فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الزَّكَاةِ فِي الدَّيْنِ

رقم الحديث 601 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ.
فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ.
حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ فَتُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ.


( الزكاة في الدين)

( مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد) الكندي صحابي صغير ( أن عثمان بن عفان كان يقول) وفي رواية البيهقي من وجه آخر عن الزهري قال أخبرني السائب بن يزيد أنه سمع عثمان بن عفان خطيبًا على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( هذا شهر زكاتكم) قيل الإشارة لرجب وإنه محمول على أنه كان تمام حول المال لكن يحتاج إلى نقل ففي رواية البيهقي المذكورة عن الزهري ولم يسم لي السائب الشهر ولم أسأله عنه ( فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه) بالتذكير أي مما يحصل بعد أداء الدين ( الزكاة) لأن ما قابل الدين لا زكاة فيه ( مالك عن أيوب بن أبي تميمة) واسمه كيسان ( السختياني) نسبة لسختيان بفتح السين الجلد لبيع أو عمل أحد الأعلام يقال حج أربعين حجة ( أن عمر بن عبد العزيز كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلمًا يأمر برده إلى أهله ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين) لأنه على ملك صاحبه يورث عنه وبه قال سفيان الثوري وزفر والشافعي في قول ( ثم عقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة) لماضي السنين ( فإنه كان ضمارًا) بكسر الضاد غائبًا عن ربه لا يقدر على أخذه أو لا يعرف موضعه ولا يرجوه والزكاة إنما تتعلق بالأموال التي يقدر على تنميتها أو النامية قال ابن عبد البر وقيل الضمار الذي لا يدري صاحبه أيخرج أم لا وهو أصح وبآخر قولي عمر هذا قال مالك والأوزاعي قال ابن زرقون شبهه مالك بعرض المحتكر يبيعه بعد سنين فيزكيه لعام واحد انتهى.
وقال الليث والكوفيون يستأنف به حولاً ونقله ابن حبيب عن مالك وهو أحد قولي الشافعي ( مالك عن يزيد) بتحتية فزاي ( ابن خصيفة) بمعجمة ثم مهملة مصغر نسبة إلى جده فهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة بن عبد الله بن يزيد الكندي المدني ثقة من رجال الجميع ( أنه سأل سليمان بن يسار) أحد الفقهاء ( عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه زكاة فقال لا) زكاة عليه وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي إذا لم يكن له عرض ولا مال غيره وللشافعي قول آخر أن الدين لا يمنع الزكاة لأنها في عين المال والدين في الذمة ( قال مالك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه) لأنه لا يقدر على تنميته ( وإن أقام عند الذي هو عليه) أي المدين ( سنين ذوات عدد ثم قبضه صاحبه لم يجب عليه إلا زكاة واحدة) إذ لو وجبت لكل عام لأدى إلى أن الزكاة تستهلكه ولهذه العلة لم تطلب في أموال القنية لأن الزكاة مواساة في الأموال الممكن تنميتها فلا تفنيها الزكاة غالبًا ( فإن قبض منه شيئًا لا تجب فيه الزكاة) لنقصه عن النصاب ( فإنه إن كان له مال سوى الذي قبض تجب فيه الزكاة فإنه يزكى) بالبناء للمفعول ولابن وضاح يزكيه مبنيًا للفاعل وهاء الضمير ( مع ما قبض من دينه ذلك) وكذا إن كان ما عنده أقل من نصاب قد حال عليه الحول ثم قبض ما إذا أضافه إليه تم به نصاب فإنه يزكي يوم القبض عنهما فإن لم يحل الحول على ما بيده لم يزك ما قبض من دينه حتى يبلغ نصابًا ( قال وإن لم يكن له ناض غير الذي اقتضى من دينه وكان الذي اقتضى من دينه لا تجب فيه الزكاة فلا زكاة عليه فيه ولكن لا يحفظ عدد ما اقتضى فإن اقتضى بعد ذلك عدد ما تتم به الزكاة مع ما قبض قبل ذلك فعليه فيه الزكاة) لأنه مال واحد حال عليه الحول فإذا بلغ النصاب زكاة ( قال فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولاً أو لم يستهلكه فالزكاة واجبة عليه مع ما اقتضى من دينه فإذا بلغ ما اقتضى عشرين دينارًا عينًا أو مائتي درهم فعليه فيه الزكاة ثم ما اقتضى به بعد ذلك من قليل أو كثير فعليه الزكاة بحسب ذلك) فيزكي ما قبض ولو دينارًا أو درهمًا ( قال والدليل على الدين يغيب أعوامًا يقتضي فلا يكون فيه إلا زكاة واحدة أن العروض تكون عند الرجل) وصف طردي فالمراد عند التاجر المحتكر ولو أنثى للتجارة ( أعوامًا ثم يبيعها فليس عليه في أثمانها إلا زكاة واحدة) فاستدل بقياس الدين على عرض المحتكر والجامع بينهما عدم القدرة على النماء ( وذلك أنه ليس على صاحب الدين أو العرض أن يخرج زكاة ذلك الدين أو العرض من مال سواه) كعين عنده ( وإنما يخرج زكاة كل شيء منه ولا يخرج زكاة من شيء عن شيء غيره) ليس يقدر على نمائه كما أفاده ما قبله أما إن وجبت بقبض الدين أو ثمن العروض المحتكرة فله أن يخرج ما وجب عليه فيها من سواها ولا يتعين الإخراج منها كما له أن يخرج ذهبًا عن فضة وعكسه ( قال مالك الأمر عندنا في الرجل يكون عليه دين وعنده من العروض ما فيه وفاء لما عليه من الدين ويكون عنده من الناض) الذهب والفضة ( سوى ذلك ما) أي قدر ( تجب فيه الزكاة فإنه يزكي ما بيده من ناض تجب فيه الزكاة) ويجعل العروض في مقابلة الدين ( وإذا لم يكن عنده من العروض والنقد إلا وفاء دينه فلا زكاة عليه حتى يكون عنده) من الناض ( فضل) أي زيادة ( عن دينه ما تجب فيه الزكاة فعليه أن يزكيه) فما قابل الدين ولو نقدًا لا زكاة فيه.



رقم الحديث 602 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي مَالٍ قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلَاةِ ظُلْمًا، يَأْمُرُ بِرَدِّهِ إِلَى أَهْلِهِ، وَيُؤْخَذُ زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ عَقَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ، أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ كَانَ ضِمَارًا.


( الزكاة في الدين)

( مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد) الكندي صحابي صغير ( أن عثمان بن عفان كان يقول) وفي رواية البيهقي من وجه آخر عن الزهري قال أخبرني السائب بن يزيد أنه سمع عثمان بن عفان خطيبًا على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( هذا شهر زكاتكم) قيل الإشارة لرجب وإنه محمول على أنه كان تمام حول المال لكن يحتاج إلى نقل ففي رواية البيهقي المذكورة عن الزهري ولم يسم لي السائب الشهر ولم أسأله عنه ( فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه) بالتذكير أي مما يحصل بعد أداء الدين ( الزكاة) لأن ما قابل الدين لا زكاة فيه ( مالك عن أيوب بن أبي تميمة) واسمه كيسان ( السختياني) نسبة لسختيان بفتح السين الجلد لبيع أو عمل أحد الأعلام يقال حج أربعين حجة ( أن عمر بن عبد العزيز كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلمًا يأمر برده إلى أهله ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين) لأنه على ملك صاحبه يورث عنه وبه قال سفيان الثوري وزفر والشافعي في قول ( ثم عقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة) لماضي السنين ( فإنه كان ضمارًا) بكسر الضاد غائبًا عن ربه لا يقدر على أخذه أو لا يعرف موضعه ولا يرجوه والزكاة إنما تتعلق بالأموال التي يقدر على تنميتها أو النامية قال ابن عبد البر وقيل الضمار الذي لا يدري صاحبه أيخرج أم لا وهو أصح وبآخر قولي عمر هذا قال مالك والأوزاعي قال ابن زرقون شبهه مالك بعرض المحتكر يبيعه بعد سنين فيزكيه لعام واحد انتهى.
وقال الليث والكوفيون يستأنف به حولاً ونقله ابن حبيب عن مالك وهو أحد قولي الشافعي ( مالك عن يزيد) بتحتية فزاي ( ابن خصيفة) بمعجمة ثم مهملة مصغر نسبة إلى جده فهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة بن عبد الله بن يزيد الكندي المدني ثقة من رجال الجميع ( أنه سأل سليمان بن يسار) أحد الفقهاء ( عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه زكاة فقال لا) زكاة عليه وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي إذا لم يكن له عرض ولا مال غيره وللشافعي قول آخر أن الدين لا يمنع الزكاة لأنها في عين المال والدين في الذمة ( قال مالك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه) لأنه لا يقدر على تنميته ( وإن أقام عند الذي هو عليه) أي المدين ( سنين ذوات عدد ثم قبضه صاحبه لم يجب عليه إلا زكاة واحدة) إذ لو وجبت لكل عام لأدى إلى أن الزكاة تستهلكه ولهذه العلة لم تطلب في أموال القنية لأن الزكاة مواساة في الأموال الممكن تنميتها فلا تفنيها الزكاة غالبًا ( فإن قبض منه شيئًا لا تجب فيه الزكاة) لنقصه عن النصاب ( فإنه إن كان له مال سوى الذي قبض تجب فيه الزكاة فإنه يزكى) بالبناء للمفعول ولابن وضاح يزكيه مبنيًا للفاعل وهاء الضمير ( مع ما قبض من دينه ذلك) وكذا إن كان ما عنده أقل من نصاب قد حال عليه الحول ثم قبض ما إذا أضافه إليه تم به نصاب فإنه يزكي يوم القبض عنهما فإن لم يحل الحول على ما بيده لم يزك ما قبض من دينه حتى يبلغ نصابًا ( قال وإن لم يكن له ناض غير الذي اقتضى من دينه وكان الذي اقتضى من دينه لا تجب فيه الزكاة فلا زكاة عليه فيه ولكن لا يحفظ عدد ما اقتضى فإن اقتضى بعد ذلك عدد ما تتم به الزكاة مع ما قبض قبل ذلك فعليه فيه الزكاة) لأنه مال واحد حال عليه الحول فإذا بلغ النصاب زكاة ( قال فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولاً أو لم يستهلكه فالزكاة واجبة عليه مع ما اقتضى من دينه فإذا بلغ ما اقتضى عشرين دينارًا عينًا أو مائتي درهم فعليه فيه الزكاة ثم ما اقتضى به بعد ذلك من قليل أو كثير فعليه الزكاة بحسب ذلك) فيزكي ما قبض ولو دينارًا أو درهمًا ( قال والدليل على الدين يغيب أعوامًا يقتضي فلا يكون فيه إلا زكاة واحدة أن العروض تكون عند الرجل) وصف طردي فالمراد عند التاجر المحتكر ولو أنثى للتجارة ( أعوامًا ثم يبيعها فليس عليه في أثمانها إلا زكاة واحدة) فاستدل بقياس الدين على عرض المحتكر والجامع بينهما عدم القدرة على النماء ( وذلك أنه ليس على صاحب الدين أو العرض أن يخرج زكاة ذلك الدين أو العرض من مال سواه) كعين عنده ( وإنما يخرج زكاة كل شيء منه ولا يخرج زكاة من شيء عن شيء غيره) ليس يقدر على نمائه كما أفاده ما قبله أما إن وجبت بقبض الدين أو ثمن العروض المحتكرة فله أن يخرج ما وجب عليه فيها من سواها ولا يتعين الإخراج منها كما له أن يخرج ذهبًا عن فضة وعكسه ( قال مالك الأمر عندنا في الرجل يكون عليه دين وعنده من العروض ما فيه وفاء لما عليه من الدين ويكون عنده من الناض) الذهب والفضة ( سوى ذلك ما) أي قدر ( تجب فيه الزكاة فإنه يزكي ما بيده من ناض تجب فيه الزكاة) ويجعل العروض في مقابلة الدين ( وإذا لم يكن عنده من العروض والنقد إلا وفاء دينه فلا زكاة عليه حتى يكون عنده) من الناض ( فضل) أي زيادة ( عن دينه ما تجب فيه الزكاة فعليه أن يزكيه) فما قابل الدين ولو نقدًا لا زكاة فيه.



رقم الحديث 602 حَدَّثَنِي مَالِكٌ: فِي الْخَلِيطَيْنِ إِذَا كَانَ الرَّاعِي وَاحِدًا، وَالْفَحْلُ وَاحِدًا، وَالْمُرَاحُ وَاحِدًا، وَالدَّلْوُ وَاحِدًا: فَالرَّجُلَانِ خَلِيطَانِ.
وَإِنْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالَهُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ.
قَالَ: وَالَّذِي لَا يَعْرِفُ مَالَهُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ.
إِنَّمَا هُوَ شَرِيكٌ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْخَلِيطَيْنِ حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ.
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ، أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاةً فَصَاعِدًا، وَلِلْآخَرِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً، كَانَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى الَّذِي لَهُ الْأَرْبَعُونَ شَاةً.
وَلَمْ تَكُنْ عَلَى الَّذِي لَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، صَدَقَةٌ.
فَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ جُمِعَا فِي الصَّدَقَةِ.
وَوَجَبَتِ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا.
فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفُ شَاةٍ، أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ.
وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ شَاةً أَوْ أَكْثَرُ، فَهُمَا خَلِيطَانِ يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ.
عَلَى قَدْرِ عَدَدِ أَمْوَالِهِمَا، عَلَى الْأَلْفِ بِحِصَّتِهَا، وَعَلَى الْأَرْبَعِينَ بِحِصَّتِهَا قَالَ مَالِكٌ: الْخَلِيطَانِ فِي الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيطَيْنِ فِي الْغَنَمِ.
يَجْتَمِعَانِ فِي الصَّدَقَةِ جَمِيعًا، إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ.
وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ، وقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً، شَاةٌ، وقَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ.
أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَصْحَابَ الْمَوَاشِي، قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ: أَنْ يَكُونَ النَّفَرُ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً، قَدْ وَجَبَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي غَنَمِهِ الصَّدَقَةُ، فَإِذَا أَظَلَّهُمُ الْمُصَدِّقُ جَمَعُوهَا، لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ.
فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ.
وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ: وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ، فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ.
فَإِذَا أَظَلَّهُمَا الْمُصَدِّقُ، فَرَّقَا غَنَمَهُمَا، فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ.
فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ.
فَقِيلَ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ.
خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.



( صدقة الخلطاء)

( قال مالك في الخليطين إذا كان الراعي واحدًا والفحل) ذكر الماشية ( واحدا والمراح) بضم الميم على الأشهر وتفتح مجتمع الماشية للمبيت أو للقائلة ( واحدًا والدلو) آلة الاستقاء وقيل كناية عن المياه ( واحدًا فالرجلان خليطان) فيكونان كمالك واحد بشرط نية الخلط ( وإن عرف كل واحد منهما ماله من مال صاحبه) الواو للحال لا للمبالغة بدليل قوله ( قال والذي ليس يعرف ماله من مال صاحبه ليس بخليط إنما هو شريك) فقط لا خليط خلافًا لأبي حنيفة في أن الخليط الشريك واعترض بأن الشريك لا يعرف عين ماله لعدم تميزه عن مال شريكه حتى يرجع بحصة ما أخذ منه وقد قال في الحديث أنهما يتراجعان بينهما بالسوية فلو كان كما قال لم يكن لتراجعهما بالسوية معنى اللهم أن يجيب بأن التراجيع بحسب الحساب ومما يدل على أن الخليط لا يستلزم أن يكون شريكًا قوله تعالى { { وإن كثيرًا من الخلطاء } } وقد بينه قبل ذلك بقوله { { إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة } } فأفاد أن المراد بالخلطة مطلق الاجتماع لا الشركة ( ولا تجب الصدقة على الخليطين حتى يكون لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة) وكل حر مسلم فيزكي على ما اقتضته الخلطة من تخفيف وتثقيل ومساواة ( وتفسير ذلك) أي بيانه ( إذا كان لأحد الخليطين أربعون شاة فصاعدا والآخر أقل من أربعين شاة) ولو بواحدة ( كانت الصدقة على الذي له الأربعون شاة) لملكه النصاب ( ولم تكن على الذي له أقل من ذلك صدقة) لنقصه عن النصاب ( فإن كان لكل واحد منهما ما يجب فيه الصدقة جمعًا في الصدقة ووجبت الصدقة عليهما جميعًا) بقدر ماليهما وأوضح ذلك بالمثال فقال ( فإن كانت لأحدهما ألف شاة أو أقل من ذلك مما تجب فيه الصدقة وللآخر أربعون شاة أو أكثر فهما خليطان يترادان الفضل) أي الزائد ( بينهما بالسوية على قدر عدد أموالهما على الألف بحصتها وعلى الأربعين بحصتها) فإذا أخذ الساعي من الألف والأربعين عشرة كان على ذي الألف منها تسعة لقوله صلى الله عليه وسلم وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية لأن الشريكين لا يتصور بينهما تراجع وإنما يصح في الخليطين إذا أخذت الفريضة من مال أحدهما وقال أبو حنيفة لا تأثير للخلطة فلا تجب على أحد منهم فيما يملك إلا مثل الواجب عليه لو لم تكن خلطة وتعقبه ابن جرير بأنه لو كان تفريقها مثل جمعها في الحكم لبطلت فائدة الحديث وقال ابن عبد البر لعل الكوفيين لم يبلغهم هذا الحديث أو رأوا أن الأصل حديث ليس فيما دون خمس ذود صدقة ورأوا أن حكم الخلطة يغاير هذا الأصل فلم يقولوا به ( قال مالك الخليطان في الإبل بمنزلة الخليطين في الغنم يجتمعان في الصدقة جميعًا) وكذا الخليطين في البقر ( إذا كان لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة) واستدل على ذلك مشيرًا للجمع بين الحديثين بقوله ( و) دليل ( ذلك) أي شرط ملك كل نصاب ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون خمس ذود) بالإضافة والتنوين ( من الإبل صدقة) فعموم النفي شامل للخليطين ( وقال عمر بن الخطاب) في كتاب الصدقة وتقدم أنه مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم ( في سائمة الغنم إذا بلغت أربعين شاة) تمييز ( شاة) بالرفع مبتدأ فقيد زكاتها ببلوغ النصاب وذلك شامل للخليطين فمن لم يكن له نصاب فلا زكاة عليه وإن خالط ( قال مالك وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك) ووافقه على هذا سفيان الثوري وغيره قال الباجي ومن جهة القياس أن من لا تجب عليه منفردًا فلا تجب عليه مخالطًا أصله إذا كان ذميًا وقال أبو عمر أجمعوا على أن المنفرد لا يلزمه زكاة في أقل من نصاب واختلفوا في الخليطين ولا يجوز نقض أصل مجمع عليه برأي مختلف فيه وقال الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث إذا بلغت ماشيتهما النصاب وجبت وإن لم يكن لكل نصاب وليس ذلك برأي بل لأنه لم يفرق في حديثي الذود والغنم بين المجتمعين بالخلطة لمالكين أو لمالك واحد وغيرهم وقد اتفقوا في ثلاثة خلطاء لهم مائة وعشرون شاة لكل أربعون عليهم شاة واحدة فنقصوا المساكين شاتين للخلطة فقياسه لو كانت أربعون بين ثلاثة وجبت عليهم شاة لخلطتهم انتهى ملخصًا لكن الاتفاق على هذا إنما هو بين القائلين بتأثير الخلطة فلا يعادل القياس على المجمع عليه وكونه لم ينص في الحديثين على الفرق بين المجتمعين بالخلطة لمالكين أو لواحد لا يستلزم ذلك لعوده على الدليل بالإبطال إذ يلزم عليه أنه وجب على مالك أقل من نصاب الزكاة وذلك خلاف عموم السلب في قوله ( ليس فيما دون خمس ذود صدقة) وخلاف الشرط في حديث الغنم فقول مالك أرجح واستدلاله أوضح ( وقال عمر بن الخطاب) في كتابه المتقدم ومر أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يجمع بين مفترق) بتقديم الفاء على التاء الفوقية وخفة الراء وبتقديم الفوقية على الفاء وشد الراء روايتان كما مر ( ولا يفرق) بضم أوله وشد ثالثه مفتوحًا ( بين مجتمع خشية الصدقة أنه إنما يعني بذلك أصحاب المواشي) لأنه مقتضى قوله خشية الصدقة قاله أبو عمر لا السعاة ( قال مالك وتفسير لا يجمع بين مفترق أن يكون النفر الثلاثة الذين يكون لكل واحد منهم أربعون شاة قد وجبت على كل واحد منهم في غنمهم الصدقة فإذا أظلهم) بظاء معجمة أشرف عليهم ( المصدق) بضم الميم وتخفيف الصاد وكسر الدال أي آخذ الصدقة وهو الساعي ( جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة) لأنها واجب مائة وعشرين ( فنهوا عن ذلك) أي تقليل الصدقة ( وتفسير قوله ولا يفرق بين مجتمع أن الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما فيها ثلاث شياه فإذا أظلهما المصدق فرقًا غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة واحدة فنهى عن ذلك فقيل لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية) وفي رواية مخافة ( الصدقة قال فهذا الذي سمعت في) تفسير ( ذلك) وإليه ذهب سفيان الثوري وقال الشافعي هو خطاب لرب المال من جهة وللساعي من جهة فأمر كل واحد منهم أن لا يحدث شيئًا من الجمع والتفريق خشية الصدقة فرب المال يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع أو يفرق لنقل والساعي يخشى أن تقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر فمعنى قوله خشية الصدقة أي خشية أن تكثروا أن تقل فلما احتمل الأمرين لم يكن الحمل على أحدهما بأولى من الآخر فحمل عليهما معًا قال الحافظ لكن الذي يظهر أن حمله على المالك أظهر.



رقم الحديث 603 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ مَالٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، أَعَلَيْهِ زَكَاةٌ؟ فَقَالَ: لَا قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي الدَّيْنِ، أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ.
وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ ذَوَاتِ عَدَدٍ، ثُمَّ قَبَضَهُ صَاحِبُهُ، لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ.
فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا، لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، سِوَى الَّذِي قُبِضَ، تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يُزَكَّى مَعَ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ ذَلِكَ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ غَيْرُ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ، وَكَانَ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَكِنْ لِيَحْفَظْ عَدَدَ مَا اقْتَضَى، فَإِنِ اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ عَدَدَ مَا تَتِمُّ بِهِ الزَّكَاةُ، مَعَ مَا قَبَضَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَهْلَكَ مَا اقْتَضَى أَوَّلًا، أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ، فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ مَعَ مَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ.
فَإِذَا بَلَغَ مَا اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا، أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ.
ثُمَّ مَا اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِحَسَبِ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَالدَّلِيلُ عَلَى الدَّيْنِ يَغِيبُ أَعْوَامًا، ثُمَّ يُقْتَضَى فَلَا يَكُونُ فِيهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، أَنَّ الْعُرُوضَ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لِلتِّجَارَةِ أَعْوَامًا.
ثُمَّ يَبِيعُهَا.
فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي أَثْمَانِهَا إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوِ الْعُرُوضِ، أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوِ الْعُرُوضِ، مِنْ مَالٍ سِوَاهُ.
وَإِنَّمَا يُخْرِجُ زَكَاةَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ.
وَلَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ غَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَعِنْدَهُ مِنَ الْعُرُوضِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، وَيَكُونُ عِنْدَهُ مِنَ النَّاضِّ سِوَى ذَلِكَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ.
فَإِنَّهُ يُزَكِّي مَا بِيَدِهِ مِنْ نَاضٍّ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعُرُوضِ وَالنَّقْدِ إِلَّا وَفَاءُ دَيْنِهِ، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ مِنَ النَّاضِّ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِهِ، مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ.


( الزكاة في الدين)

( مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد) الكندي صحابي صغير ( أن عثمان بن عفان كان يقول) وفي رواية البيهقي من وجه آخر عن الزهري قال أخبرني السائب بن يزيد أنه سمع عثمان بن عفان خطيبًا على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( هذا شهر زكاتكم) قيل الإشارة لرجب وإنه محمول على أنه كان تمام حول المال لكن يحتاج إلى نقل ففي رواية البيهقي المذكورة عن الزهري ولم يسم لي السائب الشهر ولم أسأله عنه ( فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه) بالتذكير أي مما يحصل بعد أداء الدين ( الزكاة) لأن ما قابل الدين لا زكاة فيه ( مالك عن أيوب بن أبي تميمة) واسمه كيسان ( السختياني) نسبة لسختيان بفتح السين الجلد لبيع أو عمل أحد الأعلام يقال حج أربعين حجة ( أن عمر بن عبد العزيز كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلمًا يأمر برده إلى أهله ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين) لأنه على ملك صاحبه يورث عنه وبه قال سفيان الثوري وزفر والشافعي في قول ( ثم عقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة) لماضي السنين ( فإنه كان ضمارًا) بكسر الضاد غائبًا عن ربه لا يقدر على أخذه أو لا يعرف موضعه ولا يرجوه والزكاة إنما تتعلق بالأموال التي يقدر على تنميتها أو النامية قال ابن عبد البر وقيل الضمار الذي لا يدري صاحبه أيخرج أم لا وهو أصح وبآخر قولي عمر هذا قال مالك والأوزاعي قال ابن زرقون شبهه مالك بعرض المحتكر يبيعه بعد سنين فيزكيه لعام واحد انتهى.
وقال الليث والكوفيون يستأنف به حولاً ونقله ابن حبيب عن مالك وهو أحد قولي الشافعي ( مالك عن يزيد) بتحتية فزاي ( ابن خصيفة) بمعجمة ثم مهملة مصغر نسبة إلى جده فهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة بن عبد الله بن يزيد الكندي المدني ثقة من رجال الجميع ( أنه سأل سليمان بن يسار) أحد الفقهاء ( عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه زكاة فقال لا) زكاة عليه وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي إذا لم يكن له عرض ولا مال غيره وللشافعي قول آخر أن الدين لا يمنع الزكاة لأنها في عين المال والدين في الذمة ( قال مالك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه) لأنه لا يقدر على تنميته ( وإن أقام عند الذي هو عليه) أي المدين ( سنين ذوات عدد ثم قبضه صاحبه لم يجب عليه إلا زكاة واحدة) إذ لو وجبت لكل عام لأدى إلى أن الزكاة تستهلكه ولهذه العلة لم تطلب في أموال القنية لأن الزكاة مواساة في الأموال الممكن تنميتها فلا تفنيها الزكاة غالبًا ( فإن قبض منه شيئًا لا تجب فيه الزكاة) لنقصه عن النصاب ( فإنه إن كان له مال سوى الذي قبض تجب فيه الزكاة فإنه يزكى) بالبناء للمفعول ولابن وضاح يزكيه مبنيًا للفاعل وهاء الضمير ( مع ما قبض من دينه ذلك) وكذا إن كان ما عنده أقل من نصاب قد حال عليه الحول ثم قبض ما إذا أضافه إليه تم به نصاب فإنه يزكي يوم القبض عنهما فإن لم يحل الحول على ما بيده لم يزك ما قبض من دينه حتى يبلغ نصابًا ( قال وإن لم يكن له ناض غير الذي اقتضى من دينه وكان الذي اقتضى من دينه لا تجب فيه الزكاة فلا زكاة عليه فيه ولكن لا يحفظ عدد ما اقتضى فإن اقتضى بعد ذلك عدد ما تتم به الزكاة مع ما قبض قبل ذلك فعليه فيه الزكاة) لأنه مال واحد حال عليه الحول فإذا بلغ النصاب زكاة ( قال فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولاً أو لم يستهلكه فالزكاة واجبة عليه مع ما اقتضى من دينه فإذا بلغ ما اقتضى عشرين دينارًا عينًا أو مائتي درهم فعليه فيه الزكاة ثم ما اقتضى به بعد ذلك من قليل أو كثير فعليه الزكاة بحسب ذلك) فيزكي ما قبض ولو دينارًا أو درهمًا ( قال والدليل على الدين يغيب أعوامًا يقتضي فلا يكون فيه إلا زكاة واحدة أن العروض تكون عند الرجل) وصف طردي فالمراد عند التاجر المحتكر ولو أنثى للتجارة ( أعوامًا ثم يبيعها فليس عليه في أثمانها إلا زكاة واحدة) فاستدل بقياس الدين على عرض المحتكر والجامع بينهما عدم القدرة على النماء ( وذلك أنه ليس على صاحب الدين أو العرض أن يخرج زكاة ذلك الدين أو العرض من مال سواه) كعين عنده ( وإنما يخرج زكاة كل شيء منه ولا يخرج زكاة من شيء عن شيء غيره) ليس يقدر على نمائه كما أفاده ما قبله أما إن وجبت بقبض الدين أو ثمن العروض المحتكرة فله أن يخرج ما وجب عليه فيها من سواها ولا يتعين الإخراج منها كما له أن يخرج ذهبًا عن فضة وعكسه ( قال مالك الأمر عندنا في الرجل يكون عليه دين وعنده من العروض ما فيه وفاء لما عليه من الدين ويكون عنده من الناض) الذهب والفضة ( سوى ذلك ما) أي قدر ( تجب فيه الزكاة فإنه يزكي ما بيده من ناض تجب فيه الزكاة) ويجعل العروض في مقابلة الدين ( وإذا لم يكن عنده من العروض والنقد إلا وفاء دينه فلا زكاة عليه حتى يكون عنده) من الناض ( فضل) أي زيادة ( عن دينه ما تجب فيه الزكاة فعليه أن يزكيه) فما قابل الدين ولو نقدًا لا زكاة فيه.