فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {وإذ قال موسى لفتاه: لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا} [الكهف: 60] «زمانا وجمعه أحقاب»

( بابٌُ: { وإذْ قَالَ مُوسَى لِفَتاهُ لَا أبْرَحُ حَتَّى أبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ أوْ أمْضَى حُقُباً} ( الْكَهْف: 06) زَماناً وجَمْعُهُ أحْقابٌ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَإِذ قَالَ مُوسَى} أَي: أذكر حِين قَالَ مُوسَى، هُوَ ابْن عمرَان ( لفتاه) أَي: لصَاحبه يُوشَع بن نون، قيل: كَانَ مَعَه فِي سَفَره، وَقيل: فتاه عَبده ومملوكه.
قَوْله: ( لَا أَبْرَح) أَي: لَا أَزَال أَسِير ( حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين) بَحر فَارس وَالروم مِمَّا يَلِي الْمشرق، وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب: بطبخه، وَعَن أبي بن كَعْب.
بأفريقية، وَقيل: هما بَحر الْأُرْدُن والقلزم، وَعَن ابْن الْمُبَارك: قَالَ بَعضهم: بَحر أرمينية، وَعَن السّديّ: هما الْكر والرش حَيْثُ يصبَّانِ فِي الْبَحْر.
قَوْله: ( أَو أمضى حقباً) .
أَي: أمضى زَمَانا طَويلا، وَعَن قَتَادَة: الحقب الزَّمَان، وَعَن ابْن عَبَّاس: الحقب الدَّهْر، وَعَن سعيد بن جُبَير: الحقب الْحِين، وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: إِنَّه ثَمَانُون سنة، وَعَن مُجَاهِد سَبْعُونَ سنة.
( وَجمعه) أَي: وَجمع الحقب ( أحقاب) .



[ قــ :4469 ... غــ :4725 ]
- حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ حدَّثنا سُفْيانُ حَدثنَا عَمْرُو بنُ دِينَارٍ قَالَ أخْبَرَني سعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ قَالَ.

قُلْتُ لابنِ عَبَّاسٍ إنَّ نَوْفاً البَكالِيَّ يَزْعُمُ أنَّ مُوسَى صاحِبَ الخَضِيرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صاحِبَ بَنِي إسْرَائِيلَ فَقَالَ ابنُ عبّاسٍ كَذَبَ عَدُوُّ الله حَدثنِي أُبيُّ بنُ كَعْبٍ أنّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ إنَّ مُوسَى قامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أيُّ النّاسِ أعْلَمُ فَقَالَ أَنا فَعَتَبَ الله عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إلَيْهِ فأوْحَى الله إلَيْهِ إنَّ لِي عَبْداً بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ هُوَ أعْلَمُ مِنْكَ قَالَ مُوسى يَا رَبِّ فَكَيْفَ لِي بِهِ قَالَ تأخُذُ مَعَكَ حُوتاً فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ فَحَيْثُما فَقَدْتَ الحُوتَ فَهْوَ ثَمَّ فأخَذَ حُوتاً فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ ثُمَّ انْطَلَقَ مَعَهُ فتاهُ يُوشَعَ بنِ نُونٍ حَتّى إِذا أتَيا الصَّخْرَةَ وضَعا رُؤُوسَهُما فَناما واضْطَرَبَ الحُوتُ فِي المِكْتَلِ فَخَرَجَ مِنْهُ فَسَقَطَ فِي البَحْر فاتخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَباً وأمْسَكَ الله عنِ الحُوتِ جِرْيَةَ المَاءِ فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلَ الطّاقِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ صاحِبُهُ أنْ يُخْبِرَهُ بالحُوتِ فانْطَلَقا بَقِيَّةَ يَوْمِهِما ولَيْلَتِهِما حَتَّى إِذا كانَ مِنَ الغَدِ قَالَ مُوسَى لِفَتاهُ آتِنا غَدَاءَنا لَقَدْ لقِينا مِنْ سَفَرِنا هَذَا نَصَباً قَالَ ولَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جاوَزَ المَكانَ الّذي أمَرَ الله بِهِ فَقَالَ لهُ فَتاهُ أرَأيْتَ إذْ أوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فإنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أنْسانِيهُ إلاَّ الشَّيْطانُ أنْ أذْكُرَهُ واتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ عَجَباً قَالَ فكانَ لِلْحُوتِ سَرَباً ولِمُوسَى ولِفَتاهُ عَجَباً فَقَالَ مُوسَى ذالِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فارْتَدَّا عَلَى آثارِهِما قَصَصاً: قَالَ رَجعَا يَقُصّانِ آثارَهُما حَتَّى انْتَهَيْنا إِلَى الصخْرَةِ فإذَا رجُلٌ مُسَجَّى ثَوْباً فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى فَقَالَ الخَضِرُ وأنَّى بأرْضِكَ السّلاَمُ قَالَ أَنا مُوسَى قَالَ مُوسَى بَني إسْرائِيلَ قَالَ نَعَمْ أتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَداً قَالَ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً يَا مُوسَى إنِّي عَلَى عِلْمِ مِنْ عِلْمِ الله عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أنْتَ وأنْتَ عَلَى عِلْمِ مِنْ عِلْمِ الله عَلَّمَكَ الله لَا أعْلَمُهُ فَقَالَ مُوسَى سَتَجِدُني إنْ شاءَ الله صابِراً وَلَا أعْصِي لَكَ أمْراً فَقَالَ لَهُ الخَضِرُ فإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْألْنِي عنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً فانْطَلَقا يَمْشِيانِ عَلَى ساحِلِ البَحْرِ فَمَرَّتْ سفِينَةٌ فكَلَّمُوهُمْ أنْ يَحْمِلُوهُمْ فَعَرَفُوا الخَضرَ فَحَمَلُوهُ بِغَيْرِ نَوْلٍ فَلَمّا رَكِبا فِي السّفِينَةِ لَمْ يَفْجَأ إلاّ والخَضِرُ قَدْ قَلَعَ لَوْحاً مِنْ ألْواحِ السّفِينَةِ بالْقَدُومِ فَقَالَ لهُ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلونا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَها لتُغْرِقَ أهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إمْراً قَالَ ألَمْ أقُلْ إنّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أمْرِي عُسْراً: قَالَ.

     وَقَالَ  رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْياناً قَالَ وجاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حرْف السّفِينَةِ فَنَقَرَ فِي البَحْرِ نَقْرَةً فقالَ لَهُ الخَضِرُ مَا عِلْمي وعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ الله إلاّ مِثْلُ مَا نَقَصَ هاذا العُصْفُورِ مِنْ هاذا البَحْرِ ثُمَّ خَرَجا مِنَ السَّفِينَةِ فبَيْناهُما يَمْشِيانِ عَلَى السَّاحِلِ إذْ أبْصَرَ الخَضِرُ غُلاَماً يلْعَبُ مَعَ الغِلْمانِ فأخَذَ الخَضِرُ رَأسَهُ بِيَدِهِ فاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى أقَتَلْتَ نَفْساً زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً قَالَ ألَمْ أقل لَكَ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً قَالَ وهاذا أشدُّ مِنَ الأُولى قَالَ إنْ سألْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً فانْطَلَقا حَتَّى إِذا أتَيا أهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أهْلَها بأبَوْا أنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِدَاراً يُرِيدُ أنْ يَنْقَضَّ قَالَ مائِلٌ فقامَ الخَضِرُ فأقامَهُ بِيَدِهِ فَقَالَ مُوسَى قَوْمٌ أتَيْناهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونا وَلَمْ يُضَيِّفُونا لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجْراً قَالَ هاذا فِرَاقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ إلَى قَوْلِهِ ذالِكَ تأوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً: فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدِدْنا أنَّ مُوسَى كانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ الله عَلَيْنا مِنْ خَبَرِهِما: قَالَ سعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ فكانَ ابنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَكَانَ أمامَهُمْ مَلِكٌ يأخُذُ كلَّ سفِينَةٍ صالِحَةٍ غَصْباً وكانَ يَقْرَأ وأمّا الغُلاَمُ فَكانَ كافِراً وكانَ أبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ يُوضح مَا فِيهَا.
والْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الْعلم فِي: بابُُ مَا يسْتَحبّ للْعَالم إِذا سُئِلَ: أَي النَّاس أعلم؟ فيكل الْعلم إِلَى الله عز وَجل، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله ابْن مُحَمَّد المسندي عَن سُفْيَان عَن عَمْرو إِلَى آخِره.

وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي أَكثر من عشر مَوَاضِع قد مر بَيَانه فِي كتاب الْعلم فِي: بابُُ مَا ذكر فِي ذهَاب مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي الْبَحْر إِلَى الْخضر عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَفِي: بابُُ مَا يسْتَحبّ للْعَالم كَمَا يَنْبَغِي، مستقصى، وَنَذْكُر هَهُنَا بعض شَيْء لبعد الْمسَافَة على الطَّالِب سِيمَا عِنْد قلَّة الْكتب.

فَقَوله: ( إِن نَوْفًا) بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْوَاو وبالفاء، ( والبكالي) بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْكَاف، وَيُقَال أَيْضا بِفَتْح الْبَاء وَتَشْديد الْكَاف، قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِيه نظر.
قَوْله: ( كذب عَدو الله) ، هَذَا تَغْلِيظ من ابْن عَبَّاس وَلَا سِيمَا كَانَ فِي حَالَة الْغَضَب وإلاَّ فَهُوَ مُؤمن مُسلم حسن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام.
قَوْله: ( إِذْ لم يرد) ، كلمة: إِذْ، للتَّعْلِيل.
انْتهى.
قَوْله: ( فِي مكتل) ، بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الزنبيل.
قَوْله: ( فَهُوَ ثمَّ) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد الْمِيم أَي: فَهُوَ هُنَاكَ.
قَوْله: ( حَتَّى إِذا أَتَيَا الصَّخْرَة الَّتِي دون نهر الزَّيْت) ، قَالَه معقل بن زِيَاد، وَقيل: الصَّخْرَة هِيَ الَّتِي عِنْد مجمع الْبَحْرين، وَكَانَ أتياها لَيْلًا فَنَامَا.
قَوْله: ( واضطرب الْحُوت) ، أَي: تحرّك فِي المكتل، وَكَانَ الْحُوت مالحاً وَخرج من المكتل فَسقط فِي الْبَحْر، وَيُقَال: كَانَ فِي أصل الصَّخْرَة عين يُقَال لَهَا عين الْحَيَاة لَا يُصِيب من مَائِهَا شَيْء إلاَّ حييّ، فَأصَاب الْحُوت من مَاء تِلْكَ الْعين فَتحَرك وانسلَّ من المكتل فَدخل الْبَحْر، وروى ابْن مرْدَوَيْه هَذَا، وَفِي لفظ: فقطرت من ذَلِك المَاء على الْحُوت قَطْرَة فَعَاشَ وَخرج من المكتل فَسقط فِي الْبَحْر.
قَوْله: ( سربا) أَي: مسلكاً ومذهباً يسرب وَيذْهب فِيهِ، قَالَ الثَّعْلَبِيّ: روى أبي بن كَعْب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: انجاب المَاء على مَسْلَك الْحُوت فَصَارَ كوَّة لم يلتئم، فَدخل مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، الكوة على إِثْر الْحُوت فَإِذا هُوَ بالخضر عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَوْله: ( على جرية المَاء) أَي: جَرَيَانه ( فَصَارَ عَلَيْهِ مثل الطاق) ، أَي: مثل عقد الْبناء، وَعَن الْكَلْبِيّ تَوَضَّأ يُوشَع من عين الْحَيَاة فانتضح على الْحُوت المالح فِي المكتل من ذَلِك المَاء فَعَاشَ، ثمَّ وثب فِي المَاء فَجعل يضْرب بِذَنبِهِ فَلَا يضْرب بِذَنبِهِ شَيْئا فِي المَاء وَهُوَ ذَاهِب إلاَّ يبس.
قَوْله: ( غداءنا) ، أَي: طعامنا وزادنا.
قَوْله: ( نصبا) أَي: شدَّة وتعباً، وَذَلِكَ أَنه ألْقى على مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، الْجُوع بَعْدَمَا جَاوز الصَّخْرَة ليتذكر الْحُوت وَيرجع إِلَى مَوضِع، مطلبه.
قَوْله: ( نبغي) أَي: نطلب، انْتهى.
قَوْله: ( فارتدا) ، أَي: رجعا على آثارهما الَّتِي جَاءَ مِنْهَا.
قَوْله: ( قصصا) أَي: يقصان الْأَثر ويتبعانه.
قَوْله: ( مسجى) ، أَي: مغطى، قَوْله: ( فَقَالَ الْخضر) ، بِفَتْح الْخَاء وَكسر الضَّاد وسكونها مَعَ فتح الْخَاء وَكسرهَا، وَلَقَد ذكرنَا فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء سَبَب تَسْمِيَته بالخضر، واسْمه: بليا: بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون اللَّام وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف، مَقْصُورا.
قَوْله: ( وأنَّى بأرضك السَّلَام؟) ، أَي: من أَيْن؟ قَوْله: ( رشدا) .
أَي: علما ذَا رشد أرشد بِهِ فِي ديني،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: ( رشدا) قرىء يَعْنِي: فِي الْقُرْآن، بِفتْحَتَيْنِ وبضمة وَسُكُون.
قَوْله: ( إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا) ( الْكَهْف: 76) أَي: لن تصبر على صنعي فيثقل عَلَيْك الصَّبْر عَن الْإِنْكَار أَو السُّؤَال.
قَوْله: ( فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء) ، أَي: شَيْء أعلمهُ مِمَّا تنكره.
قَوْله: ( ذكرا) ، أَي: حَتَّى ابتدىء بِذكرِهِ لَك وَأبين لَك شَأْنه.
قَوْله: ( بِغَيْر نول) ، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْوَاو أَي: بِغَيْر أُجْرَة.
قَوْله: ( لم يفجأ) ، يُقَال: فجأه الْأَمر فجاءة بِضَم الْفَاء وبالمد: إِذا أَتَاهُ بَغْتَة من غير توقع.
قَوْله: ( أمرا) بِكَسْر الْهمزَة أَي مُنْكرا، وَعَن القتبي: عجبا، وَالْأَمر، فِي كَلَام الْعَرَب الداهية قَوْله: { ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} أَي: تحقق مَا قلت لَك، قَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: { لَا تؤاخذني بِمَا نسيت} أَي: لَا تؤاخذني بِالنِّسْيَانِ.
قَوْله: { لَا ترهقني من أَمْرِي عسراً} أَي: لَا تعنفني بِمَا تركت من وصيتك وَلَا تطردني عَنْك، وَقيل: لَا تضيق عَليّ أَمْرِي مَعَك وصحبتي إياك.
قَوْله: ( إلاَّ مثل مَا نقص هَذَا العصفور من هَذَا الْبَحْر) ، هَذَا التَّشْبِيه لبَيَان الْقلَّة والحقارة فَقَط، وَقيل: معنى نقص أَخذ.
قَوْله: ( وَهَذَا أَشد من الأولى) أَي: أوكد من الأولى حَيْثُ زَاد كلمة: لَك.
قَوْله: ( غُلَاما) ، اسْمه خوش بود، وَقيل: جيسور، وَاسم أَبِيه: ملاس، وَاسم أمه: رَحمَه، وَكَانَ ظريفاً وضيء الْوَجْه.
قَوْله: ( فاقتلعه) ، أَي: فاقتلع الخصر رَأس الْغُلَام فَقتله، وَقيل: أضجعه فذبحه بالسكين، وَعَن الضَّحَّاك: كَانَ غُلَاما يعْمل الْفساد ويتأذى مِنْهُ أَبَوَاهُ، وَعَن الْكَلْبِيّ: كَانَ يقطع الطَّرِيق وَيَأْخُذ الْمَتَاع ويلجأ إِلَى أَبَوَيْهِ فيحلفان دونه، فَأَخذه الْخضر فصرعه وَنزع رَأسه من جسده، وَقيل: رفسه بِرجلِهِ، وَعَن ابْن عَبَّاس: كَانَ غُلَاما لم يبلغ الْحِنْث.
قَوْله: ( زاكية) ، أَي: ظَاهِرَة، وَقيل: مسلمة، وَعَن الْكسَائي: الزاكية والزكية لُغَتَانِ، وَعَن أبي عَمْرو: الزاكية الَّتِي لم تذنب، والزكية الَّتِي أذنبت ثمَّ تابت، قَوْله: ( نكرا) ، أَي: مُنْكرا، وَعَن قَتَادَة وَابْن كيسَان: النكر أَشد وَأعظم من الْأَمر.
قَوْله: ( فَلَا تُصَاحِبنِي) ، يَعْنِي: فارقني.
قَوْله: ( عذرا) ، يَعْنِي: فِي فراقي.
قَوْله: ( أهل قَرْيَة) هِيَ أنطاكية، وَعَن ابْن سِيرِين: الأيلة، وَهِي أبعد أَرض من الْخَيْر، قَوْله: ( يُضَيِّفُوهُمَا) ، أَي: ينزلوهما منزلَة الأضياف.
قَوْله: ( فِيهَا) ، أَي: فِي الْقرْيَة، قَوْله: ( جداراً) ، قَالَ وهب: كَانَ طوله فِي السَّمَاء مائَة ذِرَاع.
قَوْله: ( يُرِيد أَن ينْقض) ، هَذَا مجَاز لِأَن الْجِدَار لَا إِرَادَة لَهُ، وَمَعْنَاهُ قَرُبَ ودنا من ذَلِك.
قَوْله: ( أَن ينْقض) ، أَي: أَن يسْقط وينهدم، وَمِنْه انقضاض الْكَوَاكِب وزوالها عَن أماكنها، وَقيل: يَنْقَطِع وينصدع.
قَوْله: ( فأقامه) أَي: سواهُ.
قَوْله: ( أجرا) ، أَي: أُجْرَة وَجعلا، وَقيل: قرىء: وضيافة، وَبَقِيَّة الْكَلَام قد مرت فِي كتاب الْعلم، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.