فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ

رقم الحديث 341 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَصَلَاةَ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا.
فَإِنَّمَا نَفْعَلُ، كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ.


( مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ) وهو أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بفتح الهمزة وكسر السين على الأفصح.
وقيل بضمها وفتح السين ابن أبي العيص بكسر العين المهملة المكي ثقة روى له النسائي وابن ماجه.
قال ابن عبد البر: لم يقم مالك إسناد هذا الحديث لإبهام الرجل، ولأنه أسقط منه رجلاً فقد رواه معمر والليث بن سعد ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أمية بن عبد الله بن خالد انتهى.
ومن طريق الليث أخرجه النسائي وابن ماجه.

( أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ) كنيته ( إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَصَلَاةَ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ) أي قصر الصلاة في سفر الأمن لأن الله تعالى قال: { { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } } ثم قال: { { فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ } } أي أتموها.

( فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ) فبين له أن القصر في سفر الأمن ثابت بالسنة لا بالقرآن، وفي رواية فقال ابن عمر: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي مسلم عن يعلى بن أمية قلت لعمر: إنما قال الله تعالى: { { إِنْ خِفْتُمْ } } وقد أمن الناس فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته فأفاد صلى الله عليه وسلم أن الشرط في الآية لبيان الواقع وقت النزول فلا مفهوم له.

وقال ابن عباس: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئًا ركعتين ركعتين.
قال الباجي: فتأوّل عمر وابنه والسائل لهما أن الآية تدل على القصر الذي هو ردّ الرباعية إلى ركعتين.
وقال ابن حبيب وغير واحد: معنى القصر في الآية في الخوف الترتيب وتخفيف الركوع والسجود والقراءة، والأوّل أظهر في عرف اللغة.

( مَالِكٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ) بفتح الكاف وسكون التحتية المدني مؤدّب ولد عمر بن عبد العزيز ثقة ثبت فقيه مات بعد سنة ثلاثين أو بعد أربعين ومائة له في الموطأ حديثان مسندان، وذكر الحاكم أنه عاش مائة ونيفًا وستين سنة ولقي جماعة من الصحابة ثم بعد ذلك تلمذ للزهري وتلقن عنه العلم وهو ابن تسعين سنة.

قال الحافظ في تهذيب التهذيب: وهذه مجازفة قبيحة مقتضاها أن يكون صالح ولد قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم وما أدري من أين وقع ذلك للحاكم ولو كان طلب العلم كما حدد الحاكم لكان قد أخذ عن سعد بن أبي وقاص وعائشة، وقد قال ابن المديني: أنه لم يلحق عقبة بن عامر انتهى.

( عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ) وللتنيسي: فرض الله الصلاة حين فرضها ( رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) بالتكرير لإفادة عموم التثنية لكل صلاة ( فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ) زاد ابن إسحاق قال: حدّثني صالح بن كيسان المدني بهذا الإسناد إلا المغرب، فإنها كانت ثلاثًا أخرجه أحمد من طريقه ( فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ) ركعتين ركعتين ( وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ) بعد الهجرة، ففي البخاري من رواية الزهري عن عروة عن عائشة: فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعًا.

وروى ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين، فلما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب لأنها وتر النهار، واحتج بظاهر هذا الحنفية وموافقوهم على أن القصر في السفر عزيمة لا رخصة، واستدل مخالفوهم بقوله تعالى: { { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ } } لأن نفي الجناح لا يدل على العزيمة والقصر إنما يكون من شيء أطول منه، وبقوله صلى الله عليه وسلم: صدقة تصدق الله بها عليكم فالمفروض الأربع إلا أنه رخص بأداء ركعتين.
وأجابوا عن حديث عائشة بأنه غير مرفوع وبأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة.

قال الخطابي وغيره، قال الحافظ: وفيه نظر لأنه مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع وعلى تسليم أنها لم تدرك القصة يكون مرسل صحابي وهو حجة لأنه يحمل على أنها أخذته عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي أدرك ذلك، وقول إمام الحرمين: لو ثبت لنقل متواترًا فيه نظر أيضًا لأن المتواتر في مثل هذا لا يلزم، والذي يظهر وبه تجتمع الأدلة أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة إلا الصبح ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول { { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ } }

ويؤيد ذلك ما ذكره ابن الأثير في شرح المسند أن قصر الصلاة كان في السنة الرابعة من الهجرة وهو مأخوذ من قول غيره أن نزول آية الخوف كان فيها.
وذكر الدولابي أن القصر كان في ربيع الآخر من السنة الثانية، وذكره السهيلي بلفظ بعد الهجرة بعام أو نحوه، وقيل بعد الهجرة بأربعين يومًا، فعلى هذا المراد بقول عائشة فأقرت صلاة السفر أي باعتبار ما آل إليه الأمر من التخفيف لأنها استمرت منذ فرضت فلا يلزم من ذلك أن القصر عزيمة كما يقوله الحنفية، وقد ألزموا على قاعدتهم إذا عارض رأي الصحابي روايته فالعبرة عندهم برأيه لا بمرويه، وخالفوا ذلك هنا فقد ثبت أن عائشة كانت تتم في السفر، والجواب عنهم أن عروة الراوي عنها قال لما سأله الزهري عن إتمامها في السفر إنها تأولت كما تأول عثمان فروايتها صحيحة ورأيها مبني على ما تأولت فلا تعارض بينهما.
وقد اختلف فيما تأولا فقيل رأيا أنه صلى الله عليه وسلم إنما قصر أخذًا بالأيسر من ذلك على أمته فأخذا أنفسهما بالشدّة صححه ابن بطال وجماعة آخرهم القرطبي.

وروى ابن خزيمة أن عائشة كانت تتم فإذا احتجوا عليها تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حرب وكان يخاف فهل تخافون أنتم؟.

وروى البيهقي بسند صحيح عن عروة أن عائشة كانت تصلي في السفر أربعًا فقلت لها: لو صليت ركعتين.
فقالت: يا ابن أختي إنه لا يشق علي، وهذا يدل على أنها تأولت أن القصر رخصة وأن الإتمام لمن لا يشق عليه أفضل.
وقال النووي: الصحيح الذي عليه المحققون أن عثمان وعائشة رأيا القصر جائزًا والإتمام جائزًا فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام انتهى.

وروى الطبراني وأبو يعلى بإسناد جيد عن أبي هريرة أنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر، وكلهم كان يصلي ركعتين من حين يخرج من المدينة إلى مكة حتى يرجع إلى المدينة في السير.
وفي المقام بمكة.

وحديث الباب رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاري ( أَنَّهُ قَالَ لِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَشَدَّ مَا رَأَيْتَ أَبَاكَ) ابن عمر ( أَخَّرَ الْمَغْرِبَ فِي السَّفَرِ) قال الباجي: أراد أن يعرف آخر وقتها المختار ( فَقَالَ سَالِمٌ: غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ بِذَاتِ الْجَيْشِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ بِالْعَقِيقِ) وبينهما اثنا عشر ميلاً.
وقال ابن وضاح: سبعة أميال، وقال ابن وهب: ستة، وقال القعنبي: ذات الجيش على بريدين من المدينة ووقع هذا الأثر هنا وهو من معنى الباب قبله قاله في الاستذكار وفي المنتقى، وحمل ذلك على المعروف من سير من جدّ.
وقال البوني في رواية يحيى وبينهما ميلان أو أكثر قليلاً، وفي رواية ابن القاسم عشرة أميال، وفي شرحي الموطأ لابن سحنون وابن حبيب عن ابن القاسم وشرحه لابن الموّاز عن ابن وهب إنما أخّر ابن عمر المغرب لالتماس الماء، وهذا يدل على أنّ ابن عمر لا يتيمم في أوّل الوقت إذا رجا الماء، وما مرّ عنه أنه تيمم للعصر أوّل الوقت فلأنه قدّر أنه لا يدخل المدينة إلا بعد الاصفرار أو كان على وضوء وكان يستحب الوضوء لكل صلاة، فلما عدم الماء تيمم على ما ذكر سحنون أو أنه يرى جواز التقديم والتأخير للراجي.



رقم الحديث 342 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ.


( مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ) وهو أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بفتح الهمزة وكسر السين على الأفصح.
وقيل بضمها وفتح السين ابن أبي العيص بكسر العين المهملة المكي ثقة روى له النسائي وابن ماجه.
قال ابن عبد البر: لم يقم مالك إسناد هذا الحديث لإبهام الرجل، ولأنه أسقط منه رجلاً فقد رواه معمر والليث بن سعد ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أمية بن عبد الله بن خالد انتهى.
ومن طريق الليث أخرجه النسائي وابن ماجه.

( أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ) كنيته ( إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَصَلَاةَ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ) أي قصر الصلاة في سفر الأمن لأن الله تعالى قال: { { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } } ثم قال: { { فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ } } أي أتموها.

( فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ) فبين له أن القصر في سفر الأمن ثابت بالسنة لا بالقرآن، وفي رواية فقال ابن عمر: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي مسلم عن يعلى بن أمية قلت لعمر: إنما قال الله تعالى: { { إِنْ خِفْتُمْ } } وقد أمن الناس فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته فأفاد صلى الله عليه وسلم أن الشرط في الآية لبيان الواقع وقت النزول فلا مفهوم له.

وقال ابن عباس: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئًا ركعتين ركعتين.
قال الباجي: فتأوّل عمر وابنه والسائل لهما أن الآية تدل على القصر الذي هو ردّ الرباعية إلى ركعتين.
وقال ابن حبيب وغير واحد: معنى القصر في الآية في الخوف الترتيب وتخفيف الركوع والسجود والقراءة، والأوّل أظهر في عرف اللغة.

( مَالِكٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ) بفتح الكاف وسكون التحتية المدني مؤدّب ولد عمر بن عبد العزيز ثقة ثبت فقيه مات بعد سنة ثلاثين أو بعد أربعين ومائة له في الموطأ حديثان مسندان، وذكر الحاكم أنه عاش مائة ونيفًا وستين سنة ولقي جماعة من الصحابة ثم بعد ذلك تلمذ للزهري وتلقن عنه العلم وهو ابن تسعين سنة.

قال الحافظ في تهذيب التهذيب: وهذه مجازفة قبيحة مقتضاها أن يكون صالح ولد قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم وما أدري من أين وقع ذلك للحاكم ولو كان طلب العلم كما حدد الحاكم لكان قد أخذ عن سعد بن أبي وقاص وعائشة، وقد قال ابن المديني: أنه لم يلحق عقبة بن عامر انتهى.

( عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ) وللتنيسي: فرض الله الصلاة حين فرضها ( رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) بالتكرير لإفادة عموم التثنية لكل صلاة ( فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ) زاد ابن إسحاق قال: حدّثني صالح بن كيسان المدني بهذا الإسناد إلا المغرب، فإنها كانت ثلاثًا أخرجه أحمد من طريقه ( فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ) ركعتين ركعتين ( وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ) بعد الهجرة، ففي البخاري من رواية الزهري عن عروة عن عائشة: فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعًا.

وروى ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين، فلما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب لأنها وتر النهار، واحتج بظاهر هذا الحنفية وموافقوهم على أن القصر في السفر عزيمة لا رخصة، واستدل مخالفوهم بقوله تعالى: { { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ } } لأن نفي الجناح لا يدل على العزيمة والقصر إنما يكون من شيء أطول منه، وبقوله صلى الله عليه وسلم: صدقة تصدق الله بها عليكم فالمفروض الأربع إلا أنه رخص بأداء ركعتين.
وأجابوا عن حديث عائشة بأنه غير مرفوع وبأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة.

قال الخطابي وغيره، قال الحافظ: وفيه نظر لأنه مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع وعلى تسليم أنها لم تدرك القصة يكون مرسل صحابي وهو حجة لأنه يحمل على أنها أخذته عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي أدرك ذلك، وقول إمام الحرمين: لو ثبت لنقل متواترًا فيه نظر أيضًا لأن المتواتر في مثل هذا لا يلزم، والذي يظهر وبه تجتمع الأدلة أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة إلا الصبح ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول { { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ } }

ويؤيد ذلك ما ذكره ابن الأثير في شرح المسند أن قصر الصلاة كان في السنة الرابعة من الهجرة وهو مأخوذ من قول غيره أن نزول آية الخوف كان فيها.
وذكر الدولابي أن القصر كان في ربيع الآخر من السنة الثانية، وذكره السهيلي بلفظ بعد الهجرة بعام أو نحوه، وقيل بعد الهجرة بأربعين يومًا، فعلى هذا المراد بقول عائشة فأقرت صلاة السفر أي باعتبار ما آل إليه الأمر من التخفيف لأنها استمرت منذ فرضت فلا يلزم من ذلك أن القصر عزيمة كما يقوله الحنفية، وقد ألزموا على قاعدتهم إذا عارض رأي الصحابي روايته فالعبرة عندهم برأيه لا بمرويه، وخالفوا ذلك هنا فقد ثبت أن عائشة كانت تتم في السفر، والجواب عنهم أن عروة الراوي عنها قال لما سأله الزهري عن إتمامها في السفر إنها تأولت كما تأول عثمان فروايتها صحيحة ورأيها مبني على ما تأولت فلا تعارض بينهما.
وقد اختلف فيما تأولا فقيل رأيا أنه صلى الله عليه وسلم إنما قصر أخذًا بالأيسر من ذلك على أمته فأخذا أنفسهما بالشدّة صححه ابن بطال وجماعة آخرهم القرطبي.

وروى ابن خزيمة أن عائشة كانت تتم فإذا احتجوا عليها تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حرب وكان يخاف فهل تخافون أنتم؟.

وروى البيهقي بسند صحيح عن عروة أن عائشة كانت تصلي في السفر أربعًا فقلت لها: لو صليت ركعتين.
فقالت: يا ابن أختي إنه لا يشق علي، وهذا يدل على أنها تأولت أن القصر رخصة وأن الإتمام لمن لا يشق عليه أفضل.
وقال النووي: الصحيح الذي عليه المحققون أن عثمان وعائشة رأيا القصر جائزًا والإتمام جائزًا فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام انتهى.

وروى الطبراني وأبو يعلى بإسناد جيد عن أبي هريرة أنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر، وكلهم كان يصلي ركعتين من حين يخرج من المدينة إلى مكة حتى يرجع إلى المدينة في السير.
وفي المقام بمكة.

وحديث الباب رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاري ( أَنَّهُ قَالَ لِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَشَدَّ مَا رَأَيْتَ أَبَاكَ) ابن عمر ( أَخَّرَ الْمَغْرِبَ فِي السَّفَرِ) قال الباجي: أراد أن يعرف آخر وقتها المختار ( فَقَالَ سَالِمٌ: غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ بِذَاتِ الْجَيْشِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ بِالْعَقِيقِ) وبينهما اثنا عشر ميلاً.
وقال ابن وضاح: سبعة أميال، وقال ابن وهب: ستة، وقال القعنبي: ذات الجيش على بريدين من المدينة ووقع هذا الأثر هنا وهو من معنى الباب قبله قاله في الاستذكار وفي المنتقى، وحمل ذلك على المعروف من سير من جدّ.
وقال البوني في رواية يحيى وبينهما ميلان أو أكثر قليلاً، وفي رواية ابن القاسم عشرة أميال، وفي شرحي الموطأ لابن سحنون وابن حبيب عن ابن القاسم وشرحه لابن الموّاز عن ابن وهب إنما أخّر ابن عمر المغرب لالتماس الماء، وهذا يدل على أنّ ابن عمر لا يتيمم في أوّل الوقت إذا رجا الماء، وما مرّ عنه أنه تيمم للعصر أوّل الوقت فلأنه قدّر أنه لا يدخل المدينة إلا بعد الاصفرار أو كان على وضوء وكان يستحب الوضوء لكل صلاة، فلما عدم الماء تيمم على ما ذكر سحنون أو أنه يرى جواز التقديم والتأخير للراجي.



رقم الحديث 343 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ لِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَشَدَّ مَا رَأَيْتَ أَبَاكَ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ سَالِمٌ: غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ بِذَاتِ الْجَيْشِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ بِالْعَقِيقِ.


( مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ) وهو أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بفتح الهمزة وكسر السين على الأفصح.
وقيل بضمها وفتح السين ابن أبي العيص بكسر العين المهملة المكي ثقة روى له النسائي وابن ماجه.
قال ابن عبد البر: لم يقم مالك إسناد هذا الحديث لإبهام الرجل، ولأنه أسقط منه رجلاً فقد رواه معمر والليث بن سعد ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أمية بن عبد الله بن خالد انتهى.
ومن طريق الليث أخرجه النسائي وابن ماجه.

( أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ) كنيته ( إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَصَلَاةَ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ السَّفَرِ) أي قصر الصلاة في سفر الأمن لأن الله تعالى قال: { { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } } ثم قال: { { فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ } } أي أتموها.

( فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ) فبين له أن القصر في سفر الأمن ثابت بالسنة لا بالقرآن، وفي رواية فقال ابن عمر: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي مسلم عن يعلى بن أمية قلت لعمر: إنما قال الله تعالى: { { إِنْ خِفْتُمْ } } وقد أمن الناس فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته فأفاد صلى الله عليه وسلم أن الشرط في الآية لبيان الواقع وقت النزول فلا مفهوم له.

وقال ابن عباس: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئًا ركعتين ركعتين.
قال الباجي: فتأوّل عمر وابنه والسائل لهما أن الآية تدل على القصر الذي هو ردّ الرباعية إلى ركعتين.
وقال ابن حبيب وغير واحد: معنى القصر في الآية في الخوف الترتيب وتخفيف الركوع والسجود والقراءة، والأوّل أظهر في عرف اللغة.

( مَالِكٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ) بفتح الكاف وسكون التحتية المدني مؤدّب ولد عمر بن عبد العزيز ثقة ثبت فقيه مات بعد سنة ثلاثين أو بعد أربعين ومائة له في الموطأ حديثان مسندان، وذكر الحاكم أنه عاش مائة ونيفًا وستين سنة ولقي جماعة من الصحابة ثم بعد ذلك تلمذ للزهري وتلقن عنه العلم وهو ابن تسعين سنة.

قال الحافظ في تهذيب التهذيب: وهذه مجازفة قبيحة مقتضاها أن يكون صالح ولد قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم وما أدري من أين وقع ذلك للحاكم ولو كان طلب العلم كما حدد الحاكم لكان قد أخذ عن سعد بن أبي وقاص وعائشة، وقد قال ابن المديني: أنه لم يلحق عقبة بن عامر انتهى.

( عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ) وللتنيسي: فرض الله الصلاة حين فرضها ( رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) بالتكرير لإفادة عموم التثنية لكل صلاة ( فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ) زاد ابن إسحاق قال: حدّثني صالح بن كيسان المدني بهذا الإسناد إلا المغرب، فإنها كانت ثلاثًا أخرجه أحمد من طريقه ( فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ) ركعتين ركعتين ( وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ) بعد الهجرة، ففي البخاري من رواية الزهري عن عروة عن عائشة: فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعًا.

وروى ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين، فلما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب لأنها وتر النهار، واحتج بظاهر هذا الحنفية وموافقوهم على أن القصر في السفر عزيمة لا رخصة، واستدل مخالفوهم بقوله تعالى: { { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ } } لأن نفي الجناح لا يدل على العزيمة والقصر إنما يكون من شيء أطول منه، وبقوله صلى الله عليه وسلم: صدقة تصدق الله بها عليكم فالمفروض الأربع إلا أنه رخص بأداء ركعتين.
وأجابوا عن حديث عائشة بأنه غير مرفوع وبأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة.

قال الخطابي وغيره، قال الحافظ: وفيه نظر لأنه مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع وعلى تسليم أنها لم تدرك القصة يكون مرسل صحابي وهو حجة لأنه يحمل على أنها أخذته عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي أدرك ذلك، وقول إمام الحرمين: لو ثبت لنقل متواترًا فيه نظر أيضًا لأن المتواتر في مثل هذا لا يلزم، والذي يظهر وبه تجتمع الأدلة أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة إلا الصبح ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول { { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ } }

ويؤيد ذلك ما ذكره ابن الأثير في شرح المسند أن قصر الصلاة كان في السنة الرابعة من الهجرة وهو مأخوذ من قول غيره أن نزول آية الخوف كان فيها.
وذكر الدولابي أن القصر كان في ربيع الآخر من السنة الثانية، وذكره السهيلي بلفظ بعد الهجرة بعام أو نحوه، وقيل بعد الهجرة بأربعين يومًا، فعلى هذا المراد بقول عائشة فأقرت صلاة السفر أي باعتبار ما آل إليه الأمر من التخفيف لأنها استمرت منذ فرضت فلا يلزم من ذلك أن القصر عزيمة كما يقوله الحنفية، وقد ألزموا على قاعدتهم إذا عارض رأي الصحابي روايته فالعبرة عندهم برأيه لا بمرويه، وخالفوا ذلك هنا فقد ثبت أن عائشة كانت تتم في السفر، والجواب عنهم أن عروة الراوي عنها قال لما سأله الزهري عن إتمامها في السفر إنها تأولت كما تأول عثمان فروايتها صحيحة ورأيها مبني على ما تأولت فلا تعارض بينهما.
وقد اختلف فيما تأولا فقيل رأيا أنه صلى الله عليه وسلم إنما قصر أخذًا بالأيسر من ذلك على أمته فأخذا أنفسهما بالشدّة صححه ابن بطال وجماعة آخرهم القرطبي.

وروى ابن خزيمة أن عائشة كانت تتم فإذا احتجوا عليها تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حرب وكان يخاف فهل تخافون أنتم؟.

وروى البيهقي بسند صحيح عن عروة أن عائشة كانت تصلي في السفر أربعًا فقلت لها: لو صليت ركعتين.
فقالت: يا ابن أختي إنه لا يشق علي، وهذا يدل على أنها تأولت أن القصر رخصة وأن الإتمام لمن لا يشق عليه أفضل.
وقال النووي: الصحيح الذي عليه المحققون أن عثمان وعائشة رأيا القصر جائزًا والإتمام جائزًا فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام انتهى.

وروى الطبراني وأبو يعلى بإسناد جيد عن أبي هريرة أنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر، وكلهم كان يصلي ركعتين من حين يخرج من المدينة إلى مكة حتى يرجع إلى المدينة في السير.
وفي المقام بمكة.

وحديث الباب رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاري ( أَنَّهُ قَالَ لِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَشَدَّ مَا رَأَيْتَ أَبَاكَ) ابن عمر ( أَخَّرَ الْمَغْرِبَ فِي السَّفَرِ) قال الباجي: أراد أن يعرف آخر وقتها المختار ( فَقَالَ سَالِمٌ: غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ بِذَاتِ الْجَيْشِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ بِالْعَقِيقِ) وبينهما اثنا عشر ميلاً.
وقال ابن وضاح: سبعة أميال، وقال ابن وهب: ستة، وقال القعنبي: ذات الجيش على بريدين من المدينة ووقع هذا الأثر هنا وهو من معنى الباب قبله قاله في الاستذكار وفي المنتقى، وحمل ذلك على المعروف من سير من جدّ.
وقال البوني في رواية يحيى وبينهما ميلان أو أكثر قليلاً، وفي رواية ابن القاسم عشرة أميال، وفي شرحي الموطأ لابن سحنون وابن حبيب عن ابن القاسم وشرحه لابن الموّاز عن ابن وهب إنما أخّر ابن عمر المغرب لالتماس الماء، وهذا يدل على أنّ ابن عمر لا يتيمم في أوّل الوقت إذا رجا الماء، وما مرّ عنه أنه تيمم للعصر أوّل الوقت فلأنه قدّر أنه لا يدخل المدينة إلا بعد الاصفرار أو كان على وضوء وكان يستحب الوضوء لكل صلاة، فلما عدم الماء تيمم على ما ذكر سحنون أو أنه يرى جواز التقديم والتأخير للراجي.