فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تسمية الوليد

(بابُُ تَسْمِيَةِ الوَلِيدِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر مَا جَاءَ من تَسْمِيَة الْوَلِيد، وغرضه من وضع هَذِه التَّرْجَمَة الرَّد على مَا ءواه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود، نهى رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يُسمى الرجل عَبده أَو وَلَده حَربًا أَو مرّة أَو وليداً، فَإِنَّهُ حَدِيث ضَعِيف جدا، وعَلى مَا رَوَاهُ عبد الله بن أَحْمد قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة، قَالَ: حَدثنَا ابْن عَيَّاش وَهُوَ إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ولد لأخي أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، غُلَام فَسَموهُ الْوَلِيد، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سميتموه الْوَلِيد بأسماء فرا عينكم لَيَكُونن فِي هَذِه الْأمة رجل يُقَال لَهُ: الْوَلِيد، لَهو شَرّ على هَذِه الْأمة من فِرْعَوْن لِقَوْمِهِ،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم بن حبَان: هَذَا خبر بَاطِل، مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هَذَا وَلَا رَوَاهُ عمر وَلَا حدث بِهِ سعيد وَلَا الزُّهْرِيّ وَلَا هُوَ من حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ ابْن حبَان: لما كبر إِسْمَاعِيل تغير حفظه فَكثر الْخَطَأ فِي حَدِيثه وَهُوَ لَا يعلم وَقد رَوَاهُ وَهُوَ مختلط،.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: قد رَأَيْت فِي بعض الرِّوَايَات عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه قَالَ: سَأَلت الزُّهْرِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: إِن اسْتخْلف الْوَلِيد بن يزِيد وإلاَّ فَهُوَ الْوَلِيد بن عبد الْملك، وَهَذِه الرِّوَايَة لَا أعلم صِحَّتهَا.
قلت: فَإِن صحت دلّت على ثُبُوت الحَدِيث.
والوليد بن يزِيد أولى بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَشْهُورا بالإلحاد مبارزاً بالعناد، وَإِنَّمَا قَالَ: أَسمَاء فرا عينكم لِأَن فِرْعَوْن مُوسَى اسْمه الْوَلِيد، وَلما لم يكن هَذَانِ الحديثان وأمثالهما على شَرط البُخَارِيّ لم يذكر شَيْئا مِنْهُمَا، وَأورد فِي الْبابُُ الحَدِيث الَّذِي يدل على الْجَوَاز.



[ قــ :5871 ... غــ :6200 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ حَدثنَا ابنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهرِيِّ عَنْ سَعِيد عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا رفعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: أللَّهُمَّ أنْجِ الوَلِيدَ بنَ الوَلِيد وسَلَمَةَ ابنَ هِشامٍ وعَيَّاشَ بنَ أبي ربِيعَةَ والمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، أللَّهُمَّ اشْدُدْ وطْأتَكَ عَلَى مُضَرَ، أللَّهُمَّ اجْعَلْها عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِني يُوسُفَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (الْوَلِيد بن الْوَلِيد فَإِنَّهُ أوضح الْإِبْهَام الَّذِي فِي التَّرْجَمَة، وَدلّ على جَوَاز تَسْمِيَة الْوَلِيد.

وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان، وَسَعِيد هُوَ ابْن الْمسيب.
والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ يهوى بِالتَّكْبِيرِ، وَمر الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من عطف الْعَام على الْخَاص وَالْوَطْأَةُ الدوس بالقدم وَالْمرَاد بهَا هُنَا الإهلاك أَي: خذهم أخذا شَدِيدا وَمُضر قَبيلَة قُرَيْش.
قَوْله: (كَسِنِي يُوسُف وَجه التَّشْبِيه بسني يُوسُف هُوَ فِي امتداد الْقَحْط والمحنة وَالْبَلَاء والشدة وَالضَّرَّاء، وَسَقَطت النُّون من سني يُوسُف للإضافة.