فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَتَبَارَكَ الَّذِي

رقم الحديث 493 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: { { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } } يُرَدِّدُهَا.
فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ.
وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ.


مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ { { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } } وَ { { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } }

( مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة) بصادين بعد كل عين مهملات الأنصاري المازني ثقة مات في خلافة المنصور ( عن أبيه) عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة التابعي الثقة، قال الحافظ: هذا هو المحفوظ، ورواه جماعة عن مالك فقالوا: عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه، أخرجه النسائي والإسماعيلي والدارقطني، وقالوا: الصواب الأول ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك بن سنان ( الخدري أنه سمع رجلا) هو قتادة بن النعمان أخو أبي سعيد لأمه كما رواه أحمد وغيره، وبه جزم ابن عبد البر، وكانا متجاورين، وفي رواية التنيسي عن أبي سعيد أن رجلاً سمع رجلاً، فكأنه أبهم نفسه وأخاه ( يقرأ { { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } } ) كلها حال كونه ( يرددها) لأنه لم يحفظ غيرها أو لما رجاه من فضلها وبركتها قاله أبو عمر ( فلما أصبح) أبو سعيد ( غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك) الذي سمعه ( له وكان) فعل ماض وبشد النون ( الرجل) بالنصب والرفع الذي جاء وذكر وهو أبو سعيد ( يتقالها) بشد اللام أي يعتقد أنها قليلة في العمل لا في التنقيص، وللدارقطني من طريق إسحاق بن الطباع عن مالك فقال: إن لي جارًا يقوم بالليل فما يقرأ إلا بقل هو الله أحد ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده أنها لتعدل ثلث القرآن) باعتبار معانيه لأنه أحكام وأخبار وتوحيد فاشتملت على الثاني فهي ثلثه بهذا الاعتبار، واعترضه ابن عبد البر بأن في القرآن آيات كثيرة أكثر مما فيها من التوحيد كآية الكرسي وآخر الحشر ولم يرد فيها ذلك.

وأجاب أبو العباس القرطبي بأنها اشتملت على اثنين من أسماء الله تعالى متضمنين جميع أوصاف الكمال لم يوجدا في غيرها من السور وهما الأحد الصمد لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال لأن الأحد يشعر بوجوب الخاص الذي لا يشارك فيه غيره والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال، لأنه الذي انتهى مورده، فكان يرجع مرجع الطلب منه، وإليه ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن حاز جميع فضائل الكمال، وذلك لا يصلح إلا لله تعالى، فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة كانت بالنسبة إلى تمام معرفة الذات وصفات الفعل ثلثًا.

وقال قوم: معناه تعدل ثلث القرآن في الثواب، وضعفه ابن عقيل بحديث من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، وقال إسحاق بن راهويه: ليس المراد أن من قرأها ثلاث مرات كمن قرأ القرآن جميعه هذا لا يستقيم، ولو قرأها مائتي مرة قال ابن عبد البر فلم يبق إلا أنها تعدل ثلثه في الثواب لا إن من قرأها ثلاثًا كمن قرأه كله، وهذا ظاهر الحديث، وقيل: معناه أن الرجل لم يزل يرددها حتى بلغ ترديده لها بالكلمات والحروف والآيات ثلث القرآن، وهذا تأويل بعيد عن ظاهر الحديث، ثم قال: السكوت في هذه المسألة وشبهها أفضل من الكلام فيها وأسلم.

قال السيوطي: وإلى هذا نحا جماعة كابن حنبل وابن راهويه، وأنه من المتشابه الذي لا يدري معناه وإياه أختار انتهى.

ونقل ابن السيد حمله على ظاهره عن الفقهاء والمفسرين.
قال الأبي: وهو الأظهر وخبر مسلم أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن قالوا وكيف قال { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } } ظاهر بل نص في ذلك، وكذا حديث: احشدوا أي اجتمعوا.
قال: ولم يؤثر العلماء قراءتها على السور الطوال لأن المطلوب التدبر والاتعاظ واقتباس الأحكام.

وقال الباجي: يحتمل أنها تعدل ثلثه لمن لا يحسن غيرها، ومنعه من تعلمه عذر، ويحتمل أن أجرها مع التضعيف يعدل أجر ثلث القرآن بلا تضعيف، ويحتمل أن الاعتناء لذلك القارئ أو لقارئ على صفة ما من الخشوع والتدبر وتجديد الإيمان مثل أجر من قرأ ثلث القرآن على غير هذه الصفة والله يضاعف لمن يشاء.

قال عياض: ومعنى بلا تضعيف أي ثواب ختمة ليس فيها { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } }

قال الأبي: يريد أنها إن كانت فيها تسلسل، وفي مسلم والترمذي عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن فحشد من حشد، ثم خرج نبي الله فقرأ { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } } ثم دخل فقال بعض لبعض أرى هذا خبرًا جاءه من السماء، فذاك الذي أدخله، ثم خرج نبي الله فقال: إني قلت لكم سأقرأ عليكم ثلث القرآن ألا إنها تعدل ثلث القرآن، وإذا حمل على ظاهره فهل ذلك الثلث معين أو أي ثلث كان فيه نظر، وعلى الثاني من قرأها ثلاثًا كان كمن قرأ ختمة كاملة.

وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، وفي الأيمان والنذور عن عبد الله بن مسلمة كلاهما عن مالك به.

( مالك عن عبيد الله) بضم العين وللقعنبي، ومطرف عبد الله بفتحها.
قال ابن عبد البر: والصواب الأول ( بن عبد الرحمن) بن السائب بن عمير المدني الثقة ( عن عبيد) بضم العين مصغر ( بن حنين) بنون مصغر، المدني أبي عبد الله ثقة قليل الحديث مات سنة خمس ومائة وله خمس وسبعون سنة، ويقال أكثر ( مولى آل زيد بن الخطاب) أخي عمر، صحابي قديم الإسلام وشهد بدرًا، واستشهد باليمامة سنة اثنتي عشرة، وحزن عليه عمر شديدًا.
قال: سبقني إلى الحسنيين، أسلم قبلي واستشهد قبلي.
وقال محمد بن إسحاق والزبير بن بكار عبيد بن حنين مولى الحكم بن أبي العاص ( أنه قال سمعت أبا هريرة يقول أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلا يقرأ { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } } ) السورة بتمامها ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت فسألته ماذا يا رسول الله) أردت بقولك وجبت ( فقال الجنة فقال أبو هريرة فأردت أن أذهب إليه فأبشره) بهذه البشارة العظيمة الجنة ( ثم فرقت) بكسر الراء خفت ( أن يفوتني الغداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) زعم ابن وضاح أنه صلاة الغداة ولا يعرف ذلك في كلام العرب وإنما الغداء ما يؤكل بالغداة.
وكان أبو هريرة يلزم النبي صلى الله عليه وسلم لشبع بطنه، فكان يتغدى معه، ويتعشى معه؛ قاله الباجي ( فآثرت الغداء) بغين معجمة فدال مهملة ممدود ( مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) لئلا أضعف عن العبادة لعدم وجود ما أتغدى به لأنه كان فقيرًا جدًا في أول أمره ( ثم ذهبت إلى الرجل) لأبشره فأجمع بين الأمرين ( فوجدته قد ذهب) .

قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث مالك يعني وهو إمام حافظ، فلا يضره التفرد.

( مالك عن ابن شهاب عن حميد) بضم الحاء ( بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني التابعي الكبير أحد الثقات الأثبات، مات سنة خمس ومائة على الصحيح، كذا في التقريب، وقال في التمهيد: توفي سنة خمس وتسعين وهو ابن ثلاث وتسعين، وقال ابن سعد: سمعت من يذكر أنه مات سنة خمس ومائة وهذا غلط، وليس يمكن أن يكون كذلك لا في سنه ولا في روايته، والصواب ما ذكره الواقدي يعني سنة خمس وتسعين انتهى.
( أنه أخبره أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) وهذا لا يؤخذ بالرأي بل بالتوقيف، وتقدمت هذه الجملة في حديث أبي سعيد، وأما الثانية وهي ( وأن تبارك الذي بيده الملك تجادل عن صاحبها) أي كثرة قراءتها تدفع غضب الرب يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها فقامت مقام المجادلة عنه، كذا قال ابن عبد البر، ولا مانع من حمله على الحقيقة الذي هو ظاهر الحديث، فأخرج ابن مردويه والطبراني عن أنس مرفوعًا سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة { { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } }

وأخرج أصحاب السنن الأربعة وأحمد والحاكم وصححه عن أبي هريرة رفعه إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له: { { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } } وأخرج عبد بن حميد والطبراني والحاكم عن ابن عباس أنه قال لرجل: اقرأ تبارك الذي بيده الملك فإنها المنجية والمجادلة يوم القيامة عند ربها لقارئها وتطلب له أن ينجيه من عذاب الله وينجو بها صاحبها من عذاب القبر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي، وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن مرة قال: كان يقال إن من القرآن سورة تجادل عن صاحبها في القبر تكون ثلاثين آية، فنظروا فوجدوها تبارك.

قال السيوطي: فعرف من مجموعها أنها تجادل عنه في القبر وفي القيامة لتدفع عنه العذاب وتدخله الجنة.



رقم الحديث 494 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ { { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } } فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ، فَسَأَلْتُهُ: مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: الْجَنَّةُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَيْهِ، فَأُبَشِّرَهُ.
ثُمَّ فَرِقْتُ أَنْ يَفُوتَنِي الْغَدَاءُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَآثَرْتُ الْغَدَاءَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ ذَهَبَ.


مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ { { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } } وَ { { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } }

( مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة) بصادين بعد كل عين مهملات الأنصاري المازني ثقة مات في خلافة المنصور ( عن أبيه) عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة التابعي الثقة، قال الحافظ: هذا هو المحفوظ، ورواه جماعة عن مالك فقالوا: عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه، أخرجه النسائي والإسماعيلي والدارقطني، وقالوا: الصواب الأول ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك بن سنان ( الخدري أنه سمع رجلا) هو قتادة بن النعمان أخو أبي سعيد لأمه كما رواه أحمد وغيره، وبه جزم ابن عبد البر، وكانا متجاورين، وفي رواية التنيسي عن أبي سعيد أن رجلاً سمع رجلاً، فكأنه أبهم نفسه وأخاه ( يقرأ { { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } } ) كلها حال كونه ( يرددها) لأنه لم يحفظ غيرها أو لما رجاه من فضلها وبركتها قاله أبو عمر ( فلما أصبح) أبو سعيد ( غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك) الذي سمعه ( له وكان) فعل ماض وبشد النون ( الرجل) بالنصب والرفع الذي جاء وذكر وهو أبو سعيد ( يتقالها) بشد اللام أي يعتقد أنها قليلة في العمل لا في التنقيص، وللدارقطني من طريق إسحاق بن الطباع عن مالك فقال: إن لي جارًا يقوم بالليل فما يقرأ إلا بقل هو الله أحد ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده أنها لتعدل ثلث القرآن) باعتبار معانيه لأنه أحكام وأخبار وتوحيد فاشتملت على الثاني فهي ثلثه بهذا الاعتبار، واعترضه ابن عبد البر بأن في القرآن آيات كثيرة أكثر مما فيها من التوحيد كآية الكرسي وآخر الحشر ولم يرد فيها ذلك.

وأجاب أبو العباس القرطبي بأنها اشتملت على اثنين من أسماء الله تعالى متضمنين جميع أوصاف الكمال لم يوجدا في غيرها من السور وهما الأحد الصمد لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال لأن الأحد يشعر بوجوب الخاص الذي لا يشارك فيه غيره والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال، لأنه الذي انتهى مورده، فكان يرجع مرجع الطلب منه، وإليه ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن حاز جميع فضائل الكمال، وذلك لا يصلح إلا لله تعالى، فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة كانت بالنسبة إلى تمام معرفة الذات وصفات الفعل ثلثًا.

وقال قوم: معناه تعدل ثلث القرآن في الثواب، وضعفه ابن عقيل بحديث من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، وقال إسحاق بن راهويه: ليس المراد أن من قرأها ثلاث مرات كمن قرأ القرآن جميعه هذا لا يستقيم، ولو قرأها مائتي مرة قال ابن عبد البر فلم يبق إلا أنها تعدل ثلثه في الثواب لا إن من قرأها ثلاثًا كمن قرأه كله، وهذا ظاهر الحديث، وقيل: معناه أن الرجل لم يزل يرددها حتى بلغ ترديده لها بالكلمات والحروف والآيات ثلث القرآن، وهذا تأويل بعيد عن ظاهر الحديث، ثم قال: السكوت في هذه المسألة وشبهها أفضل من الكلام فيها وأسلم.

قال السيوطي: وإلى هذا نحا جماعة كابن حنبل وابن راهويه، وأنه من المتشابه الذي لا يدري معناه وإياه أختار انتهى.

ونقل ابن السيد حمله على ظاهره عن الفقهاء والمفسرين.
قال الأبي: وهو الأظهر وخبر مسلم أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن قالوا وكيف قال { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } } ظاهر بل نص في ذلك، وكذا حديث: احشدوا أي اجتمعوا.
قال: ولم يؤثر العلماء قراءتها على السور الطوال لأن المطلوب التدبر والاتعاظ واقتباس الأحكام.

وقال الباجي: يحتمل أنها تعدل ثلثه لمن لا يحسن غيرها، ومنعه من تعلمه عذر، ويحتمل أن أجرها مع التضعيف يعدل أجر ثلث القرآن بلا تضعيف، ويحتمل أن الاعتناء لذلك القارئ أو لقارئ على صفة ما من الخشوع والتدبر وتجديد الإيمان مثل أجر من قرأ ثلث القرآن على غير هذه الصفة والله يضاعف لمن يشاء.

قال عياض: ومعنى بلا تضعيف أي ثواب ختمة ليس فيها { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } }

قال الأبي: يريد أنها إن كانت فيها تسلسل، وفي مسلم والترمذي عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن فحشد من حشد، ثم خرج نبي الله فقرأ { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } } ثم دخل فقال بعض لبعض أرى هذا خبرًا جاءه من السماء، فذاك الذي أدخله، ثم خرج نبي الله فقال: إني قلت لكم سأقرأ عليكم ثلث القرآن ألا إنها تعدل ثلث القرآن، وإذا حمل على ظاهره فهل ذلك الثلث معين أو أي ثلث كان فيه نظر، وعلى الثاني من قرأها ثلاثًا كان كمن قرأ ختمة كاملة.

وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، وفي الأيمان والنذور عن عبد الله بن مسلمة كلاهما عن مالك به.

( مالك عن عبيد الله) بضم العين وللقعنبي، ومطرف عبد الله بفتحها.
قال ابن عبد البر: والصواب الأول ( بن عبد الرحمن) بن السائب بن عمير المدني الثقة ( عن عبيد) بضم العين مصغر ( بن حنين) بنون مصغر، المدني أبي عبد الله ثقة قليل الحديث مات سنة خمس ومائة وله خمس وسبعون سنة، ويقال أكثر ( مولى آل زيد بن الخطاب) أخي عمر، صحابي قديم الإسلام وشهد بدرًا، واستشهد باليمامة سنة اثنتي عشرة، وحزن عليه عمر شديدًا.
قال: سبقني إلى الحسنيين، أسلم قبلي واستشهد قبلي.
وقال محمد بن إسحاق والزبير بن بكار عبيد بن حنين مولى الحكم بن أبي العاص ( أنه قال سمعت أبا هريرة يقول أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلا يقرأ { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } } ) السورة بتمامها ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت فسألته ماذا يا رسول الله) أردت بقولك وجبت ( فقال الجنة فقال أبو هريرة فأردت أن أذهب إليه فأبشره) بهذه البشارة العظيمة الجنة ( ثم فرقت) بكسر الراء خفت ( أن يفوتني الغداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) زعم ابن وضاح أنه صلاة الغداة ولا يعرف ذلك في كلام العرب وإنما الغداء ما يؤكل بالغداة.
وكان أبو هريرة يلزم النبي صلى الله عليه وسلم لشبع بطنه، فكان يتغدى معه، ويتعشى معه؛ قاله الباجي ( فآثرت الغداء) بغين معجمة فدال مهملة ممدود ( مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) لئلا أضعف عن العبادة لعدم وجود ما أتغدى به لأنه كان فقيرًا جدًا في أول أمره ( ثم ذهبت إلى الرجل) لأبشره فأجمع بين الأمرين ( فوجدته قد ذهب) .

قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث مالك يعني وهو إمام حافظ، فلا يضره التفرد.

( مالك عن ابن شهاب عن حميد) بضم الحاء ( بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني التابعي الكبير أحد الثقات الأثبات، مات سنة خمس ومائة على الصحيح، كذا في التقريب، وقال في التمهيد: توفي سنة خمس وتسعين وهو ابن ثلاث وتسعين، وقال ابن سعد: سمعت من يذكر أنه مات سنة خمس ومائة وهذا غلط، وليس يمكن أن يكون كذلك لا في سنه ولا في روايته، والصواب ما ذكره الواقدي يعني سنة خمس وتسعين انتهى.
( أنه أخبره أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) وهذا لا يؤخذ بالرأي بل بالتوقيف، وتقدمت هذه الجملة في حديث أبي سعيد، وأما الثانية وهي ( وأن تبارك الذي بيده الملك تجادل عن صاحبها) أي كثرة قراءتها تدفع غضب الرب يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها فقامت مقام المجادلة عنه، كذا قال ابن عبد البر، ولا مانع من حمله على الحقيقة الذي هو ظاهر الحديث، فأخرج ابن مردويه والطبراني عن أنس مرفوعًا سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة { { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } }

وأخرج أصحاب السنن الأربعة وأحمد والحاكم وصححه عن أبي هريرة رفعه إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له: { { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } } وأخرج عبد بن حميد والطبراني والحاكم عن ابن عباس أنه قال لرجل: اقرأ تبارك الذي بيده الملك فإنها المنجية والمجادلة يوم القيامة عند ربها لقارئها وتطلب له أن ينجيه من عذاب الله وينجو بها صاحبها من عذاب القبر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي، وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن مرة قال: كان يقال إن من القرآن سورة تجادل عن صاحبها في القبر تكون ثلاثين آية، فنظروا فوجدوها تبارك.

قال السيوطي: فعرف من مجموعها أنها تجادل عنه في القبر وفي القيامة لتدفع عنه العذاب وتدخله الجنة.



رقم الحديث 495 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ تُجَادِلُ عَنْ صَاحِبِهَا.


مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ { { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } } وَ { { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } }

( مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة) بصادين بعد كل عين مهملات الأنصاري المازني ثقة مات في خلافة المنصور ( عن أبيه) عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة التابعي الثقة، قال الحافظ: هذا هو المحفوظ، ورواه جماعة عن مالك فقالوا: عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه، أخرجه النسائي والإسماعيلي والدارقطني، وقالوا: الصواب الأول ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك بن سنان ( الخدري أنه سمع رجلا) هو قتادة بن النعمان أخو أبي سعيد لأمه كما رواه أحمد وغيره، وبه جزم ابن عبد البر، وكانا متجاورين، وفي رواية التنيسي عن أبي سعيد أن رجلاً سمع رجلاً، فكأنه أبهم نفسه وأخاه ( يقرأ { { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } } ) كلها حال كونه ( يرددها) لأنه لم يحفظ غيرها أو لما رجاه من فضلها وبركتها قاله أبو عمر ( فلما أصبح) أبو سعيد ( غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك) الذي سمعه ( له وكان) فعل ماض وبشد النون ( الرجل) بالنصب والرفع الذي جاء وذكر وهو أبو سعيد ( يتقالها) بشد اللام أي يعتقد أنها قليلة في العمل لا في التنقيص، وللدارقطني من طريق إسحاق بن الطباع عن مالك فقال: إن لي جارًا يقوم بالليل فما يقرأ إلا بقل هو الله أحد ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده أنها لتعدل ثلث القرآن) باعتبار معانيه لأنه أحكام وأخبار وتوحيد فاشتملت على الثاني فهي ثلثه بهذا الاعتبار، واعترضه ابن عبد البر بأن في القرآن آيات كثيرة أكثر مما فيها من التوحيد كآية الكرسي وآخر الحشر ولم يرد فيها ذلك.

وأجاب أبو العباس القرطبي بأنها اشتملت على اثنين من أسماء الله تعالى متضمنين جميع أوصاف الكمال لم يوجدا في غيرها من السور وهما الأحد الصمد لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال لأن الأحد يشعر بوجوب الخاص الذي لا يشارك فيه غيره والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال، لأنه الذي انتهى مورده، فكان يرجع مرجع الطلب منه، وإليه ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن حاز جميع فضائل الكمال، وذلك لا يصلح إلا لله تعالى، فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة كانت بالنسبة إلى تمام معرفة الذات وصفات الفعل ثلثًا.

وقال قوم: معناه تعدل ثلث القرآن في الثواب، وضعفه ابن عقيل بحديث من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، وقال إسحاق بن راهويه: ليس المراد أن من قرأها ثلاث مرات كمن قرأ القرآن جميعه هذا لا يستقيم، ولو قرأها مائتي مرة قال ابن عبد البر فلم يبق إلا أنها تعدل ثلثه في الثواب لا إن من قرأها ثلاثًا كمن قرأه كله، وهذا ظاهر الحديث، وقيل: معناه أن الرجل لم يزل يرددها حتى بلغ ترديده لها بالكلمات والحروف والآيات ثلث القرآن، وهذا تأويل بعيد عن ظاهر الحديث، ثم قال: السكوت في هذه المسألة وشبهها أفضل من الكلام فيها وأسلم.

قال السيوطي: وإلى هذا نحا جماعة كابن حنبل وابن راهويه، وأنه من المتشابه الذي لا يدري معناه وإياه أختار انتهى.

ونقل ابن السيد حمله على ظاهره عن الفقهاء والمفسرين.
قال الأبي: وهو الأظهر وخبر مسلم أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن قالوا وكيف قال { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } } ظاهر بل نص في ذلك، وكذا حديث: احشدوا أي اجتمعوا.
قال: ولم يؤثر العلماء قراءتها على السور الطوال لأن المطلوب التدبر والاتعاظ واقتباس الأحكام.

وقال الباجي: يحتمل أنها تعدل ثلثه لمن لا يحسن غيرها، ومنعه من تعلمه عذر، ويحتمل أن أجرها مع التضعيف يعدل أجر ثلث القرآن بلا تضعيف، ويحتمل أن الاعتناء لذلك القارئ أو لقارئ على صفة ما من الخشوع والتدبر وتجديد الإيمان مثل أجر من قرأ ثلث القرآن على غير هذه الصفة والله يضاعف لمن يشاء.

قال عياض: ومعنى بلا تضعيف أي ثواب ختمة ليس فيها { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } }

قال الأبي: يريد أنها إن كانت فيها تسلسل، وفي مسلم والترمذي عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن فحشد من حشد، ثم خرج نبي الله فقرأ { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } } ثم دخل فقال بعض لبعض أرى هذا خبرًا جاءه من السماء، فذاك الذي أدخله، ثم خرج نبي الله فقال: إني قلت لكم سأقرأ عليكم ثلث القرآن ألا إنها تعدل ثلث القرآن، وإذا حمل على ظاهره فهل ذلك الثلث معين أو أي ثلث كان فيه نظر، وعلى الثاني من قرأها ثلاثًا كان كمن قرأ ختمة كاملة.

وهذا الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، وفي الأيمان والنذور عن عبد الله بن مسلمة كلاهما عن مالك به.

( مالك عن عبيد الله) بضم العين وللقعنبي، ومطرف عبد الله بفتحها.
قال ابن عبد البر: والصواب الأول ( بن عبد الرحمن) بن السائب بن عمير المدني الثقة ( عن عبيد) بضم العين مصغر ( بن حنين) بنون مصغر، المدني أبي عبد الله ثقة قليل الحديث مات سنة خمس ومائة وله خمس وسبعون سنة، ويقال أكثر ( مولى آل زيد بن الخطاب) أخي عمر، صحابي قديم الإسلام وشهد بدرًا، واستشهد باليمامة سنة اثنتي عشرة، وحزن عليه عمر شديدًا.
قال: سبقني إلى الحسنيين، أسلم قبلي واستشهد قبلي.
وقال محمد بن إسحاق والزبير بن بكار عبيد بن حنين مولى الحكم بن أبي العاص ( أنه قال سمعت أبا هريرة يقول أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلا يقرأ { { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } } ) السورة بتمامها ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت فسألته ماذا يا رسول الله) أردت بقولك وجبت ( فقال الجنة فقال أبو هريرة فأردت أن أذهب إليه فأبشره) بهذه البشارة العظيمة الجنة ( ثم فرقت) بكسر الراء خفت ( أن يفوتني الغداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) زعم ابن وضاح أنه صلاة الغداة ولا يعرف ذلك في كلام العرب وإنما الغداء ما يؤكل بالغداة.
وكان أبو هريرة يلزم النبي صلى الله عليه وسلم لشبع بطنه، فكان يتغدى معه، ويتعشى معه؛ قاله الباجي ( فآثرت الغداء) بغين معجمة فدال مهملة ممدود ( مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) لئلا أضعف عن العبادة لعدم وجود ما أتغدى به لأنه كان فقيرًا جدًا في أول أمره ( ثم ذهبت إلى الرجل) لأبشره فأجمع بين الأمرين ( فوجدته قد ذهب) .

قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث مالك يعني وهو إمام حافظ، فلا يضره التفرد.

( مالك عن ابن شهاب عن حميد) بضم الحاء ( بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني التابعي الكبير أحد الثقات الأثبات، مات سنة خمس ومائة على الصحيح، كذا في التقريب، وقال في التمهيد: توفي سنة خمس وتسعين وهو ابن ثلاث وتسعين، وقال ابن سعد: سمعت من يذكر أنه مات سنة خمس ومائة وهذا غلط، وليس يمكن أن يكون كذلك لا في سنه ولا في روايته، والصواب ما ذكره الواقدي يعني سنة خمس وتسعين انتهى.
( أنه أخبره أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) وهذا لا يؤخذ بالرأي بل بالتوقيف، وتقدمت هذه الجملة في حديث أبي سعيد، وأما الثانية وهي ( وأن تبارك الذي بيده الملك تجادل عن صاحبها) أي كثرة قراءتها تدفع غضب الرب يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها فقامت مقام المجادلة عنه، كذا قال ابن عبد البر، ولا مانع من حمله على الحقيقة الذي هو ظاهر الحديث، فأخرج ابن مردويه والطبراني عن أنس مرفوعًا سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة { { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } }

وأخرج أصحاب السنن الأربعة وأحمد والحاكم وصححه عن أبي هريرة رفعه إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له: { { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } } وأخرج عبد بن حميد والطبراني والحاكم عن ابن عباس أنه قال لرجل: اقرأ تبارك الذي بيده الملك فإنها المنجية والمجادلة يوم القيامة عند ربها لقارئها وتطلب له أن ينجيه من عذاب الله وينجو بها صاحبها من عذاب القبر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي، وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن مرة قال: كان يقال إن من القرآن سورة تجادل عن صاحبها في القبر تكون ثلاثين آية، فنظروا فوجدوها تبارك.

قال السيوطي: فعرف من مجموعها أنها تجادل عنه في القبر وفي القيامة لتدفع عنه العذاب وتدخله الجنة.