فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم، وما أجمع عليه الحرمان مكة، والمدينة، وما كان بها من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين، والأنصار، ومصلى النبي صلى الله عليه وسلم والمنبر والقبر

( بابُُ مَا ذَكَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحَضَّ عَلى اتِّفاقِ أهْلِ العِلْمِ وَمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الحَرَمانِ مَكَّةُ والمَدِينَةُ، وَمَا كانَ بهَا مِنْ مَشاهِدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمُهاجِرِينَ والأنْصار ومُصَلَّى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمِنْبَرِ والقَبْرِ.
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا ذكر النَّبِي وحض أَي حرض.
فَقَوله: ذكر وَقَوله: حض تنَازعا فِي الْعَمَل فِي قَوْله على اتِّفَاق أهل الْعلم، ويروى: وَمَا حض عَلَيْهِ من اتِّفَاق أهل الْعلم، قَالَه الْكرْمَانِي.
وَإِذا اتّفق أهل عصر من أهل الْعلم عل قَول حَتَّى ينقرضوا وَلم يتَقَدَّم فِيهِ اخْتِلَاف فَهُوَ إِجْمَاع، وَاخْتلف إِذا كَانَ من الصَّحَابَة اخْتِلَاف ثمَّ أجمع من بعدهمْ على أحد أَقْوَالهم هَل يكون ذَلِك إِجْمَاعًا؟ وَالصَّحِيح أَنه لَيْسَ بِإِجْمَاع.
وَاخْتلف فِي الْوَاحِد إِذا خَالف الْجَمَاعَة: هَل يُؤثر فِي إِجْمَاعهم؟ وَكَذَلِكَ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثَة من الْعدَد الْكثير.
قَوْله: وَمَا اجْتمع عَلَيْهِ الحرمان عطف على مَا قبله.
وَقَوله: مَكَّة وَالْمَدينَة أَي: أحد الْحَرَمَيْنِ مَكَّة وَالْآخر الْمَدِينَة، أَرَادَ أَن مَا اجْتمع عَلَيْهِ أهل الْحَرَمَيْنِ من الصَّحَابَة وَلم يُخَالف صَاحب من غَيرهمَا فَهُوَ إِجْمَاع، كَذَا قَيده ابْن التِّين، ثمَّ نقل عَن سَحْنُون أَنه: إِذا خَالف ابْن عَبَّاس أهل الْمَدِينَة لم ينْعَقد لَهُم إِجْمَاع،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: اخْتلف أهل الْعلم فِيمَا هم فِيهِ أهل الْمَدِينَة حجَّة على غَيرهم من الْأَمْصَار فَكَانَ الْأَبْهَرِيّ يَقُول: أهل الْمَدِينَة حجَّة على غَيرهم من طَرِيق الاستنباط، ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ: قَوْلهم من طَرِيق النَّقْل أولى من طَرِيق غَيرهم، وهم وَغَيرهم سَوَاء فِي الِاجْتِهَاد، وَهَذَا قَول الشَّافِعِي.
وَذهب أَبُو بكر بن الطّيب إِلَى أَن قَوْلهم أولى من طَرِيق الِاجْتِهَاد وَالنَّقْل جمعياً، وَذهب أَصْحَاب أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى أَنهم لَيْسُوا حجَّة على غَيرهم لَا من طَرِيق النَّقْل وَلَا من طَرِيق الِاجْتِهَاد،.

     وَقَالَ  الْمُهلب: غَرَض البُخَارِيّ فِي الْبابُُ تَفْضِيل الْمَدِينَة بِمَا خصها الله بِهِ من معالم الدّين وَأَنَّهَا دَار الْوَحْي ومهبط الْمَلَائِكَة بِالْهدى وَالرَّحْمَة، وبقعة شرفها الله عز وَجل بسكنى رَسُوله وَجعل فِيهَا قَبره ومنبره وَبَينهمَا رَوْضَة من رياض الْجنَّة.
قَوْله: وَمَا كَانَ ... إِلَى آخِره إِشَارَة أَيْضا إِلَى تَفْضِيل الْمَدِينَة بفضائل وَهِي مَا كَانَ من مشَاهد النَّبِي، وَإِنَّمَا جمع المشهد بقوله: من مشَاهد النَّبِي، إِشَارَة إِلَى أَن الْمَدِينَة مشْهد النَّبِي، ومشهد الْمُهَاجِرين ومشهد الْأَنْصَار وَأَصله من شهد الْمَكَان شُهُودًا إِذا حَضَره.
قَوْله: ومصلى النَّبِي عطف على مشَاهد النَّبِي والمنبر والقبر معطوفان عَلَيْهِ، وَهَذِه أَيْضا إِشَارَة إِلَى فَضِيلَة الْمَدِينَة بِأُمُور.
مِنْهَا: أَن فِيهَا مصلى النَّبِي وَهُوَ مَوضِع يصلى فِيهِ، وَمِنْهَا: أَن فِيهَا منبره،.

     وَقَالَ  فِيهِ: منبري على حَوْضِي، وَمِنْهَا: أَن فِيهَا قَبره الَّذِي بَينه وَبَين منبره رَوْضَة من رياض الْجنَّة، كَمَا ذَكرْنَاهُ.



[ قــ :6930 ... غــ :7322 ]
- حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ، عنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله السَّلَمِيِّ، أنَّ أعْرَابِيّاً بايَعَ رسولَ الله عَلى الإسْلامِ، فأصابَ الأعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالمَدِينَةِ فَجاءَ الأعْرَابِيُّ إِلَى رسولِ الله فَقَالَ: يَا رسولَ الله أقِلْنِي بَيْعَتِي، فأباى رسولُ الله ثُمَّ جاءَهُ فَقَالَ: أقِلْني بَيْعَتِي، فأباى، ثُمَّ جاءَهُ فَقَالَ: أقِلْنِي بَيْعتَي فأباى، فَخَرَجَ الأعْرابِيُّ فَقَالَ رسولُ الله إنَّما المَدِينَةُ كالكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا ويَنْصَعُ طِيبُها
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ الْفَضِيلَة الَّتِي اشْتَمَل على ذكرهَا كل مِنْهُمَا.

وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس.
والْحَدِيث مضى فِي الْأَحْكَام فِي: بابُُ من بَايع ثمَّ استقال الْبيعَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا.



[ قــ :6931 ... غــ :733 ]
- حدّثنا مُوساى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، حدّثنا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ، عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله قَالَ: حدّثني ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: كُنْتُ أُقْرِىءُ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ عَوْفٍ فَلَمَّا كانَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بِمِنًى: لَوْ شَهِدْتَ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ أتاهُ رَجُلٌ قَالَ: إنَّ فُلاناً يَقُولُ: لَوْ ماتَ أمِيرُ المُؤْمِنينَ لَبَايَعْنا فُلاناً، فَقَالَ عُمَرُ: لأقُومَنَّ العَشِيَّةَ فأُحَذِّرَ هاؤُلاءِ الرَّهْطَ الّذِينَ يُرِيدونَ أنْ يَغْصِبُوهُمْ.
قُلْتُ: لَا تَفْعَلْ فإنَّ المَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعاعَ النَّاسِ ويَغْلِبُونَ عَلى مَجْلِسكَ فأخافُ أنْ لَا يُنَزِّلُوها عَلى وَجْهِها فَيُطِيرُ بِها كُلُّ مُطِيرٍ، فأمْهِلْ حتَّى تَقْدَمَ المَدِينَةَ دارَ الهِجْرَةِ ودارَ السُّنَّةِ فَتَخْلُصَ بِأصْحابِ رسولِ الله مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ فَيَحْفَظُوا مَقَالَتَكَ ويُنَزِّلُوها عَلى وَجْهِها، فَقَالَ: وَالله لأقُومَنَّ بِهِ فِي أوَّلِ مقامٍ أقُومُهُ بِالمَدِينَةِ.

قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَقَدِمْنا المَدِينَةَ فَقَالَ: إنَّ الله بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ وأنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتابَ فَكانَ فِيما أُنْزِلَ آيَةُ الرَّجْمِ.

ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: دَار الْهِجْرَة وَدَار السّنة فتخلص بأصحاب رَسُول الله، من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَذكر فِي التَّرْجَمَة مَا يتَعَلَّق بِوَصْف الْمَدِينَة بِهَذِهِ الْأَشْيَاء.

ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْبَصْرِيّ التَّبُوذَكِي يروي عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن معمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود.

وَهَذَا الحَدِيث قِطْعَة من حَدِيث طَوِيل قد مضى فِي كتاب الْحُدُود فِي: بابُُ رجم الحبلى من الزِّنَى إِذا أحصنت، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا.

قَوْله: (أقرىء بِضَم الْهمزَة من الإقراء.
قَوْله: فَلَمَّا كَانَ آخر حجَّة جَوَاب.
لما، مَحْذُوف نَحْو: رَجَعَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف من عِنْد عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَوْله: بمنى يحْتَمل أَن يتَعَلَّق بقوله: كنت أُقرىء قَوْله: لَو شهِدت كلمة: لَو، إِمَّا لِلتَّمَنِّي وَإِمَّا جَزَاؤُهُ مَحْذُوف.
قَوْله: الَّذين يُرِيدُونَ أَن يغصبوهم أَي: الَّذين يقصدون أموراً لَيْسَ ذَلِك وظيفتهم وَلَا لَهُم مرتبَة ذَلِك فيريدون أَن يباشرونها بالظلم وَالْغَصْب.
قَوْله: رعاع النَّاس بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْعين الْمُهْملَة الأولى وهم أَحْدَاث النَّاس وَأَرَاذِلهمْ.
قَوْله: ويغلبون على مجلسك أَي: يكثرون فِي مجلسك.
قَوْله: لَا ينزلوها بِضَم الْيَاء أَي: لَا ينزلون خطبتك أَو وصيتك أَو كلماتك أَو مَقَالَتك، والقرينة على ذَلِك قَوْله: على وَجههَا أَي: على مَا يَنْبَغِي حق كلامك.
قَوْله: فيطير بهَا كل مطير قَالَ صَاحب التَّوْضِيح أَي يتَأَوَّل على خلاف وَجههَا.
قلت: مَعْنَاهُ ينقلها كل ناقل بالسرعة والانتشار لَا بالتأني والضبط.
وَقَوله: يطير بِفَتْح الْيَاء مضارع من طَار.
وَقَوله: كل مطير فَاعله، والمطير بِضَم الْمِيم اسْم فَاعل من أطار،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: ويروى: فيطيروا بهَا، بِصِيغَة الْمَجْهُول من التطير مُفردا وجمعاً، وكل مطير بِفَتْح الْمِيم وَكسر الطَّاء، ويروى: مطار، بِضَم الْمِيم.
قَوْله: فأمهل أَمر من الْإِمْهَال أَي: اصبر وَلَا تستعجل.
قَوْله: دَار الْهِجْرَة بِالنّصب على الْبَدَلِيَّة من الْمَدِينَة.
قَوْله: فتخلص بِالنّصب أَي: حَتَّى تقدم الْمَدِينَة فتصل بأصحاب رَسُول الله قَوْله: فيحفظوا عطف على قَوْله: فتخلص
قَوْله: قَالَ ابْن عَبَّاس مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور.
قَوْله: بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ حذف مِنْهُ قِطْعَة كَبِيرَة بَين قَوْله: فقدمنا الْمَدِينَة وَبَين قَوْله: فَقَالَ، إِلَى آخِره، مضى بَيَانهَا فِي الْبابُُ الْمَذْكُور فِي الْحُدُود.
قَوْله: آيَة الرَّجْم وَهِي قَوْله: الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا، وَهُوَ مَنْسُوخ التِّلَاوَة بَاقِي الحكم.





[ قــ :693 ... غــ :734 ]
- حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا حَمَّادٌ، عنْ أيُّوبَ، عنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أبي هُرَيْرَةَ، وعَلَيْهِ ثَوْبانِ مُمَشَّقانِ مِنْ كَتَّانٍ، فَتَمَخَّطَ فَقَالَ: بَخْ بَخْ، أبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ فِي الكَتّانِ؟ لَقَدْ رَأيْتُنِي وإنِّي لأخِرُّ فِيما بَيْنَ مَنْبَرِ رسولِ الله إِلَى حُجْرَةٍ عائِشَةَ مَغْشِيّاً عَلَيَّ فَيَجِيءُ الجائِي، فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلى عُنُقِي ويُراى أنِّي مَجْنُونٌ وَمَا بِي مِنْ جُنُونٍ، مَا بِي إلاّ الجُوعُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَإِنِّي لأخر فِيمَا بَين مِنْبَر رَسُول الله، إِلَى حجرَة عَائِشَة وَهِي مَكَان الْقَبْر الشريف.

وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد يروي عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين.

والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن قُتَيْبَة.

قَوْله: وَعَلِيهِ الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ممشقان بِضَم الْمِيم وَفتح الْمِيم الثَّانِيَة والشين الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة وبالقاف أَي مصبوغان بالمشق بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الشين وَهُوَ الطين الْأَحْمَر.
قَوْله: فتمخط أَي: استنثر.
قَوْله: بخ بخ بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة فِيهَا وَتَشْديد الْخَاء الْمُعْجَمَة وبتخفيفها وَهِي كلمة تقال عِنْد الرِّضَا والإعجاب.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي؛ هِيَ كلمة تقال عِنْد الْمَدْح وَالرِّضَا بالشَّيْء وَقد تكون للْمُبَالَغَة.
قَوْله: لقد رَأَيْتنِي بضميري الْمُتَكَلّم وَهُوَ من خَصَائِص أَفعَال الْقُلُوب أَي: لقد رَأَيْت نَفسِي.
قَوْله: لأخر أَي: أسقط.
قَوْله: مغشياً عَليّ حَال أَي مغمى عَلَيْهِ.
قَوْله: وَيرى أَنِّي مَجْنُون أَي: يظنّ أَنِّي مَجْنُون، وَالْحَال مَا بِي من الْجُنُون، وَمَا بِي إِلَّا الْجُوع.





[ قــ :6933 ... غــ :735 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ، أخبرنَا سُفْيانُ، عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عابِسٍ قَالَ: سُئِلَ ابنُ عَبَّاسٍ: أشَهِدْتَ العِيدَ مَعَ النبيِّ قَالَ: نعَمْ، ولَوْلا مَنْزِلَتي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ مِنَ الصِّغَرِ، فأتَى العَلَمَ الّذِي عِنْدَ دارِ كَثِيرِ بنِ الصّلْتِ فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ، ولَمْ يَذْكُرْ أذاناً وَلَا إقامَةً، ثُمَّ أمَرَ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَ النِّساءُ يُشِرْنَ إِلَى آذانِهِنَّ وحُلُوقِهِنَّ، فأمَرَ بِلالاً فأتاهُنَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النبيِّ.

ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: فَأتى الْعلم الَّذِي عِنْد دَار كثير بن الصَّلْت لِأَن الْعلم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ الْمصلى، وَفِي التَّرْجَمَة من مشَاهد النَّبِي، مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ صَلَاة الْعِيد والجنائز، وَدَار كثير بن الصَّلْت بنيت بعد الْعَهْد النَّبَوِيّ، وَإِنَّمَا عرف الْمصلى بهَا لشهرتها.
.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: كثير بن الصَّلْت بن معد يكرب الْكِنْدِيّ ولد على عهد رَسُول الله وَسَماهُ كثيرا وَكَانَ اسْمه قَلِيلا يروي عَن أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان، وَزيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ: الْأَصَح أَن الَّذِي سَمَّاهُ كثيرا عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

وَشَيخ البُخَارِيّ مُحَمَّد بن كثير بالثاء الْمُثَلَّثَة، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَعبد الرَّحْمَن بن عَابس بِالْعينِ الْمُهْملَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة مَكْسُورَة وبالسين الْمُهْملَة ابْن ربيعَة النَّخعِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة عَن عَمْرو بن عَليّ وَفِي الْعِيدَيْنِ عَن مُسَدّد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.





[ قــ :6934 ... غــ :736 ]
- حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ، حدّثنا سُفْيانُ، عنْ عَبْدِ الله بنِ دِينارٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، أنَّ النبيَّ كانَ يَأتِي قُباءً مَاشِيا وراكِباً.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من حَيْثُ إِن قبَاء مشْهد من مشَاهد النَّبِي
وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
والْحَدِيث مضى فِي أَوَاخِر الصَّلَاة فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب مُتَوَالِيَة أَولهَا: بابُُ مَسْجِد قبَاء.





[ قــ :6935 ... غــ :737 ]
- حدّثنا عُبَيْدُ بنُ إسماعِيلَ، حدّثنا أبُو أُسامَةَ، عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ، عنْ عَائِشَةَ قالَتْ لِعَبْدِ الله بنِ الزُّبَيْرِ: ادْفِنِّي مَعَ صَواحِبِي وَلَا تَدْفِنِّي مَعَ النبيِّ فِي البَيْتِ، فَإِنِّي أكْرَهُ أنْ أُزَكَّى.
وعنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ أنَّ عُمَرَ أرْسَلَ إِلَى عائِشَةَ: ائْذَنِي لي أنْ أُدْفَنَ مَعَ صاحِبَيَّ؟ فقالَتْ: إِي وَالله، قَالَ: وكانَ الرَّجُلُ إذَا أرْسَلَ إلَيْها مِنَ الصَّحابَةِ قالَتْ: لَا وَالله، لَا أُوثِرُهُمْ بأحَدٍ أبَداً.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: أَن أدفن مَعَ صَاحِبي يَعْنِي فِي قبر النَّبِي
وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ادفني مَعَ صواحبي أَي: أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، يَعْنِي: ادفني فِي مَقْبرَة البقيع مَعَهُنَّ.
قَوْله: فِي الْبَيْت أَرَادَ حُجْرَتهَا الَّتِي دفن فِيهَا النَّبِي وصاحباه.
قَوْله: أَن أزكى على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّزْكِيَة، الْمَعْنى أَنَّهَا كرهت أَن يظنّ أَنَّهَا أفضل الصَّحَابَة بعد النَّبِي وصاحبيه حَيْثُ جعلت نَفسهَا ثَالِثَة الضجيعين.

قَوْله: مَعَ صاحبيّ أَرَادَ بهما رَسُول الله وَأَبا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: إِي وَالله بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء وَهُوَ حرف جَوَاب بِمَعْنى نعم، وَلَا يَقع إلاَّ بعد الْقسم.
قَوْله: من الصَّحَابَة فِيهِ حذف تَقْدِيره: إِذا أرسل إِلَيْهَا أحد من الصَّحَابَة يسْأَلهَا أَن يدْفن مَعَهم.
قَوْله: قَالَت جَوَاب الشَّرْط.
قَوْله: لَا أؤثرهم بالثاء الْمُثَلَّثَة يُقَال: آثر كَذَا بِكَذَا أَي اتبعهُ إِيَّاه أَي لَا أتبعهم بدفن آخر عِنْدهم.
.

     وَقَالَ  صَاحب الْمطَالع هُوَ من بابُُ الْقلب أَي: لَا أوثر بهم أحدا، وَيحْتَمل أَن يكون لَا أثيرهم بِأحد، أَي: لَا أنبشهم لدفن أحد، وَالْبَاء بِمَعْنى اللَّام وَاسْتَشْكَلَهُ ابْن التِّين بقول عَائِشَة فِي قصَّة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لأوثرنه على نَفسِي، ثمَّ أجَاب بِاحْتِمَال أَن يكون الَّذِي آثرت عمر بِهِ الْمَكَان الَّذِي دفن فِيهِ من وَرَاء قبر أَبِيهَا بِقرب النَّبِي وَذَلِكَ لَا يَنْفِي وجود مَكَان آخر فِي الْحُجْرَة، وَذكر ابْن سعد من طرق: أَن الْحسن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أوصى أَخَاهُ أَن يدفنه عِنْدهم إِن لم تقع بذلك فتْنَة، فصده عَن ذَلِك بَنو أُميَّة فَدفن بِالبَقِيعِ.

وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الله بن سَلام،.

     وَقَالَ : مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة صفة مُحَمَّد وَعِيسَى، عَلَيْهِمَا السَّلَام، يدْفن مَعَه.
قَالَ أَبُو دَاوُد أحد رُوَاته: وَبَقِي فِي الْبَيْت مَوضِع قبر، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ يدْفن عِيسَى مَعَ رَسُول الله، وَأبي بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَيكون قبراً رَابِعا.





[ قــ :6937 ... غــ :739 ]
- حدّثنا أيُّوبَ بنُ سُلَيْمانَ، حَدثنَا أبُو بَكْرِ بنُ أبي أُويْسٍ، عنْ سُلَيْمانَ بنِ بِلاَلٍ، عنْ صالِحِ بنِ كَيْسانَ قَالَ ابنُ شِهابٍ: أَخْبرنِي أنَسُ بنُ مالِكٍ أنَّ رسولَ الله كانَ يُصَلِّي العَصْرَ فيأْتي العَوَالِيَ والشّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.

وزادَ اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ: وبُعْدُ العَوَالِي أرْبَعَةُ أمْيالٍ، أوْ ثَلاثَةٌ.


مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: فَيَأْتِي العوالي لِأَن إِتْيَانه إِلَى العوالي يدل على أَن العوالي من جملَة مشاهده فِي الْمَدِينَة.

وَأَيوب بن سُلَيْمَان بن بِلَال، وَأَبُو بكر بن أبي أويس اسْمه عبد الحميد، وَأَبُو أويس اسْمه عبد الله الأصبحي الْأَعْشَى الْمَدِينِيّ، والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: وَالشَّمْس الْوَاو فِيهِ للْحَال.

قَوْله: وَزَاد اللَّيْث أَي زَاد اللَّيْث فِي رِوَايَته عَن يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب عَن أنس، وَوصل هَذِه الزِّيَادَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث: حَدثنِي اللَّيْث عَن يُونُس أَخْبرنِي ابْن شهَاب عَن أنس فَذكر الحَدِيث بِتَمَامِهِ، وَزَاد فِي آخِره: وَبعد العوالي من الْمَدِينَة أَرْبَعَة أَمْيَال.
قَوْله: أَو ثَلَاثَة شكّ من الرَّاوِي أَي: أَو ثَلَاثَة أَمْيَال، والعوالي جمع عالية وَهِي مَوَاضِع مُرْتَفعَة على غَيرهَا قرب الْمَدِينَة، وَذكر هُنَا بعْدهَا من الْمَدِينَة أَرْبَعَة أَمْيَال، وَقيل: ثَلَاثَة، والأميال جمع ميل وَهُوَ ثلث الفرسخ، وَقيل: هُوَ مد الْبَصَر.





[ قــ :6938 ... غــ :7330 ]
- حدّثنا عَمْرُو بنُ زُرارَةَ، حدّثنا القاسِمُ بنُ مالِكٍ، عنِ الجُعَيْدِ سَمِعْتُ السَّائِبَ بنَ يَزِيدَ يَقُولُ: كانَ الصَّاعُ عَلى عَهْدِ النبيِّ مُدّاً وثُلُثاً بِمُدِّكُمُ اليَوْمِ وقدْ زِيدَ فِيهِ
انْظُر الحَدِيث 1859 وطرفه
لم يذكر أحد هُنَا وَجه الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة أصلا، وَيُمكن أَن يكون الصَّاع النَّبَوِيّ دَاخِلا فِي قَوْله: وَمَا اجْتمع عَلَيْهِ الحرمان، لِأَن الصَّاع النَّبَوِيّ كَانَ مِمَّا اجْتمع عَلَيْهِ أهل الْحَرَمَيْنِ فِي أَيَّام النَّبِي، وَهُوَ أَنه كَانَ مدا وَثلث مد، وَقد زيد بعده، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مد وَثلث وَهُوَ معنى قَوْله: وَقد زيد فِيهِ وَهِي جملَة حَالية.

وَشَيخ البُخَارِيّ عَمْرو بِالْفَتْح ابْن زُرَارَة بِضَم الزَّاي وَفتح الراءين بَينهمَا ألف، وَالقَاسِم بن مَالك أَبُو جَعْفَر الْمُزنِيّ الْكُوفِي، والجعيد بِضَم الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة مصغر جعد وَقد يسْتَعْمل مكبراً، وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن أويس الْكِنْدِيّ الْمدنِي، والسائب بن يزِيد ابْن أُخْت النمر الْكِنْدِيّ، وَيُقَال: غَيره الصَّحَابِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الْحَج عَن عَمْرو بن زُرَارَة وَفِي الْكَفَّارَات عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزَّكَاة عَن عَمْرو بن زُرَارَة.

قَوْله: مدا وَثلثا ويروى: مد وَثلث، وَوَجهه أَن يكون على اللُّغَة الربيعية يَكْتُبُونَ الْمَنْصُوب بِدُونِ الْألف،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أَو يكون فِي: وَكَانَ، ضمير الشَّأْن.
قلت: فعلى هَذَا يكون: مد وَثلث، مرفوعان على الخبرية عَن الصَّاع الْمَرْفُوع على الِابْتِدَاء.





[ قــ :6939 ... غــ :7331 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ، عنْ مالِكٍ، عنْ إسْحاق بنِ عَبْدِ الله بنِ أبي طَلْحَةَ، عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اللَّهُمَّ باركْ لَهُمْ فِي مِكْيالِهِمْ، وبارِكْ لَهُمْ فِي صاعِهمْ ومُدِّهِمْ يَعْنِي: أهْلَ المَدِينَةِ.

انْظُر الحَدِيث 130 وطرفه
هَذَا الحَدِيث مُتَعَلق بِالْحَدِيثِ السَّابِق لِأَن فِيهِ الدُّعَاء بِالْبركَةِ فِي صاعهم، فمطابقة ذَاك للتَّرْجَمَة تسد مُطَابقَة هَذَا.

والْحَدِيث مضى فِي الْبيُوع عَن عبد الله بن مسلمة أَيْضا، وَفِي الْكَفَّارَات عَن عبد الله بن يُوسُف.
وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ كِلَاهُمَا عَن قُتَيْبَة.





[ قــ :6940 ... غــ :733 ]
- حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ، حدّثنا أبُو ضَمْرَةَ، حدّثنا مُوسَى بنُ عُقْبَةَ، عنْ نافِعٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّ اليَهُودَ جاءُوا إِلَى النبيِّ بِرَجُلٍ وامْرَأةٍ زَنَيا فأمَرَ بِهِما فَرُجِما قَرِيباً مِنْ حَيْثُ تُوضَعُ الجَنائِزُ عِنْدَ المَسْجِدَ.

ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: من حَيْثُ تُوضَع الْجَنَائِز وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: حَيْثُ مَوضِع الْجَنَائِز، أَي: للصَّلَاة عَلَيْهَا، وَهُوَ الْمصلى.

وَأَبُو ضَمرَة بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم وبالراء واسْمه أنس بن عِيَاض.

والْحَدِيث مضى فِي الْمُحَاربين فِي: بابُُ أَحْكَام أهل الذِّمَّة عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بأتم مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.