فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْحَدِّ فِي الْقَذْفِ وَالنَّفْيِ وَالتَّعْرِيضِ

رقم الحديث 1528 حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّهُ قَالَ: جَلَدَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَبْدًا فِي فِرْيَةٍ ثَمَانِينَ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَدْرَكْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَالْخُلَفَاءَ هَلُمَّ جَرًّا فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا جَلَدَ عَبْدًا فِي فِرْيَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ.


( الحد في القذف والنفي والتعريض)

( مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي عبد الله بن ذكوان ( أنه قال جلد عمر بن عبد العزيز عبدًا في فرية) بكسر فسكون أي قذف ( ثمانين) حملاً لظاهر قوله تعالى { { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } } على عمومه إذ لم يخص حرًا من عبد ( قال أبو الزناد فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة) العدوي مولاهم العنزي ولد في العهد النبوي وأبوه صحابي شهير ( عن ذلك) الفعل لإشكاله إذ الآية مخصوصة بالحر ( فقال أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا) أي بعدهما ( فما رأيت أحدًا) منهم ( جلد عبدًا في فرية أكثر من أربعين) جلدة فدل على أنهم خصصوا الآية بالأحرار لقوله تعالى { { { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} } } والعبد في معنى الأمة بجامع الرق ( مالك عن رزيق) بضم الراء وفتح الزاي وإسكان التحتية وقاف ويقال فيه زريق بتقديم الزاي على الراء ( ابن حكيم) بضم الحاء مصغر ويقال بفتحها مكبرًا ( الأيلي) بفتح الهمزة وإسكان التحتية ثقة ( أن رجلاً يقال له مصباح استعان ابنًا له) في شيء ( فكأنه استبطأه فلما جاءه قال له يا زان فقال رزيق فاستعداني) طلب تقويتي ونصره ( عليه فلما إن أردت أن أجلده) الحد ( قال ابنه والله لئن جلدته لأبوأن) لأرجعن بمعنى لأقرن ( على نفسي بالزنا فلما قال ذلك أشكل علي أمره فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ) بالمدينة من جهة ابن عمه سليمان بن عبد الملك ويحتمل أنه أراد بالوالي الخليفة إن كان ذلك وقع في زمن خلافته ( أذكر له ذلك) الذي قاله مصباح وابنه ( فكتب إلي عمر أن) بفتح فسكون ( أجز) بالجيم والزاي أمض ( عفوه) عن أبيه ( قال رزيق وكتب إلي عمر بن عبد العزيز أيضًا أرأيت رجلاً) أي أخبرني عن الحكم في رجل ( أفتري) بضم الألف مبني للمفعول ( عليه أو على أبويه وقد هلكا) ماتا معًا ( أو أحدهما قال فكتب إلي عمر إن عفا فأجز عفوه في) حق ( نفسه وإن افترى على أبويه أو أحدهما وقد هلكا فحد له) للهالك المتعدد أو المتحد ( بكتاب الله) أي قوله { { { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} } } إلا أن ( يريد) الابن ( سترًا) بكسر السين وفتحها ( قال مالك وذلك) أي إرادة الستر ( أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن يقوم عليه بينة) بما رمي به ( فإذا كان على ما وصفت) بضم التاء ( فعفا جاز عفوه) ولو بلغ الحاكم ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل قذف قومًا جماعة) أي مجتمعين بأن قال لهم يا زناة أو أنتم زناة مثلاً ( أنه ليس عليه إلا حد واحد) للجميع ( قال مالك وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد) أيضًا لأنه قذف واحد ( مالك عن أبي الرجال) بجيم ( محمد بن عبد الرحمن بن حارثة) بمهملة ومثلثة ( ابن النعمان الأنصاري من بني النجار) بفتح النون والجيم الثقيلة بطن من الخزرج قال فيها صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار بنو النجار ( عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية ( أن رجلين) لم يسميا ( استبا في زمن) خلافة ( عمر بن الخطاب فقال أحدهما للآخر والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب) العلماء ( فقال قائل مدح أباه وأمه) فلا شيء عليه ( وقال آخرون قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا) فعدوله إلى هذا في مقام الاستباب دليل على أنه عرض بالقذف لمخاطبه فلذا ( نرى أن تجلده الحد فجلده عمر بن الخطاب الحد ثمانين جلدة) لأنه وافق رأيه اجتهادهم لا تقليدًا لهم ( قال مالك لا حد عندنا إلا في نفي) عن أب لثابت نسبه ( أو قذف) رمي بالزنا ونحوه صريح ( أو تعريض يرى أن قائله إنما أراد بذلك نفيًا أو قذفًا فعلى من قال ذلك الحد تامًا) كما فعل عمر بحضرة جمع من الصحابة دون إنكار ( والأمر عندنا أنه إذا نفى) رجل ( رجلاً من أبيه فإن عليه الحد وإن كانت أم الذي نفي مملوكة فإن عليه الحد) لأن العبرة بالأب وهو ثابت نسبه له وإن أمه أمة.



رقم الحديث 1529 وحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ رُزَيْقِ بْنِ حَكِيمٍ الْأَيْلِيِّ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ مِصْبَاحٌ، اسْتَعَانَ ابْنًا لَهُ فَكَأَنَّهُ اسْتَبْطَأَهُ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ لَهُ: يَا زَانٍ.
قَالَ زُرَيْقٌ: فَاسْتَعْدَانِي عَلَيْهِ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَجْلِدَهُ.
قَالَ ابْنُهُ: وَاللَّهِ لَئِنْ جَلَدْتَهُ لَأَبُوءَنَّ عَلَى نَفْسِي بِالزِّنَا.
فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ: أَشْكَلَ عَلَيَّ أَمْرُهُ فَكَتَبْتُ فِيهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ الْوَالِي يَوْمَئِذٍ.
أَذْكُرُ لَهُ ذَلِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ أَنْ أَجِزْ عَفْوَهُ.
قَالَ زُرَيْقٌ: وَكَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْضًا: أَرَأَيْتَ رَجُلًا افْتُرِيَ عَلَيْهِ.
أَوْ عَلَى أَبَوَيْهِ.
وَقَدْ هَلَكَا.
أَوْ أَحَدُهُمَا قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ: إِنْ عَفَا فَأَجِزْ عَفْوَهُ فِي نَفْسِهِ.
وَإِنِ افْتُرِيَ عَلَى أَبَوَيْهِ.
وَقَدْ هَلَكَا.
أَوْ أَحَدُهُمَا فَخُذْ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ.
إِلَّا أَنْ يُرِيدَ سِتْرًا
قَالَ يَحْيَى، سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ الْمُفْتَرَى عَلَيْهِ يَخَافُ إِنْ كُشِفَ ذَلِكَ مِنْهُ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَإِذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْتُ فَعَفَا جَازَ عَفْوُهُ.


( الحد في القذف والنفي والتعريض)

( مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي عبد الله بن ذكوان ( أنه قال جلد عمر بن عبد العزيز عبدًا في فرية) بكسر فسكون أي قذف ( ثمانين) حملاً لظاهر قوله تعالى { { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } } على عمومه إذ لم يخص حرًا من عبد ( قال أبو الزناد فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة) العدوي مولاهم العنزي ولد في العهد النبوي وأبوه صحابي شهير ( عن ذلك) الفعل لإشكاله إذ الآية مخصوصة بالحر ( فقال أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا) أي بعدهما ( فما رأيت أحدًا) منهم ( جلد عبدًا في فرية أكثر من أربعين) جلدة فدل على أنهم خصصوا الآية بالأحرار لقوله تعالى { { { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} } } والعبد في معنى الأمة بجامع الرق ( مالك عن رزيق) بضم الراء وفتح الزاي وإسكان التحتية وقاف ويقال فيه زريق بتقديم الزاي على الراء ( ابن حكيم) بضم الحاء مصغر ويقال بفتحها مكبرًا ( الأيلي) بفتح الهمزة وإسكان التحتية ثقة ( أن رجلاً يقال له مصباح استعان ابنًا له) في شيء ( فكأنه استبطأه فلما جاءه قال له يا زان فقال رزيق فاستعداني) طلب تقويتي ونصره ( عليه فلما إن أردت أن أجلده) الحد ( قال ابنه والله لئن جلدته لأبوأن) لأرجعن بمعنى لأقرن ( على نفسي بالزنا فلما قال ذلك أشكل علي أمره فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ) بالمدينة من جهة ابن عمه سليمان بن عبد الملك ويحتمل أنه أراد بالوالي الخليفة إن كان ذلك وقع في زمن خلافته ( أذكر له ذلك) الذي قاله مصباح وابنه ( فكتب إلي عمر أن) بفتح فسكون ( أجز) بالجيم والزاي أمض ( عفوه) عن أبيه ( قال رزيق وكتب إلي عمر بن عبد العزيز أيضًا أرأيت رجلاً) أي أخبرني عن الحكم في رجل ( أفتري) بضم الألف مبني للمفعول ( عليه أو على أبويه وقد هلكا) ماتا معًا ( أو أحدهما قال فكتب إلي عمر إن عفا فأجز عفوه في) حق ( نفسه وإن افترى على أبويه أو أحدهما وقد هلكا فحد له) للهالك المتعدد أو المتحد ( بكتاب الله) أي قوله { { { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} } } إلا أن ( يريد) الابن ( سترًا) بكسر السين وفتحها ( قال مالك وذلك) أي إرادة الستر ( أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن يقوم عليه بينة) بما رمي به ( فإذا كان على ما وصفت) بضم التاء ( فعفا جاز عفوه) ولو بلغ الحاكم ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل قذف قومًا جماعة) أي مجتمعين بأن قال لهم يا زناة أو أنتم زناة مثلاً ( أنه ليس عليه إلا حد واحد) للجميع ( قال مالك وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد) أيضًا لأنه قذف واحد ( مالك عن أبي الرجال) بجيم ( محمد بن عبد الرحمن بن حارثة) بمهملة ومثلثة ( ابن النعمان الأنصاري من بني النجار) بفتح النون والجيم الثقيلة بطن من الخزرج قال فيها صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار بنو النجار ( عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية ( أن رجلين) لم يسميا ( استبا في زمن) خلافة ( عمر بن الخطاب فقال أحدهما للآخر والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب) العلماء ( فقال قائل مدح أباه وأمه) فلا شيء عليه ( وقال آخرون قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا) فعدوله إلى هذا في مقام الاستباب دليل على أنه عرض بالقذف لمخاطبه فلذا ( نرى أن تجلده الحد فجلده عمر بن الخطاب الحد ثمانين جلدة) لأنه وافق رأيه اجتهادهم لا تقليدًا لهم ( قال مالك لا حد عندنا إلا في نفي) عن أب لثابت نسبه ( أو قذف) رمي بالزنا ونحوه صريح ( أو تعريض يرى أن قائله إنما أراد بذلك نفيًا أو قذفًا فعلى من قال ذلك الحد تامًا) كما فعل عمر بحضرة جمع من الصحابة دون إنكار ( والأمر عندنا أنه إذا نفى) رجل ( رجلاً من أبيه فإن عليه الحد وإن كانت أم الذي نفي مملوكة فإن عليه الحد) لأن العبرة بالأب وهو ثابت نسبه له وإن أمه أمة.



رقم الحديث 1530 وحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: فِي رَجُلٍ قَذَفَ قَوْمًا جَمَاعَةً أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ تَفَرَّقُوا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ.


( الحد في القذف والنفي والتعريض)

( مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي عبد الله بن ذكوان ( أنه قال جلد عمر بن عبد العزيز عبدًا في فرية) بكسر فسكون أي قذف ( ثمانين) حملاً لظاهر قوله تعالى { { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } } على عمومه إذ لم يخص حرًا من عبد ( قال أبو الزناد فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة) العدوي مولاهم العنزي ولد في العهد النبوي وأبوه صحابي شهير ( عن ذلك) الفعل لإشكاله إذ الآية مخصوصة بالحر ( فقال أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا) أي بعدهما ( فما رأيت أحدًا) منهم ( جلد عبدًا في فرية أكثر من أربعين) جلدة فدل على أنهم خصصوا الآية بالأحرار لقوله تعالى { { { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} } } والعبد في معنى الأمة بجامع الرق ( مالك عن رزيق) بضم الراء وفتح الزاي وإسكان التحتية وقاف ويقال فيه زريق بتقديم الزاي على الراء ( ابن حكيم) بضم الحاء مصغر ويقال بفتحها مكبرًا ( الأيلي) بفتح الهمزة وإسكان التحتية ثقة ( أن رجلاً يقال له مصباح استعان ابنًا له) في شيء ( فكأنه استبطأه فلما جاءه قال له يا زان فقال رزيق فاستعداني) طلب تقويتي ونصره ( عليه فلما إن أردت أن أجلده) الحد ( قال ابنه والله لئن جلدته لأبوأن) لأرجعن بمعنى لأقرن ( على نفسي بالزنا فلما قال ذلك أشكل علي أمره فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ) بالمدينة من جهة ابن عمه سليمان بن عبد الملك ويحتمل أنه أراد بالوالي الخليفة إن كان ذلك وقع في زمن خلافته ( أذكر له ذلك) الذي قاله مصباح وابنه ( فكتب إلي عمر أن) بفتح فسكون ( أجز) بالجيم والزاي أمض ( عفوه) عن أبيه ( قال رزيق وكتب إلي عمر بن عبد العزيز أيضًا أرأيت رجلاً) أي أخبرني عن الحكم في رجل ( أفتري) بضم الألف مبني للمفعول ( عليه أو على أبويه وقد هلكا) ماتا معًا ( أو أحدهما قال فكتب إلي عمر إن عفا فأجز عفوه في) حق ( نفسه وإن افترى على أبويه أو أحدهما وقد هلكا فحد له) للهالك المتعدد أو المتحد ( بكتاب الله) أي قوله { { { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} } } إلا أن ( يريد) الابن ( سترًا) بكسر السين وفتحها ( قال مالك وذلك) أي إرادة الستر ( أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن يقوم عليه بينة) بما رمي به ( فإذا كان على ما وصفت) بضم التاء ( فعفا جاز عفوه) ولو بلغ الحاكم ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل قذف قومًا جماعة) أي مجتمعين بأن قال لهم يا زناة أو أنتم زناة مثلاً ( أنه ليس عليه إلا حد واحد) للجميع ( قال مالك وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد) أيضًا لأنه قذف واحد ( مالك عن أبي الرجال) بجيم ( محمد بن عبد الرحمن بن حارثة) بمهملة ومثلثة ( ابن النعمان الأنصاري من بني النجار) بفتح النون والجيم الثقيلة بطن من الخزرج قال فيها صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار بنو النجار ( عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية ( أن رجلين) لم يسميا ( استبا في زمن) خلافة ( عمر بن الخطاب فقال أحدهما للآخر والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب) العلماء ( فقال قائل مدح أباه وأمه) فلا شيء عليه ( وقال آخرون قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا) فعدوله إلى هذا في مقام الاستباب دليل على أنه عرض بالقذف لمخاطبه فلذا ( نرى أن تجلده الحد فجلده عمر بن الخطاب الحد ثمانين جلدة) لأنه وافق رأيه اجتهادهم لا تقليدًا لهم ( قال مالك لا حد عندنا إلا في نفي) عن أب لثابت نسبه ( أو قذف) رمي بالزنا ونحوه صريح ( أو تعريض يرى أن قائله إنما أراد بذلك نفيًا أو قذفًا فعلى من قال ذلك الحد تامًا) كما فعل عمر بحضرة جمع من الصحابة دون إنكار ( والأمر عندنا أنه إذا نفى) رجل ( رجلاً من أبيه فإن عليه الحد وإن كانت أم الذي نفي مملوكة فإن عليه الحد) لأن العبرة بالأب وهو ثابت نسبه له وإن أمه أمة.



رقم الحديث 1531 حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنَّ هَاهُنَا غُلَامًا يَفَاعًا لَمْ يَحْتَلِمْ مِنْ غَسَّانَ، وَوَارِثُهُ بِالشَّامِ، وَهُوَ ذُو مَالٍ، وَلَيْسَ لَهُ هَاهُنَا إِلَّا ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَلْيُوصِ لَهَا.
قَالَ: فَأَوْصَى لَهَا بِمَالٍ يُقَالَ لَهُ بِئْرُ جُشَمٍ، قَالَ عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ: فَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالُ بِثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَابْنَةُ عَمِّهِ الَّتِي أَوْصَى لَهَا، هِيَ أُمُّ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ.


جواز وصية الصغير والضعيف والمصاب والسفيه

( مالك عن عبد الله بن أبي بكر) محمد بن عمرو ( ابن حزم) بمهملة وزاي ( عن أبيه) أبي بكر اسمه وكنيته واحد ( أن عمرو) بفتح العين ( ابن سليم) بضم السين ( الزرقي) بضم الزاي نسبة إلى بني زريق بطن من الأنصار من كبار التابعين ويقال له رؤية وأبوه صحابي ( أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب إن هاهنا) بالمدينة ( غلاما يفاعا) بفتح التحتية والفاء بزنة كلام مرتفعا ( لم يحتلم من غسان) بفتح الغين المعجمة وشد السين المهملة قبيلة من الأزد ( ووارثه بالشام وهو ذو مال وليس له ههنا إلا ابنة عم له) فهل يوصي لها ( فقال عمر بن الخطاب فليوص لها قال) عمرو ( فأوصى لها بمال يقال له بئر جشم) بضم الجيم وفتح الشين المعجمة ( قال عمرو بن سليم فبيع ذلك المال بثلاثين ألف درهم وابنة عمه) أي الغلام ( التي أوصى لها هي أم عمرو بن سليم الزرقي) راوي الخبر المذكور ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن أبي بكر بن حزم أن غلاما من غسان حضرته الوفاة بالمدينة ووارثه بالشام فذكر) بضم الذال ( ذلك لعمر بن الخطاب فقيل له إن فلانا يموت أفيوصي قال فليوص قال يحيى بن سعيد قال أبو بكر وكان الغلام ابن عشر سنين أو ثنتي عشرة سنة قال فأوصى ببئر جشم) لابنة عمه أم عمرو كما في الطريق الأولى ( فباعها أهلها) أي التي أوصى إليها بها ( بثلاثين ألف درهم) فضة وذكر الإمام هذه الطريق الثانية لما فيها من بيان سن الغلام ولم يذكر أبو بكر فيها من أخبره بذلك وهو عمرو بن سليم فقد حدث به على الوجهين وفيه صحة وصية الصبي المميز وبه قال مالك وقيده بما إذا عقل ولم يخلط وأحمد وقيده بابن سبع وعنه بعشر والشافعي في قول رجحه جماعة ومال إليه السبكي وأيده بأن الوارث لا حق له في الثلث فلا وجه لمنع وصية الصبي المميز ومنعها الحنفية والشافعي في الأظهر عنه وذكر البيهقي عنه أنه علق القول به على صحة أثر عمر وهو صحيح فإن رجاله ثقات وله شاهد ( مالك الأمر عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه) المبذر للمال ( والمصاب) المجنون ( الذي يفيق أحيانا تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما) أي تمييز ( يعرفون ما يوصون به فأما من ليس معه من عقله ما يعرف بذلك ما يوصي به وكان مغلوبا على عقله فلا وصية له) صحيحة وحاصله أن المدار على التمييز.



رقم الحديث 1531 وحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ اسْتَبَّا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: وَاللَّهِ مَا أَبِي بِزَانٍ.
وَلَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ.
فَاسْتَشَارَ فِي ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ قَائِلٌ: مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ.
.

     وَقَالَ  آخَرُونَ قَدْ كَانَ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ مَدْحٌ غَيْرُ هَذَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ الْحَدَّ فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ ثَمَانِينَ قَالَ مَالِكٌ: لَا حَدَّ عِنْدَنَا إِلَّا فِي نَفْيٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ تَعْرِيضٍ يُرَى أَنَّ قَائِلَهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيًا أَوْ قَذْفًا فَعَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْحَدُّ تَامًّا.
قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إِذَا نَفَى رَجُلٌ رَجُلًا مِنْ أَبِيهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الَّذِي نُفِيَ مَمْلُوكَةً فَإِنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ.


( الحد في القذف والنفي والتعريض)

( مالك عن أبي الزناد) بكسر الزاي عبد الله بن ذكوان ( أنه قال جلد عمر بن عبد العزيز عبدًا في فرية) بكسر فسكون أي قذف ( ثمانين) حملاً لظاهر قوله تعالى { { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } } على عمومه إذ لم يخص حرًا من عبد ( قال أبو الزناد فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة) العدوي مولاهم العنزي ولد في العهد النبوي وأبوه صحابي شهير ( عن ذلك) الفعل لإشكاله إذ الآية مخصوصة بالحر ( فقال أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا) أي بعدهما ( فما رأيت أحدًا) منهم ( جلد عبدًا في فرية أكثر من أربعين) جلدة فدل على أنهم خصصوا الآية بالأحرار لقوله تعالى { { { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} } } والعبد في معنى الأمة بجامع الرق ( مالك عن رزيق) بضم الراء وفتح الزاي وإسكان التحتية وقاف ويقال فيه زريق بتقديم الزاي على الراء ( ابن حكيم) بضم الحاء مصغر ويقال بفتحها مكبرًا ( الأيلي) بفتح الهمزة وإسكان التحتية ثقة ( أن رجلاً يقال له مصباح استعان ابنًا له) في شيء ( فكأنه استبطأه فلما جاءه قال له يا زان فقال رزيق فاستعداني) طلب تقويتي ونصره ( عليه فلما إن أردت أن أجلده) الحد ( قال ابنه والله لئن جلدته لأبوأن) لأرجعن بمعنى لأقرن ( على نفسي بالزنا فلما قال ذلك أشكل علي أمره فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ) بالمدينة من جهة ابن عمه سليمان بن عبد الملك ويحتمل أنه أراد بالوالي الخليفة إن كان ذلك وقع في زمن خلافته ( أذكر له ذلك) الذي قاله مصباح وابنه ( فكتب إلي عمر أن) بفتح فسكون ( أجز) بالجيم والزاي أمض ( عفوه) عن أبيه ( قال رزيق وكتب إلي عمر بن عبد العزيز أيضًا أرأيت رجلاً) أي أخبرني عن الحكم في رجل ( أفتري) بضم الألف مبني للمفعول ( عليه أو على أبويه وقد هلكا) ماتا معًا ( أو أحدهما قال فكتب إلي عمر إن عفا فأجز عفوه في) حق ( نفسه وإن افترى على أبويه أو أحدهما وقد هلكا فحد له) للهالك المتعدد أو المتحد ( بكتاب الله) أي قوله { { { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} } } إلا أن ( يريد) الابن ( سترًا) بكسر السين وفتحها ( قال مالك وذلك) أي إرادة الستر ( أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن يقوم عليه بينة) بما رمي به ( فإذا كان على ما وصفت) بضم التاء ( فعفا جاز عفوه) ولو بلغ الحاكم ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل قذف قومًا جماعة) أي مجتمعين بأن قال لهم يا زناة أو أنتم زناة مثلاً ( أنه ليس عليه إلا حد واحد) للجميع ( قال مالك وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد) أيضًا لأنه قذف واحد ( مالك عن أبي الرجال) بجيم ( محمد بن عبد الرحمن بن حارثة) بمهملة ومثلثة ( ابن النعمان الأنصاري من بني النجار) بفتح النون والجيم الثقيلة بطن من الخزرج قال فيها صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار بنو النجار ( عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية ( أن رجلين) لم يسميا ( استبا في زمن) خلافة ( عمر بن الخطاب فقال أحدهما للآخر والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب) العلماء ( فقال قائل مدح أباه وأمه) فلا شيء عليه ( وقال آخرون قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا) فعدوله إلى هذا في مقام الاستباب دليل على أنه عرض بالقذف لمخاطبه فلذا ( نرى أن تجلده الحد فجلده عمر بن الخطاب الحد ثمانين جلدة) لأنه وافق رأيه اجتهادهم لا تقليدًا لهم ( قال مالك لا حد عندنا إلا في نفي) عن أب لثابت نسبه ( أو قذف) رمي بالزنا ونحوه صريح ( أو تعريض يرى أن قائله إنما أراد بذلك نفيًا أو قذفًا فعلى من قال ذلك الحد تامًا) كما فعل عمر بحضرة جمع من الصحابة دون إنكار ( والأمر عندنا أنه إذا نفى) رجل ( رجلاً من أبيه فإن عليه الحد وإن كانت أم الذي نفي مملوكة فإن عليه الحد) لأن العبرة بالأب وهو ثابت نسبه له وإن أمه أمة.