فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ جَامِعِ النَّفْلِ فِي الْغَزْوِ

رقم الحديث 982 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ.
فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً.
فَكَانَ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا.
أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا.
وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا.


( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً) في شعبان سنة ثمان قبل فتح مكة قاله ابن سعد، وذكر غيره أنها كانت في جمادى، وقيل في رمضان من السنة.
وكان أميرها أبو قتادة وكانوا خمسة عشر رجلاً ( فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ) بكسر القاف وفتح الموحدة أي: جهة.
( نَجْدٍ) لأجل محارب بها وأمره أن يشن عليهم الغارة فسار الليل وكمن النهار فهجم على حاضر منهم عظيم فأحاط بهم وقاتل منهم رجال فقتل من أشرف منهم ( فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً) .
وفي رواية لمسلم فأصبنا إبلاً وغنمًا وذكر أهل السير أنها مائتا بعير وألفا شاة.
( فَكَانَ سُهْمَانُهُمُ) بضم السين وسكون الهاء جمع سهم أي نصيب كل واحد ( اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا) وتوهم بعضهم أن ذلك جميع الأنصباء.
قال النووي: وهو غلط.
( أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا) .

قال ابن عبد البر: اتفق رواة الموطأ على روايته بالشك إلا الوليد بن مسلم فرواه عن شعيب ومالك جميعًا فقال: اثني عشر فلم يشك وكأنه حمل رواية مالك على رواية شعيب وهو منه غلط.
وكذا أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك والليث بغير شك فكأنه أيضًا حمل رواية مالك على رواية الليث، والقعنبي إنما رواه في الموطأ على الشك فلا أدري أمن القعنبي جاء هذا حين خلط حديث الليث بحديث مالك أم من أبي داود وقال سائر أصحاب نافع اثني عشر بعيرًا بلا شك لم يقع الشك فيه إلا من قبل مالك.
( وَنُفِّلُوا) بضم النون مبني للمفعول أي أعطي كل واحد منهم زيادة على السهم المستحق له ( بَعِيرًا بَعِيرًا) واختلف الرواة في القسم والتنفيل هل كانا معًا من أمير ذلك الجيش أو من النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدهما من أحدهما فلأبي داود عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر فخرجت فيها فأصبنا نعمًا كثيرًا وأعطانا أميرنا بعيرًا لكل إنسان ثم قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فقسم بيننا غنيمتنا فأصاب كل رجل اثني عشر بعيرًا بعد الخمس.
وأخرجه أبو داود أيضًا من طريق شعيب بن أبي حمزة عن نافع عن ابن عمر قال: بعثنا صلى الله عليه وسلم في جيش قبل نجد وانبعثت سرية من الجيش فكان سهمان الجيش اثني عشر بعيرًا، ونفل أهل السرية بعيرًا بعيرًا فكانت سهمانهم ثلاثة عشر بعيرًا.

وأخرجه ابن عبد البر من هذا الوجه وقال في روايته: إن ذلك الجيش كان أربعة آلاف أي الذي خرجت منه السرية الخمسة عشر كما عند ابن سعد وغيره.
قال: وظاهر رواية الليث عن نافع عند مسلم أن ذلك صدر من أمير الجيش وأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر ذلك وأجازه لأنه قال فيه ولم يغيره النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عنده أيضًا ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرًا بعيرًا وهذا يحمل على التقرير فتجتمع الروايتان.
قال النووي: معناه أن أمير السرية نفلهم فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم فجازت نسبته لكل منهما.

قال في الاستذكار: في رواية مالك أن النفل من الخمس لا من رأس الغنيمة.
وكذلك رواه عبيد الله وأيوب عن نافع، وفي رواية ابن إسحاق عنه أنه من رأس الغنيمة لكنه ليس كهؤلاء في نافع.
وفي الحديث أن الجيش إذا انفردت منه قطعة فغنمت شيئًا كانت الغنيمة للجميع.
قال ابن عبد البر: لا تختلف الفقهاء في ذلك إذا خرج الجيش جميعه ثم انفردت منه قطعة انتهى.
وليس المراد الجيش القاعد في بلاد الإسلام فإنه لا يشارك الجيش الخارج إلى بلاد العدو بل قال ابن دقيق العيد: في الحديث دلالة على أن المنقطع من الجيش عن الجيش الذي فيه الإمام ينفرد بما يغنمه وإنما قالوا بمشاركة الجيش لهم إذا كانوا قريبًا منهم يلحقهم عونه وغوثه لو احتاجوا وهذا القيد في مذهب مالك وفيه مشروعية التنفيل ومعناه تخصيص من له أثر في الحرب بشيء من المال وكره مالك أن يكون من أمير الجيش كأن يحرض على القتال ويعد بأن ينفل الربع إلى الثلث قبل القسم لأن القتال حينئذ يكون للدنيا فلا يجوز مثل هذا، وخصه عمرو بن شعيب بالنبي صلى الله عليه وسلم دون من بعده ففيه ردّ على مدعي الإجماع على مشروعيته.
واختلف العلماء هل هو من أصل الغنيمة أو من الخمس أو من خمس الخمس أو مما عدا الخمس.
قال الخطابي والذي يقرّب من حديث الباب أنه من الخمس لأنه أضاف الاثني عشر إلى سهمانهم فكأنه أشار إلى أنه ثبت لهم استحقاقه من الأخماس الأربعة الموزعة عليهم فيبقى النفل من الخمس ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن يحيى وأبو داود عن القعنبي كلهم عن مالك به وتابعه جماعة عن نافع في الصحيحين وغيرهما.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ) يعني الصحابة ( فِي الْغَزْوِ إِذَا اقْتَسَمُوا غَنَائِمَهُمْ) وكان فيها إبل وغنم ( يَعْدِلُونَ) بكسر الدال من باب ضرب ( الْبَعِيرَ بِعَشْرِ شِيَاهٍ) أي يجعلونها معادلة أي مماثلة له وقائمة مقامه وأصل ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين عن رافع بن خديج كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة بتهامة فأصبنا إبلاً وغنمًا فعدل عشرًا من الغنم ببعير ( قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَجِيرِ فِي الْغَزْوِ) لنحو حراسة ( إِنَّهُ إِنْ كَانَ شَهِدَ) حضر ( الْقِتَالَ وَكَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَكَانَ حُرًّا فَلَهُ سَهْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) أي لم يشهد القتال وكان رقيقًا ( فَلَا سَهْمَ لَهُ وَأَرَى) أعتقد ( أَنْ لَا يُقْسَمَ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنَ الْأَحْرَارِ) لا لغائب ولا رقيق.



رقم الحديث 983 قَالَ مَالِكٌ: فِي الصَّرُورَةِ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَمْ تَحُجَّ قَطُّ: إِنَّهَا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذُو مَحْرَمٍ يَخْرُجُ مَعَهَا، أَوْ كَانَ لَهَا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا: أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَيْهَا فِي الْحَجِّ.
لِتَخْرُجْ فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ.



( حج المرأة بغير ذي محرم)

( قال مالك في الصرورة) بفتح الصاد المهملة وضم الراء وإسكان الواو وفتح الراء ( من النساء التي لم تحج قط) تفسير للصرورة لصرها النفقة وإمساكها ويسمى من لم يتزوج صرورة أيضًا لأنه صر الماء في ظهره وتبتل على مذهب الرهبانية ومنه قول النابغة

لو أنها عرضت لأشمط راهب
عبد الإله صرورة متلبد

وبكل من هذين فسر حديث أبي داود مرفوعًا لا صرورة في الإسلام وبثالث وهو أن من قتل في الحرم يقتل ولا يقبل منه أن يقول إني صرورة ما حججت ولا عرفت حرمة الحرم خلافًا لما كان أهل الجاهلية يقولون لولي الدم هو صرورة فلا تهجه ( إنها إن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها) لمانع قام به وكذا إن لم يرض ( أنها لا تترك فريضة الله عليها في الحج) بقوله { { ولله على الناس حج البيت } } فدخل فيه النساء ( ولتخرج في جماعة النساء) المأمونة للفرض أما التطوع فلا تخرج إلا مع محرم فليس المحرم أو الزوج شرطًا في وجوب حج الفرض عليها عنده وعند الشافعي أما التطوع فلا تخرج إلا مع أحدهما وعليه وعلى السفر المباح حمل حديث الموطأ الآتي في أواخر كتاب الجامع عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها زاد في رواية في الصحيحين أو زوج ويأتي إن شاء الله بسط الكلام عليه بعون الله ثمة ويدل على حمله على ذلك الإجماع على أن المرأة إذا أسلمت بدار الحرب يلزمها الخروج إلى بلاد الإسلام وإن لم يكن معها ذو محرم فكذلك تحج الفريضة قياسًا على الهجرة التي خص بها الحديث بالإجماع وكره مالك أن يخرج بها ابن زوجها وإن كان ذا محرم منها قال الباجي وجهه ما ثبت للربائب من العداوة وقلة المراعاة والإشفاق والحرص على طيب الذكر قال وهذا في حال الانفراد والعدد اليسير أما القوافل العظيمة والطرق العامرة المأمونة فهي مثل البلاد والأمن يحصل لها دون نساء وذي محرم وروي ذلك عن الأوزاعي انتهى ولم يذكر الجمهور هذا القيد عملاً بإطلاق الحديث وهو الراجح.



رقم الحديث 983 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ فِي الْغَزْوِ، إِذَا اقْتَسَمُوا غَنَائِمَهُمْ، يَعْدِلُونَ الْبَعِيرَ بِعَشْرِ شِيَاهٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَجِيرِ فِي الْغَزْوِ: إِنَّهُ إِنْ كَانَ شَهِدَ الْقِتَالَ، وَكَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَكَانَ حُرًّا، فَلَهُ سَهْمُهُ.
وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَلَا سَهْمَ لَهُ.
وَأَرَى أَنْ لَا يُقْسَمَ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنَ الْأَحْرَارِ.


( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً) في شعبان سنة ثمان قبل فتح مكة قاله ابن سعد، وذكر غيره أنها كانت في جمادى، وقيل في رمضان من السنة.
وكان أميرها أبو قتادة وكانوا خمسة عشر رجلاً ( فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ) بكسر القاف وفتح الموحدة أي: جهة.
( نَجْدٍ) لأجل محارب بها وأمره أن يشن عليهم الغارة فسار الليل وكمن النهار فهجم على حاضر منهم عظيم فأحاط بهم وقاتل منهم رجال فقتل من أشرف منهم ( فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً) .
وفي رواية لمسلم فأصبنا إبلاً وغنمًا وذكر أهل السير أنها مائتا بعير وألفا شاة.
( فَكَانَ سُهْمَانُهُمُ) بضم السين وسكون الهاء جمع سهم أي نصيب كل واحد ( اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا) وتوهم بعضهم أن ذلك جميع الأنصباء.
قال النووي: وهو غلط.
( أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا) .

قال ابن عبد البر: اتفق رواة الموطأ على روايته بالشك إلا الوليد بن مسلم فرواه عن شعيب ومالك جميعًا فقال: اثني عشر فلم يشك وكأنه حمل رواية مالك على رواية شعيب وهو منه غلط.
وكذا أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك والليث بغير شك فكأنه أيضًا حمل رواية مالك على رواية الليث، والقعنبي إنما رواه في الموطأ على الشك فلا أدري أمن القعنبي جاء هذا حين خلط حديث الليث بحديث مالك أم من أبي داود وقال سائر أصحاب نافع اثني عشر بعيرًا بلا شك لم يقع الشك فيه إلا من قبل مالك.
( وَنُفِّلُوا) بضم النون مبني للمفعول أي أعطي كل واحد منهم زيادة على السهم المستحق له ( بَعِيرًا بَعِيرًا) واختلف الرواة في القسم والتنفيل هل كانا معًا من أمير ذلك الجيش أو من النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدهما من أحدهما فلأبي داود عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر فخرجت فيها فأصبنا نعمًا كثيرًا وأعطانا أميرنا بعيرًا لكل إنسان ثم قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فقسم بيننا غنيمتنا فأصاب كل رجل اثني عشر بعيرًا بعد الخمس.
وأخرجه أبو داود أيضًا من طريق شعيب بن أبي حمزة عن نافع عن ابن عمر قال: بعثنا صلى الله عليه وسلم في جيش قبل نجد وانبعثت سرية من الجيش فكان سهمان الجيش اثني عشر بعيرًا، ونفل أهل السرية بعيرًا بعيرًا فكانت سهمانهم ثلاثة عشر بعيرًا.

وأخرجه ابن عبد البر من هذا الوجه وقال في روايته: إن ذلك الجيش كان أربعة آلاف أي الذي خرجت منه السرية الخمسة عشر كما عند ابن سعد وغيره.
قال: وظاهر رواية الليث عن نافع عند مسلم أن ذلك صدر من أمير الجيش وأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر ذلك وأجازه لأنه قال فيه ولم يغيره النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عنده أيضًا ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرًا بعيرًا وهذا يحمل على التقرير فتجتمع الروايتان.
قال النووي: معناه أن أمير السرية نفلهم فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم فجازت نسبته لكل منهما.

قال في الاستذكار: في رواية مالك أن النفل من الخمس لا من رأس الغنيمة.
وكذلك رواه عبيد الله وأيوب عن نافع، وفي رواية ابن إسحاق عنه أنه من رأس الغنيمة لكنه ليس كهؤلاء في نافع.
وفي الحديث أن الجيش إذا انفردت منه قطعة فغنمت شيئًا كانت الغنيمة للجميع.
قال ابن عبد البر: لا تختلف الفقهاء في ذلك إذا خرج الجيش جميعه ثم انفردت منه قطعة انتهى.
وليس المراد الجيش القاعد في بلاد الإسلام فإنه لا يشارك الجيش الخارج إلى بلاد العدو بل قال ابن دقيق العيد: في الحديث دلالة على أن المنقطع من الجيش عن الجيش الذي فيه الإمام ينفرد بما يغنمه وإنما قالوا بمشاركة الجيش لهم إذا كانوا قريبًا منهم يلحقهم عونه وغوثه لو احتاجوا وهذا القيد في مذهب مالك وفيه مشروعية التنفيل ومعناه تخصيص من له أثر في الحرب بشيء من المال وكره مالك أن يكون من أمير الجيش كأن يحرض على القتال ويعد بأن ينفل الربع إلى الثلث قبل القسم لأن القتال حينئذ يكون للدنيا فلا يجوز مثل هذا، وخصه عمرو بن شعيب بالنبي صلى الله عليه وسلم دون من بعده ففيه ردّ على مدعي الإجماع على مشروعيته.
واختلف العلماء هل هو من أصل الغنيمة أو من الخمس أو من خمس الخمس أو مما عدا الخمس.
قال الخطابي والذي يقرّب من حديث الباب أنه من الخمس لأنه أضاف الاثني عشر إلى سهمانهم فكأنه أشار إلى أنه ثبت لهم استحقاقه من الأخماس الأربعة الموزعة عليهم فيبقى النفل من الخمس ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن يحيى وأبو داود عن القعنبي كلهم عن مالك به وتابعه جماعة عن نافع في الصحيحين وغيرهما.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ) يعني الصحابة ( فِي الْغَزْوِ إِذَا اقْتَسَمُوا غَنَائِمَهُمْ) وكان فيها إبل وغنم ( يَعْدِلُونَ) بكسر الدال من باب ضرب ( الْبَعِيرَ بِعَشْرِ شِيَاهٍ) أي يجعلونها معادلة أي مماثلة له وقائمة مقامه وأصل ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين عن رافع بن خديج كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة بتهامة فأصبنا إبلاً وغنمًا فعدل عشرًا من الغنم ببعير ( قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَجِيرِ فِي الْغَزْوِ) لنحو حراسة ( إِنَّهُ إِنْ كَانَ شَهِدَ) حضر ( الْقِتَالَ وَكَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَكَانَ حُرًّا فَلَهُ سَهْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) أي لم يشهد القتال وكان رقيقًا ( فَلَا سَهْمَ لَهُ وَأَرَى) أعتقد ( أَنْ لَا يُقْسَمَ إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنَ الْأَحْرَارِ) لا لغائب ولا رقيق.