فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاضِ

رقم الحديث 1396 حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ، فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أَنْفَعُكُمَا بِهِ لَفَعَلْتُ، ثُمَّ قَالَ: بَلَى هَاهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ، أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأُسْلِفُكُمَاهُ فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِ الْعِرَاقِ، ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَكُمَا، فَقَالَا: وَدِدْنَا ذَلِكَ، فَفَعَلَ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ، فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا فَأُرْبِحَا، فَلَمَّا دَفَعَا ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ قَالَ: أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ، مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا؟ قَالَا: لَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَسْلَفَكُمَا، أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ، فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَسَكَتَ،.
وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا لَوْ نَقَصَ هَذَا الْمَالُ أَوْ هَلَكَ لَضَمِنَّاهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: أَدِّيَاهُ، فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ، وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا؟ فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا، فَأَخَذَ عُمَرُ رَأْسَ الْمَالِ وَنِصْفَ رِبْحِهِ، وَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نِصْفَ رِبْحِ الْمَالِ.


( مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه) أسلم العدوي مولى عمر ثقة مخضرم مات سنة ثمانين وقيل بعد سنة ستين وهو ابن أربع عشرة ومائة سنة ( أنه قال خرج عبد الله) بفتح العين الصحابي المشهور أحد العبادلة ( وعبيد الله) بضم العين ( ابنا عمر بن الخطاب) قال في الإصابة: ولد مضموم العين في عهده صلى الله عليه وسلم فقد ثبت أنه غزا في خلافة أبيه كما قال: ( في جيش إلى العراق) للغزو، وكان من شجعان قريش وفرسانهم، وقتل مع معاوية بصفين في ربيع الأوّل سنة ست وثلاثين ( فلما قفلا) رجعا من الغزو ( مرا على أبي موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري وهو أمير البصرة) من جهة عمر ( فرحب بهما) قال: مرحبًا ( وسهل ثم قال لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به) لو للتمني فلا جواب لها، وفي نسخة لفعلت فهي الجواب ( ثم قال: بلى ههنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين) عمر رضي الله عنه ( فأسلفكماه) بضم الهمزة أقرضكماه ( فتبتاعان به متاعًا من متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون لكما الربح) قال الباجي: لم يردّ بإسلافهما إحراز المال في ذمتهما وإنما أراد نفعهما ومن مقتضاه ضمانهما لأنه إنما يجوز السلف لمنفعة المتسلف فإن قصد المسلف نفع نفسه معه لم يجز ( فقالا وددنا) أحببنا ( ذلك ففعل وكتب إلى عمر بن الخطاب أن يأخذ منهما المال فلما قدما باعا فأربحا فلما دفعا ذلك إلى عمر) وأخبراه أو بلغه من غيرهما ( قال: أكل الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما قالا: لا فقال عمر بن الخطاب) أنتما ( ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما) محاباة له ( أديا المال وربحه) احتياطًا للمسلمين لأنه مالهم قاله أبو عمر ( فأما عبد الله) المكبر ( فسكت) أدبًا ولشدّة ورعه ( وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا) الفعل ( لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه) لأنه سلف ( فقال عمر: أدياه) قال عيسى: كراهة لتفضيل أبي موسى لولديه ولم يكن يلزمهما ذلك، وهذا على قولنا: إن أبا موسى تسلف المال وكان بيده على معنى الوديعة وأسلفهما إياه، وإن قلنا: كان بيده للتنمية والإصلاح فلعمر تعقب ذلك كالمبضع يشتري لنفسه فللذي أبضعه تعقبه ولو تلف المال ولم يكن عندهما وفاء لضمنه أبو موسى قاله الباجي ( فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله) أعاد عليه قوله المذكور وفيه احتجاج الابن على الأب وأنه ليس بعقوق ولا هضم من حق الأبوة ولا حق الخلافة وجواز الاحتجاج حيث لا نص ( فقال رجل من جلساء عمر) يقال: إنه عبد الرحمن بن عوف ( يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضًا) إشارة إلى عرض ما رآه من المصلحة وإن لم يسأله عمر وكذا المفتي يجوز أن يبتدئ الحكم بالفتوى إذا عرف من حالته استشارته قاله الباجي ( فقال عمر: قد جعلته قراضًا) أي أعطيته حكمه ( فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه) جعله في مال المسلمين ( وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر نصف ربح المال) وكأنه جعل كذلك قطعًا للنزاع إذ ليس من القراض في شيء.
وإنما ساق مالك هذا الحديث إعلامًا بأن القراض كان معمولاً به من عهد عمر وقيل: هو أوّل قراض في الإسلام وقيل: أوّله أن عمر أخرج من السوق من لا يعلم البيع، وكان فيهم يعقوب مولى الحرقة فأعطاه عثمان مالاً قراضًا وأجلسه في السوق فإن كان محفوظًا فمعناه أن عثمان كان يعلمه ويراعي أحواله ولا ينبغي أن يظن بعثمان في فضله وورعه إلا ذلك ولا أصل للقراض في كتاب ولا سنة إلا أنه كان في الجاهلية فأقرّ في الإسلام وأجمع على جوازه بالدنانير والدراهم قاله أبو عبد الملك.

( مالك عن العلاء بن عبد الرحمن) الحرقي بضم المهملة وفتح الراء وقاف، المدني الصدوق ( عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني التابعي الثقة ( عن جده) يعقوب المدني مولى الحرقة مقبول تابعي كبير ( أن عثمان بن عفان أعطاه) أي يعقوب ( مالاً قراضًا يعمل فيه على أن الربح بينهما) قال أبو عمر: أجمع العلماء على أن القراض سنة معمول بها.
وقال عمر وابنه وعائشة وابن مسعود.
اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة وكانوا يضاربون بأموال اليتامى وروي ذلك مرفوعًا وهو حديث مرسل وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال ألا من ولي مال يتيم فليتجر له فيه ولا يتركه فتأكله الزكاة.



رقم الحديث 1397 وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ: أَعْطَاهُ مَالًا قِرَاضًا يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا.


( مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه) أسلم العدوي مولى عمر ثقة مخضرم مات سنة ثمانين وقيل بعد سنة ستين وهو ابن أربع عشرة ومائة سنة ( أنه قال خرج عبد الله) بفتح العين الصحابي المشهور أحد العبادلة ( وعبيد الله) بضم العين ( ابنا عمر بن الخطاب) قال في الإصابة: ولد مضموم العين في عهده صلى الله عليه وسلم فقد ثبت أنه غزا في خلافة أبيه كما قال: ( في جيش إلى العراق) للغزو، وكان من شجعان قريش وفرسانهم، وقتل مع معاوية بصفين في ربيع الأوّل سنة ست وثلاثين ( فلما قفلا) رجعا من الغزو ( مرا على أبي موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري وهو أمير البصرة) من جهة عمر ( فرحب بهما) قال: مرحبًا ( وسهل ثم قال لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به) لو للتمني فلا جواب لها، وفي نسخة لفعلت فهي الجواب ( ثم قال: بلى ههنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين) عمر رضي الله عنه ( فأسلفكماه) بضم الهمزة أقرضكماه ( فتبتاعان به متاعًا من متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون لكما الربح) قال الباجي: لم يردّ بإسلافهما إحراز المال في ذمتهما وإنما أراد نفعهما ومن مقتضاه ضمانهما لأنه إنما يجوز السلف لمنفعة المتسلف فإن قصد المسلف نفع نفسه معه لم يجز ( فقالا وددنا) أحببنا ( ذلك ففعل وكتب إلى عمر بن الخطاب أن يأخذ منهما المال فلما قدما باعا فأربحا فلما دفعا ذلك إلى عمر) وأخبراه أو بلغه من غيرهما ( قال: أكل الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما قالا: لا فقال عمر بن الخطاب) أنتما ( ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما) محاباة له ( أديا المال وربحه) احتياطًا للمسلمين لأنه مالهم قاله أبو عمر ( فأما عبد الله) المكبر ( فسكت) أدبًا ولشدّة ورعه ( وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا) الفعل ( لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه) لأنه سلف ( فقال عمر: أدياه) قال عيسى: كراهة لتفضيل أبي موسى لولديه ولم يكن يلزمهما ذلك، وهذا على قولنا: إن أبا موسى تسلف المال وكان بيده على معنى الوديعة وأسلفهما إياه، وإن قلنا: كان بيده للتنمية والإصلاح فلعمر تعقب ذلك كالمبضع يشتري لنفسه فللذي أبضعه تعقبه ولو تلف المال ولم يكن عندهما وفاء لضمنه أبو موسى قاله الباجي ( فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله) أعاد عليه قوله المذكور وفيه احتجاج الابن على الأب وأنه ليس بعقوق ولا هضم من حق الأبوة ولا حق الخلافة وجواز الاحتجاج حيث لا نص ( فقال رجل من جلساء عمر) يقال: إنه عبد الرحمن بن عوف ( يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضًا) إشارة إلى عرض ما رآه من المصلحة وإن لم يسأله عمر وكذا المفتي يجوز أن يبتدئ الحكم بالفتوى إذا عرف من حالته استشارته قاله الباجي ( فقال عمر: قد جعلته قراضًا) أي أعطيته حكمه ( فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه) جعله في مال المسلمين ( وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر نصف ربح المال) وكأنه جعل كذلك قطعًا للنزاع إذ ليس من القراض في شيء.
وإنما ساق مالك هذا الحديث إعلامًا بأن القراض كان معمولاً به من عهد عمر وقيل: هو أوّل قراض في الإسلام وقيل: أوّله أن عمر أخرج من السوق من لا يعلم البيع، وكان فيهم يعقوب مولى الحرقة فأعطاه عثمان مالاً قراضًا وأجلسه في السوق فإن كان محفوظًا فمعناه أن عثمان كان يعلمه ويراعي أحواله ولا ينبغي أن يظن بعثمان في فضله وورعه إلا ذلك ولا أصل للقراض في كتاب ولا سنة إلا أنه كان في الجاهلية فأقرّ في الإسلام وأجمع على جوازه بالدنانير والدراهم قاله أبو عبد الملك.

( مالك عن العلاء بن عبد الرحمن) الحرقي بضم المهملة وفتح الراء وقاف، المدني الصدوق ( عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني التابعي الثقة ( عن جده) يعقوب المدني مولى الحرقة مقبول تابعي كبير ( أن عثمان بن عفان أعطاه) أي يعقوب ( مالاً قراضًا يعمل فيه على أن الربح بينهما) قال أبو عمر: أجمع العلماء على أن القراض سنة معمول بها.
وقال عمر وابنه وعائشة وابن مسعود.
اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة وكانوا يضاربون بأموال اليتامى وروي ذلك مرفوعًا وهو حديث مرسل وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال ألا من ولي مال يتيم فليتجر له فيه ولا يتركه فتأكله الزكاة.