فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم

( بابُُ مَناقِبِ قَرَابَةِ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَنْقَبَةِ فاطِمَةَ علَيْهَا السَّلامُ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَنَاقِب قرَابَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقرابة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من ينتسب إِلَى جده الْأَقْرَب، وَهُوَ: عبد الْمطلب مِمَّن صحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم أَو رَآهُ من ذكرٍ أَو أُنْثَى، وهم: عَليّ وَأَوْلَاده: الْحسن وَالْحُسَيْن ومحسن وَأم كُلْثُوم من فَاطِمَة، وجعفر وَأَوْلَاده: عبد الله وَعون وَمُحَمّد وَيُقَال: كَأَن لجَعْفَر بن أبي طَالب ابْن اسْمه أَحْمد، وَعقيل بن أبي طَالب وَولده مُسلم بن عقيل، وَحَمْزَة بن عبد الْمطلب وَأَوْلَاده: يعلى وَعمارَة وأمامة، وَالْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، وَأَوْلَاده الذُّكُور الْعشْرَة، وهم: الْفضل وَعبد الله وَقثم وَعبيد الله والْحَارث ومعبد وَعبد الرَّحْمَن وَكثير وَعون وَتَمام وَفِيه يَقُول الْعَبَّاس:
( تَمُّوا بتمَّامٍ فصاروا عشرهيا رب فاجعلهم كراماً برره)

وَيُقَال: إِن لكل مِنْهُم رُؤْيَة، وَكَانَ لَهُ من الْإِنَاث: أم حبيب وآمنة وَصفِيَّة، وَأَكْثَرهم من لبابَُُة أم الْفضل، ومعتب بن أبي لَهب وَالْعَبَّاس بن عتبَة بن أبي لَهب وَكَانَ زوج آمِنَة بنت الْعَبَّاس، وَعبد الله بن الزبير بن عبد الْمطلب، واخته ضباعة وَكَانَت زوج الْمِقْدَاد بن الْأسود، وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَابْنه جَعْفَر، وَنَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وابناه: الْمُغيرَة والْحَارث ولعَبْد الله بن الْحَارِث هَذَا رُؤْيَة، وَكَانَ يلقب: ببه، بباءين موحدتين الثَّانِيَة ثَقيلَة، وَأُمَيْمَة وأروى وعاتكة وَصفِيَّة بَنَات عبد الْمطلب، أسلمت صَفِيَّة وصحبت، وَفِي الْبَاقِيَات خلاف.

قَوْله: ( ومنقبة فَاطِمَة) ، بِالْجَرِّ عطفا على المناقب وَهِي ضد المثلبة.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: المنقبة طَرِيق منفذ فِي الْحَال، واستعير للْفِعْل الْكَرِيم إِمَّا لكَونه تَأْثِيرا لَهُ أَو لكَونه منهجاً فِي رَفعه.
قلت: لم يَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر هَذِه اللَّفْظَة أَعنِي منقبة فَاطِمَة بنت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي ( التَّوْضِيح) : فَاطِمَة تكنى، بِأم أَبِيهَا، أنْكحهَا عليا بعد وقْعَة أحد، وَهِي بنت خمس عشرَة وَخَمْسَة أشهر وَنصف، وَكَانَ سنّ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يَوْمئِذٍ إِحْدَى وَعشْرين سنة وَخَمْسَة أشهر.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِساءِ أهْلِ الجَنَّةِ
هَذَا التَّعْلِيق مر مَوْصُولا فِي أَوَاخِر: بابُُ عَلَامَات النُّبُوَّة، فَليرْجع إِلَيْهِ.



[ قــ :3541 ... غــ :3711 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ أخبرَنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثني عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ أنَّ فاطِمَةَ علَيْهَا السَّلاَمُ أرْسَلَتْ إِلَى أبِي بَكْرٍ تَسأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا أفَاءَ الله عَلى رَسُولِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَطْلُبُ صدَقَةَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي بِالمَدِينَةِ وفدَكٍ ومَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ.
فقالَ أبُو بَكْرٍ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ إنَّمَا يأكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هذَا المَالِ يَعْنِي مالَ الله لَيْسَ لَهُمْ أنْ يَزِيدُوا علَى المَأكَلِ وإنِّي وَالله لَا أُغَيِّرُ شَيْئاً مِنْ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي كانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلأعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتَشَهَّدَ عَلِيٌّ ثُمَّ قالَ إنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ وذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحَقَّهُمْ فتَكَلَّمَ أبُو بَكْرٍ فَقَالَ والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لقَرَابَةُ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحَبُّ إلَيَّ أنْ أصِلَ مِنْ قَرَابَتِي.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة تستأنس من قَوْله: ( لقرابة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِلَى آخِره.
وَأَبُو الْيَمَان بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف: الحكم بن نَافِع، وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه قد مر غير مرّة.
والْحَدِيث مر بأتم من هَذَا فِي أول كتاب الْخمس.

قَوْله: ( تطلب صَدَقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، إِن قيل: كَيفَ تطلب الصَّدَقَة وَهِي لجَمِيع الْمُؤمنِينَ؟ يُقَال: إِن مَعْنَاهُ تطلب مَا هِيَ صَدَقَة فِي الْوَاقِع ملك لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِحَسب اعتقادها، قَالَ الْكرْمَانِي: فَلفظ الصَّدَقَة هُوَ لفظ الرَّاوِي.
قَوْله: ( لَا نورث) ، قيل: إِن فَاطِمَة لم تكن علمت هَذَا.
قَوْله: ( لَا نورث) .
وَفِيه أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أبقى رباعه لقوت أَهله فِي حَيَاته ومماته وَمَا يعرض لَهُ من امور الْمُسلمين وَفِيه: أَن خَيْبَر خمست.
وَفِيه: أَنه كَانَ لَهُ فِي الْخمس حَظّ.
وَفِيه: أَن لبني هَاشم حَقًا فِي مَال الله، وَهُوَ من الْفَيْء وَالْخمس والجزية وَشبه ذَلِك ليتنزهوا عَن الصَّدَقَة.

قَوْله: ( فَتشهد عَليّ) قَالَ صَاحب ( التَّوْضِيح) : وَهَذَا إِلَى آخِره لَيْسَ من هَذَا الحَدِيث، إِنَّمَا كَانَ ذَلِك بعد موت فَاطِمَة، وَقد أَتَى بِهِ فِي مَوضِع آخر.
قَوْله: ( فَتكلم أَبُو بكر) إِلَى آخِره، قَالَه على سَبِيل الِاعْتِذَار عَن مَنعه إِيَّاهَا مَا طلبته مِنْهُ من تَرِكَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.





[ قــ :354 ... غــ :3713 ]
- أَخْبرنِي عبْدُ الله بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ حدَّثنا خالِدٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ واقِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أبِي يُحَدِّثُ عنِ ابنِ عُمَرَ عنْ أبِي بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُمْ قَالَ ارْقُبُوا مُحَمَّدَاً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أهْلِ بَيْتِهِ.
( الحَدِيث 3173 طرفه فِي: 1573) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبد الله بن عبد الْوَهَّاب أَبُو مُحَمَّد الحَجبي الْبَصْرِيّ وَهُوَ من أَفْرَاده، وخَالِد هُوَ ابْن الْحَارِث ابْن سليم بن الهُجَيْمِي الْبَصْرِيّ، وواقد بِكَسْر الْقَاف وبالدال الْمُهْملَة: ابْن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر، يروي عَن أَبِيه مُحَمَّد عَن عبد الله بن عمر عَن أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي فضل الْحسن وَالْحُسَيْن، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن يحيى بن معِين وَصدقَة بن الْفضل.

قَوْله: ( إرقبوا) ، أَمر للنَّاس، يَعْنِي: إحفظوا مُحَمَّدًا فِي أهل بَيته، فَلَا تؤذوهم وَلَا تسبوهم، وَأهل بَيته هم: فَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لف عَلَيْهِم كسَاء،.

     وَقَالَ : هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي، أَو هم مَعَ أَزوَاجه، لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَبَادر إِلَى الذِّهْن عِنْد الْإِطْلَاق.





[ قــ :3543 ... غــ :3714 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حدَّثنا ابنُ عُيَيْنَةَ عنْ عَمْرِو بنِ دِينارٍ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَةَ عنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أغْضَبَهَا أغْضَبَنِي.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ الْبَصْرِيّ وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان بن عينة تَصْغِير عين وَابْن أبي مليكَة هُوَ عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، وَقد مر غير مرّة، والمسور، بِكَسْر الْمِيم: ابْن مخرمَة، بِفَتْحِهَا، وَقد مر عَن قريب.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النِّكَاح عَن قُتَيْبَة، وَفِي الطَّلَاق عَن أبي الْوَلِيد.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أَحْمد بن يوسن وقتيبة عَن أبي معمر.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي النِّكَاح عَن أَحْمد بن يُونُس وقتيبة.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة وَعَن الْحَارِث بن مِسْكين.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي النِّكَاح عَن عِيسَى بن حَمَّاد.

قَوْله: ( بضعَة) بِفَتْح الْبَاء، وَهِي: الْقطعَة من الشَّيْء.





[ قــ :3544 ... غــ :3715 ]
- حدَّثنا يَحْيَى بنُ قَزَعَةَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سعْدٍ عنْ أبيهِ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالتْ دَعَا النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيَها فَسارَّهَا بِشَيْءٍ فبَكَتْ ثُمَّ دَعَاهَا فسارَّهَا فضَحِكَتْ قالتْ فسألْتُها عنْ ذالِكَ.
فقَالَتْ سارَّنِي النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخبرَنِي أنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فيهِ فَبَكَيْتُ ثُمَّ سارَّنِي فأخْبرنِي أنِّي أوَّلُ أهْل بَيْتِهِ أتْبَعُهُ فضَحِكْتُ.
.


هَذَا الحَدِيث بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن عَن يحيى بن قزعة مضى فِي أَوَاخِر: بابُُ عَلَامَات النُّبُوَّة، وَهَذَا تكْرَار بِلَا زِيَادَة فَائِدَة، وَلِهَذَا لم يَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر وَلم يذكرهُ النَّسَفِيّ أَيْضا، وَكَذَلِكَ الحَدِيث الَّذِي قبله لم يَقع فِي روايتيهما، لِأَنَّهُ يَأْتِي مطولا كَمَا ذكرنَا.