فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب غزوة ذات السلاسل

( بابُ غَزْوَةُ ذاتَ السّلاَسِلِ)

أَي: هَذَا بَيَان غَزْوَة ذَات السلَاسِل، وَفِي بعض النّسخ: بابُُ غَزْوَة ذَات السلَاسِل، وَسميت هَذِه الْغَزْوَة بِذَات السلَاسِل لِأَن الْمُشْركين ارْتبط بَعضهم إِلَى بعض مَخَافَة أَن يَفروا.
وَقيل: لِأَن بهَا مَاء يُقَال لَهُ: السلسل،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: هِيَ مَا وَرَاء وَادي الْقرى بَينهمَا وَبَين الْمَدِينَة عشرَة أَيَّام، قَالَ: وَكَانَت فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان من الْهِجْرَة، وَقيل: كَانَت سنة سبع، وَالله أعلم.

وهْيَ غَزْوَةُ لَخْمٍ وجُذَامَ قالهُ إسْماعِيلُ بنُ أبي خالدٍ.

     وَقَالَ  ابنُ إسْحاق عنْ يَزِيدَ عَنْ عُرْوَةَ هِيَ بِلادُ بَلِيٍّ وعُذْرَةَ وبَنى القَيْنِ.


أَي: غَزْوَة ذَات السلَاسِل غَزْوَة لخم، بِفَتْح اللَّام وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة: وَهِي قَبيلَة كَبِيرَة مَشْهُورَة ينسبون إِلَى لخم واسْمه مَالك بن عدي بن الْحَارِث بن مرّة بن أدد،.

     وَقَالَ  الرشاطي: رَأَيْت فِي نسب لخم وأخيه جذام وأختهما عاملة اخْتِلَافا كثيرا،.

     وَقَالَ  فِي بابُُ الْجِيم: كَانَ لخم وجذام أَخَوَيْنِ فاقتتلا، وكا اسْم لخم مَالك بن عدي، وَاسم جذام عَامر بن عدي فجذم مَالك إِصْبَع عَامر فَسُمي جذاماً، لِأَن أُصْبُعه جذمت، ولخم عَامر مَالِكًا فَسمى لخماً، واللخمة اللَّطْمَة.
قَوْله: ( قَالَ إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد) وَاسم أبي خَالِد: سعد، وَيُقَال: هُرْمُز، وَيُقَال: كثير الأحمسي البَجلِيّ مَوْلَاهُم الْكُوفِي.
قَوْله: ( وَقَالَ ابْن إِسْحَاق) هُوَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَاحب ( الْمَغَازِي) ( عَن يزِيد) من الزِّيَادَة ابْن رُومَان الْمدنِي، يرْوى عَن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
قَوْله: ( هِيَ بِلَاد بلي) أَي: ذَات السلَاسِل هِيَ بِلَاد هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة، أما بلي، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر اللَّام الْخَفِيفَة وياء النِّسْبَة، فَهِيَ قَبيلَة كَبِيرَة ينبسون إِلَى بلي بن عَمْرو بن الحاف ابْن قضاعة،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: بلي، فعيل من قَوْلهم: بلواً سفرا، أَي: نضوا سفرا، وَمن قَوْلهم: بلوت الرجل: إِذا اختبرته، وَأما ( عذرة) ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة: فَهِيَ قَبيلَة كَبِيرَة ينسبون إِلَى عذرة بن سعد هذيم بن زيد بن لَيْث بن سُوَيْد بن أسلم، بِضَم اللَّام اب الحاف بن قضاعة،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: هُوَ من عذرت الصَّبِي وأعذرته: إِذا ختنته، والعذرة أَيْضا دَار يُصِيب النَّاس فِي حُلُوقهمْ، وَأما ( بَنو الْقَيْن) بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون: فَهِيَ قَبيلَة كَبِيرَة ينسبون إِلَى الْقَيْن بن جسر،.

     وَقَالَ  الرشاطي: الْقَيْن هُوَ النُّعْمَان بن جسر بن شيع الله، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره عين مُهْملَة: ابْن أَسد بن وبرة بن ثَعْلَب بن حلوان بن عمرَان بن الحاف بن قضاعة، قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: النُّعْمَان حضنه عبد يُقَال لَهُ الْقَيْن فغلب عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَر: كل عبد عِنْد الْعَرَب قينٍ وَالْأمة قينةٍ والقين الْحداد، وَفِي كِتَابه أَيْضا: قين وَهُوَ قين ابْن عَامر بن عبد مَنَاة بن كنَانَة.



[ قــ :4122 ... غــ :4358 ]
- حَدَّثَنَا إسْحاقُ أخبرنَا خالدُ بنُ عبْدِ الله عنْ خالِدٍ الحَذَّاءِ عنْ أبي عُثْمانَ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعَثَ عَمْرَو بنَ العاصِ علَى جَيْش ذاتِ السّلاَسِلِ قَالَ فأتَيْتُهُ فقُلْتُ أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إليْكَ قَالَ عائِشَةُ.

قُلْتُ ومِنَ الرِّجالِ قَالَ أبُوها.

قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ عُمَرُ فَعَدَّ رِجالاً فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أنْ يَجْعَلَنِي فِي آخرِهِمْ.
( انْظُر الحَدِيث 3662) .


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( بعث عَمْرو بن الْعَاصِ على جَيش ذَات السلَاسِل) وَسبب ذَلِك مَا ذكره ابْن سعد: أَن جمعا من قضاعة تجمعُوا وَأَرَادُوا أَن يدنوا من أَطْرَاف المدنية فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَمْرو بن الْعَاصِ فعقد لَهُ لِوَاء أَبيض وَبَعثه فِي ثَلَاثمِائَة من سراة الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، ثمَّ أمده بِأبي عُبَيْدَة بن الْجراح فِي مِائَتَيْنِ وَأمره أَن يلْحق بِعَمْرو وَأَن لَا يختلفا، فَأَرَادَ أَبُو عُبَيْدَة أَن يؤمهم فَمَنعه عَمْرو،.

     وَقَالَ : إِنَّمَا قدمت عَليّ مدَدا وَأَنا الْأَمِير، فأطاع لَهُ أَبُو عُبَيْدَة، فصلى بهم عَمْرو، وَسَار عَمْرو حَتَّى وطىء بِلَاد بلَى وعذرة.
وذكرا نب حبَان هَذَا الحَدِيث وَفِيه، فَلَقوا الْعَدو فهزموهم فأرادوا أَن يتبعوهم فَمَنعهُمْ، يَعْنِي: عَمْرو بن الْعَاصِ أَمِير الْقَوْم.

وَأما حَدِيث الْبابُُ فَأخْرجهُ عَن إِسْحَاق هُوَ ابْن شاهين عَن خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان عَن خَالِد بن مهْرَان الْحذاء عَن أبي عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، وهذ مُرْسل، وَجزم بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيّ.

قَوْله: ( قَالَ: فَأَتَيْته) أَي: قَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ: فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي رِوَايَة مُعلى بن مَنْصُور فِي مُسلم: ( قدمت من جَيش ذَات السلَاسِل فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) .
قَوْله: ( فَسكت) ، بتَشْديد تَاء الْمُتَكَلّم هُوَ عَمْرو بن الْعَاصِ، وَفِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز تأمير الْمَفْضُول عِنْد وجود الْفَاضِل إِذا امتاز الْمَفْضُول بِصفة تتَعَلَّق بِتِلْكَ الْولَايَة فَإِنَّهُ كَانَ فِي هَذَا الْجَيْش أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَلَا يَقْتَضِي تأمير عَمْرو فِي هَذَا أفضليته عَلَيْهِمَا وَلَكِن يَقْتَضِي لَهُ فضلا فِي الْجُمْلَة، وَفِي هَذِه الْغَزْوَة تيَمّم عَمْرو بن الْعَاصِ مَخَافَة الْبرد.