فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الحور العين، وصفتهن يحار فيها الطرف، شديدة سواد العين، شديدة بياض العين "

( بابُُ الحُورِ العِينِ وصِفَتِهِنَّ يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ شَدِيدَةُ سَوادِ العَيْنِ شَدِيدَةُ بَياضِ العَيْنِ وزَوَّجْنَاهُمْ أنْكَحْنَاهُمْ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْحور الْعين وَبَيَان صفتهن، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: الْحور الْعين، بِغَيْر لفظ: بابُُ، فعلى هَذَا يكون الْحور مَرْفُوع بِأَنَّهُ مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف، تَقْدِيره: الْحور الْعين وصفتهن مَا نذكرهُ، وَالْعين: مَرْفُوع أَيْضا على الوصفية.
وَقَوله: ( وصفتهن) أَيْضا مَرْفُوع عطف على الْحور، والحور بِضَم الْحَاء جمع الْحَوْرَاء،.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: الْحور: أَن يشْتَد بَيَاض بَيَاض الْعين وَسَوَاد سوادها.
وتستدير حدقتها وترق جفونها ويبيض مَا حولهَا وَقيل: الْحور شدَّة سَواد المقلة فِي شدَّة بياضها فِي شدَّة بَيَاض الْجَسَد، وَقيل: الْحور أَن تسود الْعين كلهَا مثل الظباء وَالْبَقر، وَلَيْسَ فِي بني آدم حور، وَإِنَّمَا قيل للنِّسَاء: حور الْعُيُون لِأَنَّهُنَّ يشبهن بالظباء وَالْبَقر،.

     وَقَالَ  كرَاع: الْحور أَن يكون الْبيَاض محدقاً بِالسَّوَادِ كُله، وَإِنَّمَا يكون هَذَا فِي الْبَقر والظباء ثمَّ يستعار للنَّاس.
.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: لَا أَدْرِي مَا الْحور فِي الْعين، وَقد حور حوراً واحور، وَهُوَ أحور، وَامْرَأَة حوراء، وَعين حوراء، وَالْجمع حور، والأعراب تسمي نسَاء الْأَمْصَار: حواريات، لبياضهن وتباعدهن عَن قشف الأعرابيات بنظافتهن.
قَوْله: ( الْعين) ، بِكَسْر الْعين وَسُكُون الْيَاء: جمع عيناء، وَهِي: الواسعة الْعين، وَالرجل أعين، وأصل الْجمع بِضَم الْعين فَكسرت لأجل الْيَاء.
قَوْله: ( وصفتهن) ، يَأْتِي بَيَان بعض صفتهن فِي آخر حَدِيث الْبابُُ.
فَإِن قلت: مَا وَجه إِدْخَال هَذَا الْبابُُ بَين هَذِه الْأَبْوَاب الْمَذْكُورَة هُنَا؟ قلت: لما ذكر دَرَجَات الْمُجَاهدين وَذكر أَن فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة، وَذكر أَيْضا أَن فِيهَا امْرَأَة لَو اطَّلَعت ... إِلَى آخِره، وَهِي من الْحور الْعين، ترْجم لَهَا بابُُا بطرِيق الاستطراد.
قَوْله: ( يحار فِيهَا الطّرف) ، كَلَام مُسْتَأْنف، كَأَن قَائِلا يَقُول: مَا من صفتهن؟ فَقَالَ: يحار فِيهَا الطّرف، أَي: يتحير فِيهِنَّ الْبَصَر لحسنها، وَفِي ( الْمغرب) : الطّرف تَحْرِيك الجفن بِالنّظرِ،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: الطّرف لَا يثنى وَلَا يجمع لِأَنَّهُ فِي الأَصْل مصدر، وَقيل: ظن البُخَارِيّ أَن اشتقاق الْحور من الْحيرَة، حَيْثُ قَالَ: يحار فِيهَا الطّرف، لِأَن أَصله: يحير، نقلت حَرَكَة الْيَاء إِلَى مَا قبلهَا، ثمَّ قلبت ألفا ومادته يائية، والحور من الْحور ومادته واوية،.

     وَقَالَ  بَعضهم: لَعَلَّ البُخَارِيّ لم يرد الِاشْتِقَاق الْأَصْغَر.
قلت: لم يقل أحد الِاشْتِقَاق الْأَصْغَر، وَإِنَّمَا قَالُوا: الِاشْتِقَاق على ثَلَاثَة أَنْوَاع: اشتقاق صَغِير، واشتقاق كَبِير، واشتقاق أكبر، وَلَا يَصح أَن يكون الْحور مشتقاً من الْحيرَة على نوع من الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة، وَلَا يخفى ذَلِك على من لَهُ بعض يَد من علم الصّرْف.
قَوْله: ( شَدِيدَة سَواد الْعين) ، تَفْسِير الْعين بِالْكَسْرِ فِي قَوْله: بِالْكَسْرِ فِي قَوْله: الحورالعين، وَكَذَلِكَ قَوْله: ( شَدِيدَة بَيَاض الْعين) وَالْعين فيهمَا بِالْفَتْح.
قَوْله: ( وزوجناهم: أنكحناهم) أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الدخن: { كَذَلِك وزوجناهم بحور عين} ( الدُّخان: 45) .
مُنَاسبَة للتَّرْجَمَة لِأَنَّهَا فِي الْحور الْعين أَي كَمَا أكرمناهم بجنات وعيون ولباس كَذَلِك أكرمناهم بِأَن زوجناهم بحور عين وَتَفْسِيره بقوله: ( أنكحناهم) ، قَول أبي عُبَيْدَة، وَفِي لفظ لَهُ: ( زوجناهم: جعلناهم أَزْوَاجًا) أَي: اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، كَمَا تَقول: زوجت النَّعْل بالنعل.



[ قــ :2668 ... غــ :2795 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا مُعاوِيَةُ بنُ عَمْرٍ.

     وَقَالَ  حدَّثنا أَبُو إسْحَاقَ عنْ حُمَيْدٍ قالَ سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا منْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عنْدَ الله خَيْرٌ يَسُرُّهُ أنْ يَرْجِعَ إلَى الدُّنْيَا وأنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إلاَّ الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فإنَّهُ يَسُرُّهُ أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أخْرَى.

( الحَدِيث 5972 طرفه فِي: 7182) .





[ قــ :669 ... غــ :796 ]
- قَالَ وسَمِعْتُ أنَسَ بنَ مَالِكٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ الله أوْ غَدْوةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ولقابُ قَوْسِ أحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ أوْ مَوْضِعُ قِيْدٍ يَعْنِي سَوْطَهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ولَوْ أنَّ امْرَأةً مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ اطْلَعَتْ إلَى أهْلِ الأرْضِ لأضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا ولَمَلأتْهُ رِيحاً ولَنَصِيفُهَا على رأسِها خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيها.

(انْظُر الحَدِيث 97 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَلَو أَن امْرَأَة) إِلَى آخر الحَدِيث، لِأَنَّهُ قَالَ فِي التَّرْجَمَة: الْحور الْعين وصفتهن، وَالْمَذْكُور فِيهِ صفتان عظيمتان من صِفَات الْحور الْعين إِحْدَاهمَا.
قَوْله: (وَلَو أَن امْرَأَة من أهل الْجنَّة اطَّلَعت إِلَى أهل الدُّنْيَا لَأَضَاءَتْ) وَالْأُخْرَى قَوْله: (وَلنَصِيفهَا) إِلَى آخِره.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو جَعْفَر الْجعْفِيّ البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي.
الثَّانِي: مُعَاوِيَة بن عَمْرو الْأَزْدِيّ الْبَغْدَادِيّ، وَقد مر فِي الْجُمُعَة.
الثَّالِث: أَبُو إِسْحَاق: اسْمه: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْفَزارِيّ، سكن المصيصة من الشَّام.
الرَّابِع: حميد الطَّوِيل.
الْخَامِس: أنس بن مَالك.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن مُعَاوِيَة بن عَمْرو من شُيُوخ البُخَارِيّ يروي عَنهُ تَارَة بِوَاسِطَة كَمَا هُنَا وَتارَة بِلَا وَاسِطَة، فَأَنَّهُ روى عَنهُ فِي كتاب الْجُمُعَة بِلَا وَاسِطَة، وَمن اللطائف فِيهِ أَنه مُشْتَمل على أَرْبَعَة أَحَادِيث الأول: قَوْله: مَا من عبد يَمُوت ... إِلَى قَوْله: مرّة أُخْرَى.
الثَّانِي: قَوْله: وَسمعت أنس بن مَالك ... إِلَى قَوْله: وَمَا فِيهَا.
الثَّالِث: قَوْله: وَلَقَاب قَوس أحدكُم.
الرَّابِع: قَوْله: وَلَو أَن امْرَأَة إِلَى آخِره.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (يَمُوت) ، جملَة وَقعت صفة لعبد، وَكَذَلِكَ قَوْله: (لَهُ عِنْد الله خير) صفة أُخْرَى.
قَوْله: خير، أَي: ثَوَاب.
قَوْله: (يسره) جملَة وَقعت صفة لقَوْله: خير، قَوْله: (أَن يرجع) كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة، و: يرجع، لَازم.
قَوْله: (وَأَن لَهُ الدُّنْيَا) ، بِفَتْح الْهمزَة عطف على: أَن يرجع، وَيجوز الْكسر على أَن يكون جملَة حَالية.
قَوْله: (إلاَّ الشَّهِيد) ، مُسْتَثْنى من قَوْله: (يسره أَن يرجع) قَوْله: (لما يرى) بِكَسْر اللَّام التعليلية.
قَوْله: (فَيقْتل) ، على صِيغَة الْمَجْهُول بِالنّصب عطفا على: أَن يرجع.
قَوْله: (قَالَ: وَسمعت) ، أَي: قَالَ حميد الرَّاوِي: سَمِعت.
قَوْله: (لَرَوْحَة) .
وَقَوله: (وَلَقَاب قَوس) قد مر تفسيرهما عَن قريب.
قَوْله: (أَو مَوضِع قيد) قَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ بَعضهم: وَقع فِي النّسخ: قيد، بِزِيَادَة الْيَاء، وَإِنَّمَا هُوَ بِكَسْر الْقَاف وَتَشْديد الدَّال لَا غير، وَهُوَ السَّوْط الْمُتَّخذ من الْجلد الَّذِي لم يدبغ، وَمن رَوَاهُ: قيد، بِزِيَادَة الْيَاء أَي: مِقْدَاره فقد صحف.
قلت: لَا تَصْحِيف، إِذْ معنى الْكَلَام صَحِيح لَا ضَرُورَة إِلَيْهِ سلمنَا أَن المُرَاد: الْقد، غَايَة مَا فِي الْبابُُ أَن يُقَال: قلبت إِحْدَى الدالين يَاء، وذكل كثير، وَفِي بَعْضهَا: قيد، بِدُونِ الْإِضَافَة إِلَى الضَّمِير مَعَ التَّنْوِين الَّذِي هُوَ عوض من الْمُضَاف إِلَيْهِ.
انْتهى كَلَامه.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: قَوْله: يَعْنِي سَوْطه، تَفْسِير للقيد غير مَعْرُوف، وَلِهَذَا جزم بَعضهم أَنه تَصْحِيف، وَأَن الصَّوَاب: قد، بِكَسْر الْقَاف وَتَشْديد الدَّال وَهُوَ السَّوْط الْمُتَّخذ من الْجلد.
ثمَّ قَالَ: قلت: وَدَعوى الْوَهم فِي التَّفْسِير أسهل من دَعْوَى التَّصْحِيف فِي الأَصْل، وَلَا سِيمَا والقيد بِمَعْنى القاب.
انْتهى.
قلت: قَول من قَالَ: إِن من رَوَاهُ: قيد، بِزِيَادَة الْيَاء أَي: مِقْدَاره، فقد صحف هُوَ الظَّاهِر، وَنفى الْكرْمَانِي التَّصْحِيف بقوله: غَايَة مَا فِي الْبابُُ أَن يُقَال: قلبت إِحْدَى الدالين يَاء، وَذَلِكَ كثير، نَفْيه غير صَحِيح، لِأَن تَعْلِيله لدعواه تَعْلِيل من لَيْسَ لَهُ، وقُوف على علم الصّرْف، وَذَلِكَ أَن قلب أحد الحرفين المتماثلين يَاء إِنَّمَا يجوز إِذا أَمن اللّبْس، وَلَا لبس أَشد من الَّذِي يدعى أَن فِيهِ قلباً، فالقيد بِالْيَاءِ بعد الْقَاف هُوَ الْمِقْدَار، وَالْقد بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد هُوَ السَّوْط الْمُتَّخذ من الْجلد، وَبَينهمَا بَون عَظِيم، وَأما قَول بَعضهم: دَعْوَى الْوَهم فِي التَّفْسِير ... إِلَى آخِره، فَغير مُتَّجه، لِأَن الْأَمر بِالْعَكْسِ، أَعنِي: دَعْوَى التَّصْحِيف فِي الأَصْل أسهل من دَعْوَى الْوَهم فِي التَّفْسِير، لِأَن التَّفْسِير مَبْنِيّ على صِحَة الأَصْل فَافْهَم، فَإِن فِيهِ دقة.
قَوْله: (وَلَو أَن امْرَأَة من أهل الْجنَّة) ، ذكر الْعلمَاء أَن الْحور على أَصْنَاف مصنفة: صغَار وكبار، وعَلى مَا اشتهت نفس أهل الْجنَّة.

وَذكر ابْن وهب عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ أَنه قَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، لَو أَن امْرَأَة من الْحور أطلعت سواراً لَهَا لأطفأ نور سوارها نور الشَّمْس وَالْقَمَر، فَكيف الْمسور؟ وَإِن خلق الله شَيْئا يلْبسهُ إلاَّ عَلَيْهِ مثل مَا عَلَيْهَا من ثِيَاب وحلي.
.

     وَقَالَ  أَبُو هُرَيْرَة: (إِن فِي الْجنَّة حوراء يُقَال لَهَا: العيناء، إِذا مشت مَشى حولهَا سَبْعُونَ ألف وصيفة عَن يَمِينهَا وَعَن يسارها، كَذَلِك، وَهِي تَقول: أَيْن الآمرون بِالْمَعْرُوفِ والناهون عَن الْمُنكر؟.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس: (فِي الْجنَّة حوراء يُقَال لَهَا العيناء، لَو بزقت فِي الْبَحْر لعذب مَاؤُهُ) .
.

     وَقَالَ  صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (رَأَيْت لَيْلَة الْإِسْرَاء حوراء جبينها كالهلال، فِي رَأسهَا مائَة ضفيرة، مَا بَين الضفيرة والضفيرة سَبْعُونَ ألف ذؤابة، والذوائب أضوء من الْبَدْر وخلخالها مكلل بالدر، وصنوف الْجَوَاهِر وعَلى جبينها سطران مكتوبان بالدر والجوهر، فِي الأول: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، وَفِي الثَّانِي: من أَرَادَ مثلي فليعمل بِطَاعَة رَبِّي.
فَقَالَ لي جِبْرِيل: هَذِه وأمثالها لأمتك) .
.

     وَقَالَ  ابْن مَسْعُود: (إِن الْحَوْرَاء ليرى مخ سَاقهَا من وَرَاء اللَّحْم والعظم، وَمن تَحت سبعين حلَّة، كَمَا يرى الشَّرَاب فِي الزّجاج الْأَبْيَض) .
وَرُوِيَ أَن سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْحور: من أَي شَيْء خُلِقْنَ؟ فَقَالَ: (من ثَلَاثَة أَشْيَاء: أسفلهن من الْمسك، وأوسطهن من العنبر، وأعلاهن من الكافور، وحواجبهن سَواد خطّ فِي نور) .
وَفِي لفظ: سَأَلت جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَن كَيْفيَّة خَلقهنَّ، فَقَالَ: يخلقهن رب الْعَالمين من قضبان العنبر والزعفران مضروبات عَلَيْهِنَّ الْخيام، أول مَا يخلق مِنْهُنَّ نهد من مسك إذفر أَبيض عَلَيْهِ يلتام الْبدن.
.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس: خلقت الْحَوْرَاء من أَصَابِع رِجْلَيْهَا إِلَى ركبتيها من الزَّعْفَرَان، وَمن ركبتيها إِلَى ثدييها من الْمسك الإذفر، وَمن ثدييها إِلَى عُنُقهَا من العنبر الْأَشْهب، وعنقها من الكافور الْأَبْيَض، تلبس سَبْعُونَ ألف حلَّة مثل شقائق النُّعْمَان، إِذا أَقبلت يتلألأ وَجههَا ساطعاً كَمَا تتلألأ الشَّمْس لأهل الدُّنْيَا، وَإِذا أَقبلت ترى كَبِدهَا من رقة ثِيَابهَا وجلدها، فِي رَأسهَا سَبْعُونَ ألف ذؤابة من الْمسك، لكل ذؤابة مِنْهَا وصيفة ترفع ذيلها ... وَهَذِه الْأَحَادِيث كلهَا نقلتها من (التَّلْوِيح) وَمَا وقفت على أَصْلهَا فِيهِ.

قَوْله: (ريحًا) أَي: عطراً.
قَوْله: (وَلنَصِيفهَا) ، بِفَتْح اللَّام الَّتِي هِيَ للتَّأْكِيد، وَفتح النُّون وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره فَاء: وَهُوَ الْخمار، بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمِيم.