فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَمْرِ الْغَنَمِ

رقم الحديث 1773 حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ، وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ.


(ما جاء في أمر الغنم)

(مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي وخفة النون عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأس الكفر) أي منشؤه وابتداؤه أو معظمه وشدته (نحو المشرق) بالنصب لأنه ظرف مستقر في محل رفع خبر المبتدأ قال الباجي يحتمل أن يريد فارس وأن يريد أهل نجد وقال غيره المراد كفر النعمة لأن أكثر فتن الإسلام ظهرت من جهته كفتنة الجمل وصفين والنهروان وقتل الحسين وقتل مصعب بن الزبير وفتنة الجماجم يقال قتل فيها خمسمائة من كبار التابعين وإثارة الفتن وإراقة الدماء كفران نعمة الإسلام ويحتمل أن يريد كفر الجحود ويكون إشارة إلى وقعة التتار التي اتفق على أنه لم يقع لها نظير في الإسلام وخروج الدجال ففي خبر أنه يخرج من المشرق وقال ابن العربي إنما ذم المشرق لأنه كان مأوى الكفر في ذلك الزمن ومحل الفتن ثم عمه الإيمان وأيما كان فالحديث من أعلام النبوة لأنه إخبار عن غيب وقد وقع قال الحافظ وفيه إشارة إلى شدة كفر المجوس لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة فكانوا في غاية العزة والتكبر والتجبر حتى مزق ملكهم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إليه واستمرت الفتن من قبل المشرق (والفخر) بفتح الفاء وإسكان المعجمة ادعاء العظمة والكبر والشرف كما في النهاية ومنه الإعجاب بالنفس (والخيلاء) بضم المعجمة وفتح التحتية والمد الكبر واحتقار الغير في أهل الخيل والإبل والفدادين) بدل من أهل بفتح الفاء والدال مشددة عند الأكثر وقال القرطبي إنه الرواية وهو الصحيح على ما قاله الأصمعي وغيره جمع فداد وهو من يعلو صوته في إبله وخيله وحرثه ونحو ذلك وقيل الفدادين الإبل الكبيرة من مائتين إلى ألف وقيل من سكن الفدافد جمع فدفد وهي البراري والصحارى وهو بعيد وحكى تخفيف الدال جمع فدان والمراد البقر التي يحرث عليها قاله أبو عمر والنسائي وقال الخطابي آلة الحرث والسكة فالمراد أصحاب الفدادين على حذف مضاف ويؤيد الأول رواية وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل وقال أبو العباس الفدادين الرعاة والجمالون وقال الخطابي إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه من أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب وقال ابن فارس في الحديث الجفاء والقسوة في الفدادين أصحاب الحروث والمواشي (أهل الوبر) بفتح الواو والموحدة أي ليسوا من أهل المدر لأن العرب تعبر عن الحضر بأهل المدر وعن أهل البادية بأهل الوبر فلا يشكل ذكر الوبر بعد الخيل ولا وبر لها لأن المراد بينته زاد في حديث عقبة بن عمرو عند الشيخين في ربيعة ومضر أي في الفدادين منهم (والسكينة) فعيلة من السكون أي الطمأنينة والوقار والتواضع قال ابن خالويه لا نظير لها أي في وزنها إلا قولهم على فلان ضريبة أي خراج معلوم (في أهل الغنم) لأنهم غالبًا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما سبب الفخر والخيلاء وقيل أراد بهم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب إبل وروى ابن ماجه عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها اتخذي الغنم فإن فيها بركة وهذا الحديث رواه البخاري في بدء الخلق عن عبد الله بن يوسف ومسلم في الإيمان عن يحيى كلاهما عن مالك به (مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة) واسمه عمرو بن زيد بن عوف الأنصاري ثم المازني هلك في الجاهلية (عن أبيه) عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي صعصعة من ثقات تابعي الحجاز قال الحافظ فسقط الحارث من الرواية والحارث صحابي شهد أحدًا واستشهد باليمامة (عن أبي سعيد) اسمه سعد على الصحيح وقيل سنان بن مالك بن سنان استشهد أبوه بأحد (الخدري) بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة من المكثرين (أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك) بكسر الشين المعجمة وتفتح في لغة رديئة أي يقرب (أن يكون خير مال المسلم غنم) نكرة موصوفة مرفوع على الأشهر في الرواية اسم يكون مؤخرًا وخير مال خبرها مقدمًا وفائدة تقديمه الاهتمام إذ المطلوب حينئذ الاعتزال وليس الكلام في الغنم فلذا أخرها وفي رواية برفع خير اسم ونصب غنمًا خبر قال ابن مالك ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ويقدر في يكون ضمير الشأن قال الحافظ لكن لم تجيء به الرواية (يتبع بها) بتشديد التاء الفوقية افتعال من اتبع اتباعًا ويجوز إسكانها من تبع بالكسر يتبع بالفتح أي يتبع بالغنم (شعف) بشين معجمة فعين مهملة مفتوحتين ففاء أي رؤوس (الجبال) بالجيم ووقع في رواية يحيى شعب بموحدة بدل الفاء قال ابن عبد البر وهو غلط وإنما يرويه الناس شعف بفتح المعجمة والمهملة وفاء جمع شعفة كأكم وأكمة وهي رؤوس الجبال (ومواقع القطر) أي المطر بالنصب على شعف أي بطون الأودية والصحارى إذ هما مواضع الرعي حال كونه (يفر بدينه) أي بسببه من الناس أو مع دينه (من الفتن) طلبًا للسلامة لا لقصد دنيوي وفيه فضل العزلة للخائف على دينه إلا أن يقدر على إزالتها فتجب الخلطة عينًا أو كفاية بحسب الحال والإمكان فإن لم تكن فتنة فالجمهور على أن الاختلاط أولى لاكتساب الفضائل الدينية والجمعة والجماعة وغيرها كإعانة وإغاثة وعبادة وفضل قوم العزلة لتحقق السلامة بشرط معرفة ما يتعين وليعمل بما علم ويأنس بدوام الذكر نعم تجب العزلة لفقيه لا يسلم دينه بالصحبة وتجب الصحبة لمن عرف الحق فاتبعه والباطل فاجتنبه ويجب على من جهل ذلك ليعلمه وهذا الحديث رواه البخاري في الإيمان عن القعنبي وفي بدء الخلق عن إسماعيل وفي الفتن عن عبد الله بن يوسف الثلاثة عن مالك به وتابعه الماجشون وهو عبد العزيز بن عبد الله عنده في الأدب قال الحافظ وهو من أفراده عن مسلم نعم أخرجا من وجه آخر عن أبي سعيد حديث الأعرابي الذي سأل أي الناس خير قال مؤمن مجاهد في سبيل الله بنفسه وماله قال ثم من قال مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره وليس فيه ذكر الفتن وهي زيادة من حافظ فيقيد بها المطلق ولها شاهد من حديث أبي هريرة عند الحاكم ومن حديث أم مالك البهزية عند الترمذي ويؤيده ما ورد من النهي عن سكنى البوادي والسياحة والعزلة انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي (مالك عن نافع) في موطأ محمد بن الحسن مالك أخبرنا نافع (عن ابن عمر أن رسول الله) وفي رواية يزيد بن الهاد عن مالك في الموطآت للدارقطني أنه سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم قال لا يحتلبن) بفوقية فلام مكسورة قال الحافظ وفي أكثر الموطآت لا يحلبن بدون تاء وضم اللام (أحد ماشية أحد) ذكر أو أنثى قال في النهاية الماشية تقع على الإبل والبقر والغنم ولكنه في الغنم أكثر ورواه جماعة من رواة الموطأ ماشية رجل وهو كالمثال فلا اختصاص لذلك بالرجل وذكره بعض الشراح بلفظ ماشية أخيه وقال هو للغالب إذ لا فرق في هذا الحكم بين المسلم والذمي وتعقب بأنه لا وجود لذلك في الموطأ وبإثبات الفرق بينهما عند كثير من العلماء وقد رواه أحمد من طريق عبيد الله عن نافع بلفظ نهى أن يحتلب مواشي الناس (بغير إذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته) بضم الراء وقد تفتح أي غرفته (فتنكسر) بضم التاء وفتح السين والنصب عطف على تؤتى (خزانته) بكسر الخاء والرفع نائب الفاعل مكانه أو وعاؤه الذي يخزن فيه ما يريد حفظه وفي رواية أيوب عند أحمد فيكسر بابها (فينتقل) بالنصب (طعامه) بضم الياء ونون وقاف من النقل أي يحول من مكان إلى آخر كذا في أكثر الموطآت ورواه بعضهم كما قال أبو عمر وأخرجه الإسماعيلي عن روح بن عبادة وغيره عن مالك بلفظ فينتثل بمثلثة بدل القاف والنثل الأخذ مرة واحدة بسرعة وقيل الاستخراج وهو أخص من النقل وكذا رواه مسلم عن أيوب وموسى بن عقبة وغيرهما عن نافع ورواه الليث عن نافع بالقاف (وإنما تخزن) بفتح الفوقية وسكون المعجمة وضم الزاي (ضروع) جمع ضرع للبهيمة كالثدي للمرأة (مواشيهم أطعماتهم) نصب بالكسرة مفعول لضروع وهو جمع أطعمة وهي جمع طعام والمراد هنا اللبن كما قال أبو عمر فشبه ضروع المواشي في ضبطها الألبان على أربابها بالخزانة التي تحفظ ما أودعته من متاع وغيره (فلا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه) أعاده بعد ضرب المثال زيادة في التنفير عنه وفيه النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئًا إلا بإذنه الخاص أو العام وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه فنبه به على ما هو أولى منه وبهذا أخذ الجمهور واستثنى كثير من السلف ما إذا علم بطيب نفس صاحبه وإن لم يقع منه إذن خاص ولا عام وذهب كثير منهم إلى الجواز مطلقًا في الأكل والشرب سواء علم طيب نفسه أم لم يعلم والحجة لهم ما أخرجه أبو داود والترمذي وصححه من رواية الحسن عن سمرة مرفوعًا إذا أتى أحدكم ماشية فإن لم يكن صاحبها فيها فليصوت ثلاثًا فإن أجاب فليستأذنه فإن أذن له وإلا فليحلب وليشرب ولا يحمل إسناده صحيح إلى الحسن فمن صحح سماعه من سمرة صححه ومن لا أعله بالانقطاع لكن له شواهد من أقواها حديث أبي سعيد مرفوعًا إذا أتيت على راع فناده ثلاثًا فإن أجابك وإلا فاشرب من غير أن تفسد وإذا أتيت على حائط بستان فذكر مثله أخرجه ابن ماجه والطحاوي وصححه ابن حبان والحاكم وأجيب عنه بأن حديث النهي أصح فهو أولى أن يعمل به وبأنه معارض للقواعد القطعية في تحريم مال المسلم بغير إذنه فلا يلتفت إليه ومنهم من جمع بين الحديثين بوجوه منها حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه والنهي على ما إذا لم يعلم ومنها تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره أو بالمضطر أو بحال المجاعة مطلقًا وهي متقاربة وحكى ابن بطال عن بعض شيوخه أن حديث الإذن كان في زمنه صلى الله عليه وسلم وحديث النهي أشار به إلى ما سيكون بعده من التشاح وترك المواساة ومنهم من حمل حديث النهي على ما إذا كان المالك أحوج من المار لحديث أبي هريرة بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ رأينا إبلاً مصرورة فثبنا إليها فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه الإبل لأهل بيت من المسلمين هو قوتهم أيسركم لو رجعتم إلى منازلكم فوجدتم ما فيها قد ذهب قلنا لا قال فإن ذلك كذلك أخرجه أحمد وابن ماجه واللفظ له ولفظ أحمد فابتدرها القوم ليحلبوها قالوا فيحمل حديث الإذن على ما إذا كانت غير مصرورة والنهي على ما إذا كانت مصرورة لهذا الحديث لكن وقع عند أحمد في آخره فإن كنتم لا بد فاعلين فاشربوا ولا تحملوا فدل على عموم الإذن في المصرورة وغيرها لكن بقيد عدم الحمل ولا بد منه واختار ابن العربي الحمل على العادة قال وكانت عادة أهل الحجاز والشام وغيرهم المسامحة في ذلك بخلاف بلدنا قال ورأى بعضهم أن مهما كان على الطريق لا يعدل إليه ولا يقصد جاز للمار الأخذ منه وفيه إشارة إلى قصر ذلك على المجتاز وأشار أبو داود في السنن إلى قصر ذلك على المسافر في الغزو وآخرون إلى قصر الإذن على ما كان لأهل الذمة والنهي على ما إذا كان للمسلمين واستؤنس بما شرطه الصحابة على أهل الذمة من ضيافة المسلمين وصح ذلك عن عمر وذكر ابن وهب عن مالك في المسافر ينزل بالذمي قال لا يأخذ منه شيئًا إلا بإذنه قيل له فالضيافة التي جعلت عليهم قال كانوا يومئذ فخفف عنهم بسببها وأما الآن فلا وجنح بعضهم إلى نسخ الإذن وحمله على أنه قبل وجوب الزكاة قالوا وكانت الضيافة حينئذ واجبة ثم نسخ ذلك بفرض الزكاة وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام وتمثيل ما قد يخفى بما هو أوضح منه واستعمال القياس في النظائر وذكر الحكم بعلته بعد ذكر العلة تأكيدًا أو تقريرًا وأن القياس لا يشترط في صحته مساواة الأصل للفرع بكل اعتبار بل ربما كانت للأصل مزية لا يتميز سقوطها في الفرع إذا شارك في أصل الصفة لأن الضرع لا يساوي الخزانة في الخزن كما أن الضرع لا يساوي الفعل فيه ومع ذلك فقد ألحق الشارع المصرور في الحكم بالخزانة المقفلة في تحريم تناول كل منهما بغير إذن صاحبه أشار إليه ابن المنير وفيه إباحة خزن الطعام واحتكاره إلى وقت الحاجة إليه خلافًا لغلاة المتزهدة المانعين من الادخار مطلقًا قاله القرطبي وأن اللبن يسمى طعامًا وفيه غير ذلك ذكره الحافظ وأخرجه البخاري في اللقطة عن عبد الله بن يوسف ومسلم في القضاء عن يحيى كلاهما عن (مالك به وتابعه) جماعة عن نافع في الصحيحين وغيرهما (مالك أنه بلغه) مما صح موصولاً عن عبد الرحمن بن عوف وجابر وأبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي إلا قد رعى غنمًا) اسم جنس يشمل الذكر والأنثى قال العلماء الحكمة في إلهامهم رعيها قبل النبوة ليحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفون به من القيام بأمر أمتهم ولأن في مخالطتها زيادة الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على مشقة الرعي ودفعوا عنها السباع الضارية والأيدي الخاطفة وعلموا اختلاف طباعها وتفاوت إدراكها وعرفوا ضعفها واحتياجها إلى النقل من مرعى إلى مرعى ومن مسرح إلى مراح رفقوا بضعيفها وأحسنوا تعاهدها فهو توطئة لتعريفهم سياسة أممهم ولما جبلوا عليه من التواضع صلى الله عليه وسلم وخص الغنم لأنها أضعف من غيرها (قيل وأنت يا رسول الله قال وأنا) رعيتها وحديث أبي هريرة رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم فقال أصحابه وأنت فقال وأنا كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ورواه ابن ماجه بلفظ كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط قال سويد شيخ ابن ماجه يعني كل شاة بقيراط يعني القيراط الذي هو جزء من الدينار والدرهم وقال أبو إسحاق الحربي قراريط اسم موضع بمكة وصححه ابن الجوزي وابن ناصر وأيده مغلطاي بأن العرب لم تكن تعرف القيراط قال الحافظ لكن الأول أرجح لأن أهل مكة لا تعرف بها مكانًا يقال له القراريط وقال غيره لم تكن العرب تعرف القراريط الذي هو من النقد ولذا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح تفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط لكن لا يلزم من عدم معرفتهم لها أن يكون صلى الله عليه وسلم لا يعرف ذلك وفي ذكره صلى الله عليه وسلم لذلك بعد أن علم أنه أشرف خلق الله ما فيه من التواضع والتصريح بمنة الله عليه.



رقم الحديث 1774 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمًا يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ.


(ما جاء في أمر الغنم)

(مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي وخفة النون عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأس الكفر) أي منشؤه وابتداؤه أو معظمه وشدته (نحو المشرق) بالنصب لأنه ظرف مستقر في محل رفع خبر المبتدأ قال الباجي يحتمل أن يريد فارس وأن يريد أهل نجد وقال غيره المراد كفر النعمة لأن أكثر فتن الإسلام ظهرت من جهته كفتنة الجمل وصفين والنهروان وقتل الحسين وقتل مصعب بن الزبير وفتنة الجماجم يقال قتل فيها خمسمائة من كبار التابعين وإثارة الفتن وإراقة الدماء كفران نعمة الإسلام ويحتمل أن يريد كفر الجحود ويكون إشارة إلى وقعة التتار التي اتفق على أنه لم يقع لها نظير في الإسلام وخروج الدجال ففي خبر أنه يخرج من المشرق وقال ابن العربي إنما ذم المشرق لأنه كان مأوى الكفر في ذلك الزمن ومحل الفتن ثم عمه الإيمان وأيما كان فالحديث من أعلام النبوة لأنه إخبار عن غيب وقد وقع قال الحافظ وفيه إشارة إلى شدة كفر المجوس لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة فكانوا في غاية العزة والتكبر والتجبر حتى مزق ملكهم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إليه واستمرت الفتن من قبل المشرق (والفخر) بفتح الفاء وإسكان المعجمة ادعاء العظمة والكبر والشرف كما في النهاية ومنه الإعجاب بالنفس (والخيلاء) بضم المعجمة وفتح التحتية والمد الكبر واحتقار الغير في أهل الخيل والإبل والفدادين) بدل من أهل بفتح الفاء والدال مشددة عند الأكثر وقال القرطبي إنه الرواية وهو الصحيح على ما قاله الأصمعي وغيره جمع فداد وهو من يعلو صوته في إبله وخيله وحرثه ونحو ذلك وقيل الفدادين الإبل الكبيرة من مائتين إلى ألف وقيل من سكن الفدافد جمع فدفد وهي البراري والصحارى وهو بعيد وحكى تخفيف الدال جمع فدان والمراد البقر التي يحرث عليها قاله أبو عمر والنسائي وقال الخطابي آلة الحرث والسكة فالمراد أصحاب الفدادين على حذف مضاف ويؤيد الأول رواية وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل وقال أبو العباس الفدادين الرعاة والجمالون وقال الخطابي إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه من أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب وقال ابن فارس في الحديث الجفاء والقسوة في الفدادين أصحاب الحروث والمواشي (أهل الوبر) بفتح الواو والموحدة أي ليسوا من أهل المدر لأن العرب تعبر عن الحضر بأهل المدر وعن أهل البادية بأهل الوبر فلا يشكل ذكر الوبر بعد الخيل ولا وبر لها لأن المراد بينته زاد في حديث عقبة بن عمرو عند الشيخين في ربيعة ومضر أي في الفدادين منهم (والسكينة) فعيلة من السكون أي الطمأنينة والوقار والتواضع قال ابن خالويه لا نظير لها أي في وزنها إلا قولهم على فلان ضريبة أي خراج معلوم (في أهل الغنم) لأنهم غالبًا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما سبب الفخر والخيلاء وقيل أراد بهم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب إبل وروى ابن ماجه عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها اتخذي الغنم فإن فيها بركة وهذا الحديث رواه البخاري في بدء الخلق عن عبد الله بن يوسف ومسلم في الإيمان عن يحيى كلاهما عن مالك به (مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة) واسمه عمرو بن زيد بن عوف الأنصاري ثم المازني هلك في الجاهلية (عن أبيه) عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي صعصعة من ثقات تابعي الحجاز قال الحافظ فسقط الحارث من الرواية والحارث صحابي شهد أحدًا واستشهد باليمامة (عن أبي سعيد) اسمه سعد على الصحيح وقيل سنان بن مالك بن سنان استشهد أبوه بأحد (الخدري) بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة من المكثرين (أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك) بكسر الشين المعجمة وتفتح في لغة رديئة أي يقرب (أن يكون خير مال المسلم غنم) نكرة موصوفة مرفوع على الأشهر في الرواية اسم يكون مؤخرًا وخير مال خبرها مقدمًا وفائدة تقديمه الاهتمام إذ المطلوب حينئذ الاعتزال وليس الكلام في الغنم فلذا أخرها وفي رواية برفع خير اسم ونصب غنمًا خبر قال ابن مالك ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ويقدر في يكون ضمير الشأن قال الحافظ لكن لم تجيء به الرواية (يتبع بها) بتشديد التاء الفوقية افتعال من اتبع اتباعًا ويجوز إسكانها من تبع بالكسر يتبع بالفتح أي يتبع بالغنم (شعف) بشين معجمة فعين مهملة مفتوحتين ففاء أي رؤوس (الجبال) بالجيم ووقع في رواية يحيى شعب بموحدة بدل الفاء قال ابن عبد البر وهو غلط وإنما يرويه الناس شعف بفتح المعجمة والمهملة وفاء جمع شعفة كأكم وأكمة وهي رؤوس الجبال (ومواقع القطر) أي المطر بالنصب على شعف أي بطون الأودية والصحارى إذ هما مواضع الرعي حال كونه (يفر بدينه) أي بسببه من الناس أو مع دينه (من الفتن) طلبًا للسلامة لا لقصد دنيوي وفيه فضل العزلة للخائف على دينه إلا أن يقدر على إزالتها فتجب الخلطة عينًا أو كفاية بحسب الحال والإمكان فإن لم تكن فتنة فالجمهور على أن الاختلاط أولى لاكتساب الفضائل الدينية والجمعة والجماعة وغيرها كإعانة وإغاثة وعبادة وفضل قوم العزلة لتحقق السلامة بشرط معرفة ما يتعين وليعمل بما علم ويأنس بدوام الذكر نعم تجب العزلة لفقيه لا يسلم دينه بالصحبة وتجب الصحبة لمن عرف الحق فاتبعه والباطل فاجتنبه ويجب على من جهل ذلك ليعلمه وهذا الحديث رواه البخاري في الإيمان عن القعنبي وفي بدء الخلق عن إسماعيل وفي الفتن عن عبد الله بن يوسف الثلاثة عن مالك به وتابعه الماجشون وهو عبد العزيز بن عبد الله عنده في الأدب قال الحافظ وهو من أفراده عن مسلم نعم أخرجا من وجه آخر عن أبي سعيد حديث الأعرابي الذي سأل أي الناس خير قال مؤمن مجاهد في سبيل الله بنفسه وماله قال ثم من قال مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره وليس فيه ذكر الفتن وهي زيادة من حافظ فيقيد بها المطلق ولها شاهد من حديث أبي هريرة عند الحاكم ومن حديث أم مالك البهزية عند الترمذي ويؤيده ما ورد من النهي عن سكنى البوادي والسياحة والعزلة انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي (مالك عن نافع) في موطأ محمد بن الحسن مالك أخبرنا نافع (عن ابن عمر أن رسول الله) وفي رواية يزيد بن الهاد عن مالك في الموطآت للدارقطني أنه سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم قال لا يحتلبن) بفوقية فلام مكسورة قال الحافظ وفي أكثر الموطآت لا يحلبن بدون تاء وضم اللام (أحد ماشية أحد) ذكر أو أنثى قال في النهاية الماشية تقع على الإبل والبقر والغنم ولكنه في الغنم أكثر ورواه جماعة من رواة الموطأ ماشية رجل وهو كالمثال فلا اختصاص لذلك بالرجل وذكره بعض الشراح بلفظ ماشية أخيه وقال هو للغالب إذ لا فرق في هذا الحكم بين المسلم والذمي وتعقب بأنه لا وجود لذلك في الموطأ وبإثبات الفرق بينهما عند كثير من العلماء وقد رواه أحمد من طريق عبيد الله عن نافع بلفظ نهى أن يحتلب مواشي الناس (بغير إذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته) بضم الراء وقد تفتح أي غرفته (فتنكسر) بضم التاء وفتح السين والنصب عطف على تؤتى (خزانته) بكسر الخاء والرفع نائب الفاعل مكانه أو وعاؤه الذي يخزن فيه ما يريد حفظه وفي رواية أيوب عند أحمد فيكسر بابها (فينتقل) بالنصب (طعامه) بضم الياء ونون وقاف من النقل أي يحول من مكان إلى آخر كذا في أكثر الموطآت ورواه بعضهم كما قال أبو عمر وأخرجه الإسماعيلي عن روح بن عبادة وغيره عن مالك بلفظ فينتثل بمثلثة بدل القاف والنثل الأخذ مرة واحدة بسرعة وقيل الاستخراج وهو أخص من النقل وكذا رواه مسلم عن أيوب وموسى بن عقبة وغيرهما عن نافع ورواه الليث عن نافع بالقاف (وإنما تخزن) بفتح الفوقية وسكون المعجمة وضم الزاي (ضروع) جمع ضرع للبهيمة كالثدي للمرأة (مواشيهم أطعماتهم) نصب بالكسرة مفعول لضروع وهو جمع أطعمة وهي جمع طعام والمراد هنا اللبن كما قال أبو عمر فشبه ضروع المواشي في ضبطها الألبان على أربابها بالخزانة التي تحفظ ما أودعته من متاع وغيره (فلا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه) أعاده بعد ضرب المثال زيادة في التنفير عنه وفيه النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئًا إلا بإذنه الخاص أو العام وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه فنبه به على ما هو أولى منه وبهذا أخذ الجمهور واستثنى كثير من السلف ما إذا علم بطيب نفس صاحبه وإن لم يقع منه إذن خاص ولا عام وذهب كثير منهم إلى الجواز مطلقًا في الأكل والشرب سواء علم طيب نفسه أم لم يعلم والحجة لهم ما أخرجه أبو داود والترمذي وصححه من رواية الحسن عن سمرة مرفوعًا إذا أتى أحدكم ماشية فإن لم يكن صاحبها فيها فليصوت ثلاثًا فإن أجاب فليستأذنه فإن أذن له وإلا فليحلب وليشرب ولا يحمل إسناده صحيح إلى الحسن فمن صحح سماعه من سمرة صححه ومن لا أعله بالانقطاع لكن له شواهد من أقواها حديث أبي سعيد مرفوعًا إذا أتيت على راع فناده ثلاثًا فإن أجابك وإلا فاشرب من غير أن تفسد وإذا أتيت على حائط بستان فذكر مثله أخرجه ابن ماجه والطحاوي وصححه ابن حبان والحاكم وأجيب عنه بأن حديث النهي أصح فهو أولى أن يعمل به وبأنه معارض للقواعد القطعية في تحريم مال المسلم بغير إذنه فلا يلتفت إليه ومنهم من جمع بين الحديثين بوجوه منها حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه والنهي على ما إذا لم يعلم ومنها تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره أو بالمضطر أو بحال المجاعة مطلقًا وهي متقاربة وحكى ابن بطال عن بعض شيوخه أن حديث الإذن كان في زمنه صلى الله عليه وسلم وحديث النهي أشار به إلى ما سيكون بعده من التشاح وترك المواساة ومنهم من حمل حديث النهي على ما إذا كان المالك أحوج من المار لحديث أبي هريرة بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ رأينا إبلاً مصرورة فثبنا إليها فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه الإبل لأهل بيت من المسلمين هو قوتهم أيسركم لو رجعتم إلى منازلكم فوجدتم ما فيها قد ذهب قلنا لا قال فإن ذلك كذلك أخرجه أحمد وابن ماجه واللفظ له ولفظ أحمد فابتدرها القوم ليحلبوها قالوا فيحمل حديث الإذن على ما إذا كانت غير مصرورة والنهي على ما إذا كانت مصرورة لهذا الحديث لكن وقع عند أحمد في آخره فإن كنتم لا بد فاعلين فاشربوا ولا تحملوا فدل على عموم الإذن في المصرورة وغيرها لكن بقيد عدم الحمل ولا بد منه واختار ابن العربي الحمل على العادة قال وكانت عادة أهل الحجاز والشام وغيرهم المسامحة في ذلك بخلاف بلدنا قال ورأى بعضهم أن مهما كان على الطريق لا يعدل إليه ولا يقصد جاز للمار الأخذ منه وفيه إشارة إلى قصر ذلك على المجتاز وأشار أبو داود في السنن إلى قصر ذلك على المسافر في الغزو وآخرون إلى قصر الإذن على ما كان لأهل الذمة والنهي على ما إذا كان للمسلمين واستؤنس بما شرطه الصحابة على أهل الذمة من ضيافة المسلمين وصح ذلك عن عمر وذكر ابن وهب عن مالك في المسافر ينزل بالذمي قال لا يأخذ منه شيئًا إلا بإذنه قيل له فالضيافة التي جعلت عليهم قال كانوا يومئذ فخفف عنهم بسببها وأما الآن فلا وجنح بعضهم إلى نسخ الإذن وحمله على أنه قبل وجوب الزكاة قالوا وكانت الضيافة حينئذ واجبة ثم نسخ ذلك بفرض الزكاة وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام وتمثيل ما قد يخفى بما هو أوضح منه واستعمال القياس في النظائر وذكر الحكم بعلته بعد ذكر العلة تأكيدًا أو تقريرًا وأن القياس لا يشترط في صحته مساواة الأصل للفرع بكل اعتبار بل ربما كانت للأصل مزية لا يتميز سقوطها في الفرع إذا شارك في أصل الصفة لأن الضرع لا يساوي الخزانة في الخزن كما أن الضرع لا يساوي الفعل فيه ومع ذلك فقد ألحق الشارع المصرور في الحكم بالخزانة المقفلة في تحريم تناول كل منهما بغير إذن صاحبه أشار إليه ابن المنير وفيه إباحة خزن الطعام واحتكاره إلى وقت الحاجة إليه خلافًا لغلاة المتزهدة المانعين من الادخار مطلقًا قاله القرطبي وأن اللبن يسمى طعامًا وفيه غير ذلك ذكره الحافظ وأخرجه البخاري في اللقطة عن عبد الله بن يوسف ومسلم في القضاء عن يحيى كلاهما عن (مالك به وتابعه) جماعة عن نافع في الصحيحين وغيرهما (مالك أنه بلغه) مما صح موصولاً عن عبد الرحمن بن عوف وجابر وأبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي إلا قد رعى غنمًا) اسم جنس يشمل الذكر والأنثى قال العلماء الحكمة في إلهامهم رعيها قبل النبوة ليحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفون به من القيام بأمر أمتهم ولأن في مخالطتها زيادة الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على مشقة الرعي ودفعوا عنها السباع الضارية والأيدي الخاطفة وعلموا اختلاف طباعها وتفاوت إدراكها وعرفوا ضعفها واحتياجها إلى النقل من مرعى إلى مرعى ومن مسرح إلى مراح رفقوا بضعيفها وأحسنوا تعاهدها فهو توطئة لتعريفهم سياسة أممهم ولما جبلوا عليه من التواضع صلى الله عليه وسلم وخص الغنم لأنها أضعف من غيرها (قيل وأنت يا رسول الله قال وأنا) رعيتها وحديث أبي هريرة رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم فقال أصحابه وأنت فقال وأنا كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ورواه ابن ماجه بلفظ كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط قال سويد شيخ ابن ماجه يعني كل شاة بقيراط يعني القيراط الذي هو جزء من الدينار والدرهم وقال أبو إسحاق الحربي قراريط اسم موضع بمكة وصححه ابن الجوزي وابن ناصر وأيده مغلطاي بأن العرب لم تكن تعرف القيراط قال الحافظ لكن الأول أرجح لأن أهل مكة لا تعرف بها مكانًا يقال له القراريط وقال غيره لم تكن العرب تعرف القراريط الذي هو من النقد ولذا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح تفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط لكن لا يلزم من عدم معرفتهم لها أن يكون صلى الله عليه وسلم لا يعرف ذلك وفي ذكره صلى الله عليه وسلم لذلك بعد أن علم أنه أشرف خلق الله ما فيه من التواضع والتصريح بمنة الله عليه.



رقم الحديث 1775 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ، وَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ.


(ما جاء في أمر الغنم)

(مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي وخفة النون عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأس الكفر) أي منشؤه وابتداؤه أو معظمه وشدته (نحو المشرق) بالنصب لأنه ظرف مستقر في محل رفع خبر المبتدأ قال الباجي يحتمل أن يريد فارس وأن يريد أهل نجد وقال غيره المراد كفر النعمة لأن أكثر فتن الإسلام ظهرت من جهته كفتنة الجمل وصفين والنهروان وقتل الحسين وقتل مصعب بن الزبير وفتنة الجماجم يقال قتل فيها خمسمائة من كبار التابعين وإثارة الفتن وإراقة الدماء كفران نعمة الإسلام ويحتمل أن يريد كفر الجحود ويكون إشارة إلى وقعة التتار التي اتفق على أنه لم يقع لها نظير في الإسلام وخروج الدجال ففي خبر أنه يخرج من المشرق وقال ابن العربي إنما ذم المشرق لأنه كان مأوى الكفر في ذلك الزمن ومحل الفتن ثم عمه الإيمان وأيما كان فالحديث من أعلام النبوة لأنه إخبار عن غيب وقد وقع قال الحافظ وفيه إشارة إلى شدة كفر المجوس لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة فكانوا في غاية العزة والتكبر والتجبر حتى مزق ملكهم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إليه واستمرت الفتن من قبل المشرق (والفخر) بفتح الفاء وإسكان المعجمة ادعاء العظمة والكبر والشرف كما في النهاية ومنه الإعجاب بالنفس (والخيلاء) بضم المعجمة وفتح التحتية والمد الكبر واحتقار الغير في أهل الخيل والإبل والفدادين) بدل من أهل بفتح الفاء والدال مشددة عند الأكثر وقال القرطبي إنه الرواية وهو الصحيح على ما قاله الأصمعي وغيره جمع فداد وهو من يعلو صوته في إبله وخيله وحرثه ونحو ذلك وقيل الفدادين الإبل الكبيرة من مائتين إلى ألف وقيل من سكن الفدافد جمع فدفد وهي البراري والصحارى وهو بعيد وحكى تخفيف الدال جمع فدان والمراد البقر التي يحرث عليها قاله أبو عمر والنسائي وقال الخطابي آلة الحرث والسكة فالمراد أصحاب الفدادين على حذف مضاف ويؤيد الأول رواية وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل وقال أبو العباس الفدادين الرعاة والجمالون وقال الخطابي إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه من أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب وقال ابن فارس في الحديث الجفاء والقسوة في الفدادين أصحاب الحروث والمواشي (أهل الوبر) بفتح الواو والموحدة أي ليسوا من أهل المدر لأن العرب تعبر عن الحضر بأهل المدر وعن أهل البادية بأهل الوبر فلا يشكل ذكر الوبر بعد الخيل ولا وبر لها لأن المراد بينته زاد في حديث عقبة بن عمرو عند الشيخين في ربيعة ومضر أي في الفدادين منهم (والسكينة) فعيلة من السكون أي الطمأنينة والوقار والتواضع قال ابن خالويه لا نظير لها أي في وزنها إلا قولهم على فلان ضريبة أي خراج معلوم (في أهل الغنم) لأنهم غالبًا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما سبب الفخر والخيلاء وقيل أراد بهم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب إبل وروى ابن ماجه عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها اتخذي الغنم فإن فيها بركة وهذا الحديث رواه البخاري في بدء الخلق عن عبد الله بن يوسف ومسلم في الإيمان عن يحيى كلاهما عن مالك به (مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة) واسمه عمرو بن زيد بن عوف الأنصاري ثم المازني هلك في الجاهلية (عن أبيه) عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي صعصعة من ثقات تابعي الحجاز قال الحافظ فسقط الحارث من الرواية والحارث صحابي شهد أحدًا واستشهد باليمامة (عن أبي سعيد) اسمه سعد على الصحيح وقيل سنان بن مالك بن سنان استشهد أبوه بأحد (الخدري) بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة من المكثرين (أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك) بكسر الشين المعجمة وتفتح في لغة رديئة أي يقرب (أن يكون خير مال المسلم غنم) نكرة موصوفة مرفوع على الأشهر في الرواية اسم يكون مؤخرًا وخير مال خبرها مقدمًا وفائدة تقديمه الاهتمام إذ المطلوب حينئذ الاعتزال وليس الكلام في الغنم فلذا أخرها وفي رواية برفع خير اسم ونصب غنمًا خبر قال ابن مالك ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ويقدر في يكون ضمير الشأن قال الحافظ لكن لم تجيء به الرواية (يتبع بها) بتشديد التاء الفوقية افتعال من اتبع اتباعًا ويجوز إسكانها من تبع بالكسر يتبع بالفتح أي يتبع بالغنم (شعف) بشين معجمة فعين مهملة مفتوحتين ففاء أي رؤوس (الجبال) بالجيم ووقع في رواية يحيى شعب بموحدة بدل الفاء قال ابن عبد البر وهو غلط وإنما يرويه الناس شعف بفتح المعجمة والمهملة وفاء جمع شعفة كأكم وأكمة وهي رؤوس الجبال (ومواقع القطر) أي المطر بالنصب على شعف أي بطون الأودية والصحارى إذ هما مواضع الرعي حال كونه (يفر بدينه) أي بسببه من الناس أو مع دينه (من الفتن) طلبًا للسلامة لا لقصد دنيوي وفيه فضل العزلة للخائف على دينه إلا أن يقدر على إزالتها فتجب الخلطة عينًا أو كفاية بحسب الحال والإمكان فإن لم تكن فتنة فالجمهور على أن الاختلاط أولى لاكتساب الفضائل الدينية والجمعة والجماعة وغيرها كإعانة وإغاثة وعبادة وفضل قوم العزلة لتحقق السلامة بشرط معرفة ما يتعين وليعمل بما علم ويأنس بدوام الذكر نعم تجب العزلة لفقيه لا يسلم دينه بالصحبة وتجب الصحبة لمن عرف الحق فاتبعه والباطل فاجتنبه ويجب على من جهل ذلك ليعلمه وهذا الحديث رواه البخاري في الإيمان عن القعنبي وفي بدء الخلق عن إسماعيل وفي الفتن عن عبد الله بن يوسف الثلاثة عن مالك به وتابعه الماجشون وهو عبد العزيز بن عبد الله عنده في الأدب قال الحافظ وهو من أفراده عن مسلم نعم أخرجا من وجه آخر عن أبي سعيد حديث الأعرابي الذي سأل أي الناس خير قال مؤمن مجاهد في سبيل الله بنفسه وماله قال ثم من قال مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره وليس فيه ذكر الفتن وهي زيادة من حافظ فيقيد بها المطلق ولها شاهد من حديث أبي هريرة عند الحاكم ومن حديث أم مالك البهزية عند الترمذي ويؤيده ما ورد من النهي عن سكنى البوادي والسياحة والعزلة انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي (مالك عن نافع) في موطأ محمد بن الحسن مالك أخبرنا نافع (عن ابن عمر أن رسول الله) وفي رواية يزيد بن الهاد عن مالك في الموطآت للدارقطني أنه سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم قال لا يحتلبن) بفوقية فلام مكسورة قال الحافظ وفي أكثر الموطآت لا يحلبن بدون تاء وضم اللام (أحد ماشية أحد) ذكر أو أنثى قال في النهاية الماشية تقع على الإبل والبقر والغنم ولكنه في الغنم أكثر ورواه جماعة من رواة الموطأ ماشية رجل وهو كالمثال فلا اختصاص لذلك بالرجل وذكره بعض الشراح بلفظ ماشية أخيه وقال هو للغالب إذ لا فرق في هذا الحكم بين المسلم والذمي وتعقب بأنه لا وجود لذلك في الموطأ وبإثبات الفرق بينهما عند كثير من العلماء وقد رواه أحمد من طريق عبيد الله عن نافع بلفظ نهى أن يحتلب مواشي الناس (بغير إذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته) بضم الراء وقد تفتح أي غرفته (فتنكسر) بضم التاء وفتح السين والنصب عطف على تؤتى (خزانته) بكسر الخاء والرفع نائب الفاعل مكانه أو وعاؤه الذي يخزن فيه ما يريد حفظه وفي رواية أيوب عند أحمد فيكسر بابها (فينتقل) بالنصب (طعامه) بضم الياء ونون وقاف من النقل أي يحول من مكان إلى آخر كذا في أكثر الموطآت ورواه بعضهم كما قال أبو عمر وأخرجه الإسماعيلي عن روح بن عبادة وغيره عن مالك بلفظ فينتثل بمثلثة بدل القاف والنثل الأخذ مرة واحدة بسرعة وقيل الاستخراج وهو أخص من النقل وكذا رواه مسلم عن أيوب وموسى بن عقبة وغيرهما عن نافع ورواه الليث عن نافع بالقاف (وإنما تخزن) بفتح الفوقية وسكون المعجمة وضم الزاي (ضروع) جمع ضرع للبهيمة كالثدي للمرأة (مواشيهم أطعماتهم) نصب بالكسرة مفعول لضروع وهو جمع أطعمة وهي جمع طعام والمراد هنا اللبن كما قال أبو عمر فشبه ضروع المواشي في ضبطها الألبان على أربابها بالخزانة التي تحفظ ما أودعته من متاع وغيره (فلا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه) أعاده بعد ضرب المثال زيادة في التنفير عنه وفيه النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئًا إلا بإذنه الخاص أو العام وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه فنبه به على ما هو أولى منه وبهذا أخذ الجمهور واستثنى كثير من السلف ما إذا علم بطيب نفس صاحبه وإن لم يقع منه إذن خاص ولا عام وذهب كثير منهم إلى الجواز مطلقًا في الأكل والشرب سواء علم طيب نفسه أم لم يعلم والحجة لهم ما أخرجه أبو داود والترمذي وصححه من رواية الحسن عن سمرة مرفوعًا إذا أتى أحدكم ماشية فإن لم يكن صاحبها فيها فليصوت ثلاثًا فإن أجاب فليستأذنه فإن أذن له وإلا فليحلب وليشرب ولا يحمل إسناده صحيح إلى الحسن فمن صحح سماعه من سمرة صححه ومن لا أعله بالانقطاع لكن له شواهد من أقواها حديث أبي سعيد مرفوعًا إذا أتيت على راع فناده ثلاثًا فإن أجابك وإلا فاشرب من غير أن تفسد وإذا أتيت على حائط بستان فذكر مثله أخرجه ابن ماجه والطحاوي وصححه ابن حبان والحاكم وأجيب عنه بأن حديث النهي أصح فهو أولى أن يعمل به وبأنه معارض للقواعد القطعية في تحريم مال المسلم بغير إذنه فلا يلتفت إليه ومنهم من جمع بين الحديثين بوجوه منها حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه والنهي على ما إذا لم يعلم ومنها تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره أو بالمضطر أو بحال المجاعة مطلقًا وهي متقاربة وحكى ابن بطال عن بعض شيوخه أن حديث الإذن كان في زمنه صلى الله عليه وسلم وحديث النهي أشار به إلى ما سيكون بعده من التشاح وترك المواساة ومنهم من حمل حديث النهي على ما إذا كان المالك أحوج من المار لحديث أبي هريرة بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ رأينا إبلاً مصرورة فثبنا إليها فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه الإبل لأهل بيت من المسلمين هو قوتهم أيسركم لو رجعتم إلى منازلكم فوجدتم ما فيها قد ذهب قلنا لا قال فإن ذلك كذلك أخرجه أحمد وابن ماجه واللفظ له ولفظ أحمد فابتدرها القوم ليحلبوها قالوا فيحمل حديث الإذن على ما إذا كانت غير مصرورة والنهي على ما إذا كانت مصرورة لهذا الحديث لكن وقع عند أحمد في آخره فإن كنتم لا بد فاعلين فاشربوا ولا تحملوا فدل على عموم الإذن في المصرورة وغيرها لكن بقيد عدم الحمل ولا بد منه واختار ابن العربي الحمل على العادة قال وكانت عادة أهل الحجاز والشام وغيرهم المسامحة في ذلك بخلاف بلدنا قال ورأى بعضهم أن مهما كان على الطريق لا يعدل إليه ولا يقصد جاز للمار الأخذ منه وفيه إشارة إلى قصر ذلك على المجتاز وأشار أبو داود في السنن إلى قصر ذلك على المسافر في الغزو وآخرون إلى قصر الإذن على ما كان لأهل الذمة والنهي على ما إذا كان للمسلمين واستؤنس بما شرطه الصحابة على أهل الذمة من ضيافة المسلمين وصح ذلك عن عمر وذكر ابن وهب عن مالك في المسافر ينزل بالذمي قال لا يأخذ منه شيئًا إلا بإذنه قيل له فالضيافة التي جعلت عليهم قال كانوا يومئذ فخفف عنهم بسببها وأما الآن فلا وجنح بعضهم إلى نسخ الإذن وحمله على أنه قبل وجوب الزكاة قالوا وكانت الضيافة حينئذ واجبة ثم نسخ ذلك بفرض الزكاة وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام وتمثيل ما قد يخفى بما هو أوضح منه واستعمال القياس في النظائر وذكر الحكم بعلته بعد ذكر العلة تأكيدًا أو تقريرًا وأن القياس لا يشترط في صحته مساواة الأصل للفرع بكل اعتبار بل ربما كانت للأصل مزية لا يتميز سقوطها في الفرع إذا شارك في أصل الصفة لأن الضرع لا يساوي الخزانة في الخزن كما أن الضرع لا يساوي الفعل فيه ومع ذلك فقد ألحق الشارع المصرور في الحكم بالخزانة المقفلة في تحريم تناول كل منهما بغير إذن صاحبه أشار إليه ابن المنير وفيه إباحة خزن الطعام واحتكاره إلى وقت الحاجة إليه خلافًا لغلاة المتزهدة المانعين من الادخار مطلقًا قاله القرطبي وأن اللبن يسمى طعامًا وفيه غير ذلك ذكره الحافظ وأخرجه البخاري في اللقطة عن عبد الله بن يوسف ومسلم في القضاء عن يحيى كلاهما عن (مالك به وتابعه) جماعة عن نافع في الصحيحين وغيرهما (مالك أنه بلغه) مما صح موصولاً عن عبد الرحمن بن عوف وجابر وأبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي إلا قد رعى غنمًا) اسم جنس يشمل الذكر والأنثى قال العلماء الحكمة في إلهامهم رعيها قبل النبوة ليحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفون به من القيام بأمر أمتهم ولأن في مخالطتها زيادة الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على مشقة الرعي ودفعوا عنها السباع الضارية والأيدي الخاطفة وعلموا اختلاف طباعها وتفاوت إدراكها وعرفوا ضعفها واحتياجها إلى النقل من مرعى إلى مرعى ومن مسرح إلى مراح رفقوا بضعيفها وأحسنوا تعاهدها فهو توطئة لتعريفهم سياسة أممهم ولما جبلوا عليه من التواضع صلى الله عليه وسلم وخص الغنم لأنها أضعف من غيرها (قيل وأنت يا رسول الله قال وأنا) رعيتها وحديث أبي هريرة رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم فقال أصحابه وأنت فقال وأنا كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ورواه ابن ماجه بلفظ كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط قال سويد شيخ ابن ماجه يعني كل شاة بقيراط يعني القيراط الذي هو جزء من الدينار والدرهم وقال أبو إسحاق الحربي قراريط اسم موضع بمكة وصححه ابن الجوزي وابن ناصر وأيده مغلطاي بأن العرب لم تكن تعرف القيراط قال الحافظ لكن الأول أرجح لأن أهل مكة لا تعرف بها مكانًا يقال له القراريط وقال غيره لم تكن العرب تعرف القراريط الذي هو من النقد ولذا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح تفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط لكن لا يلزم من عدم معرفتهم لها أن يكون صلى الله عليه وسلم لا يعرف ذلك وفي ذكره صلى الله عليه وسلم لذلك بعد أن علم أنه أشرف خلق الله ما فيه من التواضع والتصريح بمنة الله عليه.



رقم الحديث 1776 وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ رَعَى غَنَمًا، قِيلَ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَنَا.


(ما جاء في أمر الغنم)

(مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي وخفة النون عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأس الكفر) أي منشؤه وابتداؤه أو معظمه وشدته (نحو المشرق) بالنصب لأنه ظرف مستقر في محل رفع خبر المبتدأ قال الباجي يحتمل أن يريد فارس وأن يريد أهل نجد وقال غيره المراد كفر النعمة لأن أكثر فتن الإسلام ظهرت من جهته كفتنة الجمل وصفين والنهروان وقتل الحسين وقتل مصعب بن الزبير وفتنة الجماجم يقال قتل فيها خمسمائة من كبار التابعين وإثارة الفتن وإراقة الدماء كفران نعمة الإسلام ويحتمل أن يريد كفر الجحود ويكون إشارة إلى وقعة التتار التي اتفق على أنه لم يقع لها نظير في الإسلام وخروج الدجال ففي خبر أنه يخرج من المشرق وقال ابن العربي إنما ذم المشرق لأنه كان مأوى الكفر في ذلك الزمن ومحل الفتن ثم عمه الإيمان وأيما كان فالحديث من أعلام النبوة لأنه إخبار عن غيب وقد وقع قال الحافظ وفيه إشارة إلى شدة كفر المجوس لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة فكانوا في غاية العزة والتكبر والتجبر حتى مزق ملكهم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إليه واستمرت الفتن من قبل المشرق (والفخر) بفتح الفاء وإسكان المعجمة ادعاء العظمة والكبر والشرف كما في النهاية ومنه الإعجاب بالنفس (والخيلاء) بضم المعجمة وفتح التحتية والمد الكبر واحتقار الغير في أهل الخيل والإبل والفدادين) بدل من أهل بفتح الفاء والدال مشددة عند الأكثر وقال القرطبي إنه الرواية وهو الصحيح على ما قاله الأصمعي وغيره جمع فداد وهو من يعلو صوته في إبله وخيله وحرثه ونحو ذلك وقيل الفدادين الإبل الكبيرة من مائتين إلى ألف وقيل من سكن الفدافد جمع فدفد وهي البراري والصحارى وهو بعيد وحكى تخفيف الدال جمع فدان والمراد البقر التي يحرث عليها قاله أبو عمر والنسائي وقال الخطابي آلة الحرث والسكة فالمراد أصحاب الفدادين على حذف مضاف ويؤيد الأول رواية وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل وقال أبو العباس الفدادين الرعاة والجمالون وقال الخطابي إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه من أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب وقال ابن فارس في الحديث الجفاء والقسوة في الفدادين أصحاب الحروث والمواشي (أهل الوبر) بفتح الواو والموحدة أي ليسوا من أهل المدر لأن العرب تعبر عن الحضر بأهل المدر وعن أهل البادية بأهل الوبر فلا يشكل ذكر الوبر بعد الخيل ولا وبر لها لأن المراد بينته زاد في حديث عقبة بن عمرو عند الشيخين في ربيعة ومضر أي في الفدادين منهم (والسكينة) فعيلة من السكون أي الطمأنينة والوقار والتواضع قال ابن خالويه لا نظير لها أي في وزنها إلا قولهم على فلان ضريبة أي خراج معلوم (في أهل الغنم) لأنهم غالبًا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما سبب الفخر والخيلاء وقيل أراد بهم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب إبل وروى ابن ماجه عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها اتخذي الغنم فإن فيها بركة وهذا الحديث رواه البخاري في بدء الخلق عن عبد الله بن يوسف ومسلم في الإيمان عن يحيى كلاهما عن مالك به (مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة) واسمه عمرو بن زيد بن عوف الأنصاري ثم المازني هلك في الجاهلية (عن أبيه) عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي صعصعة من ثقات تابعي الحجاز قال الحافظ فسقط الحارث من الرواية والحارث صحابي شهد أحدًا واستشهد باليمامة (عن أبي سعيد) اسمه سعد على الصحيح وقيل سنان بن مالك بن سنان استشهد أبوه بأحد (الخدري) بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة من المكثرين (أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك) بكسر الشين المعجمة وتفتح في لغة رديئة أي يقرب (أن يكون خير مال المسلم غنم) نكرة موصوفة مرفوع على الأشهر في الرواية اسم يكون مؤخرًا وخير مال خبرها مقدمًا وفائدة تقديمه الاهتمام إذ المطلوب حينئذ الاعتزال وليس الكلام في الغنم فلذا أخرها وفي رواية برفع خير اسم ونصب غنمًا خبر قال ابن مالك ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ويقدر في يكون ضمير الشأن قال الحافظ لكن لم تجيء به الرواية (يتبع بها) بتشديد التاء الفوقية افتعال من اتبع اتباعًا ويجوز إسكانها من تبع بالكسر يتبع بالفتح أي يتبع بالغنم (شعف) بشين معجمة فعين مهملة مفتوحتين ففاء أي رؤوس (الجبال) بالجيم ووقع في رواية يحيى شعب بموحدة بدل الفاء قال ابن عبد البر وهو غلط وإنما يرويه الناس شعف بفتح المعجمة والمهملة وفاء جمع شعفة كأكم وأكمة وهي رؤوس الجبال (ومواقع القطر) أي المطر بالنصب على شعف أي بطون الأودية والصحارى إذ هما مواضع الرعي حال كونه (يفر بدينه) أي بسببه من الناس أو مع دينه (من الفتن) طلبًا للسلامة لا لقصد دنيوي وفيه فضل العزلة للخائف على دينه إلا أن يقدر على إزالتها فتجب الخلطة عينًا أو كفاية بحسب الحال والإمكان فإن لم تكن فتنة فالجمهور على أن الاختلاط أولى لاكتساب الفضائل الدينية والجمعة والجماعة وغيرها كإعانة وإغاثة وعبادة وفضل قوم العزلة لتحقق السلامة بشرط معرفة ما يتعين وليعمل بما علم ويأنس بدوام الذكر نعم تجب العزلة لفقيه لا يسلم دينه بالصحبة وتجب الصحبة لمن عرف الحق فاتبعه والباطل فاجتنبه ويجب على من جهل ذلك ليعلمه وهذا الحديث رواه البخاري في الإيمان عن القعنبي وفي بدء الخلق عن إسماعيل وفي الفتن عن عبد الله بن يوسف الثلاثة عن مالك به وتابعه الماجشون وهو عبد العزيز بن عبد الله عنده في الأدب قال الحافظ وهو من أفراده عن مسلم نعم أخرجا من وجه آخر عن أبي سعيد حديث الأعرابي الذي سأل أي الناس خير قال مؤمن مجاهد في سبيل الله بنفسه وماله قال ثم من قال مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره وليس فيه ذكر الفتن وهي زيادة من حافظ فيقيد بها المطلق ولها شاهد من حديث أبي هريرة عند الحاكم ومن حديث أم مالك البهزية عند الترمذي ويؤيده ما ورد من النهي عن سكنى البوادي والسياحة والعزلة انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي (مالك عن نافع) في موطأ محمد بن الحسن مالك أخبرنا نافع (عن ابن عمر أن رسول الله) وفي رواية يزيد بن الهاد عن مالك في الموطآت للدارقطني أنه سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم قال لا يحتلبن) بفوقية فلام مكسورة قال الحافظ وفي أكثر الموطآت لا يحلبن بدون تاء وضم اللام (أحد ماشية أحد) ذكر أو أنثى قال في النهاية الماشية تقع على الإبل والبقر والغنم ولكنه في الغنم أكثر ورواه جماعة من رواة الموطأ ماشية رجل وهو كالمثال فلا اختصاص لذلك بالرجل وذكره بعض الشراح بلفظ ماشية أخيه وقال هو للغالب إذ لا فرق في هذا الحكم بين المسلم والذمي وتعقب بأنه لا وجود لذلك في الموطأ وبإثبات الفرق بينهما عند كثير من العلماء وقد رواه أحمد من طريق عبيد الله عن نافع بلفظ نهى أن يحتلب مواشي الناس (بغير إذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته) بضم الراء وقد تفتح أي غرفته (فتنكسر) بضم التاء وفتح السين والنصب عطف على تؤتى (خزانته) بكسر الخاء والرفع نائب الفاعل مكانه أو وعاؤه الذي يخزن فيه ما يريد حفظه وفي رواية أيوب عند أحمد فيكسر بابها (فينتقل) بالنصب (طعامه) بضم الياء ونون وقاف من النقل أي يحول من مكان إلى آخر كذا في أكثر الموطآت ورواه بعضهم كما قال أبو عمر وأخرجه الإسماعيلي عن روح بن عبادة وغيره عن مالك بلفظ فينتثل بمثلثة بدل القاف والنثل الأخذ مرة واحدة بسرعة وقيل الاستخراج وهو أخص من النقل وكذا رواه مسلم عن أيوب وموسى بن عقبة وغيرهما عن نافع ورواه الليث عن نافع بالقاف (وإنما تخزن) بفتح الفوقية وسكون المعجمة وضم الزاي (ضروع) جمع ضرع للبهيمة كالثدي للمرأة (مواشيهم أطعماتهم) نصب بالكسرة مفعول لضروع وهو جمع أطعمة وهي جمع طعام والمراد هنا اللبن كما قال أبو عمر فشبه ضروع المواشي في ضبطها الألبان على أربابها بالخزانة التي تحفظ ما أودعته من متاع وغيره (فلا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه) أعاده بعد ضرب المثال زيادة في التنفير عنه وفيه النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئًا إلا بإذنه الخاص أو العام وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه فنبه به على ما هو أولى منه وبهذا أخذ الجمهور واستثنى كثير من السلف ما إذا علم بطيب نفس صاحبه وإن لم يقع منه إذن خاص ولا عام وذهب كثير منهم إلى الجواز مطلقًا في الأكل والشرب سواء علم طيب نفسه أم لم يعلم والحجة لهم ما أخرجه أبو داود والترمذي وصححه من رواية الحسن عن سمرة مرفوعًا إذا أتى أحدكم ماشية فإن لم يكن صاحبها فيها فليصوت ثلاثًا فإن أجاب فليستأذنه فإن أذن له وإلا فليحلب وليشرب ولا يحمل إسناده صحيح إلى الحسن فمن صحح سماعه من سمرة صححه ومن لا أعله بالانقطاع لكن له شواهد من أقواها حديث أبي سعيد مرفوعًا إذا أتيت على راع فناده ثلاثًا فإن أجابك وإلا فاشرب من غير أن تفسد وإذا أتيت على حائط بستان فذكر مثله أخرجه ابن ماجه والطحاوي وصححه ابن حبان والحاكم وأجيب عنه بأن حديث النهي أصح فهو أولى أن يعمل به وبأنه معارض للقواعد القطعية في تحريم مال المسلم بغير إذنه فلا يلتفت إليه ومنهم من جمع بين الحديثين بوجوه منها حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه والنهي على ما إذا لم يعلم ومنها تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره أو بالمضطر أو بحال المجاعة مطلقًا وهي متقاربة وحكى ابن بطال عن بعض شيوخه أن حديث الإذن كان في زمنه صلى الله عليه وسلم وحديث النهي أشار به إلى ما سيكون بعده من التشاح وترك المواساة ومنهم من حمل حديث النهي على ما إذا كان المالك أحوج من المار لحديث أبي هريرة بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ رأينا إبلاً مصرورة فثبنا إليها فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه الإبل لأهل بيت من المسلمين هو قوتهم أيسركم لو رجعتم إلى منازلكم فوجدتم ما فيها قد ذهب قلنا لا قال فإن ذلك كذلك أخرجه أحمد وابن ماجه واللفظ له ولفظ أحمد فابتدرها القوم ليحلبوها قالوا فيحمل حديث الإذن على ما إذا كانت غير مصرورة والنهي على ما إذا كانت مصرورة لهذا الحديث لكن وقع عند أحمد في آخره فإن كنتم لا بد فاعلين فاشربوا ولا تحملوا فدل على عموم الإذن في المصرورة وغيرها لكن بقيد عدم الحمل ولا بد منه واختار ابن العربي الحمل على العادة قال وكانت عادة أهل الحجاز والشام وغيرهم المسامحة في ذلك بخلاف بلدنا قال ورأى بعضهم أن مهما كان على الطريق لا يعدل إليه ولا يقصد جاز للمار الأخذ منه وفيه إشارة إلى قصر ذلك على المجتاز وأشار أبو داود في السنن إلى قصر ذلك على المسافر في الغزو وآخرون إلى قصر الإذن على ما كان لأهل الذمة والنهي على ما إذا كان للمسلمين واستؤنس بما شرطه الصحابة على أهل الذمة من ضيافة المسلمين وصح ذلك عن عمر وذكر ابن وهب عن مالك في المسافر ينزل بالذمي قال لا يأخذ منه شيئًا إلا بإذنه قيل له فالضيافة التي جعلت عليهم قال كانوا يومئذ فخفف عنهم بسببها وأما الآن فلا وجنح بعضهم إلى نسخ الإذن وحمله على أنه قبل وجوب الزكاة قالوا وكانت الضيافة حينئذ واجبة ثم نسخ ذلك بفرض الزكاة وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام وتمثيل ما قد يخفى بما هو أوضح منه واستعمال القياس في النظائر وذكر الحكم بعلته بعد ذكر العلة تأكيدًا أو تقريرًا وأن القياس لا يشترط في صحته مساواة الأصل للفرع بكل اعتبار بل ربما كانت للأصل مزية لا يتميز سقوطها في الفرع إذا شارك في أصل الصفة لأن الضرع لا يساوي الخزانة في الخزن كما أن الضرع لا يساوي الفعل فيه ومع ذلك فقد ألحق الشارع المصرور في الحكم بالخزانة المقفلة في تحريم تناول كل منهما بغير إذن صاحبه أشار إليه ابن المنير وفيه إباحة خزن الطعام واحتكاره إلى وقت الحاجة إليه خلافًا لغلاة المتزهدة المانعين من الادخار مطلقًا قاله القرطبي وأن اللبن يسمى طعامًا وفيه غير ذلك ذكره الحافظ وأخرجه البخاري في اللقطة عن عبد الله بن يوسف ومسلم في القضاء عن يحيى كلاهما عن (مالك به وتابعه) جماعة عن نافع في الصحيحين وغيرهما (مالك أنه بلغه) مما صح موصولاً عن عبد الرحمن بن عوف وجابر وأبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي إلا قد رعى غنمًا) اسم جنس يشمل الذكر والأنثى قال العلماء الحكمة في إلهامهم رعيها قبل النبوة ليحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفون به من القيام بأمر أمتهم ولأن في مخالطتها زيادة الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على مشقة الرعي ودفعوا عنها السباع الضارية والأيدي الخاطفة وعلموا اختلاف طباعها وتفاوت إدراكها وعرفوا ضعفها واحتياجها إلى النقل من مرعى إلى مرعى ومن مسرح إلى مراح رفقوا بضعيفها وأحسنوا تعاهدها فهو توطئة لتعريفهم سياسة أممهم ولما جبلوا عليه من التواضع صلى الله عليه وسلم وخص الغنم لأنها أضعف من غيرها (قيل وأنت يا رسول الله قال وأنا) رعيتها وحديث أبي هريرة رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم فقال أصحابه وأنت فقال وأنا كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ورواه ابن ماجه بلفظ كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط قال سويد شيخ ابن ماجه يعني كل شاة بقيراط يعني القيراط الذي هو جزء من الدينار والدرهم وقال أبو إسحاق الحربي قراريط اسم موضع بمكة وصححه ابن الجوزي وابن ناصر وأيده مغلطاي بأن العرب لم تكن تعرف القيراط قال الحافظ لكن الأول أرجح لأن أهل مكة لا تعرف بها مكانًا يقال له القراريط وقال غيره لم تكن العرب تعرف القراريط الذي هو من النقد ولذا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح تفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط لكن لا يلزم من عدم معرفتهم لها أن يكون صلى الله عليه وسلم لا يعرف ذلك وفي ذكره صلى الله عليه وسلم لذلك بعد أن علم أنه أشرف خلق الله ما فيه من التواضع والتصريح بمنة الله عليه.