فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب أجر الصابر في الطاعون

( بابُُ أجْرِ الصَّابِرِ فِي الطَّاعُونِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أجر الصابر على الطَّاعُون سَوَاء وَقع بِهِ أَو وَقع فِي بلد هُوَ مُقيم بهَا، وَوَقع فِي ( مُسْند أَحْمد) من حَدِيث جَابر رَفعه: الفار من الطَّاعُون كالفار من الزَّحْف، والصابر فِيهِ كالصابر فِي الزَّحْف، وَفِي رِوَايَة لَهُ: وَمن صَبر كَانَ لَهُ أجر شَهِيد، وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة باللفظين فِي ( كتاب التَّوَكُّل) .



[ قــ :5426 ... غــ :5734 ]
- حدّثنا إسْحاقُ أخبرَنا حَبَّانُ حدَّثنا داوُدُ بنُ أبي الفُراتِ حَدثنَا عبْدُ الله بنُ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيى بنِ يَعْمَرَ عَنْ عائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا أخْبَرَتْنا أنَّها سألَتْ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنِ الطّاعُونِ؟ فأخْبَرَها نَبيُّ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ كانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ الله عَلى مَنْ يَشاءُ، فَجعَلَهُ الله رحْمَةً لِلْمؤْمِنينَ فَليْسَ مِنْ عبْدٍ يَقَعُ الطاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا يَعْلَمُ أنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إلاَّ مَا كَتَبَ الله لهُ إلاَّ كانَ لهُ مِثْلُ أجْرِ الشهِيدِ.
( انْظُر الحَدِيث: 3474 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( فَلَيْسَ من عبد) إِلَى آخِره.
وَإِسْحَاق، قَالَ بَعضهم: ابْن رَاهَوَيْه،.

     وَقَالَ  الغساني: لَعَلَّه ابْن مَنْصُور.
قلت: إِسْحَاق بن مَنْصُور بن بهْرَام الكوسج أَبُو يَعْقُوب الْمروزِي، انْتقل بِآخِرهِ إِلَى نيسابور وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وحبان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالنون ابْن هِلَال الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ، وَمن جملَة من روى عَنهُ إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَهُوَ يدل على أَن الصَّوَاب مَعَ الغساني، وَدَاوُد بن أبي الْفُرَات بِضَم الْفَاء وبالراء المخففة وَفِي آخِره تَاء مثناة من فَوق، اسام أبي فرات عَمْرو، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَعبد الله بن بُرَيْدَة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء مصغر الْبردَة الْأَسْلَمِيّ التَّابِعِيّ الْبَصْرِيّ القَاضِي بمرو، وَيحيى بن يعمر بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَضمّهَا الْمروزِي قاضيها.

والْحَدِيث مضى فِي بني إِسْرَائِيل فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن أبي الْفُرَات إِلَى آخِره، وَمضى أَيْضا فِي التَّفْسِير، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي بني إِسْرَائِيل.

قَوْله: ( على من يَشَاء) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: على من شَاءَ، بِلَفْظ الْمَاضِي، يَعْنِي: على من شَاءَ من كَافِر أَو عاصٍ.
قَوْله: ( رَحْمَة للْمُؤْمِنين) أَي: من هَذِه الْأمة، ويروى: رَحْمَة للْمُسلمين، وَهُوَ رَحْمَة من حَيْثُ إِنَّه يتَضَمَّن مثل ( أجر الشَّهِيد) وَإِن كَانَ هُوَ محنة صُورَة.
قَوْله: ( فَلَيْسَ من عبد) أَي: مُسلم يَقع الطَّاعُون فِي أَي مَكَان هُوَ فِيهِ فيمكث فِي بَلَده، وَفِي رِوَايَة أَحْمد فِي بَيته.
قَوْله: ( فِي بَلَده) مِمَّا تنَازع الفعلان فِيهِ، أَعنِي: قَوْله: يَقع، وَقَوله: فيمكث، قَوْله: ( صَابِرًا) حَال مُفْرد أَي: غير منزعج وَلَا قلق بل مُسلما الْأَمر الله رَاضِيا بِقَضَائِهِ.
قَوْله: ( يعلم) حَال جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل.
قَوْله: ( إلاَّ كَانَ لَهُ مثل أجر الشَّهِيد) فَإِن قلت: مَا معنى المثلية هُنَا مَعَ أَنه جَاءَ: من مَاتَ بالطاعون كَانَ شَهِيدا؟ قلت: معنى المثلية أَن من أتصف بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَة وَوَقع بِهِ الطَّاعُون ثمَّ لم يمت مِنْهُ أَنه يحصل لَهُ مثل أجر الشَّهِيد، وَإِذا مَاتَ بالطاعون يحصل لَهُ أجر الشَّهِيد.
قَوْله: ( من مَاتَ بالطاعون كَانَ شَهِيدا) يَعْنِي: حكما لَا حَقِيقَة.

تابَعَهُ النَّضْرُ عنْ داوُدَ.

أَي: تَابع حبانَ بن هِلَال النضرُ بن شُمَيْل فِي رِوَايَته عَن دَاوُد.