فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ

رقم الحديث 1263 حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ؟ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ، فَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ.


( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ المدني الفقيه ( عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح المهملة والموحدة.
قال ابن عبد البر: هذا من رواية النظير عن النظير والكبير عن الصغير ( عن ابن محيريز) بضم الميم ومهملة وراء وزاي آخره مصغرًا، عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي، بضم الجيم وفتح الميم فمهملة المكي كان يتيمًا في حجر أبي محذورة، ثم نزل بيت المقدس تابعي ثقة عابد مات سنة تسع وتسعين وقيل قبلها ( أنه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان ( فجلست إليه فسألته عن العزل) أهو جائز أم لا ( فقال أبو سعيد الخدري: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق) بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المشالة المهملتين وكسر اللام فقاف، لقب جذيمة بن سعد الخزاعي، سمي بذلك لحسن صوته وكان أول من غنى من خزاعة وهي غزوة المريسيع، بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتية وكسر المهملة وإسكان التحتية الثانية وعين مهملة ماء لبني خزاعة.
وفي أنها سنة ست أو خمس أو أربع خلاف.
وسببها أنه صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار فخرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع قريب إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا فهزمهم الله وقتل منهم ونقل صلى الله عليه وسلم نساءهم وأبناءهم وأموالهم كذا ذكر ابن إسحاق بأسانيد مرسلة.
والذي في الصحيح عن ابن عمر يدل على أنه أغار عليهم على حين غفلة ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم الحديث.

قال الحافظ فيحتمل أنهم حين الإيقاع ثبتوا قليلاً فلما كثر فيهم القتل انهزموا بأن يكونوا لما دهمهم وهم على الماء ثبتوا وتصافوا، ووقع القتال بينهم ثم وقعت الغلبة عليهم ( فأصبنا سبيًا من سبي العرب) أي نساء أخذناها منهم، وفي رواية لمسلم فسبينا كرائم العرب ( فاشتهينا النساء) أي جماعهن ( واشتدت) قويت ( علينا العزبة) بضم المهملة وإسكان الزاي، فقد الأزواج والنكاح وهذا يشبه عطف العلة على المعلول.
وفي رواية إسماعيل بن جعفر وطالت علينا العزبة قال القرطبي: أي تعذر علينا النكاح لتعذر أسبابه لا أن ذلك لطول الإقامة لأن غيبتهم عن المدينة لم تطل اهـ.
وفيه نظر فقد ذكر ابن سعد وغيره أن غيبتهم في هذه الغزوة كانت ثمانية وعشرين يومًا ( وأحببنا الفداء) ولمسلم ورغبنا في الفداء ( فأردنا أن نعزل) خوفًا من الحمل المانع من الفداء الذي أحببناه ( فقلنا: نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا) أي بيننا وأظهر زائدة ( قبل أن نسأله) عن الحكم لأنه وقع في نفوسهم أنه من الوأد الخفي كالفرار من القدر قاله المازري.
وفي رواية: وكنا نعزل ثم سألنا فجمع بينهما بأن منهم من سأل قبل العزل، ومنهم من سأل بعده وبأن معنى نعزل عزمنا عليه فيرجع معناها إلى الأولى ( فسألناه عن ذلك) زاد في رواية جويرية عن مالك فقال: أو أنكم لتفعلون قالها ثلاثًا وظاهره أنه صلى الله عليه وسلم ما اطلع على فعلهم فيشكل مع قول جابر في الصحيح: كنا نعزل على عهد صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل لأن الصحابي إذا قال: كنا نفعل على عهد النبي يكون مرفوعًا لأن الظاهر اطلاعه عليه.
وأجيب بأن دواعيهم كانت متوفرة على سؤاله عن أمور الدين فإذا عملوا شيئًا وعلموا أنه لم يطلع عليه بادروا إلى السؤال عن حكمه فيكون الظهور من هذه الحيثية ( فقال: ما عليكم) بأس ( أن لا تفعلوا) أي ليس عدم الفعل واجبًا عليكم أو لا زائدة، أي لا بأس عليكم في فعله.
وحكى ابن عبد البر عن الحسن البصري أن معناه النهي أي لا تفعلوا العزل ( ما من نسمة) بفتحات أي نفس ( كائنة) أي قدر كونها في علم الله ( إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة) أي موجودة في الخارج سواء عزلتم أم لا فلا فائدة في العزل فإنه إن كان خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم الحرص، وقد خلق الله آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ضلع منه، وعيسى من غير ذكر.

وعند أحمد والبزار وصححه ابن حبان عن أنس أن رجلاً سأل عن العزل فقال صلى الله عليه وسلم: لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لا أخرج الله منها ولدًا، أو يخرج الله منها ولدًا، ليخلقن الله نفسًا هو خالقها.
وفي مسلم عن جابر أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمنا وسانيتنا وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها.
فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت.
فقال: قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها.
وفي رواية له فقال: أنا عبد الله ورسوله.
قال أبو عمر في حديث الباب: أنهم انطلقوا على وطء ما وقع في سهامهم من النساء وإنما يكون ذلك بعد الاستبراء بشرط أن تكون الأمة كتابية، فإن كان سبي بني المصطلق كتابيات لأن من العرب من تهود وتنصر فذاك وإن كن وثنيات لم يحل وطؤهن بالملك إلا بعد الإسلام عند الجمهور لقوله تعالى: { { وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } }

وقد روى عبد الرزاق عن الحسن قال: كنا نغزو مع الصحابة فإذا أراد أحدهم أن يصيب الجارية من الفيء أمرها فغسلت ثيابها واغتسلت ثم علمها الإسلام ثم أمرها بالصلاة واستبرأها بحيضة ثم أصابها اهـ.
بمعناه وأجيب أيضًا بأنهن أسلمن ولا يصح لقوله وأحببنا الفداء إذ لا يقال هذا فيمن أسلم ورد بأن الإسلام لا يمنع ملك السابي بل يستمر بعد الإسلام فيجوز فداؤه وبيعه، ولو أسلم وبأنه كان يجوز أول الإسلام وطء الأمة المشركة ثم نسخ ولا يصح لاحتياجه إلى دليل، ويحتمل أن السؤال وقع عن وطء من أسلم منهن.
ولو بقي الحديث على ظاهره في الوطء قبل الإسلام لبقي أيضًا على ظاهره في القدوم عليه قبل الاستبراء وهو ممنوع اتفاقًا فلا بد من تأويل الأمرين.
وحديث الحسن برفع الإشكال عنهما معًا وفيه حجة للجمهور في منع بيع أم الولد لامتناعهم من الفداء للحمل والفداء بيع والإجماع عليه وهي حامل خوف رق الولد، وإنما الخلاف في بيعها بعد الوضع.
والجمهور على المنع وفيه استرقاق جميع العرب كقريش، وبه قال الجمهور ومالك والشافعي في الجديد.
وقال في القديم وأبو حنيفة وابن وهب: لا يجري عليهم الرق لشرفهم فإن أسلموا وإلا قتلوا.

وأخرج البخاري في العتق عن عبد الله بن يوسف عن مالك به.
وتابعه إسماعيل بن جعفر عن ربيعة عند الشيخين، وروياه جميعًا عن شيخهما عبد الله بن محمد بن أسماء عن عمه جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عن ابن محيريز عن أبي سعيد أخبره أنه قال: أصبنا سبايا وكنا نعزل ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لنا: أوإنكم لتفعلون ثلاثًا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة.
قال ابن عبد البر وما أظن أحدًا رواه عن مالك بهذا الإسناد غير جويرية اهـ.
لكنها ليست بشاذة عن مالك فهو عنده بالإسنادين وقد تابعه شعيب عند البخاري في البيع ويونس عنده في القدر وعقيل عنده...... كلهم عن الزهري عن ابن محيريز به.

( مالك عن أبي النضر) بمعجمة سالم بن أبي أمية ( مولى عمر بن عبيد الله) بضم العينين القرشي التيمي ( عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) الزهري المدني مات سنة أربع ومائة ( عن أبيه أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الرخصة فيه.

( مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن ابن أفلح) هو عمر بضم العين، ابن كثير بن أفلح المدني الثقة ( مولى أبي أيوب الأنصاري عن أم ولد لأبي أيوب الأنصاري أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الترخيص فيه كزيد وجابر وابن عباس وسعد.
قال ابن عبد البر: وهو قول جمهور الفقهاء.

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان لا يعزل وكان يكره العزل) ويضرب بعض ولده إذا فعله لأنه طريق إلى قطع النسل ولذا قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عنه ذلك: الوأد الخفي، رواه مسلم وغيره وكذا روي عن عمر وعثمان أنهما كرهاه واختلف فيه عن علي.

( مالك عن ضمرة) بفتح المعجمة وإسكان الميم ( بن سعيد) بكسر العين ( المازني) الأنصاري المدني ( عن الحجاج بن عمرو) بفتح العين ( بن غزية) بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وشد التحتية، الأنصاري المازني المدني صحابي شهد صفين مع علي ( أنه كان جالسًا عند زيد بن ثابت) الأنصاري ( فجاءه ابن قهد) بالقاف المفتوحة ضبطه ابن الحذاء وجوز أنه قيس بن قهد الصحابي.
قال في التبصرة: وفيه بعد ولعل وجهه قوله: ( رجل من أهل اليمن) فإن قيسًا الصحابي من الأنصار فيبعد أن يقال فيه ذلك وإن كان أصل الأنصار من اليمن ( فقال: يا أبا سعيد) كنية زيد ( إن عندي جواري) بفتح الجيم جمع جارية ( لي ليس نسائي اللاتي أكن) بضم الهمزة وكسر الكاف أضم إلي ( بأعجب إلي منهن وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني) لأني قد أحتاج للبيع ونحو ذلك ( أفأعزل؟ فقال زيد: أفته يا حجاج قال: فقلت يغفر الله لك إنما نجلس عندك لنتعلم منك) لمزيد فقهك ( قال أفته قال: فقلت هو حرثك) أي محل زرعك الولد ( إن شئت سقيته وإن شئت أعطشته) منعته السقي ( قال: وكنت أسمع ذلك من زيد فقال زيد: صدق) لأنه يرى حله.

( مالك عن حميد بن قيس المكي عن رجل يقال له ذفيف) بذال معجمة بوزن عظيم المدني مولى ابن عباس قال أبو جعفر مات سنة تسع ومائة ( أنه قال: سئل ابن عباس عن العزل فدعا جارية له فقال أخبريهم) أي السائلين ( فكأنها استحيت فقال: هو ذلك أما أنا فأفعله يعني أنه يعزل) ويروى أنه تناجى رجلان عند عمر فقال: ما هذه المناجاة؟ قال: إن اليهود تزعم أن العزل الموءودة الصغرى.
فقال علي: لا تكون موءودة حتى يمر عليها التارات السبع { { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } } الآية فقال عمر لعلي: صدقت أطال الله بقاءك.
فقيل إنه أول من قالها في الإسلام لكن هذا الخبر خلاف ما روى ابن المسيب أن عمر وعثمان كانا يكرهان العزل قاله أبو عمر.

( قال مالك: لا يعزل الرجل) ماءه ( المرأة) أي عنها فنصب على التوسع ( الحرة إلا بإذنها) لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به وليس الجماع المعروف إلا ما لا عزل فيه فهو من تمام لذتها ولحقها في الولد، وقد روى ابن ماجه عن عمر نهى صلى الله عليه وسلم عن العزل عن الحرة إلا بإذنها، لكن في إسناده ابن لهيعة.
( ولا بأس أن يعزل عن أمته) المملوكة له ( بغير إذنها) إذ لا حق لها في وطء ولا استيلاد ( ومن كانت تحته أمة قوم) أي متزوجًا بها ( فلا يعزل إلا بإذنهم) لحقهم في الولد، قال عياض: ورأى بعض شيوخنا إذنها أيضًا لحق الزوجية.
وقال الباجي وقيل لا يعزل عنها إلا بإذنها أيضًا وعندي أن هذا صحيح لأن لها بالعقد حقًا في الوطء فلا يجوز عزله عنها إلا بإذنها وإذن مولاها لحقه في الولد، ووافقه أبو حنيفة وأحمد على ذلك وذهب الشافعية إلى الكراهة مطلقًا في كل حال وفي كل امرأة وإن رضيت لأنه طريق إلى قطع النسل ولا يحرم في مملوكته ولا زوجته الأمة رضيت أم لا لأن عليه ضررًا في أمته بصيرورتها أم ولد وفي زوجته الرقيقة بمصير ولدها رقيقًا.
وأما الحرة فإن أذنت لم يحرم، وإلا فوجهان أصحهما لا يحرم.
قال في الفتح: وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح فمن قال بالمنع، ففي هذه أولى.
ومن قال بالجواز فيمكن أن يلتحق به هذا ويمكن أن يفرق بأنه أشد لأن العزل لم يقع فيه تعاطي السبب ومعالجة السقط يقع بعد تعاطي السبب، ويلتحق به تعاطي المرأة ما يقطع الحبل من أصله وأفتى بعض متأخري الشافعية بمنعه وهو مشكل على القول بإباحة العزل مطلقًا.



رقم الحديث 1264 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ: كَانَ يَعْزِلُ.


( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ المدني الفقيه ( عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح المهملة والموحدة.
قال ابن عبد البر: هذا من رواية النظير عن النظير والكبير عن الصغير ( عن ابن محيريز) بضم الميم ومهملة وراء وزاي آخره مصغرًا، عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي، بضم الجيم وفتح الميم فمهملة المكي كان يتيمًا في حجر أبي محذورة، ثم نزل بيت المقدس تابعي ثقة عابد مات سنة تسع وتسعين وقيل قبلها ( أنه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان ( فجلست إليه فسألته عن العزل) أهو جائز أم لا ( فقال أبو سعيد الخدري: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق) بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المشالة المهملتين وكسر اللام فقاف، لقب جذيمة بن سعد الخزاعي، سمي بذلك لحسن صوته وكان أول من غنى من خزاعة وهي غزوة المريسيع، بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتية وكسر المهملة وإسكان التحتية الثانية وعين مهملة ماء لبني خزاعة.
وفي أنها سنة ست أو خمس أو أربع خلاف.
وسببها أنه صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار فخرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع قريب إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا فهزمهم الله وقتل منهم ونقل صلى الله عليه وسلم نساءهم وأبناءهم وأموالهم كذا ذكر ابن إسحاق بأسانيد مرسلة.
والذي في الصحيح عن ابن عمر يدل على أنه أغار عليهم على حين غفلة ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم الحديث.

قال الحافظ فيحتمل أنهم حين الإيقاع ثبتوا قليلاً فلما كثر فيهم القتل انهزموا بأن يكونوا لما دهمهم وهم على الماء ثبتوا وتصافوا، ووقع القتال بينهم ثم وقعت الغلبة عليهم ( فأصبنا سبيًا من سبي العرب) أي نساء أخذناها منهم، وفي رواية لمسلم فسبينا كرائم العرب ( فاشتهينا النساء) أي جماعهن ( واشتدت) قويت ( علينا العزبة) بضم المهملة وإسكان الزاي، فقد الأزواج والنكاح وهذا يشبه عطف العلة على المعلول.
وفي رواية إسماعيل بن جعفر وطالت علينا العزبة قال القرطبي: أي تعذر علينا النكاح لتعذر أسبابه لا أن ذلك لطول الإقامة لأن غيبتهم عن المدينة لم تطل اهـ.
وفيه نظر فقد ذكر ابن سعد وغيره أن غيبتهم في هذه الغزوة كانت ثمانية وعشرين يومًا ( وأحببنا الفداء) ولمسلم ورغبنا في الفداء ( فأردنا أن نعزل) خوفًا من الحمل المانع من الفداء الذي أحببناه ( فقلنا: نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا) أي بيننا وأظهر زائدة ( قبل أن نسأله) عن الحكم لأنه وقع في نفوسهم أنه من الوأد الخفي كالفرار من القدر قاله المازري.
وفي رواية: وكنا نعزل ثم سألنا فجمع بينهما بأن منهم من سأل قبل العزل، ومنهم من سأل بعده وبأن معنى نعزل عزمنا عليه فيرجع معناها إلى الأولى ( فسألناه عن ذلك) زاد في رواية جويرية عن مالك فقال: أو أنكم لتفعلون قالها ثلاثًا وظاهره أنه صلى الله عليه وسلم ما اطلع على فعلهم فيشكل مع قول جابر في الصحيح: كنا نعزل على عهد صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل لأن الصحابي إذا قال: كنا نفعل على عهد النبي يكون مرفوعًا لأن الظاهر اطلاعه عليه.
وأجيب بأن دواعيهم كانت متوفرة على سؤاله عن أمور الدين فإذا عملوا شيئًا وعلموا أنه لم يطلع عليه بادروا إلى السؤال عن حكمه فيكون الظهور من هذه الحيثية ( فقال: ما عليكم) بأس ( أن لا تفعلوا) أي ليس عدم الفعل واجبًا عليكم أو لا زائدة، أي لا بأس عليكم في فعله.
وحكى ابن عبد البر عن الحسن البصري أن معناه النهي أي لا تفعلوا العزل ( ما من نسمة) بفتحات أي نفس ( كائنة) أي قدر كونها في علم الله ( إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة) أي موجودة في الخارج سواء عزلتم أم لا فلا فائدة في العزل فإنه إن كان خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم الحرص، وقد خلق الله آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ضلع منه، وعيسى من غير ذكر.

وعند أحمد والبزار وصححه ابن حبان عن أنس أن رجلاً سأل عن العزل فقال صلى الله عليه وسلم: لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لا أخرج الله منها ولدًا، أو يخرج الله منها ولدًا، ليخلقن الله نفسًا هو خالقها.
وفي مسلم عن جابر أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمنا وسانيتنا وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها.
فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت.
فقال: قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها.
وفي رواية له فقال: أنا عبد الله ورسوله.
قال أبو عمر في حديث الباب: أنهم انطلقوا على وطء ما وقع في سهامهم من النساء وإنما يكون ذلك بعد الاستبراء بشرط أن تكون الأمة كتابية، فإن كان سبي بني المصطلق كتابيات لأن من العرب من تهود وتنصر فذاك وإن كن وثنيات لم يحل وطؤهن بالملك إلا بعد الإسلام عند الجمهور لقوله تعالى: { { وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } }

وقد روى عبد الرزاق عن الحسن قال: كنا نغزو مع الصحابة فإذا أراد أحدهم أن يصيب الجارية من الفيء أمرها فغسلت ثيابها واغتسلت ثم علمها الإسلام ثم أمرها بالصلاة واستبرأها بحيضة ثم أصابها اهـ.
بمعناه وأجيب أيضًا بأنهن أسلمن ولا يصح لقوله وأحببنا الفداء إذ لا يقال هذا فيمن أسلم ورد بأن الإسلام لا يمنع ملك السابي بل يستمر بعد الإسلام فيجوز فداؤه وبيعه، ولو أسلم وبأنه كان يجوز أول الإسلام وطء الأمة المشركة ثم نسخ ولا يصح لاحتياجه إلى دليل، ويحتمل أن السؤال وقع عن وطء من أسلم منهن.
ولو بقي الحديث على ظاهره في الوطء قبل الإسلام لبقي أيضًا على ظاهره في القدوم عليه قبل الاستبراء وهو ممنوع اتفاقًا فلا بد من تأويل الأمرين.
وحديث الحسن برفع الإشكال عنهما معًا وفيه حجة للجمهور في منع بيع أم الولد لامتناعهم من الفداء للحمل والفداء بيع والإجماع عليه وهي حامل خوف رق الولد، وإنما الخلاف في بيعها بعد الوضع.
والجمهور على المنع وفيه استرقاق جميع العرب كقريش، وبه قال الجمهور ومالك والشافعي في الجديد.
وقال في القديم وأبو حنيفة وابن وهب: لا يجري عليهم الرق لشرفهم فإن أسلموا وإلا قتلوا.

وأخرج البخاري في العتق عن عبد الله بن يوسف عن مالك به.
وتابعه إسماعيل بن جعفر عن ربيعة عند الشيخين، وروياه جميعًا عن شيخهما عبد الله بن محمد بن أسماء عن عمه جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عن ابن محيريز عن أبي سعيد أخبره أنه قال: أصبنا سبايا وكنا نعزل ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لنا: أوإنكم لتفعلون ثلاثًا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة.
قال ابن عبد البر وما أظن أحدًا رواه عن مالك بهذا الإسناد غير جويرية اهـ.
لكنها ليست بشاذة عن مالك فهو عنده بالإسنادين وقد تابعه شعيب عند البخاري في البيع ويونس عنده في القدر وعقيل عنده...... كلهم عن الزهري عن ابن محيريز به.

( مالك عن أبي النضر) بمعجمة سالم بن أبي أمية ( مولى عمر بن عبيد الله) بضم العينين القرشي التيمي ( عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) الزهري المدني مات سنة أربع ومائة ( عن أبيه أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الرخصة فيه.

( مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن ابن أفلح) هو عمر بضم العين، ابن كثير بن أفلح المدني الثقة ( مولى أبي أيوب الأنصاري عن أم ولد لأبي أيوب الأنصاري أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الترخيص فيه كزيد وجابر وابن عباس وسعد.
قال ابن عبد البر: وهو قول جمهور الفقهاء.

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان لا يعزل وكان يكره العزل) ويضرب بعض ولده إذا فعله لأنه طريق إلى قطع النسل ولذا قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عنه ذلك: الوأد الخفي، رواه مسلم وغيره وكذا روي عن عمر وعثمان أنهما كرهاه واختلف فيه عن علي.

( مالك عن ضمرة) بفتح المعجمة وإسكان الميم ( بن سعيد) بكسر العين ( المازني) الأنصاري المدني ( عن الحجاج بن عمرو) بفتح العين ( بن غزية) بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وشد التحتية، الأنصاري المازني المدني صحابي شهد صفين مع علي ( أنه كان جالسًا عند زيد بن ثابت) الأنصاري ( فجاءه ابن قهد) بالقاف المفتوحة ضبطه ابن الحذاء وجوز أنه قيس بن قهد الصحابي.
قال في التبصرة: وفيه بعد ولعل وجهه قوله: ( رجل من أهل اليمن) فإن قيسًا الصحابي من الأنصار فيبعد أن يقال فيه ذلك وإن كان أصل الأنصار من اليمن ( فقال: يا أبا سعيد) كنية زيد ( إن عندي جواري) بفتح الجيم جمع جارية ( لي ليس نسائي اللاتي أكن) بضم الهمزة وكسر الكاف أضم إلي ( بأعجب إلي منهن وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني) لأني قد أحتاج للبيع ونحو ذلك ( أفأعزل؟ فقال زيد: أفته يا حجاج قال: فقلت يغفر الله لك إنما نجلس عندك لنتعلم منك) لمزيد فقهك ( قال أفته قال: فقلت هو حرثك) أي محل زرعك الولد ( إن شئت سقيته وإن شئت أعطشته) منعته السقي ( قال: وكنت أسمع ذلك من زيد فقال زيد: صدق) لأنه يرى حله.

( مالك عن حميد بن قيس المكي عن رجل يقال له ذفيف) بذال معجمة بوزن عظيم المدني مولى ابن عباس قال أبو جعفر مات سنة تسع ومائة ( أنه قال: سئل ابن عباس عن العزل فدعا جارية له فقال أخبريهم) أي السائلين ( فكأنها استحيت فقال: هو ذلك أما أنا فأفعله يعني أنه يعزل) ويروى أنه تناجى رجلان عند عمر فقال: ما هذه المناجاة؟ قال: إن اليهود تزعم أن العزل الموءودة الصغرى.
فقال علي: لا تكون موءودة حتى يمر عليها التارات السبع { { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } } الآية فقال عمر لعلي: صدقت أطال الله بقاءك.
فقيل إنه أول من قالها في الإسلام لكن هذا الخبر خلاف ما روى ابن المسيب أن عمر وعثمان كانا يكرهان العزل قاله أبو عمر.

( قال مالك: لا يعزل الرجل) ماءه ( المرأة) أي عنها فنصب على التوسع ( الحرة إلا بإذنها) لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به وليس الجماع المعروف إلا ما لا عزل فيه فهو من تمام لذتها ولحقها في الولد، وقد روى ابن ماجه عن عمر نهى صلى الله عليه وسلم عن العزل عن الحرة إلا بإذنها، لكن في إسناده ابن لهيعة.
( ولا بأس أن يعزل عن أمته) المملوكة له ( بغير إذنها) إذ لا حق لها في وطء ولا استيلاد ( ومن كانت تحته أمة قوم) أي متزوجًا بها ( فلا يعزل إلا بإذنهم) لحقهم في الولد، قال عياض: ورأى بعض شيوخنا إذنها أيضًا لحق الزوجية.
وقال الباجي وقيل لا يعزل عنها إلا بإذنها أيضًا وعندي أن هذا صحيح لأن لها بالعقد حقًا في الوطء فلا يجوز عزله عنها إلا بإذنها وإذن مولاها لحقه في الولد، ووافقه أبو حنيفة وأحمد على ذلك وذهب الشافعية إلى الكراهة مطلقًا في كل حال وفي كل امرأة وإن رضيت لأنه طريق إلى قطع النسل ولا يحرم في مملوكته ولا زوجته الأمة رضيت أم لا لأن عليه ضررًا في أمته بصيرورتها أم ولد وفي زوجته الرقيقة بمصير ولدها رقيقًا.
وأما الحرة فإن أذنت لم يحرم، وإلا فوجهان أصحهما لا يحرم.
قال في الفتح: وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح فمن قال بالمنع، ففي هذه أولى.
ومن قال بالجواز فيمكن أن يلتحق به هذا ويمكن أن يفرق بأنه أشد لأن العزل لم يقع فيه تعاطي السبب ومعالجة السقط يقع بعد تعاطي السبب، ويلتحق به تعاطي المرأة ما يقطع الحبل من أصله وأفتى بعض متأخري الشافعية بمنعه وهو مشكل على القول بإباحة العزل مطلقًا.



رقم الحديث 1265 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ: كَانَ يَعْزِلُ.


( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ المدني الفقيه ( عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح المهملة والموحدة.
قال ابن عبد البر: هذا من رواية النظير عن النظير والكبير عن الصغير ( عن ابن محيريز) بضم الميم ومهملة وراء وزاي آخره مصغرًا، عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي، بضم الجيم وفتح الميم فمهملة المكي كان يتيمًا في حجر أبي محذورة، ثم نزل بيت المقدس تابعي ثقة عابد مات سنة تسع وتسعين وقيل قبلها ( أنه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان ( فجلست إليه فسألته عن العزل) أهو جائز أم لا ( فقال أبو سعيد الخدري: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق) بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المشالة المهملتين وكسر اللام فقاف، لقب جذيمة بن سعد الخزاعي، سمي بذلك لحسن صوته وكان أول من غنى من خزاعة وهي غزوة المريسيع، بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتية وكسر المهملة وإسكان التحتية الثانية وعين مهملة ماء لبني خزاعة.
وفي أنها سنة ست أو خمس أو أربع خلاف.
وسببها أنه صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار فخرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع قريب إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا فهزمهم الله وقتل منهم ونقل صلى الله عليه وسلم نساءهم وأبناءهم وأموالهم كذا ذكر ابن إسحاق بأسانيد مرسلة.
والذي في الصحيح عن ابن عمر يدل على أنه أغار عليهم على حين غفلة ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم الحديث.

قال الحافظ فيحتمل أنهم حين الإيقاع ثبتوا قليلاً فلما كثر فيهم القتل انهزموا بأن يكونوا لما دهمهم وهم على الماء ثبتوا وتصافوا، ووقع القتال بينهم ثم وقعت الغلبة عليهم ( فأصبنا سبيًا من سبي العرب) أي نساء أخذناها منهم، وفي رواية لمسلم فسبينا كرائم العرب ( فاشتهينا النساء) أي جماعهن ( واشتدت) قويت ( علينا العزبة) بضم المهملة وإسكان الزاي، فقد الأزواج والنكاح وهذا يشبه عطف العلة على المعلول.
وفي رواية إسماعيل بن جعفر وطالت علينا العزبة قال القرطبي: أي تعذر علينا النكاح لتعذر أسبابه لا أن ذلك لطول الإقامة لأن غيبتهم عن المدينة لم تطل اهـ.
وفيه نظر فقد ذكر ابن سعد وغيره أن غيبتهم في هذه الغزوة كانت ثمانية وعشرين يومًا ( وأحببنا الفداء) ولمسلم ورغبنا في الفداء ( فأردنا أن نعزل) خوفًا من الحمل المانع من الفداء الذي أحببناه ( فقلنا: نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا) أي بيننا وأظهر زائدة ( قبل أن نسأله) عن الحكم لأنه وقع في نفوسهم أنه من الوأد الخفي كالفرار من القدر قاله المازري.
وفي رواية: وكنا نعزل ثم سألنا فجمع بينهما بأن منهم من سأل قبل العزل، ومنهم من سأل بعده وبأن معنى نعزل عزمنا عليه فيرجع معناها إلى الأولى ( فسألناه عن ذلك) زاد في رواية جويرية عن مالك فقال: أو أنكم لتفعلون قالها ثلاثًا وظاهره أنه صلى الله عليه وسلم ما اطلع على فعلهم فيشكل مع قول جابر في الصحيح: كنا نعزل على عهد صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل لأن الصحابي إذا قال: كنا نفعل على عهد النبي يكون مرفوعًا لأن الظاهر اطلاعه عليه.
وأجيب بأن دواعيهم كانت متوفرة على سؤاله عن أمور الدين فإذا عملوا شيئًا وعلموا أنه لم يطلع عليه بادروا إلى السؤال عن حكمه فيكون الظهور من هذه الحيثية ( فقال: ما عليكم) بأس ( أن لا تفعلوا) أي ليس عدم الفعل واجبًا عليكم أو لا زائدة، أي لا بأس عليكم في فعله.
وحكى ابن عبد البر عن الحسن البصري أن معناه النهي أي لا تفعلوا العزل ( ما من نسمة) بفتحات أي نفس ( كائنة) أي قدر كونها في علم الله ( إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة) أي موجودة في الخارج سواء عزلتم أم لا فلا فائدة في العزل فإنه إن كان خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم الحرص، وقد خلق الله آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ضلع منه، وعيسى من غير ذكر.

وعند أحمد والبزار وصححه ابن حبان عن أنس أن رجلاً سأل عن العزل فقال صلى الله عليه وسلم: لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لا أخرج الله منها ولدًا، أو يخرج الله منها ولدًا، ليخلقن الله نفسًا هو خالقها.
وفي مسلم عن جابر أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمنا وسانيتنا وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها.
فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت.
فقال: قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها.
وفي رواية له فقال: أنا عبد الله ورسوله.
قال أبو عمر في حديث الباب: أنهم انطلقوا على وطء ما وقع في سهامهم من النساء وإنما يكون ذلك بعد الاستبراء بشرط أن تكون الأمة كتابية، فإن كان سبي بني المصطلق كتابيات لأن من العرب من تهود وتنصر فذاك وإن كن وثنيات لم يحل وطؤهن بالملك إلا بعد الإسلام عند الجمهور لقوله تعالى: { { وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } }

وقد روى عبد الرزاق عن الحسن قال: كنا نغزو مع الصحابة فإذا أراد أحدهم أن يصيب الجارية من الفيء أمرها فغسلت ثيابها واغتسلت ثم علمها الإسلام ثم أمرها بالصلاة واستبرأها بحيضة ثم أصابها اهـ.
بمعناه وأجيب أيضًا بأنهن أسلمن ولا يصح لقوله وأحببنا الفداء إذ لا يقال هذا فيمن أسلم ورد بأن الإسلام لا يمنع ملك السابي بل يستمر بعد الإسلام فيجوز فداؤه وبيعه، ولو أسلم وبأنه كان يجوز أول الإسلام وطء الأمة المشركة ثم نسخ ولا يصح لاحتياجه إلى دليل، ويحتمل أن السؤال وقع عن وطء من أسلم منهن.
ولو بقي الحديث على ظاهره في الوطء قبل الإسلام لبقي أيضًا على ظاهره في القدوم عليه قبل الاستبراء وهو ممنوع اتفاقًا فلا بد من تأويل الأمرين.
وحديث الحسن برفع الإشكال عنهما معًا وفيه حجة للجمهور في منع بيع أم الولد لامتناعهم من الفداء للحمل والفداء بيع والإجماع عليه وهي حامل خوف رق الولد، وإنما الخلاف في بيعها بعد الوضع.
والجمهور على المنع وفيه استرقاق جميع العرب كقريش، وبه قال الجمهور ومالك والشافعي في الجديد.
وقال في القديم وأبو حنيفة وابن وهب: لا يجري عليهم الرق لشرفهم فإن أسلموا وإلا قتلوا.

وأخرج البخاري في العتق عن عبد الله بن يوسف عن مالك به.
وتابعه إسماعيل بن جعفر عن ربيعة عند الشيخين، وروياه جميعًا عن شيخهما عبد الله بن محمد بن أسماء عن عمه جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عن ابن محيريز عن أبي سعيد أخبره أنه قال: أصبنا سبايا وكنا نعزل ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لنا: أوإنكم لتفعلون ثلاثًا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة.
قال ابن عبد البر وما أظن أحدًا رواه عن مالك بهذا الإسناد غير جويرية اهـ.
لكنها ليست بشاذة عن مالك فهو عنده بالإسنادين وقد تابعه شعيب عند البخاري في البيع ويونس عنده في القدر وعقيل عنده...... كلهم عن الزهري عن ابن محيريز به.

( مالك عن أبي النضر) بمعجمة سالم بن أبي أمية ( مولى عمر بن عبيد الله) بضم العينين القرشي التيمي ( عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) الزهري المدني مات سنة أربع ومائة ( عن أبيه أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الرخصة فيه.

( مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن ابن أفلح) هو عمر بضم العين، ابن كثير بن أفلح المدني الثقة ( مولى أبي أيوب الأنصاري عن أم ولد لأبي أيوب الأنصاري أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الترخيص فيه كزيد وجابر وابن عباس وسعد.
قال ابن عبد البر: وهو قول جمهور الفقهاء.

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان لا يعزل وكان يكره العزل) ويضرب بعض ولده إذا فعله لأنه طريق إلى قطع النسل ولذا قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عنه ذلك: الوأد الخفي، رواه مسلم وغيره وكذا روي عن عمر وعثمان أنهما كرهاه واختلف فيه عن علي.

( مالك عن ضمرة) بفتح المعجمة وإسكان الميم ( بن سعيد) بكسر العين ( المازني) الأنصاري المدني ( عن الحجاج بن عمرو) بفتح العين ( بن غزية) بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وشد التحتية، الأنصاري المازني المدني صحابي شهد صفين مع علي ( أنه كان جالسًا عند زيد بن ثابت) الأنصاري ( فجاءه ابن قهد) بالقاف المفتوحة ضبطه ابن الحذاء وجوز أنه قيس بن قهد الصحابي.
قال في التبصرة: وفيه بعد ولعل وجهه قوله: ( رجل من أهل اليمن) فإن قيسًا الصحابي من الأنصار فيبعد أن يقال فيه ذلك وإن كان أصل الأنصار من اليمن ( فقال: يا أبا سعيد) كنية زيد ( إن عندي جواري) بفتح الجيم جمع جارية ( لي ليس نسائي اللاتي أكن) بضم الهمزة وكسر الكاف أضم إلي ( بأعجب إلي منهن وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني) لأني قد أحتاج للبيع ونحو ذلك ( أفأعزل؟ فقال زيد: أفته يا حجاج قال: فقلت يغفر الله لك إنما نجلس عندك لنتعلم منك) لمزيد فقهك ( قال أفته قال: فقلت هو حرثك) أي محل زرعك الولد ( إن شئت سقيته وإن شئت أعطشته) منعته السقي ( قال: وكنت أسمع ذلك من زيد فقال زيد: صدق) لأنه يرى حله.

( مالك عن حميد بن قيس المكي عن رجل يقال له ذفيف) بذال معجمة بوزن عظيم المدني مولى ابن عباس قال أبو جعفر مات سنة تسع ومائة ( أنه قال: سئل ابن عباس عن العزل فدعا جارية له فقال أخبريهم) أي السائلين ( فكأنها استحيت فقال: هو ذلك أما أنا فأفعله يعني أنه يعزل) ويروى أنه تناجى رجلان عند عمر فقال: ما هذه المناجاة؟ قال: إن اليهود تزعم أن العزل الموءودة الصغرى.
فقال علي: لا تكون موءودة حتى يمر عليها التارات السبع { { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } } الآية فقال عمر لعلي: صدقت أطال الله بقاءك.
فقيل إنه أول من قالها في الإسلام لكن هذا الخبر خلاف ما روى ابن المسيب أن عمر وعثمان كانا يكرهان العزل قاله أبو عمر.

( قال مالك: لا يعزل الرجل) ماءه ( المرأة) أي عنها فنصب على التوسع ( الحرة إلا بإذنها) لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به وليس الجماع المعروف إلا ما لا عزل فيه فهو من تمام لذتها ولحقها في الولد، وقد روى ابن ماجه عن عمر نهى صلى الله عليه وسلم عن العزل عن الحرة إلا بإذنها، لكن في إسناده ابن لهيعة.
( ولا بأس أن يعزل عن أمته) المملوكة له ( بغير إذنها) إذ لا حق لها في وطء ولا استيلاد ( ومن كانت تحته أمة قوم) أي متزوجًا بها ( فلا يعزل إلا بإذنهم) لحقهم في الولد، قال عياض: ورأى بعض شيوخنا إذنها أيضًا لحق الزوجية.
وقال الباجي وقيل لا يعزل عنها إلا بإذنها أيضًا وعندي أن هذا صحيح لأن لها بالعقد حقًا في الوطء فلا يجوز عزله عنها إلا بإذنها وإذن مولاها لحقه في الولد، ووافقه أبو حنيفة وأحمد على ذلك وذهب الشافعية إلى الكراهة مطلقًا في كل حال وفي كل امرأة وإن رضيت لأنه طريق إلى قطع النسل ولا يحرم في مملوكته ولا زوجته الأمة رضيت أم لا لأن عليه ضررًا في أمته بصيرورتها أم ولد وفي زوجته الرقيقة بمصير ولدها رقيقًا.
وأما الحرة فإن أذنت لم يحرم، وإلا فوجهان أصحهما لا يحرم.
قال في الفتح: وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح فمن قال بالمنع، ففي هذه أولى.
ومن قال بالجواز فيمكن أن يلتحق به هذا ويمكن أن يفرق بأنه أشد لأن العزل لم يقع فيه تعاطي السبب ومعالجة السقط يقع بعد تعاطي السبب، ويلتحق به تعاطي المرأة ما يقطع الحبل من أصله وأفتى بعض متأخري الشافعية بمنعه وهو مشكل على القول بإباحة العزل مطلقًا.



رقم الحديث 1266 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ: كَانَ لَا يَعْزِلُ، وَكَانَ يَكْرَهُ الْعَزْلَ.


( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ المدني الفقيه ( عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح المهملة والموحدة.
قال ابن عبد البر: هذا من رواية النظير عن النظير والكبير عن الصغير ( عن ابن محيريز) بضم الميم ومهملة وراء وزاي آخره مصغرًا، عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي، بضم الجيم وفتح الميم فمهملة المكي كان يتيمًا في حجر أبي محذورة، ثم نزل بيت المقدس تابعي ثقة عابد مات سنة تسع وتسعين وقيل قبلها ( أنه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان ( فجلست إليه فسألته عن العزل) أهو جائز أم لا ( فقال أبو سعيد الخدري: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق) بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المشالة المهملتين وكسر اللام فقاف، لقب جذيمة بن سعد الخزاعي، سمي بذلك لحسن صوته وكان أول من غنى من خزاعة وهي غزوة المريسيع، بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتية وكسر المهملة وإسكان التحتية الثانية وعين مهملة ماء لبني خزاعة.
وفي أنها سنة ست أو خمس أو أربع خلاف.
وسببها أنه صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار فخرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع قريب إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا فهزمهم الله وقتل منهم ونقل صلى الله عليه وسلم نساءهم وأبناءهم وأموالهم كذا ذكر ابن إسحاق بأسانيد مرسلة.
والذي في الصحيح عن ابن عمر يدل على أنه أغار عليهم على حين غفلة ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم الحديث.

قال الحافظ فيحتمل أنهم حين الإيقاع ثبتوا قليلاً فلما كثر فيهم القتل انهزموا بأن يكونوا لما دهمهم وهم على الماء ثبتوا وتصافوا، ووقع القتال بينهم ثم وقعت الغلبة عليهم ( فأصبنا سبيًا من سبي العرب) أي نساء أخذناها منهم، وفي رواية لمسلم فسبينا كرائم العرب ( فاشتهينا النساء) أي جماعهن ( واشتدت) قويت ( علينا العزبة) بضم المهملة وإسكان الزاي، فقد الأزواج والنكاح وهذا يشبه عطف العلة على المعلول.
وفي رواية إسماعيل بن جعفر وطالت علينا العزبة قال القرطبي: أي تعذر علينا النكاح لتعذر أسبابه لا أن ذلك لطول الإقامة لأن غيبتهم عن المدينة لم تطل اهـ.
وفيه نظر فقد ذكر ابن سعد وغيره أن غيبتهم في هذه الغزوة كانت ثمانية وعشرين يومًا ( وأحببنا الفداء) ولمسلم ورغبنا في الفداء ( فأردنا أن نعزل) خوفًا من الحمل المانع من الفداء الذي أحببناه ( فقلنا: نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا) أي بيننا وأظهر زائدة ( قبل أن نسأله) عن الحكم لأنه وقع في نفوسهم أنه من الوأد الخفي كالفرار من القدر قاله المازري.
وفي رواية: وكنا نعزل ثم سألنا فجمع بينهما بأن منهم من سأل قبل العزل، ومنهم من سأل بعده وبأن معنى نعزل عزمنا عليه فيرجع معناها إلى الأولى ( فسألناه عن ذلك) زاد في رواية جويرية عن مالك فقال: أو أنكم لتفعلون قالها ثلاثًا وظاهره أنه صلى الله عليه وسلم ما اطلع على فعلهم فيشكل مع قول جابر في الصحيح: كنا نعزل على عهد صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل لأن الصحابي إذا قال: كنا نفعل على عهد النبي يكون مرفوعًا لأن الظاهر اطلاعه عليه.
وأجيب بأن دواعيهم كانت متوفرة على سؤاله عن أمور الدين فإذا عملوا شيئًا وعلموا أنه لم يطلع عليه بادروا إلى السؤال عن حكمه فيكون الظهور من هذه الحيثية ( فقال: ما عليكم) بأس ( أن لا تفعلوا) أي ليس عدم الفعل واجبًا عليكم أو لا زائدة، أي لا بأس عليكم في فعله.
وحكى ابن عبد البر عن الحسن البصري أن معناه النهي أي لا تفعلوا العزل ( ما من نسمة) بفتحات أي نفس ( كائنة) أي قدر كونها في علم الله ( إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة) أي موجودة في الخارج سواء عزلتم أم لا فلا فائدة في العزل فإنه إن كان خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم الحرص، وقد خلق الله آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ضلع منه، وعيسى من غير ذكر.

وعند أحمد والبزار وصححه ابن حبان عن أنس أن رجلاً سأل عن العزل فقال صلى الله عليه وسلم: لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لا أخرج الله منها ولدًا، أو يخرج الله منها ولدًا، ليخلقن الله نفسًا هو خالقها.
وفي مسلم عن جابر أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمنا وسانيتنا وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها.
فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت.
فقال: قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها.
وفي رواية له فقال: أنا عبد الله ورسوله.
قال أبو عمر في حديث الباب: أنهم انطلقوا على وطء ما وقع في سهامهم من النساء وإنما يكون ذلك بعد الاستبراء بشرط أن تكون الأمة كتابية، فإن كان سبي بني المصطلق كتابيات لأن من العرب من تهود وتنصر فذاك وإن كن وثنيات لم يحل وطؤهن بالملك إلا بعد الإسلام عند الجمهور لقوله تعالى: { { وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } }

وقد روى عبد الرزاق عن الحسن قال: كنا نغزو مع الصحابة فإذا أراد أحدهم أن يصيب الجارية من الفيء أمرها فغسلت ثيابها واغتسلت ثم علمها الإسلام ثم أمرها بالصلاة واستبرأها بحيضة ثم أصابها اهـ.
بمعناه وأجيب أيضًا بأنهن أسلمن ولا يصح لقوله وأحببنا الفداء إذ لا يقال هذا فيمن أسلم ورد بأن الإسلام لا يمنع ملك السابي بل يستمر بعد الإسلام فيجوز فداؤه وبيعه، ولو أسلم وبأنه كان يجوز أول الإسلام وطء الأمة المشركة ثم نسخ ولا يصح لاحتياجه إلى دليل، ويحتمل أن السؤال وقع عن وطء من أسلم منهن.
ولو بقي الحديث على ظاهره في الوطء قبل الإسلام لبقي أيضًا على ظاهره في القدوم عليه قبل الاستبراء وهو ممنوع اتفاقًا فلا بد من تأويل الأمرين.
وحديث الحسن برفع الإشكال عنهما معًا وفيه حجة للجمهور في منع بيع أم الولد لامتناعهم من الفداء للحمل والفداء بيع والإجماع عليه وهي حامل خوف رق الولد، وإنما الخلاف في بيعها بعد الوضع.
والجمهور على المنع وفيه استرقاق جميع العرب كقريش، وبه قال الجمهور ومالك والشافعي في الجديد.
وقال في القديم وأبو حنيفة وابن وهب: لا يجري عليهم الرق لشرفهم فإن أسلموا وإلا قتلوا.

وأخرج البخاري في العتق عن عبد الله بن يوسف عن مالك به.
وتابعه إسماعيل بن جعفر عن ربيعة عند الشيخين، وروياه جميعًا عن شيخهما عبد الله بن محمد بن أسماء عن عمه جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عن ابن محيريز عن أبي سعيد أخبره أنه قال: أصبنا سبايا وكنا نعزل ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لنا: أوإنكم لتفعلون ثلاثًا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة.
قال ابن عبد البر وما أظن أحدًا رواه عن مالك بهذا الإسناد غير جويرية اهـ.
لكنها ليست بشاذة عن مالك فهو عنده بالإسنادين وقد تابعه شعيب عند البخاري في البيع ويونس عنده في القدر وعقيل عنده...... كلهم عن الزهري عن ابن محيريز به.

( مالك عن أبي النضر) بمعجمة سالم بن أبي أمية ( مولى عمر بن عبيد الله) بضم العينين القرشي التيمي ( عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) الزهري المدني مات سنة أربع ومائة ( عن أبيه أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الرخصة فيه.

( مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن ابن أفلح) هو عمر بضم العين، ابن كثير بن أفلح المدني الثقة ( مولى أبي أيوب الأنصاري عن أم ولد لأبي أيوب الأنصاري أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الترخيص فيه كزيد وجابر وابن عباس وسعد.
قال ابن عبد البر: وهو قول جمهور الفقهاء.

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان لا يعزل وكان يكره العزل) ويضرب بعض ولده إذا فعله لأنه طريق إلى قطع النسل ولذا قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عنه ذلك: الوأد الخفي، رواه مسلم وغيره وكذا روي عن عمر وعثمان أنهما كرهاه واختلف فيه عن علي.

( مالك عن ضمرة) بفتح المعجمة وإسكان الميم ( بن سعيد) بكسر العين ( المازني) الأنصاري المدني ( عن الحجاج بن عمرو) بفتح العين ( بن غزية) بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وشد التحتية، الأنصاري المازني المدني صحابي شهد صفين مع علي ( أنه كان جالسًا عند زيد بن ثابت) الأنصاري ( فجاءه ابن قهد) بالقاف المفتوحة ضبطه ابن الحذاء وجوز أنه قيس بن قهد الصحابي.
قال في التبصرة: وفيه بعد ولعل وجهه قوله: ( رجل من أهل اليمن) فإن قيسًا الصحابي من الأنصار فيبعد أن يقال فيه ذلك وإن كان أصل الأنصار من اليمن ( فقال: يا أبا سعيد) كنية زيد ( إن عندي جواري) بفتح الجيم جمع جارية ( لي ليس نسائي اللاتي أكن) بضم الهمزة وكسر الكاف أضم إلي ( بأعجب إلي منهن وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني) لأني قد أحتاج للبيع ونحو ذلك ( أفأعزل؟ فقال زيد: أفته يا حجاج قال: فقلت يغفر الله لك إنما نجلس عندك لنتعلم منك) لمزيد فقهك ( قال أفته قال: فقلت هو حرثك) أي محل زرعك الولد ( إن شئت سقيته وإن شئت أعطشته) منعته السقي ( قال: وكنت أسمع ذلك من زيد فقال زيد: صدق) لأنه يرى حله.

( مالك عن حميد بن قيس المكي عن رجل يقال له ذفيف) بذال معجمة بوزن عظيم المدني مولى ابن عباس قال أبو جعفر مات سنة تسع ومائة ( أنه قال: سئل ابن عباس عن العزل فدعا جارية له فقال أخبريهم) أي السائلين ( فكأنها استحيت فقال: هو ذلك أما أنا فأفعله يعني أنه يعزل) ويروى أنه تناجى رجلان عند عمر فقال: ما هذه المناجاة؟ قال: إن اليهود تزعم أن العزل الموءودة الصغرى.
فقال علي: لا تكون موءودة حتى يمر عليها التارات السبع { { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } } الآية فقال عمر لعلي: صدقت أطال الله بقاءك.
فقيل إنه أول من قالها في الإسلام لكن هذا الخبر خلاف ما روى ابن المسيب أن عمر وعثمان كانا يكرهان العزل قاله أبو عمر.

( قال مالك: لا يعزل الرجل) ماءه ( المرأة) أي عنها فنصب على التوسع ( الحرة إلا بإذنها) لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به وليس الجماع المعروف إلا ما لا عزل فيه فهو من تمام لذتها ولحقها في الولد، وقد روى ابن ماجه عن عمر نهى صلى الله عليه وسلم عن العزل عن الحرة إلا بإذنها، لكن في إسناده ابن لهيعة.
( ولا بأس أن يعزل عن أمته) المملوكة له ( بغير إذنها) إذ لا حق لها في وطء ولا استيلاد ( ومن كانت تحته أمة قوم) أي متزوجًا بها ( فلا يعزل إلا بإذنهم) لحقهم في الولد، قال عياض: ورأى بعض شيوخنا إذنها أيضًا لحق الزوجية.
وقال الباجي وقيل لا يعزل عنها إلا بإذنها أيضًا وعندي أن هذا صحيح لأن لها بالعقد حقًا في الوطء فلا يجوز عزله عنها إلا بإذنها وإذن مولاها لحقه في الولد، ووافقه أبو حنيفة وأحمد على ذلك وذهب الشافعية إلى الكراهة مطلقًا في كل حال وفي كل امرأة وإن رضيت لأنه طريق إلى قطع النسل ولا يحرم في مملوكته ولا زوجته الأمة رضيت أم لا لأن عليه ضررًا في أمته بصيرورتها أم ولد وفي زوجته الرقيقة بمصير ولدها رقيقًا.
وأما الحرة فإن أذنت لم يحرم، وإلا فوجهان أصحهما لا يحرم.
قال في الفتح: وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح فمن قال بالمنع، ففي هذه أولى.
ومن قال بالجواز فيمكن أن يلتحق به هذا ويمكن أن يفرق بأنه أشد لأن العزل لم يقع فيه تعاطي السبب ومعالجة السقط يقع بعد تعاطي السبب، ويلتحق به تعاطي المرأة ما يقطع الحبل من أصله وأفتى بعض متأخري الشافعية بمنعه وهو مشكل على القول بإباحة العزل مطلقًا.



رقم الحديث 1267 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَزِيَّةَ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَجَاءَهُ ابْنُ قَهْدٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ عِنْدِي جَوَارِيَ لِي، لَيْسَ نِسَائِي اللَّاتِي أُكِنُّ بِأَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْهُنَّ، وَلَيْسَ كُلُّهُنَّ يُعْجِبُنِي، أَنْ تَحْمِلَ مِنِّي أَفَأَعْزِلُ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أَفْتِهِ يَا حَجَّاجُ، قَالَ فَقُلْتُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، إِنَّمَا نَجْلِسُ عِنْدَكَ لِنَتَعَلَّمَ مِنْكَ، قَالَ: أَفْتِهِ، قَالَ فَقُلْتُ: هُوَ حَرْثُكَ إِنْ شِئْتَ سَقَيْتَهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَعْطَشْتَهُ، قَالَ: وَكُنْتُ أَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْ زَيْدٍ، فَقَالَ زَيْدٌ: صَدَقَ.


( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ المدني الفقيه ( عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح المهملة والموحدة.
قال ابن عبد البر: هذا من رواية النظير عن النظير والكبير عن الصغير ( عن ابن محيريز) بضم الميم ومهملة وراء وزاي آخره مصغرًا، عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي، بضم الجيم وفتح الميم فمهملة المكي كان يتيمًا في حجر أبي محذورة، ثم نزل بيت المقدس تابعي ثقة عابد مات سنة تسع وتسعين وقيل قبلها ( أنه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان ( فجلست إليه فسألته عن العزل) أهو جائز أم لا ( فقال أبو سعيد الخدري: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق) بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المشالة المهملتين وكسر اللام فقاف، لقب جذيمة بن سعد الخزاعي، سمي بذلك لحسن صوته وكان أول من غنى من خزاعة وهي غزوة المريسيع، بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتية وكسر المهملة وإسكان التحتية الثانية وعين مهملة ماء لبني خزاعة.
وفي أنها سنة ست أو خمس أو أربع خلاف.
وسببها أنه صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار فخرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع قريب إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا فهزمهم الله وقتل منهم ونقل صلى الله عليه وسلم نساءهم وأبناءهم وأموالهم كذا ذكر ابن إسحاق بأسانيد مرسلة.
والذي في الصحيح عن ابن عمر يدل على أنه أغار عليهم على حين غفلة ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم الحديث.

قال الحافظ فيحتمل أنهم حين الإيقاع ثبتوا قليلاً فلما كثر فيهم القتل انهزموا بأن يكونوا لما دهمهم وهم على الماء ثبتوا وتصافوا، ووقع القتال بينهم ثم وقعت الغلبة عليهم ( فأصبنا سبيًا من سبي العرب) أي نساء أخذناها منهم، وفي رواية لمسلم فسبينا كرائم العرب ( فاشتهينا النساء) أي جماعهن ( واشتدت) قويت ( علينا العزبة) بضم المهملة وإسكان الزاي، فقد الأزواج والنكاح وهذا يشبه عطف العلة على المعلول.
وفي رواية إسماعيل بن جعفر وطالت علينا العزبة قال القرطبي: أي تعذر علينا النكاح لتعذر أسبابه لا أن ذلك لطول الإقامة لأن غيبتهم عن المدينة لم تطل اهـ.
وفيه نظر فقد ذكر ابن سعد وغيره أن غيبتهم في هذه الغزوة كانت ثمانية وعشرين يومًا ( وأحببنا الفداء) ولمسلم ورغبنا في الفداء ( فأردنا أن نعزل) خوفًا من الحمل المانع من الفداء الذي أحببناه ( فقلنا: نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا) أي بيننا وأظهر زائدة ( قبل أن نسأله) عن الحكم لأنه وقع في نفوسهم أنه من الوأد الخفي كالفرار من القدر قاله المازري.
وفي رواية: وكنا نعزل ثم سألنا فجمع بينهما بأن منهم من سأل قبل العزل، ومنهم من سأل بعده وبأن معنى نعزل عزمنا عليه فيرجع معناها إلى الأولى ( فسألناه عن ذلك) زاد في رواية جويرية عن مالك فقال: أو أنكم لتفعلون قالها ثلاثًا وظاهره أنه صلى الله عليه وسلم ما اطلع على فعلهم فيشكل مع قول جابر في الصحيح: كنا نعزل على عهد صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل لأن الصحابي إذا قال: كنا نفعل على عهد النبي يكون مرفوعًا لأن الظاهر اطلاعه عليه.
وأجيب بأن دواعيهم كانت متوفرة على سؤاله عن أمور الدين فإذا عملوا شيئًا وعلموا أنه لم يطلع عليه بادروا إلى السؤال عن حكمه فيكون الظهور من هذه الحيثية ( فقال: ما عليكم) بأس ( أن لا تفعلوا) أي ليس عدم الفعل واجبًا عليكم أو لا زائدة، أي لا بأس عليكم في فعله.
وحكى ابن عبد البر عن الحسن البصري أن معناه النهي أي لا تفعلوا العزل ( ما من نسمة) بفتحات أي نفس ( كائنة) أي قدر كونها في علم الله ( إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة) أي موجودة في الخارج سواء عزلتم أم لا فلا فائدة في العزل فإنه إن كان خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم الحرص، وقد خلق الله آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ضلع منه، وعيسى من غير ذكر.

وعند أحمد والبزار وصححه ابن حبان عن أنس أن رجلاً سأل عن العزل فقال صلى الله عليه وسلم: لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لا أخرج الله منها ولدًا، أو يخرج الله منها ولدًا، ليخلقن الله نفسًا هو خالقها.
وفي مسلم عن جابر أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمنا وسانيتنا وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها.
فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت.
فقال: قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها.
وفي رواية له فقال: أنا عبد الله ورسوله.
قال أبو عمر في حديث الباب: أنهم انطلقوا على وطء ما وقع في سهامهم من النساء وإنما يكون ذلك بعد الاستبراء بشرط أن تكون الأمة كتابية، فإن كان سبي بني المصطلق كتابيات لأن من العرب من تهود وتنصر فذاك وإن كن وثنيات لم يحل وطؤهن بالملك إلا بعد الإسلام عند الجمهور لقوله تعالى: { { وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } }

وقد روى عبد الرزاق عن الحسن قال: كنا نغزو مع الصحابة فإذا أراد أحدهم أن يصيب الجارية من الفيء أمرها فغسلت ثيابها واغتسلت ثم علمها الإسلام ثم أمرها بالصلاة واستبرأها بحيضة ثم أصابها اهـ.
بمعناه وأجيب أيضًا بأنهن أسلمن ولا يصح لقوله وأحببنا الفداء إذ لا يقال هذا فيمن أسلم ورد بأن الإسلام لا يمنع ملك السابي بل يستمر بعد الإسلام فيجوز فداؤه وبيعه، ولو أسلم وبأنه كان يجوز أول الإسلام وطء الأمة المشركة ثم نسخ ولا يصح لاحتياجه إلى دليل، ويحتمل أن السؤال وقع عن وطء من أسلم منهن.
ولو بقي الحديث على ظاهره في الوطء قبل الإسلام لبقي أيضًا على ظاهره في القدوم عليه قبل الاستبراء وهو ممنوع اتفاقًا فلا بد من تأويل الأمرين.
وحديث الحسن برفع الإشكال عنهما معًا وفيه حجة للجمهور في منع بيع أم الولد لامتناعهم من الفداء للحمل والفداء بيع والإجماع عليه وهي حامل خوف رق الولد، وإنما الخلاف في بيعها بعد الوضع.
والجمهور على المنع وفيه استرقاق جميع العرب كقريش، وبه قال الجمهور ومالك والشافعي في الجديد.
وقال في القديم وأبو حنيفة وابن وهب: لا يجري عليهم الرق لشرفهم فإن أسلموا وإلا قتلوا.

وأخرج البخاري في العتق عن عبد الله بن يوسف عن مالك به.
وتابعه إسماعيل بن جعفر عن ربيعة عند الشيخين، وروياه جميعًا عن شيخهما عبد الله بن محمد بن أسماء عن عمه جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عن ابن محيريز عن أبي سعيد أخبره أنه قال: أصبنا سبايا وكنا نعزل ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لنا: أوإنكم لتفعلون ثلاثًا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة.
قال ابن عبد البر وما أظن أحدًا رواه عن مالك بهذا الإسناد غير جويرية اهـ.
لكنها ليست بشاذة عن مالك فهو عنده بالإسنادين وقد تابعه شعيب عند البخاري في البيع ويونس عنده في القدر وعقيل عنده...... كلهم عن الزهري عن ابن محيريز به.

( مالك عن أبي النضر) بمعجمة سالم بن أبي أمية ( مولى عمر بن عبيد الله) بضم العينين القرشي التيمي ( عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) الزهري المدني مات سنة أربع ومائة ( عن أبيه أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الرخصة فيه.

( مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن ابن أفلح) هو عمر بضم العين، ابن كثير بن أفلح المدني الثقة ( مولى أبي أيوب الأنصاري عن أم ولد لأبي أيوب الأنصاري أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الترخيص فيه كزيد وجابر وابن عباس وسعد.
قال ابن عبد البر: وهو قول جمهور الفقهاء.

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان لا يعزل وكان يكره العزل) ويضرب بعض ولده إذا فعله لأنه طريق إلى قطع النسل ولذا قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عنه ذلك: الوأد الخفي، رواه مسلم وغيره وكذا روي عن عمر وعثمان أنهما كرهاه واختلف فيه عن علي.

( مالك عن ضمرة) بفتح المعجمة وإسكان الميم ( بن سعيد) بكسر العين ( المازني) الأنصاري المدني ( عن الحجاج بن عمرو) بفتح العين ( بن غزية) بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وشد التحتية، الأنصاري المازني المدني صحابي شهد صفين مع علي ( أنه كان جالسًا عند زيد بن ثابت) الأنصاري ( فجاءه ابن قهد) بالقاف المفتوحة ضبطه ابن الحذاء وجوز أنه قيس بن قهد الصحابي.
قال في التبصرة: وفيه بعد ولعل وجهه قوله: ( رجل من أهل اليمن) فإن قيسًا الصحابي من الأنصار فيبعد أن يقال فيه ذلك وإن كان أصل الأنصار من اليمن ( فقال: يا أبا سعيد) كنية زيد ( إن عندي جواري) بفتح الجيم جمع جارية ( لي ليس نسائي اللاتي أكن) بضم الهمزة وكسر الكاف أضم إلي ( بأعجب إلي منهن وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني) لأني قد أحتاج للبيع ونحو ذلك ( أفأعزل؟ فقال زيد: أفته يا حجاج قال: فقلت يغفر الله لك إنما نجلس عندك لنتعلم منك) لمزيد فقهك ( قال أفته قال: فقلت هو حرثك) أي محل زرعك الولد ( إن شئت سقيته وإن شئت أعطشته) منعته السقي ( قال: وكنت أسمع ذلك من زيد فقال زيد: صدق) لأنه يرى حله.

( مالك عن حميد بن قيس المكي عن رجل يقال له ذفيف) بذال معجمة بوزن عظيم المدني مولى ابن عباس قال أبو جعفر مات سنة تسع ومائة ( أنه قال: سئل ابن عباس عن العزل فدعا جارية له فقال أخبريهم) أي السائلين ( فكأنها استحيت فقال: هو ذلك أما أنا فأفعله يعني أنه يعزل) ويروى أنه تناجى رجلان عند عمر فقال: ما هذه المناجاة؟ قال: إن اليهود تزعم أن العزل الموءودة الصغرى.
فقال علي: لا تكون موءودة حتى يمر عليها التارات السبع { { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } } الآية فقال عمر لعلي: صدقت أطال الله بقاءك.
فقيل إنه أول من قالها في الإسلام لكن هذا الخبر خلاف ما روى ابن المسيب أن عمر وعثمان كانا يكرهان العزل قاله أبو عمر.

( قال مالك: لا يعزل الرجل) ماءه ( المرأة) أي عنها فنصب على التوسع ( الحرة إلا بإذنها) لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به وليس الجماع المعروف إلا ما لا عزل فيه فهو من تمام لذتها ولحقها في الولد، وقد روى ابن ماجه عن عمر نهى صلى الله عليه وسلم عن العزل عن الحرة إلا بإذنها، لكن في إسناده ابن لهيعة.
( ولا بأس أن يعزل عن أمته) المملوكة له ( بغير إذنها) إذ لا حق لها في وطء ولا استيلاد ( ومن كانت تحته أمة قوم) أي متزوجًا بها ( فلا يعزل إلا بإذنهم) لحقهم في الولد، قال عياض: ورأى بعض شيوخنا إذنها أيضًا لحق الزوجية.
وقال الباجي وقيل لا يعزل عنها إلا بإذنها أيضًا وعندي أن هذا صحيح لأن لها بالعقد حقًا في الوطء فلا يجوز عزله عنها إلا بإذنها وإذن مولاها لحقه في الولد، ووافقه أبو حنيفة وأحمد على ذلك وذهب الشافعية إلى الكراهة مطلقًا في كل حال وفي كل امرأة وإن رضيت لأنه طريق إلى قطع النسل ولا يحرم في مملوكته ولا زوجته الأمة رضيت أم لا لأن عليه ضررًا في أمته بصيرورتها أم ولد وفي زوجته الرقيقة بمصير ولدها رقيقًا.
وأما الحرة فإن أذنت لم يحرم، وإلا فوجهان أصحهما لا يحرم.
قال في الفتح: وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح فمن قال بالمنع، ففي هذه أولى.
ومن قال بالجواز فيمكن أن يلتحق به هذا ويمكن أن يفرق بأنه أشد لأن العزل لم يقع فيه تعاطي السبب ومعالجة السقط يقع بعد تعاطي السبب، ويلتحق به تعاطي المرأة ما يقطع الحبل من أصله وأفتى بعض متأخري الشافعية بمنعه وهو مشكل على القول بإباحة العزل مطلقًا.



رقم الحديث 1268 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ ذَفِيفٌ، أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْعَزْلِ فَدَعَا جَارِيَةً لَهُ، فَقَالَ: أَخْبِرِيهِمْ فَكَأَنَّهَا اسْتَحْيَتْ، فَقَالَ: هُوَ ذَلِكَ أَمَّا أَنَا فَأَفْعَلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَعْزِلُ قَالَ مَالِكٌ لَا يَعْزِلُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ أَمَتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَمَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةُ قَوْمٍ فَلَا يَعْزِلُ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ.


( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ المدني الفقيه ( عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح المهملة والموحدة.
قال ابن عبد البر: هذا من رواية النظير عن النظير والكبير عن الصغير ( عن ابن محيريز) بضم الميم ومهملة وراء وزاي آخره مصغرًا، عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي، بضم الجيم وفتح الميم فمهملة المكي كان يتيمًا في حجر أبي محذورة، ثم نزل بيت المقدس تابعي ثقة عابد مات سنة تسع وتسعين وقيل قبلها ( أنه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان ( فجلست إليه فسألته عن العزل) أهو جائز أم لا ( فقال أبو سعيد الخدري: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق) بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المشالة المهملتين وكسر اللام فقاف، لقب جذيمة بن سعد الخزاعي، سمي بذلك لحسن صوته وكان أول من غنى من خزاعة وهي غزوة المريسيع، بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتية وكسر المهملة وإسكان التحتية الثانية وعين مهملة ماء لبني خزاعة.
وفي أنها سنة ست أو خمس أو أربع خلاف.
وسببها أنه صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار فخرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع قريب إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا فهزمهم الله وقتل منهم ونقل صلى الله عليه وسلم نساءهم وأبناءهم وأموالهم كذا ذكر ابن إسحاق بأسانيد مرسلة.
والذي في الصحيح عن ابن عمر يدل على أنه أغار عليهم على حين غفلة ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم الحديث.

قال الحافظ فيحتمل أنهم حين الإيقاع ثبتوا قليلاً فلما كثر فيهم القتل انهزموا بأن يكونوا لما دهمهم وهم على الماء ثبتوا وتصافوا، ووقع القتال بينهم ثم وقعت الغلبة عليهم ( فأصبنا سبيًا من سبي العرب) أي نساء أخذناها منهم، وفي رواية لمسلم فسبينا كرائم العرب ( فاشتهينا النساء) أي جماعهن ( واشتدت) قويت ( علينا العزبة) بضم المهملة وإسكان الزاي، فقد الأزواج والنكاح وهذا يشبه عطف العلة على المعلول.
وفي رواية إسماعيل بن جعفر وطالت علينا العزبة قال القرطبي: أي تعذر علينا النكاح لتعذر أسبابه لا أن ذلك لطول الإقامة لأن غيبتهم عن المدينة لم تطل اهـ.
وفيه نظر فقد ذكر ابن سعد وغيره أن غيبتهم في هذه الغزوة كانت ثمانية وعشرين يومًا ( وأحببنا الفداء) ولمسلم ورغبنا في الفداء ( فأردنا أن نعزل) خوفًا من الحمل المانع من الفداء الذي أحببناه ( فقلنا: نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا) أي بيننا وأظهر زائدة ( قبل أن نسأله) عن الحكم لأنه وقع في نفوسهم أنه من الوأد الخفي كالفرار من القدر قاله المازري.
وفي رواية: وكنا نعزل ثم سألنا فجمع بينهما بأن منهم من سأل قبل العزل، ومنهم من سأل بعده وبأن معنى نعزل عزمنا عليه فيرجع معناها إلى الأولى ( فسألناه عن ذلك) زاد في رواية جويرية عن مالك فقال: أو أنكم لتفعلون قالها ثلاثًا وظاهره أنه صلى الله عليه وسلم ما اطلع على فعلهم فيشكل مع قول جابر في الصحيح: كنا نعزل على عهد صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل لأن الصحابي إذا قال: كنا نفعل على عهد النبي يكون مرفوعًا لأن الظاهر اطلاعه عليه.
وأجيب بأن دواعيهم كانت متوفرة على سؤاله عن أمور الدين فإذا عملوا شيئًا وعلموا أنه لم يطلع عليه بادروا إلى السؤال عن حكمه فيكون الظهور من هذه الحيثية ( فقال: ما عليكم) بأس ( أن لا تفعلوا) أي ليس عدم الفعل واجبًا عليكم أو لا زائدة، أي لا بأس عليكم في فعله.
وحكى ابن عبد البر عن الحسن البصري أن معناه النهي أي لا تفعلوا العزل ( ما من نسمة) بفتحات أي نفس ( كائنة) أي قدر كونها في علم الله ( إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة) أي موجودة في الخارج سواء عزلتم أم لا فلا فائدة في العزل فإنه إن كان خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم الحرص، وقد خلق الله آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ضلع منه، وعيسى من غير ذكر.

وعند أحمد والبزار وصححه ابن حبان عن أنس أن رجلاً سأل عن العزل فقال صلى الله عليه وسلم: لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لا أخرج الله منها ولدًا، أو يخرج الله منها ولدًا، ليخلقن الله نفسًا هو خالقها.
وفي مسلم عن جابر أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمنا وسانيتنا وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها.
فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت.
فقال: قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها.
وفي رواية له فقال: أنا عبد الله ورسوله.
قال أبو عمر في حديث الباب: أنهم انطلقوا على وطء ما وقع في سهامهم من النساء وإنما يكون ذلك بعد الاستبراء بشرط أن تكون الأمة كتابية، فإن كان سبي بني المصطلق كتابيات لأن من العرب من تهود وتنصر فذاك وإن كن وثنيات لم يحل وطؤهن بالملك إلا بعد الإسلام عند الجمهور لقوله تعالى: { { وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } }

وقد روى عبد الرزاق عن الحسن قال: كنا نغزو مع الصحابة فإذا أراد أحدهم أن يصيب الجارية من الفيء أمرها فغسلت ثيابها واغتسلت ثم علمها الإسلام ثم أمرها بالصلاة واستبرأها بحيضة ثم أصابها اهـ.
بمعناه وأجيب أيضًا بأنهن أسلمن ولا يصح لقوله وأحببنا الفداء إذ لا يقال هذا فيمن أسلم ورد بأن الإسلام لا يمنع ملك السابي بل يستمر بعد الإسلام فيجوز فداؤه وبيعه، ولو أسلم وبأنه كان يجوز أول الإسلام وطء الأمة المشركة ثم نسخ ولا يصح لاحتياجه إلى دليل، ويحتمل أن السؤال وقع عن وطء من أسلم منهن.
ولو بقي الحديث على ظاهره في الوطء قبل الإسلام لبقي أيضًا على ظاهره في القدوم عليه قبل الاستبراء وهو ممنوع اتفاقًا فلا بد من تأويل الأمرين.
وحديث الحسن برفع الإشكال عنهما معًا وفيه حجة للجمهور في منع بيع أم الولد لامتناعهم من الفداء للحمل والفداء بيع والإجماع عليه وهي حامل خوف رق الولد، وإنما الخلاف في بيعها بعد الوضع.
والجمهور على المنع وفيه استرقاق جميع العرب كقريش، وبه قال الجمهور ومالك والشافعي في الجديد.
وقال في القديم وأبو حنيفة وابن وهب: لا يجري عليهم الرق لشرفهم فإن أسلموا وإلا قتلوا.

وأخرج البخاري في العتق عن عبد الله بن يوسف عن مالك به.
وتابعه إسماعيل بن جعفر عن ربيعة عند الشيخين، وروياه جميعًا عن شيخهما عبد الله بن محمد بن أسماء عن عمه جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عن ابن محيريز عن أبي سعيد أخبره أنه قال: أصبنا سبايا وكنا نعزل ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لنا: أوإنكم لتفعلون ثلاثًا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة.
قال ابن عبد البر وما أظن أحدًا رواه عن مالك بهذا الإسناد غير جويرية اهـ.
لكنها ليست بشاذة عن مالك فهو عنده بالإسنادين وقد تابعه شعيب عند البخاري في البيع ويونس عنده في القدر وعقيل عنده...... كلهم عن الزهري عن ابن محيريز به.

( مالك عن أبي النضر) بمعجمة سالم بن أبي أمية ( مولى عمر بن عبيد الله) بضم العينين القرشي التيمي ( عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) الزهري المدني مات سنة أربع ومائة ( عن أبيه أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الرخصة فيه.

( مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن ابن أفلح) هو عمر بضم العين، ابن كثير بن أفلح المدني الثقة ( مولى أبي أيوب الأنصاري عن أم ولد لأبي أيوب الأنصاري أنه كان يعزل) لأنه كان يرى الترخيص فيه كزيد وجابر وابن عباس وسعد.
قال ابن عبد البر: وهو قول جمهور الفقهاء.

( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان لا يعزل وكان يكره العزل) ويضرب بعض ولده إذا فعله لأنه طريق إلى قطع النسل ولذا قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عنه ذلك: الوأد الخفي، رواه مسلم وغيره وكذا روي عن عمر وعثمان أنهما كرهاه واختلف فيه عن علي.

( مالك عن ضمرة) بفتح المعجمة وإسكان الميم ( بن سعيد) بكسر العين ( المازني) الأنصاري المدني ( عن الحجاج بن عمرو) بفتح العين ( بن غزية) بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وشد التحتية، الأنصاري المازني المدني صحابي شهد صفين مع علي ( أنه كان جالسًا عند زيد بن ثابت) الأنصاري ( فجاءه ابن قهد) بالقاف المفتوحة ضبطه ابن الحذاء وجوز أنه قيس بن قهد الصحابي.
قال في التبصرة: وفيه بعد ولعل وجهه قوله: ( رجل من أهل اليمن) فإن قيسًا الصحابي من الأنصار فيبعد أن يقال فيه ذلك وإن كان أصل الأنصار من اليمن ( فقال: يا أبا سعيد) كنية زيد ( إن عندي جواري) بفتح الجيم جمع جارية ( لي ليس نسائي اللاتي أكن) بضم الهمزة وكسر الكاف أضم إلي ( بأعجب إلي منهن وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني) لأني قد أحتاج للبيع ونحو ذلك ( أفأعزل؟ فقال زيد: أفته يا حجاج قال: فقلت يغفر الله لك إنما نجلس عندك لنتعلم منك) لمزيد فقهك ( قال أفته قال: فقلت هو حرثك) أي محل زرعك الولد ( إن شئت سقيته وإن شئت أعطشته) منعته السقي ( قال: وكنت أسمع ذلك من زيد فقال زيد: صدق) لأنه يرى حله.

( مالك عن حميد بن قيس المكي عن رجل يقال له ذفيف) بذال معجمة بوزن عظيم المدني مولى ابن عباس قال أبو جعفر مات سنة تسع ومائة ( أنه قال: سئل ابن عباس عن العزل فدعا جارية له فقال أخبريهم) أي السائلين ( فكأنها استحيت فقال: هو ذلك أما أنا فأفعله يعني أنه يعزل) ويروى أنه تناجى رجلان عند عمر فقال: ما هذه المناجاة؟ قال: إن اليهود تزعم أن العزل الموءودة الصغرى.
فقال علي: لا تكون موءودة حتى يمر عليها التارات السبع { { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } } الآية فقال عمر لعلي: صدقت أطال الله بقاءك.
فقيل إنه أول من قالها في الإسلام لكن هذا الخبر خلاف ما روى ابن المسيب أن عمر وعثمان كانا يكرهان العزل قاله أبو عمر.

( قال مالك: لا يعزل الرجل) ماءه ( المرأة) أي عنها فنصب على التوسع ( الحرة إلا بإذنها) لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به وليس الجماع المعروف إلا ما لا عزل فيه فهو من تمام لذتها ولحقها في الولد، وقد روى ابن ماجه عن عمر نهى صلى الله عليه وسلم عن العزل عن الحرة إلا بإذنها، لكن في إسناده ابن لهيعة.
( ولا بأس أن يعزل عن أمته) المملوكة له ( بغير إذنها) إذ لا حق لها في وطء ولا استيلاد ( ومن كانت تحته أمة قوم) أي متزوجًا بها ( فلا يعزل إلا بإذنهم) لحقهم في الولد، قال عياض: ورأى بعض شيوخنا إذنها أيضًا لحق الزوجية.
وقال الباجي وقيل لا يعزل عنها إلا بإذنها أيضًا وعندي أن هذا صحيح لأن لها بالعقد حقًا في الوطء فلا يجوز عزله عنها إلا بإذنها وإذن مولاها لحقه في الولد، ووافقه أبو حنيفة وأحمد على ذلك وذهب الشافعية إلى الكراهة مطلقًا في كل حال وفي كل امرأة وإن رضيت لأنه طريق إلى قطع النسل ولا يحرم في مملوكته ولا زوجته الأمة رضيت أم لا لأن عليه ضررًا في أمته بصيرورتها أم ولد وفي زوجته الرقيقة بمصير ولدها رقيقًا.
وأما الحرة فإن أذنت لم يحرم، وإلا فوجهان أصحهما لا يحرم.
قال في الفتح: وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح فمن قال بالمنع، ففي هذه أولى.
ومن قال بالجواز فيمكن أن يلتحق به هذا ويمكن أن يفرق بأنه أشد لأن العزل لم يقع فيه تعاطي السبب ومعالجة السقط يقع بعد تعاطي السبب، ويلتحق به تعاطي المرأة ما يقطع الحبل من أصله وأفتى بعض متأخري الشافعية بمنعه وهو مشكل على القول بإباحة العزل مطلقًا.