فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا لَا يُوجِبُ الْإِحْرَامَ مِنْ تَقْلِيدِ الْهَدْيِ

رقم الحديث 762 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ، حَتَّى يُنْحَرَ الْهَدْيُ، وَقَدْ بَعَثْتُ بِهَدْيٍ.
فَاكْتُبِي إِلَيَّ بِأَمْرِكِ أَوْ مُرِي صَاحِبَ الْهَدْيِ.
قَالَتْ: عَمْرَةُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ.
ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ.


( ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي)

( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد) بن عمرو بن حزم الأنصاري ( عن عمرة بنت عبد الرحمن) الأنصارية ( أنها أخبرته) أي عبد الله ( أن زياد بن أبي سفيان) بن حرب قال الحافظ كان شيخ مالك حدث به كذلك في زمن بني أمية وأما بعدهم فما كان يقال له إلا زياد ابن أبيه وقبل استلحاق معاوية له كان يقال له زياد بن عبيد وكانت أمه سمية مولاة الحارث بن كلدة الثقفي تحت عبيد المذكور فولدت له زيادًا على فراشه فكان ينسب إليه فلما كان في خلافة معاوية شهد جماعة على إقرار أبي سفيان بأن زيادًا ولده فاستلحقه معاوية لذلك وزوج ابنه وابنته وأمر زيادًا على العراقين البصرة والكوفة جمعهما له ومات في خلافته سنة ثلاث وخمسين ووقع في مسلم عن يحيى عن مالك أن ابن زياد وهو وهم نبه عليه الغساني ومن تبعه قال النووي وجميع من تكلم على مسلم والصواب ما في البخاري وهو الموجود عند رواة الموطأ أن زيادًا ( كتب إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن عباس) بفتح الهمزة ويروى بكسرها ( قال من أهدى هديًا) أي بعثه إلى مكة ( حرم عليه ما يحرم على الحاج) من محظورات الإحرام ( حتى ينحر) بالبناء للمفعول ( الهدي) بالرفع نائب الفاعل ( وقد بعثت بهدي فاكتبي إلي بأمرك أو مري صاحب الهدي) أي الذي معه الهدي بما يصنع وكأنه كتب إليها لما بلغه إنكارها عليه روى سعيد بن منصور عن عائشة وقيل لها إن زيادا إذا بعث بالهدي أمسك عما يمسك عنه المحرم حتى ينحر هديه فقالت عائشة أوله كعبة يطوف بها ( قالت عمرة) بالسند المذكور ( قالت عائشة ليس كما قال ابن عباس أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي) بفتح الدال وشد الياء وفي رواية بالإفراد على إرادة الجنس وفيه رفع مجاز أن تكون أرادت أنها فتلت بأمرها ( ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده) الشريفة ( ثم بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي) بفتح الهمزة وكسر الموحدة الخفيفة تريد أباها أبا بكر الصديق فأفادت أن وقت البعث كان سنة تسع عام حج أبو بكر بالناس قال ابن التين أرادت عائشة بذلك علمها بجميع القصة ويحتمل أن تريد أنه آخر فعل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه حج في العام الذي يليه حجة الوداع لئلا يظن ظان أن ذلك كان في أول الإسلام ثم نسخ فأرادت إزالة هذا اللبس وأكملت ذلك بقولها ( فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله له) وفي رواية لمسلم فأصبح فينا حلالاً يأتي ما يأتي الحلال من أهله ( حتى نحر الهدي) بالبناء للمفعول أي وانقضى أمره ولم يحرم وبعد ذلك أولى لأنه إذا انتفى في وقت الشبهة فلأن ينتفي عند انتفائها أولى وحاصل اعتراضها على ابن عباس أنه قاس التولية في أمر الهدي على المباشرة له فبينت أن هذا القياس لا اعتبار له في مقابلة هذه السنة الظاهرة وقد وافق ابن عباس بن عمر عند ابن المنذر وابن أبي شيبة وقيس بن سعد بن عبادة عند سعيد بن منصور وعمر وعلي عند ابن أبي شيبة بإسناد منقطع والنخعي وعطاء وابن سيرين وآخرون لما رواه الطحاوي وغيره عن عبد الملك بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقد قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه وقال إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر على مكان كذا فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج من قميصي من رأسي وإسناده ضعيف فلا حجة فيه وقد جاء عن الزهري ما يدل على أن الأمر استقر على خلاف ذلك فقال أول من كشف العماء عن الناس وبين لهم السنة في ذلك عائشة فذكر الحديث عن عمرة عنها وقال لما بلغ الناس قولها أخذوا به وتركوا فتوى ابن عباس رواه البيهقي وفي الحديث من الفوائد تناول الكبير الشيء بنفسه وإن كان له من يكفيه إذا كان مما يتهم به ولا سيما ما كان من إقامة الشرائع وأمور الديانة وفيه تعقب بعض العلماء على بعض ورد الاجتهاد بالنص وأن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم التأسي به حتى تثبت الخصوصية وأخرجه البخاري هنا عن عبد الله بن يوسف وفي الوكالة عن إسماعيل ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به ( مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سألت عمرة بنت عبد الرحمن عن الذي يبعث بهديه ويقيم هل يحرم عليه شيء فأخبرتني أنها سمعت عائشة تقول لا يحرم إلا من أهل ولبى) وإلى ذلك صار فقهاء الأمصار وذهب سعيد بن المسيب إلى أنه لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المحرم إلا الجماع ليلة جمع رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح وذهب جماعة من فقهاء الفتوى إلى أن من أراد النسك صار بمجرد تقليد الهدي محرمًا حكاه ابن المنذر عن الثوري وأحمد وإسحاق قال وقال أصحاب الرأي من ساق الهدي وأم البيت ثم قلده وجب عليه الإحرام وقال الجمهور لا يصير بتقليد الهدي محرمًا ولا يجب عليه شيء ونقل الخطابي عن أصحاب الرأي مثل قول ابن عباس وهو خطأ عليهم فالطحاوي أعلم بهم منه ولعل الخطابي ظن التسوية بين المسألتين ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي) تيم قريش ( عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير) بضم الهاء وفتح الدال المهملة ( أنه رأى رجلاً) هو ابن عباس ( متجردًا بالعراق) أي البصرة ( فسأل الناس عنه فقالوا إنه أمر بهديه أن يقلد فلذلك تجرد قال ربيعة فلقيت عبد الله بن الزبير فذكرت له ذلك فقال بدعة ورب الكعبة) أقسم على ذلك اعتمادًا على حديث عائشة المذكور وهي خالته إذ لا يجوز أن يقسم أنه بدعة إلا وقد علم أن السنة خلافه وابن عباس اعتمد القياس وهو لا يعتبر في مقابلة السنة ورواه ابن أبي شيبة عن الثقفي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن ربيعة أنه رأى ابن عباس وهو أمير على البصرة في زمان علي متجردًا على منبر البصرة فذكره فعرف اسم المبهم وتعين خصوص المحل من العراق في رواية مالك ( وسئل مالك عمن خرج بهدي لنفسه فأشعره وقلده بذي الحليفة) ميقات المدينة ( ولم يحرم هو حتى جاء الجحفة) ميقات الشام ومصر ونحوهما ( قال لا أحب ذلك ولم يصب من فعله) أي أخطأ لأن إن كان ميقاته المدينة فيحرم عليه تعديه حلاً وإن كان ميقاته الجحفة فقد أفات نفسه الفضيلة ( و) أخطأ أيضًا من حيث إنه ( لا ينبغي له أن يقلد الهدي ولا يشعره إلا عند الإهلال) اتباعًا للسنة ( إلا رجل لا يريد الحج فيبعث به ويقيم في أهله) كفعله صلى الله عليه وسلم ( وسئل مالك هل يخرج بالهدي غير محرم فقال نعم لا بأس بذلك) أي يجوز لكن لا يتجاوز به الميقات إلا وهو محرم إلا أن لا يريد دخول مكة ( وسئل أيضًا عما اختلف فيه الناس من الإحرام) أي التجرد ( لتقليد الهدي ممن لا يريد الحج ولا العمرة) كابن عباس وموافقيه ( فقال الأمر عندنا) بالمدينة ( الذي نأخذ به في ذلك قول عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بهديه ثم أقام فلم يحرم عليه شيء مما أحله الله له حتى نحر هديه) بالبناء للمفعول والفاعل أي نحره أبو بكر فإن السنة هي الحجة عند الاختلاف خصوصًا وقد صحبها عمل المدينة.



رقم الحديث 763 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الَّذِي يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ وَيُقِيمُ، هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَا يَحْرُمُ إِلَّا مَنْ أَهَلَّ وَلَبَّى.


( ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي)

( مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد) بن عمرو بن حزم الأنصاري ( عن عمرة بنت عبد الرحمن) الأنصارية ( أنها أخبرته) أي عبد الله ( أن زياد بن أبي سفيان) بن حرب قال الحافظ كان شيخ مالك حدث به كذلك في زمن بني أمية وأما بعدهم فما كان يقال له إلا زياد ابن أبيه وقبل استلحاق معاوية له كان يقال له زياد بن عبيد وكانت أمه سمية مولاة الحارث بن كلدة الثقفي تحت عبيد المذكور فولدت له زيادًا على فراشه فكان ينسب إليه فلما كان في خلافة معاوية شهد جماعة على إقرار أبي سفيان بأن زيادًا ولده فاستلحقه معاوية لذلك وزوج ابنه وابنته وأمر زيادًا على العراقين البصرة والكوفة جمعهما له ومات في خلافته سنة ثلاث وخمسين ووقع في مسلم عن يحيى عن مالك أن ابن زياد وهو وهم نبه عليه الغساني ومن تبعه قال النووي وجميع من تكلم على مسلم والصواب ما في البخاري وهو الموجود عند رواة الموطأ أن زيادًا ( كتب إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن عباس) بفتح الهمزة ويروى بكسرها ( قال من أهدى هديًا) أي بعثه إلى مكة ( حرم عليه ما يحرم على الحاج) من محظورات الإحرام ( حتى ينحر) بالبناء للمفعول ( الهدي) بالرفع نائب الفاعل ( وقد بعثت بهدي فاكتبي إلي بأمرك أو مري صاحب الهدي) أي الذي معه الهدي بما يصنع وكأنه كتب إليها لما بلغه إنكارها عليه روى سعيد بن منصور عن عائشة وقيل لها إن زيادا إذا بعث بالهدي أمسك عما يمسك عنه المحرم حتى ينحر هديه فقالت عائشة أوله كعبة يطوف بها ( قالت عمرة) بالسند المذكور ( قالت عائشة ليس كما قال ابن عباس أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي) بفتح الدال وشد الياء وفي رواية بالإفراد على إرادة الجنس وفيه رفع مجاز أن تكون أرادت أنها فتلت بأمرها ( ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده) الشريفة ( ثم بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي) بفتح الهمزة وكسر الموحدة الخفيفة تريد أباها أبا بكر الصديق فأفادت أن وقت البعث كان سنة تسع عام حج أبو بكر بالناس قال ابن التين أرادت عائشة بذلك علمها بجميع القصة ويحتمل أن تريد أنه آخر فعل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه حج في العام الذي يليه حجة الوداع لئلا يظن ظان أن ذلك كان في أول الإسلام ثم نسخ فأرادت إزالة هذا اللبس وأكملت ذلك بقولها ( فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله له) وفي رواية لمسلم فأصبح فينا حلالاً يأتي ما يأتي الحلال من أهله ( حتى نحر الهدي) بالبناء للمفعول أي وانقضى أمره ولم يحرم وبعد ذلك أولى لأنه إذا انتفى في وقت الشبهة فلأن ينتفي عند انتفائها أولى وحاصل اعتراضها على ابن عباس أنه قاس التولية في أمر الهدي على المباشرة له فبينت أن هذا القياس لا اعتبار له في مقابلة هذه السنة الظاهرة وقد وافق ابن عباس بن عمر عند ابن المنذر وابن أبي شيبة وقيس بن سعد بن عبادة عند سعيد بن منصور وعمر وعلي عند ابن أبي شيبة بإسناد منقطع والنخعي وعطاء وابن سيرين وآخرون لما رواه الطحاوي وغيره عن عبد الملك بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقد قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه وقال إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر على مكان كذا فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج من قميصي من رأسي وإسناده ضعيف فلا حجة فيه وقد جاء عن الزهري ما يدل على أن الأمر استقر على خلاف ذلك فقال أول من كشف العماء عن الناس وبين لهم السنة في ذلك عائشة فذكر الحديث عن عمرة عنها وقال لما بلغ الناس قولها أخذوا به وتركوا فتوى ابن عباس رواه البيهقي وفي الحديث من الفوائد تناول الكبير الشيء بنفسه وإن كان له من يكفيه إذا كان مما يتهم به ولا سيما ما كان من إقامة الشرائع وأمور الديانة وفيه تعقب بعض العلماء على بعض ورد الاجتهاد بالنص وأن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم التأسي به حتى تثبت الخصوصية وأخرجه البخاري هنا عن عبد الله بن يوسف وفي الوكالة عن إسماعيل ومسلم عن يحيى الثلاثة عن مالك به ( مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سألت عمرة بنت عبد الرحمن عن الذي يبعث بهديه ويقيم هل يحرم عليه شيء فأخبرتني أنها سمعت عائشة تقول لا يحرم إلا من أهل ولبى) وإلى ذلك صار فقهاء الأمصار وذهب سعيد بن المسيب إلى أنه لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المحرم إلا الجماع ليلة جمع رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح وذهب جماعة من فقهاء الفتوى إلى أن من أراد النسك صار بمجرد تقليد الهدي محرمًا حكاه ابن المنذر عن الثوري وأحمد وإسحاق قال وقال أصحاب الرأي من ساق الهدي وأم البيت ثم قلده وجب عليه الإحرام وقال الجمهور لا يصير بتقليد الهدي محرمًا ولا يجب عليه شيء ونقل الخطابي عن أصحاب الرأي مثل قول ابن عباس وهو خطأ عليهم فالطحاوي أعلم بهم منه ولعل الخطابي ظن التسوية بين المسألتين ( مالك عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي) تيم قريش ( عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير) بضم الهاء وفتح الدال المهملة ( أنه رأى رجلاً) هو ابن عباس ( متجردًا بالعراق) أي البصرة ( فسأل الناس عنه فقالوا إنه أمر بهديه أن يقلد فلذلك تجرد قال ربيعة فلقيت عبد الله بن الزبير فذكرت له ذلك فقال بدعة ورب الكعبة) أقسم على ذلك اعتمادًا على حديث عائشة المذكور وهي خالته إذ لا يجوز أن يقسم أنه بدعة إلا وقد علم أن السنة خلافه وابن عباس اعتمد القياس وهو لا يعتبر في مقابلة السنة ورواه ابن أبي شيبة عن الثقفي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن ربيعة أنه رأى ابن عباس وهو أمير على البصرة في زمان علي متجردًا على منبر البصرة فذكره فعرف اسم المبهم وتعين خصوص المحل من العراق في رواية مالك ( وسئل مالك عمن خرج بهدي لنفسه فأشعره وقلده بذي الحليفة) ميقات المدينة ( ولم يحرم هو حتى جاء الجحفة) ميقات الشام ومصر ونحوهما ( قال لا أحب ذلك ولم يصب من فعله) أي أخطأ لأن إن كان ميقاته المدينة فيحرم عليه تعديه حلاً وإن كان ميقاته الجحفة فقد أفات نفسه الفضيلة ( و) أخطأ أيضًا من حيث إنه ( لا ينبغي له أن يقلد الهدي ولا يشعره إلا عند الإهلال) اتباعًا للسنة ( إلا رجل لا يريد الحج فيبعث به ويقيم في أهله) كفعله صلى الله عليه وسلم ( وسئل مالك هل يخرج بالهدي غير محرم فقال نعم لا بأس بذلك) أي يجوز لكن لا يتجاوز به الميقات إلا وهو محرم إلا أن لا يريد دخول مكة ( وسئل أيضًا عما اختلف فيه الناس من الإحرام) أي التجرد ( لتقليد الهدي ممن لا يريد الحج ولا العمرة) كابن عباس وموافقيه ( فقال الأمر عندنا) بالمدينة ( الذي نأخذ به في ذلك قول عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بهديه ثم أقام فلم يحرم عليه شيء مما أحله الله له حتى نحر هديه) بالبناء للمفعول والفاعل أي نحره أبو بكر فإن السنة هي الحجة عند الاختلاف خصوصًا وقد صحبها عمل المدينة.