فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {قل: ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا} [الإسراء: 56]

(بابٌُ: { قل ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ ولاَ تَحْوِيلاً} (الْإِسْرَاء: 65)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { قل ادعوا الَّذين} الْآيَة، كَذَا سيق فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: { قل ادعوا الَّذين زعمتم من دونه} الْآيَة.
قَوْله: (زعمتم من دونه) أَي: زعمتم أَنَّهَا آلِهَة من دون الله.
قَوْله: (فَلَا يملكُونَ كشف الضّر عَنْكُم) قيل: هُوَ مَا أَصَابَهُم من الْقَحْط سبع سِنِين.
قَوْله: (وَلَا تحويلاً) أَي: وَلَا يملكُونَ تحويلاً عَلَيْكُم إِلَى غَيْركُمْ.



[ قــ :4458 ... غــ :4714 ]
- حدَّثني عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ حَدثنَا يَحْيَى حدَّثنا سُفْيانُ حَدثنِي سُلَيْمانُ عنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ أبي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الله { إِلَى ربِّهِمِ الوَسِيلَةَ} (الْإِسْرَاء: 75) قَالَ كانَ ناسٌ مِنَ الإنْسِ يَعْبُدُونَ نَاسا مِنَ الجِنِّ فأسْلَمَ الجِنُّ وَتَمَسَّكَ هاؤُلاَءِ بِدِينِهِمْ زَادَ الأشْجَعِي عَنْ سُفْيانَ عَنِ الأعْمَشِ: { قلِ ادْعُو الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} (الْإِسْرَاء: 65) .

(انْظُر الحَدِيث: 4174 طرفه فِي: 5174) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي زِيَادَة الْأَشْجَعِيّ.
وَعَمْرو بن عَليّ بن بَحر أَبُو حَفْص الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ الصَّيْرَفِي وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَأَبُو معمر هُوَ عبد الله بن سَخْبَرَة الْأَزْدِيّ الْكُوفِي، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا هُنَا عَن بشر بن خَالِد.
وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن بشر بن خَالِد بِهِ وَعَن غَيره.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن عَمْرو بن عَليّ بِهِ وَعَن غَيره.

قَوْله: { إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة} (الْإِسْرَاء: 75) فِيهِ حذف تَقْدِيره: عَن عبد الله، قَالَ: { أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة} قَالَ: كَانَ نَاس من الْإِنْس إِلَى آخِره، وَهَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم، غير أَن فِي قَوْله: كَانَ نفر من الْإِنْس يعْبدُونَ نَفرا من الْجِنّ فَأسلم النَّفر من الْجِنّ واستمسك الْإِنْس بعبادتهم، فَنزلت: { أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة} انْتهى.
وَالْمرَاد بالوسيلة الْقرْبَة.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: النَّاس هم الْإِنْس ضد الْجِنّ قَالَ تَعَالَى: { شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ} (الْأَنْعَام: 211) فَكيف قَالَ: نَاسا من الْإِنْس وناساً من الْجِنّ؟ قلت: المُرَاد من لفظ: نَاس، طَائِفَة، وَالنَّاس قد يكون من الْإِنْس وَالْجِنّ.
قلت: فِي كَلَامه الأول نظر، وَالْوَجْه كَلَامه الثَّانِي، وَكَذَا قَالَ الْجَوْهَرِي: وَالنَّاس قد يكون الْإِنْس وَمن الْجِنّ وَأَصله أنَاس فَخفف.
انْتهى قَوْله: (وَتمسك هَؤُلَاءِ بدينهم) أَي: اسْتمرّ الْإِنْس الَّذين كَانُوا يعْبدُونَ الْجِنّ على عبَادَة الْجِنّ، وَالْجِنّ لَا يرضون بذلك لكَوْنهم أَسْلمُوا وهم الَّذين صَارُوا { يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة} .
قَوْله: (زَاد الْأَشْجَعِيّ) هُوَ عبيد الله بن عبيد الرَّحْمَن بِالتَّصْغِيرِ فيهمَا الْكُوفِي مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة، أَرَادَ أَنه زَاد فِي رِوَايَته عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش، وروى ابْن مرْدَوَيْه هَذِه الزِّيَادَة عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد حَدثنَا عبد الْجَبَّار بن الْعلَا عَن يحيى حَدثنَا سُفْيَان فَذكره بِزِيَادَة.
قَوْله: (فَأسلم الْجِنّ) من غير أَن يعلم الإنسيون، فَنزلت: { أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ} انْتهى.
قلت: حَاصِل الْكَلَام أَن طَرِيق يحيى عَن سُفْيَان ابْن عبد الله لما قَرَأَ: { إِلَى ربه الْوَسِيلَة} قَالَ: كَانَ نَاس ... وَطَرِيق الْأَشْجَعِيّ عَن سُفْيَان أَنه زَاد فِي الْقِرَاءَة، وَقَرَأَ: { ادعو الَّذين زعمتم} أَيْضا إِلَى آخر الْآيَتَيْنِ، ثمَّ قَالَ: كَانَ نَاس.