فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ إِهْلَالِ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ بِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ

رقم الحديث 760 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ يَأْتُونَ شُعْثًا وَأَنْتُمْ مُدَّهِنُونَ أَهِلُّوا إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ.


( إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم)

( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثًا) مغبرين متلبدين لعدم التعاهد بالدهن ونحوه لأجل إحرامهم ( وأنتم مدهنون) عبارة عن عدم إحرامهم كأنه قيل إذا كان بعيد الدار أشعث لأجل القدوم على الدار فأولى أهلها كما قال ( أهلوا إذا رأيتم الهلال) أي هلال ذي الحجة وهذا مما لا يوافق عليه عمر ابنه عبد الله فكان يهل يوم التروية واحتج بأنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته وبكل من القولين قال جماعة من السلف والأئمة وهما روايتان عن مالك والخلاف في الأفضل إذ يجوز كل بإجماع كما مر ( مالك عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير) بن العوام ( أقام بمكة تسع سنين وهو) خليفة ( يهل بالحج لهلال ذي الحجة) ليحصل له من الشعث ما يساوي من أحرم من الميقات ( و) شقيقه ( عروة بن الزبير معه يفعل ذلك) وبه قال أكثر الصحابة والعلماء ( قال مالك وإنما يهل أهل مكة وغيرهم بالحج إذا كانوا بها) فإذا كانوا بغيرها وأرادوا الحج أحرموا من الميقات الذي يمرون به إن كان وإلا فمن المحل الذين هم فيه ( و) إنما يهل ( من كان مقيمًا بمكة من غير أهلها من جوف مكة) متعلق بيهل أي من أي مكان منها وندب المسجد ( لا يخرج من الحرم) للحل لأنه سيخرج له للوقوف بعرفة فقد جمع بين الحل والحرم في إحرامه ( ومن أهل من مكة بالحج فليؤخر الطواف بالبيت) أي طواف الحج الفرض وهو طواف الإفاضة ( والسعي بين الصفا والمروة) ليوقعه عقب الطواف ( حتى يرجع من منى) يوم النحر ( وكذلك صنع عبد الله بن عمر وسئل مالك عمن أهل بالحج من أهل المدينة أو غيرهم) من المقيمين بمكة ( من مكة لهلال ذي الحجة كيف يصنع بالطواف قال أما الطواف الواجب) وهو طواف الإفاضة ( فليؤخره وهو الذي يصل بينه وبين السعي بين الصفا والمروة) أي يأتي به عقبه بلا فصل ( وليطف ما بدا له) من الطواف النفل ( وليصل ركعتين كلما طاف سبعًا) بضم السين ( وقد فعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أهلوا بالحج) من مكة ( فأخروا الطواف) الواجب ( بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى رجعوا من منى) بيان لما أفاده اسم الإشارة ( وفعل ذلك عبد الله بن عمر فكان يهل لهلال ذي الحجة بالحج من مكة) لا يعارضه ما مر عنه مسندًا أنه كان يهل يوم التروية أي ثامن الحجة واحتج له بالقياس على الفعل النبوي لحمله على أنه كان يفعل الأمرين جمعًا بينهما والصحيح أن كان لا تفيد الاستمرار وفي الفتح أن ابن عمر كان يرى التوسعة في ذلك انتهى وروى عبد الرزاق عن نافع أهل ابن عمر مرة بالحج حين رأى الهلال ومرة أخرى بعد الهلال من جوف الكعبة ومرة أخرى حين راح إلى منى وروى أيضًا عن مجاهد قلت لابن عمر أهللت فينا إهلالاً مختلفًا قال أما أول عام فأخذت مأخذ أهل بلدي ثم نظرت فإذا أنا أدخل على أهلي حرامًا وأخرج حرامًا وليس كذلك كنا نفعل قلت فبأي شيء تأخذ قال نحرم يوم التروية ( ويؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى) فيطوف ويسعى ( وسئل مالك عن رجل من أهل مكة هل يهل من جوف مكة بعمرة قال بل يخرج إلى الحل فيحرم منه) لأن شرط الإحرام الجمع بين الحل والحرام ولأن العمرة زيارة البيت وإنما يزار الحرم من خارج الحرم كما يزار الزور في بيته من غير بيته قاله أبو عمر.



رقم الحديث 761 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَقَامَ بِمَكَّةَ تِسْعَ سِنِينَ، وَهُوَ يُهِلُّ بِالْحَجِّ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يُهِلُّ أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ بِالْحَجِّ إِذَا كَانُوا بِهَا، وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أَهَلَّ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ، فَلْيُؤَخِّرِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى وَكَذَلِكَ صَنَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ مَكَّةَ، لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ، كَيْفَ يَصْنَعُ بِالطَّوَافِ؟ قَالَ: أَمَّا الطَّوَافُ الْوَاجِبُ فَلْيُؤَخِّرْهُ، وَهُوَ الَّذِي يَصِلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
وَلْيَطُفْ مَا بَدَا لَهُ.
وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ كُلَّمَا طَافَ سُبْعًا.
وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ.
فَأَخَّرُوا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى رَجَعُوا مِنْ مِنًى.
وَفَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَانَ يُهِلُّ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَيُؤَخِّرُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.
هَلْ يُهِلُّ مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ؟ قَالَ: بَلْ يَخْرُجُ إِلَى الْحِلِّ فَيُحْرِمُ مِنْهُ.


( إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم)

( مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثًا) مغبرين متلبدين لعدم التعاهد بالدهن ونحوه لأجل إحرامهم ( وأنتم مدهنون) عبارة عن عدم إحرامهم كأنه قيل إذا كان بعيد الدار أشعث لأجل القدوم على الدار فأولى أهلها كما قال ( أهلوا إذا رأيتم الهلال) أي هلال ذي الحجة وهذا مما لا يوافق عليه عمر ابنه عبد الله فكان يهل يوم التروية واحتج بأنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته وبكل من القولين قال جماعة من السلف والأئمة وهما روايتان عن مالك والخلاف في الأفضل إذ يجوز كل بإجماع كما مر ( مالك عن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير) بن العوام ( أقام بمكة تسع سنين وهو) خليفة ( يهل بالحج لهلال ذي الحجة) ليحصل له من الشعث ما يساوي من أحرم من الميقات ( و) شقيقه ( عروة بن الزبير معه يفعل ذلك) وبه قال أكثر الصحابة والعلماء ( قال مالك وإنما يهل أهل مكة وغيرهم بالحج إذا كانوا بها) فإذا كانوا بغيرها وأرادوا الحج أحرموا من الميقات الذي يمرون به إن كان وإلا فمن المحل الذين هم فيه ( و) إنما يهل ( من كان مقيمًا بمكة من غير أهلها من جوف مكة) متعلق بيهل أي من أي مكان منها وندب المسجد ( لا يخرج من الحرم) للحل لأنه سيخرج له للوقوف بعرفة فقد جمع بين الحل والحرم في إحرامه ( ومن أهل من مكة بالحج فليؤخر الطواف بالبيت) أي طواف الحج الفرض وهو طواف الإفاضة ( والسعي بين الصفا والمروة) ليوقعه عقب الطواف ( حتى يرجع من منى) يوم النحر ( وكذلك صنع عبد الله بن عمر وسئل مالك عمن أهل بالحج من أهل المدينة أو غيرهم) من المقيمين بمكة ( من مكة لهلال ذي الحجة كيف يصنع بالطواف قال أما الطواف الواجب) وهو طواف الإفاضة ( فليؤخره وهو الذي يصل بينه وبين السعي بين الصفا والمروة) أي يأتي به عقبه بلا فصل ( وليطف ما بدا له) من الطواف النفل ( وليصل ركعتين كلما طاف سبعًا) بضم السين ( وقد فعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أهلوا بالحج) من مكة ( فأخروا الطواف) الواجب ( بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى رجعوا من منى) بيان لما أفاده اسم الإشارة ( وفعل ذلك عبد الله بن عمر فكان يهل لهلال ذي الحجة بالحج من مكة) لا يعارضه ما مر عنه مسندًا أنه كان يهل يوم التروية أي ثامن الحجة واحتج له بالقياس على الفعل النبوي لحمله على أنه كان يفعل الأمرين جمعًا بينهما والصحيح أن كان لا تفيد الاستمرار وفي الفتح أن ابن عمر كان يرى التوسعة في ذلك انتهى وروى عبد الرزاق عن نافع أهل ابن عمر مرة بالحج حين رأى الهلال ومرة أخرى بعد الهلال من جوف الكعبة ومرة أخرى حين راح إلى منى وروى أيضًا عن مجاهد قلت لابن عمر أهللت فينا إهلالاً مختلفًا قال أما أول عام فأخذت مأخذ أهل بلدي ثم نظرت فإذا أنا أدخل على أهلي حرامًا وأخرج حرامًا وليس كذلك كنا نفعل قلت فبأي شيء تأخذ قال نحرم يوم التروية ( ويؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى) فيطوف ويسعى ( وسئل مالك عن رجل من أهل مكة هل يهل من جوف مكة بعمرة قال بل يخرج إلى الحل فيحرم منه) لأن شرط الإحرام الجمع بين الحل والحرام ولأن العمرة زيارة البيت وإنما يزار الحرم من خارج الحرم كما يزار الزور في بيته من غير بيته قاله أبو عمر.