فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} [النساء: 65]

(بابٌُ: { فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (النِّسَاء: 65)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ} وَلم يُوجد لفظ بابُُ إلاَّ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَلَقَد أقسم الله تَعَالَى بِنَفسِهِ الْكَرِيمَة المقدسة أَنه لَا يُؤمن من أحد حَتَّى يحكم الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي جَمِيع الْأُمُور فَمَا حكم بِهِ فَهُوَ الْحق الَّذِي يجب الانقياد لَهُ ظَاهرا وَبَاطنا.



[ قــ :4332 ... غــ :4585 ]
- ح دَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ أخبرَنا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُرْوَةَ قَالَ خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَي شَرِيجٍ مِنَ الحَرَّةِ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أرْسِلِ الماءَ إِلَى جَارِكَ فَقَالَ الأنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللهأنْ كَانَ ابنَ عَمَتِّكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الماءَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الجَدْرِ ثُمَّ أرْسِلِ المَاءَ إلَى جَارِكَ وَاسْتَوْعَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلزُّبَيْرِ حَقَهُ فِي صَرِيحِ الحُكْمِ حِينَ أحْفَظَهُ الأنْصارِيُّ وَكَانَ أشَارَ عَلَيْهِمَا بأمْرٍ لَهُمَا فَيهِ سَعَةٌ قَالَ الزُّبَيْرُ فَمَا أحْسِبُ هاذِهِ الآيَاتِ إلاَّ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ { فَلا وَرَبّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنُهُمْ} .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الشّرْب فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب مُتَوَالِيَة: أَولهَا: بابُُ كرى الْأَنْهَار.
وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوْفِي.

قَوْله: (فِي شريج) ، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء وبالجيم، وَهُوَ مسيل المَاء.
قَوْله: (إِن كَانَ ابْن عَمَّتك) ، بِفَتْح الْهمزَة وَكسرهَا.
وَالْجَزَاء مَحْذُوف وَالتَّقْدِير: لَئِن كَانَ ابْن عَمَّتك حكمت لَهُ، وَكَانَ الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ابْن صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب عمَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (فتلَّون وَجهه) ، أَي: تغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَلَام الْأنْصَارِيّ.
قَوْله: (إِلَى الْجدر) ، بِفَتْح الْجِيم، وَهُوَ أصل الْحَائِط.
قَوْله: (واستوعى) ، أَي: استوعب وَاسْتوْفى، وَهَذَا الْكَلَام لِلزهْرِيِّ ذكره إدراجا قَوْله: (حِين أحفظه) أَي: حِين أغضبهُ.
وَهُوَ بِالْحَاء الْمُهْملَة.
قَوْله: (وَكَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا) أَي: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشَارَ على الزبير والأنصاري فِي أول الْأَمر بِأَمْر لَهما فِيهِ سَعَة.
أَي: توسع على سَبِيل الْمُصَالحَة.
فَلَمَّا لم يقبل الْأنْصَارِيّ الصُّلْح حكم للزبير بِمَا هُوَ حَقه فِيهِ.