فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من ترك بعض الاختيار، مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه

(بابُُ مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الإِخْتِيَارِ مَخَافَةَ أنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْض النَّاسِ عَنْهُ فَيقعُوا فِي أشَدَّ مِنْهُ)
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من ترك ... الخ.
وَكلمَة: من، مَوْصُولَة، وَأَرَادَ بِالِاخْتِيَارِ: الْمُخْتَار، وَالْمعْنَى: من ترك فعل الشَّيْء الْمُخْتَار أَو الْإِعْلَام بِهِ، و: مَخَافَة، نصب على التَّعْلِيل أَي لأجل خوف أَن يقصر.
و: أَن، مَصْدَرِيَّة فِي مَحل الْجَرّ بِالْإِضَافَة، و: فهم بعض النَّاس، بِالرَّفْع فَاعل يقصر.
قَوْله: (فيقعوا) عطف على قَوْله: (يقصر) ، فَلذَلِك سقط مِنْهُ النُّون عَلامَة للنصب.
قَوْله: (فِي أَشد مِنْهُ) أَي من ترك الِاخْتِيَار، وَفِي بعض النّسخ: (فِي أشر مِنْهُ) وَفِي بَعْضهَا: (فِي شَرّ مِنْهُ) .

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول ترك الْجَواب للسَّائِل لحكمة اقْتَضَت ذَلِك، وَهَهُنَا أَيْضا ترك بعض الْمُخْتَار لحكمة اقْتَضَت ذَلِك، وَهُوَ أَن بِنَاء الْكَعْبَة كَانَ جَائِزا، وَلكنه ترك إِعْلَام جَوَازه لكَوْنهم قريب الْعَهْد بالْكفْر، فخشي أَن تنكر ذَلِك قُلُوبهم، فَتَركه.


[ قــ :125 ... غــ :126 ]
- (حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود قَالَ قَالَ لي ابْن الزبير كَانَت عَائِشَة تسر إِلَيْك كثيرا فَمَا حدثتك فِي الْكَعْبَة قلت قَالَت لي قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عَائِشَة لَوْلَا قَوْمك حَدِيث عَهدهم قَالَ ابْن الزبير بِكفْر لنقضت الْكَعْبَة فَجعلت لَهَا بابَُُيْنِ بابُُ يدْخل النَّاس وَبابُُ يخرجُون فَفعله ابْن الزبير الحَدِيث مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من جِهَة الْمَعْنى وَهُوَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترك نقض الْكَعْبَة الَّذِي هُوَ الِاخْتِيَار مَخَافَة أَن تَتَغَيَّر عَلَيْهِ قُرَيْش لأَنهم كَانُوا يعظمونها جدا فيقعون بِسَبَب ذَلِك فِي أَمر أَشد من ذَلِك الِاخْتِيَار (بَيَان رِجَاله) وهم سِتَّة تقدم ذكرهم مَا خلا إِسْرَائِيل وَالْأسود أما إِسْرَائِيل فَهُوَ ابْن يُونُس بن أبي اسحق السبيعِي الْهَمدَانِي الْكُوفِي أَبُو يُوسُف قَالَ أَحْمد كَانَ شَيخا ثِقَة وَجعل يتعجب من حفظه سمع جده أَبَا إِسْحَق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة نِسْبَة إِلَى سبيع ابْن سبع بن صَعب بن مُعَاوِيَة بن كثير بن مَالك بن جشم بن حاشد ولد إِسْرَائِيل فِي سنة مائَة وَمَات فِي سنة سِتِّينَ وَمِائَة وَأما الْأسود فَهُوَ ابْن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ خَال إِبْرَاهِيم أدْرك زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يره مَاتَ سنة خمس وَسبعين بِالْكُوفَةِ سَافر ثَمَانِينَ حجَّة وَعمرَة وَلم يجمع بَينهمَا وَكَذَا ابْنه عبد الرَّحْمَن بن الْأسود سَافر ثَمَانِينَ حجَّة وَعمرَة وَلم يجمع بَينهمَا قَالَ ابْن قُتَيْبَة كَانَ يَقُول فِي تلبيته لبيْك أَنا الْحَاج ابْن الْحَاج وَكَانَ يُصَلِّي كل يَوْم سَبْعمِائة رَكْعَة وَصَارَ عظما وجلدا وَكَانُوا يسمون آل الْأسود أهل الْجنَّة مَاتَ سنة خمس وَتِسْعين روى لَهُ الْجَمَاعَة وَفِي الصَّحِيحَيْنِ الْأسود جمَاعَة غير هَذَا مِنْهُم الْأسود بن عَامر شَاذان.
(بَيَان لطائف إِسْنَاده) وَمِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والعنعنة.
وَمِنْهَا أَن رُوَاته إِلَى الْأسود كوفيون.
وَمِنْهَا أَن فِيهِ صحابيين والْحَدِيث دائر بَينهمَا (بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج وَفِي التَّمَنِّي عَن مُسَدّد عَن أبي الْأَحْوَص.
وَمُسلم فِي الْحَج عَن سعيد بن مَنْصُور عَن أبي الْأَحْوَص وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن عبيد الله بن مُوسَى عَن شَيبَان كِلَاهُمَا عَن أَشْعَث بن أبي الشعْثَاء عَن الْأسود عَن عَائِشَة.
وَأخرجه ابْن ماجة فِي الْحَج عَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِهِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث عُرْوَة وَحَدِيث عبد الله بن الزبير وَفِيه سَمِعت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِيمَا انْفَرد بِهِ أَن عبد الْملك بن مَرْوَان بَيْنَمَا هُوَ يطوف بِالْبَيْتِ قَالَ قَاتل الله ابْن الزبير حَيْثُ يكذب على أم الْمُؤمنِينَ يَقُول سَمعتهَا تَقول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عَائِشَة لَوْلَا حدثان قَوْمك بالْكفْر لنقضت الْبَيْت حَتَّى أَزِيد فِيهِ من الْحجر فَإِن قَوْمك اقتصروا فِي الْبناء فَقَالَ الْحَارِث بن عبد الله ابْن أبي ربيعَة لَا تقل هَذَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي سَمعتهَا تحدث بِهَذَا قَالَ لَو كنت سمعته قبل أَن أهدمه لتركته على بِنَاء ابْن الزبير (بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب) قَوْله تسر من الْإِسْرَار خلاف الإعلان فَإِن قلت قَوْله كَانَت للماضي وتسر للمضارع فَكيف اجْتمعَا قلت تسر بِمَعْنى أسررت وَذكر بِلَفْظ الْمُضَارع استحضارا لصورة الْإِسْرَار وَهُوَ جملَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا خبر كَانَت قَوْله كثيرا نصب على أَنه صفة لمصدر مَحْذُوف اي إسرارا كثيرا قَوْله مَا حدثتك كلمة مَا استفهامية فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء وحدثتك جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَهُوَ الضَّمِير الَّذِي فِيهِ الرَّاجِع إِلَى عَائِشَة وَالْمَفْعُول هُوَ الْكَاف وَهِي أَيْضا فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر الْمُبْتَدَأ قَوْله فِي الْكَعْبَة أَي فِي شَأْن الْكَعْبَة واشتقاقها من الكعوب وَهُوَ النُّشُوز وَهِي أَيْضا نَاشِرَة من الأَرْض.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي سميت بذلك لتربيعها يُقَال برد مكعب أَي فِيهِ وشى مربع قَوْله قلت قائلة الْأسود وَقَوله قَالَت لي مقول القَوْل قَوْله لَوْلَا قَوْمك كلمة لَوْلَا هَهُنَا لربط امْتنَاع الثَّانِيَة بِوُجُود الأولى نَحْو لَوْلَا زيد لأكرمتك أَي لَوْلَا زيد مَوْجُود لأكرمتك وَقَوله قَوْمك كَلَام إضافي مُبْتَدأ وَقَوله حَدِيث عَهدهم خبر الْمُبْتَدَأ فَإِن قلت قَالَت النُّحَاة يجب كَون خبر لَوْلَا كونا مُطلقًا محذوفا فَمَا باله هَهُنَا لم يحذف قلت إِنَّمَا يجب الْحَذف إِذا كَانَ الْخَبَر عَاما وَإِمَّا إِذا كَانَ خَاصّا فَلَا يجب حذفه قَالَ الشَّاعِر
(وَلَوْلَا الشّعْر بالعلماء يزري ... لَكُنْت الْيَوْم أشعر من لبيد)
وَقَوله حَدِيث بِالتَّنْوِينِ وَعَهْدهمْ كَلَام إضافي مَرْفُوع بِإِسْنَاد حَدِيث إِلَيْهِ لِأَن حَدِيثا صفة مشبهة وَهُوَ أَيْضا يعْمل عمل فعله وَفِي بعض النّسخ لَوْلَا أَن قَوْمك بِزِيَادَة أَن وَلَيْسَ بِمَشْهُور قَوْله قَالَ ابْن الزبير جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل قَوْله بِكفْر يتَعَلَّق بقوله حَدِيث عَهدهم وَلكنه من كَلَام ابْن الزبير قَوْله لنقضت الْكَعْبَة جَوَاب لَوْلَا قَوْله فَجعلت عطف على نقضت قَوْله بابُُ يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ أَحدهمَا النصب على أَنه بدل أَو بَيَان لبابُين وَهُوَ رِوَايَة أبي ذَر فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْآخر رفع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره أَحدهمَا بابُُ قَوْله يدْخل النَّاس جملَة وَقعت صفة لبابُ وَضمير الْمَفْعُول مَحْذُوف تَقْدِيره يدْخلهُ النَّاس وَفِي بعض النّسخ يدْخل النَّاس مِنْهُ فعلى هَذَا لَا يقدر شَيْء وَكَذَا يخرجُون مِنْهُ فِي بعض النّسخ.
(بَيَان الْمعَانِي) قَوْله قَالَ ابْن الزبير وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ فَقَالَ ابْن الزبير بِكفْر أَرَادَ أَنه أذكرهُ ابْن الزبير بقولِهَا بِكفْر كَأَن الْأسود نسي ذَلِك وَأما مَا بعْدهَا وَهُوَ قَوْله لنقضت إِلَى آخِره فَيحْتَمل أَن يكون مِمَّا نسي أَيْضا أَو مِمَّا ذكر وَقد رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من طَرِيق شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود بِتَمَامِهِ إِلَّا قَوْله بِكفْر فَقَالَ بدلهَا بجاهلية وَكَذَا البُخَارِيّ فِي الْحَج من طَرِيق أُخْرَى عَن الْأسود وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق وَلَفظه قلت حَدَّثتنِي حَدِيثا حفظت أَوله ونسيت آخِره ورجحها الْإِسْمَاعِيلِيّ على رِوَايَة إِسْرَائِيل وعَلى قَوْله يكون فِي رِوَايَة شُعْبَة أدراج.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي فِي قَوْله قَالَ ابْن الزبير فَإِن قلت هَذَا الْكَلَام لَا دخل لَهُ فِي الْبَيَان لصِحَّة أَن يُقَال لَوْلَا قَوْمك حَدِيث عَهدهم بِكفْر لنقضت بل ذكره مخل لعدم انضباط الْكَلَام مَعَه قلت لَيْسَ مخلا إِذْ غَرَض الْأسود إِنِّي كَمَا وصلت إِلَى لفظ عَهدهم فسر ابْن الزبير الحداثة بالحداثة إِلَى الْكفْر فَيكون لفظ بِكفْر فَقَط من كَلَام ابْن الزبير وَالْبَاقِي من تَتِمَّة الحَدِيث أَو غَرَضه أَنِّي لما رويت أول الحَدِيث بَادر ابْن الزبير إِلَى رِوَايَة آخِره إشعارا بِأَن الحَدِيث مَعْلُوم لَهُ أَيْضا أَو أَن الْأسود أَشَارَ إِلَى أول الحَدِيث كَمَا يُقَال قَرَأت { الم ذَلِك الْكتاب} وَأَرَادَ بِهِ السُّورَة بِتَمَامِهَا فَبين ابْن الزبير أَن آخِره ذَلِك قلت هَذِه ثَلَاثَة أجوبة وَلَيْسَ الصَّوَاب مِنْهَا إِلَّا الْجَواب الثَّانِي لِأَن عبد الله بن الزبير روى الحَدِيث أَيْضا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا ثمَّ قَالَ أَيْضا فَإِن قلت فالقدر الَّذِي ذكره ابْن الزبير هَل هُوَ مَوْقُوف عَلَيْهِ قلت اللَّفْظ يَقْتَضِي الْوُقُوف إِذْ لم يسْندهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَكِن السِّيَاق يدل على أَنه مَرْفُوع وَالرِّوَايَات الْأُخَر أَيْضا دَالَّة على رَفعه قلت من علم أَن ابْن الزبير أَيْضا روى هَذَا الحَدِيث عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا لَا يحْتَاج إِلَى هَذَا السُّؤَال وَلَا إِلَى جَوَابه قَوْله فَفعله ابْن الزبير أَي فعل الْمَذْكُور من النَّقْض وَجعل الْبابَُُيْنِ قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين قَالُوا بني الْبَيْت خمس مَرَّات بنته الْمَلَائِكَة ثمَّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة وَحضر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الْبناء وَهُوَ ابْن خمس وَثَلَاثِينَ وَقيل خمس وَعشْرين وَفِيه سقط على الأَرْض حِين رفع إزَاره ثمَّ بناه ابْن الزبير ثمَّ بناه حجاج بن يُوسُف وَاسْتمرّ.
ويروى أَن هَارُون سَأَلَ مَالِكًا عَن هدمها وردهَا إِلَى بِنَاء ابْن الزبير للأحاديث الْمَذْكُورَة فَقَالَ مَالك نشدتك الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن لَا تجْعَل هَذَا الْبَيْت لعبة للملوك لَا يَشَاء أحد إِلَّا نقضه وبناه فتذهب هيبته من صُدُور النَّاس انْتهى قلت بنته الْمَلَائِكَة أَولا ثمَّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ العمالقة ثمَّ جرهم ثمَّ قُرَيْش وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ رجل شَاب ثمَّ ابْن الزبير ثمَّ حجاج (بَيَان استنباط الْأَحْكَام) الأول قَالَ ابْن بطال فِيهِ أَنه قد يتْرك يسير من الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ إِذا خشِي مِنْهُ أَن يكون سَببا لفتنة قوم ينكرونه.
الثَّانِي فِيهِ أَن النُّفُوس تحب أَن تساس كلهَا لما تأنس إِلَيْهِ فِي دين الله من غير الْفَرَائِض.
الثَّالِث قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ أَنه إِذا تَعَارَضَت مصلحَة ومفسدة وَتعذر الْجمع بَين فعل الْمصلحَة وَترك الْمفْسدَة بَدَأَ بالأهم لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر أَن رد الْكَعْبَة إِلَى قَوَاعِد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام مصلحَة وَلَكِن يُعَارضهُ مفْسدَة أعظم مِنْهُ وَهِي خوف فتْنَة بعض من أسلم قَرِيبا لما كَانُوا يرَوْنَ تغييرها عَظِيما فَتَركهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّابِع فِيهِ فكر ولي الْأَمر فِي مصَالح رَعيته وَاجْتنَاب مَا يخَاف مِنْهُ تولد ضَرَر عَلَيْهِم فِي دين أَو دنيا إِلَّا الْأُمُور الشَّرْعِيَّة كأخذ الزَّكَاة وَإِقَامَة الْحَد الْخَامِس فِيهِ تأليف قُلُوبهم وَحسن حياطتهم وَأَن لَا ينفروا وَلَا يتَعَرَّض لما يخَاف تنفيرهم بِسَبَبِهِ مَا لم يكن فِيهِ ترك أَمر شَرْعِي السَّادِس اسْتدلَّ بِهِ أَبُو مُحَمَّد الْأصيلِيّ مِنْهُ فِي مسَائِل من النِّكَاح فِي جَارِيَة يتيمة غنية كَانَ لَهَا ابْن عَم وَكَانَ فِيهِ ميل إِلَى الصباء فَخَطب ابنت عَمه وخطبها رجل غَنِي فَمَال إِلَيْهِ الْوَصِيّ وَكَانَت الْيَتِيمَة تحب ابْن عَمها ويحبها فَأبى وصيها أَن يُزَوّجهَا مِنْهُ وَرفع ذَلِك إِلَى القَاضِي وشاور فُقَهَاء بَلَده فكلهم أفتى أَن لَا يُزَوّج ابْن عَمها وَأفْتى الْأصيلِيّ أَن تزوج مِنْهُ خشيَة أَن يقعا فِي الْمَكْرُوه اسْتِدْلَالا بِهَذَا الحَدِيث فزوجت مِنْهُ