فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الفتنة التي تموج كموج البحر

( بابُُ الفِتْنَةِ الّتي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْفِتْنَة الَّتِي تموج كموج الْبَحْر، قيل: أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا أخرجه ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: فِي هَذِه الْأمة خمس فتن، فَذكر الْأَرْبَعَة، ثمَّ فتْنَة تموج كموج الْبَحْر وَهِي الَّتِي يصبح النَّاس فِيهَا كَالْبَهَائِمِ أَي: لَا عقول لَهُم.

وَقَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ عنْ خَلَفِ بنِ حَوْشَبٍ: كانُوا يَسْتَحِبُّونَ أنْ يَتَمَثَّلُوا بِهاذِهِ الأبْياتِ عِنْدَ الفِتَنِ، قَالَ امرُؤ القَيْسِ:
( الحَرْبُ أوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيّةً ... تَسْعَى بِزِينَتها لِكُلِّ جَهُولِ)

( حتَّى إذَا اشْتَعَلَتْ وشَبَّ ضِرامُها ... ولّتْ عَجُوزاً غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ)

( شَمْطاءَ يُنْكَرُ لَوْنُها، وتَغَيَّرَتْ ... مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ والتَّقْبِيلِ)

أَي: قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن خلف بِالْخَاءِ وَاللَّام المفتوحتين ابْن حَوْشَب بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وبالباء الْمُوَحدَة كَانَ من أهل الْكُوفَة، روى عَن جمَاعَة من كبار التَّابِعين وَأدْركَ بعض الصَّحَابَة لَكِن لَا يعلم رِوَايَته عَنْهُم، وَكَانَ عابداً من عباد أهل الْكُوفَة وَثَّقَهُ الْعجلِيّ،.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ: لَا بَأْس بِهِ، وَأثْنى عَلَيْهِ ابْن عُيَيْنَة، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الْموضع، قَوْله: كَانُوا أَي: السّلف.
قَوْله: عِنْد الْفِتَن أَي: عِنْد نُزُولهَا.
قَوْله: قَالَ امْرُؤ الْقَيْس كَذَا وَقع عِنْد أبي ذَر فِي نسخته، وَالْمَحْفُوظ أَن هَذِه الأبيات لعَمْرو بن معد يكرب الزبيدِيّ، وَقد جزم بِهِ الْمبرد فِي الْكَامِل وَتَعْلِيق سُفْيَان هَذَا وَصله البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ الصَّغِير عَن عبد الله بن مُحَمَّد المسندي: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
قَوْله: فتية بِفَتْح الْفَاء وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف أَي: شَابة، وَيجوز فِيهِ ضم الْفَاء بِالتَّصْغِيرِ، وَيجوز فِيهِ الرّفْع وَالنّصب.
وَأما الرّفْع فعلى أَنه خبر وَذَلِكَ أَن الْحَرْب مُبْتَدأ وَأول مَا تكون بدل مِنْهُ وَمَا مَصْدَرِيَّة وَتَكون تَامَّة تَقْدِيره: أول كَونهَا، وفتية خبر الْمُبْتَدَأ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَجَاز فِي: أول، وفتية، أَرْبَعَة أوجه: نصبهما ورفعهما، وَنصب الأول وَرفع الثَّانِي، وَالْعَكْس.
وَكَانَ، إِمَّا نَاقِصَة وَإِمَّا تَامَّة، ثمَّ سكت وَلم يبين وَجه ذَلِك.
قلت: وَجه نصبهما أَن يكون الأول مَنْصُوبًا على الظّرْف، وفتية مَرْفُوعا على الخبرية، وَتَكون نَاقِصَة، وَالتَّقْدِير: الْحَرْب فِي أول حَالهَا فتية، وَوجه الْعَكْس أَن يكون الأول مُبْتَدأ ثَانِيًا أَو بَدَلا من الْحَرْب.
وَيكون تَامَّة، وَقد خبط بَعضهم فِي هَذَا الْمَكَان يعرفهُ من يقف عَلَيْهِ.
قَوْله: بزينتها بِكَسْر الزَّاي وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون، وَرَوَاهُ سِيبَوَيْهٍ، ببزتها، بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالزَّاي الْمُشَدّدَة، وَالْبزَّة اللبَاس الْجيد.
قَوْله: حَتَّى إِذا اشتعلت بشين مُعْجمَة وَعين مُهْملَة، يُقَال: اشتعلت النَّار إِذا ارْتَفع لهيبها وَإِذا، يجوز أَن يكون ظرفية وَيجوز أَن يكون شَرْطِيَّة وجوابها قَوْله: ولت قَوْله: وشب بالشين الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة يُقَال: شبت الْحَرْب إِذا اتقدت.
قَوْله: ضرامها بِكَسْر الضَّاد الْمُعْجَمَة وَهُوَ مَا اشتعل من الْحَطب.
قَوْله: غير ذَات حليل بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر اللَّام وَهُوَ الزَّوْج، ويروى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ ظَاهر.
قَوْله: شَمْطَاء من شمط بالشين الْمُعْجَمَة اخْتِلَاط الشّعْر الْأَبْيَض بالشعر الْأسود، وَيجوز فِي إعرابه النصب على أَن يكون صفة لعجوز، وَيجوز فِيهِ الرّفْع على أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هِيَ شَمْطَاء.
قَوْله: يُنكر على صِيغَة الْمَجْهُول.
ولونها مَرْفُوع بِهِ أَي: بدل حسنها بقبح، وَوَقع فِي رِوَايَة الْحميدِي والسهيلي فِي الرَّوْض
شَمْطَاء جزت رَأسهَا
قَوْله: مَكْرُوهَة نصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: تَغَيَّرت، وَالْمرَاد بالتمثيل بِهَذِهِ الأبيات استحضار مَا شاهدوه وسمعوه من حَال الْفِتْنَة فَإِنَّهُم يتذكرون بإنشادها ذَلِك فيصدهم عَن الدُّخُول فِيهَا حَتَّى لَا يغتروا بِظَاهِر أمرهَا أَولا.



[ قــ :6718 ... غــ :7096 ]
- حدّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِياثٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعْمَشُ، حدّثنا شَقِيقٌ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ: نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ إِذْ قَالَ: أيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النبيِّ فِي الفِتْنَةِ؟ قَالَ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أهْلِهِ ومالِهِ ووَلدِهِ وجارِهِ، يُكَفِّرُها الصَّلاةُ والصَّدَقَةُ والأمرُ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهْيُ عَن المُنْكَرِ قَالَ: لَيْسَ عنْ هاذا أسْألُكَ، ولاكنِ الّتي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْها بأسٌ يَا أمِيرِ المُؤْمِنِينَ، إنَّ بَيْنَكَ وبَيْنها بابُُا مُغَلقاً.
قَالَ عُمَرُ: أيُكْسَرُ البابُُ أمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: بَلْ يُكْسَرُ.
قَالَ عُمَرُ: إِذا لَا يُغْلَقَ أبدا.
قُلْتُ: أجَلْ.
قُلْنا لحُذَيْفَةَ: أكانَ عُمَرُ يَعْلَمُ البابَُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أعْلَمُ أنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً.
وذالِكَ أنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثاً لَيْسَ بِالأغالِيطِ، فَهِبْنا أنْ نَسْألَهُ مَنِ البابُُ؟ فأمَرْنا مَسْرُوقاً فَسَألُهُ، فَقَالَ: مَنِ البابُُ؟ قَالَ: عُمَرُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعمر بن حَفْص يروي عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن شَقِيق بن سَلمَة عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان.

والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بابُُ الْمَوَاقِيت مطولا، وَفِي الزَّكَاة عَن قُتَيْبَة عَن جرير، وَفِي الصَّوْم عَن عَليّ بن عبد الله، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: لَيْسَ عَلَيْك وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: عَلَيْكُم، بِالْجمعِ.
قَوْله: بَيْنك وَبَينهَا بابُُا مغلقاً قيل: قَالَ هَذَا ثمَّ قَالَ آخرا: هُوَ الْبابُُ، وَأجِيب بِأَن المُرَاد بَين زَمَانك وحياتك وَبَينهَا أَو الْبابُُ بدل عمر وَهُوَ بَين الْفِتْنَة وَبَين نَفسه.
قَوْله: أيكسر الْبابُُ أم يفتح؟ قَالَ ابْن بطال: أَشَارَ بِالْكَسْرِ إِلَى قتل عمر وبالفتح إِلَى مَوته.
.

     وَقَالَ  عمر: إِذا كَانَ بِالْقَتْلِ فَلَا تسكن الْفِتْنَة أبدا.
قَوْله: كَمَا أعلم أَن دون غَد لَيْلَة أَي: علما ضَرُورِيًّا.
قَوْله: بالأغاليط جمع الأغلوطة وَهِي الْكَلَام الَّذِي يغالط بِهِ ويغالط فِيهِ.
قَوْله: فَأمرنَا أَي: قُلْنَا أَو طلبنا.

وَفِيه: أَن الْأَمر لَا يشْتَرط فِيهِ الْعُلُوّ والاستعلاء.





[ قــ :6719 ... غــ :7097 ]
- حدّثنا سَعيدُ بنُ أبي مَرْيَمَ، أخبرنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، عنْ شَريكٍ بنِ عَبْدِ الله، عنْ سَعِيدِ بنِ المُسيَّبِ، عنْ أبي مُوساى الأشْعَرِيِّ قَالَ: خَرَجَ النبيُّ يَوْماً إِلَى حائِطٍ مِنْ حَوائِطِ المَدِينَةِ لِحاجَتِهِ، وخَرَجْتُ فِي إثْرِهِ، فَلمَّا دَخَلَ الحائِطَ جَلَسْتُ عَلى بابُِهِ، وقُلْتُ: لأكُونَنَّ اليَوْم بَوَّابَ النبيِّ ولَمْ يَأمُرْنِي.
فَذَهَبَ النبيُّ وقَضاى حاجَتَهُ وجَلَسَ عَلى قُفِّ البِئرِ فَكشَف عنْ ساقَيْهِ ودَلَّاهُما فِي البِئرِ، فَجاءَ أبُو بَكْرٍ يَسْتَأذِنُ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ فَقُلْتُ: كَمَا أنْتَ حتَّى أسْتَأذِنَ لَكَ، فَوَقَفَ فَجِئْتُ إِلَى النبيِّ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ الله أبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ.
قَالَ: ائْذَنْ لهُ وبَشِّرْهُ بِالجَنَةِ فَدَخَلَ فَجاءَ عنْ يَمِينِ النبيِّ فَكَشَفَ عنْ ساقَيْهِ ودَلَّاهُما فِي البِئْرِ.
فَجاءَ عُمَرُ فَقُلْتُ: كَمَا أنْتَ حتَّى أسْتَأْذِنَ لَكَ، فَقَالَ النبيُّ ائْذَنْ لهُ وبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ فجاءَ عنْ يَسارِ النبيِّ فَكَشَفَ عنْ ساقَيْه فَدلاهُما فِي البِئر فامْتَلأ القُفُّ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجْلِسٌ، ثُمَّ جاءَ عثْمانُ فَقُلْتُ: كَمَا أنْتَ حتَّى استَأذْنِ لَكَ، فَقَالَ النبيُّ ائْذَنْ لهُ وبشَرِّهُ بِالجَنَّةِ مَعَهَا بَلاءٌ يُصِيبُهُ فَدَخَلَ فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُمْ مَجْلساً فَتَحَوَّلَ حتَّى جاءَ مُقابِلَهُمْ عَلى شَفَةِ البِئرِ، فَكَشَفَ عنْ ساقَيْهِ ثُمَّ دَلاَّهُما فِي البِئْرِ، فَجَعَلْتُ أتَمَنَّى أَخا لي وأدْعُو الله أنْ يأتِيَ.

قَالَ ابنُ المُسَيَّبِ: فَتأوَّلْتُ ذالِكَ قُبُورَهُمُ اجْتَمَعَتْ هاهُنا وانْفَرَدَ عُثْمانُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: وبشره بِالْجنَّةِ مَعهَا بلَاء يُصِيبهُ وَهَذَا من جملَة الْفِتَن الَّتِي تموج كموج الْبَحْر، وَلِهَذَا خصّه بالبلاء وَلم يذكر مَا جرى على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَنَّهُ لم يمْتَحن مثل مَا امتحن عُثْمَان من التسلط عَلَيْهِ ومطالبة خلع الْإِمَامَة وَالدُّخُول على حرمه وَنسبَة القبائح إِلَيْهِ.

وَشريك بن عبد الله هُوَ ابْن أبي نمر وَلم يخرج البُخَارِيّ عَن شريك بن عبد الله النَّخعِيّ القَاضِي شَيْئا.

والْحَدِيث مضى فِي فضل أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن مُحَمَّد وَكسر الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وبالسين الْمُهْملَة.
قَوْله: وَلم يَأْمُرنِي يَعْنِي: بِأَن أعمل بواباً،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى أَمرنِي بِحِفْظ الْبابُُ وَهُوَ اخْتِلَاف وَلَيْسَ الْمَحْفُوظ إلاَّ أَحدهمَا ورد عَلَيْهِ بِإِمْكَان الْجمع بِأَنَّهُ فعل ذَلِك ابْتِدَاء من قبل نَفسه، فَلَمَّا اسْتَأْذن أَولا لأبي بكر وَكَانَ كشف عَن سَاقيه أمره بِحِفْظ الْبابُُ.
قَوْله: على قف الْبِئْر وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وَجلسَ فِي قف الْبِئْر، والقف مَا ارْتَفع من متن الأَرْض،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ مَا حول الْبِئْر،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: القف بِضَم الْقَاف وَهُوَ الْبناء حول الْبِئْر وَحجر فِي وَسطهَا وشفيرها ومصبها.
قَوْله: ودلاهما أَي: أرسلهما فِيهَا.
قَوْله: كَمَا أَنْت أَي: قف واثبت كَمَا أَنْت عَلَيْهِ.
قَوْله: مَعهَا بلَاء هُوَ البلية الَّتِي صَار بهَا شَهِيد الدَّار.
قَوْله: مقابلهم اسْم مَكَان فتحا، وَاسم فَاعل كسراً.
قَوْله: فتأولت وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فأولت، أَي: فسرت ذَلِك بقبورهم، وَذَلِكَ من جِهَة كَونهمَا مصاحبين لَهُ مُجْتَمعين عِنْد الحضرة الْمُبَارَكَة الَّتِي هِيَ أشرف الْبِقَاع على وَجه الأَرْض، لَا من جِهَة أَن أَحدهمَا عَن الْيَمين وَالْآخر عَن الْيَسَار.
قَوْله: وَانْفَرَدَ عُثْمَان يَعْنِي: لم يدْفن مَعَهُمَا وَدفن فِي البقيع.


حدّثني بِشْرُ بنُ خالِدٍ، أخبرنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، عنْ شُعْبَةَ، عنْ سُلَيْمانَ سَمِعْتُ أَبَا وائِلٍ قَالَ: قِيلَ لأسامَةَ: أَلا تُكلِّمُ هاذا؟ قَالَ: قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أنْ أفْتَحَ بابُُا أكُونُ أوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ، وَمَا أَنا بِالّذِي أقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَن يَكُونَ أمِيراً عَلى رَجُلَيْنِ: أنْتَ خَيْرٌ، بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رسولِ الله يَقُولُ يُجاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِي النَّارِ فَيطْحَنُ فِيها كَطَحْنِ الحِمارِ برَحاهُ، فَيُطِيفُ بِهِ أهْلُ النَّارِ فَيَقُولونَ: أيْ فُلانُ؟ ألسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وتَنْهاى عَن المُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: إنِّي كُنْتُ آمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَلَا أفْعَلُهُ، وأنْهاى عَن المُنْكَرِ وأفْعَلُهُ.

انْظُر الحَدِيث 367
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ بالتعسف من كَلَام أُسَامَة وَهُوَ أَنه لم يرد فتح الْبابُُ بالمجاهرة بالتنكير على الإِمَام لما يخْشَى من عَاقِبَة ذَلِك من كَونه فتْنَة رُبمَا تؤول إِلَى أَن تموج كموج الْبَحْر.

وَبشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة، ابْن خَالِد الْيَشْكُرِي وَسليمَان هُوَ الْأَعْمَش، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَأُسَامَة هُوَ ابْن زيد حب رَسُول الله
والْحَدِيث مضى فِي صفة النَّار عَن عَليّ بن عبد الله.
وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن يحيى بن يحيى وَغَيره.

قَوْله: قيل لأسامة: ألاَّ تكلم هَذَا لم يبين هُنَا من هُوَ الْقَائِل لأسامة: أَلا تكلم هَذَا، وَلَا الْمشَار إِلَيْهِ بقوله: هَذَا، من هُوَ، وَقد بَين فِي رِوَايَة مُسلم قيل لَهُ: أَلا تدخل على عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وتكلمه فِي شَأْن الْوَلِيد بن عقبَة وَمَا ظهر مِنْهُ من شرب الْخمر؟.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أَلا تكلم فِيمَا يَقع بَين النَّاس من الْغَيْبَة وَالسَّعْي فِي إطفاء إثارتها؟ .
قَوْله: قَالَ: قد كَلمته مَا دون أَن أفتح بابُُا أَي: كَلمته شَيْئا دون أَن أفتح بابُُا من أَبْوَاب الْفِتَن، أَي: كَلمته على سَبِيل الْمصلحَة وَالْأَدب والسر دون أَن يكون فِيهِ تهييج للفتنة وَنَحْوهَا، وَكلمَة: مَا، مَوْصُوفَة.
قَوْله: أكون أول من يَفْتَحهُ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أول من فَتحه، بِصِيغَة الْمَاضِي.
قَوْله: وَأَنت خير فِي رِوَايَة الْكشميهني: ائْتِ خيرا، بِكَسْر الْهمزَة وَالتَّاء بِصِيغَة الْأَمر من الإيتاء، وَخيرا بِالنّصب على المفعولية.
قَوْله: يجاء بِرَجُل على صِيغَة الْمَجْهُول.
وَكَذَلِكَ فيطرح قَوْله: فيطحن على بِنَاء الْمَعْلُوم.
قَوْله: كطحن الْحمار وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: كَمَا يطحن.
قَوْله: فيطيف بِهِ أهل النَّار أَي: يَجْتَمعُونَ حوله، يُقَال: أطاف بِهِ الْقَوْم إِذا حَلقُوا حوله حَلقَة.
قَوْله: أَي فلَان يَعْنِي: يَا فلَان.
فَإِن قلت: مَا مُنَاسبَة ذكر أُسَامَة هَذَا الحَدِيث هُنَا؟ .
قلت: ذكره ليتبرأ مِمَّا ظنُّوا بِهِ من سُكُوته عَن عُثْمَان فِي أَخِيه،.

     وَقَالَ : قد كَلمته سرا دون أَن أفتح بابُُ الْإِنْكَار على الْأَئِمَّة عَلَانيَة خشيَة أَن تفترق الْكَلِمَة، ثمَّ عرفهم بِأَنَّهُ لَا يداهن أحدا وَلَو كَانَ أَمِيرا بل ينصح لَهُ فِي السِّرّ جهده.
<

( بابٌُ)

كَذَا وَقع لفظ بابُُ من غير تَرْجَمَة وَسقط لِابْنِ بطال، وَقد ذكرنَا غير مرّة أَن هَذَا كالفصل للْكتاب وَلَا يعرب إلاَّ إِذا قُلْنَا: هَذَا بابُُ، لِأَن الْإِعْرَاب لَا يكون إلاَّ فِي الْمركب.



[ قــ :671 ... غــ :7099 ]
- حدّثنا عُثْمانُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنا عَوْفٌ عنِ الحَسَنِ عنْ أبي بَكْرَةَ قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي الله بِكَلِمَةٍ أيَّامَ الجَمَلِ، لمّا بَلَغَ النبيَّ أنَّ فارِساً مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى، قَالَ: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ ولَّوْا أمْرَهُمُ امَرأةً.

انْظُر الحَدِيث 445
مطابقته للْكتاب من حَيْثُ إِن أَيَّام الْجمل كَانَت فتْنَة شَدِيدَة ووقعتها مَشْهُورَة كَانَت بَين عَليّ وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
وَسميت: وقْعَة الْجمل، لِأَن عَائِشَة كَانَت على جمل.

وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة، وعَوْف هُوَ الْأَعرَابِي، وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ.
كلهم بصريون.

والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي.

قَوْله: لقد نَفَعَنِي الله أخرج التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي بكرَة بِلَفْظ: عصمني الله بِشَيْء سمعته من رَسُول الله قَوْله: إِن فَارِسًا مَصْرُوف فِي النّسخ،.

     وَقَالَ  ابْن مَالك: الصَّوَاب عدم الصّرْف.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: يُطلق على الْفرس وعَلى بِلَادهمْ، فعلى الأولى يجب الصّرْف إلاَّ أَن يُقَال: المُرَاد الْقَبِيلَة، وعَلى الثَّانِي جَازَ الْأَمْرَانِ.
قَوْله: ابْنه كسْرَى كسْرَى هَذَا شيرويه بن إبرويز بن هُرْمُز،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: كسْرَى بِكَسْر الْكَاف وَفتحهَا ابْن قباذ بِضَم الْقَاف وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة، وَاسم ابْنَته بوران بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وبالراء وَالنُّون، وَكَانَت مُدَّة ملكهَا سنة وَسِتَّة أشهر.
قَوْله: لن يفلح قوم ولوا أَمرهم امْرَأَة قوم مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل: لن يفلح، وَامْرَأَة نصب على المفعولية، وَفِي رِوَايَة حميد: ولي أَمرهم امْرَأَة، بِالرَّفْع لِأَنَّهُ فَاعل: ولي، وَأمرهمْ بِالنّصب على المفعولية.
وَاحْتج بِهِ من منع قَضَاء الْمَرْأَة، وَهُوَ قَول الْجُمْهُور، وَخَالف الطَّبَرِيّ فَقَالَ: يجوز أَن تَقْتَضِي فِيمَا تقبل شهادتها فِيهِ، وَأطلق بعض الْمَالِكِيَّة الْجَوَاز.





[ قــ :67 ... غــ :7100 ]
- حدّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ، حَدثنَا يحْياى بنُ آدَمَ، حَدثنَا أبُو بَكْرِ بنُ عَيَّاشٍ، حَدثنَا أبُو حَصِينٍ، حَدثنَا أبُو مَرْيَمَ عبْدُ الله بنُ زِياد الأسَدِيُّ قَالَ: لمّا صارَ طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ وعائِشَةُ إِلَى البَصْرَةِ بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارَ بنَ ياسِرٍ وحَسَنَ بنَ عَلِيَ فَقَدِما عَلَيْنا الكُوفَةَ، فَصَعِدَ المِنْبَرَ فَكَانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيَ فَوْقَ المِنْبَرِ فِي أعْلاَهُ، وقامَ عَمَّارٌ أسْفَلَ مِنَ الحَسَنِ فاجْتَمَعْنا إلَيْهِ، فَسَمِعْتُ عَمَّاراً يَقُولُ: إنَّ عائِشَةَ قَدْ سارَتْ إِلَى البِصْرَةِ وَوَاللَّه إنَّها لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، ولاكِنَّ الله تَباركَ وَتَعَالَى ابْتَلاَكُمْ لِيَعْلَمَ إيَّاهُ تَطِيعُونَ أمْ هِيَ.

انْظُر الحَدِيث 377 وطرفه
هَذَا مُطَابق للْحَدِيث السَّابِق من حَيْثُ الْمَعْنى، فالمطابق للمطابق للشَّيْء مُطَابق لذَلِك الشَّيْء.

وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي، وَيحيى بن آدم بن سُلَيْمَان الْكُوفِي صَاحب الثَّوْريّ، وَأَبُو بكر بن عَيَّاش بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة الْمقري، وَأَبُو حُصَيْن بِفَتْح الْحَاء وَكسر الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ اسْمه عُثْمَان بن عَاصِم الْأَسدي، وَأَبُو مَرْيَم عبد الله بن زِيَاد بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف الْأَسدي الْكُوفِي، وَثَّقَهُ الْعجلِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَمَا لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث.
قَوْله: لما سَار طَلْحَة هُوَ ابْن عبيد الله أحد الْعشْرَة وَالزُّبَيْر هُوَ ابْن الْعَوام أحد الْعشْرَة، وَعَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وأصل ذَلِك أَن عَائِشَة كَانَت بِمَكَّة لما قتل عُثْمَان وَلما بلغَهَا الْخَبَر قَامَت فِي النَّاس تحضهم على الْقيام بِطَلَب دم عُثْمَان، وطاوعوها على ذَلِك وَاتفقَ رَأْيهمْ فِي التَّوَجُّه إِلَى الْبَصْرَة ثمَّ خَرجُوا فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ فِي ألف من الفرسان من أهل مَكَّة وَالْمَدينَة، وتلاحق بهم آخَرُونَ فصاروا إِلَى ثَلَاثِينَ ألفا، وَكَانَت عَائِشَة على جمل اسْمه عَسْكَر اشْتَرَاهُ يعلى بن أُميَّة رجل من عرينة بِمِائَتي دِينَار فَدفعهُ إِلَى عَائِشَة، وَكَانَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِالْمَدِينَةِ وَلما بلغه الْخَبَر خرج فِي أَرْبَعَة الآف فيهم أَرْبَعمِائَة مِمَّن بَايعُوا تَحت الشَّجَرَة وَثَمَانمِائَة من الْأَنْصَار، وَهُوَ الَّذِي ذكره البُخَارِيّ: بعث عَليّ عمار بن يَاسر وَابْنه الْحسن فَقدما الْكُوفَة فصعدا الْمِنْبَر يَعْنِي عماراً وَالْحسن صعدا مِنْبَر جَامع الْكُوفَة، فَكَانَ الْحسن بن عَليّ فَوق الْمِنْبَر لِأَنَّهُ ابْن الْخَلِيفَة وَابْن بنت رَسُول الله صلى الله تَعَالَى وَآله وَسلم.
قَوْله: فَسمِعت عماراً الْقَائِل أَبُو مَرْيَم الرَّاوِي يَقُول: سَمِعت عماراً يَقُول: إِن عَائِشَة قد سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَة، وَالله إِنَّهَا لزوجة نَبِيكُم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أَرَادَ بذلك عمار، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن الصَّوَاب مَعَ عَليّ، وَإِن صدرت هَذِه الْحَرَكَة عَن عَائِشَة فَإِنَّهَا بذلك لم تخرج عَن الْإِسْلَام وَلَا عَن كَونهَا زَوْجَة النَّبِي فِي الْجنَّة، وَلَكِن الله ابتلاكم ليعلم على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: ليميز.
قَوْله: إِيَّاه الضَّمِير يرجع إِلَى عَليّ.
قَوْله: أم هِيَ أَي: أم تطيعون هِيَ، يَعْنِي: عَائِشَة وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة من طَرِيق بشر بن عَطِيَّة عَن عبد الله بن زِيَاد قَالَ: قَالَ عمار: إِن أمنا سَارَتْ مسيرها هَذَا وَإِنَّهَا وَالله زوج مُحَمَّد فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَلَكِن الله ابتلانا بهَا ليعلم إِيَّاه نطيع أَو إِيَّاهَا.
انْتهى.
إِنَّمَا قَالَ هِيَ، وَكَانَ الْمُنَاسب أَن يَقُول إِيَّاهَا، لِأَن الضمائر يقوم بَعْضهَا مقَام الْبَعْض، وَالَّذِي يفهم من كَلَام الشُّرَّاح أَن قَوْله: ليعلم، على بِنَاء الْمَعْلُوم فَلذَلِك قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: إِن الله تَعَالَى عَالم أبدا وأزلاً وَمَا هُوَ كَائِن وسيكون.
قلت: المُرَاد بِهِ الْعلم الوقوعي أَو تعلق الْعلم أَو إِطْلَاقه على سَبِيل الْمجَاز عَن التَّمْيِيز، لِأَن التَّمْيِيز لَازم للْعلم.
انْتهى.
ثمَّ إِن وُقُوع الْحَرْب بَين الطَّائِفَتَيْنِ كَانَ فِي النّصْف من جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، وَلما توَاثب الْفَرِيقَانِ بعد استقرارهم فِي الْبَصْرَة، وَقد كَانَ مَعَ عَليّ نَحْو عشْرين ألفا وَمَعَ عَائِشَة نَحْو ثَلَاثِينَ ألفا كَانَت الْغَلَبَة لعسكر عَليّ.
.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيّ: مَا شوهدت وقْعَة مثلهَا فني فِيهَا الكماة، من فرسَان مُضر، فهرب ابْن الزبير فَقتل بوادي السبَاع وَجَاء طَلْحَة سهم غرب فَحَمَلُوهُ إِلَى الْبَصْرَة وَمَات، وَحكى سيف عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا: كَانَ قَتْلَى الْجمل عشرَة آلَاف نصفهم من أَصْحَاب عَليّ ونصفهم من أَصْحَاب عَائِشَة، وَقيل: قتل من أَصْحَاب عَائِشَة ثَمَانِيَة آلَاف وَقيل ثَلَاثَة عشر ألفا وَمن أَصْحَاب عَليّ ألف، وَقيل: من أهل الْبَصْرَة عشرَة آلَاف وَمن أهل الْكُوفَة خَمْسَة آلَاف، وَقيل: سَبْعُونَ شَيخا من بني عدي كلهم قراء الْقُرْآن سوى الشَّبابُُ.




( بابُُ)
للإسماعيلي وَسقط فِي رِوَايَة البَاقِينَ لِأَن فِيهِ الحَدِيث الَّذِي قبله، وَإِن كَانَ فِيهِ زِيَادَة فِي الْقِصَّة.



[ قــ :673 ... غــ :7101 ]
- حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ، حَدثنَا ابنُ أبي غَنِيَّةَ، عنِ الحَكَمِ، عنْ أبي وائلٍ: قامَ عَمَّارٌ عَلى منْبَرِ الكُوفَةِ فَذَكَرَ عائشةَ وذَكَرَ مَسِيرَها.

     وَقَالَ : إنَّها زَوْجَةُ نَبيِّكمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَة، ولاكِنّها مِمَّا ابْتُلِيتُمْ.

انْظُر الحَدِيث 377 وطرفه
أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن وَابْن أبي غنية بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر النُّون وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَهُوَ عبد الْملك بن حميد الْكُوفِي أَصله من أصفهان وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث، وَالْحكم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ ابْن عتيبة مصغر عتبَة الدَّار وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة.

قَوْله: قَامَ عمار على مِنْبَر الْكُوفَة هَذَا طرف من الحَدِيث الَّذِي قبله، وَأَرَادَ البُخَارِيّ بإيراده تَقْوِيَة حَدِيث أبي مَرْيَم لكَونه مِمَّا انْفَرد بِهِ أَبُو حُصَيْن.
وَلكنهَا أَي: وَلَكِن عَائِشَة.
قَوْله: مِمَّا ابتليتم على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: امتحنتم بهَا.





[ قــ :674 ... غــ :710 ]
- حدّثنا بَدَلُ بنُ المُحَبَّرِ، حَدثنَا شُعْبَةُ، أَخْبرنِي عَمْرٌ و، سَمِعْتُ أَبَا وائِلٍ يَقُولُ: دخَلَ أبُو مُوسَى وأبُو مَسْعُودٍ عَلى عَمَّارٍ حَيْث بَعَثَهُ عَلِيٌّ إِلَى أهْلِ الكُوفَةِ يَسْتَنْفِرُهُمْ، فَقَالَا: مَا رأيْناكَ أتَيْتَ أمْراً أكْرَهَ عِنْدَنَا مِنْ إسْراعِكَ فِي هاذَا الأمْرِ مُنْذُ أسْلَمْتَ.
فَقَالَ عَمَّارٌ: مَا رَأيْتُ مِنْكُما مُنذ أسْلَمْتُما أمْراً أكْرَهَ عِنْدِي مِنْ إبْطائِكُما عنْ هاذا الأمْرِ، وكَساهُما حُلَّةً، حُلَّةً، ثُمَّ راحُوا إِلَى المَسْجِدِ.

الحَدِيث 710 طرفه فِي: 7106 0 الحَدِيث 7103 طرفه فِي: 7105 0 الحَدِيث 7104 طرفه فِي: 7107
بدل بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالدَّال الْمُهْملَة ابْن المحبر بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالراء من التحبير الْيَرْبُوعي الْبَصْرِيّ، وَقيل: الوَاسِطِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَعَمْرو هُوَ ابْن مرّة بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس، وَأَبُو مَسْعُود عقبَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف وبالباء الْمُوَحدَة ابْن عَامر البدري الْأنْصَارِيّ.

قَوْله: حَيْثُ بَعثه عَليّ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: حِين بَعثه.
قَوْله: يستنفرهم أَي: يطْلب مِنْهُم الْخُرُوج لعَلي على عَائِشَة، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: يستنفر أهل الْكُوفَة على أهل الْبَصْرَة.
قَوْله: فَقَالَا أَي: أَبُو مُوسَى وَأَبُو مَسْعُود.
قَوْله: مَا رَأَيْنَاك الْخطاب لعمَّار، وَجعل كل مِنْهُم الإبطاء والإسراع عَيْبا بِالنِّسْبَةِ لما يَعْتَقِدهُ، وَالْبَاقِي ظَاهر.
قَوْله: وكساهما أَي: كسى أَبُو مَسْعُود، وَالدَّلِيل على أَن الَّذِي كسى أَبُو مَسْعُود ماصرح بِهِ فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة، وَإِن كَانَ الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي: كساهما هَاهُنَا مُحْتملا.
قَوْله: وَكَانَ أَبُو مَسْعُود مُوسِرًا جواداً،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: كَانَ اجْتِمَاعهم عِنْد أبي مَسْعُود فِي يَوْم الْجُمُعَة، فكسى عماراً حلَّة ليشهد بهَا الْجُمُعَة لِأَنَّهُ كَانَ فِي ثِيَاب السّفر وهيئة الْحَرْب، فكره أَن يشْهد الْجُمُعَة فِي تِلْكَ الثِّيَاب، وَكره أَن يكسوه بِحَضْرَة أبي مُوسَى وَلَا يكسو أَبَا مُوسَى، فكسى أَبَا مُوسَى أَيْضا، والحلة اسْم لثوبين من أَي ثوب كَانَ إزاراً ورداء.
قَوْله: ثمَّ راحوا إِلَى الْمَسْجِد أَي: ثمَّ رَاح عمار وَأَبُو مُوسَى وَعقبَة إِلَى مَسْجِد الْجَامِع بِالْكُوفَةِ.





[ قــ :675 ... غــ :7105 ]
- حدّثنا عَبْدانُ، عنْ أبي حَمْزَةَ، عَن الأعْمَشِ، عنْ شَقِيقِ بنِ سَلَمَة قَالَ: كُنْتُ جالِساً مَعَ أبي مَسْعُودٍ وَأبي مُوسَى وعَمَّارٍ، فَقَالَ أبُو مَسْعُود: مَا مِنْ أصْحابِكَ أحَدٌ إلاَّ لوْ شِئْتُ لَقُلْتُ فِيهِ غَيْرَكَ، وَمَا رَأيْتُ مِنْكَ شَيئاً مُنْذُ صَحِبْتَ النبيَّ أعْيَبَ عِنْدِي مِنْ اسْتِسْراعِكَ فِي هاذا الأمْرِ.
قَالَ عَمَّارٌ: يَا أَبَا مَسْعُودٍ وَمَا رَأيْتُ مِنْكَ وَلَا مِنْ صاحِبَكَ هاذا شَيْئاً مُنْذُ صَحِبْتُما النبيَّ أعْيَبَ عِنْدِي مِن إبْطائِكُما فِي هاذا الأمْرِ، فَقَالَ أبُو مَسْعُودٍ وَكَانَ مُوسِراً يَا غُلامُ هاتٍ حُلَّتَيْنِ، فأعْطاى إحْداهُما أَبَا مُوساى والأُخْراى عَمَّاراً،.

     وَقَالَ : رُوحا فِيهِ إِلَى الجُمعَةِ.

انْظُر الْأَحَادِيث: 710 و 7103 و 7104
عَبْدَانِ لقب عبد الله بن عُثْمَان، وَأَبُو حَمْزَة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي مُحَمَّد بن مَيْمُون، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وشقيق بن سَلمَة أَبُو وَائِل.

قَوْله: لَقلت فِيهِ أَي: لقدحت فِيهِ بِوَجْه من الْوُجُوه.
قَوْله: أعيب أفعل التَّفْضِيل من الْعَيْب، وَفِيه رد على النُّحَاة حَيْثُ قَالُوا: أفعل التَّفْضِيل من الألوان والعيوب لَا يسْتَعْمل من لَفظه، قَالَ الْكرْمَانِي: الإبطاء فِيهِ كَيفَ يكون عَيْبا؟ .
قلت: لِأَنَّهُ تَأَخّر عَن مُقْتَضى { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}