فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فِي الطَّوَافِ

رقم الحديث 828 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى عُمَرُ طَوَافَهُ، نَظَرَ فَلَمْ يَرَ الشَّمْسَ طَلَعَتْ.
فَرَكِبَ حَتَّى أَنَاخَ بِذِي طُوًى.
فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.


( الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف)

( مالك عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن حميد) بضم الحاء ( بن عبد الرحمن بن عوف) ورواه سفيان عن الزهري عن عروة قال أحمد أخطأ فيه سفيان قال الأثرم وقد حدثني به نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري كما قال سفيان انتهى فإن صح احتمل أن لابن شهاب فيه شيخين ( أن عبد الرحمن بن عبد) بلا إضافة ( القاري) بشد الياء نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة مختلف في صحبته ويقال له رؤية وذكره العجلي في ثقات التابعين مات سنة ثمان وثمانين ( أخبره أنه طاف بالبيت مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح) طواف الوداع ( فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس طلعت فركب) بدون صلاة ركعتي الطواف لأنه كان لا يرى النفل بعد الصبح مطلقًا حتى تطلع الشمس ( حتى أناخ) بترك راحلته ( بذي طوى فصلى ركعتين) سنة الطواف وفي رواية سفيان ثم خرج إلى المدينة فلما كان بذي طوى وطلعت الشمس صلى ركعتين رواه ابن منده ( مالك عن أبي الزبير) محمد بن مسلم ( المكي أنه قال لقد رأيت عبد الله بن عباس يطوف بعد صلاة الصبح ثم يدخل حجرته) بيته والجمع حجر وحجرات ( فلا أدري ما يصنع) هل يصليهما في حجرته أو ينتظر غروب الشمس قال ابن عبد البر خالف مالك بن عيينة روى ابن أبي عمر عن سفيان عن عمرو بن دينار قال رأيت ابن عباس طاف بعد العصر فلا أدري أصلى أم لا فقال له أبو الزبير ألم تره صلى قال لا قال لكني رأيته صلى انتهى وإنما يكون خلافًا إذا كانت رؤية واحدة أما إذا تعددت وهو ظاهر سياقهما فلا خلاف بل صدق كل من مالك وسفيان ( مالك عن أبي الزبير المكي أنه قال لقد رأيت البيت يخلو بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر ما يطوف به أحد) هذا إخبار عن مشاهدة من ثقة لا إخبار عن حكم فسقط قول أبي عمر هذا خبر منكر يدفعه من رأى الطواف بعدهما وتأخيره الصلاة كمالك وموافقيه ومن رأى الطواف والصلاة معًا بعدهما ثم قال ابن عبد البر كره الثوري والكوفيون الطواف بعد العصر والصبح فإن قيل فلتؤخر الصلاة قال الحافظ ولعل هذا عند بعض الكوفيين وإلا فالمشهور عند الحنفية أن الطواف لا يكره وإنما تكره الصلاة قال ابن المنذر رخص في الصلاة بعد الطواف في كل وقت جمهور الصحابة ومن بعدهم ومنهم من كره ذلك أخذًا بعموم النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر وبه قال عمر والثوري ومالك وأبو حنيفة وطائفة وروى أحمد بإسناد حسن عن أبي الزبير عن جابر قال كنا نطوف فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة ولم نكن نطوف بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تطلع الشمس بين قرني شيطان وروى الشافعي وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة والترمذي وابن حبان والحاكم عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئًا فلا يمنعن أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار وبين الحديثين عموم وخصوص من وجه فهذا عام بالنسبة إلى الأوقات خاص بالنسبة إلى المكان وأحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر عامة في المكان خاصة في الأوقات ومتى كان الدليلان كذلك لم يترجح أحدهما على الآخر إلا بدليل آخر وحديث إلا بمكة ضعفه ابن العربي وغيره وقال ابن حزم حديث ساقط لا يشتغل به ولم يورده أحد من أئمة الحديث ( قال مالك ومن طاف بالبيت بعض أسبوعه ثم أقيمت صلاة الصبح أو صلاة العصر فإنه) يقطع وجوبًا ويستحب كمال الشوط و ( يصلي مع الإمام ثم يبني على ما طاف) فيتمه ( حتى يكمل سبعًا ثم لا يصلي) ركعتيه ( حتى تطلع الشمس) وترتفع قيد رمح ( أو) حتى ( تغرب) فيصليهما قبل صلاة المغرب ( قال وإن أخرهما حتى يصلي المغرب فلا بأس بذلك) قبل أن يتنفل وإلا ابتدأه وظاهره أن تقديمهما قبل صلاة المغرب أفضل وقد قال ابن رشد إنه الأظهر لاتصالهما حينئذ بالطواف ولا يفوتانه فضيلة أول الوقت لخفتهما وفي المسألة التالية خيرة وهي ( قال مالك ولا بأس أن يطوف الرجل طوافًا واحدًا بعد الصبح وبعد العصر لا يزيد على سبع واحد) لكراهة جمع أسبوعين فأكثر قبل صلاة الركعتين وهو ممنوع منهما بعد عصر وصبح ولو على القول بوجوبهما مراعاة للقول بالسنية ولذا قال ( ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس) وتحل النافلة ( كما صنع عمر بن الخطاب) فيما مر عنه مسندًا ( ويؤخرهما بعد العصر حتى تغرب الشمس فإذا غربت الشمس صلاهما إن شاء) قبل صلاة المغرب ( وإن شاء أخرهما حتى يصلي المغرب لا بأس بذلك) فخيره في ذلك وفيما قبل ظاهره أفضلية التقديم فهو اختلاف قول وفي الاستذكار وعند جماعة من رواة الموطأ عن مالك أحب إلي أن يركعهما بعد صلاة المغرب انتهى، فله ثلاثة أقوال مشهورها الثالث، وهو رواية ابن القاسم عنه، وفي الاستذكار أيضًا: جواز الطواف بعد صبح وعصر وتأخير الركعتين حتى تطلع الشمس أو تغرب هو قول مالك وأصحابه وهو مذهب عمر وأبي سعيد ومعاذ بن عفراء وجماعة، انتهى.



رقم الحديث 829 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَطُوفُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَدْخُلُ حُجْرَتَهُ، فَلَا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ.


( الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف)

( مالك عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن حميد) بضم الحاء ( بن عبد الرحمن بن عوف) ورواه سفيان عن الزهري عن عروة قال أحمد أخطأ فيه سفيان قال الأثرم وقد حدثني به نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري كما قال سفيان انتهى فإن صح احتمل أن لابن شهاب فيه شيخين ( أن عبد الرحمن بن عبد) بلا إضافة ( القاري) بشد الياء نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة مختلف في صحبته ويقال له رؤية وذكره العجلي في ثقات التابعين مات سنة ثمان وثمانين ( أخبره أنه طاف بالبيت مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح) طواف الوداع ( فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس طلعت فركب) بدون صلاة ركعتي الطواف لأنه كان لا يرى النفل بعد الصبح مطلقًا حتى تطلع الشمس ( حتى أناخ) بترك راحلته ( بذي طوى فصلى ركعتين) سنة الطواف وفي رواية سفيان ثم خرج إلى المدينة فلما كان بذي طوى وطلعت الشمس صلى ركعتين رواه ابن منده ( مالك عن أبي الزبير) محمد بن مسلم ( المكي أنه قال لقد رأيت عبد الله بن عباس يطوف بعد صلاة الصبح ثم يدخل حجرته) بيته والجمع حجر وحجرات ( فلا أدري ما يصنع) هل يصليهما في حجرته أو ينتظر غروب الشمس قال ابن عبد البر خالف مالك بن عيينة روى ابن أبي عمر عن سفيان عن عمرو بن دينار قال رأيت ابن عباس طاف بعد العصر فلا أدري أصلى أم لا فقال له أبو الزبير ألم تره صلى قال لا قال لكني رأيته صلى انتهى وإنما يكون خلافًا إذا كانت رؤية واحدة أما إذا تعددت وهو ظاهر سياقهما فلا خلاف بل صدق كل من مالك وسفيان ( مالك عن أبي الزبير المكي أنه قال لقد رأيت البيت يخلو بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر ما يطوف به أحد) هذا إخبار عن مشاهدة من ثقة لا إخبار عن حكم فسقط قول أبي عمر هذا خبر منكر يدفعه من رأى الطواف بعدهما وتأخيره الصلاة كمالك وموافقيه ومن رأى الطواف والصلاة معًا بعدهما ثم قال ابن عبد البر كره الثوري والكوفيون الطواف بعد العصر والصبح فإن قيل فلتؤخر الصلاة قال الحافظ ولعل هذا عند بعض الكوفيين وإلا فالمشهور عند الحنفية أن الطواف لا يكره وإنما تكره الصلاة قال ابن المنذر رخص في الصلاة بعد الطواف في كل وقت جمهور الصحابة ومن بعدهم ومنهم من كره ذلك أخذًا بعموم النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر وبه قال عمر والثوري ومالك وأبو حنيفة وطائفة وروى أحمد بإسناد حسن عن أبي الزبير عن جابر قال كنا نطوف فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة ولم نكن نطوف بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تطلع الشمس بين قرني شيطان وروى الشافعي وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة والترمذي وابن حبان والحاكم عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئًا فلا يمنعن أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار وبين الحديثين عموم وخصوص من وجه فهذا عام بالنسبة إلى الأوقات خاص بالنسبة إلى المكان وأحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر عامة في المكان خاصة في الأوقات ومتى كان الدليلان كذلك لم يترجح أحدهما على الآخر إلا بدليل آخر وحديث إلا بمكة ضعفه ابن العربي وغيره وقال ابن حزم حديث ساقط لا يشتغل به ولم يورده أحد من أئمة الحديث ( قال مالك ومن طاف بالبيت بعض أسبوعه ثم أقيمت صلاة الصبح أو صلاة العصر فإنه) يقطع وجوبًا ويستحب كمال الشوط و ( يصلي مع الإمام ثم يبني على ما طاف) فيتمه ( حتى يكمل سبعًا ثم لا يصلي) ركعتيه ( حتى تطلع الشمس) وترتفع قيد رمح ( أو) حتى ( تغرب) فيصليهما قبل صلاة المغرب ( قال وإن أخرهما حتى يصلي المغرب فلا بأس بذلك) قبل أن يتنفل وإلا ابتدأه وظاهره أن تقديمهما قبل صلاة المغرب أفضل وقد قال ابن رشد إنه الأظهر لاتصالهما حينئذ بالطواف ولا يفوتانه فضيلة أول الوقت لخفتهما وفي المسألة التالية خيرة وهي ( قال مالك ولا بأس أن يطوف الرجل طوافًا واحدًا بعد الصبح وبعد العصر لا يزيد على سبع واحد) لكراهة جمع أسبوعين فأكثر قبل صلاة الركعتين وهو ممنوع منهما بعد عصر وصبح ولو على القول بوجوبهما مراعاة للقول بالسنية ولذا قال ( ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس) وتحل النافلة ( كما صنع عمر بن الخطاب) فيما مر عنه مسندًا ( ويؤخرهما بعد العصر حتى تغرب الشمس فإذا غربت الشمس صلاهما إن شاء) قبل صلاة المغرب ( وإن شاء أخرهما حتى يصلي المغرب لا بأس بذلك) فخيره في ذلك وفيما قبل ظاهره أفضلية التقديم فهو اختلاف قول وفي الاستذكار وعند جماعة من رواة الموطأ عن مالك أحب إلي أن يركعهما بعد صلاة المغرب انتهى، فله ثلاثة أقوال مشهورها الثالث، وهو رواية ابن القاسم عنه، وفي الاستذكار أيضًا: جواز الطواف بعد صبح وعصر وتأخير الركعتين حتى تطلع الشمس أو تغرب هو قول مالك وأصحابه وهو مذهب عمر وأبي سعيد ومعاذ بن عفراء وجماعة، انتهى.



رقم الحديث 830 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْبَيْتَ يَخْلُو بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ.
مَا يَطُوفُ بِهِ أَحَدٌ
قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ بَعْضَ أُسْبُوعِهِ.
ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ، أَوْ صَلَاةُ الْعَصْرِ.
فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ.
ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا طَافَ، حَتَّى يُكْمِلَ سُبْعًا.
ثُمَّ لَا يُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، أَوْ تَغْرُبَ.
قَالَ: وَإِنْ أَخَّرَهُمَا حَتَّى يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ الرَّجُلُ طَوَافًا وَاحِدًا، بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ، لَا يَزِيدُ عَلَى سُبْعٍ وَاحِدٍ.
وَيُؤَخِّرُ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
كَمَا صَنَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
وَيُؤَخِّرُهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ صَلَّاهُمَا إِنْ شَاءَ.
وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهُمَا، حَتَّى يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ.
لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.


( الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف)

( مالك عن ابن شهاب) محمد بن مسلم ( عن حميد) بضم الحاء ( بن عبد الرحمن بن عوف) ورواه سفيان عن الزهري عن عروة قال أحمد أخطأ فيه سفيان قال الأثرم وقد حدثني به نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري كما قال سفيان انتهى فإن صح احتمل أن لابن شهاب فيه شيخين ( أن عبد الرحمن بن عبد) بلا إضافة ( القاري) بشد الياء نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة مختلف في صحبته ويقال له رؤية وذكره العجلي في ثقات التابعين مات سنة ثمان وثمانين ( أخبره أنه طاف بالبيت مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح) طواف الوداع ( فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس طلعت فركب) بدون صلاة ركعتي الطواف لأنه كان لا يرى النفل بعد الصبح مطلقًا حتى تطلع الشمس ( حتى أناخ) بترك راحلته ( بذي طوى فصلى ركعتين) سنة الطواف وفي رواية سفيان ثم خرج إلى المدينة فلما كان بذي طوى وطلعت الشمس صلى ركعتين رواه ابن منده ( مالك عن أبي الزبير) محمد بن مسلم ( المكي أنه قال لقد رأيت عبد الله بن عباس يطوف بعد صلاة الصبح ثم يدخل حجرته) بيته والجمع حجر وحجرات ( فلا أدري ما يصنع) هل يصليهما في حجرته أو ينتظر غروب الشمس قال ابن عبد البر خالف مالك بن عيينة روى ابن أبي عمر عن سفيان عن عمرو بن دينار قال رأيت ابن عباس طاف بعد العصر فلا أدري أصلى أم لا فقال له أبو الزبير ألم تره صلى قال لا قال لكني رأيته صلى انتهى وإنما يكون خلافًا إذا كانت رؤية واحدة أما إذا تعددت وهو ظاهر سياقهما فلا خلاف بل صدق كل من مالك وسفيان ( مالك عن أبي الزبير المكي أنه قال لقد رأيت البيت يخلو بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر ما يطوف به أحد) هذا إخبار عن مشاهدة من ثقة لا إخبار عن حكم فسقط قول أبي عمر هذا خبر منكر يدفعه من رأى الطواف بعدهما وتأخيره الصلاة كمالك وموافقيه ومن رأى الطواف والصلاة معًا بعدهما ثم قال ابن عبد البر كره الثوري والكوفيون الطواف بعد العصر والصبح فإن قيل فلتؤخر الصلاة قال الحافظ ولعل هذا عند بعض الكوفيين وإلا فالمشهور عند الحنفية أن الطواف لا يكره وإنما تكره الصلاة قال ابن المنذر رخص في الصلاة بعد الطواف في كل وقت جمهور الصحابة ومن بعدهم ومنهم من كره ذلك أخذًا بعموم النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر وبه قال عمر والثوري ومالك وأبو حنيفة وطائفة وروى أحمد بإسناد حسن عن أبي الزبير عن جابر قال كنا نطوف فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة ولم نكن نطوف بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تطلع الشمس بين قرني شيطان وروى الشافعي وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة والترمذي وابن حبان والحاكم عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئًا فلا يمنعن أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار وبين الحديثين عموم وخصوص من وجه فهذا عام بالنسبة إلى الأوقات خاص بالنسبة إلى المكان وأحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر عامة في المكان خاصة في الأوقات ومتى كان الدليلان كذلك لم يترجح أحدهما على الآخر إلا بدليل آخر وحديث إلا بمكة ضعفه ابن العربي وغيره وقال ابن حزم حديث ساقط لا يشتغل به ولم يورده أحد من أئمة الحديث ( قال مالك ومن طاف بالبيت بعض أسبوعه ثم أقيمت صلاة الصبح أو صلاة العصر فإنه) يقطع وجوبًا ويستحب كمال الشوط و ( يصلي مع الإمام ثم يبني على ما طاف) فيتمه ( حتى يكمل سبعًا ثم لا يصلي) ركعتيه ( حتى تطلع الشمس) وترتفع قيد رمح ( أو) حتى ( تغرب) فيصليهما قبل صلاة المغرب ( قال وإن أخرهما حتى يصلي المغرب فلا بأس بذلك) قبل أن يتنفل وإلا ابتدأه وظاهره أن تقديمهما قبل صلاة المغرب أفضل وقد قال ابن رشد إنه الأظهر لاتصالهما حينئذ بالطواف ولا يفوتانه فضيلة أول الوقت لخفتهما وفي المسألة التالية خيرة وهي ( قال مالك ولا بأس أن يطوف الرجل طوافًا واحدًا بعد الصبح وبعد العصر لا يزيد على سبع واحد) لكراهة جمع أسبوعين فأكثر قبل صلاة الركعتين وهو ممنوع منهما بعد عصر وصبح ولو على القول بوجوبهما مراعاة للقول بالسنية ولذا قال ( ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس) وتحل النافلة ( كما صنع عمر بن الخطاب) فيما مر عنه مسندًا ( ويؤخرهما بعد العصر حتى تغرب الشمس فإذا غربت الشمس صلاهما إن شاء) قبل صلاة المغرب ( وإن شاء أخرهما حتى يصلي المغرب لا بأس بذلك) فخيره في ذلك وفيما قبل ظاهره أفضلية التقديم فهو اختلاف قول وفي الاستذكار وعند جماعة من رواة الموطأ عن مالك أحب إلي أن يركعهما بعد صلاة المغرب انتهى، فله ثلاثة أقوال مشهورها الثالث، وهو رواية ابن القاسم عنه، وفي الاستذكار أيضًا: جواز الطواف بعد صبح وعصر وتأخير الركعتين حتى تطلع الشمس أو تغرب هو قول مالك وأصحابه وهو مذهب عمر وأبي سعيد ومعاذ بن عفراء وجماعة، انتهى.