فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْبَدْءِ بِالصَّفَا فِي السَّعْيِ

رقم الحديث 837 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا، وَهُوَ يَقُولُ: نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا.


( البدء بالصفا في السعي)

( مالك عن جعفر) الصادق ( ابن محمد) الباقر ( بن علي) زين العابدين بن الحسين ( عن أبيه عن جابر بن عبد الله أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرج من المسجد) بعد أن طاف وصلى ركعتين وقرأ فيهما بـ { { قل يا أيها الكافرون } } و { { قل هو الله أحد } } كما في الحديث الطويل عن جابر عند مسلم قال ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب ( وهو يريد الصفا وهو يقول) وفي مسلم فلما دنا إلى الصفا قرأ { { إن الصفا والمروة من شعائر الله } } ( نبدأ بما بدأ الله به) بصيغة الإخبار على الرواية المشهورة وفي رواية ابدأ بصيغة الإخبار أيضًا ( فبدأ بالصفا) قال الخطابي فيه إنه اعتبر تقديم المبدوء به في التلاوة فقدمه وأن الظاهر في حق الكلام أن المبدوء مقدم في الحكم على ما بعده وأن الساعي إذا بدأ بالمروة لم يعتد بذلك انتهى ونحوه لابن عبد البر وبهذا قال مالك والشافعي والجمهور وأصرح منه في الدلالة رواية النسائي ابدؤوا بما بدأ الله به هكذا بصيغة الأمر للجمع وقال عياض احتج به من قال الواو ترتب لامتثاله صلى الله عليه وسلم ذلك واحتج به من قال لا ترتب لأنها لو رتبت لم يحتج إلى هذا التوجيه وإنما قال ذلك تأسيًا لا التزامًا انتهى أي لا إلزامًا لأن الواو ترتب وهذا قطعة من الحديث الطويل المروي بهذا الإسناد في الحجة النبوية عند مسلم وأبي داود وغيرهما والإمام روى منه جملة فرقها تحت التراجم وربما عبر عنه بالبلاغ كما مر وربما ذكر إسناده كهذا الحديث وتاليه وهو ( مالك عن جعفر بن محمد بن علي) بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عن أبيه عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا) وفي مسلم عن جابر فرقى عليه أي الصفا حتى رأى البيت فاستقبل القبلة ( يكبر) أي يقول الله أكبر ( ثلاثًا) من المرات ( ويقول لا إله إلا الله وحده) نصب حال أي منفردًا ( لا شريك له) عقلاً وسمعًا وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إنما هو إله واحد { { قل هو الله أحد } } في آي أخر ( له الملك) بضم الميم أصناف المخلوقات ( وله الحمد) في الأولى والآخرة زاد في رواية أبي داود عن جابر يحيي ويميت ( وهو على كل شيء قدير) جملة حالية أيضًا زاد في رواية مسلم لا إله إلا هو وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ( يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو) بين ذلك كما في رواية مسلم أي بين الثلاث مرات ( ويصنع على المروة مثل ذلك) الذي فعله على الصفا من الوقوف والذكر والدعاء ففيه مشروعية الرقي عليهما وهو سنة عند الجمهور ليس بشرط ولا واجب فلو تركه صح سعيه لكن فاتته الفضيلة وقد استحب في المدونة أن يصعد أعلاهما بحيث يرى البيت كما في حديث جابر عند مسلم وقد رواه عبد الرزاق عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم كان يصعد على الصفا والمروة حتى يبدو له البيت قال أبو عمر تفرد به عبد الرزاق عن مالك قال ولا حد في الذكر والدعاء عند أحد من العلماء وإنما هو بحسب ما يقدر عليه المرء ويحضره وقد زاد الليث في روايته هذا الحديث ذكر الله وحمده ودعا بما قدر له انتهى واستدل به العز بن عبد السلام على أن المروة أفضل من الصفا قال لأنها تقصد بالذكر والدعاء أربع مرات بخلاف الصفا فإنها تقصد ثلاثًا وأما البداءة بالصفا فليس بوارد لأنه وسيلة قال الحافظ وفيه نظر لأن الصفا تقصد أربعًا أيضًا أولها عند البداءة فكل منهما مقصود بذلك وتمتاز الصفا بالابتداء وعلى التنزل يتعادلان ثم ما ثمرة هذا التفضيل مع أن العبادة المتعلقة بها لا تتم إلا بهما معًا انتهى وجزم الشهاب القرافي تلميذ العز بأن الصفا أفضل قال لأن السعي منه أربعًا ومن المروة ثلاثًا وما كانت العبادة فيه أكثر فهو أفضل انتهى ويرد عليه أيضًا ما أورده الحافظ على العز أنه لا ثمرة لهذا التفضيل ( مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر وهو على الصفا يدعو يقول اللهم إنك قلت ادعوني أستجب لكم) فحمل الدعاء على ظاهره من الطلب لا أن المراد به العبادة ووجه الربط بينه وبين قوله { { إن الذين يستكبرون عن عبادتي } } أن الدعاء أخص من العبادة فمن استكبر عنها استكبر عن الدعاء فالوعيد إنما هو لمن تركه استكبارًا ومن فعل ذلك كفر ( وإنك لا تخلف الميعاد) كما قلت ( وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم) تتميمًا لنعمتك العظيمة لأفوز بالجنة والنجاة من النار قال أبو عمر فيه التأسي بإبراهيم في قوله { { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } } وبيوسف في قوله { { توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين } } وبنبينا صلى الله عليه وسلم في قوله وإذا أردت أو أدرت بالناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون قال إبراهيم النخعي لا يأمن الفتنة والاستدراج إلا مفتون ولا نعمة أفضل من نعمة الإسلام فيه تزكو الأعمال انتهى وأردت بتقديم الراء على الدال من الإرادة وبتأخيرها عن الدال من الإدارة إشارة إلى أن الحديث روي بالوجهين كما مر في باب الدعاء لا إنها شك.



رقم الحديث 838 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى الصَّفَا يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ.
لَا شَرِيكَ لَهُ.
لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وَيَدْعُو.
وَيَصْنَعُ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ ذَلِكَ.


( البدء بالصفا في السعي)

( مالك عن جعفر) الصادق ( ابن محمد) الباقر ( بن علي) زين العابدين بن الحسين ( عن أبيه عن جابر بن عبد الله أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرج من المسجد) بعد أن طاف وصلى ركعتين وقرأ فيهما بـ { { قل يا أيها الكافرون } } و { { قل هو الله أحد } } كما في الحديث الطويل عن جابر عند مسلم قال ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب ( وهو يريد الصفا وهو يقول) وفي مسلم فلما دنا إلى الصفا قرأ { { إن الصفا والمروة من شعائر الله } } ( نبدأ بما بدأ الله به) بصيغة الإخبار على الرواية المشهورة وفي رواية ابدأ بصيغة الإخبار أيضًا ( فبدأ بالصفا) قال الخطابي فيه إنه اعتبر تقديم المبدوء به في التلاوة فقدمه وأن الظاهر في حق الكلام أن المبدوء مقدم في الحكم على ما بعده وأن الساعي إذا بدأ بالمروة لم يعتد بذلك انتهى ونحوه لابن عبد البر وبهذا قال مالك والشافعي والجمهور وأصرح منه في الدلالة رواية النسائي ابدؤوا بما بدأ الله به هكذا بصيغة الأمر للجمع وقال عياض احتج به من قال الواو ترتب لامتثاله صلى الله عليه وسلم ذلك واحتج به من قال لا ترتب لأنها لو رتبت لم يحتج إلى هذا التوجيه وإنما قال ذلك تأسيًا لا التزامًا انتهى أي لا إلزامًا لأن الواو ترتب وهذا قطعة من الحديث الطويل المروي بهذا الإسناد في الحجة النبوية عند مسلم وأبي داود وغيرهما والإمام روى منه جملة فرقها تحت التراجم وربما عبر عنه بالبلاغ كما مر وربما ذكر إسناده كهذا الحديث وتاليه وهو ( مالك عن جعفر بن محمد بن علي) بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عن أبيه عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا) وفي مسلم عن جابر فرقى عليه أي الصفا حتى رأى البيت فاستقبل القبلة ( يكبر) أي يقول الله أكبر ( ثلاثًا) من المرات ( ويقول لا إله إلا الله وحده) نصب حال أي منفردًا ( لا شريك له) عقلاً وسمعًا وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إنما هو إله واحد { { قل هو الله أحد } } في آي أخر ( له الملك) بضم الميم أصناف المخلوقات ( وله الحمد) في الأولى والآخرة زاد في رواية أبي داود عن جابر يحيي ويميت ( وهو على كل شيء قدير) جملة حالية أيضًا زاد في رواية مسلم لا إله إلا هو وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ( يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو) بين ذلك كما في رواية مسلم أي بين الثلاث مرات ( ويصنع على المروة مثل ذلك) الذي فعله على الصفا من الوقوف والذكر والدعاء ففيه مشروعية الرقي عليهما وهو سنة عند الجمهور ليس بشرط ولا واجب فلو تركه صح سعيه لكن فاتته الفضيلة وقد استحب في المدونة أن يصعد أعلاهما بحيث يرى البيت كما في حديث جابر عند مسلم وقد رواه عبد الرزاق عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم كان يصعد على الصفا والمروة حتى يبدو له البيت قال أبو عمر تفرد به عبد الرزاق عن مالك قال ولا حد في الذكر والدعاء عند أحد من العلماء وإنما هو بحسب ما يقدر عليه المرء ويحضره وقد زاد الليث في روايته هذا الحديث ذكر الله وحمده ودعا بما قدر له انتهى واستدل به العز بن عبد السلام على أن المروة أفضل من الصفا قال لأنها تقصد بالذكر والدعاء أربع مرات بخلاف الصفا فإنها تقصد ثلاثًا وأما البداءة بالصفا فليس بوارد لأنه وسيلة قال الحافظ وفيه نظر لأن الصفا تقصد أربعًا أيضًا أولها عند البداءة فكل منهما مقصود بذلك وتمتاز الصفا بالابتداء وعلى التنزل يتعادلان ثم ما ثمرة هذا التفضيل مع أن العبادة المتعلقة بها لا تتم إلا بهما معًا انتهى وجزم الشهاب القرافي تلميذ العز بأن الصفا أفضل قال لأن السعي منه أربعًا ومن المروة ثلاثًا وما كانت العبادة فيه أكثر فهو أفضل انتهى ويرد عليه أيضًا ما أورده الحافظ على العز أنه لا ثمرة لهذا التفضيل ( مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر وهو على الصفا يدعو يقول اللهم إنك قلت ادعوني أستجب لكم) فحمل الدعاء على ظاهره من الطلب لا أن المراد به العبادة ووجه الربط بينه وبين قوله { { إن الذين يستكبرون عن عبادتي } } أن الدعاء أخص من العبادة فمن استكبر عنها استكبر عن الدعاء فالوعيد إنما هو لمن تركه استكبارًا ومن فعل ذلك كفر ( وإنك لا تخلف الميعاد) كما قلت ( وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم) تتميمًا لنعمتك العظيمة لأفوز بالجنة والنجاة من النار قال أبو عمر فيه التأسي بإبراهيم في قوله { { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } } وبيوسف في قوله { { توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين } } وبنبينا صلى الله عليه وسلم في قوله وإذا أردت أو أدرت بالناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون قال إبراهيم النخعي لا يأمن الفتنة والاستدراج إلا مفتون ولا نعمة أفضل من نعمة الإسلام فيه تزكو الأعمال انتهى وأردت بتقديم الراء على الدال من الإرادة وبتأخيرها عن الدال من الإدارة إشارة إلى أن الحديث روي بالوجهين كما مر في باب الدعاء لا إنها شك.



رقم الحديث 839 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: { { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } } وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنِي لِلْإِسْلَامِ أَنْ لَا تَنْزِعَهُ مِنِّي.
حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ.


( البدء بالصفا في السعي)

( مالك عن جعفر) الصادق ( ابن محمد) الباقر ( بن علي) زين العابدين بن الحسين ( عن أبيه عن جابر بن عبد الله أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرج من المسجد) بعد أن طاف وصلى ركعتين وقرأ فيهما بـ { { قل يا أيها الكافرون } } و { { قل هو الله أحد } } كما في الحديث الطويل عن جابر عند مسلم قال ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب ( وهو يريد الصفا وهو يقول) وفي مسلم فلما دنا إلى الصفا قرأ { { إن الصفا والمروة من شعائر الله } } ( نبدأ بما بدأ الله به) بصيغة الإخبار على الرواية المشهورة وفي رواية ابدأ بصيغة الإخبار أيضًا ( فبدأ بالصفا) قال الخطابي فيه إنه اعتبر تقديم المبدوء به في التلاوة فقدمه وأن الظاهر في حق الكلام أن المبدوء مقدم في الحكم على ما بعده وأن الساعي إذا بدأ بالمروة لم يعتد بذلك انتهى ونحوه لابن عبد البر وبهذا قال مالك والشافعي والجمهور وأصرح منه في الدلالة رواية النسائي ابدؤوا بما بدأ الله به هكذا بصيغة الأمر للجمع وقال عياض احتج به من قال الواو ترتب لامتثاله صلى الله عليه وسلم ذلك واحتج به من قال لا ترتب لأنها لو رتبت لم يحتج إلى هذا التوجيه وإنما قال ذلك تأسيًا لا التزامًا انتهى أي لا إلزامًا لأن الواو ترتب وهذا قطعة من الحديث الطويل المروي بهذا الإسناد في الحجة النبوية عند مسلم وأبي داود وغيرهما والإمام روى منه جملة فرقها تحت التراجم وربما عبر عنه بالبلاغ كما مر وربما ذكر إسناده كهذا الحديث وتاليه وهو ( مالك عن جعفر بن محمد بن علي) بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عن أبيه عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا) وفي مسلم عن جابر فرقى عليه أي الصفا حتى رأى البيت فاستقبل القبلة ( يكبر) أي يقول الله أكبر ( ثلاثًا) من المرات ( ويقول لا إله إلا الله وحده) نصب حال أي منفردًا ( لا شريك له) عقلاً وسمعًا وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إنما هو إله واحد { { قل هو الله أحد } } في آي أخر ( له الملك) بضم الميم أصناف المخلوقات ( وله الحمد) في الأولى والآخرة زاد في رواية أبي داود عن جابر يحيي ويميت ( وهو على كل شيء قدير) جملة حالية أيضًا زاد في رواية مسلم لا إله إلا هو وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ( يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو) بين ذلك كما في رواية مسلم أي بين الثلاث مرات ( ويصنع على المروة مثل ذلك) الذي فعله على الصفا من الوقوف والذكر والدعاء ففيه مشروعية الرقي عليهما وهو سنة عند الجمهور ليس بشرط ولا واجب فلو تركه صح سعيه لكن فاتته الفضيلة وقد استحب في المدونة أن يصعد أعلاهما بحيث يرى البيت كما في حديث جابر عند مسلم وقد رواه عبد الرزاق عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم كان يصعد على الصفا والمروة حتى يبدو له البيت قال أبو عمر تفرد به عبد الرزاق عن مالك قال ولا حد في الذكر والدعاء عند أحد من العلماء وإنما هو بحسب ما يقدر عليه المرء ويحضره وقد زاد الليث في روايته هذا الحديث ذكر الله وحمده ودعا بما قدر له انتهى واستدل به العز بن عبد السلام على أن المروة أفضل من الصفا قال لأنها تقصد بالذكر والدعاء أربع مرات بخلاف الصفا فإنها تقصد ثلاثًا وأما البداءة بالصفا فليس بوارد لأنه وسيلة قال الحافظ وفيه نظر لأن الصفا تقصد أربعًا أيضًا أولها عند البداءة فكل منهما مقصود بذلك وتمتاز الصفا بالابتداء وعلى التنزل يتعادلان ثم ما ثمرة هذا التفضيل مع أن العبادة المتعلقة بها لا تتم إلا بهما معًا انتهى وجزم الشهاب القرافي تلميذ العز بأن الصفا أفضل قال لأن السعي منه أربعًا ومن المروة ثلاثًا وما كانت العبادة فيه أكثر فهو أفضل انتهى ويرد عليه أيضًا ما أورده الحافظ على العز أنه لا ثمرة لهذا التفضيل ( مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر وهو على الصفا يدعو يقول اللهم إنك قلت ادعوني أستجب لكم) فحمل الدعاء على ظاهره من الطلب لا أن المراد به العبادة ووجه الربط بينه وبين قوله { { إن الذين يستكبرون عن عبادتي } } أن الدعاء أخص من العبادة فمن استكبر عنها استكبر عن الدعاء فالوعيد إنما هو لمن تركه استكبارًا ومن فعل ذلك كفر ( وإنك لا تخلف الميعاد) كما قلت ( وإني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم) تتميمًا لنعمتك العظيمة لأفوز بالجنة والنجاة من النار قال أبو عمر فيه التأسي بإبراهيم في قوله { { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } } وبيوسف في قوله { { توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين } } وبنبينا صلى الله عليه وسلم في قوله وإذا أردت أو أدرت بالناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون قال إبراهيم النخعي لا يأمن الفتنة والاستدراج إلا مفتون ولا نعمة أفضل من نعمة الإسلام فيه تزكو الأعمال انتهى وأردت بتقديم الراء على الدال من الإرادة وبتأخيرها عن الدال من الإدارة إشارة إلى أن الحديث روي بالوجهين كما مر في باب الدعاء لا إنها شك.