن قرب من العين حتى لا يبدو أجفانها فهو الوصواص بفتح الواو وسكون الصاد الأولى فإن نزل إلى طرف الأنف فهو اللفاف بكسر اللام وبالفاء فإن نزل إلى الفم ولم يكن على الأرنبة منه شيء فهو اللثام بالمثلثة ( ولا تلبس) بفتح الباء والجزم على النهي ويجوز رفعه ( القفازين) بضم القاف وشد الفاء تثنية قفاز بوزن رمان شيء يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسهما المرأة للبرد أو ما تلبسه المرأة في يدها فتغطي أصابعها وكفيها عند معاناة الشيء في غزل ونحوه فيحرم على المرأة المحرمة ستر وجهها وكفيها بقفازين أو أحدهما بأحدهما أو بغيرهما وهذا رواه مالك موقوفًا وتابعه عبيد الله العمري وليث بن أبي سليم وأيوب السختياني وموسى بن عقبة في إحدى الروايتين عنه كلهم عن نافع موقوفًا كما في البخاري وأبي داود وأخرجاه من طريق الليث عن نافع فجعله من جملة المرفوع في الحديث السابق فقال بعد قوله ولا ورس ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين وتابعه موسى بن عقبة وجويرية وابن إسحاق وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة لكن بينت رواية عبيد الله عن نافع عن ابن راهويه وابن خزيمة أنه مدرج من قول ابن عمر كما أشار إليه البخاري وأيده برواية مالك هذه واستشكل الحكم بالإدراج لأنه ورد النهي عن النقاب والقفاز مرفوعًا مفردًا رواه أبو داود عن إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين قال أبو داود إبراهيم شيخ مدني ليس له كثير حديث وقال ابن عدي ليس بالمعروف وقال في الميزان منكر الحديث غير معروف ولأنه ابتدأ بالنهي عنهما عند أحمد وأبي داود والحاكم من طريق ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب وتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب قال في الاقتراح دعوى الإدراج في أول المتن ضعيفة وأجيب بأن الثقات إذا اختلفوا وكان مع أحدهم زيادة قدمت ولا سيما إن كان حافظًا خصوصًا إن كان أحفظ والأمر هنا كذلك فإن عبيد الله بن عمر في نافع أحفظ من جميع من خالفه وقد فصل المرفوع من الموقوف وتقوى برواية مالك وهو أحفظ أصحاب نافع أما الذي ابتدأ في المرفوع بالموقوف فإنه من التصرف في الرواية بالمعنى فكأنه رأى أشياء متعاطفة فقدم وأخر لجواز ذلك عنده ومع الذي فصل زيادة علم فهو أولى كما قاله الحافظ ونحوه لشيخه الزين العراقي الحافظ في شرح الترمذي ( مالك عن هشام بن عروة عن) زوجته ( فاطمة بنت) عمه ( المنذر) بن الزبير ( أنها قالت كنا نخمر) نغطي ( وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق) جدتها وجدة زوجها زاد في رواية فلا تنكره علينا لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها أو ينظر لها بقصد لذة قال ابن المنذر أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف وإن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفًا تستر به عن نظر الرجال ولا تخمر إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر فذكر ما هنا ثم قال ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلاً كما جاء عن عائشة قالت كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بنا سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات فإذا جاوزنا رفعناه انتهى وحديث عائشة المذكور أخرجه هو وأبو داود وابن ماجه من طريق مجاهد عنها.


رقم الحديث 725 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ،.

     وَقَالَ : مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ.


( لبس الثياب المصبغة في الإحرام)

( مالك عن عبد الله بن دينار عن) مولاه ( عبد الله بن عمر أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم) نهي تحريم ( أن يلبس) بفتح أوله وثالثه ( المحرم) رجلاً كان أو امرأة ( ثوبًا مصبوغًا بزعفران أو ورس) نبت أصفر مثل نبات السمسم طيب الريح يصبغ به بين الحمرة والصفرة أشهر طيب في بلاد اليمن ( وقال) صلى الله عليه وسلم ( من لم يجد نعلين) حقيقة أو حكمًا كغلوه فاحشًا ( فليلبس خفين) بالتنكير وليحيى النيسابوري الخفين ( وليقطعهما أسفل من الكعبين) أي أن قطعهما شرط في جواز لبسهما خلافًا للحنابلة ولا فدية خلافًا للحنفية والكعبان هما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم ويؤيده ما روى ابن أبي شيبة عن عروة قال إذا اضطر المحرم إلى الخفين خرق ظهورهما وترك فيهما قدر ما يستمسك رجلاه وجمهور أهل اللغة على أن في كل قدم كعبين وقيل المراد بهما هنا العظم الذي في وسط القدم عند معقد الشراك ورد بأنه لا يعرف لغة وقد أنكره الأصمعي لكن قال الزين العراقي إنه أقرب إلى عدم الإحاطة على القدم ولا يحتاج القول به إلى مخالفة اللغة بل يوجد ذلك في بعض ألفاظ حديث ابن عمر ففي رواية الليث عن نافع عنه فليلبس الخفين ما أسفل من الكعبين فقوله ما أسفل بدل من الخفين فيكون اللبس لهما أسفل من الكعبين والقطع منهما فما فوق وليس في قوله وليقطعهما أسفل ما يدل على قصر القطع على ما دون الكعبين بل يراد مع الأسفل ما يخرج القدم عن كونه مستورًا بإحاطة الخف عليه ولا حاجة حينئذٍ إلى مخالفة أهل اللغة انتهى.
وهذا الحديث رواه البخاري في اللباس عن عبد الله بن يوسف ومسلم هنا عن يحيى كلاهما عن مالك به ( مالك عن نافع أنه سمع أسلم مولى عمر بن الخطاب) حبشي من الثقات المخضرمين عاش أربع عشرة ومائة سنة ومات سنة ثمانين ويقال بعد سنة ستين ( يحدث عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى على طلحة بن عبيد الله) التيمي أحد العشرة ( ثوبًا مصبوغًا) بغير زعفران وورس ( وهو محرم فقال عمر ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة فقال طلحة يا أمير المؤمنين إنما هو مدر) بميم ودال مهملة أي مغرة ( فقال عمر إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي) يأتم ( بكم الناس فلو أن رجلاً جاهلاً رأى هذا الثوب لقال إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام فلا تلبسوا أيها الرهط شيئًا من هذه الثياب المصبغة) فإنما كره عمر ذلك لئلا يقتدي به جاهل فيظن جواز لبس المورس والمزعفر فلا حجة فيه لأبي حنيفة في أن العصفر طيب وفيه الفدية قاله ابن المنذر وقد أجاز الجمهور لبس المعصفر للمحرم ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن) أمه ( أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تلبس الثياب المعصفرات المشبعات) التي لا ينفض صبغها كما فسره ابن حبيب عن مالك فإذا نفض كره للرجال والنساء لأن ما ينفض منه يشبه الطيب ( وهي محرمة ليس فيها زعفران) وكذا جاء عن أختها روى سعيد بن منصور عن القاسم بن محمد قال كانت عائشة تلبس الثياب المعصفرة وهي محرمة إسناده صحيح ( سئل مالك عن ثوب مسه طيب ثم ذهب منه ريح الطيب هل يحرم فيه فقال نعم ما لم يكن فيه صباغ زعفران أو ورس) فيحرم ولو ذهب ريحه على ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم ولا تلبسوا شيئًا مسه الزعفران ولا الورس وأجازه الشافعية إذا صار بحيث لو بل لم تفح له رائحة لحديث البخاري عن ابن عباس ولم ينه عن شيء من الثياب إلا المزعفرة التي تردع الجلد بمهملتين أي تلطخ وأما المغسول فمنعه مالك أيضًا وقال الجمهور إذا أذهب الغسل الرائحة جاز لما رواه يحيى الحماني بكسر المهملة وشد الميم في مسنده قال حدثنا أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر في حديث ما يلبس المحرم قال فيه ولا تلبسوا شيئًا مسه زعفران ولا ورس إلا أن يكون غسيلاً ولا حجة فيه لأن الحماني ضعيف وأبو معاوية وإن كان متقنًا لكن في حديثه عن غير الأعمش مقال فقال أحمد أبو معاوية مضطرب الحديث في عبيد الله ولم يجيء بهذه الزيادة غيره وتابع الحماني في روايته عنه عبد الرحمن بن صالح الأزدي، وفيه مقال.



رقم الحديث 725 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَا فَوْقَ الذَّقَنِ مِنَ الرَّأْسِ فَلَا يُخَمِّرْهُ الْمُحْرِمُ.


( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن القاسم بن محمد) بن الصديق ( أنه قال أخبرني الفرافصة) بضم الفاء وفتح الراء فألف ففاء فصاد مهملة ( ابن عمير) بضم العين ( الحنفي) اليماني المدني روى عن عمر وعثمان والزبير وعنه عبد الله بن أبي بكر والقاسم ويحيى أيضًا الراوي عنه هنا بواسطة ( أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج) بفتح العين المهملة وإسكان الراء وبالجيم قرية على ثلاثة مراحل من المدينة ( يغطي وجهه وهو محرم) وفي رواية عبد الله بن عامر بن ربيعة الآتية بعد أبواب قال رأيت عثمان بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان لأنه كان يرى ذلك جائزًا وكذا ابن عباس وابن عوف وابن الزبير وزيد بن ثابت وسعيد وجابر وبه قال الشافعي وقال ابن عمر يحرم تغطية الوجه وبه قال مالك وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن وفيه الفدية على مشهور المذهب وأنكر ما يخالفه ولا يجوز تغطية الرأس إجماعًا ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول ما فوق الذقن) بفتح الذال والقاف مجتمع لحيي الإنسان ( من الرأس فلا يخمره) لا يغطيه ( المحرم) وإلى هذا ذهب مالك وغيره أنه يحرم تغطية الوجه ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كفن ابنه واقد) بالقاف ( ابن عبد الله ومات بالجحفة) بضم الجيم وإسكان الحاء وفتح الفاء ( محرمًا وخمر رأسه ووجهه) غطاهما ( وقال لولا أنا حرم) بضمتين محرمون ( لطيبناه) بالحنوط ونحوه ( قال مالك وإنما يعمل الرجل) بالتكاليف ( ما دام حيًا فإذا مات فقد انقضى العمل) فلا يمتنع تطييب الميت المحرم ولا تغطية وجهه وبهذا قال أبو حنيفة وأتباعهما وأجابوا عن حديث ابن عباس في الصحيحين وقصت برجل محرم ناقته فقتلته فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه ولا تقربوه طيبًا فإنه يبعث ملبيًا بأنها واقعة عين لا عموم لها لأنه علل ذلك بقوله فإنه يبعث ملبيًا وهذا الأمر لا يتحقق في غيره وجوده فيكون خاصًا بذلك الرجل ولو استمر بقاؤه على إحرامه لأمر بقضاء بقية مناسكه ولو أريد التحريم في كل محرم لقال فإن المحرم كما قال إن الشهيد يبعث وجرحه يثعب دمًا وجواب من منع ذلك بأن الأصل أن كل ما ثبت لواحد في الزمن النبوي ثبت لغيره حتى يظهر التخصيص فيه تعسف إذ التخصيص ظاهر من التعليل والعدول عن أن يقول فإن المحرم سلمنا عدم ظهوره فوقائع العين لا عموم لها لما يطرقها من الاحتمال وذلك كافٍ من إبطال الاستدلال ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا تنتقب) بفوقيتين مفتوحتين بينهما نون ساكنة ثم قاف مكسورة مجزوم على النهي فتكسر لالتقاء الساكنين ويجوز رفعه خبر عن الحكم ( المرأة المحرمة) أي لا تلبس النقاب وهو الخمار الذي تشده المرأة على الأنف أو تحت المحاجر وإن قرب من العين حتى لا يبدو أجفانها فهو الوصواص بفتح الواو وسكون الصاد الأولى فإن نزل إلى طرف الأنف فهو اللفاف بكسر اللام وبالفاء فإن نزل إلى الفم ولم يكن على الأرنبة منه شيء فهو اللثام بالمثلثة ( ولا تلبس) بفتح الباء والجزم على النهي ويجوز رفعه ( القفازين) بضم القاف وشد الفاء تثنية قفاز بوزن رمان شيء يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسهما المرأة للبرد أو ما تلبسه المرأة في يدها فتغطي أصابعها وكفيها عند معاناة الشيء في غزل ونحوه فيحرم على المرأة المحرمة ستر وجهها وكفيها بقفازين أو أحدهما بأحدهما أو بغيرهما وهذا رواه مالك موقوفًا وتابعه عبيد الله العمري وليث بن أبي سليم وأيوب السختياني وموسى بن عقبة في إحدى الروايتين عنه كلهم عن نافع موقوفًا كما في البخاري وأبي داود وأخرجاه من طريق الليث عن نافع فجعله من جملة المرفوع في الحديث السابق فقال بعد قوله ولا ورس ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين وتابعه موسى بن عقبة وجويرية وابن إسحاق وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة لكن بينت رواية عبيد الله عن نافع عن ابن راهويه وابن خزيمة أنه مدرج من قول ابن عمر كما أشار إليه البخاري وأيده برواية مالك هذه واستشكل الحكم بالإدراج لأنه ورد النهي عن النقاب والقفاز مرفوعًا مفردًا رواه أبو داود عن إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين قال أبو داود إبراهيم شيخ مدني ليس له كثير حديث وقال ابن عدي ليس بالمعروف وقال في الميزان منكر الحديث غير معروف ولأنه ابتدأ بالنهي عنهما عند أحمد وأبي داود والحاكم من طريق ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب وتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب قال في الاقتراح دعوى الإدراج في أول المتن ضعيفة وأجيب بأن الثقات إذا اختلفوا وكان مع أحدهم زيادة قدمت ولا سيما إن كان حافظًا خصوصًا إن كان أحفظ والأمر هنا كذلك فإن عبيد الله بن عمر في نافع أحفظ من جميع من خالفه وقد فصل المرفوع من الموقوف وتقوى برواية مالك وهو أحفظ أصحاب نافع أما الذي ابتدأ في المرفوع بالموقوف فإنه من التصرف في الرواية بالمعنى فكأنه رأى أشياء متعاطفة فقدم وأخر لجواز ذلك عنده ومع الذي فصل زيادة علم فهو أولى كما قاله الحافظ ونحوه لشيخه الزين العراقي الحافظ في شرح الترمذي ( مالك عن هشام بن عروة عن) زوجته ( فاطمة بنت) عمه ( المنذر) بن الزبير ( أنها قالت كنا نخمر) نغطي ( وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق) جدتها وجدة زوجها زاد في رواية فلا تنكره علينا لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها أو ينظر لها بقصد لذة قال ابن المنذر أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف وإن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفًا تستر به عن نظر الرجال ولا تخمر إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر فذكر ما هنا ثم قال ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلاً كما جاء عن عائشة قالت كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بنا سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات فإذا جاوزنا رفعناه انتهى وحديث عائشة المذكور أخرجه هو وأبو داود وابن ماجه من طريق مجاهد عنها.


رقم الحديث 726 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنَهُ وَاقِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَمَاتَ بِالْجُحْفَةِ مُحْرِمًا وَخَمَّرَ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ،.

     وَقَالَ : لَوْلَا أَنَّا حُرُمٌ لَطَيَّبْنَاهُ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَعْمَلُ الرَّجُلُ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَقَدِ انْقَضَى الْعَمَلُ.


( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن القاسم بن محمد) بن الصديق ( أنه قال أخبرني الفرافصة) بضم الفاء وفتح الراء فألف ففاء فصاد مهملة ( ابن عمير) بضم العين ( الحنفي) اليماني المدني روى عن عمر وعثمان والزبير وعنه عبد الله بن أبي بكر والقاسم ويحيى أيضًا الراوي عنه هنا بواسطة ( أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج) بفتح العين المهملة وإسكان الراء وبالجيم قرية على ثلاثة مراحل من المدينة ( يغطي وجهه وهو محرم) وفي رواية عبد الله بن عامر بن ربيعة الآتية بعد أبواب قال رأيت عثمان بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان لأنه كان يرى ذلك جائزًا وكذا ابن عباس وابن عوف وابن الزبير وزيد بن ثابت وسعيد وجابر وبه قال الشافعي وقال ابن عمر يحرم تغطية الوجه وبه قال مالك وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن وفيه الفدية على مشهور المذهب وأنكر ما يخالفه ولا يجوز تغطية الرأس إجماعًا ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول ما فوق الذقن) بفتح الذال والقاف مجتمع لحيي الإنسان ( من الرأس فلا يخمره) لا يغطيه ( المحرم) وإلى هذا ذهب مالك وغيره أنه يحرم تغطية الوجه ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كفن ابنه واقد) بالقاف ( ابن عبد الله ومات بالجحفة) بضم الجيم وإسكان الحاء وفتح الفاء ( محرمًا وخمر رأسه ووجهه) غطاهما ( وقال لولا أنا حرم) بضمتين محرمون ( لطيبناه) بالحنوط ونحوه ( قال مالك وإنما يعمل الرجل) بالتكاليف ( ما دام حيًا فإذا مات فقد انقضى العمل) فلا يمتنع تطييب الميت المحرم ولا تغطية وجهه وبهذا قال أبو حنيفة وأتباعهما وأجابوا عن حديث ابن عباس في الصحيحين وقصت برجل محرم ناقته فقتلته فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه ولا تقربوه طيبًا فإنه يبعث ملبيًا بأنها واقعة عين لا عموم لها لأنه علل ذلك بقوله فإنه يبعث ملبيًا وهذا الأمر لا يتحقق في غيره وجوده فيكون خاصًا بذلك الرجل ولو استمر بقاؤه على إحرامه لأمر بقضاء بقية مناسكه ولو أريد التحريم في كل محرم لقال فإن المحرم كما قال إن الشهيد يبعث وجرحه يثعب دمًا وجواب من منع ذلك بأن الأصل أن كل ما ثبت لواحد في الزمن النبوي ثبت لغيره حتى يظهر التخصيص فيه تعسف إذ التخصيص ظاهر من التعليل والعدول عن أن يقول فإن المحرم سلمنا عدم ظهوره فوقائع العين لا عموم لها لما يطرقها من الاحتمال وذلك كافٍ من إبطال الاستدلال ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا تنتقب) بفوقيتين مفتوحتين بينهما نون ساكنة ثم قاف مكسورة مجزوم على النهي فتكسر لالتقاء الساكنين ويجوز رفعه خبر عن الحكم ( المرأة المحرمة) أي لا تلبس النقاب وهو الخمار الذي تشده المرأة على الأنف أو تحت المحاجر وإن قرب من العين حتى لا يبدو أجفانها فهو الوصواص بفتح الواو وسكون الصاد الأولى فإن نزل إلى طرف الأنف فهو اللفاف بكسر اللام وبالفاء فإن نزل إلى الفم ولم يكن على الأرنبة منه شيء فهو اللثام بالمثلثة ( ولا تلبس) بفتح الباء والجزم على النهي ويجوز رفعه ( القفازين) بضم القاف وشد الفاء تثنية قفاز بوزن رمان شيء يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسهما المرأة للبرد أو ما تلبسه المرأة في يدها فتغطي أصابعها وكفيها عند معاناة الشيء في غزل ونحوه فيحرم على المرأة المحرمة ستر وجهها وكفيها بقفازين أو أحدهما بأحدهما أو بغيرهما وهذا رواه مالك موقوفًا وتابعه عبيد الله العمري وليث بن أبي سليم وأيوب السختياني وموسى بن عقبة في إحدى الروايتين عنه كلهم عن نافع موقوفًا كما في البخاري وأبي داود وأخرجاه من طريق الليث عن نافع فجعله من جملة المرفوع في الحديث السابق فقال بعد قوله ولا ورس ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين وتابعه موسى بن عقبة وجويرية وابن إسحاق وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة لكن بينت رواية عبيد الله عن نافع عن ابن راهويه وابن خزيمة أنه مدرج من قول ابن عمر كما أشار إليه البخاري وأيده برواية مالك هذه واستشكل الحكم بالإدراج لأنه ورد النهي عن النقاب والقفاز مرفوعًا مفردًا رواه أبو داود عن إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين قال أبو داود إبراهيم شيخ مدني ليس له كثير حديث وقال ابن عدي ليس بالمعروف وقال في الميزان منكر الحديث غير معروف ولأنه ابتدأ بالنهي عنهما عند أحمد وأبي داود والحاكم من طريق ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب وتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب قال في الاقتراح دعوى الإدراج في أول المتن ضعيفة وأجيب بأن الثقات إذا اختلفوا وكان مع أحدهم زيادة قدمت ولا سيما إن كان حافظًا خصوصًا إن كان أحفظ والأمر هنا كذلك فإن عبيد الله بن عمر في نافع أحفظ من جميع من خالفه وقد فصل المرفوع من الموقوف وتقوى برواية مالك وهو أحفظ أصحاب نافع أما الذي ابتدأ في المرفوع بالموقوف فإنه من التصرف في الرواية بالمعنى فكأنه رأى أشياء متعاطفة فقدم وأخر لجواز ذلك عنده ومع الذي فصل زيادة علم فهو أولى كما قاله الحافظ ونحوه لشيخه الزين العراقي الحافظ في شرح الترمذي ( مالك عن هشام بن عروة عن) زوجته ( فاطمة بنت) عمه ( المنذر) بن الزبير ( أنها قالت كنا نخمر) نغطي ( وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق) جدتها وجدة زوجها زاد في رواية فلا تنكره علينا لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها أو ينظر لها بقصد لذة قال ابن المنذر أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف وإن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفًا تستر به عن نظر الرجال ولا تخمر إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر فذكر ما هنا ثم قال ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلاً كما جاء عن عائشة قالت كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بنا سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات فإذا جاوزنا رفعناه انتهى وحديث عائشة المذكور أخرجه هو وأبو داود وابن ماجه من طريق مجاهد عنها.


رقم الحديث 727 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ.


( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن القاسم بن محمد) بن الصديق ( أنه قال أخبرني الفرافصة) بضم الفاء وفتح الراء فألف ففاء فصاد مهملة ( ابن عمير) بضم العين ( الحنفي) اليماني المدني روى عن عمر وعثمان والزبير وعنه عبد الله بن أبي بكر والقاسم ويحيى أيضًا الراوي عنه هنا بواسطة ( أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج) بفتح العين المهملة وإسكان الراء وبالجيم قرية على ثلاثة مراحل من المدينة ( يغطي وجهه وهو محرم) وفي رواية عبد الله بن عامر بن ربيعة الآتية بعد أبواب قال رأيت عثمان بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان لأنه كان يرى ذلك جائزًا وكذا ابن عباس وابن عوف وابن الزبير وزيد بن ثابت وسعيد وجابر وبه قال الشافعي وقال ابن عمر يحرم تغطية الوجه وبه قال مالك وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن وفيه الفدية على مشهور المذهب وأنكر ما يخالفه ولا يجوز تغطية الرأس إجماعًا ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول ما فوق الذقن) بفتح الذال والقاف مجتمع لحيي الإنسان ( من الرأس فلا يخمره) لا يغطيه ( المحرم) وإلى هذا ذهب مالك وغيره أنه يحرم تغطية الوجه ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كفن ابنه واقد) بالقاف ( ابن عبد الله ومات بالجحفة) بضم الجيم وإسكان الحاء وفتح الفاء ( محرمًا وخمر رأسه ووجهه) غطاهما ( وقال لولا أنا حرم) بضمتين محرمون ( لطيبناه) بالحنوط ونحوه ( قال مالك وإنما يعمل الرجل) بالتكاليف ( ما دام حيًا فإذا مات فقد انقضى العمل) فلا يمتنع تطييب الميت المحرم ولا تغطية وجهه وبهذا قال أبو حنيفة وأتباعهما وأجابوا عن حديث ابن عباس في الصحيحين وقصت برجل محرم ناقته فقتلته فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه ولا تقربوه طيبًا فإنه يبعث ملبيًا بأنها واقعة عين لا عموم لها لأنه علل ذلك بقوله فإنه يبعث ملبيًا وهذا الأمر لا يتحقق في غيره وجوده فيكون خاصًا بذلك الرجل ولو استمر بقاؤه على إحرامه لأمر بقضاء بقية مناسكه ولو أريد التحريم في كل محرم لقال فإن المحرم كما قال إن الشهيد يبعث وجرحه يثعب دمًا وجواب من منع ذلك بأن الأصل أن كل ما ثبت لواحد في الزمن النبوي ثبت لغيره حتى يظهر التخصيص فيه تعسف إذ التخصيص ظاهر من التعليل والعدول عن أن يقول فإن المحرم سلمنا عدم ظهوره فوقائع العين لا عموم لها لما يطرقها من الاحتمال وذلك كافٍ من إبطال الاستدلال ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا تنتقب) بفوقيتين مفتوحتين بينهما نون ساكنة ثم قاف مكسورة مجزوم على النهي فتكسر لالتقاء الساكنين ويجوز رفعه خبر عن الحكم ( المرأة المحرمة) أي لا تلبس النقاب وهو الخمار الذي تشده المرأة على الأنف أو تحت المحاجر وإن قرب من العين حتى لا يبدو أجفانها فهو الوصواص بفتح الواو وسكون الصاد الأولى فإن نزل إلى طرف الأنف فهو اللفاف بكسر اللام وبالفاء فإن نزل إلى الفم ولم يكن على الأرنبة منه شيء فهو اللثام بالمثلثة ( ولا تلبس) بفتح الباء والجزم على النهي ويجوز رفعه ( القفازين) بضم القاف وشد الفاء تثنية قفاز بوزن رمان شيء يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسهما المرأة للبرد أو ما تلبسه المرأة في يدها فتغطي أصابعها وكفيها عند معاناة الشيء في غزل ونحوه فيحرم على المرأة المحرمة ستر وجهها وكفيها بقفازين أو أحدهما بأحدهما أو بغيرهما وهذا رواه مالك موقوفًا وتابعه عبيد الله العمري وليث بن أبي سليم وأيوب السختياني وموسى بن عقبة في إحدى الروايتين عنه كلهم عن نافع موقوفًا كما في البخاري وأبي داود وأخرجاه من طريق الليث عن نافع فجعله من جملة المرفوع في الحديث السابق فقال بعد قوله ولا ورس ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين وتابعه موسى بن عقبة وجويرية وابن إسحاق وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة لكن بينت رواية عبيد الله عن نافع عن ابن راهويه وابن خزيمة أنه مدرج من قول ابن عمر كما أشار إليه البخاري وأيده برواية مالك هذه واستشكل الحكم بالإدراج لأنه ورد النهي عن النقاب والقفاز مرفوعًا مفردًا رواه أبو داود عن إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين قال أبو داود إبراهيم شيخ مدني ليس له كثير حديث وقال ابن عدي ليس بالمعروف وقال في الميزان منكر الحديث غير معروف ولأنه ابتدأ بالنهي عنهما عند أحمد وأبي داود والحاكم من طريق ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب وتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب قال في الاقتراح دعوى الإدراج في أول المتن ضعيفة وأجيب بأن الثقات إذا اختلفوا وكان مع أحدهم زيادة قدمت ولا سيما إن كان حافظًا خصوصًا إن كان أحفظ والأمر هنا كذلك فإن عبيد الله بن عمر في نافع أحفظ من جميع من خالفه وقد فصل المرفوع من الموقوف وتقوى برواية مالك وهو أحفظ أصحاب نافع أما الذي ابتدأ في المرفوع بالموقوف فإنه من التصرف في الرواية بالمعنى فكأنه رأى أشياء متعاطفة فقدم وأخر لجواز ذلك عنده ومع الذي فصل زيادة علم فهو أولى كما قاله الحافظ ونحوه لشيخه الزين العراقي الحافظ في شرح الترمذي ( مالك عن هشام بن عروة عن) زوجته ( فاطمة بنت) عمه ( المنذر) بن الزبير ( أنها قالت كنا نخمر) نغطي ( وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق) جدتها وجدة زوجها زاد في رواية فلا تنكره علينا لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها أو ينظر لها بقصد لذة قال ابن المنذر أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف وإن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفًا تستر به عن نظر الرجال ولا تخمر إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر فذكر ما هنا ثم قال ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلاً كما جاء عن عائشة قالت كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بنا سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات فإذا جاوزنا رفعناه انتهى وحديث عائشة المذكور أخرجه هو وأبو داود وابن ماجه من طريق مجاهد عنها.


رقم الحديث 728 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ، وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.


( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن القاسم بن محمد) بن الصديق ( أنه قال أخبرني الفرافصة) بضم الفاء وفتح الراء فألف ففاء فصاد مهملة ( ابن عمير) بضم العين ( الحنفي) اليماني المدني روى عن عمر وعثمان والزبير وعنه عبد الله بن أبي بكر والقاسم ويحيى أيضًا الراوي عنه هنا بواسطة ( أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج) بفتح العين المهملة وإسكان الراء وبالجيم قرية على ثلاثة مراحل من المدينة ( يغطي وجهه وهو محرم) وفي رواية عبد الله بن عامر بن ربيعة الآتية بعد أبواب قال رأيت عثمان بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان لأنه كان يرى ذلك جائزًا وكذا ابن عباس وابن عوف وابن الزبير وزيد بن ثابت وسعيد وجابر وبه قال الشافعي وقال ابن عمر يحرم تغطية الوجه وبه قال مالك وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن وفيه الفدية على مشهور المذهب وأنكر ما يخالفه ولا يجوز تغطية الرأس إجماعًا ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول ما فوق الذقن) بفتح الذال والقاف مجتمع لحيي الإنسان ( من الرأس فلا يخمره) لا يغطيه ( المحرم) وإلى هذا ذهب مالك وغيره أنه يحرم تغطية الوجه ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كفن ابنه واقد) بالقاف ( ابن عبد الله ومات بالجحفة) بضم الجيم وإسكان الحاء وفتح الفاء ( محرمًا وخمر رأسه ووجهه) غطاهما ( وقال لولا أنا حرم) بضمتين محرمون ( لطيبناه) بالحنوط ونحوه ( قال مالك وإنما يعمل الرجل) بالتكاليف ( ما دام حيًا فإذا مات فقد انقضى العمل) فلا يمتنع تطييب الميت المحرم ولا تغطية وجهه وبهذا قال أبو حنيفة وأتباعهما وأجابوا عن حديث ابن عباس في الصحيحين وقصت برجل محرم ناقته فقتلته فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه ولا تقربوه طيبًا فإنه يبعث ملبيًا بأنها واقعة عين لا عموم لها لأنه علل ذلك بقوله فإنه يبعث ملبيًا وهذا الأمر لا يتحقق في غيره وجوده فيكون خاصًا بذلك الرجل ولو استمر بقاؤه على إحرامه لأمر بقضاء بقية مناسكه ولو أريد التحريم في كل محرم لقال فإن المحرم كما قال إن الشهيد يبعث وجرحه يثعب دمًا وجواب من منع ذلك بأن الأصل أن كل ما ثبت لواحد في الزمن النبوي ثبت لغيره حتى يظهر التخصيص فيه تعسف إذ التخصيص ظاهر من التعليل والعدول عن أن يقول فإن المحرم سلمنا عدم ظهوره فوقائع العين لا عموم لها لما يطرقها من الاحتمال وذلك كافٍ من إبطال الاستدلال ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا تنتقب) بفوقيتين مفتوحتين بينهما نون ساكنة ثم قاف مكسورة مجزوم على النهي فتكسر لالتقاء الساكنين ويجوز رفعه خبر عن الحكم ( المرأة المحرمة) أي لا تلبس النقاب وهو الخمار الذي تشده المرأة على الأنف أو تحت المحاجر وإن قرب من العين حتى لا يبدو أجفانها فهو الوصواص بفتح الواو وسكون الصاد الأولى فإن نزل إلى طرف الأنف فهو اللفاف بكسر اللام وبالفاء فإن نزل إلى الفم ولم يكن على الأرنبة منه شيء فهو اللثام بالمثلثة ( ولا تلبس) بفتح الباء والجزم على النهي ويجوز رفعه ( القفازين) بضم القاف وشد الفاء تثنية قفاز بوزن رمان شيء يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسهما المرأة للبرد أو ما تلبسه المرأة في يدها فتغطي أصابعها وكفيها عند معاناة الشيء في غزل ونحوه فيحرم على المرأة المحرمة ستر وجهها وكفيها بقفازين أو أحدهما بأحدهما أو بغيرهما وهذا رواه مالك موقوفًا وتابعه عبيد الله العمري وليث بن أبي سليم وأيوب السختياني وموسى بن عقبة في إحدى الروايتين عنه كلهم عن نافع موقوفًا كما في البخاري وأبي داود وأخرجاه من طريق الليث عن نافع فجعله من جملة المرفوع في الحديث السابق فقال بعد قوله ولا ورس ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين وتابعه موسى بن عقبة وجويرية وابن إسحاق وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة لكن بينت رواية عبيد الله عن نافع عن ابن راهويه وابن خزيمة أنه مدرج من قول ابن عمر كما أشار إليه البخاري وأيده برواية مالك هذه واستشكل الحكم بالإدراج لأنه ورد النهي عن النقاب والقفاز مرفوعًا مفردًا رواه أبو داود عن إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين قال أبو داود إبراهيم شيخ مدني ليس له كثير حديث وقال ابن عدي ليس بالمعروف وقال في الميزان منكر الحديث غير معروف ولأنه ابتدأ بالنهي عنهما عند أحمد وأبي داود والحاكم من طريق ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب وتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب قال في الاقتراح دعوى الإدراج في أول المتن ضعيفة وأجيب بأن الثقات إذا اختلفوا وكان مع أحدهم زيادة قدمت ولا سيما إن كان حافظًا خصوصًا إن كان أحفظ والأمر هنا كذلك فإن عبيد الله بن عمر في نافع أحفظ من جميع من خالفه وقد فصل المرفوع من الموقوف وتقوى برواية مالك وهو أحفظ أصحاب نافع أما الذي ابتدأ في المرفوع بالموقوف فإنه من التصرف في الرواية بالمعنى فكأنه رأى أشياء متعاطفة فقدم وأخر لجواز ذلك عنده ومع الذي فصل زيادة علم فهو أولى كما قاله الحافظ ونحوه لشيخه الزين العراقي الحافظ في شرح الترمذي ( مالك عن هشام بن عروة عن) زوجته ( فاطمة بنت) عمه ( المنذر) بن الزبير ( أنها قالت كنا نخمر) نغطي ( وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق) جدتها وجدة زوجها زاد في رواية فلا تنكره علينا لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها أو ينظر لها بقصد لذة قال ابن المنذر أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف وإن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفًا تستر به عن نظر الرجال ولا تخمر إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر فذكر ما هنا ثم قال ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلاً كما جاء عن عائشة قالت كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بنا سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات فإذا جاوزنا رفعناه انتهى وحديث عائشة المذكور أخرجه هو وأبو داود وابن ماجه من طريق مجاهد عنها.