فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْغُسْلِ لِلْإِهْلَالِ

رقم الحديث 711 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِالْبَيْدَاءِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مُرْهَا فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتُهِلَّ.


( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء بنت عميس) بضم العين آخره سين مهملتين قال أبو عمر كذا ليحيى ومعن وابن القاسم وقتيبة وغيرهم وقال القعنبي وابن بكير وابن مهدي ويحيى النيسابوري أن أسماء وعلي كل هو مرسل فالقاسم لم يلق أسماء وقد وصله مسلم وأبو داود وابن ماجه من طريق عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة أن أسماء بنت عميس ( ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء) بالمد بطرف ذي الحليفة ( فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرها فلتغتسل ثم لتهلل) تحرم وتلبي ففيه صحة إحرام النفساء ومثلها الحائض وأولى منهما الجنب لأنهما شاركتاه في شمول اسم الحدث وزادتا عليه بسيلان الدم ولذا صح صومه دونهما والاغتسال للإحرام مطلقًا لأن النفساء إذا أمرت به مع أنها غير قابلة للطهارة كالحائض فغيرهما أولى واختلف الأصوليون إذا أمر الشارع شخصًا أن يأمر غيره بفعل أن يكون أمرًا لذلك الغير أم لا واختاره ابن الحاجب وغيره فأمره لأبي بكر أن يأمرها ليس أمرًا لها منه صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون أمرها بذلك وأبو بكر مبلغ لأمره وجعل أمرًا لأمر أبي بكر في رواية مسلم وغيره عن عائشة قالت نفست أسماء بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن تغتسل وتهل باعتبار أنه وجه الخطاب إليه أو أنه مأمور بالتبليغ وفيه كما قال عياض إن عادة الصحابة تحمل السنن بعضهم عن بعض واكتفاؤهم بذلك عن سماعها من النبي صلى الله عليه وسلم ثم الأمر ليس للوجوب عند الجمهور وهو سنة مؤكدة عند مالك وأصحابه لا يرخص في تركها إلا لعذر وهو آكد اغتسالات الحج وقال ابن خويز منداد أنه آكد من غسل الجمعة وأوجبه أهل الظاهر والحسن وعطاء في أحد قوليه على مريد الإحرام طاهرًا أم لا وفيه أن ركعتي الإحرام ليستا شرطًا في الحج لأن أسماء لم تصلهما وروى النسائي وابن ماجه من طريق يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن أبيه عن أبي بكر أنه خرج حاجًا معه صلى الله عليه وسلم ومعه امرأته أسماء فولدت محمدًا بالشجرة فأخبر أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يأمرها أن تغتسل وتهل بالحج وتصنع ما يصنع الحاج إلا أنها لا تطوف بالبيت ورواه قاسم بن أصبغ من طريق إسحاق بن محمد القروي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر نحوه قال ابن عبد البر ولهذا الاختلاف في إسناده أرسله مالك فكثيرًا ما كان يصنع ذلك انتهى.
لكنه اختلاف لا يقدح في صحته ولا في وصله لأنه يحمل على أن لعبيد الله فيه إسنادين عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ونافع عن ابن عمر وأما رواية يحيى عن القاسم عن أبيه عن أبي بكر فمرسلة إذ محمد لم يسمع أباه ( مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب أن أسماء بنت عميس ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة) لا ينافيه الروايتان السابقتان بالشجرة وبالبيداء لأن الشجرة بذي الحليفة والبيداء بطرفها قال عياض يحتمل أنها نزلت بطرف البيداء لتبعد عن الناس ونزل النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة حقيقة وهناك بات وأحرم فسمي منزل الناس كلهم باسم منزل إمامهم قال والشجرة كانت سمرة وكان صلى الله عليه وسلم ينزلها من المدينة ويحرم منها وهي على ستة أميال من المدينة ( فأمرها أبو بكر أن تغتسل ثم تهل) بعد سؤاله للمصطفى وأمره أن يأمرها بذلك كما مر وهذا وقفه يحيى بن سعيد ورفعه الزهري كما رواه ابن وهب عن الليث ويونس بن يزيد وعمرو بن الحارث أنهم أخبروه عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس أم عبد الله بن جعفر وكانت عاركًا أي نفساء أن تغتسل ثم تهل بالحج ومعناه أمرها على لسان أبي بكر كما في الروايات السابقة قال الخطابي فيه استحباب التشبه من أهل التقصير بأهل الفضل والكمال والاقتداء بأفعالهم طمعًا في درك مراتبهم ورجاء لمشاركتهم في نيل المثوبة ومعلوم أن اغتسال الحائض والنفساء قبل أوان الطهر لا يطهرهما ولا يخرجهما عن حكم الحدث وإنما هو لفضيلة المكان والوقت ومن هذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأسلميين أن يمسكوا بقية نهار عاشوراء عن الطعام وكذا القادم في بعض نهار الصوم يمسك بقية نهاره عند بعض الفقهاء وعادم الماء والتراب والمصلوب على خشبة والمحبوس في الحش والمكان القذر يصلون على حسب الطاقة عند بعض وهذا باب غريب من العلم قال الشيخ ولي الدين هذا يدل على أن العلة عنده في اغتسالهما التشبه بأهل الكمال وهن الطاهرات والظاهر أنه إنما هو لشمول المعنى الذي شرع الغسل لأجله وهو التنظيف وقطع الرائحة الكريهة لدفع أذاها عن الناس عند اجتماعهم وبذلك علله الرافعي ولا يرد عليه أن المحرم إذا لم يجد ماء أو عجز عن استعماله تيمم كما في الأم إذ لا تنظيف في التراب لأن التنظيف هو أصل مشروعيته للإحرام فلا ينافي قيام التراب مقامه لأنه يقوم مقام الغسل الواجب فأولى المسنون وبعد استمرار الحكم قد لا توجد علته في بعض المحال ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم ولدخوله مكة) وفي رواية أيوب عن نافع حتى إذا جاء أي ابن عمر ذا طوى بات به حتى يصبح فإذا صلى الغداة اغتسل ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك رواه البخاري ( ولوقوفه عشية عرفة)


رقم الحديث 712 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَمَرَهَا أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَغْتَسِلَ ثُمَّ تُهِلَّ.


( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء بنت عميس) بضم العين آخره سين مهملتين قال أبو عمر كذا ليحيى ومعن وابن القاسم وقتيبة وغيرهم وقال القعنبي وابن بكير وابن مهدي ويحيى النيسابوري أن أسماء وعلي كل هو مرسل فالقاسم لم يلق أسماء وقد وصله مسلم وأبو داود وابن ماجه من طريق عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة أن أسماء بنت عميس ( ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء) بالمد بطرف ذي الحليفة ( فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرها فلتغتسل ثم لتهلل) تحرم وتلبي ففيه صحة إحرام النفساء ومثلها الحائض وأولى منهما الجنب لأنهما شاركتاه في شمول اسم الحدث وزادتا عليه بسيلان الدم ولذا صح صومه دونهما والاغتسال للإحرام مطلقًا لأن النفساء إذا أمرت به مع أنها غير قابلة للطهارة كالحائض فغيرهما أولى واختلف الأصوليون إذا أمر الشارع شخصًا أن يأمر غيره بفعل أن يكون أمرًا لذلك الغير أم لا واختاره ابن الحاجب وغيره فأمره لأبي بكر أن يأمرها ليس أمرًا لها منه صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون أمرها بذلك وأبو بكر مبلغ لأمره وجعل أمرًا لأمر أبي بكر في رواية مسلم وغيره عن عائشة قالت نفست أسماء بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن تغتسل وتهل باعتبار أنه وجه الخطاب إليه أو أنه مأمور بالتبليغ وفيه كما قال عياض إن عادة الصحابة تحمل السنن بعضهم عن بعض واكتفاؤهم بذلك عن سماعها من النبي صلى الله عليه وسلم ثم الأمر ليس للوجوب عند الجمهور وهو سنة مؤكدة عند مالك وأصحابه لا يرخص في تركها إلا لعذر وهو آكد اغتسالات الحج وقال ابن خويز منداد أنه آكد من غسل الجمعة وأوجبه أهل الظاهر والحسن وعطاء في أحد قوليه على مريد الإحرام طاهرًا أم لا وفيه أن ركعتي الإحرام ليستا شرطًا في الحج لأن أسماء لم تصلهما وروى النسائي وابن ماجه من طريق يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن أبيه عن أبي بكر أنه خرج حاجًا معه صلى الله عليه وسلم ومعه امرأته أسماء فولدت محمدًا بالشجرة فأخبر أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يأمرها أن تغتسل وتهل بالحج وتصنع ما يصنع الحاج إلا أنها لا تطوف بالبيت ورواه قاسم بن أصبغ من طريق إسحاق بن محمد القروي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر نحوه قال ابن عبد البر ولهذا الاختلاف في إسناده أرسله مالك فكثيرًا ما كان يصنع ذلك انتهى.
لكنه اختلاف لا يقدح في صحته ولا في وصله لأنه يحمل على أن لعبيد الله فيه إسنادين عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ونافع عن ابن عمر وأما رواية يحيى عن القاسم عن أبيه عن أبي بكر فمرسلة إذ محمد لم يسمع أباه ( مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب أن أسماء بنت عميس ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة) لا ينافيه الروايتان السابقتان بالشجرة وبالبيداء لأن الشجرة بذي الحليفة والبيداء بطرفها قال عياض يحتمل أنها نزلت بطرف البيداء لتبعد عن الناس ونزل النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة حقيقة وهناك بات وأحرم فسمي منزل الناس كلهم باسم منزل إمامهم قال والشجرة كانت سمرة وكان صلى الله عليه وسلم ينزلها من المدينة ويحرم منها وهي على ستة أميال من المدينة ( فأمرها أبو بكر أن تغتسل ثم تهل) بعد سؤاله للمصطفى وأمره أن يأمرها بذلك كما مر وهذا وقفه يحيى بن سعيد ورفعه الزهري كما رواه ابن وهب عن الليث ويونس بن يزيد وعمرو بن الحارث أنهم أخبروه عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس أم عبد الله بن جعفر وكانت عاركًا أي نفساء أن تغتسل ثم تهل بالحج ومعناه أمرها على لسان أبي بكر كما في الروايات السابقة قال الخطابي فيه استحباب التشبه من أهل التقصير بأهل الفضل والكمال والاقتداء بأفعالهم طمعًا في درك مراتبهم ورجاء لمشاركتهم في نيل المثوبة ومعلوم أن اغتسال الحائض والنفساء قبل أوان الطهر لا يطهرهما ولا يخرجهما عن حكم الحدث وإنما هو لفضيلة المكان والوقت ومن هذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأسلميين أن يمسكوا بقية نهار عاشوراء عن الطعام وكذا القادم في بعض نهار الصوم يمسك بقية نهاره عند بعض الفقهاء وعادم الماء والتراب والمصلوب على خشبة والمحبوس في الحش والمكان القذر يصلون على حسب الطاقة عند بعض وهذا باب غريب من العلم قال الشيخ ولي الدين هذا يدل على أن العلة عنده في اغتسالهما التشبه بأهل الكمال وهن الطاهرات والظاهر أنه إنما هو لشمول المعنى الذي شرع الغسل لأجله وهو التنظيف وقطع الرائحة الكريهة لدفع أذاها عن الناس عند اجتماعهم وبذلك علله الرافعي ولا يرد عليه أن المحرم إذا لم يجد ماء أو عجز عن استعماله تيمم كما في الأم إذ لا تنظيف في التراب لأن التنظيف هو أصل مشروعيته للإحرام فلا ينافي قيام التراب مقامه لأنه يقوم مقام الغسل الواجب فأولى المسنون وبعد استمرار الحكم قد لا توجد علته في بعض المحال ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم ولدخوله مكة) وفي رواية أيوب عن نافع حتى إذا جاء أي ابن عمر ذا طوى بات به حتى يصبح فإذا صلى الغداة اغتسل ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك رواه البخاري ( ولوقوفه عشية عرفة)


رقم الحديث 713 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِدُخُولِهِ مَكَّةَ، وَلِوُقُوفِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ.


( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء بنت عميس) بضم العين آخره سين مهملتين قال أبو عمر كذا ليحيى ومعن وابن القاسم وقتيبة وغيرهم وقال القعنبي وابن بكير وابن مهدي ويحيى النيسابوري أن أسماء وعلي كل هو مرسل فالقاسم لم يلق أسماء وقد وصله مسلم وأبو داود وابن ماجه من طريق عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة أن أسماء بنت عميس ( ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء) بالمد بطرف ذي الحليفة ( فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرها فلتغتسل ثم لتهلل) تحرم وتلبي ففيه صحة إحرام النفساء ومثلها الحائض وأولى منهما الجنب لأنهما شاركتاه في شمول اسم الحدث وزادتا عليه بسيلان الدم ولذا صح صومه دونهما والاغتسال للإحرام مطلقًا لأن النفساء إذا أمرت به مع أنها غير قابلة للطهارة كالحائض فغيرهما أولى واختلف الأصوليون إذا أمر الشارع شخصًا أن يأمر غيره بفعل أن يكون أمرًا لذلك الغير أم لا واختاره ابن الحاجب وغيره فأمره لأبي بكر أن يأمرها ليس أمرًا لها منه صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون أمرها بذلك وأبو بكر مبلغ لأمره وجعل أمرًا لأمر أبي بكر في رواية مسلم وغيره عن عائشة قالت نفست أسماء بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن تغتسل وتهل باعتبار أنه وجه الخطاب إليه أو أنه مأمور بالتبليغ وفيه كما قال عياض إن عادة الصحابة تحمل السنن بعضهم عن بعض واكتفاؤهم بذلك عن سماعها من النبي صلى الله عليه وسلم ثم الأمر ليس للوجوب عند الجمهور وهو سنة مؤكدة عند مالك وأصحابه لا يرخص في تركها إلا لعذر وهو آكد اغتسالات الحج وقال ابن خويز منداد أنه آكد من غسل الجمعة وأوجبه أهل الظاهر والحسن وعطاء في أحد قوليه على مريد الإحرام طاهرًا أم لا وفيه أن ركعتي الإحرام ليستا شرطًا في الحج لأن أسماء لم تصلهما وروى النسائي وابن ماجه من طريق يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن أبيه عن أبي بكر أنه خرج حاجًا معه صلى الله عليه وسلم ومعه امرأته أسماء فولدت محمدًا بالشجرة فأخبر أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يأمرها أن تغتسل وتهل بالحج وتصنع ما يصنع الحاج إلا أنها لا تطوف بالبيت ورواه قاسم بن أصبغ من طريق إسحاق بن محمد القروي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر نحوه قال ابن عبد البر ولهذا الاختلاف في إسناده أرسله مالك فكثيرًا ما كان يصنع ذلك انتهى.
لكنه اختلاف لا يقدح في صحته ولا في وصله لأنه يحمل على أن لعبيد الله فيه إسنادين عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ونافع عن ابن عمر وأما رواية يحيى عن القاسم عن أبيه عن أبي بكر فمرسلة إذ محمد لم يسمع أباه ( مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب أن أسماء بنت عميس ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة) لا ينافيه الروايتان السابقتان بالشجرة وبالبيداء لأن الشجرة بذي الحليفة والبيداء بطرفها قال عياض يحتمل أنها نزلت بطرف البيداء لتبعد عن الناس ونزل النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة حقيقة وهناك بات وأحرم فسمي منزل الناس كلهم باسم منزل إمامهم قال والشجرة كانت سمرة وكان صلى الله عليه وسلم ينزلها من المدينة ويحرم منها وهي على ستة أميال من المدينة ( فأمرها أبو بكر أن تغتسل ثم تهل) بعد سؤاله للمصطفى وأمره أن يأمرها بذلك كما مر وهذا وقفه يحيى بن سعيد ورفعه الزهري كما رواه ابن وهب عن الليث ويونس بن يزيد وعمرو بن الحارث أنهم أخبروه عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس أم عبد الله بن جعفر وكانت عاركًا أي نفساء أن تغتسل ثم تهل بالحج ومعناه أمرها على لسان أبي بكر كما في الروايات السابقة قال الخطابي فيه استحباب التشبه من أهل التقصير بأهل الفضل والكمال والاقتداء بأفعالهم طمعًا في درك مراتبهم ورجاء لمشاركتهم في نيل المثوبة ومعلوم أن اغتسال الحائض والنفساء قبل أوان الطهر لا يطهرهما ولا يخرجهما عن حكم الحدث وإنما هو لفضيلة المكان والوقت ومن هذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأسلميين أن يمسكوا بقية نهار عاشوراء عن الطعام وكذا القادم في بعض نهار الصوم يمسك بقية نهاره عند بعض الفقهاء وعادم الماء والتراب والمصلوب على خشبة والمحبوس في الحش والمكان القذر يصلون على حسب الطاقة عند بعض وهذا باب غريب من العلم قال الشيخ ولي الدين هذا يدل على أن العلة عنده في اغتسالهما التشبه بأهل الكمال وهن الطاهرات والظاهر أنه إنما هو لشمول المعنى الذي شرع الغسل لأجله وهو التنظيف وقطع الرائحة الكريهة لدفع أذاها عن الناس عند اجتماعهم وبذلك علله الرافعي ولا يرد عليه أن المحرم إذا لم يجد ماء أو عجز عن استعماله تيمم كما في الأم إذ لا تنظيف في التراب لأن التنظيف هو أصل مشروعيته للإحرام فلا ينافي قيام التراب مقامه لأنه يقوم مقام الغسل الواجب فأولى المسنون وبعد استمرار الحكم قد لا توجد علته في بعض المحال ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم ولدخوله مكة) وفي رواية أيوب عن نافع حتى إذا جاء أي ابن عمر ذا طوى بات به حتى يصبح فإذا صلى الغداة اغتسل ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك رواه البخاري ( ولوقوفه عشية عرفة)