فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ ، بِالنَّهَارِ وَاللَّيْلِ ، وَالصَّلَاةِ عَلَى

رقم الحديث 358 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانُوا: يَتَنَفَّلُونَ فِي السَّفَرِ قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مالكُ عَنِ النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.


( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي مَعَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ شَيْئًا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا) لأن السفر مشقة فشرع فيه قصر الفريضة للتخفيف فأولى النافلة، وفي مسلم عن حفص بن عاصم صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلسنا معه فحانت منه التفاتة فرأى ناسًا قيامًا فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون.
قال: لو كنت مسبحًا لأتممت صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان كذلك أي فلم يزد كل على ركعتين ركعتين، ثم قرأ { { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } }

وأخرج البخاري منه المرفوع فقط.
وجاءت آثار عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان ربما تنفل في السفر.
قال البراء: سافرت مع رسول الله ثمان عشرة سفرة فما رأيته يترك الركعتين قبل الظهر رواه أبو داود والترمذي والمشهور عن جميع السلف جوازه، وبه قال الأئمة الأربعة.

قال النووي: وأجابوا عن قول ابن عمر هذا بأن الفريضة محتمة فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فإلى خيرة المصلي فالرفق به أن تكون مشروعة ويخير فيها انتهى.

وتعقب بأن مراد ابن عمر بقوله: لو كنت مسبحًا لأتممت أنه لو كان مخيرًا بين الإتمام وصلاة الراتبة لكان الإتمام أحب إليه، لكنه فهم من القصر التخفيف، فلذا كان لا يصلي الراتبة ولا يتم ( إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ) به إلى مقصده للقبلة أو غيرها فصوب الطريق بدل من القبلة.
قال الباجي: لا خلاف بين الأمة في جواز التنفل للمسافر بالليل.
قال عامر بن ربيعة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت رواه الشيخان.

( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ) بن الصديق ( وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ) بن العوام ( وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي والثلاثة من الفقهاء ( كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِي السَّفَرِ) ظاهره ليلاً ونهارًا ( قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مالكُ عَنِ النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أي التنفل بالليل والنهار.

( مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنِي) زاد ابن وضاح عن نافع ( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَرَى ابْنَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ) بضم العين ( بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) شقيق سالم ثقة ثبت فقيه ( يَتَنَفَّلُ فِي السَّفَرِ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ) قال الباجي: يحتمل أن يراه يتنفل بالليل فلا ينكره لأنه مذهبه، ويحتمل بالنهار فلا ينكره لكثرة من خالفه فيه وهذا أشبه.

( مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو) بفتح العين ( بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ) الأنصاري مدني ثقة ( عَنْ أَبِي الْحُبَابِ) بضم المهملة وموحدتين ( سَعِيدِ) بفتح السين ( بْنِ يَسَارٍ) المدني ثقة متقن مات سنة سبع عشرة ومائة وقيل قبلها بسنة ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ) لم يتابع عليه عمرو بن يحيى وإنما يقولون على راحلته قاله النسائي أي في حديث ابن عمر فالمعروف المحفوظ فيه على راحلته وبين الصلاة على الدابة والصلاة على الراحلة فرق في التمكن لا يجهل وأما غير ابن عمر فروى جابر كان صلى الله عليه وسلم يصلي أينما كان وجهه على الدابة.
وقال الحسن: كان الصحابة يصلون في أسفارهم على دوابهم أينما كانت وجوههم قاله في التمهيد، لكن لرواية عمرو شاهد عن يحيى بن سعيد عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر رواه السراج بإسناد حسن.

( وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ) بمعجمة أوّله وراء آخره زاد الحنيني عن مالك خارج الموطأ ويومئ إيماء أي للركوع والسجود أخفض منه تمييزًا بينهما، وليكون البدل على وفق الأصل.

وهذا الحديث أخرجه مسلم عن يحيى عن مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ) ناقته التي تصلح لأن ترتحل ( فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ) مفهومه أنه يجلس عليها على هيئته التي يركبها عليها ويستقبل بوجهه ما استقبلته الراحلة فتقديره إلى حيث توجهت فقوله توجهت متعلق بيصلي ويحتمل تعلقه بقوله على راحلته لكن يؤيد الأوّل رواية للبخاري بلفظ: وهو على الراحلة يسبح قبل أي وجه توجهت قاله ابن التين، وزاد في رواية للبخاري يومئ برأسه.

( قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) عقب المرفوع بالموقوف مع أن الحجة قائمة بالمرفوع لبيان أن العمل استمر على ذلك ولم يتطرق إليه نسخ ولا معارض راجح، وقد جمع ابن بطال بين هذا وبين ما سبق أن ابن عمر كان لا يصلي الرواتب ويقول: كان صلى الله عليه وسلم لا يزيد في السفر على ركعتين بأن ابن عمر كان يمنع التنفل على الأرض ويقول به على الدابة.
وقال النووي تبعًا لغيره: لعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر أو لعله تركها في بعض الأوقات لبيان الجواز.

وهذا الحديث رواه مسلم عن يحيى عن مالك به، وتابعه عبد العزيز بن مسلم عن ابن دينار عند البخاري، وأخرجه أيضًا من رواية جويرية بن أسماء عن نافع ومن رواية ابن شهاب عن سالم الثلاثة عن ابن عمر نحوه.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاري ( قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي السَّفَرِ وَهُوَ يُصَلِّي) التطوّع ( عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إِيمَاءً) لكل منهما والسجود أخفض ( مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ وَجْهَهُ عَلَى شَيْءٍ) بردعة أو غيرها.
زاد البخاري ومسلم عن ابن سيرين عن أنس أنه قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله.

قال المهلب: هذه الأحاديث تخص قوله تعالى: { { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } } وتبين أن قوله تعالى: { { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } } في النافلة.
وقد أخذ بمضمونها فقهاء الأمصار إلا أن أحمد وأبا ثور استحبا أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة لما رواه أبو داود وأحمد والدارقطني عن أنس: كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يتطوّع في السفر استقبل بناقته القبلة ثم صلى حيث توجهت ركابه، واختلف في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة فأجازه الجمهور في كل سفر، وخصه مالك في المشهور عنه بسفر القصر، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عنه أنه سافر سفرًا قصيرًا فصنع ذلك، والله أعلم.



رقم الحديث 359 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَرَى ابْنَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَنَفَّلُ فِي السَّفَرِ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ.


( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي مَعَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ شَيْئًا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا) لأن السفر مشقة فشرع فيه قصر الفريضة للتخفيف فأولى النافلة، وفي مسلم عن حفص بن عاصم صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلسنا معه فحانت منه التفاتة فرأى ناسًا قيامًا فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون.
قال: لو كنت مسبحًا لأتممت صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان كذلك أي فلم يزد كل على ركعتين ركعتين، ثم قرأ { { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } }

وأخرج البخاري منه المرفوع فقط.
وجاءت آثار عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان ربما تنفل في السفر.
قال البراء: سافرت مع رسول الله ثمان عشرة سفرة فما رأيته يترك الركعتين قبل الظهر رواه أبو داود والترمذي والمشهور عن جميع السلف جوازه، وبه قال الأئمة الأربعة.

قال النووي: وأجابوا عن قول ابن عمر هذا بأن الفريضة محتمة فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فإلى خيرة المصلي فالرفق به أن تكون مشروعة ويخير فيها انتهى.

وتعقب بأن مراد ابن عمر بقوله: لو كنت مسبحًا لأتممت أنه لو كان مخيرًا بين الإتمام وصلاة الراتبة لكان الإتمام أحب إليه، لكنه فهم من القصر التخفيف، فلذا كان لا يصلي الراتبة ولا يتم ( إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ) به إلى مقصده للقبلة أو غيرها فصوب الطريق بدل من القبلة.
قال الباجي: لا خلاف بين الأمة في جواز التنفل للمسافر بالليل.
قال عامر بن ربيعة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت رواه الشيخان.

( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ) بن الصديق ( وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ) بن العوام ( وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي والثلاثة من الفقهاء ( كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِي السَّفَرِ) ظاهره ليلاً ونهارًا ( قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مالكُ عَنِ النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أي التنفل بالليل والنهار.

( مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنِي) زاد ابن وضاح عن نافع ( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَرَى ابْنَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ) بضم العين ( بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) شقيق سالم ثقة ثبت فقيه ( يَتَنَفَّلُ فِي السَّفَرِ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ) قال الباجي: يحتمل أن يراه يتنفل بالليل فلا ينكره لأنه مذهبه، ويحتمل بالنهار فلا ينكره لكثرة من خالفه فيه وهذا أشبه.

( مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو) بفتح العين ( بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ) الأنصاري مدني ثقة ( عَنْ أَبِي الْحُبَابِ) بضم المهملة وموحدتين ( سَعِيدِ) بفتح السين ( بْنِ يَسَارٍ) المدني ثقة متقن مات سنة سبع عشرة ومائة وقيل قبلها بسنة ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ) لم يتابع عليه عمرو بن يحيى وإنما يقولون على راحلته قاله النسائي أي في حديث ابن عمر فالمعروف المحفوظ فيه على راحلته وبين الصلاة على الدابة والصلاة على الراحلة فرق في التمكن لا يجهل وأما غير ابن عمر فروى جابر كان صلى الله عليه وسلم يصلي أينما كان وجهه على الدابة.
وقال الحسن: كان الصحابة يصلون في أسفارهم على دوابهم أينما كانت وجوههم قاله في التمهيد، لكن لرواية عمرو شاهد عن يحيى بن سعيد عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر رواه السراج بإسناد حسن.

( وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ) بمعجمة أوّله وراء آخره زاد الحنيني عن مالك خارج الموطأ ويومئ إيماء أي للركوع والسجود أخفض منه تمييزًا بينهما، وليكون البدل على وفق الأصل.

وهذا الحديث أخرجه مسلم عن يحيى عن مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ) ناقته التي تصلح لأن ترتحل ( فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ) مفهومه أنه يجلس عليها على هيئته التي يركبها عليها ويستقبل بوجهه ما استقبلته الراحلة فتقديره إلى حيث توجهت فقوله توجهت متعلق بيصلي ويحتمل تعلقه بقوله على راحلته لكن يؤيد الأوّل رواية للبخاري بلفظ: وهو على الراحلة يسبح قبل أي وجه توجهت قاله ابن التين، وزاد في رواية للبخاري يومئ برأسه.

( قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) عقب المرفوع بالموقوف مع أن الحجة قائمة بالمرفوع لبيان أن العمل استمر على ذلك ولم يتطرق إليه نسخ ولا معارض راجح، وقد جمع ابن بطال بين هذا وبين ما سبق أن ابن عمر كان لا يصلي الرواتب ويقول: كان صلى الله عليه وسلم لا يزيد في السفر على ركعتين بأن ابن عمر كان يمنع التنفل على الأرض ويقول به على الدابة.
وقال النووي تبعًا لغيره: لعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر أو لعله تركها في بعض الأوقات لبيان الجواز.

وهذا الحديث رواه مسلم عن يحيى عن مالك به، وتابعه عبد العزيز بن مسلم عن ابن دينار عند البخاري، وأخرجه أيضًا من رواية جويرية بن أسماء عن نافع ومن رواية ابن شهاب عن سالم الثلاثة عن ابن عمر نحوه.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاري ( قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي السَّفَرِ وَهُوَ يُصَلِّي) التطوّع ( عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إِيمَاءً) لكل منهما والسجود أخفض ( مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ وَجْهَهُ عَلَى شَيْءٍ) بردعة أو غيرها.
زاد البخاري ومسلم عن ابن سيرين عن أنس أنه قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله.

قال المهلب: هذه الأحاديث تخص قوله تعالى: { { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } } وتبين أن قوله تعالى: { { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } } في النافلة.
وقد أخذ بمضمونها فقهاء الأمصار إلا أن أحمد وأبا ثور استحبا أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة لما رواه أبو داود وأحمد والدارقطني عن أنس: كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يتطوّع في السفر استقبل بناقته القبلة ثم صلى حيث توجهت ركابه، واختلف في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة فأجازه الجمهور في كل سفر، وخصه مالك في المشهور عنه بسفر القصر، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عنه أنه سافر سفرًا قصيرًا فصنع ذلك، والله أعلم.



رقم الحديث 360 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ.


( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي مَعَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ شَيْئًا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا) لأن السفر مشقة فشرع فيه قصر الفريضة للتخفيف فأولى النافلة، وفي مسلم عن حفص بن عاصم صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلسنا معه فحانت منه التفاتة فرأى ناسًا قيامًا فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون.
قال: لو كنت مسبحًا لأتممت صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان كذلك أي فلم يزد كل على ركعتين ركعتين، ثم قرأ { { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } }

وأخرج البخاري منه المرفوع فقط.
وجاءت آثار عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان ربما تنفل في السفر.
قال البراء: سافرت مع رسول الله ثمان عشرة سفرة فما رأيته يترك الركعتين قبل الظهر رواه أبو داود والترمذي والمشهور عن جميع السلف جوازه، وبه قال الأئمة الأربعة.

قال النووي: وأجابوا عن قول ابن عمر هذا بأن الفريضة محتمة فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فإلى خيرة المصلي فالرفق به أن تكون مشروعة ويخير فيها انتهى.

وتعقب بأن مراد ابن عمر بقوله: لو كنت مسبحًا لأتممت أنه لو كان مخيرًا بين الإتمام وصلاة الراتبة لكان الإتمام أحب إليه، لكنه فهم من القصر التخفيف، فلذا كان لا يصلي الراتبة ولا يتم ( إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ) به إلى مقصده للقبلة أو غيرها فصوب الطريق بدل من القبلة.
قال الباجي: لا خلاف بين الأمة في جواز التنفل للمسافر بالليل.
قال عامر بن ربيعة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت رواه الشيخان.

( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ) بن الصديق ( وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ) بن العوام ( وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي والثلاثة من الفقهاء ( كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِي السَّفَرِ) ظاهره ليلاً ونهارًا ( قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مالكُ عَنِ النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أي التنفل بالليل والنهار.

( مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنِي) زاد ابن وضاح عن نافع ( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَرَى ابْنَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ) بضم العين ( بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) شقيق سالم ثقة ثبت فقيه ( يَتَنَفَّلُ فِي السَّفَرِ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ) قال الباجي: يحتمل أن يراه يتنفل بالليل فلا ينكره لأنه مذهبه، ويحتمل بالنهار فلا ينكره لكثرة من خالفه فيه وهذا أشبه.

( مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو) بفتح العين ( بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ) الأنصاري مدني ثقة ( عَنْ أَبِي الْحُبَابِ) بضم المهملة وموحدتين ( سَعِيدِ) بفتح السين ( بْنِ يَسَارٍ) المدني ثقة متقن مات سنة سبع عشرة ومائة وقيل قبلها بسنة ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ) لم يتابع عليه عمرو بن يحيى وإنما يقولون على راحلته قاله النسائي أي في حديث ابن عمر فالمعروف المحفوظ فيه على راحلته وبين الصلاة على الدابة والصلاة على الراحلة فرق في التمكن لا يجهل وأما غير ابن عمر فروى جابر كان صلى الله عليه وسلم يصلي أينما كان وجهه على الدابة.
وقال الحسن: كان الصحابة يصلون في أسفارهم على دوابهم أينما كانت وجوههم قاله في التمهيد، لكن لرواية عمرو شاهد عن يحيى بن سعيد عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر رواه السراج بإسناد حسن.

( وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ) بمعجمة أوّله وراء آخره زاد الحنيني عن مالك خارج الموطأ ويومئ إيماء أي للركوع والسجود أخفض منه تمييزًا بينهما، وليكون البدل على وفق الأصل.

وهذا الحديث أخرجه مسلم عن يحيى عن مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ) ناقته التي تصلح لأن ترتحل ( فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ) مفهومه أنه يجلس عليها على هيئته التي يركبها عليها ويستقبل بوجهه ما استقبلته الراحلة فتقديره إلى حيث توجهت فقوله توجهت متعلق بيصلي ويحتمل تعلقه بقوله على راحلته لكن يؤيد الأوّل رواية للبخاري بلفظ: وهو على الراحلة يسبح قبل أي وجه توجهت قاله ابن التين، وزاد في رواية للبخاري يومئ برأسه.

( قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) عقب المرفوع بالموقوف مع أن الحجة قائمة بالمرفوع لبيان أن العمل استمر على ذلك ولم يتطرق إليه نسخ ولا معارض راجح، وقد جمع ابن بطال بين هذا وبين ما سبق أن ابن عمر كان لا يصلي الرواتب ويقول: كان صلى الله عليه وسلم لا يزيد في السفر على ركعتين بأن ابن عمر كان يمنع التنفل على الأرض ويقول به على الدابة.
وقال النووي تبعًا لغيره: لعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر أو لعله تركها في بعض الأوقات لبيان الجواز.

وهذا الحديث رواه مسلم عن يحيى عن مالك به، وتابعه عبد العزيز بن مسلم عن ابن دينار عند البخاري، وأخرجه أيضًا من رواية جويرية بن أسماء عن نافع ومن رواية ابن شهاب عن سالم الثلاثة عن ابن عمر نحوه.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاري ( قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي السَّفَرِ وَهُوَ يُصَلِّي) التطوّع ( عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إِيمَاءً) لكل منهما والسجود أخفض ( مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ وَجْهَهُ عَلَى شَيْءٍ) بردعة أو غيرها.
زاد البخاري ومسلم عن ابن سيرين عن أنس أنه قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله.

قال المهلب: هذه الأحاديث تخص قوله تعالى: { { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } } وتبين أن قوله تعالى: { { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } } في النافلة.
وقد أخذ بمضمونها فقهاء الأمصار إلا أن أحمد وأبا ثور استحبا أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة لما رواه أبو داود وأحمد والدارقطني عن أنس: كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يتطوّع في السفر استقبل بناقته القبلة ثم صلى حيث توجهت ركابه، واختلف في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة فأجازه الجمهور في كل سفر، وخصه مالك في المشهور عنه بسفر القصر، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عنه أنه سافر سفرًا قصيرًا فصنع ذلك، والله أعلم.



رقم الحديث 361 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي مَعَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ شَيْئًا، قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ.


( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي مَعَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ شَيْئًا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا) لأن السفر مشقة فشرع فيه قصر الفريضة للتخفيف فأولى النافلة، وفي مسلم عن حفص بن عاصم صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلسنا معه فحانت منه التفاتة فرأى ناسًا قيامًا فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون.
قال: لو كنت مسبحًا لأتممت صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان كذلك أي فلم يزد كل على ركعتين ركعتين، ثم قرأ { { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } }

وأخرج البخاري منه المرفوع فقط.
وجاءت آثار عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان ربما تنفل في السفر.
قال البراء: سافرت مع رسول الله ثمان عشرة سفرة فما رأيته يترك الركعتين قبل الظهر رواه أبو داود والترمذي والمشهور عن جميع السلف جوازه، وبه قال الأئمة الأربعة.

قال النووي: وأجابوا عن قول ابن عمر هذا بأن الفريضة محتمة فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فإلى خيرة المصلي فالرفق به أن تكون مشروعة ويخير فيها انتهى.

وتعقب بأن مراد ابن عمر بقوله: لو كنت مسبحًا لأتممت أنه لو كان مخيرًا بين الإتمام وصلاة الراتبة لكان الإتمام أحب إليه، لكنه فهم من القصر التخفيف، فلذا كان لا يصلي الراتبة ولا يتم ( إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ) به إلى مقصده للقبلة أو غيرها فصوب الطريق بدل من القبلة.
قال الباجي: لا خلاف بين الأمة في جواز التنفل للمسافر بالليل.
قال عامر بن ربيعة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت رواه الشيخان.

( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ) بن الصديق ( وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ) بن العوام ( وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي والثلاثة من الفقهاء ( كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِي السَّفَرِ) ظاهره ليلاً ونهارًا ( قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مالكُ عَنِ النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أي التنفل بالليل والنهار.

( مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنِي) زاد ابن وضاح عن نافع ( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَرَى ابْنَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ) بضم العين ( بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) شقيق سالم ثقة ثبت فقيه ( يَتَنَفَّلُ فِي السَّفَرِ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ) قال الباجي: يحتمل أن يراه يتنفل بالليل فلا ينكره لأنه مذهبه، ويحتمل بالنهار فلا ينكره لكثرة من خالفه فيه وهذا أشبه.

( مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو) بفتح العين ( بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ) الأنصاري مدني ثقة ( عَنْ أَبِي الْحُبَابِ) بضم المهملة وموحدتين ( سَعِيدِ) بفتح السين ( بْنِ يَسَارٍ) المدني ثقة متقن مات سنة سبع عشرة ومائة وقيل قبلها بسنة ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ) لم يتابع عليه عمرو بن يحيى وإنما يقولون على راحلته قاله النسائي أي في حديث ابن عمر فالمعروف المحفوظ فيه على راحلته وبين الصلاة على الدابة والصلاة على الراحلة فرق في التمكن لا يجهل وأما غير ابن عمر فروى جابر كان صلى الله عليه وسلم يصلي أينما كان وجهه على الدابة.
وقال الحسن: كان الصحابة يصلون في أسفارهم على دوابهم أينما كانت وجوههم قاله في التمهيد، لكن لرواية عمرو شاهد عن يحيى بن سعيد عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر رواه السراج بإسناد حسن.

( وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ) بمعجمة أوّله وراء آخره زاد الحنيني عن مالك خارج الموطأ ويومئ إيماء أي للركوع والسجود أخفض منه تمييزًا بينهما، وليكون البدل على وفق الأصل.

وهذا الحديث أخرجه مسلم عن يحيى عن مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ) ناقته التي تصلح لأن ترتحل ( فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ) مفهومه أنه يجلس عليها على هيئته التي يركبها عليها ويستقبل بوجهه ما استقبلته الراحلة فتقديره إلى حيث توجهت فقوله توجهت متعلق بيصلي ويحتمل تعلقه بقوله على راحلته لكن يؤيد الأوّل رواية للبخاري بلفظ: وهو على الراحلة يسبح قبل أي وجه توجهت قاله ابن التين، وزاد في رواية للبخاري يومئ برأسه.

( قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) عقب المرفوع بالموقوف مع أن الحجة قائمة بالمرفوع لبيان أن العمل استمر على ذلك ولم يتطرق إليه نسخ ولا معارض راجح، وقد جمع ابن بطال بين هذا وبين ما سبق أن ابن عمر كان لا يصلي الرواتب ويقول: كان صلى الله عليه وسلم لا يزيد في السفر على ركعتين بأن ابن عمر كان يمنع التنفل على الأرض ويقول به على الدابة.
وقال النووي تبعًا لغيره: لعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر أو لعله تركها في بعض الأوقات لبيان الجواز.

وهذا الحديث رواه مسلم عن يحيى عن مالك به، وتابعه عبد العزيز بن مسلم عن ابن دينار عند البخاري، وأخرجه أيضًا من رواية جويرية بن أسماء عن نافع ومن رواية ابن شهاب عن سالم الثلاثة عن ابن عمر نحوه.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاري ( قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي السَّفَرِ وَهُوَ يُصَلِّي) التطوّع ( عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إِيمَاءً) لكل منهما والسجود أخفض ( مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ وَجْهَهُ عَلَى شَيْءٍ) بردعة أو غيرها.
زاد البخاري ومسلم عن ابن سيرين عن أنس أنه قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله.

قال المهلب: هذه الأحاديث تخص قوله تعالى: { { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } } وتبين أن قوله تعالى: { { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } } في النافلة.
وقد أخذ بمضمونها فقهاء الأمصار إلا أن أحمد وأبا ثور استحبا أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة لما رواه أبو داود وأحمد والدارقطني عن أنس: كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يتطوّع في السفر استقبل بناقته القبلة ثم صلى حيث توجهت ركابه، واختلف في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة فأجازه الجمهور في كل سفر، وخصه مالك في المشهور عنه بسفر القصر، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عنه أنه سافر سفرًا قصيرًا فصنع ذلك، والله أعلم.



رقم الحديث 362 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي السَّفَرِ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، إِيمَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ وَجْهَهُ عَلَى شَيْءٍ.


( مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي مَعَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ شَيْئًا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا) لأن السفر مشقة فشرع فيه قصر الفريضة للتخفيف فأولى النافلة، وفي مسلم عن حفص بن عاصم صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلسنا معه فحانت منه التفاتة فرأى ناسًا قيامًا فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون.
قال: لو كنت مسبحًا لأتممت صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان كذلك أي فلم يزد كل على ركعتين ركعتين، ثم قرأ { { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } }

وأخرج البخاري منه المرفوع فقط.
وجاءت آثار عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان ربما تنفل في السفر.
قال البراء: سافرت مع رسول الله ثمان عشرة سفرة فما رأيته يترك الركعتين قبل الظهر رواه أبو داود والترمذي والمشهور عن جميع السلف جوازه، وبه قال الأئمة الأربعة.

قال النووي: وأجابوا عن قول ابن عمر هذا بأن الفريضة محتمة فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فإلى خيرة المصلي فالرفق به أن تكون مشروعة ويخير فيها انتهى.

وتعقب بأن مراد ابن عمر بقوله: لو كنت مسبحًا لأتممت أنه لو كان مخيرًا بين الإتمام وصلاة الراتبة لكان الإتمام أحب إليه، لكنه فهم من القصر التخفيف، فلذا كان لا يصلي الراتبة ولا يتم ( إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ) به إلى مقصده للقبلة أو غيرها فصوب الطريق بدل من القبلة.
قال الباجي: لا خلاف بين الأمة في جواز التنفل للمسافر بالليل.
قال عامر بن ربيعة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت رواه الشيخان.

( مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ) بن الصديق ( وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ) بن العوام ( وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي والثلاثة من الفقهاء ( كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِي السَّفَرِ) ظاهره ليلاً ونهارًا ( قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مالكُ عَنِ النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أي التنفل بالليل والنهار.

( مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنِي) زاد ابن وضاح عن نافع ( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَرَى ابْنَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ) بضم العين ( بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) شقيق سالم ثقة ثبت فقيه ( يَتَنَفَّلُ فِي السَّفَرِ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ) قال الباجي: يحتمل أن يراه يتنفل بالليل فلا ينكره لأنه مذهبه، ويحتمل بالنهار فلا ينكره لكثرة من خالفه فيه وهذا أشبه.

( مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو) بفتح العين ( بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ) الأنصاري مدني ثقة ( عَنْ أَبِي الْحُبَابِ) بضم المهملة وموحدتين ( سَعِيدِ) بفتح السين ( بْنِ يَسَارٍ) المدني ثقة متقن مات سنة سبع عشرة ومائة وقيل قبلها بسنة ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ) لم يتابع عليه عمرو بن يحيى وإنما يقولون على راحلته قاله النسائي أي في حديث ابن عمر فالمعروف المحفوظ فيه على راحلته وبين الصلاة على الدابة والصلاة على الراحلة فرق في التمكن لا يجهل وأما غير ابن عمر فروى جابر كان صلى الله عليه وسلم يصلي أينما كان وجهه على الدابة.
وقال الحسن: كان الصحابة يصلون في أسفارهم على دوابهم أينما كانت وجوههم قاله في التمهيد، لكن لرواية عمرو شاهد عن يحيى بن سعيد عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر رواه السراج بإسناد حسن.

( وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ) بمعجمة أوّله وراء آخره زاد الحنيني عن مالك خارج الموطأ ويومئ إيماء أي للركوع والسجود أخفض منه تمييزًا بينهما، وليكون البدل على وفق الأصل.

وهذا الحديث أخرجه مسلم عن يحيى عن مالك به.

( مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ) ناقته التي تصلح لأن ترتحل ( فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ) مفهومه أنه يجلس عليها على هيئته التي يركبها عليها ويستقبل بوجهه ما استقبلته الراحلة فتقديره إلى حيث توجهت فقوله توجهت متعلق بيصلي ويحتمل تعلقه بقوله على راحلته لكن يؤيد الأوّل رواية للبخاري بلفظ: وهو على الراحلة يسبح قبل أي وجه توجهت قاله ابن التين، وزاد في رواية للبخاري يومئ برأسه.

( قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) عقب المرفوع بالموقوف مع أن الحجة قائمة بالمرفوع لبيان أن العمل استمر على ذلك ولم يتطرق إليه نسخ ولا معارض راجح، وقد جمع ابن بطال بين هذا وبين ما سبق أن ابن عمر كان لا يصلي الرواتب ويقول: كان صلى الله عليه وسلم لا يزيد في السفر على ركعتين بأن ابن عمر كان يمنع التنفل على الأرض ويقول به على الدابة.
وقال النووي تبعًا لغيره: لعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر أو لعله تركها في بعض الأوقات لبيان الجواز.

وهذا الحديث رواه مسلم عن يحيى عن مالك به، وتابعه عبد العزيز بن مسلم عن ابن دينار عند البخاري، وأخرجه أيضًا من رواية جويرية بن أسماء عن نافع ومن رواية ابن شهاب عن سالم الثلاثة عن ابن عمر نحوه.

( مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاري ( قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي السَّفَرِ وَهُوَ يُصَلِّي) التطوّع ( عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إِيمَاءً) لكل منهما والسجود أخفض ( مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ وَجْهَهُ عَلَى شَيْءٍ) بردعة أو غيرها.
زاد البخاري ومسلم عن ابن سيرين عن أنس أنه قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله.

قال المهلب: هذه الأحاديث تخص قوله تعالى: { { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } } وتبين أن قوله تعالى: { { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } } في النافلة.
وقد أخذ بمضمونها فقهاء الأمصار إلا أن أحمد وأبا ثور استحبا أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة لما رواه أبو داود وأحمد والدارقطني عن أنس: كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يتطوّع في السفر استقبل بناقته القبلة ثم صلى حيث توجهت ركابه، واختلف في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة فأجازه الجمهور في كل سفر، وخصه مالك في المشهور عنه بسفر القصر، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عنه أنه سافر سفرًا قصيرًا فصنع ذلك، والله أعلم.