فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت

( بابُُ إخْرَاجِ المُتَشَبِّهِينَ بالنِّساءِ مِنَ البُيُوت)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان وجوب إِخْرَاج الرِّجَال المتشبهين بِالنسَاء من الْبيُوت، وَفِي الرِّوَايَة للنسفي: بابُُ إخراجهم، وَكَذَا عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأبي تَمِيم.



[ قــ :5571 ... غــ :5886 ]
- حدَّثنا مُعاذُ بنُ فَضَالَةَ حدَّثنا هِشامٌ عَنْ يَحْياى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَعَنَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجالِ والمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّساءِ،.

     وَقَالَ : أخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ، قَالَ: فأخْرَجَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فُلاَناً وأخْرَجَ عُمَرُ فُلاَناً.
( انْظُر الحَدِيث 5885 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ومعاذ بِضَم الْمِيم وبالذال الْمُعْجَمَة ابْن فضَالة بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الضَّاد الْمُعْجَمَة أَبُو زيد الْبَصْرِيّ، وَهِشَام هُوَ الدستوَائي، وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير ضد الْقَلِيل.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمُحَاربين عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان عَن الْحسن بن عَليّ الْخلال.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور وَغَيره.

قَوْله: ( المخنثين) ، قَالَ الْكرْمَانِي: المخنثين، بِكَسْر النُّون هُوَ الْقيَاس وَبِفَتْحِهَا هُوَ الْمَشْهُور وَهُوَ مُشْتَقّ من الانخناث وَهُوَ التثني والتكسر، وَالِاسْم الخنث بِالضَّمِّ، قَالَ الْجَوْهَرِي: وَمِنْه سمي المخنث، وتخنث فِي كَلَامه، وَفِي ( الْمغرب) : تركيب الخنث يدل على لين وتكسر، وَمِنْه المخنث وتخنث فِي كَلَامه أَي: تكلم بِكَلَام هُوَ الَّذِي يشبه النِّسَاء فِي أَقْوَاله وأفعاله وَتارَة يكون هَذَا خلقياً وَتارَة تكلفياً، وَهَذَا هُوَ المذموم الملعون لَا الأول.
انْتهى.
قلت: وَأما فِي هَذَا الزَّمَان فالمخنث هُوَ الَّذِي يُؤْتِي ويلاط بِهِ.
قَوْله: ( والمترجلات) أَي: المتكلفات فِي الرجولية المتشبهات بِالرِّجَالِ فِي حمل السَّيْف وَالرمْح وَمَا كَانَ فَوق ذَلِك فالسحق، قَالَه الدَّاودِيّ.
قَوْله: ( أخرجوهم) من الْإِخْرَاج وَإِنَّمَا أمرنَا بإخراجهم لِأَنَّهُ قد يُؤَدِّي فعلهم إِلَى مَا يَفْعَله شرار النِّسَاء من السحق وَهُوَ عَظِيم.
قَوْله: ( فَأخْرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فلَانا) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع مثل حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَفِيه: وَأخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الأنجشة وَهُوَ العَبْد الْأسود الْأَسْقَع الَّذِي كَانَ يَحْدُو بِالنسَاء، كَذَا وَقع فلَانا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: فُلَانَة بالتأنيث.
قَوْله: ( وَأخرج عمر رَضِي الله عَنهُ) ، فلَانا لم يدر من هُوَ.





[ قــ :557 ... غــ :5887 ]
- حدَّثنا مالِكُ بنُ إسْماعِيلَ حَدثنَا زُهَيْرٌ حَدثنَا هِشامُ بنُ عُرْوَةَ أنَّ عُرْوَةَ أخبَرَهُ أنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أبي سَلَمَةَ أخْبَرَتْهُ أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أخْبَرَتْها أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كانَ عِنْدَها وَفِي البَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ لِ عَبْدِ الله أخِي أُمِّ سَلَمَةَ: يَا عَبْدَ الله إنْ فَتِحَ لَكُمْ غَداً الطَّائِفُ فإِنِّي أدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلاَنَ فإنَّها تُقْبِلُ بأرْبَعِ وتُدْبِرُ بِثَمانٍ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَدْخَلَنَّ هاؤُلاَءِ عَلَيْكُنَّ.
( انْظُر الحَدِيث 434 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( لَا يدخلن هَؤُلَاءِ عليكن) ل أَن مَعْنَاهُ أخرجه من الْبَيْت وَمنعه بعد ذَلِك من الدُّخُول عَلَيْهِنَّ هُوَ وَغَيره من المخنثين.

وَزُهَيْر مصغر زهر ابْن مُعَاوِيَة الْجعْفِيّ، وَزَيْنَب بنت أبي سَلمَة، وَأَبُو سَلمَة اسْمه عبد الله بن عبد الْأسد، وَزَيْنَب بنته ربيبة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أُخْت عمر بن أبي سَلمَة وأمهما أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَاسْمهَا هِنْد بنت أبي أُميَّة.
والْحَدِيث مضى فِي أول: بابُُ غَزْوَة الطَّائِف، فَإِنَّهُ أخرجه عَن الْحميدِي عَن سُفْيَان عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن زَيْنَب ... إِلَى آخِره، وَمضى أَيْضا فِي أَوَاخِر كتاب النِّكَاح فِي: بابُُ مَا ينْهَى من دُخُول المتشبهين بِالنسَاء عِنْد النَّاس، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن عَبدة عَن هِشَام بن عُرْوَة ... إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: ( وَفِي الْبَيْت مخنث) ، واسْمه هيت بِكَسْر الْهَاء وَإِسْكَان الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَقيل: هنب، بالنُّون وَالْبَاء الْمُوَحدَة.
قَوْله: ( ل عبد الله) هُوَ ابْن أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة أَخُو أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، وَأمه عَاتِكَة بنت عبد الْمطلب بن هَاشم، أسلم وَحسن إِسْلَامه وَشهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فتح مَكَّة مُسلما وَشهد حنيناً والطائف وَرمي يَوْم الطَّائِف بِسَهْم فَقتل وَمَات يومئذٍ،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: هُوَ المخنث الَّذِي قَالَ فِي بَيت أم سَلمَة: يَا عبد الله إِن فتح الله عَلَيْكُم الطَّائِف غَدا فَإِنِّي أدلك على بنت غيلَان ... الحَدِيث.
قَوْله: ( بنت غيلَان) بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وإسمها بادية ضد الْحَاضِرَة وَقيل: بادنة من الْبدن.
قَوْله: ( تقبل بِأَرْبَع) أَي: بِأَرْبَع عُكَن جمع عكنة وَهِي الطي الَّذِي بالبطن من السّمن، أَي: ل هَا أَربع عُكَن تقبل بِهن من كل نَاحيَة اثْنَتَانِ وَلكُل وَاحِدَة طرفان، فَإِذا أَدْبَرت صَارَت الْأَطْرَاف ثَمَانِيَة، وَإِنَّمَا قَالَ: ثَمَان، مَعَ أَن مميزه هُوَ الْأَطْرَاف مُذَكّر لِأَنَّهُ إِذا لم يكن الْمُمَيز مَذْكُورا جَازَ فِي الْعدَد التَّذْكِير والتأنيث.
قَوْله: ( لَا يدخلن هَؤُلَاءِ) قَالَ بَعضهم بِضَم أَوله وَتَشْديد النُّون.
قلت: ل يس كَذَلِك، بل بِفَتْح الْيَاء وَالنُّون فِيهِ مُخَفّفَة، ويروى مثقلة: وَهَؤُلَاء، فَاعله.
قَوْله: ( عليكن) خطاب للنِّسَاء، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي: عَلَيْكُم، بِصِيغَة جمع الْمُذكر فَإِن صحت فوجهه أَن يكون هُنَاكَ صبيان وصفان فَجمع جمع الْمُذكر بطرِيق التغليب.

قَالَ أبُو عَبْدِ الله: تُقْبِلُ بأرْبَعِ وتُدْبِرُ، يَعْنِي: أرْبَعَ عُكَنِ بَطْنِها فَهْيَ تُقْبَلُ بِهِنَّ.
وقَوْلَهُ: وتُدْبِرُ بِثَمان، يَعْنِي أطْرَافَ هاذِهِ العُكَنِ الأرْبَعِ لأنَّها مُحِيطَةٌ بالجَنْبَيْنِ حَتَّى لَحَقَتْ، وإنَّما قَالَ: بِثَمان، وَلَمْ يَقُلْ بِثَمَانِيَةٍ وَواحِدُ الأطْرَفٌ طَرَفٌ وَهْوَ ذَكَرٌ ل أنَّهُ لَمْ يَقُلْ: ثَمانِيَةَ أطْرافٍ.