فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَالسَّلَفِ فِيهِ

رقم الحديث 1356 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَاعَ جَمَلًا لَهُ يُدْعَى عُصَيْفِيرًا بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إِلَى أَجَلٍ.


( ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه)

( مالك عن صالح بن كيسان) المدني ثقة ثبت فقيه ( عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب) المدني ثقة فقيه وأبوه ابن الحنفية ( أن علي بن أبي طالب باع جملاً له يدعى عصيفيرًا) بلفظ تصغير عصفور ( بعشرين بعيرًا) صغارًا ( إلى أجل) لاختلاف المنافع.

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر اشترى راحلة) مركبًا من الإبل ذكرًا كان أو أنثى، وقيل هي الناقة التي تصلح أن ترحل وجمعها رواحل ( بأربعة أبعرة) جمع بعير يقع على الذكر والأنثى ( مضمونة عليه) في ذمته ( يوفيها صاحبها بالربذة) بفتح الراء والموحدة والذال المعجمة، قرية قرب المدينة.

( مالك أنه سأل ابن شهاب عن بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل فقال لا بأس بذلك) أي يجوز ( قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا بأس بالجمل) ذكر الإبل ( بالجمل مثله وزيادة دراهم يدًا بيد) أي مناجزة، لأنه بيع لا سلف فيه ( ولا بأس بالجمل) أي بيعه ( بالجمل مثله وزيادة دراهم الجمل بالجمل يدًا بيد) أي مناجزة لأنه بيع مستقل ( والدراهم إلى أجل قال ولا خير في الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الدراهم نقدًا والجمل إلى أجل) أي لا يجوز ( وإن أخرت الجمل والدراهم لا خير في ذلك أيضًا) أي لا يجوز ( ولا بأس أن يبتاع البعير النجيب) بجيم، وزن كريم ومعناه ( بالبعيرين أو بالأبعرة من الحمولة) بالفتح الجماعة ( من ماشية الإبل) أي دونها ( وإن كانت من نعم واحدة فلا بأس أن يشترى منها اثنان بواحد إلى أجل إذا اختلفت فبان اختلافها) ظهر ( وإن أشبه بعضها بعضًا واختلفت أجناسها أو لم تختلف فلا يؤخذ منها اثنان بواحد إلى أجل وتفسير) أي بيان ( ما كره من ذلك أن يؤخذ البعير بالبعيرين ليس بينهما تفاضل في نجابة ولا رحلة) أي حمل ( فإذا كان هذا على ما وصفت لك فلا يشترى منه اثنان بواحد إلى أجل) ووجه تفرقته هذه أن اختلاف المنافع يصير الجنس الواحد جنسين ويتضح معه أن القصد بالمبايعة حصول النفع والغرض لا الزيادة في السلف وأيضًا فمع اختلاف الجنس ليس القصد إلا المنافع لأنها التي تملك، وأما الذوات فلا يملكها إلا خالقها، وإن كانت المنافع هي المقصودة من دابة الحمل والمقصود من آخر من جنسها الجري صار ذلك بمنزلة دابة وثوب فإن اتفقت منافع الجنس لم يجز لأنه إن قدم الأقل سلف بزيادة وإن قدم الأكثر فضمان يجعل لأنه أعطاه أحد الثوبين على أن يكون الآخر في ذمته إلى أجل وسلفه لينتفع بالضمان وهو ممنوع، فلو تحقق السلف دون منفعة لا محققة ولا مقدرة جاز قاله عياض: وقد روى أحمد والأربعة وقال الترمذي: حسن صحيح وصححه غيره أيضًا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة فتعلق به الحنفي والحنبلي فمنعوا بيع الحيوان بالحيوان وجعلوه ناسخًا للخبر الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم اقترض بكرًا ورد رباعيًا وحمله مالك على متحد الجنس جمعًا بينهما وهو أرجح إذ لا يثبت النسخ بالاحتمال ( ولا بأس بأن تبيع ما اشتريت منها قبل أن تستوفيه من غير الذي اشتريته منه) لاختصاص النهي بالطعام كما هو صريح الأحاديث ( إذا انتقدت ثمنه) لا بمؤجل ( ومن سلف في شيء من الحيوان إلى أجل مسمى فوصفه وحلاه) أي وصفه فالعطف مساو ( ونقد ثمنه فذلك جائز وهو لازم للبائع والمبتاع على ما وصفا وحليا ولم يزل ذلك من عمل الناس الجائز بينهم والذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا) المدينة.



رقم الحديث 1357 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ.


( ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه)

( مالك عن صالح بن كيسان) المدني ثقة ثبت فقيه ( عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب) المدني ثقة فقيه وأبوه ابن الحنفية ( أن علي بن أبي طالب باع جملاً له يدعى عصيفيرًا) بلفظ تصغير عصفور ( بعشرين بعيرًا) صغارًا ( إلى أجل) لاختلاف المنافع.

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر اشترى راحلة) مركبًا من الإبل ذكرًا كان أو أنثى، وقيل هي الناقة التي تصلح أن ترحل وجمعها رواحل ( بأربعة أبعرة) جمع بعير يقع على الذكر والأنثى ( مضمونة عليه) في ذمته ( يوفيها صاحبها بالربذة) بفتح الراء والموحدة والذال المعجمة، قرية قرب المدينة.

( مالك أنه سأل ابن شهاب عن بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل فقال لا بأس بذلك) أي يجوز ( قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا بأس بالجمل) ذكر الإبل ( بالجمل مثله وزيادة دراهم يدًا بيد) أي مناجزة، لأنه بيع لا سلف فيه ( ولا بأس بالجمل) أي بيعه ( بالجمل مثله وزيادة دراهم الجمل بالجمل يدًا بيد) أي مناجزة لأنه بيع مستقل ( والدراهم إلى أجل قال ولا خير في الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الدراهم نقدًا والجمل إلى أجل) أي لا يجوز ( وإن أخرت الجمل والدراهم لا خير في ذلك أيضًا) أي لا يجوز ( ولا بأس أن يبتاع البعير النجيب) بجيم، وزن كريم ومعناه ( بالبعيرين أو بالأبعرة من الحمولة) بالفتح الجماعة ( من ماشية الإبل) أي دونها ( وإن كانت من نعم واحدة فلا بأس أن يشترى منها اثنان بواحد إلى أجل إذا اختلفت فبان اختلافها) ظهر ( وإن أشبه بعضها بعضًا واختلفت أجناسها أو لم تختلف فلا يؤخذ منها اثنان بواحد إلى أجل وتفسير) أي بيان ( ما كره من ذلك أن يؤخذ البعير بالبعيرين ليس بينهما تفاضل في نجابة ولا رحلة) أي حمل ( فإذا كان هذا على ما وصفت لك فلا يشترى منه اثنان بواحد إلى أجل) ووجه تفرقته هذه أن اختلاف المنافع يصير الجنس الواحد جنسين ويتضح معه أن القصد بالمبايعة حصول النفع والغرض لا الزيادة في السلف وأيضًا فمع اختلاف الجنس ليس القصد إلا المنافع لأنها التي تملك، وأما الذوات فلا يملكها إلا خالقها، وإن كانت المنافع هي المقصودة من دابة الحمل والمقصود من آخر من جنسها الجري صار ذلك بمنزلة دابة وثوب فإن اتفقت منافع الجنس لم يجز لأنه إن قدم الأقل سلف بزيادة وإن قدم الأكثر فضمان يجعل لأنه أعطاه أحد الثوبين على أن يكون الآخر في ذمته إلى أجل وسلفه لينتفع بالضمان وهو ممنوع، فلو تحقق السلف دون منفعة لا محققة ولا مقدرة جاز قاله عياض: وقد روى أحمد والأربعة وقال الترمذي: حسن صحيح وصححه غيره أيضًا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة فتعلق به الحنفي والحنبلي فمنعوا بيع الحيوان بالحيوان وجعلوه ناسخًا للخبر الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم اقترض بكرًا ورد رباعيًا وحمله مالك على متحد الجنس جمعًا بينهما وهو أرجح إذ لا يثبت النسخ بالاحتمال ( ولا بأس بأن تبيع ما اشتريت منها قبل أن تستوفيه من غير الذي اشتريته منه) لاختصاص النهي بالطعام كما هو صريح الأحاديث ( إذا انتقدت ثمنه) لا بمؤجل ( ومن سلف في شيء من الحيوان إلى أجل مسمى فوصفه وحلاه) أي وصفه فالعطف مساو ( ونقد ثمنه فذلك جائز وهو لازم للبائع والمبتاع على ما وصفا وحليا ولم يزل ذلك من عمل الناس الجائز بينهم والذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا) المدينة.



رقم الحديث 1357 قَالَ مَالِكٌ: مَنِ اشْتَرَى ثَمَرًا مِنْ نَخْلٍ مُسَمَّاةٍ أَوْ حَائِطٍ مُسَمًّى، أَوْ لَبَنًا مِنْ غَنَمٍ مُسَمَّاةٍ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، إِذَا كَانَ يُؤْخَذُ عَاجِلًا يَشْرَعُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الثَّمَنَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَاوِيَةِ زَيْتٍ يَبْتَاعُ مِنْهَا رَجُلٌ بِدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ، وَيُعْطِيهِ ذَهَبَهُ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ لَهُ مِنْهَا، فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنِ انْشَقَّتِ الرَّاوِيَةُ فَذَهَبَ زَيْتُهَا، فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إِلَّا ذَهَبُهُ، وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ،.
وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَاضِرًا يُشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ مِثْلُ اللَّبَنِ إِذَا حُلِبَ، وَالرُّطَبِ يُسْتَجْنَى، فَيَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ يَوْمًا بِيَوْمٍ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنْ فَنِيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ لَهُ، أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً، بِمَا بَقِيَ لَهُ يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهَا، وَلَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا، فَإِنْ فَارَقَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، فَإِنْ وَقَعَ فِي بَيْعِهِمَا أَجَلٌ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحِلُّ فِيهِ تَأْخِيرٌ وَلَا نَظِرَةٌ، وَلَا يَصْلُحُ إِلَّا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ، وَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا فِي غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنَ الرَّجُلِ الْحَائِطَ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ النَّخْلِ مِنَ الْعَجْوَةِ وَالْكَبِيسِ وَالْعَذْقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ، فَيَسْتَثْنِي مِنْهَا ثَمَرَ النَّخْلَةِ أَوِ النَّخَلَاتِ يَخْتَارُهَا مِنْ نَخْلِهِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ تَرَكَ ثَمَرَ النَّخْلَةِ مِنَ الْعَجْوَةِ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَأَخَذَ مَكَانَهَا ثَمَرَ نَخْلَةٍ مِنَ الْكَبِيسِ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا عَشَرَةُ أَصْوُعٍ، فَإِنْ أَخَذَ الْعَجْوَةَ الَّتِي فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَتَرَكَ الَّتِي فِيهَا عَشْرَةُ أَصْوُعٍ مِنَ الْكَبِيسِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى الْعَجْوَةَ بِالْكَبِيسِ مُتَفَاضِلًا، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بَيْنَ يَدَيْهِ صُبَرٌ مِنَ التَّمْرِ قَدْ صَبَّرَ الْعَجْوَةَ، فَجَعَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْكَبِيسِ عَشَرَةَ آصُعٍ، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْعَذْقِ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا، فَأَعْطَى صَاحِبَ التَّمْرِ دِينَارًا عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ فَيَأْخُذُ أَيَّ تِلْكَ الصُّبَرِ شَاءَ، قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا لَا يَصْلُحُ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الرُّطَبَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ فَيُسْلِفُهُ الدِّينَارَ، مَاذَا لَهُ إِذَا ذَهَبَ رُطَبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ؟ قَالَ مَالِكٌ: يُحَاسِبُ صَاحِبَ الْحَائِطِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ، إِنْ كَانَ أَخَذَ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ رُطَبًا أَخَذَ ثُلُثَ الدِّينَارِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ دِينَارِهِ رُطَبًا، أَخَذَ الرُّبُعَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، أَوْ يَتَرَاضَيَانِ بَيْنَهُمَا، فَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَائِطِ مَا بَدَا لَهُ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ تَمْرًا أَوْ سِلْعَةً سِوَى التَّمْرِ أَخَذَهَا بِمَا فَضَلَ لَهُ، فَإِنْ أَخَذَ تَمْرًا أَوْ سِلْعَةً أُخْرَى فَلَا يُفَارِقْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا أَوْ يُؤَاجِرَ غُلَامَهُ الْخَيَّاطَ أَوِ النَّجَّارَ أَوِ الْعَمَّالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ، أَوْ يُكْرِيَ مَسْكَنَهُ، وَيَسْتَلِفَ إِجَارَةَ ذَلِكَ الْغُلَامِ، أَوْ كِرَاءَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ، أَوْ تِلْكَ الرَّاحِلَةِ، ثُمَّ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَدَثٌ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَيَرُدُّ رَبُّ الرَّاحِلَةِ، أَوِ الْعَبْدِ أَوِ الْمَسْكَنِ إِلَى الَّذِي سَلَّفَهُ مَا بَقِيَ مِنْ كِرَاءِ الرَّاحِلَةِ، أَوْ إِجَارَةِ الْعَبْدِ، أَوْ كِرَاءِ الْمَسْكَنِ، يُحَاسِبُ صَاحِبَهُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ، إِنْ كَانَ اسْتَوْفَى نِصْفَ حَقِّهِ رَدَّ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِيَ الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَصْلُحُ التَّسْلِيفُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، يُسَلَّفُ فِيهِ بِعَيْنِهِ، إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْمُسَلِّفُ مَا سَلَّفَ فِيهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ أَوِ الرَّاحِلَةَ أَوِ الْمَسْكَنَ أَوْ يَبْدَأُ فِيمَا اشْتَرَى مِنَ الرُّطَبِ.
فَيَأْخُذُ مِنْهُ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ، لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ وَلَا أَجَلٌ قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ، أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: أُسَلِّفُكَ فِي رَاحِلَتِكَ فُلَانَةَ أَرْكَبُهَا فِي الْحَجِّ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَجَلٌ مِنَ الزَّمَانِ، أَوْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ أَوِ الْمَسْكَنِ، فَإِنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ كَانَ إِنَّمَا يُسَلِّفُهُ ذَهَبًا، عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ تِلْكَ الرَّاحِلَةَ صَحِيحَةً لِذَلِكَ الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّى لَهُ، فَهِيَ لَهُ بِذَلِكَ الْكِرَاءِ، وَإِنْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ مِنْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ رَدَّ عَلَيْهِ ذَهَبَهُ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ عِنْدَهُ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الْقَبْضُ مَنْ قَبَضَ مَا اسْتَأْجَرَ أَوِ اسْتَكْرَى فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْغَرَرِ وَالسَّلَفِ الَّذِي يُكْرَهُ، وَأَخَذَ أَمْرًا مَعْلُومًا، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ فَيَقْبِضَهُمَا، وَيَنْقُدَ أَثْمَانَهُمَا، فَإِنْ حَدَثَ بِهِمَا حَدَثٌ مِنْ عُهْدَةِ السَّنَةِ، أَخَذَ ذَهَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ، فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ وَبِهَذَا مَضَتِ السُّنَّةُ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ، أَوْ تَكَارَى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ.
يَقْبِضُ الْعَبْدَ أَوِ الرَّاحِلَةَ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ.
فَقَدْ عَمِلَ بِمَا لَا يَصْلُحُ.
لَا هُوَ قَبَضَ مَا اسْتَكْرَى أَوِ اسْتَأْجَرَ، وَلَا هُوَ سَلَّفَ فِي دَيْنٍ يَكُونُ ضَامِنًا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ.



( جامع بيع الثمر)

( قال مالك: من اشترى ثمرًا من نخل مسماة أو حائط مسمى أو لبنًا من غنم مسماة إنه لا بأس بذلك) أي يجوز ( إذا كان يؤخذ عاجلاً يشرع المشتري في أخذه عند دفعه الثمن) بيان للتعجيل ( وإنما مثل ذلك بمنزلة راوية زيت يبتاع منها رجل بدينار أو دينارين ويعطيه ذهبه ويشترط عليه أن يكيل له منها فهذا لا بأس به فإن انشقت الراوية فذهب زيتها فليس للمبتاع إلا ذهبه ولا يكون بينهما بيع وأما كل شيء كان حاضرًا يشترى على وجهه مثل اللبن إذا حلب والرطب يستجنى) بسين التأكيد أي يجنى ( فيأخذ المبتاع يومًا بيوم فلا بأس به فإن فني قبل أن يستوفي المشتري ما اشترى رد عليه البائع من ذهبه بحساب ما بقي له أو يأخذه منه المشتري سلعة بما بقي له يتراضيان عليها ولا يفارقه حتى يأخذها فإن فارقه فإن ذلك مكروه لأنه يدخله الدين بالدين وقد نهى) صلى الله عليه وسلم ( عن الكالئ بالكالئ) بالهمز، وهو الدين بالدين ( فإن وقع في بيعهما أجل فإنه مكروه ولا يحل فيه تأخير ولا نظرة) بفتح فكسر، تأخير ( ولا يصلح إلا بصفة معلومة إلى أجل مسمى فيضمن ذلك البائع للمبتاع ولا يسمى ذلك في حائط بعينه ولا في غنم بأعيانها وسئل مالك عن الرجل يشتري من الرجل الحائط فيه ألوان) أنواع ( من النخل من العجوة) نوع من أجود تمر المدينة ( والكبيس) نوع من التمر، ويقال من أجوده ( والعذق) بفتح المهملة وإسكان المعجمة وقاف، أنواع من التمر، ومنه عذق ابن الحبيق، وعذق ابن طاب، وعذق ابن زيد، قاله أبو حاتم ( وغير ذلك من ألوان التمر فيستثني البائع منها ثمر النخلة أو النخلات يختارها من نخله فقال مالك ذلك لا يصلح لأنه إذا صنع ذلك ترك ثمر النخلة من العجوة ومكيلة ثمرها خمسة عشر صاعًا وأخذ مكانها ثمر نخلة من الكبيس ومكيلة ثمرها عشرة أصوع) جمع قلة لصاع، ويجمع كثرة على صيعان، وفي نسخة آصع جمع أيضًا لصاع على القلب كما قيل دار وآدر بالقلب قاله الفاسي، وجعله أبو حاتم من خطأ العوام.
قال ابن الأنباري: وليس بخطأ في القياس وإن لم يسمع من العرب لكنه قياس ما نقل عنهم من نقل الهمزة من موضع العين إلى موضع الياء فيقولون أبآر وآبار.
( فإن أخذ العجوة التي فيها خمسة عشر صاعًا وترك التي فيها عشرة أصوع) وفي نسخة آصع ( من الكبيس فكأنه اشترى العجوة بالكبيس متفاضلاً) فيدخل في النهي عن ذلك ( وذلك مثل أن يقول الرجل للرجل بين يديه) أي عنده ( صبر من التمر قد صبر) بالتشديد ( العجوة فجعلها خمسة عشر صاعًا وجعل صبرة الكبيس عشرة آصع وجعل صبرة العذق اثني عشر صاعًا فأعطى صاحب التمر دينارًا على أنه يختار فيأخذ أي تلك الصبر شاء قال مالك: فهذا لا يصلح) لأن المخير يعد منتقلاً.

( وسئل مالك عن الرجل يشتري الرطب من صاحب الحائط فيسلفه الدينار ماذا له إذا ذهب رطب ذلك الحائط قال مالك يحاسب صاحب الحائط ثم يأخذ ما بقي له من ديناره إن كان أخذ بثلثي ديناره رطبًا أخذ ثلث الدينار الذي بقي له وإن كان أخذ ثلاثة) نصب على التوسع، أي بثلاثة ( أرباع ديناره رطبًا) مفعول أخذ ( أخذ الربع الذي بقي له أو يتراضيان بينهما فيأخذ بما بقي له من ديناره عند صاحب الحائط ما بدا له إن أحب أن يأخذ تمرًا أو سلعة سوى التمر أخذها بما فضل له فإن أخذ تمرًا أو سلعة أخرى فلا يفارقه حتى يستوفي ذلك منه) لئلا يلزم عليه بيع الدين بالدين ( وإنما هذا بمنزلة أن يكري الرجل الرجل راحلة بعينها أو يؤاجر غلامه الخياط أو النجار أو العمال) بالتشديد ( لغير ذلك من الأعمال أو يكري مسكنه ويستلف إجارة ذلك الغلام أو كراء ذلك المسكن أو تلك الراحلة ثم يحدث في ذلك حدث بموت أو غير ذلك فيرد رب الراحلة أو العبد أو المسكن إلى الذي سلفه ما بقي من كراء الراحلة أو إجارة العبد أو كراء المسكن يحاسب صاحبه بما استوفى من ذلك إن كان استوفى نصف حقه رد عليه النصف الباقي الذي له عنده وإن كان أقل من ذلك أو أكثر فبحساب ذلك يرد إليه ما بقي له) وهذا كله ظاهر غني عن شرحه ( ولا يصلح التسليف في شيء من هذا يسلف فيه بعينه إلا أن يقبض المسلف) بكسر اللام ( ما سلف فيه عند دفعه الذهب إلى صاحبه يقبض العبد أو الراحلة أو المسكن أو يبدأ فيما اشترى من الرطب فيأخذ منه عند دفعه الذهب إلى صاحبه لا يصلح أن يكون في شيء من ذلك أجل ولا تأخير وتفسير ما كره من ذلك أن يقول الرجل للرجل أسلفك في راحلتك فلانة) المعينة وإطلاقها على غير الإنس أنكره بعضهم ورد بأن في الحديث ماتت فلانة لشاة ( أركبها في الحج وبينه وبين الحج أجل) أي مدة ( من الزمان أو يقول مثل ذلك في العبد أو المسكن فإنه إذا صنع ذلك كان إنما يسلفه ذهبًا على أنه إن وجد تلك الراحلة صحيحة لذلك الأجل الذي سمي له فهي له بذلك الكراء وإن حدث بها حدث من موت أو غيره رد عليه ذهبه وكانت عليه على وجه السلف عنده وإنما فرق بين ذلك القبض) فاعل فرق ( من قبض ما استأجر أو استكرى فقد خرج من الغرر والسلف الذي يكره وأخذ أمرًا معلومًا) بخلاف من لم يقبض ( وإنما مثل ذلك أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة فيقبضهما) بالنصب ( وينقد أثمانهما) بالجمع كراهة توالي تثنيتين ( فإن حدث بهما حدث من عهدة السنة أخذ ذهبه من صاحبه الذي ابتاع منه فهذا لا بأس به وبهذا مضت السنة في بيع الرقيق ومن استأجر عبدًا بعينه أو تكارى راحلة بعينها إلى أجل يقبض العبد أو الراحلة إلى ذلك الأجل فقد عمل بما لا يصلح لا هو قبض ما استكرى أو استأجر ولا هو سلف في دين يكون ضامنًا على صاحبه حتى يستوفيه) بيان لنفي الصلاح.



رقم الحديث 1358 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ: بَيْعِ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ، وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا بَأْسَ بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ، الْجَمَلُ بِالْجَمَلِ يَدًا بِيَدٍ.
وَالدَّرَاهِمُ إِلَى أَجَلٍ.
قَالَ: وَلَا خَيْرَ فِي الْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ.
وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ.
الدَّرَاهِمُ نَقْدًا، وَالْجَمَلُ إِلَى أَجَلٍ.
وَإِنْ أَخَّرْتَ الْجَمَلَ وَالدَّرَاهِمَ، لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الْبَعِيرَ النَّجِيبَ بِالْبَعِيرَيْنِ، أَوْ بِالْأَبْعِرَةِ مِنَ الْحَمُولَةِ مِنْ مَاشِيَةِ الْإِبِلِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَعَمٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، إِذَا اخْتَلَفَتْ فَبَانَ اخْتِلَافُهَا، وَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَاخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا، أَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ، فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ: أَنْ يُؤْخَذَ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ فِي نَجَابَةٍ وَلَا رِحْلَةٍ فَإِذَا كَانَ هَذَا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ، فَلَا يُشْتَرَى مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ، وَلَا بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا، قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ سَلَّفَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَوَصَفَهُ، وَحَلَّاهُ، وَنَقَدَ ثَمَنَهُ، فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَهُوَ لَازِمٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ عَلَى مَا وَصَفَا وَحَلَّيَا، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ الْجَائِزِ بَيْنَهُمْ، وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.


( ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه)

( مالك عن صالح بن كيسان) المدني ثقة ثبت فقيه ( عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب) المدني ثقة فقيه وأبوه ابن الحنفية ( أن علي بن أبي طالب باع جملاً له يدعى عصيفيرًا) بلفظ تصغير عصفور ( بعشرين بعيرًا) صغارًا ( إلى أجل) لاختلاف المنافع.

( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر اشترى راحلة) مركبًا من الإبل ذكرًا كان أو أنثى، وقيل هي الناقة التي تصلح أن ترحل وجمعها رواحل ( بأربعة أبعرة) جمع بعير يقع على الذكر والأنثى ( مضمونة عليه) في ذمته ( يوفيها صاحبها بالربذة) بفتح الراء والموحدة والذال المعجمة، قرية قرب المدينة.

( مالك أنه سأل ابن شهاب عن بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل فقال لا بأس بذلك) أي يجوز ( قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا بأس بالجمل) ذكر الإبل ( بالجمل مثله وزيادة دراهم يدًا بيد) أي مناجزة، لأنه بيع لا سلف فيه ( ولا بأس بالجمل) أي بيعه ( بالجمل مثله وزيادة دراهم الجمل بالجمل يدًا بيد) أي مناجزة لأنه بيع مستقل ( والدراهم إلى أجل قال ولا خير في الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الدراهم نقدًا والجمل إلى أجل) أي لا يجوز ( وإن أخرت الجمل والدراهم لا خير في ذلك أيضًا) أي لا يجوز ( ولا بأس أن يبتاع البعير النجيب) بجيم، وزن كريم ومعناه ( بالبعيرين أو بالأبعرة من الحمولة) بالفتح الجماعة ( من ماشية الإبل) أي دونها ( وإن كانت من نعم واحدة فلا بأس أن يشترى منها اثنان بواحد إلى أجل إذا اختلفت فبان اختلافها) ظهر ( وإن أشبه بعضها بعضًا واختلفت أجناسها أو لم تختلف فلا يؤخذ منها اثنان بواحد إلى أجل وتفسير) أي بيان ( ما كره من ذلك أن يؤخذ البعير بالبعيرين ليس بينهما تفاضل في نجابة ولا رحلة) أي حمل ( فإذا كان هذا على ما وصفت لك فلا يشترى منه اثنان بواحد إلى أجل) ووجه تفرقته هذه أن اختلاف المنافع يصير الجنس الواحد جنسين ويتضح معه أن القصد بالمبايعة حصول النفع والغرض لا الزيادة في السلف وأيضًا فمع اختلاف الجنس ليس القصد إلا المنافع لأنها التي تملك، وأما الذوات فلا يملكها إلا خالقها، وإن كانت المنافع هي المقصودة من دابة الحمل والمقصود من آخر من جنسها الجري صار ذلك بمنزلة دابة وثوب فإن اتفقت منافع الجنس لم يجز لأنه إن قدم الأقل سلف بزيادة وإن قدم الأكثر فضمان يجعل لأنه أعطاه أحد الثوبين على أن يكون الآخر في ذمته إلى أجل وسلفه لينتفع بالضمان وهو ممنوع، فلو تحقق السلف دون منفعة لا محققة ولا مقدرة جاز قاله عياض: وقد روى أحمد والأربعة وقال الترمذي: حسن صحيح وصححه غيره أيضًا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة فتعلق به الحنفي والحنبلي فمنعوا بيع الحيوان بالحيوان وجعلوه ناسخًا للخبر الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم اقترض بكرًا ورد رباعيًا وحمله مالك على متحد الجنس جمعًا بينهما وهو أرجح إذ لا يثبت النسخ بالاحتمال ( ولا بأس بأن تبيع ما اشتريت منها قبل أن تستوفيه من غير الذي اشتريته منه) لاختصاص النهي بالطعام كما هو صريح الأحاديث ( إذا انتقدت ثمنه) لا بمؤجل ( ومن سلف في شيء من الحيوان إلى أجل مسمى فوصفه وحلاه) أي وصفه فالعطف مساو ( ونقد ثمنه فذلك جائز وهو لازم للبائع والمبتاع على ما وصفا وحليا ولم يزل ذلك من عمل الناس الجائز بينهم والذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا) المدينة.



رقم الحديث 1358 قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّ مَنِ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنَ الْفَاكِهَةِ مِنْ رَطْبِهَا أَوْ يَابِسِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، إِلَّا يَدًا بِيَدٍ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا يَيْبَسُ، فَيَصِيرُ فَاكِهَةً يَابِسَةً تُدَّخَرُ، وَتُؤْكَلُ، فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ، وَمِثْلًا بِمِثْلٍ إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا يَصْلُحُ إِلَى أَجَلٍ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا لَا يَيْبَسُ وَلَا يُدَّخَرُ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ رَطْبًا كَهَيْئَةِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ، وَالْجَزَرِ وَالْأُتْرُجِّ، وَالْمَوْزِ وَالرُّمَّانِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ، وَإِنْ يَبِسَ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يُدَّخَرُ، وَيَكُونُ فَاكِهَةً، قَالَ: فَأَرَاهُ حَقِيقًا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ.



( بيع الفاكهة)

( قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أن من ابتاع شيئًا من الفاكهة رطبها أو يابسها) بخفضهما ( فإنه لا يبيعه حتى يستوفيه) لأنه من الطعام، وقد نهي عن بيعه قبل استيفائه كما يأتي ( ولا يباع شيء منها بعضه ببعض) بدل من الشيء ( إلا يدًا بيد) لئلا يدخله ربا النساء ( وما كان منها مما ييبس فيصير فاكهة يابسة تدخر وتؤكل فلا يباع بعضه ببعض إلا يدًا بيد) مناجزة ( ومثلاً بمثل) أي متساويًا ( إذا كان من صنف واحد) لدخول ربا الفضل والنساء ( فإن كانا من صنفين مختلفين فلا بأس بأن يباع اثنان بواحد يدًا بيد) أي مناجزة ( ولا يصلح إلى أجل) لربا النساء ( وما كان منها لا ييبس ولا يدخر وإنما يؤكل رطبًا كهيئة البطيخ والقثاء والخربز) بكسر المعجمة وزاي آخره، نوع من البطيخ ( والجزر والأترج) بضم الهمزة وشد الجيم، فاكهة معروفة الواحدة أترجة وفي لغة ضعيفة ترنج قال الأزهري والأولى هي التي تكلم بها الفصحاء وارتضاه النحويون ( والموز) الفاكهة المعروفة الواحدة موزة ( والرمان) فعال، ونونه أصلية، ولذا ينصرف فإن سمي به امتنع حملاً على الأكثر الواحدة رمانة ( وما كان مثله وإن يبس لم يكن فاكهة بعد ذلك وليس هو مما) وفي نسخة مثل ما ( يدخر ويكون فاكهة فأراه حقيقًا أن يؤخذ منه من صنف واحد اثنان بواحد يدًا بيد فإذا لم يدخل فيه شيء من الأجل فإنه لا بأس به) أي يجوز.