فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب شرب الأعلى إلى الكعبين

( بابُُ شُرْبِ الأعْلى إِلَى الكَعْبَيْنِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان شرب الْأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى بَيَان مِقْدَار المَاء للأعلى.


[ قــ :2261 ... غــ :2362 ]
- ( حَدثنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا مخلد قَالَ أَخْبرنِي ابْن جريج قَالَ حَدثنِي ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير أَنه حَدثهُ أَن رجلا من الْأَنْصَار خَاصم الزبير فِي شراج من الْحرَّة يسْقِي بهَا النّخل فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْقِ يَا زبير فَأمره بِالْمَعْرُوفِ ثمَّ أرسل إِلَى جَارك فَقَالَ الْأنْصَارِيّ إِن كَانَ ابْن عَمَّتك فَتَلَوَّنَ وَجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ قَالَ اسْقِ ثمَّ احْبِسْ حَتَّى يرجع المَاء إِلَى الْجدر واستوعي لَهُ حَقه فَقَالَ الزبير وَالله إِن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي ذَلِك { فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم} قَالَ لي ابْن شهَاب فقدرت الْأَنْصَار وَالنَّاس قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْقِ ثمَّ احْبِسْ حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر وَكَانَ ذَلِك إِلَى الْكَعْبَيْنِ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وَكَانَ ذَلِك إِلَى الْكَعْبَيْنِ يَعْنِي رُجُوع المَاء إِلَى الْجدر وُصُوله إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصى فِي الْبابُُ الَّذِي قبل الْبابُُ الَّذِي قبله وَمُحَمّد هُوَ ابْن سَلام وَفِي رِوَايَة أبي الْوَقْت صرح بِهِ ومخلد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح اللَّام وَفِي آخِره دَال مُهْملَة هُوَ ابْن يزِيد وَقد مر فِي الْجُمُعَة وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج الْمَكِّيّ قَوْله " فَأمره بِالْمَعْرُوفِ " قَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ أمره بِالْعَادَةِ الْمَعْرُوفَة الَّتِي جرت بَينهم فِي مِقْدَار الشّرْب وَهِي جملَة مُعْتَرضَة بَين قَوْله اسْقِ يَا زبير وَبَين قَوْله ثمَّ أرسل قَوْله " واستوعي لَهُ " أَي استوفي للزبير حَقه واستوعب وَهُوَ من الْوِعَاء كَأَنَّهُ جمعه لَهُ فِي وعائه وَأبْعد من قَالَ أمره ثَانِيًا أَن يَسْتَوْفِي أَكثر من حَقه عُقُوبَة للْأَنْصَارِيِّ حَكَاهُ ابْن الصّباغ وَالْأَشْبَه أَنه أمره أَن يَسْتَوْفِي حَقه ويستقصي فِيهِ تَغْلِيظًا على الْأنْصَارِيّ.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ هَذِه الزِّيَادَة تشبه أَن تكون من كَلَام الزُّهْرِيّ وَكَانَت عَادَته أَن يصل بِالْحَدِيثِ من كَلَامه مَا يظْهر لَهُ من معنى الشَّرْح وَالْبَيَان قيل الأَصْل فِي الحَدِيث أَن يكون حكمه كُله وَاحِدًا حَتَّى يرد مَا يبين ذَلِك وَلَا يثبت الإدراج بِالِاحْتِمَالِ قَوْله قَالَ ابْن شهَاب هُوَ الزُّهْرِيّ الرَّاوِي عَن عُرْوَة وَهَذَا إِلَى آخِره من كَلَام ابْن شهَاب حكى عَنهُ ابْن جريج الرَّاوِي عَنهُ قَوْله وَالنَّاس من بابُُ عطف الْعَام على الْخَاص أَو مَعْهُود غير الْأَنْصَار قَوْله " وَكَانَ ذَلِك " أَي قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْقِ ثمَّ احْبِسْ حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر قَوْله " إِلَى الْكَعْبَيْنِ " أَي يقدر إِلَى الْكَعْبَيْنِ يَعْنِي يكون مِقْدَار المَاء الَّذِي يرجع إِلَى الْجدر يبلغ الْكَعْبَيْنِ وَقد ذكرنَا أَحَادِيث فِي الْبابُُ الَّذِي قبل الْبابُُ الَّذِي قبله فِيمَا يتَعَلَّق بِهَذَا الحكم.

     وَقَالَ  ابْن التِّين الْجُمْهُور على أَن الحكم أَن يمسك إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَخَصه ابْن كنَانَة بِالنَّخْلِ وَالشَّجر قَالَ وَأما الزَّرْع فَإلَى الشرَاك.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ الْأَرَاضِي مُخْتَلفَة فَيمسك لكل أَرض مَا يكفيها لِأَن الَّذِي فِي قصَّة الزبير وَاقعَة عين وَقيل معنى قَوْله إِلَى الْجدر أَي إِلَى الْكَعْبَيْنِ قلت إِن كَانَ مُرَاده الْإِشَارَة إِلَى هَذَا التَّقْدِير فَلهُ وَجه مَا وَإِلَّا فَلَا يَصح تَفْسِير الْجدر بالكعبين ( الْجدر هُوَ الأَصْل) هَذَا تَفْسِير لفظ الْجدر الْمَذْكُور فِي الحَدِيث من عِنْد البُخَارِيّ وَقد مر الْكَلَام فِيهِ وَهَذَا هُنَا وَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده -