فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الْقَضَاءِ فِي قَسْمِ الْأَمْوَالِ

رقم الحديث 1444 قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً.
ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ بِدَيْنٍ.
فَرَبِحَ فِي الْمَالِ.
ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ.
قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ.
قَالَ: إِنْ أَرَادَ وَرَثَتُهُ أَنْ يَقْبِضُوا ذَلِكَ الْمَالَ، وَهُمْ عَلَى شَرْطِ أَبِيهِمْ مِنَ الرِّبْحِ، فَذَلِكَ لَهُمْ.
إِذَا كَانُوا أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ.
فَإِنْ كَرِهُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ، وَخَلَّوْا بَيْنَ صَاحِبِ الْمَالِ وَبَيْنَهُ، لَمْ يُكَلَّفُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ.
وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ.
إِذَا أَسْلَمُوهُ إِلَى رَبِّ الْمَالِ.
فَإِنِ اقْتَضَوْهُ.
فَلَهُمْ فِيهِ مِنَ الشَّرْطِ وَالنَّفَقَةِ، مِثْلُ مَا كَانَ لِأَبِيهِمْ فِي ذَلِكَ هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ.
فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ ثِقَةٍ.
فَيَقْتَضِي ذَلِكَ الْمَالَ.
فَإِذَا اقْتَضَى جَمِيعَ الْمَالِ.
وَجَمِيعَ الرِّبْحِ.
كَانُوا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ قَالَ مَالِكٌ: فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُ فِيهِ، فَمَا بَاعَ بِهِ مِنْ دَيْنٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، إِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ إِنْ بَاعَ بِدَيْنٍ فَقَدْ ضَمِنَهُ.



( الدين في القراض)

( قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضًا فاشترى به سلعة ثم باع السلعة بدين) بإذن رب المال ( فربح في المال ثم هلك الذي أخذ المال قبل أن يقبض المال قال: إن أراد ورثته) أي العامل ( أن يقبضوا ذلك المال وهم على شرط أبيهم من الربح فذلك لهم) إلى تمام العمل ( إذا كانوا أمناء على ذلك) عالمين بالعمل ( فإذا كرهوا أن يقتضوه وخلوا بين صاحب المال وبينه لم يكلفوا أن يقتضوه) وإن كانوا أمناء ( ولا شيء عليهم ولا شيء لهم إذا أسلموه إلى رب المال) لأن القراض إنما انعقد في منافعه وأمانته لا في ذمته فإذا مات لم يلزم ذلك ماله ( فإن اقتضوه فلهم فيه من الشرط) على جزء الربح ( والنفقة مثل ما كان لأبيهم في ذلك هم فيه بمنزلة أبيهم) وإنما خيروا لأنه ثبت لمورثهم حق في الربح ومن مات عن حق فلوارثه ( فإن لم يكونوا أمناء على ذلك) أي لم يعلموا بالعمل ( فإن لهم أن يأتوا بأمين) عالم بالعمل ( فيقتضي ذلك المال فإذا اقتضى جميع المال وجميع الربح كانوا بمنزلة أبيهم) فلهم جزاء الربح الذي كان شرطه.

( قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضًا على أن يعمل فيه فما باع به من دين فهو ضامن له إن ذلك لازم له إن باع بدين فقد ضمنه) إذ ليس له أن يبيع بدين إلا بإذن رب المال وقال أبو حنيفة له ذلك بمطلق العقد إلا أن ينهاه صاحب المال.



رقم الحديث 1444 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ قُسِمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَدْرَكَهَا الْإِسْلَامُ، وَلَمْ تُقْسَمْ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: فِيمَنْ هَلَكَ، وَتَرَكَ أَمْوَالًا بِالْعَالِيَةِ، وَالسَّافِلَةِ: إِنَّ الْبَعْلَ لَا يُقْسَمُ مَعَ النَّضْحِ.
إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُهُ بِذَلِكَ.
وَإِنَّ الْبَعْلَ يُقْسَمُ مَعَ الْعَيْنِ إِذَا كَانَ يُشْبِهُهَا، وَأَنَّ الْأَمْوَالَ إِذَا كَانَتْ بِأَرْضٍ وَاحِدَةٍ، الَّذِي بَيْنَهُمَا مُتَقَارِبٌ، أَنَّهُ يُقَامُ كُلُّ مَالٍ مِنْهَا ثُمَّ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ.
وَالْمَسَاكِنُ وَالدُّورُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.


القضاء في قسم الأموال

( مالك عن ثور) بمثلثة ( ابن زيد الديلي) بكسر الدال وإسكان التحتية ( أنه قال بلغني) قال أبو عمر تفرد بوصله إبراهيم بن طهمان وهو ثقة عن مالك عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما) أي مبتدأ في معنى الشرط وزيدت ما لتوكيده وزيادة التعميم ( دار أو أرض قسمت في الجاهلية) هي ما قبل البعثة وقيل ما قبل الفتح لقول ابن عباس سمعت أبي يقول في الجاهلية اسقني كأسا دهاقا وابن عباس إنما ولد في الشعب ( فهي على قسم الجاهلية) قال الباجي يحتمل أن يريد تقدم قسمها في الجاهلية وهو الظاهر من تأويل ابن نافع وغيره من أصحابنا ويحتمل أن يريد استحقت سهامها في الجاهلية بأن مات ميت فورثه ورثته قبل أن يسلموا فأراد صلى الله عليه وسلم ترك رد ما سلف من فعلهم وأمضاها على ما وقعت ولذا لا يرد تبرعاتهم وأنكحتهم الفاسدة بل يصحح الإسلام الملك الواقع بها قال وقوله ( وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام فلم تقسم) الفاء للحال على ما أفاده بعضهم أن الفاء تجيء له وفي نسخة ولم تقسم ( فهي على قسم الإسلام) يحتمل التأويلين والأظهر أن ما كان مشتركا فدخل عليه الإسلام قبل القسم فهو على حكم الإسلام مثل أن يرثوا دارا في الجاهلية ثم يسلموا قبل قسمها فيقتسمونها على مواريث الإسلام قال عيسى عن ابن القاسم عن مالك أن هذا في المجوس والفرس والفرازنة وكل من ليس له كتاب وأما اليهود والنصارى فإنما يقسمونها على مقتضى شرعهم يوم ورثوها ودليل ذلك ذكره الجاهلية وروى مطرف وابن الماجشون وأشهب وابن نافع عن مالك أنه في الكفار كلهم أهل كتاب أم لا وبه قال أبو حنيفة والشافعي قال ابن عبد البر ورواه أصبغ عن ابن القاسم وهو قول الليث والأوزاعي والجمهور وهو أولى لاستعمال الحديث على عمومه ولأن الكفر لا تفترق أحكامه فيمن أسلم أنه يقر على نكاحه وفي الحرية عند مالك فلا وجه للفرق بين أحكامهم إلا ما خصته السنة من أكل ذبائح الكتابيين ونكاح نسائهم ومحال أن يقسم المؤمنون ميراثهم على شريعة الكفر ( مالك فيمن هلك) مات ( وترك أموالا) أرضين وما فيها من شجر ( بالعالية والسافلة) جهتان بالمدينة ( أن البعل) ما يشرب بعروقه من غير سقي ولا سماء قاله الأصمعي وقيل هو ما سقته السماء أي المطر ( لا يقسم مع النضح) بالضاد المعجمة أي الماء الذي يحمله الناضح وهو البعير لأنهما جنسان لا يجمعان في القسم يريد بالقرعة التي تكون بالجبر ( إلا أن يرضى أهله بذلك) أي قسمها بينهم بالقرعة أو يقسمها مراضاة دون قرعة ( وأن البعل يقسم مع العين إذا كان يشبهها) لأنهما يزكيان بالعشر بخلاف النضح الذي يزكى بنصفه وهذا مشهور المذهب ( وأن الأموال إذا كانت بأرض واحدة والذي بينهما متقارب فإنه يقام كل مال منها ثم يقسم) وفي نسخة يسهم ( بينهم والمساكن والدور بهذه المنزلة) لأن جمعها للقسم أقل ضررا وإذا قسمت كل دار فسد كثير من منافعها ولذا ثبتت الشفعة في الأملاك وقال أبو حنيفة والشافعي يقسم لكل إنسان نصيبه من كل دار ومن كل أرض لأن كل بقعة ودار تعتبر بنفسها ولتعلق الشفعة بها دون غيرها.