فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ الِاسْتِئْذَانِ

رقم الحديث 1759 حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي خَادِمُهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا، أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا.


( مالك عن صفوان بن سليم) بضم السين ( عن عطاء بن يسار) قال أبو عمر مرسل صحيح لا أعلمه يستند من وجه صحيح ولا صالح ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال يا رسول الله أستأذن على أمي فقال نعم فقال الرجل إني معها في البيت) يريد أنهما ساكنان في بيت واحد والله يقول { { غير بيوتكم } }( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن عليها) لعدم اختصاصك بسكنى البيت ( فقال الرجل إني خادمها) زيادة على كوني معها في البيت وكونها أمي ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن عليها) ثم لما رآه مجادلاً نبهه على ما غفل عنه مما يقطع حجته فقال ( أتحب أن تراها عريانة) بضم فسكون ( قال لا) أحب ذلك ( قال فاستأذن عليها) لأنك إن دخلت بدونه قد تكون عريانة فتراها ( مالك عن الثقة عنده) قال أبو عمر يقال أنه مخرمة بن بكير وقد رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير يعني فيحتمل أنه عمرو ( عن بكير) بضم الموحدة ( ابن عبد الله بن الأشج) بمعجمة وجيم المخزومي مولاهم المدني نزيل مصر من الثقات ( عن بسر) بضم الموحدة وسكون السين المهملة ( ابن سعيد) بكسر العين المدني العابد الثقة الحافظ ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك بن سنان ( الخدري) الصحابي ابن الصحابي ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستئذان) للدخول وهو استدعاء الإذن أي طلبه ( ثلاث) من المرات ( فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع) لأنه سبحانه وتعالى قال { { فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم } } قال المازري صورة الاستئذان أن يقول السلام عليكم أدخل ثم هو مخير بين أن يسمي نفسه أو لا وقال ابن العربي لا يتعين هذا اللفظ وبين حكمة الثلاث في حديث أبي هريرة عند الدارقطني في الأفراد بإسناد ضعيف مرفوعًا الاستئذان ثلاث فالأولى تسمعون والثانية يستصلحون والثالثة يأذنون أو يردون قال ابن عبد البر قال أكثر العلماء لا تجوز الزيادة على الثلاث في الاستئذان وقال بعضهم إذا لم يسمع فلا بأس أن يزيدوا وروى سحنون عن ابن وهب عن مالك لا أحب أن يزيد على ثلاث إلا من علم أنه لم يسمع وقيل تجوز الزيادة مطلقًا بناء على أن الأمر بالرجوع بعد الثلاث للإباحة والتخفيف عن المستأذن فمن استأذن أكثر فلا حرج عليه انتهى ( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ المدني ( عن غير) أي أكثر من ( واحد من علمائهم) وصله الشيخان من طريق عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير ( أن أبا موسى الأشعري جاء يستأذن على عمر بن الخطاب) وفي الصحيحين من طريق يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قال كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور ولمسلم كنا في مجلس عند أبي بن كعب فأتى أبو موسى مغضبًا ولأبي داود فجاء أبو موسى فزعا فقلنا له ما أفزعك قال أمرني عمر أن آتيه فأتيته ( فاستأذن ثلاثًا ثم رجع) وفي رواية للبخاري ففرغ عمر أي مما كان مشغولاً به فقال ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له قيل إنه رجع ( فأرسل عمر بن الخطاب في أثره) بفتحتين وبكسر فسكون أي قرب رجوعه ( فقال مالك لم تدخل) وفي رواية ما منعك أن تأتيني وقد دعوتك ( فقال أبو موسى) زاد في رواية استأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي فرجعت ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الاستئذان ثلاث) من المرات ( فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع) قيل لأن الكلام إذا كرر ثلاثًا سمع وفهم غالبًا ولمسلم من طريق بردة جاء أبو موسى إلى عمر فقال السلام عليكم هذا عبد الله بن قيس فلم يؤذن له فقال السلام عليكم هذا أبو موسى فلم يؤذن له فقال السلام عليكم هذا الأشعري ثم انصرف قال الحافظ يؤخذ من صنيع أبي موسى حيث ذكر اسمه أولاً وكنيته ثانيًا ونسبته ثالثًا أن الأولى هي الأصل والثانية إذا جوز أن يكون التبس على من استأذن عليه والثالثة إذا غلب على ظنه أنه عرفه وقال القرطبي ما فعله أبو موسى أولى لأنه إن كان توقيفًا فهو المطلوب وإن لم يكن توقيفًا فقول راوي الحديث أولى من قول غيره انتهى وعند أبي داود فقال يستأذن أبو موسى ثم قال ثانيًا يستأذن الأشعري ثم ثالثًا يستأذن عبد الله بن قيس وهذا مخالف لرواية مسلم وجمع بينهما باحتمال أنه جمع بين الاسم والكنية في المرة الأولى وفي الثانية جمع بين الكنية والنسبة وفي الثالثة جمع بين النسبة والاسم والتقصير عن ذلك من اختلاف الرواة إما لعدم تحققه المتروك فروى ما تحقق أو لأن أبا موسى حدث تارة بكذا وأخرى بكذا باعتبار ما يراه أهم وقت التحديث فروى عنه كل راو ما حدث به ( فقال عمر ومن يعلم هذا) معك ( لئن لم تأتني بمن يعلم ذلك) غيرك ( لأفعلن بك كذا وكذا) في مسلم لتقيمن عليه بينة وإلا أوجعتك وله أيضًا فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتيني بمن يشهد لك على هذا وفي رواية لأجعلنك عظة ( فخرج أبو موسى حتى جاء مجلسًا في المسجد يقال له مجلس الأنصار) لجلوسهم فيه ( فقال إني أخبرت عمر بن الخطاب أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الاستئذان ثلاث فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع فقال لئن لم تأتني بمن يعلم هذا لأفعلن بك كذا وكذا) يتوعده ( فإن كان سمع ذلك أحد منكم فليقم معي فقالوا) وفي رواية للشيخين فقال أبي بن كعب والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم ولمسلم فقال أبي والله لا يقوم معك إلا أحدثنا سنًا قم يا أبا سعيد فكأن أبيا ابتدأ ذلك ووافقوه عليه فنسب للجميع فقالوا ( لأبي سعيد الخدري قم معه وكان أبو سعيد أصغرهم) فأرادوا بذلك أن هذا الحديث مشهور لكبارهم وصغارهم حتى أن أصغرهم يحفظه وسمعه من المصطفى ( فقام معه فأخبر بذلك عمر بن الخطاب) وفي رواية للشيخين فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك فقال عمر أخفي هذا علي من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألهاني الصفق بالأسواق يعني الخروج إلى التجارة لأنه كان يحتاج إليها لأجل الكسب لعياله والتعفف عن الناس ففيه أن العلم الخاص قد يخفى على الأكابر فيعلمه من دونهم قال ابن دقيق العيد وذلك يصدق في وجه من يطلق من المقلدين إذا استدل عليه بحديث فيقول لو كان صحيحًا لعلمه فلان فإذا خفي ذلك على أكابر الصحابة فغيرهم أولى قال الحافظ وقد تعلق بذلك من زعم أن عمر كان لا يقبل خبرًا لواحد ولا حجة فيه لأنه قبل خبر أبي سعيد المطابق لخبر أبي موسى ولا يخرج بذلك عن كونه خبر واحد وإنما أراد عمر أن يتثبت وهذا معلوم من مذهبه وفي رواية أبي بردة فقال أبي بن كعب لعمر يا ابن الخطاب عند مسلم وعند غيره يا عمر لا تكن عذابًا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر سبحان الله إنما سمعت شيئًا فأحببت أن أتثبت ( فقال عمر لأبي موسى أما أني لا أتهمك) بما قلته لك مما سبق من الألفاظ ( ولكني خشيت أن يتقول) يكذب ( الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم) يحتمل أنه كان عنده من قرب عهده بالإسلام فخشي أن أحدهم يختلق الحديث عليه صلى الله عليه وسلم عند الرغبة والرهبة طلبًا للخروج مما دخل فيه فأراد بذلك إعلامهم أن كل من فعل شيئًا من ذلك ينكر عليه حتى يأتي بالمخرج أشار إليه ابن عبد البر زاد غيره فأراد عمر سد هذا الباب وردع غير أبي موسى لا شكًا في روايته فإن من دونه إذا بلغته قصته وكان في قلبه مرض أو أراد وضع حديث خاف من مثل قضية أبي موسى فالمراد غيره وفي القصة دليل على ما كان الصحابة عليه من القوة في دين الله وقول الحق والرجوع إليه وقبوله فإن أبيا أنكر على عمر تهديد أبي موسى وخاطبه مع أنه الخليفة بيا ابن الخطاب أو يا عمر لأن المقام مقام إنكار.


رقم الحديث 1761 وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ فَادْخُلْ وَإِلَّا فَارْجِعْ.


( مالك عن صفوان بن سليم) بضم السين ( عن عطاء بن يسار) قال أبو عمر مرسل صحيح لا أعلمه يستند من وجه صحيح ولا صالح ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال يا رسول الله أستأذن على أمي فقال نعم فقال الرجل إني معها في البيت) يريد أنهما ساكنان في بيت واحد والله يقول { { غير بيوتكم } }( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن عليها) لعدم اختصاصك بسكنى البيت ( فقال الرجل إني خادمها) زيادة على كوني معها في البيت وكونها أمي ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن عليها) ثم لما رآه مجادلاً نبهه على ما غفل عنه مما يقطع حجته فقال ( أتحب أن تراها عريانة) بضم فسكون ( قال لا) أحب ذلك ( قال فاستأذن عليها) لأنك إن دخلت بدونه قد تكون عريانة فتراها ( مالك عن الثقة عنده) قال أبو عمر يقال أنه مخرمة بن بكير وقد رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير يعني فيحتمل أنه عمرو ( عن بكير) بضم الموحدة ( ابن عبد الله بن الأشج) بمعجمة وجيم المخزومي مولاهم المدني نزيل مصر من الثقات ( عن بسر) بضم الموحدة وسكون السين المهملة ( ابن سعيد) بكسر العين المدني العابد الثقة الحافظ ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك بن سنان ( الخدري) الصحابي ابن الصحابي ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستئذان) للدخول وهو استدعاء الإذن أي طلبه ( ثلاث) من المرات ( فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع) لأنه سبحانه وتعالى قال { { فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم } } قال المازري صورة الاستئذان أن يقول السلام عليكم أدخل ثم هو مخير بين أن يسمي نفسه أو لا وقال ابن العربي لا يتعين هذا اللفظ وبين حكمة الثلاث في حديث أبي هريرة عند الدارقطني في الأفراد بإسناد ضعيف مرفوعًا الاستئذان ثلاث فالأولى تسمعون والثانية يستصلحون والثالثة يأذنون أو يردون قال ابن عبد البر قال أكثر العلماء لا تجوز الزيادة على الثلاث في الاستئذان وقال بعضهم إذا لم يسمع فلا بأس أن يزيدوا وروى سحنون عن ابن وهب عن مالك لا أحب أن يزيد على ثلاث إلا من علم أنه لم يسمع وقيل تجوز الزيادة مطلقًا بناء على أن الأمر بالرجوع بعد الثلاث للإباحة والتخفيف عن المستأذن فمن استأذن أكثر فلا حرج عليه انتهى ( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ المدني ( عن غير) أي أكثر من ( واحد من علمائهم) وصله الشيخان من طريق عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير ( أن أبا موسى الأشعري جاء يستأذن على عمر بن الخطاب) وفي الصحيحين من طريق يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قال كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور ولمسلم كنا في مجلس عند أبي بن كعب فأتى أبو موسى مغضبًا ولأبي داود فجاء أبو موسى فزعا فقلنا له ما أفزعك قال أمرني عمر أن آتيه فأتيته ( فاستأذن ثلاثًا ثم رجع) وفي رواية للبخاري ففرغ عمر أي مما كان مشغولاً به فقال ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له قيل إنه رجع ( فأرسل عمر بن الخطاب في أثره) بفتحتين وبكسر فسكون أي قرب رجوعه ( فقال مالك لم تدخل) وفي رواية ما منعك أن تأتيني وقد دعوتك ( فقال أبو موسى) زاد في رواية استأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي فرجعت ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الاستئذان ثلاث) من المرات ( فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع) قيل لأن الكلام إذا كرر ثلاثًا سمع وفهم غالبًا ولمسلم من طريق بردة جاء أبو موسى إلى عمر فقال السلام عليكم هذا عبد الله بن قيس فلم يؤذن له فقال السلام عليكم هذا أبو موسى فلم يؤذن له فقال السلام عليكم هذا الأشعري ثم انصرف قال الحافظ يؤخذ من صنيع أبي موسى حيث ذكر اسمه أولاً وكنيته ثانيًا ونسبته ثالثًا أن الأولى هي الأصل والثانية إذا جوز أن يكون التبس على من استأذن عليه والثالثة إذا غلب على ظنه أنه عرفه وقال القرطبي ما فعله أبو موسى أولى لأنه إن كان توقيفًا فهو المطلوب وإن لم يكن توقيفًا فقول راوي الحديث أولى من قول غيره انتهى وعند أبي داود فقال يستأذن أبو موسى ثم قال ثانيًا يستأذن الأشعري ثم ثالثًا يستأذن عبد الله بن قيس وهذا مخالف لرواية مسلم وجمع بينهما باحتمال أنه جمع بين الاسم والكنية في المرة الأولى وفي الثانية جمع بين الكنية والنسبة وفي الثالثة جمع بين النسبة والاسم والتقصير عن ذلك من اختلاف الرواة إما لعدم تحققه المتروك فروى ما تحقق أو لأن أبا موسى حدث تارة بكذا وأخرى بكذا باعتبار ما يراه أهم وقت التحديث فروى عنه كل راو ما حدث به ( فقال عمر ومن يعلم هذا) معك ( لئن لم تأتني بمن يعلم ذلك) غيرك ( لأفعلن بك كذا وكذا) في مسلم لتقيمن عليه بينة وإلا أوجعتك وله أيضًا فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتيني بمن يشهد لك على هذا وفي رواية لأجعلنك عظة ( فخرج أبو موسى حتى جاء مجلسًا في المسجد يقال له مجلس الأنصار) لجلوسهم فيه ( فقال إني أخبرت عمر بن الخطاب أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الاستئذان ثلاث فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع فقال لئن لم تأتني بمن يعلم هذا لأفعلن بك كذا وكذا) يتوعده ( فإن كان سمع ذلك أحد منكم فليقم معي فقالوا) وفي رواية للشيخين فقال أبي بن كعب والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم ولمسلم فقال أبي والله لا يقوم معك إلا أحدثنا سنًا قم يا أبا سعيد فكأن أبيا ابتدأ ذلك ووافقوه عليه فنسب للجميع فقالوا ( لأبي سعيد الخدري قم معه وكان أبو سعيد أصغرهم) فأرادوا بذلك أن هذا الحديث مشهور لكبارهم وصغارهم حتى أن أصغرهم يحفظه وسمعه من المصطفى ( فقام معه فأخبر بذلك عمر بن الخطاب) وفي رواية للشيخين فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك فقال عمر أخفي هذا علي من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألهاني الصفق بالأسواق يعني الخروج إلى التجارة لأنه كان يحتاج إليها لأجل الكسب لعياله والتعفف عن الناس ففيه أن العلم الخاص قد يخفى على الأكابر فيعلمه من دونهم قال ابن دقيق العيد وذلك يصدق في وجه من يطلق من المقلدين إذا استدل عليه بحديث فيقول لو كان صحيحًا لعلمه فلان فإذا خفي ذلك على أكابر الصحابة فغيرهم أولى قال الحافظ وقد تعلق بذلك من زعم أن عمر كان لا يقبل خبرًا لواحد ولا حجة فيه لأنه قبل خبر أبي سعيد المطابق لخبر أبي موسى ولا يخرج بذلك عن كونه خبر واحد وإنما أراد عمر أن يتثبت وهذا معلوم من مذهبه وفي رواية أبي بردة فقال أبي بن كعب لعمر يا ابن الخطاب عند مسلم وعند غيره يا عمر لا تكن عذابًا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر سبحان الله إنما سمعت شيئًا فأحببت أن أتثبت ( فقال عمر لأبي موسى أما أني لا أتهمك) بما قلته لك مما سبق من الألفاظ ( ولكني خشيت أن يتقول) يكذب ( الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم) يحتمل أنه كان عنده من قرب عهده بالإسلام فخشي أن أحدهم يختلق الحديث عليه صلى الله عليه وسلم عند الرغبة والرهبة طلبًا للخروج مما دخل فيه فأراد بذلك إعلامهم أن كل من فعل شيئًا من ذلك ينكر عليه حتى يأتي بالمخرج أشار إليه ابن عبد البر زاد غيره فأراد عمر سد هذا الباب وردع غير أبي موسى لا شكًا في روايته فإن من دونه إذا بلغته قصته وكان في قلبه مرض أو أراد وضع حديث خاف من مثل قضية أبي موسى فالمراد غيره وفي القصة دليل على ما كان الصحابة عليه من القوة في دين الله وقول الحق والرجوع إليه وقبوله فإن أبيا أنكر على عمر تهديد أبي موسى وخاطبه مع أنه الخليفة بيا ابن الخطاب أو يا عمر لأن المقام مقام إنكار.