فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب المساجد في البيوت

( بابُُ المَسَاجِدِ فِي البُيُوتِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز اتِّخَاذ الْمَسَاجِد فِي الْبيُوت، هَذَا الْبابُُ وَالَّذِي قبله فِي الْحَقِيقَة بابُُ وَاحِد لِأَن للْبُخَارِيّ حَدِيثا وَاحِدًا عَن عتْبَان، وَإِنَّمَا أخرجه فِي عدَّة مَوَاضِع كَمَا ذكرنَا مفرقاً مطولا ومختصراً لأجل التراجم.

وَصَلَّى البَرَاءُ بنُ عازِبٍ فِي مَسْجِدِهِ فِي دَارِهِ فِي جَمَاعَةٍ
هَذَا تَعْلِيق روى مَعْنَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي قصَّة.
قَوْله: ( فِي جمَاعَة) هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: ( جمَاعَة) بِدُونِ كلمة: فِي، مَنْصُوبَة.



[ قــ :417 ... غــ :425]
- ( حَدثنَا سعيد بن عفير قَالَ حَدثنِي اللَّيْث قَالَ حَدثنِي عقيل عَن ابْن شهَاب قَالَ أَخْبرنِي مَحْمُود بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ أَن عتْبَان بن مَالك وَهُوَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِمَّن شهد بَدْرًا من الْأَنْصَار أَنه أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا رَسُول الله قد أنْكرت بَصرِي وَأَنا أُصَلِّي لقومي فَإِذا كَانَت الأمطار سَالَ الْوَادي الَّذِي بيني وَبينهمْ لم أستطع أَن آتِي مَسْجِدهمْ فأصلي بهم ووددت يَا رَسُول الله أَنَّك تَأتِينِي فَتُصَلِّي فِي بَيْتِي فأتخذه مصلى قَالَ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سأفعل إِن شَاءَ الله قَالَ عتْبَان فغدا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر حِين ارْتَفع النَّهَار فَاسْتَأْذن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَذنت لَهُ فَلم يجلس حِين دخل الْبَيْت ثمَّ قَالَ أَيْن تحب أَن أُصَلِّي من بَيْتك قَالَ فأشرت لَهُ إِلَى نَاحيَة من الْبَيْت فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكبر فقمنا فصفنا فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم قَالَ وحبسناه على خزيرة صنعناها لَهُ قَالَ فَثَابَ فِي الْبَيْت رجال من أهل الدَّار ذَوُو عدد فَاجْتمعُوا فَقَالَ قَائِل مِنْهُم أَيْن مَالك بن الدخيشن أَو ابْن الدخشن فَقَالَ بَعضهم ذَلِك مُنَافِق لَا يحب الله وَرَسُوله فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تقل ذَلِك أَلا ترَاهُ قد قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يُرِيد بذلك وَجه الله قَالَ الله وَرَسُوله أعلم قَالَ فَإنَّا نرى وَجهه ونصيحته إِلَى الْمُنَافِقين قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِن الله قد حرم على النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يَبْتَغِي بذلك وَجه الله قَالَ ابْن شهَاب ثمَّ سَأَلت الْحصين بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ وَهُوَ أحد بني سَالم وَهُوَ من سراتهم عَن حَدِيث مَحْمُود بن الرّبيع فَصدقهُ بذلك) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
( ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة سعيد بن عفير بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء وَهُوَ سعيد بن كثير بن عفير الْمصْرِيّ وَاللَّيْث بن سعد الْمصْرِيّ وَعقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد الْأَيْلِي وَمُحَمّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين وَفِيه الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين مصري وأيلي ومدني وَفِيه رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ ( فَإِن قلت) من قَوْله أَن عتْبَان بن مَالك إِلَى قَوْله قَالَ عتْبَان من رِوَايَة مَحْمُود بن الرّبيع بِغَيْر وَاسِطَة فَيكون هَذَا الْقدر مُرْسلا فَلَا يكون رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ وَمن هَذَا قَالَ الْكرْمَانِي الظَّاهِر أَنه مُرْسل لِأَنَّهُ لَا جزم أَن مَحْمُودًا سمع من عتْبَان وَلَا أَنه رأى بِعَيْنِه ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرا عِنْد وَفَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ( قلت) قد وَقع تصريحه بِالسَّمَاعِ عِنْد البُخَارِيّ من طَرِيق معمر وَمن طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد كَمَا مر فِي الْبابُُ الْمَاضِي وَوَقع التَّصْرِيح بِالتَّحْدِيثِ أَيْضا بَين عتْبَان ومحمود من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن ابْن شهَاب عِنْد أبي عوَانَة فَتكون رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ فَيحمل قَوْله قَالَ عتْبَان على أَن مَحْمُودًا أعَاد اسْم شَيْخه اهتماما بذلك لطول الحَدِيث وَقد ذكرنَا تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَن عتْبَان بن مَالك " ظَاهره الْإِرْسَال وَقد حققناه الْآن وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قَالَ حَدثنَا فلَان أَن فلَانا قَالَ كَذَا أَو فعل كَذَا فَقَالَ الإِمَام أَحْمد وَجَمَاعَة يكون مُنْقَطِعًا حَتَّى يتَبَيَّن السماع.

     وَقَالَ  الْجُمْهُور هُوَ كعن مَحْمُول على السماع بِشَرْط أَن يكون الرَّاوِي غير مُدَلّس وبشرط ثُبُوت اللِّقَاء على الْأَصَح قَوْله " مِمَّن شهد بَدْرًا من الْأَنْصَار " وَفَائِدَة ذكر قَوْله من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَقْوِيَة الرِّوَايَة وتعظيمه والافتخار والتلذذ بِهِ وَإِلَّا كَانَ هُوَ مَشْهُورا بذلك أَو غَرَضه تَعْرِيف الْجَاهِل بِهِ قَوْله " أَن عتْبَان بن مَالك " فِي مَحل النصب على أَنه مفعول ثَان لقَوْله أَخْبرنِي قَوْله " أَنه أَتَى " بدل من أَن عتْبَان وَفِي رِوَايَة ثَابت عَن أنس عَن عتْبَان ( فَإِن قلت) جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم أَنه بعث إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يطْلب مِنْهُ ذَلِك فَمَا وَجه الرِّوَايَتَيْنِ ( قلت) يحْتَمل أَن يكون جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَفسِهِ مرّة وَبعث إِلَيْهِ رَسُوله مرّة أُخْرَى لأجل التَّذْكِير.

     وَقَالَ  بَعضهم يحْتَمل أَن يكون نسب إتْيَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى نَفسه مجَازًا ( قلت) الأَصْل الْحَقِيقَة وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أبي أويس عَن ابْن شهَاب بِسَنَدِهِ أَنه قَالَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم جُمُعَة لَو أتيتني يَا رَسُول الله وَفِيه أَنه أَتَاهُ يَوْم السبت قَوْله " قد أنْكرت بَصرِي " يحْتَمل مَعْنيين الْعَمى أَو ضعف الإبصار وَفِي رِوَايَة مُسلم " لما سَاءَ بَصرِي " وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " جعل بَصرِي يكل " وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لمُسلم من طَرِيق سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت أصابني فِي بَصرِي بعض الشَّيْء وكل ذَلِك يدل على أَنه لم يكن بلغ الْعَمى وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فِي بابُُ الرُّخْصَة فِي الْمَطَر من طَرِيق مَالك عَن ابْن شهَاب فَقَالَ فِيهِ " أَن عتْبَان كَانَ يؤم قومه وَهُوَ أعمى وَأَنه قَالَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا تكون الظلمَة والسيل وَأَنا رجل ضَرِير الْبَصَر " ( فَإِن قلت) بَين هَذِه الرِّوَايَة وَالرِّوَايَات الَّتِي تقدّمت تعَارض ظَاهرا ( قلت) لَا مُعَارضَة فِيهَا لِأَنَّهُ أطلق عَلَيْهِ الْعَمى فِي هَذِه الرِّوَايَة لقُرْبه مِنْهُ وَكَانَ قد قرب من الْعَمى بِالْكُلِّيَّةِ وَالشَّيْء إِذا قرب من الشَّيْء يَأْخُذ حكمه قَوْله " وَأَنا أُصَلِّي لقومي " أَي لأجلهم وَالْمعْنَى أَنه كَانَ يؤمهم وَصرح بذلك أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن سعد قَوْله " فَإِذا كَانَت الأمطار " أَي فَإِذا وجدت وَكَانَت تَامَّة فَلذَلِك لَيْسَ لَهَا خبر قَوْله " سَالَ الْوَادي " من قبيل إِطْلَاق اسْم الْمحل على الْحَال أَي سَالَ مَاء الْوَادي قَوْله " بيني وَبينهمْ " وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " يسيل الْوَادي الَّذِي بيني وَبَين مَسْجِد قومِي فيحول بيني وَبَين الصَّلَاة مَعَهم " قَوْله " فأصلي بهم " بِالنّصب عطف على قَوْله " أَن آتِي " ويروى لَهُم بدل بهم قَوْله " ووددت " بِكَسْر الدَّال قَالَه ثَعْلَب وَمَعْنَاهُ تمنيت وَفِي الْجَامِع للقزاز وَحكى الْفراء عَن الْكسَائي وددت بِالْفَتْح وَلم يحكها غَيره والمصدر ود فيهمَا وَيُقَال فِي الْمصدر الود والود والوداد والوداد وَالْكَسْر أَكثر والودادة والودادة قَوْله " وَجَاء مَوَدَّة " حَكَاهُ مكي فِي شَرحه.

     وَقَالَ  اليزيدي فِي نوادره لَيْسَ فِي شَيْء من الْعَرَبيَّة وددت مَفْتُوحَة قَوْله " فَتُصَلِّي " بِسُكُون الْيَاء وَيجوز النصب لوُقُوع الْفَاء بعد التَّمَنِّي قَوْله " فاتخذه " بِالرَّفْع وَبِالنَّصبِ أَيْضا لِأَن الْفَاء وَقعت بعد التَّمَنِّي الْمُسْتَفَاد من الودادة قَوْله " إِن شَاءَ الله " تَعْلِيق بِمَشِيئَة الله عملا بقوله تَعَالَى { وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله} قَالَ الْكرْمَانِي وَلَيْسَ لمُجَرّد التَّبَرُّك إِذْ مَحل اسْتِعْمَاله إِنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ مَجْزُومًا بِهِ ( قلت) يجوز أَن يكون للتبرك لِأَن اطِّلَاعه بِالْوَحْي على الْجَزْم بِأَنَّهُ سيقع غير مستبعد فِي حَقه قَوْله " فغدا على " زَاد الْإِسْمَاعِيلِيّ " بالغد " وللطبراني من طَرِيق أبي أويس أَن السُّؤَال وَقع يَوْم الْجُمُعَة والتوجه إِلَيْهِ وَقع يَوْم السبت على مَا ذكرنَا قَوْله " وَأَبُو بكر " لم يذكر جُمْهُور الروَاة عَن ابْن شهَاب غَيره حَتَّى أَن فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ " فَاسْتَأْذَنا فَأَذنت لَهما " لَكِن فِي رِوَايَة أبي أويس وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق أنس عَن عتْبَان " فَأَتَانِي وَمن شَاءَ الله تَعَالَى من أَصْحَابه " وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من وَجه آخر عَن أنس " فِي نفر من أَصْحَابه " ( فَإِن قلت) مَا التَّوْفِيق بَين هَذِه الرِّوَايَات ( قلت) هُوَ أَن أَبَا بكر كَانَ مَعَه فِي ابْتِدَاء توجهه ثمَّ عِنْد الدُّخُول أَو قبله بِقَلِيل اجْتمع عمر وَغَيره من أَصْحَابه فَدَخَلُوا مَعَه قَوْله " فَلم يجلس حِين دخل " وَفِي رِوَايَة الْكشميهني " حَتَّى دخل " قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم زعم بَعضهم أَن حَتَّى غلط وَلَيْسَ بغلط إِذْ مَعْنَاهُ لم يجلس فِي الدَّار وَلَا فِي غَيرهَا حَتَّى دخل الْبَيْت مبادرا إِلَى قَضَاء حَاجته الَّتِي طلبَهَا مِنْهُ وَجَاء بِسَبَبِهَا وَهِي الصَّلَاة فِي بَيته وَفِي رِوَايَة يَعْقُوب عِنْد البُخَارِيّ وَعند الطَّيَالِسِيّ أَيْضا " فَلَمَّا دخل لم يجلس حَتَّى قَالَ أَيْن تحب " وَكَذَا الْإِسْمَاعِيلِيّ من وَجه آخر ( قلت) إِنَّمَا يتَعَيَّن كَون رِوَايَة الْكشميهني غَلطا إِذا لم يكن لعتبان دَار فِيهَا بيُوت وَأما إِذا كَانَت لَهُ دَار فَلَا يتَعَيَّن قَوْله " فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكبر " هَذَا يدل على أَنه حِين دخل الْبَيْت جلس ثمَّ قَامَ فَكبر للصَّلَاة وَبَينه وَبَين مَا قبله تعَارض وَدفعه يُمكن بِأَن يُقَال لما دخل قبل أَن يجلس قَالَ أَيْن تحب وَيحْتَمل أَنه جلس بعده جُلُوسًا مَا ثمَّ قَامَ فَكبر ( فَإِن قلت) حَدِيث مليكَة فِي بابُُ الصَّلَاة على الْحَصِير " بَدَأَ بِالْأَكْلِ ثمَّ صلى " وَهَهُنَا " صلى ثمَّ أكل " فَمَا الْفرق بَينهمَا ( قلت) كَانَ دُعَاء عتْبَان النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للصَّلَاة وَدعَاهُ مليكَة كَانَ للطعام فَفِي كل وَاحِد من الْمَوْضِعَيْنِ بَدَأَ بالأهم وَهُوَ مَا دعِي إِلَيْهِ قَوْله " أَن أُصَلِّي من بَيْتك " كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَعند جُمْهُور الروَاة من الزُّهْرِيّ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده " أَن أُصَلِّي فِي بَيْتك " ( فَإِن قلت) مَا معنى " من بَيْتك " وأصل من للابتداء ( قلت) الْحُرُوف يَنُوب بَعْضهَا عَن بعض فَمن هَهُنَا بِمَعْنى فِي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { أروني مَاذَا خلقُوا من الأَرْض} { إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة} قَوْله " وحبسناه " أَي منعناه عَن الرُّجُوع قَوْله " على خزيرة " بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الزَّاي وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الرَّاء فِي آخِره هَاء قَالَ ابْن سَيّده هِيَ اللَّحْم الغاث بالثاء الْمُثَلَّثَة أَي المهزول يُؤْخَذ فَيقطع صغَارًا ثمَّ يطْبخ بِالْمَاءِ فَإِذا أميت طبخا ذَر عَلَيْهِ الدَّقِيق فعصد بِهِ ثمَّ أَدَم بِأَيّ أدام بِشَيْء وَلَا تكون الخزيرة إِلَّا وفيهَا لحم وَقيل هِيَ ثَلَاثَة النخالة تصفى ثمَّ تطبخ وَقيل الخزيرة والخزير الحساء من الدسم والدقيق عَن أبي الْهَيْثَم إِذا كَانَ من دَقِيق فَهِيَ خزيرة وَإِذا كَانَ من نخالة فَهِيَ حَرِير بالمهملات وَفِي الجمهرة لِابْنِ دُرَيْد الخزير دَقِيق يلبك بشحم كَانَت الْعَرَب تعير بِأَكْلِهِ وَفِي مَوضِع يعير بِهِ بَنو مجاشع قَالَ والخزيرة السخينة.

     وَقَالَ  الْفَارِسِي أَكثر هَذَا الْبابُُ على فعيلة لِأَنَّهُ فِي معنى مفعول وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عِنْد مُسلم " على جشيشة " بجيم ومعجمتين قَالَ أهل اللُّغَة هِيَ أَن تطحن الْحِنْطَة قَلِيلا ثمَّ يلقى فِيهَا شَحم أَو غَيره وَفِي الْمطَالع أَنَّهَا رويت فِي الصَّحِيحَيْنِ بخاء ورائين مهملات وَحكى البُخَارِيّ فِي الْأَطْعِمَة عَن النَّضر أَنه تصنع من اللَّبن قَوْله " فَثَابَ فِي الْبَيْت رجال " بالثاء الْمُثَلَّثَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة أَي اجْتَمعُوا وَجَاءُوا يُقَال ثاب الرجل إِذا رَجَعَ بعد ذَهَابه.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده ثاب الشَّيْء ثوبا وثؤبا رَجَعَ وثاب جِسْمه ثوبانا أقبل.

     وَقَالَ  الْخَلِيل المثابة مُجْتَمع النَّاس بعد افتراقهم وَمِنْه قيل للبيت مثابة قَوْله " من أهل الدَّار " أَي من أهل الْمحلة كَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " خير دور الْأَنْصَار دَار بني النجار " أَي محلتهم وَالْمرَاد أَهلهَا وَيُقَال الدَّار الْقَبِيلَة أَيْضا وَإِنَّمَا جَاءُوا لسماعهم بقدوم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " فَقَالَ قَائِل مِنْهُم " لم يسم هَذَا الْقَائِل قَوْله " مَالك بن الدخيشين " بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره نون قَوْله " أَو ابْن الدخشن " بِضَم الدَّال وَسُكُون الْخَاء وَضم الشين وَحكى كسر أَوله وَالشَّكّ فِيهِ من الرَّاوِي هَل هُوَ مصغر أم مكبر وَعند البُخَارِيّ فِي الْمُحَاربين من رِوَايَة معمر الدخشن بالنُّون مكبرا من غير شكّ وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق يُونُس وَعِنْده من طَرِيق معمر بِالشَّكِّ وَنقل الطَّبَرَانِيّ عَن أَحْمد بن صَالح أَن الصَّوَاب الدخشن بِالْمِيم وَهِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيّ وَكَذَا فِي رِوَايَة لمُسلم عَن أنس عَن عتْبَان وَكَذَا للطبراني من طَرِيق النَّضر بن أنس عَن أَبِيه قَوْله " فَقَالَ بَعضهم " قيل هُوَ عتْبَان رَاوِي الحَدِيث وَبَعْضهمْ نسب هَذَا القَوْل بِأَنَّهُ عتْبَان إِلَى ابْن عبد الْبر وَهُوَ غير ظَاهر لِأَنَّهُ قَالَ لَا يَصح عَن مَالك النِّفَاق وَقد ظهر من حسن إِسْلَامه مَا يمْنَع من اتهامه.

     وَقَالَ  أَيْضا لم يخْتَلف فِي شُهُود مَالك بَدْرًا وَهُوَ الَّذِي أسر سُهَيْل بن عَمْرو ثمَّ سَاق بِإِسْنَاد حسن عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لمن تكلم فِيهِ أَلَيْسَ قد شهد بَدْرًا " وَذكر ابْن إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث مَالِكًا هَذَا ومعن بن عدي فحرقا مَسْجِد الضرار فَدلَّ ذَلِك كُله أَنه بَرِيء مِمَّا اتهمَ بِهِ من النِّفَاق ( فَإِن قلت) إِذا كَانَ كَذَلِك فَكيف قَالَ هَذَا الْقَائِل أَنا نرى وَجهه ونصيحته لِلْمُنَافِقين ( قلت) لَعَلَّ كَانَ لَهُ عذر فِي ذَلِك كَمَا كَانَ لحاطب بن أبي بلتعة وَهُوَ أَيْضا مِمَّن شهد بَدْرًا وَلَعَلَّ الَّذِي قَالَ بِالنّظرِ إِلَى الظَّاهِر أَلا ترى أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَيفَ قَالَ عِنْد قَوْله هَذَا " فَإِن الله حرم على النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يَبْتَغِي بذلك وَجه الله " وَهَذَا إِنْكَار لقَوْله هَذَا وَيجوز أَن يكون اتهامه إِيَّاه بالنفاق غير نفاق الْكفْر كَذَا قيل قَوْله " لَا تقل ذَاك " أَي القَوْل بِأَنَّهُ مُنَافِق قَوْله " أَلا ترَاهُ قد قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله " وَفِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيّ " أما يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله " وَفِي رِوَايَة مُسلم " أَلَيْسَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله " قَوْله " يُرِيد بذلك وَجه الله " أَي ذَات الله وَهَذِه شَهَادَة من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإيمانه بَاطِنا وبراءته من النِّفَاق " فَإنَّا نرى وَجهه " أَي توجهه قَوْله " ونصيحته لِلْمُنَافِقين " ويروى " إِلَى الْمُنَافِقين " وعَلى هَذِه الرِّوَايَة قَالَ الْكرْمَانِي ( فَإِن قلت) يُقَال نصحت لَهُ لَا إِلَيْهِ ثمَّ أجَاب عَنهُ بقوله قد ضمن معنى الِانْتِهَاء.

     وَقَالَ  بَعضهم الظَّاهِر أَن قَوْله " إِلَى الْمُنَافِقين " مُتَعَلق بقوله " وَجهه " فَهُوَ الَّذِي يتَعَدَّى بإلى وَأما مُتَعَلق ونصيحته فمحذوف للْعلم بِهِ ( قلت) كل مِنْهُمَا لم يمشي على قانون الْعَرَبيَّة لِأَن قَوْله " ونصيحته " عطف على قَوْله " وَجهه " دَاخل فِي حكمه لِأَنَّهُ تَابع وَكلمَة إِلَى تتَعَلَّق بقوله وَجهه وَلَا يحْتَاج إِلَى دَعْوَى حذف مُتَعَلق الْمَعْطُوف لِأَنَّهُ يَكْتَفِي فِيهِ بمتعلق الْمَعْطُوف عَلَيْهِ قَوْله " يَبْتَغِي " أَي يطْلب بذلك وَجه الله فِيهِ رد على المرجئة الغلاة الْقَائِلين بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي الْإِيمَان النُّطْق فَقَط من غير اعْتِقَاد ( فَإِن قلت) لَا بُد من مُحَمَّد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ( قلت) قَالَ الْكرْمَانِي هَذَا إِشْعَار لكلمة الشَّهَادَة بِتَمَامِهَا ( قلت) هَذَا فِي حق الْمُشرك وَأما فِي حق غَيره فَلَا بُد من ذَلِك قَوْله " فَإِن الله تَعَالَى قد حرم على النَّار " المُرَاد من التَّحْرِيم هُنَا تَحْرِيم التخليد جمعا بَينه وَبَين مَا ورد من دُخُول أهل الْمعْصِيَة فِيهَا وتوفيقا بَين الْأَدِلَّة وَعَن الزُّهْرِيّ أَنه نزلت بعد هَذَا الحَدِيث فَرَائض وَأُمُور نرى أَن الْأَمر انْتهى إِلَيْهَا وَعند الطَّبَرَانِيّ أَنه من كَلَام عتْبَان وَاعْترض ابْن الْجَوْزِيّ.

     وَقَالَ  أَن الصَّلَوَات الْخمس فرضت بِمَكَّة قبل هَذِه الْقَضِيَّة بِمدَّة وَظَاهر الحَدِيث يَقْتَضِي أَن مُجَرّد القَوْل يدْفع الْعَذَاب وَلَو ترك الصَّلَاة وَإِنَّمَا الْجَواب أَن من قَالَهَا مخلصا فَإِنَّهُ لَا يتْرك الْعَمَل بالفرائض إِذْ إخلاص القَوْل حَامِل على أَدَاء اللَّازِم أَو أَنه يحرم عَلَيْهِ خلوده فِيهَا.

     وَقَالَ  ابْن التِّين مَعْنَاهُ إِذا غفر لَهُ وَتقبل مِنْهُ أَو يكون أَرَادَ نَار الْكَافرين فَإِنَّهَا مُحرمَة على الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهَا كَمَا قَالَ الدَّاودِيّ سَبْعَة أَدْرَاك والمنافقون فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار مَعَ إِبْلِيس وَابْن آدم الَّذِي قتل أَخَاهُ قَوْله " قَالَ ابْن شهَاب " وَهُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ أحد رُوَاة الحَدِيث.

     وَقَالَ  بَعضهم أَي قَالَ ابْن شهَاب بِالْإِسْنَادِ وَوهم من قَالَ أَنه مُعَلّق ( قلت) ظَاهره التَّعْلِيق فَإِنَّهُ قَالَ قَالَ ابْن شهَاب بِدُونِ الْعَطف على مَا قبله قَوْله " ثمَّ سَأَلت الْحصين بن مُحَمَّد " وَفِي رِوَايَة الْكشميهني " ثمَّ سَأَلت بعد ذَلِك الْحصين " بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وبالصاد الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة وَهَكَذَا ضَبطه عِنْد جَمِيع الروَاة إِلَّا الْقَابِسِيّ فَإِنَّهُ ضَبطه بالضاد الْمُعْجَمَة وغلطوه فِي ذَلِك وَهُوَ الْحصين بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْمدنِي من ثِقَات التَّابِعين.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي ( فَإِن قلت) مَحْمُود كَانَ عدلا فَلم سَأَلَ الزُّهْرِيّ غَيره ( قلت) إِمَّا للتقوية ولاطمئنان الْقلب وَإِمَّا لِأَنَّهُ عرف أَنه نَقله مُرْسلا وَإِمَّا لِأَنَّهُ تحمله حَال الصِّبَا وَاخْتلف فِي قبُول المتحمل زمن الصِّبَا قَوْله " وَهُوَ من سراتهم " أَي الْحصين بن مُحَمَّد من سراة بني سَالم والسراة بِفَتْح السِّين جمع سرى.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة وَهُوَ الْمُرْتَفع الْقدر وَفِي الْمُحكم السرو الْمُرُوءَة والشرف سرو سراوة وسروا الْأَخِيرَة عَن سِيبَوَيْهٍ واللحياني وسرى سروا وسرى يسري سراء وَلم يحك اللحياني مصدر سرى إِلَّا ممدودا وَرجل سرى من قوم أسرياء وشرفاء كِلَاهُمَا عَن اللحياني والسراة اسْم للْجمع وَلَيْسَ بِجمع عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَدَلِيل ذَلِك قَوْلهم سروات وَفِي الصِّحَاح وَجمع السرى سراة وَهُوَ جمع عَزِيز أَن يجمع فعيل على فعلة وَلَا يعرف غَيره وَفِي الْجَامِع وَقَوْلهمْ فلَان سرى إِنَّمَا مَعْنَاهُ فِي كَلَام الْعَرَب الرفيع وَهُوَ سرا الرجل يسرو صَار رفيعا وَأَصله من السراة وَهُوَ من أرفع الْمَوَاضِع من ظهر الدَّابَّة وَقيل بل السراة الرَّأْس وَهُوَ أرفع الْجِسْم قَوْله " عَن حَدِيث مَحْمُود بن الرّبيع " يتَعَلَّق بقوله " سَأَلت " قَوْله " فَصدقهُ بذلك " أَي بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور وَهَذَا يحْتَمل أَن يكون الْحصين سَمعه أَيْضا من عتْبَان وَيحْتَمل أَن يكون سَمعه من صَحَابِيّ آخر وَلَيْسَ للحصين وَلَا لعتبان فِي الصَّحِيحَيْنِ سوى هَذِه الحَدِيث ( ذكر مَا يستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام والفوائد) مِنْهَا جَوَاز إِمَامَة الْأَعْمَى وَمِنْهَا جَوَاز التَّخَلُّف عَن الْجَمَاعَة للْعُذْر نَحْو الْمَطَر والظلمة أَو الْخَوْف على نَفسه وَمِنْهَا أَن فِيهِ إِخْبَار الْمَرْء عَن نَفسه بِمَا فِيهِ من عاهة وَلَيْسَ يكون من الشكوى وَمِنْهَا جَوَاز اتِّخَاذ مَوضِع معِين للصَّلَاة ( فَإِن قلت) روى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه النَّهْي إيطان مَوضِع معِين من الْمَسْجِد ( قلت) هُوَ مَحْمُول على مَا إِذا استلزم رِيَاء وَنَحْوه وَمِنْهَا أَن فِيهِ تَسْوِيَة الصُّفُوف.

     وَقَالَ  ابْن بطال فِيهِ رد على من قَالَ إِذا زار قوما فَلَا يؤمهم مستدلا بِمَا روى وَكِيع عَن أبان بن يزِيد عَن بديل بن ميسرَة عَن أبي عَطِيَّة عَن رجل مِنْهُم " كَانَ مَالك بن الْحُوَيْرِث يأتينا فِي مصلانا فَحَضَرت الصَّلَاة فَقُلْنَا لَهُ تقدم فَقَالَ لَا يتَقَدَّم بَعْضكُم فَإِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ من زار قوما فَلَا يؤمهم وليؤمهم رجل مِنْهُم " قَالَ ابْن بطال هَذَا إِسْنَاده لَيْسَ بقائم وَأَبُو عَطِيَّة مَجْهُول يروي عَن مَجْهُول وَصَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيت عتْبَان مُخَالفَة لَهُ وَكَذَا ذكره السفاقسي وَفِيه نظر فِي مَوَاضِع.
الأول رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم وَابْن مَاجَه عَن سُوَيْد عَن عبد الله وَأَبُو الْحُسَيْن الْمعلم عَن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الباغندي حَدثنَا مُحَمَّد بن أبان الوَاسِطِيّ قَالَ حَدثنَا أبان.
الثَّانِي قَوْله إِسْنَاده لَيْسَ بقائم يردهُ قَول التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن.
الثَّالِث الَّذِي فِي أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْمُصَنّف أَن أَبَا عَطِيَّة قَالَ كَانَ مَالك بن الْحُوَيْرِث يأتينا فذكروه من غير وَاسِطَة.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد أَكثر أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَغَيرهم قَالُوا صَاحب الْمنزل أَحَق بِالْإِمَامَةِ من الزائر.

     وَقَالَ  بعض أهل الْعلم إِذا أذن لَهُ فَلَا بَأْس أَن يُصَلِّي بِهِ.

     وَقَالَ  اسحق لَا يُصَلِّي أحد بِصَاحِب الْمنزل وَإِن أذن لَهُ صَاحب الْمنزل وَكَذَلِكَ صَاحب الْمنزل لَا يُصَلِّي بهم فِي الْمَسْجِد إِذا زارهم يَقُول ليُصَلِّي بهم رجل مِنْهُم.

     وَقَالَ  مَالك يسْتَحبّ لصَاحب الْمنزل إِذا حضر فِيهِ من هُوَ أفضل مِنْهُ أَن يقدمهُ للصَّلَاة وَقد رُوِيَ عَن أبي مُوسَى أَنه أَمر ابْن مَسْعُود وجذبه فِي دَاره.

     وَقَالَ  أَبُو البركات ابْن تَيْمِية أَكثر أهل الْعلم على أَنه لَا بَأْس بإمامة الزائر بِإِذن رب الْمنزل.
وَفِيه أَن الْمَسْجِد الْمُتَّخذ فِي الْبيُوت لَا يخرج عَن ملك صَاحبه بِخِلَاف الْمَسْجِد الْمُتَّخذ فِي الْمحلة وَفِيه التَّبَرُّك بمصلى الصَّالِحين ومساجد الفاضلين.
وَفِيه أَن من دَعَا من الصلحاء إِلَى شَيْء يتبرك بِهِ مِنْهُ فَلهُ أَن يُجيب إِلَيْهِ إِذا أَمن الْعجب.
وَفِيه الْوَفَاء بالعهد.
وَفِيه صَلَاة النَّافِلَة فِي جمَاعَة بِالنَّهَارِ.
وَفِيه إكرام الْعلمَاء إِذا دعوا إِلَى شَيْء بِالطَّعَامِ وَشبهه.
وَفِيه التَّنْبِيه على أهل الْفسق والنفاق عِنْد السُّلْطَان.
وَفِيه أَن السُّلْطَان يجب عَلَيْهِ أَن يستثبت فِي أَمر من يذكر عِنْد بفسق وَيُوجه لَهُ أجمل الْوُجُوه.
وَفِيه أَن الْجَمَاعَة إِذا اجْتَمعُوا للصَّلَاة وَغَابَ أحد مِنْهُم أَن يسْأَلُوا عَنهُ فَإِن كَانَ لَهُ عذر وَإِلَّا ظن بِهِ الشَّرّ وَهُوَ مُفَسّر فِي قَوْله " لقد هَمَمْت أَن آمُر بحطب " وَفِيه جَوَاز استدعاء الْمَفْضُول للفاضل لمصْلحَة الْفَرْض.
وَفِيه إِمَامَة الزائر المزور بِرِضَاهُ.
وَفِيه أَن السّنة فِي نوافل النَّهَار رَكْعَتَانِ وَفِيه خلاف على مَا سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَفِيه جَوَاز استتباع الإِمَام والعالم أَصْحَابه.
وَفِيه الاسْتِئْذَان على الرجل فِي منزله وَإِن كَانَ قد تقدم مِنْهُ استدعاء.
وَفِيه أَنه يسْتَحبّ لأهل الْمحلة إِذا ورد رجل صَالح إِلَى منزل بَعضهم أَن يجتمعوا إِلَيْهِ ويحضروا مَجْلِسه لزيارته وإكرامه والاستفادة مِنْهُ.
وَفِيه الذب عَمَّن ذكر بِسوء وَهُوَ بَرِيء مِنْهُ.
وَفِيه أَنه لَا يخلد فِي النَّار من مَاتَ على التَّوْحِيد ( قلت) ظَاهر الحَدِيث يدل على أَن من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصا تحرم عَلَيْهِ النَّار وَفِيه جَوَاز إِسْنَاد الْمَسْجِد إِلَى الْقَوْم