فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {وكان أمر الله قدرا مقدورا} [الأحزاب: 38]


[ قــ :6257 ... غــ :6603 ]
- حدّثنا حِبَّان بنُ مُوسَى أخبرنَا عبْدُ الله أخبرنَا يُونُسُ عَن الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبرنِي عَبْدُ الله بنُ مُحَيْريزٍ الجُمَحِيُّ أنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ أخْبَرَهُ أنَّهُ: بَيْنَما هُوَ جالِسٌ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جاءَ رجُلٌ مِنَ الأنْصارِ، فَقَالَ: يَا رسولَ الله {إِنَّا نُصِيبُ سَبْباً ونحِبُّ المالَ، كَيْف تَرَى فِي العَزْل؟ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أوَ إنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ لَا عَلَيْكُمْ أنْ لَا تَفْعَلُوا، فإنّهُ لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ الله أنْ تَخْرُجَ إلاّ هِيَ كائِنَةٌ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وحبان بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن مُوسَى الْمروزِي، وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الْبيُوع عَن أبي الْيَمَان وَفِي النِّكَاح عَن عبد الله بن مُحَمَّد وَفِي الْمَغَازِي عَن قُتَيْبَة وَفِي الْعتْق عَن عبد الله بن يُوسُف وَفِي التَّوْحِيد عَن إِسْحَاق بن عَفَّان.
وَأخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن عبد الله بن مُحَمَّد وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعتْق عَن عَليّ بن حجر وَغَيره.

قَوْله: ( رجل من الْأَنْصَار) قيل: إِنَّه أَبُو صرمة، وَقيل: مجدي الضمرِي.
قَوْله: ( سَببا) هُوَ الْجَوَارِي المسببات.
قَوْله: ( فِي الْعَزْل؟) وَهُوَ نزع الذّكر من الْفرج وَقت الْإِنْزَال.
قَوْله: ( لَا عَلَيْكُم أَن لَا تَفعلُوا) قيل: هُوَ على النَّهْي، وَقيل: على الْإِبَاحَة للعزل أَي: لكم أَن تعزلوا وَلَيْسَ فعل ذَلِك موؤدة.
قَوْله: ( فَإِنَّهُ) أَي: فَإِن الشَّأْن.
قَوْله: ( نسمَة) بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ النَّفس.
قَوْله: ( كتب الله) أَي: قدر الله ( أَن تخرج) أَي: من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود.





[ قــ :658 ... غــ :6604 ]
- حدّثنا مُوسَى بنُ مَسْعُودٍ حَدثنَا سُفْيانُ عنِ الأعْمَشِ عنْ أبي وائِلٍ عنْ حُذَيْفَةَ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: لَ قَدْ خَطَبَنَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُطْبَةً مَا تَرَكَ فِيها شَيْئاً إِلَى قِيامِ السَّاعَةِ إلاّ ذَكَرَهُ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمْهُ وجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، إنْ كُنْتُ لأرَى الشَّيءَ قدْ نَسِيتُ فأعْرفُ مَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إذَا غَابَ عنهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( مَا ترك فِيهَا شَيْئا) أَي: من الْأُمُور الْمقدرَة من الكائنات.

ومُوسَى بن مَسْعُود هُوَ أَبُو حُذَيْفَة النَّهْدِيّ، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفِتَن عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن عُثْمَان بِهِ.

قَوْله: ( إلاَّ ذكره) .
وَفِي رِوَايَة: إلاَّ حدث بِهِ.
قَوْله: ( علمه من علمه وجهله من جَهله) وَفِي رِوَايَة جرير: حفظه من حفظه ونسيه من نَسيَه.
قَوْله: ( إِن كنت) كلمة: إِن، مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة.
قَوْله: ( قد نسيت) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: نَسِيته.
قَوْله: ( فأعرف مَا يعرف الرجل) ويروى: فأعرفه كَمَا يعرفهُ الرجل، الْمَعْنى: أنسى شَيْئا ثمَّ أذكرهُ فأعرف أَن ذَلِك بِعَيْنِه.





[ قــ :659 ... غــ :6605 ]
- حدّثنا عَبْدانُ عنْ أبي حَمْزَةَ عَن الأعْمَشِ عنْ سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ عنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمانِ السُّلَمِيِّ عنْ عَلِيٍّ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: كُنَّا جُلُوساً مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَعَهُ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الأرْضِ،.

     وَقَالَ : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إلاّ قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أوْ مِنَ الجَنّةِ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: ألاَ نَتَّكِلُ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: ( لَا} اعْمَلُوا فكُلٌّ مُيَسَّرٌ، ثُمَّ قَرَأ { ( 9) فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} ( اللَّيْل: 5) الآيَةَ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( أَلا نَتَّكِل؟)
إِلَى آخِره، لِأَن مَعْنَاهُ: نعتمد على مَا قدره الله فِي الْأَزَل ونترك الْعَمَل.

وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان، وَقد تكَرر ذكره، وَأَبُو حَمْزَة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي اسْمه مُحَمَّد بن مَيْمُون السكرِي، وَسعد بن عُبَيْدَة مصغر عَبدة السّلمِيّ الْكُوفِي وَهُوَ صهر أبي عبد الرَّحْمَن شَيْخه فِي هَذَا الحَدِيث، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن عبد الله بن حبيب من كبار التَّابِعين.
وَعلي بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز فِي: بابُُ موعظة الرجل عِنْد الْقَبْر، بأطول مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( جُلُوسًا) أَي: جالسين، ويروى عَن الْأَعْمَش: ( قعُودا) ، جمع الْقَاعِد.
قَوْله: ( مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) عَن الْأَعْمَش: ( كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي بَقِيع الْغَرْقَد) ، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْقَاف وبالدال الْمُهْملَة، وَهِي مَقْبرَة أهل الْمَدِينَة.
قَوْله: ( وَمَعَهُ عود) وَفِي رِوَايَة شُعْبَة: ( وَبِيَدِهِ فَجعل ينكت بهَا فِي الأَرْض) .
وَفِي رِوَايَة مَنْصُور: ( مَعَه مخصرة) ، بِكَسْر الْمِيم وَهِي عَصا أَو قضيب يمسِكهُ الرئيس ليتوكأ عَلَيْهِ ولغير ذَلِك، وَمعنى: ينكت، بالنُّون بعد الْيَاء يضْرب.
قَوْله: ( أَو من الْجنَّة) كلمة: أَو، للتنويع وَوَقع فِي رِوَايَة سُفْيَان مَا يشْعر بِأَنَّهَا بِمَعْنى: الْوَاو، وَقد تقدم من حَدِيث ابْن عمر: أَن لكل أحد مقعدين.
قَوْله: ( فَقَالَ رجل) ، وَهَذَا الرجل وَقع فِي حَدِيث جَابر عِنْد مُسلم أَنه سراقَة بن مَالك بن جعْشم.
قَوْله: ( أَلا نَتَّكِل؟) أَي: أَلا نعتمد على مَا قدره الله فِي الْأَزَل ونترك الْعَمَل؟ فَقَالَ: لَا إِذْ كل أحد ميسر لما خلق لَهُ، وَحَاصِله: أَن الْوَاجِب عَلَيْكُم مُتَابعَة الشَّرِيعَة لَا تَحْقِيق الْحَقِيقَة، وَالظَّاهِر لَا يتْرك للباطن.
قَوْله: {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} ( اللَّيْل: 5)
الْآيَة، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان ووكيع: الْآيَات إِلَى قَوْله: {العسرى} .