فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي دِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ

رقم الحديث 1589 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَضَى أَنَّ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ إِذَا قُتِلَ أَحَدُهُمَا مِثْلُ نِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، إِلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ مُسْلِمٌ قَتْلَ غِيلَةٍ فَيُقْتَلُ بِهِ.


( ما جاء في دية أهل الذمة)

( مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز قضى أن دية اليهودي أو النصراني إذا قتل) بالبناء للمفعول نائبه ( أحدهما مثل نصف دية الحر المسلم) لقوله صلى الله عليه وسلم عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين رواه النسائي وهو في الترمذي بلفظ عقل الكافر نصف عقل المسلم ( مالك الأمر عندنا أنه لا يقتل مسلم) ولو رقيقًا ( بكافر) ولو حرًا لقوله صلى الله عليه وسلم لا يقتل مسلم بكافر أخرجه البخاري عن علي وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر وإليه ذهب الجمهور وقال الحنفية يقتل به تمسكًا بظاهر آية { { النفس بالنفس } } ورد بأنها مخصوصة بالمساوئ عملاً بالحديث وفي سنن البيهقي عن ابن مهدي عن ابن زياد قلت لزفر تقولون تدرأ الحدود بالشبهات وأقدمتم على أعظم الشبهات قال وما هو قلت قتل مسلم بكافر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يقتل مسلم بكافر قال أشهد على رجوعي عنه ( إلا أن يقتله مسلم قتل غيلة) بكسر المعجمة وسكون التحتية أي خديعة بأن خدعه حتى ذهب به إلى موضع فقتله ( فيقتل به) لأن القتل فيها لأجل الفساد لا للقصاص فلو عفا ولي الدم عن القاتل لم يعتبر ويقتل ( مالك عن يحيى بن سعيد أن سليمان بن يسار كان يقول دية المجوسي ثماني مائة درهم) فهي ثلث خمس دية المسلم ( قال مالك وهو الأمر عندنا) بالمدينة ( وجراح اليهودي والنصراني والمجوسي في دياتهم على حساب جراح المسلمين في دياتهم الموضحة نصف عشر ديته والمأمومة ثلث ديته والجائفة ثلث ديته فعلى حساب ذلك جراحاتهم كلها) يعمل.



رقم الحديث 1589 قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْمُدَبَّرِ.
أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَبِيعُهُ.
وَلَا يُحَوِّلُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ.
وَأَنَّهُ إِنْ رَهِقَ سَيِّدَهُ دَيْنٌ، فَإِنَّ غُرَمَاءَهُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى بَيْعِهِ، مَا عَاشَ سَيِّدُهُ.
فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي ثُلُثِهِ.
لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى عَلَيْهِ عَمَلَهُ مَا عَاشَ.
فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدُمَهُ حَيَاتَهُ.
ثُمَّ يُعْتِقَهُ عَلَى وَرَثَتِهِ، إِذَا مَاتَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ.
وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، عَتَقَ ثُلُثُهُ.
وَكَانَ ثُلُثَاهُ لِوَرَثَتِهِ.
فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِالْمُدَبَّرِ، بِيعَ فِي دَيْنِهِ.
لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْتِقُ فِي الثُّلُثِ.
قَالَ: فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يُحِيطُ إِلَّا بِنِصْفِ الْعَبْدِ.
بِيعَ نِصْفُهُ لِلدَّيْنِ.
ثُمَّ عَتَقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ.
وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُدَبَّرُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ.
أَوْ يُعْطِيَ أَحَدٌ سَيِّدَ الْمُدَبَّرِ مَالًا.
وَيُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ.
فَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ: وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ.
لِأَنَّهُ غَرَرٌ إِذْ لَا يُدْرَى كَمْ يَعِيشُ سَيِّدُهُ فَذَلِكَ غَرَرٌ لَا يَصْلُحُ وقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ.
فَيُدَبِّرُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ: إِنَّهُمَا يَتَقَاوَمَانِهِ.
فَإِنِ اشْتَرَاهُ الَّذِي دَبَّرَهُ كَانَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ.
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ انْتَقَضَ تَدْبِيرُهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ أَنْ يُعْطِيَهُ شَرِيكَهُ الَّذِي دَبَّرَهُ بِقِيمَتِهِ.
فَإِنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ بِقِيمَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ.
وَكَانَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ وقَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ قَالَ مَالِكٌ: يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ.
وَيُخَارَجُ عَلَى سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ.
وَلَا يُبَاعُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ.
فَإِنْ هَلَكَ النَّصْرَانِيُّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، قُضِيَ دَيْنُهُ مِنْ ثَمَنِ الْمُدَبَّرِ.
إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَالِهِ مَا يَحْمِلُ الدَّيْنَ.
فَيَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ.



بيع المدبر

( مالك الأمر المجتمع عليه عندنا في المدبر أن صاحبه لا يبيعه ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه) بنحو هبة أو صدقة وبهذا قال جمهور العلماء والسلف من الحجازيين والشاميين والكوفيين لحديث ابن عمر رفعه المدبر لا يباع ولا يوهب وهو حر من الثلث أخرجه الدارقطني وضعفه هو وابن عبد البر وغيرهما وقالوا الصحيح أنه موقوف على ابن عمر لكنه اعتضد بإجماع أهل المدينة عليه وحديث الصحيحين عن جابر قال أعتق رجل منا عبدا له عن دبر ولم يكن له مال غيره فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فباعه فاشتراه نعيم بن النحام بثمانمائة فدفعها إليه أجيب عنه بأنه إنما باعه لأنه كان عليه دين ففي رواية النسائي للحديث زيادة وهي وكان عليه دين وفيه فأعطاه فقال اقض دينك ولا يعارضه رواية مسلم فقال ابدأ بنفسك فتصدق عليها لأن من جملة صدقته عليها قضاء دينه وحاصل الجواب أنها واقعة عين لا عموم لها فتحمل على بعض الصور وهو تخصيص الجواز بما إذا كان عليه دين وورد كذلك في بعض طرق الحديث عند النسائي أي فتعين المصير لذلك ( وإنه إن رهق) بكسر الهاء أي غشى ( سيده دين) بعد التدبير ( فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه ما عاش سيده فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه لأنه استثنى عليه عمله ما عاش فليس له أن يخدمه حياته ثم يعتقه على ورثته إذا مات من رأس ماله) لأنه يظلمهم لو كان كذلك ( وإن مات سيد المدبر ولا مال له غيره عتق ثلثه وكان ثلثاه لورثته) لأن التدبير في الثلث ( فإن مات سيد المدبر وعليه دين يحيط بالمدبر بيع في دينه لأنه إنما يعتق في الثلث) والمحيط لا ثلث له ( فإن كان الدين لا يحيط إلا بنصف العبد بيع نصفه للدين ثم عتق ثلث ما بقي بعد الدين) وهو سدسه ويرق الثلث للورثة ( قال مالك لا يجوز) أي يحرم ( بيع المدبر) لأن فيه إرقاقه بعد جريان شائبة الحربة فيه والشرع متشوف للحرية ( ولا يجوز لأحد أن يشتريه) ذكره وإن علم من لفظ بيع لقوله ( إلا أن يشتري المدبر نفسه من سيده فيكون ذلك جائزا له) لأنه إذا ملك نفسه عتق ناجزا وهو خير من التدبير ( أو يعطي أحد سيد المدبر مالا ويعتقه سيده الذي دبره فذلك يجوز له أيضا) لتنجيز العتق ( وولاؤه لسيده الذي دبره) لأنه الذي عقد ذلك لا لمن أعطى المال لأنه ليس ببيع وإنما هو على التنجيز ولذا كان الولاء له ( ولا يجوز بيع خدمة المدبر لأنه غرر إذ لا يدري كم يعيش سيده فذلك غرر لا يصلح) من الصلاح ضد الفساد فهو باطل لفساده بالغرر ولذا تعقب من أجاب عن حديث بيع النبي صلى الله عليه وسلم المدبر بأنه لم يبع رقبته وإنما باع خدمته لأن المانعين من بيع رقبته لا يجيزون بيع خدمته أيضا وما روي عن أبي جعفر إنما باع صلى الله عليه وسلم خدمة المدبر مرسل ضعيف لا حجة فيه وروي عنه موصولا ولا يصح به ( مالك في العبد يكون بين الرجلين فيدبر أحدهما حصته أنهما يتقاومانه فإن اشتراه الذي دبره كان مدبرا كله وإن لم يشتره) بل اشتراه شريكه ( انتقض تدبيره) مراعاة لحق الشريك وهذا أمر جر إليه حكم التقويم فليس يناقض قوله لا يجوز بيع المدبر كما زعم ( إلا أن يشاء الذي بقي له فيه الرق أن يعطيه شريكه الذي دبره بقيمته فإن أعطاه إياه بقيمته لزمه ذلك وكان مدبرا كله) فإن مات مدبر نصفه عتق نصفه ولم يقوم النصف لأنه صار للورثة ( وفي رجل نصراني دبر عبدا له نصرانيا فأسلم العبد قال مالك يحال بينه وبين العبد) لئلا يستخدم الكافر المسلم ( ويخارج على سيده النصراني) أي يجعل له عليه خراج ( ولا يباع عليه) لأنه جرى فيه عقد حرية ( حتى يتبين أمره فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر إلا أن يكون في ماله ما يحمل الدين) يسعه ( فيعتق المدبر) من ثلث الباقي.



رقم الحديث 1590 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، كَانَ يَقُولُ: دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِيَ مِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَجِرَاحُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ فِي دِيَاتِهِمْ عَلَى حِسَابِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِي دِيَاتِهِمُ الْمُوضِحَةُ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ، وَالْمَأْمُومَةُ ثُلُثُ دِيَتِهِ، وَالْجَائِفَةُ ثُلُثُ دِيَتِهِ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ جِرَاحَاتُهُمْ كُلُّهَا.


( ما جاء في دية أهل الذمة)

( مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز قضى أن دية اليهودي أو النصراني إذا قتل) بالبناء للمفعول نائبه ( أحدهما مثل نصف دية الحر المسلم) لقوله صلى الله عليه وسلم عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين رواه النسائي وهو في الترمذي بلفظ عقل الكافر نصف عقل المسلم ( مالك الأمر عندنا أنه لا يقتل مسلم) ولو رقيقًا ( بكافر) ولو حرًا لقوله صلى الله عليه وسلم لا يقتل مسلم بكافر أخرجه البخاري عن علي وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر وإليه ذهب الجمهور وقال الحنفية يقتل به تمسكًا بظاهر آية { { النفس بالنفس } } ورد بأنها مخصوصة بالمساوئ عملاً بالحديث وفي سنن البيهقي عن ابن مهدي عن ابن زياد قلت لزفر تقولون تدرأ الحدود بالشبهات وأقدمتم على أعظم الشبهات قال وما هو قلت قتل مسلم بكافر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يقتل مسلم بكافر قال أشهد على رجوعي عنه ( إلا أن يقتله مسلم قتل غيلة) بكسر المعجمة وسكون التحتية أي خديعة بأن خدعه حتى ذهب به إلى موضع فقتله ( فيقتل به) لأن القتل فيها لأجل الفساد لا للقصاص فلو عفا ولي الدم عن القاتل لم يعتبر ويقتل ( مالك عن يحيى بن سعيد أن سليمان بن يسار كان يقول دية المجوسي ثماني مائة درهم) فهي ثلث خمس دية المسلم ( قال مالك وهو الأمر عندنا) بالمدينة ( وجراح اليهودي والنصراني والمجوسي في دياتهم على حساب جراح المسلمين في دياتهم الموضحة نصف عشر ديته والمأمومة ثلث ديته والجائفة ثلث ديته فعلى حساب ذلك جراحاتهم كلها) يعمل.