فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة

(بابٌُ إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وأُقِيمتِ الصَّلاَةُ)

أَي: هَذَا بابُُ ترْجم فِيهِ إِذا حضر الطَّعَام وأقيمت الصَّلَاة، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف، تَقْدِيره: يقدم الطَّعَام على الصَّلَاة، وَإِنَّمَا لم يذكر الْجَواب تَنْبِيها على أَن الحكم بِالنَّفْيِ أَو بالإثبات غير مجزوم بِهِ لقُوَّة الْخلاف فِيهِ.

وكانَ ابنُ عُمَرَ يَبْدَأُ بِالعِشَاءِ
هَذَا الْأَثر يبين أَن جَوَاب: إِذا، فِي التَّرْجَمَة الْإِثْبَات، وَفِيه الْمُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة، وَهَذَا الْأَثر مَذْكُور فِي الْبابُُ بِمَعْنَاهُ مُسْندًا قَرِيبا حَيْثُ قَالَ: (وَكَانَ ابْن عمر يوضع لَهُ الطَّعَام وتقام الصَّلَاة فَلَا يَأْتِيهَا حَتَّى يفرغ وَإنَّهُ ليسمع قِرَاءَة الإِمَام) .
وَفِي (سنَن ابْن مَاجَه) من طَرِيق صَحِيح: وتعشى ابْن عمر لَيْلَة وَهُوَ ليسمع الْإِقَامَة، و: الْعشَاء، بِفَتْح الْعين وبالمد: الطَّعَام بِعَيْنِه، وَهُوَ خلاف الْغَدَاء.

وَقَالَ أبُو الدَّرْدَاءِ مِنْ فِقْهِ المَرْءِ إقْبَالُهُ عَلَى حاجَتِهِ حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلاَتِهِ وقَلْبُهُ فارِغٌ
هَذَا الْأَثر مثل ذَلِك فِي بَيَان جَوَاب: إِذا، فِي التَّرْجَمَة.
وَفِيه الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة، لِأَن معنى قَوْله: (إقباله على حَاجته) أَعم من إقباله إِلَى الطَّعَام إِذا حضر، وَمن قَضَاء حَاجَة نَفسه إِذا دَعَتْهُ إِلَيْهِ.
قَوْله: (وَقَلبه فارغ) أَي: من الشواغل الدنياوية ليقف بَين يَدي الرب، عز وَجل، على أكمل حَال.
وَهَذَا الْأَثر وَصله عبد الله بن الْمُبَارك فِي (كتاب الزّهْد) .
وَأخرجه مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي (كتاب تَعْظِيم قدر الصَّلَاة) من طَرِيق ابْن الْمُبَارك.



[ قــ :651 ... غــ :671 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قالَ حدَّثنا يَحْيَى عنْ هِشَامٍ قَالَ حدَّثني أبي قَالَ سَمِعْتُ عائِشةَ عنِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ قَالَ إذَا وُضِعَ العَشَاءُ وأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فابْدَؤا بِالعِشَاءِ (الحَدِيث 671 طرفه فِي: 5465) .


مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا.

وَرِجَاله تقدمُوا غير مرّة، وَيحيى هُوَ: ابْن سعيد الْقطَّان، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِذا وضع) وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن ابْن نمير وَحَفْص ووكيع بِلَفْظ: (إِذا حضر) ، وَكَذَا فِي رِوَايَة السرّاج من طَرِيق يحيى بن سعيد الْأمَوِي عَن هِشَام بن عُرْوَة.
(إِذا حضر) ، وَلَكِن الَّذين رَوَوْهُ بِلَفْظ: (إِذا وضع) أَكثر، قَالَه الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَالْفرق بَين اللَّفْظَيْنِ أَن الْحُضُور أَعم من الْوَضع، فَيحمل قَوْله: (حضر) أَي: بَين يَدَيْهِ، لتتفق الرِّوَايَتَانِ لِاتِّحَاد الْمخْرج.
وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أنس الْآتِي بعده بِلَفْظ: (إِذا قدم الْعشَاء) ، وَلمُسلم: (إِذا قرب) ، وعَلى هَذَا فَلَا يناط الحكم بِمَا اذا حضر الْعشَاء، لكنه لم يقرب للْأَكْل كَمَا لَو لم يفرغ، وَنَحْوه.
قَوْله: (وإقيمت الصَّلَاة) ، قيل: الْألف وَاللَّام فيهمَا للْعهد، وَهِي: الْمغرب.
لقَوْله: (فابدأوا بالعشاء) ، وَيُؤَيّد هَذَا مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: (فابدأوا بِهِ قبل أَن تصلوا الْمغرب) .
والْحَدِيث يُفَسر بعضه بَعْضًا.
وَقيل: الْألف وَاللَّام فِيهِ للاستغراق نظرا إِلَى الْعلَّة وَهِي التشويش المفضي إِلَى ترك الْخُشُوع، وَذكر الْمغرب لَا يَقْتَضِي الْحصْر فِيهَا، لِأَن الجائع غير الصَّائِم قد يكون أشوق إِلَى الْأكل من الصَّائِم.
قَوْله: ((فابدأوا) اخْتلفُوا فِي هَذَا الْأَمر، فالجمهور على أَنه للنَّدْب.
وَقيل: للْوُجُوب، وَبِه قَالَت الظَّاهِرِيَّة، وَقَالُوا: لَا يجوز لأحد حضر طَعَامه بَين يَدَيْهِ وَسمع الْإِقَامَة أَن يبْدَأ بِالصَّلَاةِ قبل الْعشَاء، فَإِن فعل فَصلَاته بَاطِلَة، وَالْجُمْهُور على الصِّحَّة وعَلى عدم الْإِقَامَة.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ النَّوَوِيّ: فِي هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي وَردت فِي هَذَا الْبابُُ كَرَاهَة للصَّلَاة بِحَضْرَة الطَّعَام الَّذِي يُرِيد أكله، لما فِيهِ من اشْتِغَال الْقلب وَذَهَاب كَمَال الْخُشُوع، وَهَذِه الْكَرَاهَة إِذا صلى كَذَلِك، وَفِي الْوَقْت سَعَة فَإِن ضَاقَ بِحَيْثُ لَو أكل خرج الْوَقْت لَا يجوز تَأْخِير الصَّلَاة.
ولأصحابنا وَجه: أَنه يَأْكُل وَإِن خرج الْوَقْت، لِأَن الْمَقْصُود من الصَّلَاة الْخُشُوع فَلَا يفوتهُ.
وَفِيه: دَلِيل على امتداد وق الْمغرب، وعَلى أَنه يَأْكُل حَاجته من الْأكل بِكَمَالِهِ.
.

     وَقَالَ  فِي (شرح السّنة) : الِابْتِدَاء بِالطَّعَامِ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذا كَانَت نَفسه شَدِيدَة التوقان إِلَى الْأكل، وَكَانَ فِي الْوَقْت سَعَة، وإلاّ فَيبْدَأ بِالصَّلَاةِ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يحتز من كتف شَاة، فدعي إِلَى الصَّلَاة فألقاها وَقَامَ يُصَلِّي.
.

     وَقَالَ  أَحْمد بن حَنْبَل: يؤول هَذَا الحَدِيث أَعنِي حَدِيث الحز من كتف شَاة بِأَن من شرع فِي الْأكل ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة أَنه يقوم إِلَى الصَّلَاة وَلَا يتمادى فِي الْأكل، لِأَنَّهُ قد أَخذ مِنْهُ مَا يمنعهُ من شغل البال، وَإِنَّمَا الَّذِي أَمر بِالْأَكْلِ قبل الصَّلَاة من لم يكن بَدَأَ بِهِ لِئَلَّا يشْتَغل باله بِهِ.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: وَيرد هَذَا التَّأْوِيل حَدِيث ابْن عَمْرو: لَا يعجل حَتَّى يقْضِي حَاجته.
انْتهى.
قيل لَا رد عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يَقُول: أَنه قد قضى حَاجته، كَمَا فِي الحَدِيث، إِذْ لَيْسَ من شَرطه أَنه يَسْتَوْفِي أكل الْكَتف لَا سِيمَا قلَّة أكله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنه يَكْتَفِي بحزة وَاحِدَة، وَلَكِن لقَائِل أَن يَقُول: لَيست الصَّلَاة الَّتِي دعِي إِلَيْهَا فِي حَدِيث عَمْرو بن أُميَّة، وَهُوَ حَدِيث الحز من كتف الشَّاة، أَنَّهَا الْمغرب، وَإِذا ثَبت ذَلِك زَالَ مَا يؤول بِهِ.
وَفِي (التَّوْضِيح) : وَاخْتلف الْعلمَاء فِي تَأْوِيل هَذِه الْأَحَادِيث، فَذكر ابْن الْمُنْذر أَنه قَالَ بظاهرها عمر بن الْخطاب وَابْنه عبد الله، وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَأحمد وَإِسْحَاق، وَأَصله: شغل الْقلب وَذَهَاب كَمَال الْخُشُوع.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: يبْدَأ بالعشاء إِذا كَانَت نَفسه شَدِيدَة التوقان إِلَيْهِ، فَإِن لم يكن كَذَلِك ترك الْعشَاء، وإتيان الصَّلَاة أحب إِلَيّ.
وَذكر ابْن حبيب مثل مَعْنَاهُ،.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر، عَن مَالك: يبْدَأ بِالصَّلَاةِ إلاّ أَن يكون طَعَاما خَفِيفا.
وَفِي الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ حميد: كُنَّا عِنْد أنس، فَأذن بالمغرب، فَقَالَ أنس: ابدأوا بالعشاء، وَكَانَ عشاؤه خَفِيفا.
.

     وَقَالَ  بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي: لَا يُصَلِّي بِحَال، بل يَأْكُل وَإِن خرج الْوَقْت، وَالصَّوَاب خِلَافه،.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: وَقد ظن قوم أَن هَذَا من بابُُ تَقْدِيم حَظّ العَبْد على حق الْحق، عز وَجل، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ صِيَانة لحق الْحق ليدْخل الْعِبَادَة بقلوب غير مَشْغُولَة.
فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تُؤخر الصَّلَاة لطعام وَلَا لغيره) .
قلت: هَذَا حَدِيث ضَعِيف، فبالضعيف لَا يعْتَرض على الصَّحِيح، وَلَئِن سلمنَا صِحَّته فَلهُ معنى غير معنى الآخر، بِمَعْنى إِذا وَجَبت لَا تُؤخر، وَإِذا كَانَ الْوَقْت بَاقِيا يبْدَأ بالعشاء فَاجْتمع مَعْنَاهُمَا وَلم يتهاترا.





[ قــ :65 ... غــ :67 ]
- حدَّثنا يحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ أنَس بنِ مالِكٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إذَا قُدِّمَ العَشَاءُ فَابْدَؤوا بِهِ قَبْلَ أنْ تُصَلوا صَلاَةَ المَغْرِبِ وَلاَ تَعْجَلُوا عنْ عَشَائِكُمْ.
( الحَدِيث 67 طرفه فِي: 5463) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لَكِن التَّرْجَمَة أَعم مِنْهُ وَهُوَ يَشْمَل الْمغرب وَغَيرهَا.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة تكَرر ذكرهم، وَاللَّيْث: هُوَ ابْن سعد، وَعقيل، بِضَم الْعين: هُوَ ابْن خَالِد، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: عَن عقيل، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: حَدثنِي عقيل وَفِيه.
: ابْن شهَاب عَن أنس، وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَخْبرنِي أنس.
وَفِيه: شيخ البُخَارِيّ مَنْسُوب إِلَى جده وَهُوَ: يحيى بن عبد الله ابْن بكير.
وَفِيه: الِاثْنَان الْأَوَّلَانِ مصريان، وَالثَّالِث إيلي، وَابْن شهَاب مدنِي.

وَأخرجه البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع أخر، وَلمُسلم: ( إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة وَالْعشَاء فابدأوا بالعشاء) .

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( إِذا قدم الْعشَاء) ، زَاد ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) من رِوَايَة مُوسَى بن أعين: عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن ابْن شهَاب: ( وأحدكم صَائِم) .
وَقد أخرج مُسلم من طَرِيق ابْن وهب عَن عَمْرو بِدُونِ هَذِه الزِّيَادَة، وَذكر الطَّبَرَانِيّ أَن مُوسَى بن أعين تفرد بهَا.
قلت: مُوسَى ثِقَة مُتَّفق عَلَيْهِ، وَلما ذكر الدَّارَقُطْنِيّ هَذِه الزِّيَادَة قَالَ: وَلَو لم تصح هَذِه الزِّيَادَة لَكَانَ مَعْلُوما من قَاعِدَة الشَّرْع الْأَمر بِحُضُور الْقلب فِي الصَّلَاة والإقبال عَلَيْهَا.
قَوْله: ( وَلَا تعجلوا) ، بِفَتْح التَّاء وَالْجِيم، من الثلاثي، ويروى: بِضَم التَّاء وَكسر الْجِيم، من الْأَفْعَال.





[ قــ :653 ... غــ :673 ]
- حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ أبِي أُسَامَةَ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رسولْ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا وُضِعَ عَشَاءُ أحَدِكُمْ وأُقِيمَتِ الصَّلاةُ فابْدَؤا بالعَشَاءِ ولاَ يَعْجَلْ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْهُ.
وكانَ ابنُ عُمَرَ يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ وتُقَامُ الصَّلاَةُ فَلاَ يَأتِيهَا حَتَّى يَفْرَغَ وإنَّهُ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإمَام.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبيد بن إِسْمَاعِيل الْهَبَّاري الْقرشِي الْكُوفِي، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَعبيد الله بتصغير العَبْد ابْن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب.

وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، وَالْبَاقِي عنعنة.

وَأخرجه مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.

قَوْله: ( وَلَا يعجل) ، الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الْأَحَد فِي: أحدكُم، قَالَ الطَّيِّبِيّ: الْأَحَد إِذا كَانَ فِي سِيَاق النَّفْي يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد وَالْجمع، وَفِي الحَدِيث فِي سِيَاق الْإِثْبَات، فَكيف وَجه الْأَمر إِلَيْهِ تَارَة بِالْجمعِ وَأُخْرَى بِالْإِفْرَادِ؟ فَأجَاب: بِأَنَّهُ جمع نظرا إِلَى لفظ: كم، وأفرد نظرا إِلَى لفظ الْأَحَد، وَالْمعْنَى: إِذا وضع عشَاء أحدكُم فابدأوا انتم بالعشاء، وَلَا يعجل هُوَ حَتَّى يفرغ مَعكُمْ مِنْهُ.
قَوْله: ( وَكَانَ ابْن عمر) ، هُوَ مَوْصُول عطفا على الْمَرْفُوع، وَقد رَوَاهُ السراج من طَرِيق يحيى بن سعيد عَن عبد الله عَن نَافِع فَذكر الْمَرْفُوع، ثمَّ قَالَ: قَالَ نَافِع: وَكَانَ ابْن عمر إِذا حضر عشاؤه وَسمع الْإِقَامَة وَقِرَاءَة الإِمَام لم يقم حَتَّى يفرغ.
قَوْله: ( وَإنَّهُ يسمع) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( ليسمع) ، بلام التَّأْكِيد فِي أَوله.





[ قــ :653 ... غــ :674 ]
- حدَّثنا وقالَ زُهَيْرٌ ووَهَبُ بنُ عُثْمَانَ عَن مُوسَى بنِ عُقْبَةِ عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كانَ أحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَلاَ يَعْجَلْ حَتَّى يَقْضِي حاجَتَهُ مِنْهُ وإنْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ.
( انْظُر الحَدِيث 673 وطرفه) .


زُهَيْر، بِضَم الزَّاي: هُوَ ابْن مُعَاوِيَة الْجعْفِيّ، ووهب عطف عَلَيْهِ.
قَوْله: ( عَن مُوسَى بن عقبَة) يَعْنِي: يرويان عَن مُوسَى عَن نَافِع إِلَى آخِره، وَهَذَا تَعْلِيق من البُخَارِيّ، وَزعم الْحميدِي فِي كِتَابه ( الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ) : أَن الشَّيْخَيْنِ خرجاه من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة غير صَوَاب، لِأَن البُخَارِيّ علقه كَمَا ترى.
وَأما مُسلم فَإِنَّهُ خرجه فِي ( صَحِيحه) عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أنس بن عِيَاض عَن مُوسَى، وَطَرِيق زُهَيْر الْمَذْكُورَة وَصلهَا أَبُو عوَانَة فِي ( مستخرجه) .

قالَ أبُو عَبْدِ الله رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ عنْ وَهَبِ بنِ عُثْمَانَ وَوَهْبٌ مَدِينِيٌّ
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر عَن وهب بن عُثْمَان، وَإِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر من شُيُوخ البُخَارِيّ، وَمن أَفْرَاده، ووهب بن عُثْمَان اسْتشْهد بِهِ البُخَارِيّ هَهُنَا، وَرَوَاهُ عَن مُوسَى بن عقبَة أَيْضا حَفْص بن ميسرَة وَأَيْضًا أخرجه الْبَيْهَقِيّ.
قَوْله: ( ووهب مديني) ، بِكَسْر الدَّال، ويروى: مدنِي، بِفَتْحِهَا، وَكِلَاهُمَا نِسْبَة إِلَى مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، غير أَن الْقيَاس فتح الدَّال كَمَا يُقَال فِي النِّسْبَة إِلَى ربيعَة: ربعي، وَإِلَى جذيمة: جذمي.
فَإِن قلت: مَا فَائِدَة ذكر البُخَارِيّ نِسْبَة وهب بقوله مديني أَو مدنِي؟ قلت: لم يظْهر لي شَيْء يجدي إلاَّ أَنه أَشَارَ إِلَى أَنه مديني، كَمَا أَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الَّذِي روى عَنهُ مدنِي أَيْضا.