فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ اسْتِئْذَانِ الْبِكْرِ وَالْأَيِّمِ فِي أَنْفُسِهِمَا

رقم الحديث 1103 حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا.


( مالك عن عبد الله بن الفضل) بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني، ثقة من رجال الجميع تابعي صغير من طبقة الزهري ( عن نافع بن جبير بن مطعم) بن عدي القرشي النوفلي، يكنى أبا محمد وأبا عبد الله المدني ثقة فاضل مات سنة تسع وتسعين روى له الكل ( عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأيم أحق بنفسها من وليها) لفظة أحق للمشاركة أي أن لها في نفسها في النكاح حقًا ولوليها، وحقها آكد من حقه قاله النووي.
وقال عياض: يحتمل من حيث اللفظ أن المراد أحق في كل شيء من عقد وغيره، ويحتمل أنها أحق بالرضا أن لا تزوج حتى تنطق بالإذن بخلاف البكر، لكن لما صح قوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي تعين الاحتمال الثاني أن المراد أحق بالرضا دون العقد وأن حق الولي في العقد ودل أفعل التفضيل المقتضي المشاركة أن لوليها حقًا لكن حقها آكد وحقها أن لا يتم ذلك إلا برضاها.
قال: واختلف في معنى الأيم هنا مع اتفاق أهل اللغة على إطلاقه على كل امرأة لا زوج لها صغيرة أو كبيرة بكرًا أو ثيبًا حكاه الحربي وإسماعيل القاضي وغيرهما، فقال علماء الحجاز وكافة الفقهاء: المراد الثيب المتوفى عنها أو المطلقة لأنه أكثر استعمالاً ولأن جماعة من الثقات رووه بلفظ الثيب ولمقابلته بالبكر.
وقال الكوفيون وزفر والشعبي والزهري: الأيم هنا على معناه اللغوي ثيبًا أو بكرًا بالغة فعقدها على نفسها جائز، وليس الولي من أركان صحة العقد بل من تمامه وتعقب بأنه لو كان المراد ذلك لم يكن لفصل الأيم من البكر معنى ( والبكر) البالغ وفي رواية شعبة عن مالك واليتيمة مكان البكر ( تستأذن في نفسها) أي يستأذنها وليها أبًا كان أو غيره تطييبًا لنفسها ( وإذنها صماتها) بالضم سكوتها.

قال القرطبي هذا منه صلى الله عليه وسلم مراعاة لتمام صونها وإبقاء لاستحيائها لأنها لو تكلمت صريحًا لظن أنها راغبة في الرجال، وذلك لا يليق في البكر واستحب العلماء أن تعلم أن صماتها إذن.
واختلف قول مالك في حمل البكر هنا على اليتيمة كما جاء مفسرًا في الرواية الأخرى وحمله على ظاهره ولو ذات أب لكن على الندب لا الوجوب، وقاله الشافعي وأحمد وغيرهما.
وقال الكوفيون والأوزاعي: يلزم ذلك في كل بكر ومفهوم الحديث أن ولي البكر أحق بها من نفسها لأن الشيء إذا قيد بأخص أوصافه دل على أن ما عداه بخلافه فقوله في الثيب أحق بنفسها جمع نصًا ودلالة والعمل بالدلالة واجب كوجوبه بالنص وإنما شرع للولي استئذانها تطييبًا لها لا وجوبًا بدليل جعله صماتها إذنها، والصمات ليس بإذن وإنما جعل بمنزلة الإذن لأنها قد تستحي أن تفصح.

ورواه مسلم عن سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد ويحيى التميمي الثلاثة عن مالك به وأخرجه أحمد والشافعي وأصحاب السنن كلهم من طريق مالك وتابعه زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل بإسناده بلفظ الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها وربما قال: وصمتها إقرارها، رواه مسلم.
قال ابن عبد البر هذا حديث رفيع أصل من أصول الأحكام رواه عن مالك جماعة من الجلة كشعبة والسفيانين ويحيى القطان.
قيل: ورواه أبو حنيفة ولا يصح وقال عياض: رواه عن مالك أكثر أقرانه ومن هو أكبر منهم كأبي حنيفة والليث.

( مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه قال قال عمر بن الخطاب لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها) كالأب ( أو ذي الرأي من أهلها) قال مالك في المدونة: هو الرجل من العشيرة أو ابن العم أو الموالي وروى ابن نافع عنه أنه الرجل من عصبتها وقال ابن الماجشون العشيرة قد تعظم إنما هو الرجل من البطن أو من بطن من أعتقها لأن البطن ألصق من العشيرة ( أو السلطان) لأنه ولي من لا ولي له قال الباجي: يريد من له حكم من إمام أو قاض فيزوجها مع عدم الولي أما معه فروى أصبغ عن ابن القاسم ليس له أن يزوج حتى يسأله فإن امتنع لغير عذر زوجها فإن بدر السلطان أو ذو الرأي من أهلها فأنكحها ففي المدونة يمضي، ورأى حديث عمر على المساواة وحكاه ابن حبيب عن ابن القاسم ورده بأنه لو كان كذلك لرد قول مالك بتقديم الأبعد وإنما معناه إذا لم يكن لها ولي من القرابة.
وقال أبو عمر: اختلف أصحابنا في قول عمر هذا فقال بعضهم كل واحد من هؤلاء يجوز إنكاحه إذا أصاب وجه النكاح من الكفء والصلاح وقال آخرون: على الترتيب لا التخيير.

( مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله كانا ينكحان بناتهما الأبكار) البالغات بدليل قوله ( ولا يستأمرانهن) أي يستأذنانهن إذ غير البالغ لا يستأمرها الأب.
( قال مالك وذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار) أنه لا يجب استئذانهن فالحديث محمول على الندب أو على اليتيمة كما جاء في بعض طرقه ( وليس للبكر جواز في مالها حتى تدخل بيتها) عند زوجها ( ويعرف من حالها) الرشد والصلاح.

( مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار كانوا يقولون في البكر يزوجها أبوها بغير إذنها: إن ذلك لازم لها) لأنه يجبرها عند الجمهور.



رقم الحديث 1104 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأْي من أهلها أوِ السلطان

( مالك عن عبد الله بن الفضل) بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني، ثقة من رجال الجميع تابعي صغير من طبقة الزهري ( عن نافع بن جبير بن مطعم) بن عدي القرشي النوفلي، يكنى أبا محمد وأبا عبد الله المدني ثقة فاضل مات سنة تسع وتسعين روى له الكل ( عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأيم أحق بنفسها من وليها) لفظة أحق للمشاركة أي أن لها في نفسها في النكاح حقًا ولوليها، وحقها آكد من حقه قاله النووي.
وقال عياض: يحتمل من حيث اللفظ أن المراد أحق في كل شيء من عقد وغيره، ويحتمل أنها أحق بالرضا أن لا تزوج حتى تنطق بالإذن بخلاف البكر، لكن لما صح قوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي تعين الاحتمال الثاني أن المراد أحق بالرضا دون العقد وأن حق الولي في العقد ودل أفعل التفضيل المقتضي المشاركة أن لوليها حقًا لكن حقها آكد وحقها أن لا يتم ذلك إلا برضاها.
قال: واختلف في معنى الأيم هنا مع اتفاق أهل اللغة على إطلاقه على كل امرأة لا زوج لها صغيرة أو كبيرة بكرًا أو ثيبًا حكاه الحربي وإسماعيل القاضي وغيرهما، فقال علماء الحجاز وكافة الفقهاء: المراد الثيب المتوفى عنها أو المطلقة لأنه أكثر استعمالاً ولأن جماعة من الثقات رووه بلفظ الثيب ولمقابلته بالبكر.
وقال الكوفيون وزفر والشعبي والزهري: الأيم هنا على معناه اللغوي ثيبًا أو بكرًا بالغة فعقدها على نفسها جائز، وليس الولي من أركان صحة العقد بل من تمامه وتعقب بأنه لو كان المراد ذلك لم يكن لفصل الأيم من البكر معنى ( والبكر) البالغ وفي رواية شعبة عن مالك واليتيمة مكان البكر ( تستأذن في نفسها) أي يستأذنها وليها أبًا كان أو غيره تطييبًا لنفسها ( وإذنها صماتها) بالضم سكوتها.

قال القرطبي هذا منه صلى الله عليه وسلم مراعاة لتمام صونها وإبقاء لاستحيائها لأنها لو تكلمت صريحًا لظن أنها راغبة في الرجال، وذلك لا يليق في البكر واستحب العلماء أن تعلم أن صماتها إذن.
واختلف قول مالك في حمل البكر هنا على اليتيمة كما جاء مفسرًا في الرواية الأخرى وحمله على ظاهره ولو ذات أب لكن على الندب لا الوجوب، وقاله الشافعي وأحمد وغيرهما.
وقال الكوفيون والأوزاعي: يلزم ذلك في كل بكر ومفهوم الحديث أن ولي البكر أحق بها من نفسها لأن الشيء إذا قيد بأخص أوصافه دل على أن ما عداه بخلافه فقوله في الثيب أحق بنفسها جمع نصًا ودلالة والعمل بالدلالة واجب كوجوبه بالنص وإنما شرع للولي استئذانها تطييبًا لها لا وجوبًا بدليل جعله صماتها إذنها، والصمات ليس بإذن وإنما جعل بمنزلة الإذن لأنها قد تستحي أن تفصح.

ورواه مسلم عن سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد ويحيى التميمي الثلاثة عن مالك به وأخرجه أحمد والشافعي وأصحاب السنن كلهم من طريق مالك وتابعه زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل بإسناده بلفظ الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها وربما قال: وصمتها إقرارها، رواه مسلم.
قال ابن عبد البر هذا حديث رفيع أصل من أصول الأحكام رواه عن مالك جماعة من الجلة كشعبة والسفيانين ويحيى القطان.
قيل: ورواه أبو حنيفة ولا يصح وقال عياض: رواه عن مالك أكثر أقرانه ومن هو أكبر منهم كأبي حنيفة والليث.

( مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه قال قال عمر بن الخطاب لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها) كالأب ( أو ذي الرأي من أهلها) قال مالك في المدونة: هو الرجل من العشيرة أو ابن العم أو الموالي وروى ابن نافع عنه أنه الرجل من عصبتها وقال ابن الماجشون العشيرة قد تعظم إنما هو الرجل من البطن أو من بطن من أعتقها لأن البطن ألصق من العشيرة ( أو السلطان) لأنه ولي من لا ولي له قال الباجي: يريد من له حكم من إمام أو قاض فيزوجها مع عدم الولي أما معه فروى أصبغ عن ابن القاسم ليس له أن يزوج حتى يسأله فإن امتنع لغير عذر زوجها فإن بدر السلطان أو ذو الرأي من أهلها فأنكحها ففي المدونة يمضي، ورأى حديث عمر على المساواة وحكاه ابن حبيب عن ابن القاسم ورده بأنه لو كان كذلك لرد قول مالك بتقديم الأبعد وإنما معناه إذا لم يكن لها ولي من القرابة.
وقال أبو عمر: اختلف أصحابنا في قول عمر هذا فقال بعضهم كل واحد من هؤلاء يجوز إنكاحه إذا أصاب وجه النكاح من الكفء والصلاح وقال آخرون: على الترتيب لا التخيير.

( مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله كانا ينكحان بناتهما الأبكار) البالغات بدليل قوله ( ولا يستأمرانهن) أي يستأذنانهن إذ غير البالغ لا يستأمرها الأب.
( قال مالك وذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار) أنه لا يجب استئذانهن فالحديث محمول على الندب أو على اليتيمة كما جاء في بعض طرقه ( وليس للبكر جواز في مالها حتى تدخل بيتها) عند زوجها ( ويعرف من حالها) الرشد والصلاح.

( مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار كانوا يقولون في البكر يزوجها أبوها بغير إذنها: إن ذلك لازم لها) لأنه يجبرها عند الجمهور.



رقم الحديث 1105 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَا يُنْكِحَانِ بَنَاتِهِمَا الْأَبْكَارَ وَلَا يَسْتَأْمِرَانِهِنَّ قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي نِكَاحِ الْأَبْكَارِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ لِلْبِكْرِ جَوَازٌ فِي مَالِهَا، حَتَّى تَدْخُلَ بَيْتَهَا، وَيُعْرَفَ مِنْ حَالِهَا.


( مالك عن عبد الله بن الفضل) بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني، ثقة من رجال الجميع تابعي صغير من طبقة الزهري ( عن نافع بن جبير بن مطعم) بن عدي القرشي النوفلي، يكنى أبا محمد وأبا عبد الله المدني ثقة فاضل مات سنة تسع وتسعين روى له الكل ( عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأيم أحق بنفسها من وليها) لفظة أحق للمشاركة أي أن لها في نفسها في النكاح حقًا ولوليها، وحقها آكد من حقه قاله النووي.
وقال عياض: يحتمل من حيث اللفظ أن المراد أحق في كل شيء من عقد وغيره، ويحتمل أنها أحق بالرضا أن لا تزوج حتى تنطق بالإذن بخلاف البكر، لكن لما صح قوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي تعين الاحتمال الثاني أن المراد أحق بالرضا دون العقد وأن حق الولي في العقد ودل أفعل التفضيل المقتضي المشاركة أن لوليها حقًا لكن حقها آكد وحقها أن لا يتم ذلك إلا برضاها.
قال: واختلف في معنى الأيم هنا مع اتفاق أهل اللغة على إطلاقه على كل امرأة لا زوج لها صغيرة أو كبيرة بكرًا أو ثيبًا حكاه الحربي وإسماعيل القاضي وغيرهما، فقال علماء الحجاز وكافة الفقهاء: المراد الثيب المتوفى عنها أو المطلقة لأنه أكثر استعمالاً ولأن جماعة من الثقات رووه بلفظ الثيب ولمقابلته بالبكر.
وقال الكوفيون وزفر والشعبي والزهري: الأيم هنا على معناه اللغوي ثيبًا أو بكرًا بالغة فعقدها على نفسها جائز، وليس الولي من أركان صحة العقد بل من تمامه وتعقب بأنه لو كان المراد ذلك لم يكن لفصل الأيم من البكر معنى ( والبكر) البالغ وفي رواية شعبة عن مالك واليتيمة مكان البكر ( تستأذن في نفسها) أي يستأذنها وليها أبًا كان أو غيره تطييبًا لنفسها ( وإذنها صماتها) بالضم سكوتها.

قال القرطبي هذا منه صلى الله عليه وسلم مراعاة لتمام صونها وإبقاء لاستحيائها لأنها لو تكلمت صريحًا لظن أنها راغبة في الرجال، وذلك لا يليق في البكر واستحب العلماء أن تعلم أن صماتها إذن.
واختلف قول مالك في حمل البكر هنا على اليتيمة كما جاء مفسرًا في الرواية الأخرى وحمله على ظاهره ولو ذات أب لكن على الندب لا الوجوب، وقاله الشافعي وأحمد وغيرهما.
وقال الكوفيون والأوزاعي: يلزم ذلك في كل بكر ومفهوم الحديث أن ولي البكر أحق بها من نفسها لأن الشيء إذا قيد بأخص أوصافه دل على أن ما عداه بخلافه فقوله في الثيب أحق بنفسها جمع نصًا ودلالة والعمل بالدلالة واجب كوجوبه بالنص وإنما شرع للولي استئذانها تطييبًا لها لا وجوبًا بدليل جعله صماتها إذنها، والصمات ليس بإذن وإنما جعل بمنزلة الإذن لأنها قد تستحي أن تفصح.

ورواه مسلم عن سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد ويحيى التميمي الثلاثة عن مالك به وأخرجه أحمد والشافعي وأصحاب السنن كلهم من طريق مالك وتابعه زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل بإسناده بلفظ الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها وربما قال: وصمتها إقرارها، رواه مسلم.
قال ابن عبد البر هذا حديث رفيع أصل من أصول الأحكام رواه عن مالك جماعة من الجلة كشعبة والسفيانين ويحيى القطان.
قيل: ورواه أبو حنيفة ولا يصح وقال عياض: رواه عن مالك أكثر أقرانه ومن هو أكبر منهم كأبي حنيفة والليث.

( مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه قال قال عمر بن الخطاب لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها) كالأب ( أو ذي الرأي من أهلها) قال مالك في المدونة: هو الرجل من العشيرة أو ابن العم أو الموالي وروى ابن نافع عنه أنه الرجل من عصبتها وقال ابن الماجشون العشيرة قد تعظم إنما هو الرجل من البطن أو من بطن من أعتقها لأن البطن ألصق من العشيرة ( أو السلطان) لأنه ولي من لا ولي له قال الباجي: يريد من له حكم من إمام أو قاض فيزوجها مع عدم الولي أما معه فروى أصبغ عن ابن القاسم ليس له أن يزوج حتى يسأله فإن امتنع لغير عذر زوجها فإن بدر السلطان أو ذو الرأي من أهلها فأنكحها ففي المدونة يمضي، ورأى حديث عمر على المساواة وحكاه ابن حبيب عن ابن القاسم ورده بأنه لو كان كذلك لرد قول مالك بتقديم الأبعد وإنما معناه إذا لم يكن لها ولي من القرابة.
وقال أبو عمر: اختلف أصحابنا في قول عمر هذا فقال بعضهم كل واحد من هؤلاء يجوز إنكاحه إذا أصاب وجه النكاح من الكفء والصلاح وقال آخرون: على الترتيب لا التخيير.

( مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله كانا ينكحان بناتهما الأبكار) البالغات بدليل قوله ( ولا يستأمرانهن) أي يستأذنانهن إذ غير البالغ لا يستأمرها الأب.
( قال مالك وذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار) أنه لا يجب استئذانهن فالحديث محمول على الندب أو على اليتيمة كما جاء في بعض طرقه ( وليس للبكر جواز في مالها حتى تدخل بيتها) عند زوجها ( ويعرف من حالها) الرشد والصلاح.

( مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار كانوا يقولون في البكر يزوجها أبوها بغير إذنها: إن ذلك لازم لها) لأنه يجبرها عند الجمهور.



رقم الحديث 1105 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَنَّهُ قَالَ: وَزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَتِهِ فِضَّةً.


( ما جاء في العقيقة)

( مالك عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم المدني ( عن رجل من بني ضمرة) بفتح الضاد المعجمة وإسكان الميم ( عن أبيه أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال: لا أحب العقوق) أي العصيان وترك الإحسان ( وكأنه إنما كره الاسم) لا المعنى الذي هو ذبح واحدة تجزي ضحية لنصه عليها في عدة أحاديث، وقد تقرر في علم الفصاحة الاحتراز عن لفظ يشترك فيه معنيان أحدهما مكروه فيجاء به مطلقًا ( وقال:) صلى الله عليه وسلم ( من ولد له ولد فأحب أن ينسك) بضم السين من باب نصر يتطوع بقربة لله تعالى ( عن ولده فليفعل) وفي جعل ذلك موكولاً إلى محبته مع تسميته نسكًا إشارة إلى الاستحباب.

قال ابن عبد البر: وفيه كراهة ما يقبح معناه من الأسماء، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن، وكان الواجب بظاهر الحديث أن يقال لذبيحة المولود نسيكة ولا يقال عقيقة لكني لا أعلم أحدًا من العلماء مال إلى ذلك ولا قال به، وأظنهم تركوا العمل به لما صح عندهم في غيره من الأحاديث من لفظ العقيقة انتهى.
ولعل مراده من المجتهدين وإلا فقد قال ابن أبي الدم عن أصحابهم الشافعية: يستحب تسميتها نسيكة أو ذبيحة، ويكره تسميتها عقيقة كما يكره تسمية العشاء عتمة، وزعم بعضهم أنها بدعة تشبثًا بحديث الموطأ ولا حجة فيه لذلك ولا لنفي مشروعيتها وأنها نسخت بالضحية كما ادعى محمد بن الحسن بل آخر الحديث يثبتها وإنما غايته أن الأولى أن تسمى نسيكة لا عقيقة.
قال ابن عبد البر: ولا أعلم معنى هذا الحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه أبو داود والنسائي.

( مالك عن جعفر) الصادق ( بن محمد) الباقر ( عن أبيه) محمد بن علي بن الحسين بن علي ( أنه قال) مرسل ( وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن) بأمر أبيها ففي الترمذي عن علي قال: عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بكبش، وقال: يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة قال: فوزناه فكان درهمًا أو بعض درهم ( وحسين) بضم الحاء روى أحمد عن علي قال: لما ولد الحسن سميته حربًا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أروني ابني ما سميتموه قلنا: حربًا قال بل هو حسن فلما ولد الحسين فذكر مثله وقال: بل هو حسين، فلما ولد محسن فذكر مثله وقال: بل هو محسن ثم قال: سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر إسناده صحيح ومحسن بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة مات صغيرًا ( وزينب) ولدت في حياة جدها وكانت لبيبة جزلة عاقلة لها قوة جنان وتزوجها عبد الله ابن عمها جعفر فولدت له عليًا وأم كلثوم وعونًا وعباسًا ومحمدًا ( وأم كلثوم) ولدت قبل وفاة جدها صلى الله عليه وسلم وتزوجها عمر بن الخطاب وأمهرها أربعين ألفًا فولدت له زيدًا ورقية ولم يعقبا ثم تزوجها بعد موت عمر عون بن جعفر ثم مات فتزوجها أخوه محمد بن جعفر ثم مات فتزوجها أخوهما عبد الله بن جعفر فماتت عنده فتزوج أختها زينب.

( فتصدقت بزنة ذلك فضة) يحتمل بأمره صلى الله عليه وسلم كما أمرها في الحسن، ويحتمل أنها قاست ذلك على أمره لها في الحسن بكرها قال ابن عبد البر: أهل العلم يستحبون ما فعلته فاطمة مع العقيقة أو دونها الباجي التصدق بزنة الشعر حسن وعمل بر وفي الصحيح مرفوعًا مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى فسره ابن الجلاب تبعًا للأصمعي بحلق رأسه ورواه أبو داود بسند صحيح عن الحسن البصري لكن في الطبراني ويماط عنه الأذى ويحلق رأسه فعطفه عليه فالأولى حمل الأذى على ما هو أعم من حلق الرأس.

( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن بن علي بن الحسين) بن علي بن أبي طالب ( أنه قال) مرسل ووصله بعضهم فقال عن ربيعة عن أنس وهو خطأ والصواب ما في الموطأ قاله أبو عمر ( وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين فتصدقت بزنته فضة) فيندب ذلك وبالذهب أيضًا.



رقم الحديث 1106 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانُوا يَقُولُونَ: فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا.


( مالك عن عبد الله بن الفضل) بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني، ثقة من رجال الجميع تابعي صغير من طبقة الزهري ( عن نافع بن جبير بن مطعم) بن عدي القرشي النوفلي، يكنى أبا محمد وأبا عبد الله المدني ثقة فاضل مات سنة تسع وتسعين روى له الكل ( عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأيم أحق بنفسها من وليها) لفظة أحق للمشاركة أي أن لها في نفسها في النكاح حقًا ولوليها، وحقها آكد من حقه قاله النووي.
وقال عياض: يحتمل من حيث اللفظ أن المراد أحق في كل شيء من عقد وغيره، ويحتمل أنها أحق بالرضا أن لا تزوج حتى تنطق بالإذن بخلاف البكر، لكن لما صح قوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي تعين الاحتمال الثاني أن المراد أحق بالرضا دون العقد وأن حق الولي في العقد ودل أفعل التفضيل المقتضي المشاركة أن لوليها حقًا لكن حقها آكد وحقها أن لا يتم ذلك إلا برضاها.
قال: واختلف في معنى الأيم هنا مع اتفاق أهل اللغة على إطلاقه على كل امرأة لا زوج لها صغيرة أو كبيرة بكرًا أو ثيبًا حكاه الحربي وإسماعيل القاضي وغيرهما، فقال علماء الحجاز وكافة الفقهاء: المراد الثيب المتوفى عنها أو المطلقة لأنه أكثر استعمالاً ولأن جماعة من الثقات رووه بلفظ الثيب ولمقابلته بالبكر.
وقال الكوفيون وزفر والشعبي والزهري: الأيم هنا على معناه اللغوي ثيبًا أو بكرًا بالغة فعقدها على نفسها جائز، وليس الولي من أركان صحة العقد بل من تمامه وتعقب بأنه لو كان المراد ذلك لم يكن لفصل الأيم من البكر معنى ( والبكر) البالغ وفي رواية شعبة عن مالك واليتيمة مكان البكر ( تستأذن في نفسها) أي يستأذنها وليها أبًا كان أو غيره تطييبًا لنفسها ( وإذنها صماتها) بالضم سكوتها.

قال القرطبي هذا منه صلى الله عليه وسلم مراعاة لتمام صونها وإبقاء لاستحيائها لأنها لو تكلمت صريحًا لظن أنها راغبة في الرجال، وذلك لا يليق في البكر واستحب العلماء أن تعلم أن صماتها إذن.
واختلف قول مالك في حمل البكر هنا على اليتيمة كما جاء مفسرًا في الرواية الأخرى وحمله على ظاهره ولو ذات أب لكن على الندب لا الوجوب، وقاله الشافعي وأحمد وغيرهما.
وقال الكوفيون والأوزاعي: يلزم ذلك في كل بكر ومفهوم الحديث أن ولي البكر أحق بها من نفسها لأن الشيء إذا قيد بأخص أوصافه دل على أن ما عداه بخلافه فقوله في الثيب أحق بنفسها جمع نصًا ودلالة والعمل بالدلالة واجب كوجوبه بالنص وإنما شرع للولي استئذانها تطييبًا لها لا وجوبًا بدليل جعله صماتها إذنها، والصمات ليس بإذن وإنما جعل بمنزلة الإذن لأنها قد تستحي أن تفصح.

ورواه مسلم عن سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد ويحيى التميمي الثلاثة عن مالك به وأخرجه أحمد والشافعي وأصحاب السنن كلهم من طريق مالك وتابعه زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل بإسناده بلفظ الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها وربما قال: وصمتها إقرارها، رواه مسلم.
قال ابن عبد البر هذا حديث رفيع أصل من أصول الأحكام رواه عن مالك جماعة من الجلة كشعبة والسفيانين ويحيى القطان.
قيل: ورواه أبو حنيفة ولا يصح وقال عياض: رواه عن مالك أكثر أقرانه ومن هو أكبر منهم كأبي حنيفة والليث.

( مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه قال قال عمر بن الخطاب لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها) كالأب ( أو ذي الرأي من أهلها) قال مالك في المدونة: هو الرجل من العشيرة أو ابن العم أو الموالي وروى ابن نافع عنه أنه الرجل من عصبتها وقال ابن الماجشون العشيرة قد تعظم إنما هو الرجل من البطن أو من بطن من أعتقها لأن البطن ألصق من العشيرة ( أو السلطان) لأنه ولي من لا ولي له قال الباجي: يريد من له حكم من إمام أو قاض فيزوجها مع عدم الولي أما معه فروى أصبغ عن ابن القاسم ليس له أن يزوج حتى يسأله فإن امتنع لغير عذر زوجها فإن بدر السلطان أو ذو الرأي من أهلها فأنكحها ففي المدونة يمضي، ورأى حديث عمر على المساواة وحكاه ابن حبيب عن ابن القاسم ورده بأنه لو كان كذلك لرد قول مالك بتقديم الأبعد وإنما معناه إذا لم يكن لها ولي من القرابة.
وقال أبو عمر: اختلف أصحابنا في قول عمر هذا فقال بعضهم كل واحد من هؤلاء يجوز إنكاحه إذا أصاب وجه النكاح من الكفء والصلاح وقال آخرون: على الترتيب لا التخيير.

( مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله كانا ينكحان بناتهما الأبكار) البالغات بدليل قوله ( ولا يستأمرانهن) أي يستأذنانهن إذ غير البالغ لا يستأمرها الأب.
( قال مالك وذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار) أنه لا يجب استئذانهن فالحديث محمول على الندب أو على اليتيمة كما جاء في بعض طرقه ( وليس للبكر جواز في مالها حتى تدخل بيتها) عند زوجها ( ويعرف من حالها) الرشد والصلاح.

( مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار كانوا يقولون في البكر يزوجها أبوها بغير إذنها: إن ذلك لازم لها) لأنه يجبرها عند الجمهور.