فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا أصاب قوم غنيمة، فذبح بعضهم غنما أو إبلا، بغير أمر أصحابهم، لم تؤكل

( بابٌُُ: { إذَا أصابَ قَوْمٌ غَنِيمَةً فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ غَنَما أوْ إبْلاً بِغَيْرِ أمْرِ أصْحَابِهِمْ لَمْ تُؤْكَلْ لِحَدِيثِ رَافِعٍ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا إِذا أصَاب جمَاعَة غنيمَة، بِفَتْح الْغَيْن على وزن عَظِيمَة فذبح وَاحِد مِنْهُم غنما أَو إبِلا من تِلْكَ الْغَنِيمَة بِغَيْر أَمر الْبَقِيَّة من أَصْحَابه لم تُؤْكَل تِلْكَ الذَّبِيحَة وَلَعَلَّ البُخَارِيّ صَار فِي هَذَا إِلَى أَن من ذبح غير من لَهُ ولَايَة الذّبْح شرعا بالملكية أَو الْوكَالَة أَو نَحْوهَا غير مُعْتَبر قَوْله: ( لحَدِيث رَافع) الَّذِي يذكرهُ الْآن، وَجه الِاسْتِدْلَال بِهِ من حَيْثُ إِن سرعَان النَّاس فِي قصَّة حَدِيثه أَصَابُوا من الْغَنَائِم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي آخر النَّاس فذبحوا وعلقوا الْقُدُور فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرَأى ذَلِك أَمر بإكفاء الْقُدُور لِأَنَّهُ لم يكن لَهُم أَن يَفْعَلُوا ذَلِك قبل الْقِسْمَة.

{ وَقَالَ طَاوُوس وَعِكْرَمَةُ فِي ذَبِيحَة السَّارِقِ: اطْرَحُوهُ} يَعْنِي: حرَام لَا تأكلوه وَهَذَا أَيْضا مصير مِنْهُمَا أَن من لَيْسَ لَهُ ولَايَة الذّبْح إِذا ذبح لَا يُؤْكَل، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق عبد الرَّزَّاق من حَدِيثهمَا بِلَفْظ: أَنَّهُمَا سئلا عَن ذَلِك فكرهاها ونهيا عَنْهَا.

     وَقَالَ  ابْن بطال: لَا أعلم من تَابع طاووسا وَعِكْرِمَة على كَرَاهِيَة أكلهَا غير إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَجَمَاعَة الْفُقَهَاء على إجازتها.



[ قــ :5247 ... غــ :5543 ]
- حدَّثنا مَسدَّدٌ حدَّثنا أبُو الأحْوصِ حدَّثنا سَعِيدُ بنُ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بَنِ رَفَاعَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَافِعٍ بنِ خَدِيجٍ قَالَ:.

قُلْتُ لِلنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّنَا نَلْقَى العَدُوَّ غَدا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى فَقَالَ: مَا أنْهَرَ الدَّم وَذُكِرَ اسْمُ الله فَكُلُوا مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ وَلا ظُفُرٌ.
وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذالِكَ أمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ، وَتَقَدَّمَ سَرَعانُ النَّاسِ فَأصَابُوا مِنَ الغَنَائِمِ وَالنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي آخِرِ النَّاسِ فَنَصَبُوا قُدُورا فَأمَرَ بِها فَأُكْفِئَتْ وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ وَعَدَلَ بَعِيرا بِعَشْرِ شِيَاهٍ، ثُمَّ نَدَّ بَعِيرٌ مِنْ أوَائِلِ القَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْهُمْ خَيْلٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ الله فَقَالَ: إنَّ لِهاذِهِ البَهائِمِ أوَابِدَ كَأوَابِدِ الوَحْشِ فَمَا فَعَلَ مِنْها هاذا فَافْعَلُوا مِثْلَ هاذا.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه ذكر أَولا قَوْله لحَدِيث رَافع، وَأورد بعده الحَدِيث بِتَمَامِهِ مُسْندًا.

وَأَبُو الْأَحْوَص اسْمه سَلام الْحَنَفِيّ الْكُوفِي، وَسَعِيد بن مَسْرُوق وَالِد سُفْيَان الثَّوْريّ، وعباية بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف يَاء آخر الْحُرُوف ابْن رِفَاعَة بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الْفَاء.

     وَقَالَ  الغساني: سَائِر رُوَاة هَذَا الحَدِيث يَرْوُونَهُ عَن سعيد بن مَسْرُوق عَن عَبَايَة بن رِفَاعَة عَن جده، وَلم يقل أحد عَن أَبِيه عَن جده غير أبي الْأَحْوَص.
وَقيل: أَخطَأ أَبُو الْأَحْوَص فِيهِ حَيْثُ قَالَ: عَن أَبِيه.

وَهَذَا الحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بابُُ التَّسْمِيَة على الذَّبِيحَة وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( وَتقدم سرعَان النَّاس) قَالَ الْجَوْهَرِي: سرعَان النَّاس بِالتَّحْرِيكِ أوائلهم.

     وَقَالَ  الْكسَائي سرعَان النَّاس أخفاؤهم المستعجلون مِنْهُم وَضَبطه بَعضهم بِسُكُون الرَّاء وَضَبطه الْأصيلِيّ وَغَيره سرعَان،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: وَضبط بِضَم السِّين، فعلى هَذَا يكون جمع سريع كقفيز وقفزان.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: وَأما قَوْلهم: سرعَان مَا فعلت فبالفتح وَالضَّم وَالْكَسْر وَإِسْكَان الرَّاء وَفتح النُّون أبدا.