فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ زَكَاةِ الْحُبُوبِ وَالزَّيْتُونِ

رقم الحديث 618 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الزَّيْتُونِ؟ فَقَالَ: فِيهِ الْعُشْرُ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّيْتُونِ الْعُشْرُ، بَعْدَ أَنْ يُعْصَرَ وَيَبْلُغَ زَيْتُونُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ.
فَمَا لَمْ يَبْلُغْ زَيْتُونُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ.
وَالزَّيْتُونُ بِمَنْزِلَةِ النَّخِيلِ.
مَا كَانَ مِنْهُ سَقَتْهُ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ بَعْلًا، فَفِيهِ الْعُشْرُ.
وَمَا كَانَ يُسْقَى بِالنَّضْحِ، فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَلَا يُخْرَصُ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْتُونِ فِي شَجَرِهِ.
وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي الْحُبُوبِ الَّتِي يَدَّخِرُهَا النَّاسُ وَيَأْكُلُونَهَا، أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِمَّا سَقَتْهُ السَّمَاءُ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا سَقَتْهُ الْعُيُونُ، وَمَا كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ.
وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ.
إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِال صَّاعِ الْأَوَّلِ صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمَا زَادَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ بِحِسَابِ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَالْحُبُوبُ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ: الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالذُّرَةُ وَالدُّخْنُ وَالْأُرْزُ وَالْعَدَسُ وَالْجُلْبَانُ وَاللُّوبِيَا وَالْجُلْجُلَانُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ الَّتِي تَصِيرُ طَعَامًا.
فَالزَّكَاةُ تُؤْخَذُ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تُحْصَدَ وَتَصِيرَ حَبًّا.
قَالَ: وَالنَّاسُ مُصَدَّقُونَ فِي ذَلِكَ وَيُقْبَلُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَا دَفَعُوا وَسُئِلَ مَالِكٌ: مَتَى يُخْرَجُ مِنَ الزَّيْتُونِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ، أَقَبْلَ النَّفَقَةِ أَمْ بَعْدَهَا؟ فَقَالَ: لَا يُنْظَرُ إِلَى النَّفَقَةِ وَلَكِنْ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُهُ، كَمَا يُسْأَلُ أَهْلُ الطَّعَامِ عَنِ الطَّعَامِ.
وَيُصَدَّقُونَ بِمَا قَالُوا، فَمَنْ رُفِعَ مِنْ زَيْتُونِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا، أُخِذَ مِنْ زَيْتِهِ الْعُشْرُ بَعْدَ أَنْ يُعْصَرَ، وَمَنْ لَمْ يُرْفَعْ مِنْ زَيْتُونِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فِي زَيْتِهِ الزَّكَاةُ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ بَاعَ زَرْعَهُ، وَقَدْ صَلَحَ وَيَبِسَ فِي أَكْمَامِهِ، فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ.
وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي اشْتَرَاهُ زَكَاةٌ.
وَلَا يَصْلُحُ بَيْعُ الزَّرْعِ، حَتَّى يَيْبَسَ فِي أكْمَامِهِ وَيَسْتَغْنِيَ عَنِ الْمَاءِ قَالَ مَالِكٌ: فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } } أَنَّ ذَلِكَ، الزَّكَاةُ.
وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ بَاعَ أَصْلَ حَائِطِهِ أَوْ أَرْضَهُ، وَفِي ذَلِكَ زَرْعٌ أَوْ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، فَزَكَاةُ ذَلِكَ عَلَى الْمُبْتَاعِ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ، فَزَكَاةُ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ.
إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُبْتَاعِ.


(زكاة الحبوب والزيتون)

(مالك أنه سأل ابن شهاب عن الزيتون فقال: فيه العشر) لأنه يوسق فدخل في الحديث وبه قال جماعة الفقهاء وأبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه والثاني كابن وهب وأبي ثور وأبي يوسف ومحمد لا زكاة فيه لأنه أدام لا قوت.

(قال مالك: وإنما يؤخذ من الزيتون العشر بعد أن يعصر ويبلغ زيتونه خمسة أوسق) فيؤخذ عشر أو نصف عشر زيته ولو قل كرطل (فما لم يبلغ زيتونه خمسة أوسق فلا زكاة فيه) عملاً بالحديث فإن بلغها وكان لا زيت فيه أخذ من ثمنه لا من حبه قاله في المدونة وغيرها (والزيتون بمنزلة النخيل ما كان منه سقته السماء) المطر (والعيون أو كان بعلاً ففيه العشر وما كان يسقى بالنضح) الرش والصب بما يستخرج من الآبار والأنهار بآلة (ففيه نصف العشر) وهذا بيان ما أجمله ابن شهاب بقوله فيه العشر (ولا يخرص شيء من الزيتون في شجره) لأنه لم يرد التخريص إلا في النخل والعنب (والسنة عندنا في الحبوب التي يدخرها الناس ويأكلونها أنه يؤخذ مما سقته السماء من ذلك وما سقته العيون وما كان بعلاً العشر وما سقي بالنضح) الآلة (نصف العشر) وشرط ذلك فيهما (إذا بلغ ذلك خمسة أوسق) وذلك ستون صاعًا (بالصاع الأول صاع النبي صلى الله عليه وسلم) بالجر بدل مما قبله أو عطف بيان (وما زاد على خمسة أوسق ففيه الزكاة بحساب ذلك) ولو قل فلا وقص في الحبوب (قال مالك والحبوب التي فيها الزكاة الحنطة) القمح (والشعير) بفتح الشين وتكسر (والسلت) ضرب من الشعير لا قشر له يكون في الغور والحجاز قاله الجوهري وقال ابن فارس ضرب منه رقيق القشر صغار الحب وقال الأزهري حب بين الحنطة والشعير ولا قشر له كقشر الشعير فهو كالحنطة في ملاسته وكالشعير في طبعه وبرودته (والذرة) بذال معجمة حب معروف (والدخن) بمهملة فمعجمة حب معروف واحدته دخنة (والأرز) بزنة قفل وفي لغة بضم الراء للاتباع وأخرى بضم الهمزة والراء وشد الزاي والرابعة فتح الهمزة مع التشديد والخامسة رز بلا همزة وزان قفل (والعدس) بفتحتين (والجلبان) بضم الجيم وإسكان اللام وحكي فتحها مشددة حب من القطاني (واللوبيا) نبات معروف مذكر يمد ويقصر (والجلجلان) بجيمين مضمومتين بعد كل جيم لام السمسم في قشره قبل أن يحصد قال الباجي فذكر عشرة وزاد في مختصر ابن عبد الحكم الترمس والفول والحمص والبسيلة وزاد جماعة من أصحابه العلس وذلك داخل في قوله (وما أشبه ذلك من الحبوب التي تصير طعامًا) فلا زكاة في الكرسنة على الأظهر لأنها علف لا طعام خلافًا لرواية أشهب في العتبية فيها الزكاة وأنها قطنية وقال ابن حبيب صنف على حدة (فالزكاة تؤخذ منها بعد أن تحصد وتصير حبًا قال والناس مصدقون في ذلك) مؤتمنون عليه في مبلغ كيله وفيما خرج من زيته (ويقبل منهم في ذلك ما دفعوا) بالدال أي الذي دفعوه (وسئل مالك متى يخرج من الزيتون العشر) أو نصفه (أقبل النفقة أم بعدها فقال لا ينظر إلى النفقة ولكن يسأل عنه أهله كما يسأل أهل الطعام) كالحنطة والشعير (عن الطعام ويصدقون بما قالوا) أي فيه (فمن رفع من زيتونه خمسة أوسق فصاعدا أخذ من زيته العشر) أو نصفه (بعد أن يعصر ومن لم يرفع من زيتونه خمسة أوسق لم تجب عليه في زيته الزكاة) لنقص النصاب (قال مالك ومن باع زرعه وقد صلح ويبس في أكمامه فعليه زكاته وليس على الذي اشتراه زكاة) لأن وجوبها بطيب الثمرة فإذا باعها وقد وجبت زكاتها فقد باع حصته وحصة المساكين فيحمل على أنه ضمن ذلك لهم (ولا يصلح بيع الزرع حتى ييبس في أكمامه) جمع كم بكسر الكاف وعاء الطلع وغطاء النور (ويستغنى عن الماء) حتى لو سقي لم ينفعه فيجوز بيعه في سنبلة قائمًا عند أكثر العلماء لحديث نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد وقال الشافعي لا يجوز بيعه حتى يدرس ويصفى لأنه من الغرر (قال مالك في قول الله تعالى { { وآتوا حقه يوم حصاده } } بالفتح والكسر (إن ذلك الزكاة) من العشر أو نصفه (وقد سمعت من يقول ذلك) وقاله ابن عباس وجماعة وقال ابن عمر وطائفة هو ما يعطى للمساكين عند الحصاد من غير الزكاة وقال النخعي والسدي إنها منسوخة بالزكاة (قال مالك ومن باع أصل حائطه) بستانه (أو أرضه وفي ذلك زرع أو ثمر لم يبد صلاحه فزكاة ذلك على المبتاع) المشتري (وإن كان قد طاب وحل بيعه فزكاة ذلك على البائع إلا أن يشترطها على المبتاع) المشتري وقال مالك في الموطأ في غير رواية يحيى فيمن هلك وخلف زرعًا فورثه ورثته إن كان الزرع قد يبس فالزكاة عليه إن كان فيه خمسة أوسق وإن كان الزرع يوم مات أخضر فإن الزكاة عليهم إن كان في حصة كل إنسان منهم خمسة أوسق وإلا فلا شيء عليهم.