فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الشروط في الوقف

( بابُُ الشُّرُوطِ فِي الوَقْفِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الشُّرُوط فِي الْوَقْف.



[ قــ :2612 ... غــ :2737 ]
- حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عبْدِ الله الأنْصَارِيُّ قَالَ حدَّثنا ابنُ عَوْنِ قَالَ أنْبَأنِي نافِعٌ عَن ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أصابَ أرْضاً بِخَيْبَرَ فَأتى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَأْمِرُهُ فِيها فَقَالَ يَا رسولَ الله إنِّي أصَبْتُ أرْضاً بِخَيْبَرَ لَمْ أُصَبْ مَالا قَطُّ أنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَما تَأْمُرُنِي بِهِ قَالَ إنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أصْلَهَا وتَصَدَّقْتَ بِهَا قَالَ فتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أنَّهُ لاَ يُبَاعُ ولاَ يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ وَفِي القُرْبى وَفِي الرَّقَابِ وَفِي سَبِيلِ الله وابنِ السَّبِيلِ والضَّيْفِ لاَ جُنَاحَ علَى مَنْ وَلِيهَا أنْ يَأكُلَ مِنْها بِالْمَعْرُوفِ ويُطْعمَ غَيْرَ مُتَمَوِّل قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهِ ابنِ سِيرِينَ فَقَالَ غَيْرَ مُتأثِّل مَالا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَول عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ( أَنه لَا يُبَاع) إِلَى آخِره.
وَمُحَمّد بن عبد الله وَابْن عون هُوَ عبد الله بن عون الْبَصْرِيّ.
قَوْله: ( أنبأني نَافِع) ، أَي: أَخْبرنِي، وَقيل: الإنباء يُطلق على الْإِجَازَة أَيْضا.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْوَصَايَا أَيْضا عَن قُتَيْبَة عَن حَمَّاد، وَأخرجه مُسلم فِي الْوَصَايَا عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الأحباس عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بِهِ، وَعَن هَارُون بن عبد الله وَعَن مُحَمَّد بن الْمُصَفّى بن بهْلُول.

قَوْله: ( يستأمره) ، أَي: يستشيره.
قَوْله: ( أصبت أَرضًا بِخَيْبَر) ، وَاسم تِلْكَ الأَرْض: ثمغ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْمِيم وبالغين الْمُعْجَمَة.
قَوْله: ( أنفس عِنْدِي مِنْهُ) أَي: أَجود وأعجب مِنْهُ.
قَوْله: ( وَفِي الْقُرْبَى) ، الْقَرَابَة فِي الرَّحِم.
وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر تَقول: بيني وَبَينه قرَابَة وَقرب وقربى ومقربة وقربة وقربة، بِضَم الرَّاء وسكونها.
قَوْله: ( وَفِي الرّقاب) ، أَي: فِي فك الرّقاب، وهم المكاتبون يدْفع إِلَيْهِم شَيْء من الْوَقْف تفك بِهِ رقابهم، وَكَذَلِكَ لَهُم نصيب فِي الزَّكَاة.
قَوْله: ( وَفِي سَبِيل الله) ، هُوَ مُنْقَطع الْحَاج ومنقطع الْغُزَاة.
قَوْله: ( وَابْن السَّبِيل) ، وَهُوَ الَّذِي لَهُ مَال فِي بلد لَا يصل إِلَيْهَا وَهُوَ فَقير.
قَوْله: ( والضيف) ، من عطف الْخَاص على الْعَام، قَوْله: ( لَا جُناح) أَي: لَا إِثْم.
( على من وَليهَا) ، أَي: من ولي التحدث على تِلْكَ الأَرْض ( أَن يَأْكُل مِنْهَا) أَي: من ريعها ( بِالْمَعْرُوفِ) أَي: بِحَسب مَا يحْتَمل ريع الْوَقْف على الْوَجْه الْمُعْتَاد.
قَوْله: ( وَيطْعم) بِالنّصب عطف على: أَن يَأْكُل.
قَوْله: ( غير مُتَمَوّل) حَال من قَوْله: من وَليهَا، أَي: أكله وإطعامه لَا يكون على وَجه التمول، بل لَا يتَجَاوَز الْمُعْتَاد.
قَوْله: ( فَحدثت بِهِ ابْن سِيرِين) .

أَي: قَالَ ابْن عون: فَحدثت بِهَذَا الحَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين: ( فَقَالَ: غير متأثل مَالا) أَي: غير جَامع مَالا، يُقَال: مَال مؤثل، بالثاء الْمُثَلَّثَة الْمُشَدّدَة، أَي: مَجْمُوع ذُو أصل، وأثلة الشَّيْء: أَصله.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهِ الْجُمْهُور وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد على جَوَاز الْوَقْف، وَلَا خلاف بَينهم فِي جَوَاز الْوَقْف فِي حق وجوب التَّصَدُّق بِمَا يحصل من الْوَقْف مَا دَامَ الْوَاقِف حَيا، حَتَّى أَن من وقف دَاره أَو أرضه يلْزمه التَّصَدُّق بغلَّة الدَّار وَالْأَرْض، وَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة النّذر بالغلة، وَلَا خلاف أَيْضا فِي جَوَازه فِي حق زَوَال ملك الرَّقَبَة إِذا إتصل بِهِ قَضَاء القَاضِي، أَو أَضَافَهُ إِلَى مَا بعد الْمَوْت بِأَن قَالَ: إِذا مت فقد جعلت دَاري أَو أرضي وفقاً على كَذَا، أَو قَالَ: هُوَ وقف فِي حَياتِي، صَدَقَة بعد وفاتي.
وَاخْتلفُوا فِي جَوَازه مزيلاً لملك الرَّقَبَة إِذا لم تُوجد الْإِضَافَة إِلَى مَا بعد الْمَوْت، وَلَا اتَّصل بِهِ حكم حَاكم، فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز حَتَّى كَانَ للْوَاقِف بيع الْمَوْقُوف وهبته، وَإِذا مَاتَ يصير مِيرَاثا لوَرثَته.
.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْجُمْهُور: يجوز حَتَّى لَا يُبَاع وَلَا يُوهب وَلَا يُورث.
وَفِيه: أَن الْوَقْف مَشْرُوع خلافًا للْقَاضِي شُرَيْح.
وَفِيه: أَن الْوَقْف لَا يجوز بَيْعه وَلَا هِبته وَلَا يصير مِيرَاثا، لِأَنَّهُ صَار لله تَعَالَى، وَخرج عَن ملك الْوَاقِف: وَاخْتلفُوا، هَل يدْخل فِي ملك الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أم لَا؟ فَقَالَ أَصْحَابنَا: لَا يدْخل، لكنه ينتقع بغلته بالتصدق عَلَيْهِ، لِأَن الْوَقْف حبس الأَصْل وَتصدق بالفرع، وَالْحَبْس لَا يُوجب ملك الْمَحْبُوس، وَعَن الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد: ينْتَقل إِلَى ملك الْمَوْقُوف عَلَيْهِ لَو كَانَ أَهلا لَهُ.
وَعَن الشَّافِعِي، فِي قَول: ينْتَقل إِلَى الله تَعَالَى، وَهُوَ رِوَايَة عَن أَصْحَابنَا، وَعَن الشَّافِعِي: أَن الْملك فِي رَقَبَة الْوَقْف لله تَعَالَى، وَذكر صَاحب ( التَّحْرِير) : أَنه إِذا كَانَ الْوَقْف على شخص، وَقُلْنَا: الْملك للْمَوْقُوف عَلَيْهِ، افْتقر إِلَى قَبضه كَالْهِبَةِ،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ فِي ( الرَّوْضَة) : هَذَا غلط ظَاهر.
وَفِيه: أَن الْوَقْف بِلَفْظ: حبست، بل الأَصْل هَذِه اللَّفْظَة، لِأَن الْوَقْف فِي اللُّغَة: الْحَبْس، وَفِي ( الرَّوْضَة) : لَا يَصح الْوَقْف إِلَّا بِلَفْظ، فَلَو بني على هَيْئَة الْمَسَاجِد أَو على غير هيئتها، وَأذن فِي الصَّلَاة فِيهِ لم يصر مَسْجِدا، وَأَلْفَاظه على مَرَاتِب: إِحْدَاهَا قَوْله: وقفت كَذَا، أَو حبست، أَو سبلت، أَو أرضي مَوْقُوفَة أَو محبسة أَو مسبلة.
فَكل لفظ من هَذَا صَرِيح، هَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور، وَفِي وَجه هَذَا كُله كِنَايَة، وَفِي وَجه الوقفُ صريحٌ وَالْبَاقِي كِنَايَة.
الثَّانِيَة: قَوْله: حرمت هَذِه الْبقْعَة للْمَسَاكِين.
أَو أبَّدتها أَو دَاري مُحرمَة، أَو مؤبَّدة، كِنَايَة على الْمَذْهَب.
الثَّالِثَة: تَصَدَّقت بِهَذِهِ الْبقْعَة لَيْسَ بِصَرِيح، فَإِن زَاد مَعَه: صَدَقَة مُحرمَة أَو محبسة أَو مَوْقُوفَة الْتحق بِالصَّرِيحِ، وَقيل: لَا بُد من التَّقْيِيد بِأَنَّهُ: لَا يُبَاع وَلَا يُوهب.
.

     وَقَالَ ت الْحَنَابِلَة: يَصح الْوَقْف بالْقَوْل، وَفِي الْفِعْل الدَّال عَلَيْهِ رِوَايَتَانِ، وَإِن كَانَ الْوَقْف على آدَمِيّ معِين افْتقر إِلَى قبُوله كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَة،.

     وَقَالَ  القَاضِي مِنْهُم: لَا يفْتَقر إِلَى قبُوله كَالْعِتْقِ.
وَفِيه: أَن قيم الْوَقْف لَهُ أَن يتَنَاوَل من غلَّة الْوَقْف بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَأْخُذ أَكثر من حَاجته، هَذَا إِذا لم يعين الْوَاقِف لَهُ شَيْئا معينا.
فَإِذا عينه، لَهُ أَن يَأْخُذ ذَلِك قَلِيلا أَو كثيرا.
وَفِيه: صِحَة شُرُوط الْوَقْف.
وَفِيه: فَضِيلَة ظَاهِرَة لعمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَفِيه: مُشَاورَة أهل الْفضل وَالصَّلَاح فِي الْأُمُور وطرق الْخَيْر.
وَفِيه: أَن خَيْبَر فتحت عنْوَة، وَأَن الْغَانِمين ملكوها واقتسموها واستقرت أملاكهم على حصصهم ونفذت تصرفاتهم فِيهَا.
وَفِيه: فَضِيلَة صلَة الْأَرْحَام وَالْوَقْف عَلَيْهِم.
وَفِيه: أَن الْوَاقِف إِذا أخرجه من يَده إِلَى مُتَوَلِّي النّظر فِيهِ يَجعله فِي صنف أَو أَصْنَاف مُخْتَلفَة، إلاَّ إِذا عين الْوَاقِف الْأَصْنَاف.
وَفِيه: مَا كَانَ نَظِير الأَرْض الَّتِي حَبسهَا عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كالدور والعقارات يجوز وَقفهَا، وَاحْتج أَبُو حنيفَة فِيمَا ذهب إِلَيْهِ بقول شُرَيْح: لَا حبس عَن فَرَائض الله تَعَالَى، أخرجه الطَّحَاوِيّ عَن سُلَيْمَان بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن أبي يُوسُف عَن عَطاء ابْن السَّائِب عَنهُ، وَرِجَاله ثِقَات، وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي ( سنَنه) بأتم مِنْهُ، وَمَعْنَاهُ: لَا يُوقف مَال وَلَا يزوى عَن ورثته وَلَا يمْنَع عَن الْقِسْمَة بَينهم، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: بَعْدَمَا أنزلت سُورَة النِّسَاء وَأنزل فِيهَا الْفَرَائِض، نهى عَن الْحَبْس.
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا،.

     وَقَالَ : وَفِي سَنَده ابْن لَهِيعَة وَأَخُوهُ عِيسَى وهما ضعيفان.
قلت: مَا لِابْنِ لَهِيعَة؟ وَقد قَالَ ابْن وهب: كَانَ ابْن لَهِيعَة صَادِقا،.

     وَقَالَ  فِي مَوضِع آخر: وحَدثني الصَّادِق الْبَار وَالله ابْن لَهِيعَة؟.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول: مَا كَانَ مُحدث مصر إلاَّ ابْن لَهِيعَة؟ وَعنهُ: مَن مثل ابْن لَهِيعَة بِمصْر فِي كَثْرَة حَدِيثه وَضَبطه وإتقانه؟ وَلِهَذَا حدث عَنهُ أَحْمد فِي ( مُسْنده) بِحَدِيث كثير.
وَأما أَخُوهُ عِيسَى فَإِن ابْن حبَان ذكره فِي ( الثِّقَات) ،.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: هَذَا شُرَيْح، وَهُوَ قَاضِي عمر وَعُثْمَان وَعلي الْخُلَفَاء الرَّاشِدين، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قد روى عَنهُ هَذَا، وَوَافَقَ أَبَا حنيفَة فِي هَذَا عَطاء بن السَّائِب وَأَبُو بكر بن مُحَمَّد وَزفر بن الْهُذيْل.
فَإِن قلت: مَا تَقول فِي وقف رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي أوقاف الصَّحَابَة بعد موت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قلت: أما وقف رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّمَا جَازَ، لِأَن الْمَانِع وُقُوعه حبسا عَن فَرَائض الله، وَوَقفه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لم يَقع حبسا عَن فَرَائض الله تَعَالَى، لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة) .
وَأما أوقاف الصَّحَابَة بعد مَوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحْتمل أَن ورثتهم أمضوها بِالْإِجَازَةِ، هَذَا هُوَ الظَّاهِر.
فَإِن قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَلَو صَحَّ هَذَا الْخَبَر لَكَانَ مَنْسُوخا.
قلت: النّسخ لَا يثبت إلاَّ بِدَلِيل، وَلم يبين دَلِيله فِي ذَلِك، فمجرد الدَّعْوَى غير صَحِيح.
وَالْجَوَاب عَن حَدِيث الْبابُُ: أَن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِن شِئْت حبست أَصْلهَا وتصدقت بهَا) ، لَا يسْتَلْزم إخْرَاجهَا عَن ملكه، وَلكنهَا تكون جَارِيَة على مَا أجراها عَلَيْهِ من ذَلِك مَا تَركهَا، وَيكون لَهُ فسخ ذَلِك مَتى شَاءَ، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ.
.

     وَقَالَ : حَدثنَا يُونُس، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب أَن مَالِكًا أخبرهُ عَن زِيَاد بن سعد عَن ابْن شهَاب: أَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ( قَالَ: إِنِّي لَوْلَا ذكرت صدقتي لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو نَحْو هَذَا لرددتها) ، فَلَمَّا قَالَ عمر هَذَا دلّ أَن نفس الإيقاف للْأَرْض لم يكن يمنعهُ من الرُّجُوع فِيهَا، وَإِنَّمَا مَنعه من الرُّجُوع فِيهَا أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره فِيهَا بِشَيْء وفارقه على الْوَفَاء بِهِ، فكره أَن يرجع عَن ذَلِك، كَمَا كره عبد الله بن عَمْرو أَن يرجع بعد موت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّوْم الَّذِي كَانَ فَارقه عَلَيْهِ أَنه يَفْعَله، وَقد كَانَ لَهُ أَن لَا يَصُوم.
فَإِن قلت: قَالَ ابْن حزم: هَذَا الْخَبَر مُنكر وبلية من البلايا وَكذب بِلَا شكّ.
قلت: قَوْله: هَذَا بلية وَكذب وتهافت عَظِيم، وَكَيف يَقُول هَذَا القَوْل السخيف، وَالْحَال أَن رِجَاله عُلَمَاء ثِقَات، فيونس من رجال مُسلم، والبقية من رجال ( الصَّحِيح) على مَا لَا يخفى، وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال.