فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب جنين المرأة، وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد، لا على الولد

( بابُُ جَنِينِ المَرْأةِ وأنَّ العَقْلَ عَلى الوالِدِ وعَصَبَةِ الوالِدِ لَا عَلى الوَلَد)

أَي هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم جَنِين الْمَرْأَة وَفِي بَيَان أَن الْعقل أَي: الدِّيَة أَي: دِيَة الْمَرْأَة المقتولة على الْوَالِد أَي على وَالِد القاتلة وعَلى عصبته، وَذكر لفظ: الْوَالِد إِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي بعض طرق الْقِصَّة.
قَوْله: لَا على الْوَلَد قَالَ ابْن بطال: يُرِيد أَن ولد الْمَرْأَة إِذا لم يكن من عصبتها لَا يعقل عَنْهَا لِأَن الْعقل على الْعصبَة دون ذَوي الْأَرْحَام، وَلذَلِك لَا تعقل الْإِخْوَة من الْأُم.
قَالَ: وَمُقْتَضى الْخَبَر أَن من يَرِثهَا لَا يعقل عَنْهَا إِذا لم يكن من عصبتها، ثمَّ قَالَ: قَالَ ابْن الْمُنْذر: وَهَذَا قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي ثَوْر وكل من أحفظ عَنْهُم.



[ قــ :6544 ... غــ :6909 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حَدثنَا اللَّيْثُ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ سَعيدٍ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبي هُرَيْرةَ: أنَّ رسولَ الله قَضَى فِي جَنِينِ امْرأةٍ مِنْ بَنِي لِحْيانَ بِغُرَّةٍ عبْد أوْ أمَةٍ، ثُمَّ إنَّ المرْأةَ الّتي قَضَى عَلَيْها بالغُرَّةِ توُفِّيَتْ، فَقَضَى رسولُ الله أنَّ مِيراثَها لِبَنِيها وزَوْجِها، وأنَّ العقْلَ عَلى عَصَبَتِها.

قيل: لَا مُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِيجَاب الْعقل على الْوَالِد.
وَأجِيب بِأَن لفظ: الْوَالِد، قد ورد فِي بعض طرق الحَدِيث، وعادته أَنه يترجم بِمثل هَذَا.

وَأخرجه عَن عبد الله بن يُوسُف عَن اللَّيْث بن سعد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ الخ، وَقد مضى فِي الْفَرَائِض عَن قُتَيْبَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: من بني لحيان بِكَسْر اللَّام وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وهم بطن من هُذَيْل فَلَا مُنَافَاة بَينه وَبَين قَوْله فِيمَا تقدم: إِنَّهَا من هُذَيْل.
قَوْله: بغرة عبد أَو أمة بِالْإِضَافَة أَو الْوَصْف كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَاخْتلفُوا لمن تكون هَذِه الْغرَّة، فَذكر ابْن حبيب أَن مَالِكًا اخْتلف فِيهِ.
قَوْله: فَمرَّة قَالَ: إِنَّهَا لأمه، وَهُوَ قَول اللَّيْث.
وَمرَّة قَالَ: إِنَّهَا بَين الْأَبَوَيْنِ: الثُّلُثَانِ للْأَب وَالثلث للام.
وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ.
قَوْله: وَأَن الْعقل أَي: الدِّيَة أَي: وَقضى أَن عقل الْمَرْأَة الَّتِي توفيت على عصبتها، وَهِي الَّتِي قضى عَلَيْهَا بالغرة هِيَ المتوفاة حتف أنفها.





[ قــ :6545 ... غــ :6910 ]
- حدّثنا أحْمَدُ بنُ صالِحٍ، حدّثنا ابنُ وَهْب، حَدثنَا يُونُسُ، عنِ ابنِ شِهاب، عنِ ابنِ المُسَيَّبِ وَأبي سَلَمَة بنِ عبْدِ الرَّحْمانِ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: اقْتَتَلَت امْرَأتانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إحْدَاهُما الأخُرَى بِحَجَرٍ قَتَلَتْها وَمَا فِي بَطْنها، فاخْتَصَمُوا إِلَى النبيِّ فَقَضَى أنَّ دِيَةَ جَنِينها غرَّةٌ: عبْدٌ أوْ وَلِيدَةٌ، وقَضَى أنَّ دِيَةَ المَرْأةِ عَلى عَاقِلَتِها.

هَذَا وَجه آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور وَأخرجه عَن أَحْمد بن صَالح أبي جَعْفَر الْمصْرِيّ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي سَلمَة بن عبد الرحمان بن عَوْف ... إِلَى آخِره.

قَوْله: وَمَا فِي بَطنهَا أَي: وَقتل مَا فِي بطن الْمَرْأَة وَهُوَ الْجَنِين.
قَوْله: غرَّة بِالرَّفْع لِأَنَّهُ خبر إِن وَاسْمهَا قَوْله: دِيَة جَنِينهَا قَوْله: على عاقلتها هِيَ: عصبتها.