فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الِاسْتِلَامِ فِي الطَّوَافِ

رقم الحديث 823 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ، وَرَكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ.


( مالك أنه بلغه) مما صح في مسلم وأبي داود وغيرهما في الحديث الطويل في صفة الحجة النبوية عن جابر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى طوافه بالبيت) أي أداه وفرغ منه فالقضاء بمعنى الأداء كقوله تعالى { { فإذا قضيتم مناسككم } } أي أديتموها والفقهاء يستعملونه في العبادة المفعولة خارج وقتها للتمييز بين الوقتين ( وركع الركعتين وأراد أن يخرج إلى الصفا والمروة استلم الركن الأسود قبل أن يخرج) إلى السعي فيسن تقبيله إن أمكن وإلا فبيده ثم عود ووضعهما على فيه ففي مسلم وأبي داود عن أبي الطفيل قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه ثم يقبله زاد أبو داود ثم خرج إلى الصفا والمروة فطاف سبعًا على راحلته ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال) مرسل أخرجه ابن عبد البر موصولاً من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا سفيان الثوري عن هشام عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف) الزهري أحد العشرة ( كيف صنعت يا أبا محمد) كنيته ( في استلام الركن) كذا ليحيى وأبي مصعب وغيرهما لم يقولوا الأسود وكذا رواه ابن عيينة وغيره عن هشام وزاد ابن القاسم وابن وهب والقعنبي والأكثر الأسود وفي رواية الثوري في استلامك الحجر فزعم ابن وضاح أن يحيى سقط من كتابه الأسود وأمره بإلحاقها في كتاب يحيى وهو مما تسور فيه على روايته وهي صواب توبع عليها والأمران جائزان أي إثبات لفظ الأسود وحذفها قاله أبو عمر ملخصًا ( فقال عبد الرحمن استلمت) حين قدرت ( وتركت) حين عجزت ففي رواية سعيد بن منصور من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه أنه كان إذا أتى الركن فوجدهم يزدحمون عليه استقبله وكبر ودعا ثم طاف فإذا وجد خلوة استلمه ( فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبت) ففي تصويبه دلالة على أنه لا ينبغي المزاحمة وقد روى الفاكهي من طرق عن ابن عباس كراهتها وقال لا تؤذي ولا تؤذى وروى الشافعي وأحمد وغيرهما عن عبد الرحمن بن الحارث قال قال صلى الله عليه وسلم لعمر يا أبا حفص إنك رجل قوي فلا تزاحم على الركن فإنك تؤذي الضعيف ولكن إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فكبر وامض مرسل جيد الإسناد وفي البخاري سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله قلت أرأيت إن زحمت أرأيت إن غلبت قال اجعل أرأيت باليمن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله فظاهره أن ابن عمر لم ير الزحام عذرًا في ترك الاستلام وقد روى سعيد بن منصور عن القاسم بن محمد قال رأيت ابن عمر يزاحم على الركن حتى يدمى ومن طريق أخرى أنه قيل له في ذلك فقال هويت الأفئدة إليه فأريد أن يكون فؤادي معهم ( مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يستلم الأركان كلها) وأخرجه سعيد بن منصور عن الدراوردي عن هشام قال كان إذا بدأ استلم الأركان كلها وإذا ختم ( وكان لا يدع اليماني) لا يترك استلامه ( إلا أن يغلب عليه) فيكبر ويمضي وكذا أخاه عبد الله كما علقه البخاري ورواه ابن أبي شيبة عن عباد بن عبد الله بن الزبير أنه رأى أباه يستلم الأركان كلها وقال إنه ليس منه شيء مهجورًا ومر قول ابن عمر إنما ترك صلى الله عليه وسلم استلام الركنين الشاميين لأن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم وعلى هذا حمل ابن القصار وتبعه ابن التين استلام ابن الزبير لهما لأنه لما عمر الكعبة أتمه على قواعد إبراهيم ويؤيده ما ذكر الأزرقي أن ابن الزبير لما فرغ من بنائه وأدخل فيه من الحجر ما أخرج منه ورد الركنين على قواعد إبراهيم خرج إلى التنعيم واعتمر وطاف بالبيت واستلم الأركان الأربعة فلم يزل البيت على بنائه إذا طاف الطائف استلم الأركان جميعها حتى قتل ابن الزبير وعنده عن ابن إسحاق بلغني أن آدم لما حج استلم الأركان كلها وأن إبراهيم وإسماعيل لما فرغا من بناء البيت طافا به سبعًا يستلمان الأركان كلها والجمهور على ما دل عليه حديث ابن عمر أنه لا يستلم إلا الأسود واليماني وروي استلام الكل عن جابر وأنس والحسن والحسين ومعاوية من الصحابة وسويد بن غفلة من التابعين وروى أحمد والترمذي والحاكم عن أبي الطفيل قال كنت مع ابن عباس ومعاوية فكان معاوية لا يمر بركن إلا استلمه فقال ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستلم إلا الحجر واليماني فقال معاوية ليس شيء من البيت مهجورًا زاد أحمد من طريق مجاهد فقال ابن عباس لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فقال معاوية صدقت وقد أجاب الإمام الشافعي بأنا لم ندع استلامهما هجرًا للبيت وكيف يهجره وهو يطوف به ولكنا نتبع السنة فعلاً أو تركًا ولو كان ترك استلامهما هجرًا لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرًا لها ولا قائل به ويؤخذ منه حفظ المراتب وإعطاء كل ذي حق حقه وتنزيل كل أحد منزلته.


رقم الحديث 824 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: كَيْفَ صَنَعْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي اسْتِلَامِ الرُّكْنِ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اسْتَلَمْتُ وَتَرَكْتُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَبْتَ.


( مالك أنه بلغه) مما صح في مسلم وأبي داود وغيرهما في الحديث الطويل في صفة الحجة النبوية عن جابر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى طوافه بالبيت) أي أداه وفرغ منه فالقضاء بمعنى الأداء كقوله تعالى { { فإذا قضيتم مناسككم } } أي أديتموها والفقهاء يستعملونه في العبادة المفعولة خارج وقتها للتمييز بين الوقتين ( وركع الركعتين وأراد أن يخرج إلى الصفا والمروة استلم الركن الأسود قبل أن يخرج) إلى السعي فيسن تقبيله إن أمكن وإلا فبيده ثم عود ووضعهما على فيه ففي مسلم وأبي داود عن أبي الطفيل قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه ثم يقبله زاد أبو داود ثم خرج إلى الصفا والمروة فطاف سبعًا على راحلته ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال) مرسل أخرجه ابن عبد البر موصولاً من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا سفيان الثوري عن هشام عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف) الزهري أحد العشرة ( كيف صنعت يا أبا محمد) كنيته ( في استلام الركن) كذا ليحيى وأبي مصعب وغيرهما لم يقولوا الأسود وكذا رواه ابن عيينة وغيره عن هشام وزاد ابن القاسم وابن وهب والقعنبي والأكثر الأسود وفي رواية الثوري في استلامك الحجر فزعم ابن وضاح أن يحيى سقط من كتابه الأسود وأمره بإلحاقها في كتاب يحيى وهو مما تسور فيه على روايته وهي صواب توبع عليها والأمران جائزان أي إثبات لفظ الأسود وحذفها قاله أبو عمر ملخصًا ( فقال عبد الرحمن استلمت) حين قدرت ( وتركت) حين عجزت ففي رواية سعيد بن منصور من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه أنه كان إذا أتى الركن فوجدهم يزدحمون عليه استقبله وكبر ودعا ثم طاف فإذا وجد خلوة استلمه ( فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبت) ففي تصويبه دلالة على أنه لا ينبغي المزاحمة وقد روى الفاكهي من طرق عن ابن عباس كراهتها وقال لا تؤذي ولا تؤذى وروى الشافعي وأحمد وغيرهما عن عبد الرحمن بن الحارث قال قال صلى الله عليه وسلم لعمر يا أبا حفص إنك رجل قوي فلا تزاحم على الركن فإنك تؤذي الضعيف ولكن إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فكبر وامض مرسل جيد الإسناد وفي البخاري سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله قلت أرأيت إن زحمت أرأيت إن غلبت قال اجعل أرأيت باليمن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله فظاهره أن ابن عمر لم ير الزحام عذرًا في ترك الاستلام وقد روى سعيد بن منصور عن القاسم بن محمد قال رأيت ابن عمر يزاحم على الركن حتى يدمى ومن طريق أخرى أنه قيل له في ذلك فقال هويت الأفئدة إليه فأريد أن يكون فؤادي معهم ( مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يستلم الأركان كلها) وأخرجه سعيد بن منصور عن الدراوردي عن هشام قال كان إذا بدأ استلم الأركان كلها وإذا ختم ( وكان لا يدع اليماني) لا يترك استلامه ( إلا أن يغلب عليه) فيكبر ويمضي وكذا أخاه عبد الله كما علقه البخاري ورواه ابن أبي شيبة عن عباد بن عبد الله بن الزبير أنه رأى أباه يستلم الأركان كلها وقال إنه ليس منه شيء مهجورًا ومر قول ابن عمر إنما ترك صلى الله عليه وسلم استلام الركنين الشاميين لأن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم وعلى هذا حمل ابن القصار وتبعه ابن التين استلام ابن الزبير لهما لأنه لما عمر الكعبة أتمه على قواعد إبراهيم ويؤيده ما ذكر الأزرقي أن ابن الزبير لما فرغ من بنائه وأدخل فيه من الحجر ما أخرج منه ورد الركنين على قواعد إبراهيم خرج إلى التنعيم واعتمر وطاف بالبيت واستلم الأركان الأربعة فلم يزل البيت على بنائه إذا طاف الطائف استلم الأركان جميعها حتى قتل ابن الزبير وعنده عن ابن إسحاق بلغني أن آدم لما حج استلم الأركان كلها وأن إبراهيم وإسماعيل لما فرغا من بناء البيت طافا به سبعًا يستلمان الأركان كلها والجمهور على ما دل عليه حديث ابن عمر أنه لا يستلم إلا الأسود واليماني وروي استلام الكل عن جابر وأنس والحسن والحسين ومعاوية من الصحابة وسويد بن غفلة من التابعين وروى أحمد والترمذي والحاكم عن أبي الطفيل قال كنت مع ابن عباس ومعاوية فكان معاوية لا يمر بركن إلا استلمه فقال ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستلم إلا الحجر واليماني فقال معاوية ليس شيء من البيت مهجورًا زاد أحمد من طريق مجاهد فقال ابن عباس لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فقال معاوية صدقت وقد أجاب الإمام الشافعي بأنا لم ندع استلامهما هجرًا للبيت وكيف يهجره وهو يطوف به ولكنا نتبع السنة فعلاً أو تركًا ولو كان ترك استلامهما هجرًا لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرًا لها ولا قائل به ويؤخذ منه حفظ المراتب وإعطاء كل ذي حق حقه وتنزيل كل أحد منزلته.


رقم الحديث 825 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا، وَكَانَ لَا يَدَعُ الْيَمَانِيَ إِلَّا أَنْ يُغْلَبَ عَلَيْهِ.


( مالك أنه بلغه) مما صح في مسلم وأبي داود وغيرهما في الحديث الطويل في صفة الحجة النبوية عن جابر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى طوافه بالبيت) أي أداه وفرغ منه فالقضاء بمعنى الأداء كقوله تعالى { { فإذا قضيتم مناسككم } } أي أديتموها والفقهاء يستعملونه في العبادة المفعولة خارج وقتها للتمييز بين الوقتين ( وركع الركعتين وأراد أن يخرج إلى الصفا والمروة استلم الركن الأسود قبل أن يخرج) إلى السعي فيسن تقبيله إن أمكن وإلا فبيده ثم عود ووضعهما على فيه ففي مسلم وأبي داود عن أبي الطفيل قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه ثم يقبله زاد أبو داود ثم خرج إلى الصفا والمروة فطاف سبعًا على راحلته ( مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال) مرسل أخرجه ابن عبد البر موصولاً من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا سفيان الثوري عن هشام عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف) الزهري أحد العشرة ( كيف صنعت يا أبا محمد) كنيته ( في استلام الركن) كذا ليحيى وأبي مصعب وغيرهما لم يقولوا الأسود وكذا رواه ابن عيينة وغيره عن هشام وزاد ابن القاسم وابن وهب والقعنبي والأكثر الأسود وفي رواية الثوري في استلامك الحجر فزعم ابن وضاح أن يحيى سقط من كتابه الأسود وأمره بإلحاقها في كتاب يحيى وهو مما تسور فيه على روايته وهي صواب توبع عليها والأمران جائزان أي إثبات لفظ الأسود وحذفها قاله أبو عمر ملخصًا ( فقال عبد الرحمن استلمت) حين قدرت ( وتركت) حين عجزت ففي رواية سعيد بن منصور من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه أنه كان إذا أتى الركن فوجدهم يزدحمون عليه استقبله وكبر ودعا ثم طاف فإذا وجد خلوة استلمه ( فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبت) ففي تصويبه دلالة على أنه لا ينبغي المزاحمة وقد روى الفاكهي من طرق عن ابن عباس كراهتها وقال لا تؤذي ولا تؤذى وروى الشافعي وأحمد وغيرهما عن عبد الرحمن بن الحارث قال قال صلى الله عليه وسلم لعمر يا أبا حفص إنك رجل قوي فلا تزاحم على الركن فإنك تؤذي الضعيف ولكن إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فكبر وامض مرسل جيد الإسناد وفي البخاري سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله قلت أرأيت إن زحمت أرأيت إن غلبت قال اجعل أرأيت باليمن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله فظاهره أن ابن عمر لم ير الزحام عذرًا في ترك الاستلام وقد روى سعيد بن منصور عن القاسم بن محمد قال رأيت ابن عمر يزاحم على الركن حتى يدمى ومن طريق أخرى أنه قيل له في ذلك فقال هويت الأفئدة إليه فأريد أن يكون فؤادي معهم ( مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان إذا طاف بالبيت يستلم الأركان كلها) وأخرجه سعيد بن منصور عن الدراوردي عن هشام قال كان إذا بدأ استلم الأركان كلها وإذا ختم ( وكان لا يدع اليماني) لا يترك استلامه ( إلا أن يغلب عليه) فيكبر ويمضي وكذا أخاه عبد الله كما علقه البخاري ورواه ابن أبي شيبة عن عباد بن عبد الله بن الزبير أنه رأى أباه يستلم الأركان كلها وقال إنه ليس منه شيء مهجورًا ومر قول ابن عمر إنما ترك صلى الله عليه وسلم استلام الركنين الشاميين لأن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم وعلى هذا حمل ابن القصار وتبعه ابن التين استلام ابن الزبير لهما لأنه لما عمر الكعبة أتمه على قواعد إبراهيم ويؤيده ما ذكر الأزرقي أن ابن الزبير لما فرغ من بنائه وأدخل فيه من الحجر ما أخرج منه ورد الركنين على قواعد إبراهيم خرج إلى التنعيم واعتمر وطاف بالبيت واستلم الأركان الأربعة فلم يزل البيت على بنائه إذا طاف الطائف استلم الأركان جميعها حتى قتل ابن الزبير وعنده عن ابن إسحاق بلغني أن آدم لما حج استلم الأركان كلها وأن إبراهيم وإسماعيل لما فرغا من بناء البيت طافا به سبعًا يستلمان الأركان كلها والجمهور على ما دل عليه حديث ابن عمر أنه لا يستلم إلا الأسود واليماني وروي استلام الكل عن جابر وأنس والحسن والحسين ومعاوية من الصحابة وسويد بن غفلة من التابعين وروى أحمد والترمذي والحاكم عن أبي الطفيل قال كنت مع ابن عباس ومعاوية فكان معاوية لا يمر بركن إلا استلمه فقال ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستلم إلا الحجر واليماني فقال معاوية ليس شيء من البيت مهجورًا زاد أحمد من طريق مجاهد فقال ابن عباس لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فقال معاوية صدقت وقد أجاب الإمام الشافعي بأنا لم ندع استلامهما هجرًا للبيت وكيف يهجره وهو يطوف به ولكنا نتبع السنة فعلاً أو تركًا ولو كان ترك استلامهما هجرًا لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرًا لها ولا قائل به ويؤخذ منه حفظ المراتب وإعطاء كل ذي حق حقه وتنزيل كل أحد منزلته.