فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي عَقْلِ الشِّجَاجِ

رقم الحديث 1578 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، يَذْكُرُ أَنَّ الْمُوضِحَةَ فِي الْوَجْهِ مِثْلُ الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ، إِلَّا أَنْ تَعِيبَ الْوَجْهَ فَيُزَادُ فِي عَقْلِهَا، مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَقْلِ نِصْفِ الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ، فَيَكُونُ فِيهَا خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ دِينَارًا قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ فِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشَرَةَ فَرِيضَةً.
قَالَ: وَالْمُنَقِّلَةُ الَّتِي يَطِيرُ فِرَاشُهَا مِنَ الْعَظْمِ، وَلَا تَخْرِقُ إِلَى الدِّمَاغِ، وَهِيَ تَكُونُ فِي الرَّأْسِ وَفِي الْوَجْهِ، قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ لَيْسَ فِيهِمَا قَوَدٌ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَيْسَ فِي الْمَأْمُومَةِ قَوَدٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَالْمَأْمُومَةُ مَا خَرَقَ الْعَظْمَ إِلَى الدِّمَاغِ، وَلَا تَكُونُ الْمَأْمُومَةُ إِلَّا فِي الرَّأْسِ، وَمَا يَصِلُ إِلَى الدِّمَاغِ إِذَا خَرَقَ الْعَظْمَ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنَ الشِّجَاجِ عَقْلٌ.
حَتَّى تَبْلُغَ الْمُوضِحَةَ، وَإِنَّمَا الْعَقْلُ فِي الْمُوضِحَةِ فَمَا فَوْقَهَا.
وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى الْمُوضِحَةِ فِي كِتَابِهِ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَجَعَلَ فِيهَا خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ، وَلَمْ تَقْضِ الْأَئِمَّةُ فِي الْقَدِيمِ، وَلَا فِي الْحَدِيثِ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِعَقْلٍ.


( مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سليمان بن يسار يذكر أن الموضحة في الوجه مثل الموضحة في الرأس إلا أن تعيب) بفتح فكسر ( الوجه فيزاد في عقلها) ديتها ( ما بينها وبين عقل نصف الموضحة في الرأس فيكون فيها خمسة وسبعون دينارًا) على أهل الذهب ( قال مالك والأمر عندنا أن في المنقلة خمس عشر فريضة) من الإبل ( والمنقلة) هي ( التي يطير فراشها) بفتح الفاء وكسرها الرقيق ( من العظم) بيان لفراش عند الدواء ( ولا تخرق) بفتح التاء وسكون المعجمة تصل ( إلى الدماغ) المقتل من الرأس ( وهي تكون في الرأس وفي الوجه والأمر المجتمع عليه عندنا أن المأمومة والجائفة ليس فيهما قود) لأنها من المتالف ( وقد قال ابن شهاب ليس في المأمومة قود) قصاص ( مالك والمأمومة ما خرق العظم إلى الدماغ ولا تكون المأمومة إلا في الرأس وما يصل إلى الدماغ إذا خرق العظم والأمر عندنا أنه ليس فيما دون الموضحة من الشجاج) الجراح ( عقل) دية ( حتى تبلغ الموضحة وإنما العقل في الموضحة فما فوقها و) دليل ( ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى) أي وصل ( إلى الموضحة في كتابه لعمرو بن حزم) بمهملة وزاي ( فجعل فيها خمسًا من الإبل) ولم يجعل فيما قبلها شيئًا مقدرًا ( ولم تقض الأئمة) الخلفاء ( في القديم ولا في الحديث فيما دون الموضحة بعقل) فلا دية فيها ( مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال كل) جراحة ( نافذة في عضو من الأعضاء ففيها ثلث عقل ذلك العضو مالك كان ابن شهاب لا يرى ذلك وأنا لا أرى في نافذة في عضو من الأعضاء في الجسد أمرًا مجتمعًا عليه) محددًا بحد كما حده ابن المسيب ( ولكني أرى فيه الاجتهاد يجتهد الإمام في ذلك) فيكون فيها ما اجتهد فيه ( وليس في ذلك أمر مجتمع عليه عندنا) لا يتعدى ( والأمر عندنا أن المأمومة والمنقلة والموضحة لا تكون إلا في الوجه والرأس فما كان في الجسد من ذلك فليس فيه إلا الاجتهاد) من الحاكم وهذا مما يرد قول ابن المسيب بالتعيين ( ولا أرى اللحي) بفتح اللام وسكون الحاء ( الأسفل) وهو عظم الحنك الذي عليه الأسنان وهو من الإنسان حيث ينبت الشعر وهو أعلى وأسفل والأنف من الرأس في جراحهما لأنهما عظمان منفردان والرأس بعدهما عظم واحد ( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عبد الله بن الزبير أفاد من المنقلة) ولم يوافقه على ذلك مالك فقال لا قصاص في المنقلة.


رقم الحديث 1580 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ، فَفِيهَا ثُلُثُ عَقْلِ ذَلِكَ الْعُضْوِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ لَا يَرَى ذَلِكَ وَأَنَا لَا أَرَى فِي نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ فِي الْجَسَدِ أَمْرًا مُجْتَمَعًا عَلَيْهِ، وَلَكِنِّي أَرَى فِيهَا الِاجْتِهَادَ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَأْمُومَةَ وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْمُوضِحَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ، فَمَا كَانَ فِي الْجَسَدِ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الِاجْتِهَادُ.
قَالَ مَالِكٌ: فَلَا أَرَى اللَّحْيَ الْأَسْفَلَ وَالْأَنْفَ مِنَ الرَّأْسِ فِي جِرَاحِهِمَا لِأَنَّهُمَا عَظْمَانِ مُنْفَرِدَانِ وَالرَّأْسُ بَعْدَهُمَا عَظْمٌ وَاحِدٌ.


( مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سليمان بن يسار يذكر أن الموضحة في الوجه مثل الموضحة في الرأس إلا أن تعيب) بفتح فكسر ( الوجه فيزاد في عقلها) ديتها ( ما بينها وبين عقل نصف الموضحة في الرأس فيكون فيها خمسة وسبعون دينارًا) على أهل الذهب ( قال مالك والأمر عندنا أن في المنقلة خمس عشر فريضة) من الإبل ( والمنقلة) هي ( التي يطير فراشها) بفتح الفاء وكسرها الرقيق ( من العظم) بيان لفراش عند الدواء ( ولا تخرق) بفتح التاء وسكون المعجمة تصل ( إلى الدماغ) المقتل من الرأس ( وهي تكون في الرأس وفي الوجه والأمر المجتمع عليه عندنا أن المأمومة والجائفة ليس فيهما قود) لأنها من المتالف ( وقد قال ابن شهاب ليس في المأمومة قود) قصاص ( مالك والمأمومة ما خرق العظم إلى الدماغ ولا تكون المأمومة إلا في الرأس وما يصل إلى الدماغ إذا خرق العظم والأمر عندنا أنه ليس فيما دون الموضحة من الشجاج) الجراح ( عقل) دية ( حتى تبلغ الموضحة وإنما العقل في الموضحة فما فوقها و) دليل ( ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى) أي وصل ( إلى الموضحة في كتابه لعمرو بن حزم) بمهملة وزاي ( فجعل فيها خمسًا من الإبل) ولم يجعل فيما قبلها شيئًا مقدرًا ( ولم تقض الأئمة) الخلفاء ( في القديم ولا في الحديث فيما دون الموضحة بعقل) فلا دية فيها ( مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال كل) جراحة ( نافذة في عضو من الأعضاء ففيها ثلث عقل ذلك العضو مالك كان ابن شهاب لا يرى ذلك وأنا لا أرى في نافذة في عضو من الأعضاء في الجسد أمرًا مجتمعًا عليه) محددًا بحد كما حده ابن المسيب ( ولكني أرى فيه الاجتهاد يجتهد الإمام في ذلك) فيكون فيها ما اجتهد فيه ( وليس في ذلك أمر مجتمع عليه عندنا) لا يتعدى ( والأمر عندنا أن المأمومة والمنقلة والموضحة لا تكون إلا في الوجه والرأس فما كان في الجسد من ذلك فليس فيه إلا الاجتهاد) من الحاكم وهذا مما يرد قول ابن المسيب بالتعيين ( ولا أرى اللحي) بفتح اللام وسكون الحاء ( الأسفل) وهو عظم الحنك الذي عليه الأسنان وهو من الإنسان حيث ينبت الشعر وهو أعلى وأسفل والأنف من الرأس في جراحهما لأنهما عظمان منفردان والرأس بعدهما عظم واحد ( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عبد الله بن الزبير أفاد من المنقلة) ولم يوافقه على ذلك مالك فقال لا قصاص في المنقلة.


رقم الحديث 1580 قَالَ مَالِكٌ: إِنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ إِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ.
إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ سَيِّدُهُ لَهُ ثُمَّ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ كَانَ وَلَاؤُهُ لِلْمُكَاتَبِ.
وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ كَانَ وَلَاءُ الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ مَاتَ الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ الْمُكَاتَبُ وَرِثَهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا فَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ الْآخَرُ قَبْلَ سَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ مَا لَمْ يَعْتِقِ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ الَّذِي كَاتَبَهُ.
فَإِنْ عَتَقَ الَّذِي كَاتَبَهُ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَاءُ مُكَاتَبِهِ الَّذِي كَانَ عَتَقَ قَبْلَهُ.
وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ أَوْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ وَلَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ لَمْ يَرِثُوا وَلَاءَ مُكَاتَبِ أَبِيهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لِأَبِيهِمُ الْوَلَاءُ.
وَلَا يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ حَتَّى يَعْتِقَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَتْرُكُ أَحَدُهُمَا لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَيَشِحُّ الْآخَرُ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْرُكُ مَالًا قَالَ مَالِكٌ: يَقْضِي الَّذِي لَمْ يَتْرُكْ لَهُ شَيْئًا مَا بَقِيَ لَهُ عَلَيْهِ.
ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الْمَالَ كَهَيْئَتِهِ لَوْ مَاتَ عَبْدًا لِأَنَّ الَّذِي صَنَعَ لَيْسَ بِعَتَاقَةٍ.
وَإِنَّمَا تَرَكَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ مُكَاتَبًا وَتَرَكَ بَنِينَ رِجَالًا وَنِسَاءً.
ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُ الْبَنِينَ نَصِيبَهُ مِنَ الْمُكَاتَبِ إِنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبِتُ لَهُ مِنَ الْوَلَاءِ شَيْئًا وَلَوْ كَانَتْ عَتَاقَةً لَثَبَتَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ مِنْ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ قَالَ مَالِكٌ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُمْ إِذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمُكَاتَبِ وَلَوْ كَانَتْ عَتَاقَةً قُوِّمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْتِقَ فِي مَالِهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا: أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا.
أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مُكَاتَبٍ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَلَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ.
كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ دُونَ شُرَكَائِهِ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا: أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ عَقَدَ الْكِتَابَةَ.
وَأَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ وَرِثَ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ وَلَاءِ الْمُكَاتَبِ.
وَإِنْ أَعْتَقْنَ نَصِيبَهُنَّ شَيْءٌ إِنَّمَا وَلَاؤُهُ لِوَلَدِ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ الذُّكُورِ أَوْ عَصَبَتِهِ مِنَ الرِّجَالِ.



ولاء المكاتب إذا أعتق

( قال مالك إن المكاتب إذا أعتق عبده إن ذلك غير جائز له) لأنه من التبرعات وهو ممنوع منها فلسيده رده ( إلا بإذن سيده) فيجوز ( فإن) أعتق بلا إذنه و ( أجاز ذلك سيده له ثم عتق المكاتب كان ولاؤه للمكاتب) لأنه ثبت له في وقت أحرز فيه ماله وتم بعتقه بأداء الكتابة ( وإن مات المكاتب قبل أن يعتق كان ولاء المعتق) بفتح التاء ( لسيد المكاتب) لموته وهو عبد ( وإن مات المعتق) بالفتح ( قبل أن يعتق المكاتب ورثه سيد المكاتب) لا هو لرقه ( وكذلك أيضا لو كاتب المكاتب عبدا فعتق المكاتب الآخر) بكسر الخاء ( قبل سيده الذي كاتبه فإن ولاءه لسيد المكاتب) لا له لرقه ( ما) أي مدة كونه ( لم يعتق المكاتب الأول الذي كاتبه فإن عتق الذي كاتبه رجع إليه ولاء مكاتبه الذي كان عتق قبله) لأنه الذي عقده وإنما منع منه للرق فلما زال عاد له ( وإن مات المكاتب الأول قبل أن يؤدي أو عجز عن كتابته وله ولد أحرار) صفة ولد لأنه يكون واحدا وجمعا ( لم يرثوا ولاء مكاتب أبيهم لأنه لم يثبت لأبيهم الولاء) لرقه ( ولا يكون له الولاء حتى يعتق) لأنه لا يكون لرقيق ( وفي المكاتب يكون بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه ويشح الآخر) بمعنى يمتنع من الترك لا حقيقة الشح ( ثم يموت المكاتب ويترك مالا قال مالك يقضي الذي لم يترك له شيئا ما بقي له عليه) من رأس المال ( ثم يقتسمان المال كهيئته) أي صفته ( لو مات عبدا لأن الذي فعل) التارك ( ليس بعتاقة وإنما ترك ما كان له عليه) وذلك لا يستلزم العتق ( ومما يبين ذلك) يوضحه ( أن الرجل إذا مات وترك مكاتبا وترك بنين رجالا و) ترك ( نساء ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئا ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم) لأن الولاء لمن أعتق منهم فدل على أنه ترك فقط ( ومما يبين ذلك أيضا أنهم إذا أعتق أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي) نائب فاعل يقوم ( من المكاتب) فدل على أنه ترك ( ولو كان عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله) إن كان له مال ( كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق شركا) نصيبا ( له في عبد) أي رقيق ( قوم عليه قيمة العدل) بلا زيد ولا نقص ( فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق) وبقي باقيه رقيقا ( ومما يبين ذلك أيضا أن من سنة المسلمين) طريقتهم ( التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركا له في مكاتب لم يعتق عليه في ماله ولو أعتق عليه كان الولاء له دون شركائه) عملا بالحديث ( ومما يبين ذلك أيضا أن من سنة المسلمين) طريقتهم ( أن الولاء لمن عقد الكتابة وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب وإن أعتقن نصيبهن شيء) ولو كان عتقا حقيقة لكان لهن ولاء نصيبهن إذا أعتقن لأن الولاء للمعتقة ( إنما ولاؤه لولد سيد المكاتب الذكور) إن كانوا ( أو عصبته من الرجال) إن لم يكونوا لأن الولاء لا يرثه أنثى.



رقم الحديث 1581 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَقَادَ مِنَ الْمُنَقِّلَةِ.


( مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سليمان بن يسار يذكر أن الموضحة في الوجه مثل الموضحة في الرأس إلا أن تعيب) بفتح فكسر ( الوجه فيزاد في عقلها) ديتها ( ما بينها وبين عقل نصف الموضحة في الرأس فيكون فيها خمسة وسبعون دينارًا) على أهل الذهب ( قال مالك والأمر عندنا أن في المنقلة خمس عشر فريضة) من الإبل ( والمنقلة) هي ( التي يطير فراشها) بفتح الفاء وكسرها الرقيق ( من العظم) بيان لفراش عند الدواء ( ولا تخرق) بفتح التاء وسكون المعجمة تصل ( إلى الدماغ) المقتل من الرأس ( وهي تكون في الرأس وفي الوجه والأمر المجتمع عليه عندنا أن المأمومة والجائفة ليس فيهما قود) لأنها من المتالف ( وقد قال ابن شهاب ليس في المأمومة قود) قصاص ( مالك والمأمومة ما خرق العظم إلى الدماغ ولا تكون المأمومة إلا في الرأس وما يصل إلى الدماغ إذا خرق العظم والأمر عندنا أنه ليس فيما دون الموضحة من الشجاج) الجراح ( عقل) دية ( حتى تبلغ الموضحة وإنما العقل في الموضحة فما فوقها و) دليل ( ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى) أي وصل ( إلى الموضحة في كتابه لعمرو بن حزم) بمهملة وزاي ( فجعل فيها خمسًا من الإبل) ولم يجعل فيما قبلها شيئًا مقدرًا ( ولم تقض الأئمة) الخلفاء ( في القديم ولا في الحديث فيما دون الموضحة بعقل) فلا دية فيها ( مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال كل) جراحة ( نافذة في عضو من الأعضاء ففيها ثلث عقل ذلك العضو مالك كان ابن شهاب لا يرى ذلك وأنا لا أرى في نافذة في عضو من الأعضاء في الجسد أمرًا مجتمعًا عليه) محددًا بحد كما حده ابن المسيب ( ولكني أرى فيه الاجتهاد يجتهد الإمام في ذلك) فيكون فيها ما اجتهد فيه ( وليس في ذلك أمر مجتمع عليه عندنا) لا يتعدى ( والأمر عندنا أن المأمومة والمنقلة والموضحة لا تكون إلا في الوجه والرأس فما كان في الجسد من ذلك فليس فيه إلا الاجتهاد) من الحاكم وهذا مما يرد قول ابن المسيب بالتعيين ( ولا أرى اللحي) بفتح اللام وسكون الحاء ( الأسفل) وهو عظم الحنك الذي عليه الأسنان وهو من الإنسان حيث ينبت الشعر وهو أعلى وأسفل والأنف من الرأس في جراحهما لأنهما عظمان منفردان والرأس بعدهما عظم واحد ( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عبد الله بن الزبير أفاد من المنقلة) ولم يوافقه على ذلك مالك فقال لا قصاص في المنقلة.


رقم الحديث 1581 قَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ الْقَوْمُ جَمِيعًا فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ.
لَمْ يُعْتِقْ سَيِّدُهُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ دُونَ مُؤَامَرَةِ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَرِضًا مِنْهُمْ.
وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فَلَيْسَ مُؤَامَرَتُهُمْ بِشَيْءٍ.
وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.
قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا كَانَ يَسْعَى عَلَى جَمِيعِ الْقَوْمِ وَيُؤَدِّي عَنْهُمْ كِتَابَتَهُمْ لِتَتِمَّ بِهِ عَتَاقَتُهُمْ فَيَعْمِدُ السَّيِّدُ إِلَى الَّذِي يُؤَدِّي عَنْهُمْ.
وَبِهِ نَجَاتُهُمْ مِنَ الرِّقِّ، فَيُعْتِقُهُ.
فَيَكُونُ ذَلِكَ عَجْزًا لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْفَضْلَ وَالزِّيَادَةَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَهَذَا أَشَدُّ الضَّرَرِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبِيدِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعًا: إِنَّ لِسَيِّدِهِمْ أَنْ يُعْتِقَ مِنْهُمُ الْكَبِيرَ الْفَانِيَ وَالصَّغِيرَ الَّذِي لَا يُؤَدِّي وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا وَلَيْسَ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَوْنٌ وَلَا قُوَّةٌ فِي كِتَابَتِهِمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ.



ما لا يجوز من عتق المكاتب

( مالك إذا كان القوم جميعا في كتابة واحدة لم يعتق سيدهم أحدا منهم دون مؤامرة) أي مشاورة ( أصحابه الذين معه في الكتابة ورضا منهم) فإن رضوا فعل وإلا فلا ( وإن كانوا صغارا فليس مؤامرتهم) مشاورتهم ( بشيء ولا يجوز ذلك) أي رضاهم ( عليهم) لعدم التكليف ( و) وجه ( ذلك أن الرجل) من العبيد ( ربما كان يسعى على جميع القوم ويؤدي عنهم كتابتهم ليتم به عتاقتهم فيعمد) بكسر الميم يقصد ( السيد إلى الذي يؤدي عنهم وبه نجاتهم من الرق فيعتقه فيكون ذلك عجزا لمن بقي منهم وإنما أراد بذلك الفضل والزيادة) عطف تفسير ( لنفسه فلا يجوز ذلك على من بقي منهم) بل يرد ( وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار) جمعهما تأكيدا أو لكل واحد معنى فهو تأسيس وقد مر شرحه ( وهذا أشد الضرر) أقواه فلا يمكن منه فإن تحقق نفي الضرر جاز ولذا ( قال مالك في العبيد يكاتبون جميعا إن لسيدهم أن يعتق منهم الكبير الفاني والصغير الذي لا يؤدي واحد منهما شيئا وليس عند واحد منهما عون ولا قوة في كتابتهم فذلك جائز له) بغير رضاهم لانتفاء العلة.