فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَالطِّيَرَةِ

رقم الحديث 1725 حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا عَادَ الرَّجُلُ الْمَرِيضَ، خَاضَ الرَّحْمَةَ حَتَّى إِذَا قَعَدَ عِنْدَهُ قَرَّتْ فِيهِ أَوْ نَحْوَ هَذَا.


( مالك أنه بلغه) أخرجه قاسم بن أصبغ والإمام أحمد برجال الصحيح ( عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا عاد الرجل المريض خاض الرحمة) شبه الرحمة بالماء إما في الطهارة وإما في الشيوع والشمول ونسب إليها ما هو منسوب إلى المشبه به من الخوض ( حتى إذا قعد عنده قرت) أي ثبتت ( فيه أو نحو هذا) شك ولفظ رواية أحمد عن جابر قال صلى الله عليه وسلم من عاد مريضًا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس فإذا جلس اغتمس فيها وله أيضًا من حديث أبي أمامة عائد المريض يخوض الرحمة فإذا جلس عنده غمرته الرحمة ومن تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على وجهه أو على يده فيسأله كيف هو وتمام تحيتكم بينكم المصافحة ( مالك أنه بلغه عن بكير) بضم الموحدة ( ابن عبد الله بن الأشج) بالجيم المخزومي مولاهم المدني نزيل مصر من الثقات مات سنة عشرين ومائة وقيل بعدها ( عن ابن عطية) كذا رواه يحيى وتابعه قوم وقال القعنبي عن ابن عطية الأشجعي عن أبي هريرة وتابعه جماعة منهم عبد الله بن يوسف وأبو مصعب ويحيى بن بكير إلا أنه قال عن أبي عطية أي بأداة الكنية وابن عطية اسمه عبد الله بن عطية ويكنى أبا عطية قيل هو مجهول لكن الحديث محفوظ من وجوه عن أبي هريرة قاله ابن عبد البر وقد وافق ابن بكير في ذكره بأداة الكنية بشر بن عمر الزهراني عن مالك لكنه خالفه في صحابيه فقال عن أبي برزة أخرجه الدارقطني في اختلاف الموطآت لكنه وهم من أبي هاشم الرفاعي راويه عن أبي بشر وإنما هو عن أبي هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى) أي لا يعدي شيء شيئًا أي لا يسري ولا يتجاوز شيء من المرض إلى غير من هو به يقال أعدى فلان فلانًا من علة به وذلك على ما يذهب إليه المتطببة في الجذام والبرص والجدري والحصباء والسحر والرمد والأمراض الوبائية والأكثر أن المراد نفي ذلك وإبطاله كما دل عليه ظاهر الحديث ( ولا هام) وفي لفظ ولا هامة بخفة الميم على الصحيح اسم طائر من طير الليل كانوا يتشاءمون به فيصدهم عن مقاصدهم وقيل هو البومة كانوا يتشاءمون بها فيزعمون أنه إذا وقعت هامة على بيت خرج منه ميت أي لا يتطير به وقيل المراد نفي زعمهم أنه إذا قتل قتيل خرج من رأسه طائر فلا يزال يقول اسقوني حتى يقتل قاتله فيطير وقيل كانوا يزعمون أن عظام الميت تصير هامة وقيل إن روحه تنقلب هامة فتطير ويسمونها الصدى قال النووي وهذا تفسير أكثر العلماء وهو المشهور قال ويجوز أن المراد النوعان وأنهما جميعًا باطلان ( ولا صفر) الشهر المعروف فإن العرب كانت تحرمه وتستحل المحرم وهو النسيء فجاء الإسلام برد ذلك وهذا التفسير يروى عن مالك وقيل كانت تزعم أن صفر حية تكون في البطن تهيج عند الجوع للناس والماشية وربما قتلت صاحبها وأنها تعدي أقوى من الجرب فالحديث لنفي ذلك أو لنفي العدوى به قولان وأيد هذا التفسير بما في مسلم أن جابر بن عبد الله فسر الصفر فقال كان يقال حيات البطن وقال البيضاوي هو نفي لما يتوهم أن شهر صفر تكثر فيه الدواهي ( ولا يحل) بفتح الياء وضم الحاء وفي رواية الشيخين عن أبي هريرة لا يورد ( الممرض) بكسر الراء وفتحها من الإبل ( على المصح) بكسر الصاد منها فربما يصاب بذلك فيقول الذي أورده لو أني ما أحللته لم يصبه من هذا شيء والواقع أنه لو لم يحله لأصابه لأن الله قدره فنهى عنه لهذه العلة التي لا يؤمن غالبًا من وقوعها في طبع الإنسان وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم فر من المجذوم فرارك من الأسد وإن كنا نعتقد أن الجذام لا يعدي لكنا نجد في أنفسنا نفرة وكراهية لمخالطته وفي البخاري ومسلم واللفظ له عن أبي هريرة حين قال صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا صفر ولا هامة فقال أعرابي يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها كلها قال فمن أعدى الأول ولأحمد من حديث ابن مسعود فما أجرب الأول إن الله خلق كل نفس وكتب حالها ومصابها ورزقها الحديث فأخبر صلى الله عليه وسلم أن ذلك كله بقضاء الله وقدره كما دل عليه قوله تعالى { { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم } } وأما النهي عن إيراد الممرض فمن باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى وجعلها أسبابًا للهلاك أو الأذى والعبد مأمور باتقاء أسباب البلاء إذا كان في عافية منها وفي حديث مرسل عند أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم مر بحائط مائل فقال أخاف موت الفوات وإلى ذلك الإشارة بقوله ( وليحلل المصح حيث شاء) فله نزول محلة المريض إن صبر على ذلك واحتملته نفسه ( قالوا يا رسول الله وما ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه أذى) أي يتأذى به لا أنه يعدي قال عيسى بن دينار ومعناه النهي أن يأتي الرجل بإبله أو غنمه الجربة فيحل بها على ماشية صحيحة وقال يحيى بن يحيى سمعت أن تفسيره في رجل يكون به الجذام فلا ينبغي له أن ينزل على الصحيح يؤذيه لأنه وإن كان لا يعدي فالأنفس تكرهه وقد قال صلى الله عليه وسلم إنه أذى يعني لا للعدوى وأما الصحيح فله أن ينزل محلة المريض إن صبر على ذلك واحتملته نفسه.


رقم الحديث 1726 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الأَشْجَعِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا عَدْوَى، وَلَا هَامَ، وَلَا صَفَرَ، وَلَا يَحُلَّ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ، وَلْيَحْلُلِ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ أَذًى.


( مالك أنه بلغه) أخرجه قاسم بن أصبغ والإمام أحمد برجال الصحيح ( عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا عاد الرجل المريض خاض الرحمة) شبه الرحمة بالماء إما في الطهارة وإما في الشيوع والشمول ونسب إليها ما هو منسوب إلى المشبه به من الخوض ( حتى إذا قعد عنده قرت) أي ثبتت ( فيه أو نحو هذا) شك ولفظ رواية أحمد عن جابر قال صلى الله عليه وسلم من عاد مريضًا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس فإذا جلس اغتمس فيها وله أيضًا من حديث أبي أمامة عائد المريض يخوض الرحمة فإذا جلس عنده غمرته الرحمة ومن تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على وجهه أو على يده فيسأله كيف هو وتمام تحيتكم بينكم المصافحة ( مالك أنه بلغه عن بكير) بضم الموحدة ( ابن عبد الله بن الأشج) بالجيم المخزومي مولاهم المدني نزيل مصر من الثقات مات سنة عشرين ومائة وقيل بعدها ( عن ابن عطية) كذا رواه يحيى وتابعه قوم وقال القعنبي عن ابن عطية الأشجعي عن أبي هريرة وتابعه جماعة منهم عبد الله بن يوسف وأبو مصعب ويحيى بن بكير إلا أنه قال عن أبي عطية أي بأداة الكنية وابن عطية اسمه عبد الله بن عطية ويكنى أبا عطية قيل هو مجهول لكن الحديث محفوظ من وجوه عن أبي هريرة قاله ابن عبد البر وقد وافق ابن بكير في ذكره بأداة الكنية بشر بن عمر الزهراني عن مالك لكنه خالفه في صحابيه فقال عن أبي برزة أخرجه الدارقطني في اختلاف الموطآت لكنه وهم من أبي هاشم الرفاعي راويه عن أبي بشر وإنما هو عن أبي هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى) أي لا يعدي شيء شيئًا أي لا يسري ولا يتجاوز شيء من المرض إلى غير من هو به يقال أعدى فلان فلانًا من علة به وذلك على ما يذهب إليه المتطببة في الجذام والبرص والجدري والحصباء والسحر والرمد والأمراض الوبائية والأكثر أن المراد نفي ذلك وإبطاله كما دل عليه ظاهر الحديث ( ولا هام) وفي لفظ ولا هامة بخفة الميم على الصحيح اسم طائر من طير الليل كانوا يتشاءمون به فيصدهم عن مقاصدهم وقيل هو البومة كانوا يتشاءمون بها فيزعمون أنه إذا وقعت هامة على بيت خرج منه ميت أي لا يتطير به وقيل المراد نفي زعمهم أنه إذا قتل قتيل خرج من رأسه طائر فلا يزال يقول اسقوني حتى يقتل قاتله فيطير وقيل كانوا يزعمون أن عظام الميت تصير هامة وقيل إن روحه تنقلب هامة فتطير ويسمونها الصدى قال النووي وهذا تفسير أكثر العلماء وهو المشهور قال ويجوز أن المراد النوعان وأنهما جميعًا باطلان ( ولا صفر) الشهر المعروف فإن العرب كانت تحرمه وتستحل المحرم وهو النسيء فجاء الإسلام برد ذلك وهذا التفسير يروى عن مالك وقيل كانت تزعم أن صفر حية تكون في البطن تهيج عند الجوع للناس والماشية وربما قتلت صاحبها وأنها تعدي أقوى من الجرب فالحديث لنفي ذلك أو لنفي العدوى به قولان وأيد هذا التفسير بما في مسلم أن جابر بن عبد الله فسر الصفر فقال كان يقال حيات البطن وقال البيضاوي هو نفي لما يتوهم أن شهر صفر تكثر فيه الدواهي ( ولا يحل) بفتح الياء وضم الحاء وفي رواية الشيخين عن أبي هريرة لا يورد ( الممرض) بكسر الراء وفتحها من الإبل ( على المصح) بكسر الصاد منها فربما يصاب بذلك فيقول الذي أورده لو أني ما أحللته لم يصبه من هذا شيء والواقع أنه لو لم يحله لأصابه لأن الله قدره فنهى عنه لهذه العلة التي لا يؤمن غالبًا من وقوعها في طبع الإنسان وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم فر من المجذوم فرارك من الأسد وإن كنا نعتقد أن الجذام لا يعدي لكنا نجد في أنفسنا نفرة وكراهية لمخالطته وفي البخاري ومسلم واللفظ له عن أبي هريرة حين قال صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا صفر ولا هامة فقال أعرابي يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها كلها قال فمن أعدى الأول ولأحمد من حديث ابن مسعود فما أجرب الأول إن الله خلق كل نفس وكتب حالها ومصابها ورزقها الحديث فأخبر صلى الله عليه وسلم أن ذلك كله بقضاء الله وقدره كما دل عليه قوله تعالى { { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم } } وأما النهي عن إيراد الممرض فمن باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى وجعلها أسبابًا للهلاك أو الأذى والعبد مأمور باتقاء أسباب البلاء إذا كان في عافية منها وفي حديث مرسل عند أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم مر بحائط مائل فقال أخاف موت الفوات وإلى ذلك الإشارة بقوله ( وليحلل المصح حيث شاء) فله نزول محلة المريض إن صبر على ذلك واحتملته نفسه ( قالوا يا رسول الله وما ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه أذى) أي يتأذى به لا أنه يعدي قال عيسى بن دينار ومعناه النهي أن يأتي الرجل بإبله أو غنمه الجربة فيحل بها على ماشية صحيحة وقال يحيى بن يحيى سمعت أن تفسيره في رجل يكون به الجذام فلا ينبغي له أن ينزل على الصحيح يؤذيه لأنه وإن كان لا يعدي فالأنفس تكرهه وقد قال صلى الله عليه وسلم إنه أذى يعني لا للعدوى وأما الصحيح فله أن ينزل محلة المريض إن صبر على ذلك واحتملته نفسه.