فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا صلى إلى فراش فيه حائض

(بابٌُ إذَا صَلَّى إلَى فِرَاشٍ فِيهِ حائِضٌ)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ إِذا صلى، وَجَوَاب: إِذا مَحْذُوف تَقْدِيره صحت صلَاته أَو مَعْنَاهُ: بابُُ هَذِه الْمَسْأَلَة، وَهِي مَا يَقُوله الْفُقَهَاء إِذا صلى إِلَى فرَاش فِيهِ حَائِض كَيفَ يكون حكمه يكره أم لَا؟ وَحَدِيث الْبابُُ على عدم الْكَرَاهَة.



[ قــ :504 ... غــ :517]
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ زَرَارَةَ قَالَ أخبرنَا هُشَيْمٌ عنِ الشِّيْبَانِيّ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ شَدَّادِ بنِ الهَادِ قَالَ أخْبَرَتْني خالَتِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الحَارِثِ قالَتْ كانَ فِرَاشِي حِيَالَ مُصَلَّى النبيِّ فَرُبَّمَا وَقَعَ ثَوْبُهُ عَلى فِرَاشِي.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة عِنْد التَّأَمُّل، وَلَكِن اعْترض فِيهِ بِوَجْهَيْنِ: الأول: كَيفَ دلّ على التَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ كَون الْمُصَلِّي منتهياً إِلَى الْفراش، لِأَنَّهُ قَالَ: إِذا صلى إِلَى فرَاش.
وَكلمَة: إِلَى لانْتِهَاء الْغَايَة؟ وَالثَّانِي: أَن هَذَا الحَدِيث يدل على اعْتِرَاض الْمَرْأَة بَين الْمُصَلِّي وقبلته، فَهَذَا يدل على جَوَاز الْقعُود، لَا على جَوَاز الْمُرُور.
وَأجِيب: عَن الأول: بِأَنَّهُ لَا يلْزم أَن يكون الِانْتِهَاء من جِهَة الْقبْلَة، وكما أَنَّهَا منتهية إِلَى جنب رَسُول الله فَرَسُول الله يَنْتَهِي إِلَيْهَا وَإِلَى فراشها.
وَعَن الثَّانِي: بِأَن تَرْجَمَة الْبابُُ لَيست معقودة للاعتراض، فَإِن الْمُتَعَلّق بالإعتراض قد تقدم، وَالَّذِي قَصده البُخَارِيّ: بَيَان صِحَة الصَّلَاة وَلَو كَانَت الْحَائِض بِجنب الْمُصَلِّي وَلَو أصابتها ثِيَابه، لَا كَون الْحَائِض بَين الْمُصَلِّي وَبَين الْقبْلَة.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة الأول: عَمْرو، بِالْوَاو: وَابْن زُرَارَة، بِضَم الزَّاي ثمَّ بالراء المكررة، وَقد تقدم فِي بابُُ قدركم يَنْبَغِي أَن يكون بَين الْمُصَلِّي والسترة؟ الثَّانِي: هشيم، مُصَغرًا: ابْن بشير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: الوَاسِطِيّ، مَاتَ بِبَغْدَاد سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَة.
الثَّالِث: الشَّيْبَانِيّ أَبُو إِسْحَاق سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان فَيْرُوز الْكُوفِي.
الرَّابِع: عبد ابْن شَدَّاد، بتَشْديد الدَّال: ابْن الْهَاد، واسْمه: أُسَامَة الْكُوفِي.
الْخَامِس: أم الْمُؤمنِينَ مَيْمُونَة بنت الْحَارِث إِحْدَى زَوْجَات النَّبِي.

ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع وَاحِد، والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد من الْمَاضِي فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين واسطي وكوفي.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره قد ذكرنَا هَذَا، وَمعنى الحَدِيث وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام فِي بابُُ إِذا أصَاب ثوب الْمُصَلِّي امْرَأَته فِي السُّجُود، فَإِنَّهُ أخرج هَذَا الحَدِيث هُنَاكَ: عَن مُسَدّد عَن خَالِد عَن الشَّيْبَانِيّ.



[ قــ :505 ... غــ :518]
- حَدَّثَنَا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ قَالَ حدّثنا الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ شَدَّادٍ قالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تَقُولُ كانَ النبيُّ يُصَلِّي وَأنا إلَى جَنْبِهِ نَائِمَةٌ فإِذَا سَجَدَ أصابَنِي ثَوْبُهُ وَأَنا حائِضٌ وَزَادَ مُسَدَّدٌ عنْ خالِدٍ قَالَ حدّثنا سُلَيْمَانُ الشيْبَانِيُّ وأنَا حائِضٌ.
.


هَذَا طَرِيق آخر بِلَفْظ آخر عَن أبي النُّعْمَان، بِضَم النُّون: مُحَمَّد بن الفضيل، وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه قد مر فِي بابُُ مُبَاشرَة الْحَائِض فِي أَوَائِل كتاب الْحيض، وَلَفظ الحَدِيث هُنَاكَ، قَالَت يَعْنِي مَيْمُونَة: ( كَانَ رَسُول الله إِذا أَرَادَ أَن يُبَاشر امْرَأَة من نِسَائِهِ أمرهَا فاتزرت وَهِي حَائِض) .
قَوْله: ( ثَوْبه) ويروى: ( أصابتني ثِيَابه) .
قَوْله: ( وَأَنا حَائِض) هَذِه الْجُمْلَة وَقعت حَالا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَسَقَطت لغيره.
قَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قلت: قَالُوا: إِذا أُرِيد الْحُدُوث يُقَال: حائضه، وَإِذا أُرِيد الثُّبُوت، وَإِن من شَأْنهَا الْحيض، يُقَال: حَائِض، وَلَا شكّ أَن المُرَاد هَهُنَا كَونهَا فِي حَالَة الْحيض.
قلت: مَعْنَاهُ أَن الحائضة مُخْتَصَّة بِمَا إِذا كَانَت فِيهِ، وَالْحَائِض أَعم مِنْهُ.
انْتهى.
قلت: لَا فرق بَين الْحَائِض والحائضة، يُقَال: حَاضَت الْمَرْأَة تحيض حيضا ومحيضاً فَهِيَ حَائِض وحائضة عَن الْفراء وَأنْشد:
( كحائضة يَزْنِي بهَا غير حَائِض)

وَفِي اللُّغَة: لم يفرق بَينهمَا، غير أَن الأَصْل فِيهِ التَّأْنِيث، وَلَكِن لخصوصية النِّسَاء بِهِ وَعدم ترك التَّاء.