فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُلْعِ

رقم الحديث 1191 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِي الْغَلَسِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: لَا أَنَا وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ لِزَوْجِهَا، فَلَمَّا جَاءَ زَوْجُهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ قَدْ ذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ، فَقَالَتْ حَبِيبَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ خُذْ مِنْهَا، فَأَخَذَ مِنْهَا، وَجَلَسَتْ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا.


( مالك عن يحيى بن سعيد) بن قيس بن عمرو الأنصاري ( عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ( أنها أخبرته عن حبيبة) بفتح المهملة وموحدتين بينهما تحتية ساكنة ( بنت سهل) بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة ( الأنصاري) النجاري صحابية ( أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس) بفتح الشين المعجمة والميم المشددة فألف مهملة، الأنصاري الخزرجي خطيب الأنصار من كبار الصحابة بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، واستشهد باليمامة ونفذ خالد بن الوليد وصيته بعد موته بمنام رآه بعضهم ( وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى) صلاة ( الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس) بفتح المعجمة واللام، بقية الظلام ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذه؟ فقالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله قال: ما شأنك؟) أمرك وحالك ( قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها) وفي رواية الديلمي وابن سعد أن ثابتًا كان في خلقه شدة فضربها ( فلما جاء زوجها ثابت بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر) في شكواها منك ولم يفصح له به دفعًا لنفرته.

وفي رواية عن ابن عباس أول خلع كان في الإسلام امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبدًا إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سوادًا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهًا.
فقال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم وإن شاء زدته.
( فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي) وفي حديث عمر عند البزار وكان تزوجها على حديقة نخل ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: خذ منها) أمر إرشاد وإصلاح لا أمر إيجاب زاد في رواية ابن سعد فردت عليه حديقته ( فأخذ منها) زاد في رواية وطلقها تطليقة ( وجلست في بيت أهلها) زاد في رواية ابن سعد فكان ذلك أول خلع في الإسلام قال وتزوجها بعد ثابت أبي بن كعب.

وهذا الحديث أخرجه أصحاب السنن الثلاثة وابن خزيمة وابن حبان وصححه من طريق مالك به، وتابعه يزيد بن هارون عند الدارمي وابن سعد والدراوردي عند ابن أبي عاصم وحماد بن زيد عند ابن سعد ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد بنحوه.
وفي البخاري عن ابن عباس تسمية امرأة ثابت جميلة أخت عبد الله بن أبي، وكذا عند النسائي بلفظ جميلة بنت أبي ابن سلول.
وفي ابن ماجه والبيهقي عن ابن عباس أنها جميلة بنت سلول واختلف في سلول هل هي أم أبي أو امرأته؟ وجمع بالحمل على التعدد وأنهما قصتان لشهرة الخبرين وصحة الطريقتين واختلاف السياقين.
وفي البزار عن عمر أول مختلعة في الإسلام حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس ومقتضاه أن ثابتًا تزوج حبيبة قبل جميلة.
وللنسائي والطبراني عن الربيع بنت معوذ أن ثابت بن قيس ضرب امرأته فكسر يدها وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي فأتى أخوها يشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وللدارقطني والبيهقي بسند قوي عن أبي الزبير أن ثابت بن قيس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن أبي ابن سلول فيحتمل أنه كان عنده زينب وأختها أو عمتها جميلة واحدة بعد أخرى أو أن اسمها زينب ولقبها جميلة فإن لم يعمل بهذا الاحتمال فالموصول المعتضد بقول أهل النسب أن اسمها جميلة أصح، وبه جزم الدمياطي وقال: إنها شقيقة عبد الله بن أبي أمهما خولة بنت المنذر.
وفي النسائي وابن ماجه تسمية امرأة ثابت مريم المغالية، بفتح الميم وخفة المعجمة، نسبة إلى مغالة امرأة من الخزرج ولدت لعمرو بن مالك بن النجار ولده عديًا فبنو عدي بن النجار يعرفون كلهم ببني مغالة قال في الإصابة: وما ذكره ابن عمر من تعدد المختلعات من ثابت ليس ببعيد.

( مالك عن نافع عن مولاة) أمة ( لصفية بنت أبي عبيد) بضم العين زوج ابن عمر ( اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر) لعموم قوله تعالى: { { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } } ( قال مالك في المفتدية التي تفتدي من زوجها أنه إن) وفي نسخة إذا ( علم أن زوجها أضر بها وضيق عليها وعلم أنه ظالم لها) حتى افتدت منه ( مضى الطلاق ورد عليها مالها) جبرًا عليه ( فهذا الذي كنت أسمع) من العلماء ( والذي عليه أمر الناس عندنا) بالمدينة ( لا بأس بأن تفتدي المرأة من زوجها بأكثر مما أعطاها) لعموم الآية وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم قول زوجة ثابت وإن شاء زدته.



رقم الحديث 1192 وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَفْتَيَا الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَامَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: طَلَّقَهَا فِي مَجَالِسَ شَتَّى.


( جامع النكاح)

( مالك عن زيد بن أسلم) مرسل.
قال ابن عبد البر: وصله عنبسة بن عبد الرحمن وهو ضعيف، عن زيد عن أبيه عن عمر، وورد بمعناه من حديث ابن عمر وأبي الأوس الخزاعي ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا تزوّج أحدكم المرأة أو اشترى الجارية فليأخذ) استحبابًا ( بناصيتها) مقدم رأسها ( وليدع بالبركة) كان يقول اللهم بارك لي فيها وبارك عليها زاد في حديث ابن عمر عند ابن ماجه: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه، ( وإذا اشترى البعير) بفتح الموحدة وقد تكسر، عبر به دون الجمل لأن البعير يشمل الأنثى بخلافه وقصده التعميم ( فليأخذ) عند تسليمه ( بذروة) بكسر الذال المعجمة وتضم، أي أعلى ( سنامه) أي يقبض عليه بيده والأولى اليمين أو المراد فليركبه ( وليستعذ بالله من الشيطان) لأن الإبل من مراكب الشيطان فإذا سمع الاستعاذة فرّ، زاد في حديث ابن عمر: وليدع بالبركة وليقل مثل ذلك: أي اللهم إني أسألك إلخ، وفي حديث آخر ما يفيد استحباب البسملة مع الاستعاذة ويحتمل أن الأمر بها لما في الإبل من العز والفخر والخيلاء فهو استعاذة من شر ذلك الذي يحبه الشيطان ويأمر به ويحث عليه.

( مالك عن أبي الزبير المكي أن رجلاً خطب إلى رجل أخته فذكر) أخوها ( أنها قد كانت أحدثت) زنت ( فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فضربه أو كاد يضربه) شك الراوي ( ثم قال ما لك وللخبر) يعني أي غرض لك في إخبار الخاطب بذلك فيجب على الولي ستره عليها لأن الفواحش يجب على الإنسان سترها على نفسه وعلى غيره، وفي الحديث من أصاب من هذه القاذورات شيئًا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله.

( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير كانا يقولان في الرجل يكون عنده أربع نسوة فيطلق إحداهن البتة أنه يتزوج إن شاء ولا ينتظر أن تنقضي عدتها) لأنه لا عدة على الرجل ( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير أفتيا الوليد بن عبد الملك) بن مروان أحد ملوك بني أمية ( عام قدم المدينة بذلك) المذكور ( غير أن القاسم بن محمد قال طلقها في مجالس شتى) بدل قوله طلقها البتة هذا هو المتبادر فطلق فعل ماض، وظاهر قول أبي عمر أراد أن يشهر طلاقها البتات ويستفيض فتنقطع عنه الألسنة في تزويج الخامسة أنه قرأه أمرًا وليس بظاهر لأن مراد المحدث بمثل هذا أنهما لم يتفقا على لفظ واحد وهو لم يستشره حتى يأمره إنما سأله عن رجل وقع منه ذلك.

( مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال ثلاث ليس فيهن لعب) أي لا ينفع قصده في عدم اللزوم ( النكاح) فمن زوج ابنته هازلاً انعقد النكاح وإن لم يقصده ( والطلاق) فيقع طلاق اللاعب إجماعًا ( والعتق) فمن أعتق رقيقه لاعبًا عتق وإن لم يقصده، لأن اللاعب بالقول وإن لم يلتزم حكمه فترتب الأحكام على الأسباب للشارع لا له فإذا أتى بالسبب لزمه حكمه شاء أم أبى ولا يعتبر قصده لأن الهازل قاصد للقول مريد له مع علمه بمعناه وموجبه وقصد اللفظ المتضمن للمعنى قصد لذلك المعنى لتلازمهما إلا أن يعارضه قصد آخر كالمكره فإنه قصد غير المعنى المقول وموجبه فلذا أبطله الشارع، وأصل هذا حديث مرفوع رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال حسن غريب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة.
قال ابن العربي: وروي بدل الرجعة العتق ولا يصح.
وقال الحافظ: وقع عند الغزالي العتاق بدل الرجعة ولم أجده ومرادهما لا يصح ولم يجده مرفوعًا فلا ينافي صحته عن ابن المسيب في الموطأ لكن عجيب نفي وجدانه، ففي الاستذكار روى أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عيسى بن يونس عن عمرو عن الحسن عن أبي الدرداء قال: كان الرجل في الجاهلية يطلق ثم يرجع يقول كنت لاعبًا فأنزل الله { { وَلاَ تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللهِ هُزُوًا } } فقال صلى الله عليه وسلم: من طلق أو أعتق أو أنكح أو أنكح قال: إني كنت لاعبًا فهو جائز عليه.

( مالك عن ابن شهاب عن رافع بن خديج) بن رافع بن عدي الحارثي الأوسي الأنصاري، أول مشاهده أحد ثم الخندق، مات سنة ثلاث أو أربع وسبعين وقيل قبلها ( أنه تزوج بنت محمد بن مسلمة الأنصاري) أكبر من اسمه محمد من الصحابة ( فكانت عنده حتى كبرت) بكسر الموحدة أسنت ( فتزوج عليها فتاة شابة فآثر الشابة عليها) قال ابن عبد البر: يريد في الميل بنفسه إليها والنشاط لها لا أنه آثرها عليها في مطعم وملبس ومبيت لأن هذا لا ينبغي أن يظن بمثل رافع والله أعلم ( فناشدته) طلبت منه ( الطلاق فطلقها واحدة ثم أمهلها حتى إذا كادت) قاربت ( تحل) أي تنقضي عدتها ( راجعها ثم عاد فآثر الشابة فناشدته الطلاق فطلقها واحدة) ثانية ( ثم راجعها ثم عاد فآثر الشابة فناشدته الطلاق فقال ما شئت إنما بقيت واحدة فإن شئت استقررت) قررت عليك أي بقيت معي ( على ما ترين من الأثرة) بضم الهمزة وسكون المثلثة وبفتح الهمزة والمثلثة، الاستئثار عليك فيما لك فيه اشتراك في الاستلحاق ( وإن شئت فارقتك قالت بل أستقر على الأثرة فأمسكها على ذلك ولم ير رافع عليه إثمًا حين قرت عنده على الأثرة) لرضاها بذلك وهو حق لها فلها إسقاطه.
قال أبو عمر: زاد معمر عن الزهري: فذلك الصلح الذي بلغنا أنه أنزلت فيه { { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } } الآية، وروى ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن رافع بن خديج كانت تحته ابنة محمد بن مسلمة فكره من أمرها إما كبرًا وإما غيرة فأراد أن يطلقها فقالت: لا تطلقني واقسم لي ما شئت فجرت السنة بذلك ونزلت { { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا } } الآية.



رقم الحديث 1192 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ مَوْلَاةٍ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا: اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِكُلِّ شَيْءٍ لَهَا، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ مَالِكٌ: فِي الْمُفْتَدِيَةِ الَّتِي تَفْتَدِي مِنْ زَوْجِهَا أَنَّهُ إِذَا عُلِمَ أَنَّ زَوْجَهَا أَضَرَّ بِهَا، وَضَيَّقَ عَلَيْهَا، وَعُلِمَ أَنَّهُ ظَالِمٌ لَهَا مَضَى الطَّلَاقُ، وَرَدَّ عَلَيْهَا مَالَهَا، قَالَ: فَهَذَا الَّذِي كُنْتُ أَسْمَعُ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَنْ تَفْتَدِيَ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا.


( مالك عن يحيى بن سعيد) بن قيس بن عمرو الأنصاري ( عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ( أنها أخبرته عن حبيبة) بفتح المهملة وموحدتين بينهما تحتية ساكنة ( بنت سهل) بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة ( الأنصاري) النجاري صحابية ( أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس) بفتح الشين المعجمة والميم المشددة فألف مهملة، الأنصاري الخزرجي خطيب الأنصار من كبار الصحابة بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، واستشهد باليمامة ونفذ خالد بن الوليد وصيته بعد موته بمنام رآه بعضهم ( وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى) صلاة ( الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس) بفتح المعجمة واللام، بقية الظلام ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذه؟ فقالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله قال: ما شأنك؟) أمرك وحالك ( قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها) وفي رواية الديلمي وابن سعد أن ثابتًا كان في خلقه شدة فضربها ( فلما جاء زوجها ثابت بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر) في شكواها منك ولم يفصح له به دفعًا لنفرته.

وفي رواية عن ابن عباس أول خلع كان في الإسلام امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبدًا إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سوادًا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهًا.
فقال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم وإن شاء زدته.
( فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي) وفي حديث عمر عند البزار وكان تزوجها على حديقة نخل ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: خذ منها) أمر إرشاد وإصلاح لا أمر إيجاب زاد في رواية ابن سعد فردت عليه حديقته ( فأخذ منها) زاد في رواية وطلقها تطليقة ( وجلست في بيت أهلها) زاد في رواية ابن سعد فكان ذلك أول خلع في الإسلام قال وتزوجها بعد ثابت أبي بن كعب.

وهذا الحديث أخرجه أصحاب السنن الثلاثة وابن خزيمة وابن حبان وصححه من طريق مالك به، وتابعه يزيد بن هارون عند الدارمي وابن سعد والدراوردي عند ابن أبي عاصم وحماد بن زيد عند ابن سعد ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد بنحوه.
وفي البخاري عن ابن عباس تسمية امرأة ثابت جميلة أخت عبد الله بن أبي، وكذا عند النسائي بلفظ جميلة بنت أبي ابن سلول.
وفي ابن ماجه والبيهقي عن ابن عباس أنها جميلة بنت سلول واختلف في سلول هل هي أم أبي أو امرأته؟ وجمع بالحمل على التعدد وأنهما قصتان لشهرة الخبرين وصحة الطريقتين واختلاف السياقين.
وفي البزار عن عمر أول مختلعة في الإسلام حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس ومقتضاه أن ثابتًا تزوج حبيبة قبل جميلة.
وللنسائي والطبراني عن الربيع بنت معوذ أن ثابت بن قيس ضرب امرأته فكسر يدها وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي فأتى أخوها يشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وللدارقطني والبيهقي بسند قوي عن أبي الزبير أن ثابت بن قيس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن أبي ابن سلول فيحتمل أنه كان عنده زينب وأختها أو عمتها جميلة واحدة بعد أخرى أو أن اسمها زينب ولقبها جميلة فإن لم يعمل بهذا الاحتمال فالموصول المعتضد بقول أهل النسب أن اسمها جميلة أصح، وبه جزم الدمياطي وقال: إنها شقيقة عبد الله بن أبي أمهما خولة بنت المنذر.
وفي النسائي وابن ماجه تسمية امرأة ثابت مريم المغالية، بفتح الميم وخفة المعجمة، نسبة إلى مغالة امرأة من الخزرج ولدت لعمرو بن مالك بن النجار ولده عديًا فبنو عدي بن النجار يعرفون كلهم ببني مغالة قال في الإصابة: وما ذكره ابن عمر من تعدد المختلعات من ثابت ليس ببعيد.

( مالك عن نافع عن مولاة) أمة ( لصفية بنت أبي عبيد) بضم العين زوج ابن عمر ( اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر) لعموم قوله تعالى: { { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } } ( قال مالك في المفتدية التي تفتدي من زوجها أنه إن) وفي نسخة إذا ( علم أن زوجها أضر بها وضيق عليها وعلم أنه ظالم لها) حتى افتدت منه ( مضى الطلاق ورد عليها مالها) جبرًا عليه ( فهذا الذي كنت أسمع) من العلماء ( والذي عليه أمر الناس عندنا) بالمدينة ( لا بأس بأن تفتدي المرأة من زوجها بأكثر مما أعطاها) لعموم الآية وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم قول زوجة ثابت وإن شاء زدته.