فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من أخذ بالركاب ونحوه

( بابُُ مَنْ أخذَ بالرِّكَابِ ونَحْوِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل من أَخذ بالركاب أَي: بركاب الرَّاكِب.
قَوْله: ( وَنَحْوه) ، مثل الْإِعَانَة على الرّكُوب وتعديل قماشه وَنَحْو ذَلِك، فَإِن هَذِه الْأَشْيَاء من الْفَضَائِل، وَقد أَخذ ابْن عَبَّاس بركاب زيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَقَالَ لَهُ: لَا تفعل يَا ابْن عَم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَكَذَا أمرنَا أَن نَفْعل بعلمائنا، فَأخذ زيد بن عَبَّاس فقبلها، فَقَالَ لَهُ: لَا تفعل، فَقَالَ: هَكَذَا أمرنَا أَن نَفْعل بآل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

[ قــ :2856 ... غــ :2989 ]
- حدَّثني إسْحَاقُ قَالَ أخبرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أخْبرنا مَعْمَرٌ عنْ هَمَّامٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ علَيْهِ صَدَقَةٌ ويُعِينُ الرَّجُلَ عَلى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ علَيْهَا أوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا متَاعَهُ صَدَقَةٌ والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وكُلُّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ ويُمِيطُ الأذَى عنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ.

( انْظُر الحَدِيث 7072 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ويعين الرجل على دَابَّته فَيحمل عَلَيْهَا) ، فَإِن إِعَانَة الرجل تتَنَاوَل أَخذه بالركاب وَغَيره.

وَإِسْحَاق هَذَا هُوَ ابْن مَنْصُور بن بهْرَام الكوسج أَبُو يَعْقُوب الْمروزِي، أَو إِسْحَاق بن نصر، وَهُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر النجاري، لِأَن هَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه قد مر فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
أَحدهمَا: فِي كتاب الصُّلْح فِي: بابُُ فضل الْإِصْلَاح بَين النَّاس حَيْثُ قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق أخبرنَا عبد الرَّزَّاق أخبرنَا معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( كل سلامي من النَّاس) الحَدِيث.
وَالْآخر: فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ فضل من حمل مَتَاع صَاحبه فِي السّفر، حَيْثُ قَالَ: حَدثنِي إِسْحَاق بن نصر حَدثنَا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( كل سلامي عَلَيْهِ صَدَقَة) الحَدِيث.
وَعين هُنَا نِسْبَة إِسْحَاق حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنى إِسْحَاق بن نصر، وَهُنَاكَ قَالَ فِي أَكثر النّسخ: حَدثنَا إِسْحَاق مُجَردا من غير نِسْبَة، وَفِي بعض النّسخ، قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَالَّذِي يظْهر من مُغَايرَة الْمُتُون أَن المُرَاد بِإسْحَاق هُنَا هُوَ إِسْحَاق بن مَنْصُور، وكل من إسحاقين هذَيْن يروي عَن عبد الرَّزَّاق، وَقد مضى الْكَلَام فِي هَذَا الحَدِيث فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمَذْكُورين، ونعيد الْكَلَام هُنَا تكثيراً للفائدة.

فَقَوله: ( كل سلامي) ، كَلَام إضافي مُبْتَدأ.
وَقَوله: ( عَلَيْهِ صَدَقَة) ، جملَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر خبر للمبتدأ الأول.
قَوْله: ( عَلَيْهِ) ، كَانَ الْقيَاس فِيهِ أَن يُقَال: عَلَيْهَا، لِأَن السلَامِي مُؤَنّثَة، وَلَكِن هُنَا جَاءَ على وفْق لفظ: كل، أَو ضمن لفظ: سلامي، معنى الْعظم أَو الْمفصل، فَأَعَادَ الضَّمِير عَلَيْهِ لذَلِك، والسلامي، بِضَم السِّين وَتَخْفِيف اللَّام مَقْصُور: وَهُوَ عظم الْأَصَابِع.
قَوْله: ( كل يَوْم) ، نصب على الظّرْف.
قَوْله: ( يعدل) ، أَي: يصلح بِالْعَدْلِ، وَهُوَ مُبْتَدأ تَقْدِيره: أَن يعدل مثل قَوْله: وَتسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ.
قَوْله: ( أَو يرفع عَلَيْهَا) ، شكّ من الرَّاوِي أَو للتنويع.
قَوْله: ( وكل خطْوَة يخطوها إِلَى الصَّلَاة صَدَقَة) ، أَي: يرفع لَهُ بهَا دَرَجَة ويحط عَنهُ خَطِيئَة، وَلِهَذَا حث الشَّارِع على كَثْرَة الخطى إِلَى الْمَسَاجِد وَترك الْإِسْرَاع فِي السّير إِلَيْهِ.
قَوْله: ( وتميط الْأَذَى) ، أَي: تزيل، يُقَال: مَاطَ الرجل الشَّيْء يميطه ميطاً وإماطة إِذا أزاله، وَيُقَال: أماط الله عَنْك الْأَذَى إِذا دَعَوْت بزواله، قَالَه الْقَزاز، وَهُوَ قَول الْكسَائي، وَأنْكرهُ الْأَصْمَعِي،.

     وَقَالَ : مطيته أَنا وأمطيت غَيْرِي، فَافْهَم.