فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا لم ينو الإمام أن يؤم، ثم جاء قوم فأمهم

(بابٌُ إذَا لَمْ يَنْوِ الإمَامْ أَن يَؤُمَّ ثُمَّ جاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ)

أَي: هَذَا بابُُ تَرْجَمته: إِذا لم ينْو الإِمَام أَن يؤم، فَأن: مَصْدَرِيَّة: أَي: الْإِمَامَة، وَلم يذكر جَوَاب: إِذا، لِأَن فِي هَذِه الْمَسْأَلَة اخْتِلَافا فِي أَنه: هَل يشْتَرط للْإِمَام أَن يَنْوِي الْإِمَامَة أم لَا؟ وَحَدِيث الْبابُُ لَا يدل على النَّفْي، وَلَا على الْإِثْبَات، وَلَا على أَنه نوى فِي ابْتِدَاء صلَاته، وَلَا بعد أَن أَقَامَ ابْن عَبَّاس فصلى مَعَه؟ وَلَكِن فِي إيقاف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن عَبَّاس مِنْهُ موقف الْمَأْمُوم مَا يشْعر بِالثَّانِي، وَالْمذهب عندنَا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة نِيَّة الإِمَام الْإِمَامَة فِي حق الرِّجَال لَيست بِشَرْط، لِأَنَّهُ لَا يلْزمه باقتداء الْمَأْمُوم حكم، وَفِي حق النِّسَاء شَرط عندنَا لاحْتِمَال فَسَاد صلَاته بمحاذاتها إِيَّاه،.

     وَقَالَ  زفر وَالشَّافِعِيّ وَمَالك: لَيست بِشَرْط، كَمَا فِي الرِّجَال.
.

     وَقَالَ  السفاقسي.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ، وَرِوَايَة عَن أَحْمد وَإِسْحَاق: على الْمَأْمُوم الْإِعَادَة إِذا لم ينْو الإِمَام الْإِمَامَة، وَعَن ابْن الْقَاسِم مثل مَذْهَب أبي حنيفَة، وَعَن أَحْمد: أَنه شَرط أَن يَنْوِي فِي الْفَرِيضَة دون النَّافِلَة.

[ قــ :678 ... غــ :699 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ إبْرَاهِيمَ عنْ أيُّوبَ عنْ عَبْدِ الله بنِ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فقَامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَقُمْتُ أُصَلِّي مَعَهُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِرَأسِي فَأقَامَنِي عنْ يَمِينِهِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الحَدِيث يتَضَمَّن أَن ابْن عَبَّاس اقْتدى بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصلى مَعَه وَأقرهُ على ذَلِك كَمَا فِي حَدِيث انس صلى فِي رَمَضَان، قَالَ: فَجئْت فَقُمْت إِلَى جنبه وَجَاء آخر فَقَامَ إِلَى جَنْبي حَتَّى كُنَّا رهطا، فَلَمَّا أحس بِنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تجوز فِي صلَاته) .
وَهَذَا ظَاهر فِي أَنه لم ينْو الْإِمَامَة ابْتِدَاء، وهم ائتموا بِهِ وأقرهم عَلَيْهِ.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: مُسَدّد بن مسرهد.
الثَّانِي: إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مقسم الْأَسدي الْبَصْرِيّ، وَأمه علية مولاة لبني أَسد.
الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ.
الرَّابِع: عبد الله بن سعيد بن جُبَير.
الْخَامِس: أَبوهُ سعيد بن جُبَير.
السَّادِس: عبد الله بن عَبَّاس.

ذكر لطائف أسناده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن عبد الله بن سعيد من أَقْرَان أَيُّوب الرَّاوِي عَنهُ.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم بصريون،.

وَأخرجه النَّسَائِيّ إيضا فِي الصَّلَاة عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن إِسْمَاعِيل بن علية بِهِ.

قَوْله: (بت) من البيوتة.
قَوْله: (فَقُمْت عَن يسَاره) وَهُوَ عطف على: قُمْت، الأول وَلَيْسَ بعطف الشَّيْء على نَفسه، لِأَن الْقيام الأول بِمَعْنى النهوض، وَالثَّانِي بِمَعْنى الْوُقُوف، أَو أَن: قُمْت، الأول بِمَعْنى أردْت.
قَوْله: (أُصَلِّي) جملَة وَقعت حَالا.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن موقف الْمَأْمُوم إِذا كَانَ بحذاء الإِمَام على يَمِينه مُسَاوِيا لَهُ، وَهُوَ قَول عمر وَابْنه وَأنس وَابْن عَبَّاس وَالثَّوْري وَإِبْرَاهِيم وَمَكْحُول وَالشعْبِيّ وَعُرْوَة وَأبي حنيفَة وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِسْحَاق، وَعَن مُحَمَّد بن الْحسن: يضع أَصَابِع رجلَيْهِ عِنْد عقب الإِمَام،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: يسْتَحبّ أَن يتَأَخَّر عَن مُسَاوَاة الإِمَام قَلِيلا.
وَعَن النَّخعِيّ: يقف خَلفه إِلَى أَن يرْكَع فَإِذا جَاءَ أحد وإلاَّ قَامَ عَن يَمِينه.
.

     وَقَالَ  أَحْمد: إِن وقف عَن يسَاره تبطل صلَاته.
وَفِيه: أَن الْعَمَل الْقَلِيل، وَهِي إدارته إِلَى يَمِينه من شِمَاله، لَا يبطل الصَّلَاة.